الفصل الثاني
" مدي يديك، فقد وصلنا وستحط بنا الطائرة الآن! "
لم تعارض، نزلا من الطائرة بعد أن حطت بهما وسارا إلى أن وصلا إلى تلك الفيلا الضخمة ، حديقتها أشبه بالغابة ، لضخامتها و كثافة أشجارها مرا من تحت قوس من الأزهار الرائعة
فأحس آليك بشعور غريب لم يشعر بمثله من قبل ، بينما لم تر جوليا شيئاً من ذلك كله.
" جاءك الفرج" وحل أربطتها، فأخذت تطرف بعينيها حتى اعتادت النور، فقالت:" ما أروع هذه الغرفة!"
" أنا سعيد لأنها أعجبتك، ستكون غرفتك منذ اللحظة"
" إلى متى سأبقى هنا؟"
" إلى أن أحقق هدفي!"
يا ليتك تبطأ في تحقيقه ، فأظل مختطفة مدة أطول!
" آليك، هذا منزلك كما اعتقد ، فغرفة من هذه؟"
" هذا صحيح، إنه منزلي، إنما غرفة من هذه لا أدري، فقد نسيت"
" أرجوك أخبرني "
" اكتشفي بنفسك"
" إنها بالتأكيد ليست غرفة زوجتك ، وذلك لأنها غرفة شخص واحـ."
" تابعي"
" على أية حال ، إنها غرفة فتاة ، وهي بالتأكيد ليست لزوجتك"
" أصبت عين الحقيقة، أنا لست متزوجاً لكن هذا لا يعني أنني لست خاطباً ، فزواجي سيكون قريباً ، إنما لا أدري أين وضعت خاتمي !"
" تهاني القلبية لكما، ولكن هل أنت واثق من أنك أضعت خاتمك؟، لربما كنت أنت من يتعمد خلعه حتى نعتقد نحن الفتيات بأنك ما زلت شاباً أعزباً"
" وأنا ما زلت شاباً في الحقيقة، فعمري لا يتجاوز 24 ، كما أنني ما زلت أعزباً !"
" أنت في 24 ، لقد اعتقدتك أصغر من ذلك ، هذا يعني أنك بمثل عمر أخي!"
" هذا صحيح ، فقد كنا أصدقاء"
" وماذا حدث بينكما إذن؟"
" لا شيء ، صدقيني لمصلحتك إبقي جاهلة للأمور ، فما زلت صغيرة "
" أنا لست صغيرة ، فأنا في ."
" في 16 من عمرك ، علمت بهذا من قبل"
" إذن؟"
" إذن لا شيء ، فلننس الموضوع برمته الآن ، هل أنت جائعة ؟"
" بالطبع فأنا أكاد أموت من الجوع!"
" استكشفي الغرفة ريثما أعود" وخرج قافلاً الباب خلفه
فخاطبت الهواء قائلة :" لا تخف ، لن أهرب ، بل على العكس ، حين يحين الوقت - الذي تحقق فيه هدفك كما تقول - لن أترك هذا المكان مهما يكن الأمر"
عاد أخيراً حاملاً صينية الإفطار
" ألن تأكل معي ؟"
" لا "
" لماذا؟"
" لقد أفطرت حين كنا في بلادك "
" و أين نحن الآن إذن؟"
" أنت في بلادي "
" سيصاب والداي بسكتة قلبية حين يعلمان بذلك!"
وهذا ما أخشى منه أيها الغبي جون ، لكن لا بأس سأنتقم منك:" لا تخافي سيتم كل شيء وستعودين إلى قصرك أيضاً قبل أن يعودا "
لا أريد فلن أكون قد استمتعت باختطافي بما يكفي :" تبدو واثقاً من ذلك"
" بالتأكيد ، والآن ألن تأكلي ؟"
" إذا أكلت معي فسآكل "
" لكنك كما تعلمين لا تستطيعين العيش دون الطعام ، فهذا سيسبب لك المرض"
" أنا معتادة على ذلك لا تخف "
وهذا ما يخيفني،:" حسناً ، سآكل معك"
هكذا كن يا خاطفي ، خاتم في إصبعي
" آليك أريد أن أستحم وأستبدل هذه الملابس القذرة"
" يوجد حمام في الغرفة ، والملابس تملأ الخزانة ، بكلمة أخرى ، افعلي ما تشائين طالما أنك موجودة هنا "
" إذن أخرج الآن !"
" انتظري حتى آخذ بقايا الفطور!"
" لماذا لا ترسل الطعام إلي مع الخدم؟"
" و أعطيك الفرصة للهرب؟، لا سأتعلم ومع الوقت سأكون مرناً وربما سأعمل نادلاً فيما بعد "
" إذن ، أنا لست الوحيدة هنا التي لا تعرف حتى أبسط قواعد العمل "
دخلت الحمام فوجدته متكاملاً :" الماء يناديني!"
انهت استحمامها ولبست الروب الذي وجدته أمامها ، وما أن رفعت شعرها الطويل ، ذو اللون الغريب ، لكأنه خليط من عدة ألوان الأسود والرمادي والأخضر ، مزجت فكونت هذا اللون الرائع ، حتى دخل آليك .
" أرى أنك قد أنهيت استحمامك"
" هذا صحيح ، إنما لم تقل حتى الآن ، من صاحبة هذه الغرفة"
" إنها غرفة أختي ، وهي تماثلك في السن ، إنما هي أكثر رزانة منك "
غضبت:" ما الذي تعنيه بقولك؟، أنني مجنونة"
" لم أقصد ذلك ليدي، إنما كنت أعني أنك مرحة أكثر منها "
تنهدت:" انتبه في المرة القادمة لكلامك، فأنا سريعة الغضب"
" حسناً يا صاحبة السعادة" وخرج
في مكان آخر من العالم ، حيث قصر براون ، كان جون قد أنهى غداءه للتو .
رن هاتفه الخليوي فرد قائلاً :" آلو "
" آليك فورد "
" أوه آليك كيف حالك؟ لم أرك منذ مدة طويلة ، أتصدق هذا؟"
قال بصبر نافذ :" لا ، لا أصدق ذلك ، على أية حال أختك معي الآن"
" أختي أنا؟ آه أنت بالتأكيد تعني جوليا"
" بالطبع، فهي أختك الوحيدة"
" أنت بلا شك تمزح ، كيف تكون معك وهي مسافرة مع صديقاتها ؟"
" لا تغضبني بمزاحك اللطيف جون ، أنت تعلم بأنها معي ، و أنا متأكد من ذلك، لقد رأيتك تراقبني وأنا اختطفها !"
" لماذا لم تخبرني بذلك من قبل لكي أشكرك نيابة عنها ، فلطالما كانت جوليا مولعة بالاختطاف ، شكراً لك يا صديقي فقد حققت حلمها ، كان بودي أن أحقق حلمها ولكن الحال كما تعرفها ، فكيف لي أن أدبر عملية اختطافها وهي أختي الصغيرة ، والآن بما أنك أنت الذي اختطفها ، فأنا مرتاح البال ، فلن نجد خيراً منك لاختطافها"
" صدق من وصفك بشبيه المهرج"
" ومن الذي وصفني بذلك؟"
" أنا بالطبع ، على أية حال حين يعود عقلك من إجازته ، كلمني لنتفاهم" و قطع الإتصال
ضحك من سويداء قلبه :"لابد أن آليك المسكين الآن يستشيط غيضاً ، لكن "
سمع صوت حبية قلبه و خطيبته الجديدة فنفض عنه هذه الأفكار.
" حبيبتي ، تأخرنا فلنذهب بسرعة "
" ليدي ، ."
" لحظة من فضلك، ألم تمل بعد من مناداتي بلقب ليدي ، لقد مللت أنا ، ناديني باسمي الأول كما تنادي أخي جون"
" حسناً جولي، أهذا ما تريدينه؟"
" أجل ، ما الذي كنت على وشك أن تقوله عندما قاطعتك بتلك الطريقة الفظة؟"
" لقد نسيت، على أية حال عندي أخبار سيئة "
شحب وجهها :" ما الذي حدث لأهلي ؟، أو ربما لجون؟"
" لم يحدث لهم شيء ، كل ما في الأمر أن مدة اختطافك ستطول قليلاً عما كنت أتوقعه "
" لماذا لم تخبرني بذلك من قبل " يا له من خبر مفرح !
" هل وجدت كل ما تحتاجينه ؟"
" آه أجل "
" إذن أتمنى أن تتعسي أثناء فترة إقامتك في منزلي!" أنا آسف ليدي لكن ما باليد حيلة.
" آليك، هل يعلم جون بأنني في منزلك؟"
" بالطبع يعلم!"
" إذاً لمَ لم يأتي لإنقاذني؟"
" ربما تخلى عنك"
" جون لا يفعل هذا ، أخبرني أرجوك، لسبب أجهله أنا واثقة من أنك تعلم "
" بما أنك مصرة فاسمعي، جون يعلم بأنك مختطفة ، إنما لم يوافق حتى الآن على تسليمي ما أريده ، من جهة أخرى ، لا يستطيع أن يأتي لإنقاذك ، أو حتى إبلاغ الشرطة بالأمر"
" لماذا؟"
" إذا أمسكت بي الشرطة ، ستحقق معي ، حينها سأعترف بكل شيء ، وسيعلم والداك بالسبب الذي دعاني لإختطافك، حينها أتعرفين ما الذي ستكون ردة فعلهما؟"
" لا"
" سيخرجاني من السجن على كفالتهما ، و سيغضبان من جون أشد الغضب ، و سيعيدان لي حقي، أنا واثق من ذلك أشد الثقة"
" لم أفهم شيئاً ، لو أنك فقط تخبرني بالمشكلة التي حدثت بينك وبين جون؟"
" مستحيل" وخرج .
بقيت حبيسة غرفتها ، إلى أن حل وقت العشاء، فدخل الخاطف، سلمها عشاءها وخرج دون أن ينبس ببنت شفه.
أخذت تأكل بشهية كبيرة لم تشعر بمثلها منذ فترة طويلة، كانت خطتها الأساسية لقضاء العطلة الصيفية لهذه السنة ، هي أن تسافر مع سيليا وهي إحدى صديقاتها إلى جزيرة الأماني، وهي جزيرة سياحية رائعة تمتلكها إحدى الشركات السياحية الضخمة ، أطلقت عليها هذا الاسم تيمناً بالأسطورة القائلة بأن من يزور تلك الجزيرة تتحقق جميع أحلامه و أمانيه وكما يعلم الجميع بأن هذه الأسطورة ما هي إلا إشاعة أطلقتها الشركة بنفسها لجذب الزوار لا أكثر
لم تندم جوليا أبداً ، ومع أنها كانت متلهفة لزيارة تلك الجزيرة ، إلا أن الاختطاف كان يحتل المركز الأول في قائمة الأولويات.
" جوليا ، الطعام يناديك!"
" ابتعد عني جون!"
" هنا آليك يا فتاة"
قفزت من سريرها :" خاطفي؟"
قال مندهشاً من تصرفها الأخرق :" أجل"
" لم أكن أحلم إذاً "
" لقد وضعت طعامك على الطاولة " واستدار ناوياً الخروج .
" آليك ، انتظر "
" هل هناك شيء" أجابها دون أن يلتفت نحوها
" ابقى معي ، فأنا لست معتادة على البقاء طويلاً بمفردي"
" إذن عليك أن تعتادي منذ اللحظة"
" لماذا"
" حتى يلزم اللورد المستقبلي حدوده في المستقبل "
" آليك ألن تريحني يوماً وتخبرني بالأمر؟"
" الأمر ليس بيدي "
" لماذا؟ بما أنه يخصك تستطيع أن تطلعني عليه"
" وهذه هي المشكلة ، الأمر لا يخصني ، إنما أنا سأنتقم من جون إكراماً لصاحب المشكلة فقط" وخرج
وبعد كل شيء لم تكن المشكلة تخصه ، إذاً لماذا تشعر بالمرارة تغلف كلماته ؟ لم تجد الجواب الشافي لسؤالها
دخل وقت الغداء حاملاً ما لذ وطاب من الطعام .وهكذا استمر الحال على ما هو عليه لأربعة أيام متوالية.
في مساء اليوم الرابع أتى حاملاً الطعام ، فاستوقفته :" هذا يكفي ، لقد مللت الحياة آليك، عليك أن تجد للأمر حلاً ، فلم أعيد أطيق البقاء ، وأنت تعاقبني ليل نهار على جرم لم ارتكبه ، ربما لم تعلم بهذا من قبل ، لذلك يسرني أن أخبرك بأنك إنما تنتقم مني أنا لا أخي!"
" علمت بهذا ليدي"
" لماذا أصبحت هكذا لا تطاق، ففي بداية الأمر، كنت مستعداً للنقاش و التحدث ، أما الآن فكل شيء قد تغير ألأن جون لم يعطك مبتغاك غضبت مني؟، هذا ليس بذنبي ، هذا ظلم، أنت تأخذني بجريرة أخي "
" لقد سبق أن أخبرتك من قبل ، أنا أتعلم فنون الإختطاف بسرعة "
" إذن أنت الآن أصبحت الخاطف المثالي ، يا لسخرية القدر"
ضاقت عيناه الرماديتان ، فقال :" جوليا، سأخبرك بأمر ، لو كان الأمر بيدي ، لما اختطفتك ، لكن ما باليد حيلة ، القدر أجبرني على فعل ما لا أريده"
" إذاً على الأقل ابقى معي ! تحدث معي "
" حسناً ، تكلمي أنا اسمعك "
" لا ، يجب أن تتكلم أنت"
" و ما الذي تحبين سماعه ؟"
" تحدث عن نفسك ، عن حياتك"
" اسمي آليك فورد ، عمري 24 عاماً كما سبق أن علمت، لم أكن أحب الدراسة ومع ذلك كنت طالباً مجتهداً، انهيت دراستي الجامعية ، فبدأت بالعمل في شركة العائلة ، اجتهدت في عملي حتى أتقنته، فترأست شركة فورد في بلادك ، وهي إحدى فروع الشركة الأم الموجودة هنا ، وهكذا بقيت حوالي العام في بلادك حيث التقيت بأخيك ثم أصبحنا من أعز الأصدقاء ، بعد فترة ابتدأت بعمل خاص بي هنا ، وها أنا أحاول أن أرتقي به إلى الأفضل "
" لم تحدثني عن عائلتك!"
" هذا يكفي فقد حان دورك"
" اسمي جوليا براون ، عمري 16 عاماً ، لم أنهي دراستي حتى الآن ، أحب السفر كثيراً ، في كل عطلة مذ بلغت ال13 من عمري ، و أنا أسافر مع صديقاتي لوحدنا ، هذا كل شيء "
" فقط؟"
" أجل ، حياتي بسيطة خالية من التعقيدات ، ماذا عن الناحية العاطفية؟"
" لاشيء ، هادئة ليس بها من جديد"
" ألم تقل بأنك خاطب؟"
" آه ، نعم أنا خاطب ، إنما لم أرى خطيبتي منذ شهر تقريباً "
" ألم تشتق لها ؟"
" لا بالطبع "
" وكيف ذاك؟"
" في نهاية المطاف سنتزوج فلماذا أشتاق لها منذ الآن ؟"
" وهل سيكون قريباً ؟"
" الزواج؟ أعتقد أنه سيكون بعد سنة، ماذا عنك؟"
" أنا مثلك حياتي العاطفية هادئة، لا أحب أحداً "
" لماذا؟ "
" لا أدري ربما لأنني لم أجد فارس أحلامي حتى الآن"
" فهمت" رن هاتفه الخليوي في هذه اللحظة :" آلو . جون؟ أجل . فيما بعد "
ما بين كل كلمة وأختها كان آليك ينظر إليها ، لم تفهم شيئاً إلا أن آليك كان غاضباً
" جوليا ، جوليا ، ليدي!"
" آسفة لم أسمعك "
" كلميه " و أعطاها هاتفه .
" مرحباً جون ، كيف حالك ؟"
أجابها بلهفة:" جوليا ، هل أنت بخير ، هل يحسن معاملتك ؟، هل يضربك؟"
" لا، إنه طيب "
" أهذا صحيح؟ لقد أرتحت الآن"
" جون ، أريد أن أسألك سؤالاً "
" ما هو؟"
" ما الذي فعلتَه فاستحققت أنا على إثره أن اخطف ؟"
" آسف جوليا ، لا أستطيع أن أخبرك"
" جون ، أخبرني ، أرجوك"
" آسف ، لكن الجواب كما هو ، لا"
" لكن ."
" لا شيء ، جوليا لا تتدخلي أرجوك ، فأنت من سيتأذى في النهاية "
" أخبرني ، لقد مللت من سماعكما أنتما الإثنان ترددان نفس الجملة ، فلأتأذى ، هذا لا يهمني"
" لكنه يهمنا جوليا ، افهمي"
" يهمك أنت ومن ؟"
" أنا و و أهلنا بالطبع "
" قلبي يحدثني بأنك كاذب"
" لست كاذباً ، اكبري قليلاً ، إلى متى ستبقين طفلة ؟"
" إلى أن تخبرني بالأمر "
"هذا يكفي ، أريد أن أتناقش مع آليك حول الفدية"
" أية فدية؟ "
" لا تتدخلي في هذا أيضاً"
" جون!"
" حسناً حسناً ، إنها تتعلق بالسر "
" أي سر ؟"
" لقد أثرت غضبي جوليا ، إلى اللقاء " وقطع الإتصال
" لم يخبرك جون بالأمر ، كما توقعت"
" أنت أخبرني إذن!"
" تصبحين على خير" خرج ثم عاد من جديد
" هاتفي؟"
" تفضل" وخرج مرة أخرى تاركاً إياها تكاد تنفجر من الغضب
************************************
وإن شاء الله يكون عجبكم هذا الفصل
تحيتيـــ