الأحزان, روووووعة, قصة
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
احضرت لكم قصة اتمنى ان تلقى اعجابكم للكاتب @وجدان@
.
الجزء الأول
وجع الذكريات
أفاقت رحاب من كابوسها المريع و هي تلهث و تحاول التقاط أنفاسها ذلك الكابوس بات كظلها لم يفارقها قط منذ حوالي تسع سنوات أي من تلك الحادثة
فتحت درجها الذي يحاذي فراشها و أخرجت منه مرآة قديمة و وضعتها أمامها أخذت تتحسس بيديها آثار الزمن الذي غزى وجهها الأبيض اللون بكت بحرقة تدمع لها الأعين و تتفطر لها القلوب بكت على ما آل إليه حالها لكن هل يعيد البكاء شيئا يا ترى ؟
رفعت رأسها و صوبت عينيها نحو صورة تتوسط الحائط صورة لفتاة حسناء يلفح وجهها شعرها الذهبي الناعم عيناها الخضراوتان آية من آياته جل و علا بشرتها بيضاء كالثلج بقى أن تعرفوا بأن تلك الفتاة هي رحاب نفسها عندما كانت في الثامنة عشر ربيعا كانت كفلقة القمر و كانت تلقب آنذاك بالحسناء الإفرنجية
فاضت عينيها بالدموع خنقتها عبرتها فاستسلمت لطوفان بكاء مرير هاهي الآن تشهد تلاشي جمالها لحظة بلحظة أي قلب بشري قادر على تحمل معاناتها أطلقت آهات متواصلة تنم عن الألم الذي سكن قلبها منذ كانت في الثامنة عشر من العمر حتى بلغت السابعة و العشرين عاما ناجت ربها بصوتها المخنوق : رباه لا أجد لي مكان في هذه الحياة لقد ضاقت بي كما ضاقت بوالدي من قبل رباه رجوتك أن تأخذني إليك رباه خذني إليك .
وسط ذلك السيل من الدموع سمعت رحابا طرقا غليظا على الباب انتفضت و مسحت دموعها المتلألئة على وجنتيها و بصوتها الذي أرهقه البكاء سألت من هناك ؟
جاءها الجواب سريعا و فظا : إنها أنا هيفاء افتحي لي الباب هل سأنتظر كثيرا
و بتثاقل اتخذت رحاب وضعيتها على ذلك المقعد الرمادي و حركت بيديها العجلات متجهة لفتح الباب
يا إلهي متى سأظل خادمتك صرخت هيفاء
أطرقت رحاب رأسها و قالت : ما الذي تريدينه مني ؟
أطلقت هيفاء ضحكات استهزاء و أردفت : و ما لذي سأنتظره من مقعدة لا تستطيع حتى السير جئت لأخبرك بأن الفطور جاهز و لن ننتظر طويلا أفهمت ؟
أعقبت كلماتها الجارحة بصفعها للباب بقوة كادت أن تحطم فيها ذلك البيت المتصدع
فزعت الأم من ذلك الصوت و هرولت مسرعة و عندما رأت ابنتها هيفاء أدركت بأنه شجار افتعلته هيفاء مجددا نظرت إليها فأجابت هيفاء : إنها رحاب يا أمي ما عدت أطيق وجودها معنا إنها عبء كبير مادي , و معنوي الا ترين ذلك
نهرتها أمها : كفى إنها ابنة المرحومة أختي أين تريدينها أن تذهب و لم يعد لها غيرنا
أسندت رحاب رأسها إلى كفيها اعتادت أن تسمع هذه الأسطوانة بشكل مستمر استرجعت شريط ذكرياتها المؤلم عندما كانت في الثامنة عشر عاما كانت فتاة مختلفة تعيش في منزل ضخم و تحت رعاية والديها اللذين كانا يكنان لها حبا يفوق الوصف كانت مدللة تحصل على أي شيء بل كل شيء ورثت جمالها و طيبة قلبها من أمها
لم تكن في ذلك الوقت مقعدة بل على العكس تماما كانت كالفراشة التي يفيض منها عنفوان الشباب
لم تكن تلك الفتاة تعرف من هذه الحياة إلا وجهها الجميل و لكن كانت للأقدار دور في تغيير مجرى حياتها
ففي ذلك اليوم المشئوم خرجت الحسناء من منزلها أو قصرها " إن صح التعبير " و ركبت سيارتها الفارهة و توجهت إلى إحدى المكتبات لشراء بعضا من الروايات و القصص التي أدمنت على قراءتها
لم تكن تقرأ فقط بل كانت لها أنامل ذهبية تكتب بها روائع من الخواطر و الروايات قضت هناك أكثر من نصف الساعة و عادت مرة أخرى إلى سيارتها و أدارت المفتاح لتسلك الطريق المؤدي إلى كليتها حيث تدرس هناك الأدب العربي
لقد اعتادت رحاب أن تسمع الموسيقى الصاخبة و هي تقود سيارتها بسرعة جنونية لطالما حُذرت من قبل لكن لا جدوى
رأت الأضواء تنطلق من هاتفها الذي كان بقربها و كأنه قد عجز أن يوصل رنينه إلى أذنيها كانت جارتها هند المتصلة ضغطت الزر ليرد الطرف الآخر بصوت مرتعش
رحاب لقد انتهى كل شي
أخفضت رحاب صوت الموسيقى و أجابت : آلو هند لا أسمعك جيدا أنا في السيارة ارفعي صوتك قليلا
صرخت هند : رحاب لقد شب حريق في منزلكم و امتد إلى مخازنكم و نقلا والدكِ إلى المستشفى
و ما هي إلا ثوان حتى سقط الهاتف من يد تلك الصبية و فقدت سيطرتها على المقود
و أسندت رأسها إلى مقعد السيارة كأنها تعلن بذلك استسلامها لهذا الواقع
انتهى بها المطاف على سرير أبيض اللون و تحت أجهزة معقدة وكثيرة بالكاد كانت تسمع همسات الأطباء الذين انتشروا حولها
و كان أحدهم يقول : لقد كانت تقود السيارة بسرعة كبيرة و اصطدمت بالرصيف لتنقلب السيارة أكثر من مرة إذا نجت من هذه الحادثة فتلك معجزة و رعاية من الرب
و حدثت المعجزة فبعد أسبوع فتحت الصبية عينيها لتعلن انتهاء الغيبوبة التي كانت تحت وطأتها تمتمت بكلمات لم تكن مفهومة لكنها اتضحت بعد قليل من الوقت فهي تسأل عن أبيها و أمها
مسكينة تلك الفتاة أفاقت لتصبح يتيمة الأبوين لتشهد ضياع ثروتها و عجزها عن السير لقد خرجت أيضا من ذلك الحادث بكسور في جسمها و أنفها و بعض أسنانها
و من تلك النافذة التي تطل على سريرها كانت خالتها و زوجها يتبادلان أطراف الحديث
الخالة : أعان الله قلب تلك الفتاة الموجوعة كيف سيكون حالها يا ترى ؟
أجابها زوجها : لا بأس ما إن تتعافى سنأخذها لتقطن معنا
منذ ذلك الحين عاشت الفتاة في كنف خالتها و زوجها و قد اختلفت المعايير كثيرا فبعد ذلك القصر الضخم أمست تقطن في بيت قديم و صغير و بعد المأكل و الكسوة الفاخرة بالكاد تأكل و تلبس البسيط من الطعام و الملابس و السيارة الفارهة بدلت بمقعد متحرك و تركت دراستها لتخضع لعلاج نفسي كانت مدته ستة أشهر هل تصورتم حياتها الجديدة ؟
فعلا انتهى كل شيء
lvhtnx hgHp.hk ***** rwm v,,,,,um