عاد الصوت الهامس يناديها من جديد .: جورجيت جورجيت . سيري نحو الامام ولا تتوقفي حتى اقول لك .
سارت جورجيت في العتمة عشرات الامتار ليعود الصوت الهامس ويقول لها : جورجيت . جورجيت . ادخلي على يمينك يا جورجيت .
ففعلت جورجيت هذا ، ووجدت نفسها في مغارة مضاءة بضوء خافت مصدره شمعة مشتعلة من بعيد ، وفي داخل المغارة أسرَّة . وملابس . واشياء كثيرة .
عاد الصوت الهامس من جديد يناديها : جورجيت . جورجيت . لا تخافي انت في امان ، اجعلي من هذا منزلك ، استحمي واستريحي وكلي وافعلي ما شئت فستجدين كل ما ينقصك وكل ما تريدين ولكن لا تخرجي من هنا ولا تفكري في الخروج حتى تنجبي طفلك .
التفتت جورجيت الى مصدر الصوت ولكنها لم ترى شيئا بسبب العتمة
وقالت جورجيت للصوت الهامس: اين انا . ومن يكلمني
فرد الصوت الهامس : انت في امان ، انت في بيتك يا جورجيت . وانا لن تريني حتى تنجبي طفلك
فقالت جورجيت للصوت الهامس : هل انا حية ام ميتة
فرد الصوت الهامس : لا يا جورجيت انت حية ولم تموتي . والان يا جورجيت ارتاحي ولا تفكري بشيء وان احتجت شيئا ولم تجديه . فقط اطلبيه وسيحضر لك بالحال .
واختفى الصوت الهامس وتلاشى الخوف وحلت مكانه الطمأنينة في قلب جورجيت وتكيفت مع الحياه في داخل هذا المكان المظلم ، المضاء بنور خافت ، وكانت جورجيت كلما احتاجت شيئا تتكلم وتطلبه لتجده بعد وقت قصير في مدخل المغارة وكأن احدا يذهب ويحضره بسرعة.
مرت الايام والاشهر واكتمل حمل جورجيت . وحان موعد ولادتها وانجبت بعد عناء وآلم وتعب . طفلة كأنها البدر في بهائها . ومع مولدها ازداد النور في المكان ليصبح كل شيء يرى بوضوح اكثر وكأن القمر اطل على المكان . احتفالاً بميلادها غسلتها وارضعتها . ولفتها . وضمتها الى صدرها وبعد ثلاثة ايام عاد الصوت الهامس ليقول من جديد : جورجيت . جورجيت مبارك ما جئت به يا جورجيت .
ابتسمت جورجيت لعودة الصوت الهامس وهي التي الفته . وقالت : لقد وعدتني بأنني ساراك بعد ان انجب !!!
فقال الصوت الهامس : نعم سيحدث هذا ولكن اصبري حتى تكتمل الايام السبعة لمولودك وسترينني يا جورجيت .
اختفى الصوت الهامس من جديد . ومرت الايام السبعة وجورجيت تعتني بابنتها . وقد انستها ابنتها كل الذي حدث معها . وفي اليوم الثامن عاد الصوت الهامس من جديد واخذ ينادي على جورجيت : جورجيت . جورجيت ها قد عدت يا جورجيت وسترينني الآن .
ومن حيث مصدر الصوت الآتي من العتمة ، بدأت جورجيت ترى شخصاً يشق الظلام ويتقدم نحوها يرتدي الابيض بالابيض . اقترب منها وامعنت النظر ووجدت امامها امرأة عجوز شعرها ابيض . وعلى شفتيها ابتسامة وبعيونها حنان ام لابنتها . شعرت جورجيت بالطمانينة . وتمنت لو تقفز وتحضنها اقتربت منها العجوز صاحبة الصوت الهامس وحضنتها وقبلتها
وقالت لها : كيفك يا بنتي !؟
وابتسمت جورجيت وبدا السرور والفرح على وجهها . وخاصة ان صاحبة الصوت الهامس امرأة فهذا زاد من اطمانينتها وراحتها .
وقالت جورجيت لها : من تكونين يا خالة ؟
فردت العجوز عليها : ستعلمين يا جورجيت ستعلمين .!!
فقالت جورجيت : متى استطيع الخروج من هنا يا خالة ؟
فردت العجوز : في أي وقت تريديه يا جورجيت تستطيعين ان تخرجي !!!فسالت جورجيت : اين انا الان يا خالة
فردت العجوز : انت يا ابنتي في مكان تحت
القبور ، الخروج منه من القبور والدخول اليه من القبور وقالت لها : ولكن لماذا تخفي وجهك يا جورجيت !؟ اخلعي الخمار فهنا لن يراك احد .
فقالت جورجيت : ما بدي تقرفي مني يا خالة
فردت العجوز : لا تخافي يا جورجيت ربما الدهري استطاع ان ياخذ جمال جسدك ولكن جمال روحك لا احد يستطيع ان يأخذه لا تخافي يا جورجيت وايضا بامكانك ان تعودي جميلة كما كنت يا جورجيت فقالت جورجيت : كيف يا خالة كيف ، ما ظل شيء فيّ ممكن يرجع مثل اول .
فقالت العجوز : كل اشي ممكن يا بنتي كل اشي ممكن .
فقالت جورجيت : يا خالة انا طيبة ولا ميتة انا بذكر انهم دفنوني وما بدفنو الأ اللي بموت .
فقالت العجوز : لا يا ابنتي فالقبور مليئة بالاحياء الذين لم يموتوا ، وليس كل من يدفن يكون قد مات ، وانت لم تموتي يا جورجيت ، ولكن الظروف قد حكمت عليك ان تبقي ميتة وانت حية والان يا جورجيت يجب ان تعاهديني عهد لا فكاك منه .