المبدعُ طبيب أسنُان ؛؛
يشرفنيُ أولُ من يرد علي ُ موضوعكُ الرائع ُ ؛؛
ربي يعطيك العافيه عليُ جمالُ طرحك الرائعُ ؛
دمتُ ودام عطائكُ المميزُ ؛؛
أأرق التحايا ؛؛
|
العصر الذهبي للحضارة الفارسية
”
840-1206 م: برز في هذه الحقبة نخبة من علماء المسلمين الأفذاذ مثل سيبويه، مؤسس علم النحو، والخوارزمي، في الفلك والجبر، والرازي، والفردوسي، وابن سينا، والغزالي، وعمر الخيام، وغيرهم.
”
820-1220م: بدأت قبضة الحكم العربي على فارس تضعف، حيث وصلت ممالك فارسية محلية متعددة إلى سدة الحكم وأقامت دويلات مستقلة في بلادهم، مثل الطاهريين (821-873)، والصفاريين (867-903)، والسامانيين (873-999)، والزياريين (928-1007)، والبويهيين (945-1055). ثم تبعتهم الأسر التركية ذات الثقافة الفارسية مثل الغزنويين (962-1186)، والسلاجقة (1038-1153)، والدولة الخوارزمية (1153-1220). ومرة أخرى أصبحت فارس مركزاً للفن والأدب والعلوم. وكان للفرس أثر كبير في ازدهار الحضارة الإسلامية.
840-1206م: برز في هذه الحقبة نخبة من علماء المسلمين الأفذاذ مثل سيبويه، مؤسس علم النحو، والخوارزمي، في الفلك والجبر، والرازي، والفردوسي، وابن سينا، والغزالي، وعمر الخيام، وغيرهم.
عهد المغول
1220م: قيادة تموجين أو جنكيز خان، كما لقب نفسه، لقبائل المغول عبر آسيا، واكتساحه البلاد الإيرانية من الشرق إلى الغرب والجنوب بعد أن سيطر على الصين، وقتل ملايين الإيرانيين وحرق الكثير من القرى والمدن حتى قال الإيرانيون عن المغول أنهم جاؤوا وقتلوا وحرقوا ونهبوا وذهبوا.
1227م: وفاة جنكيز خان، وتقسيم إمبراطوريته بين أبنائه.
1258-1353م: استيلاء هولاكو خان المغولي على بغداد وقتله الآلاف من الناس وحرق قصور الخلفاء ومساجدهم ومقابرهم ومكتبة بغداد الشهيرة وأعدم آخر خلفاء العباسيين. ثم تقدم المغول إلى الشام إلا إنهم هزموا على يد المصريين في موقعة عين جالوت الشهيرة فانسحبوا إلى مراغة في الشمال الغربي من إيران وأسسوا دويلتهم تحت اسم دولة الإيلخانيين.
1267م: وفاة هولاكو.
1207-1292م: ظهور بعض الشخصيات التاريخية مثل جلال الدين الرومي، الشاعر الصوفي الكبير، ونصير الدين الطوسي، عالم الفلك والفيلسوف، والسعدي، صاحب ديواني البستان والجولستان.
1295م: تولى غازان خان، حفيد هولاكو، العرش وكانت فترة حكمه العهد الذهبي للمغول في إيران حيث كان أول قائد يعتنق الإسلام وصار طابع البلاط في مدينة تبريز العاصمة إسلامياً فارسياً تماماً، وكانت الإدارة الرشيدة والرخاء أهم مميزات عهده. وساعدت إمبراطورية المغول المترامية في تسهيل تبادل الأفكار والبضائع بين الصين والهند وفارس.
1304م: توفي غازان وخلفه أخوه أولجيتو حتى توفي عام 1316م، وكان قد عُمد أثناء طفولته على أنه نصراني ولكنه اختار الإسلام بعد ذلك واتخذ لنفسه اسم محمد خدابنده وبنى مدينة السلطانية بالقرب من قزوين والتي صارت عاصمة الإيلخانيين بعد تبريز.
وفي هذه الفترة ظهرعالم البصريات الشهير كمال الدين فارسي صاحب نظرية الانكسار والانعكاس. وكذلك الشاعر الغنائي الكبير شمس الدين حافظ الشيرازي ألمع شخصية أدبية ظهرت في ذلك العصر وأشهر أعماله "الديوان".
عهد التيموريين
1405م: غزا تيمور لنك المغولي التركي إقليم فارس كله واستولى على حلب ودمشق وجعل سمرقند عاصمة له. واتسمت فتوحاته بالقسوة والتخريب والوحشية، ولكنه رغم ذلك اهتم بالفنون وجعل من سمرقند تحفة معمارية.
الدولة الصفوية
”
تنسب الدولة الصفوية إلى صفي الدين الأردبيلي الذي كان من شيوخ الصوفية التقليديين. أما مؤسسها فهو إسماعيل ميرزا أو الشاه إسماعيل الأول
”
1501-1524م: تنسب إلى صفي الدين الأردبيلي الذي كان من شيوخ الصوفية التقليديين وكان شافعي المذهب. أما مؤسسها فهو إسماعيل ميرزا أو الشاه إسماعيل الأول، حيث سار إلى تبريز وهزم القبائل الموجودة فيها وجعلها عاصمته. وأعلن المذهب الشيعي الاثنى عشري مذهباً رسمياً للدولة. واستخدم كل ما أوتي من قوة لفرض مذهبه في جميع أنحاء إيران. ثم خلفه ابنه طهاسب الأول فأكمل ما بدأه أبوه ولكنه اختار أسلوب الإقناع والتأثير في نشر المذهب بدلاً من العنف والقهر. واستمرت الحروب بين الصفويين الشيعة والعثمانيين السنة مدة طويلة، ويبدو أن الضغط الخارجي سواء من جانب العثمانيين في الغرب وقبائل الأوزبك القوية في الشرق ضد الصفويين كان عاملاً مؤثراً في توحيد إيران والتفاف شعبها حول ملوك الصفويين والمذهب الشيعي.
1587-1629م: نقل الشاه عباس ملك الدولة الصفوية إلى أصفهان، حيث صارت مركزاً حضارياً متميزاً في مختلف ميادين العلم والفن والعمارة والأدب، وازدهرت في عهده علاقات إيران بأوروبا وكثر السفراء في بلاطه.
1722م: غزو محمود خان، شيخ قبيلة أفغاني لفارس والاستيلاء على أصفهان دون مقاومة فعلية وبذلك ينتهي حكم الصفويين.
1729-1747م: اعتلى نادر قلي، الملقب بنادر شاه، عرش إيران وصار مؤسساً للدولة الأفشارية. وهزم الأفغان والعثمانيين والروس والهنود ووحد دولته. ثم ما لبث أن تمزق ملكه وانهارت آلته الحربية بعد قتله بيد أحد حراسه.
1747-1779م: سيطر كريم خان زند على الأجزاء الوسطى والجنوبية لإيران ونجح في صد القاجاريين، واهتم بعاصمته شيراز.
الدولة القاجارية
1795م: كان القاجاريون إحدى القبائل السبع التي ساعدت أول ملوك الصفويين. نجح قائدهم آغا محمد خان في توحيد فروع القبيلة بالعنف والقتل، فقوي أمره واستطاع الاستيلاء على طهران وجعلها عاصمة لملكه.
1813 و 1828م: نتج عن الاستعمار الأوروبي تغلغل الإنجليز والروس في الشؤون الإيراينة. فقد سلم القاجاريون القوقاز (جورجيا وأرمينيا وأذربيجان حالياً) إلى الروس في معاهدتين منفصلتين: معاهدة جلستان عام 1813، ومعاهدة تركمان جاي عام 1828. وأرغم القاجاريون على سن قانون الامتيازات الأجنبية، والتي بموجبه أعفى جميع الرعايا الأجانب من المثول أمام القضاء الإيراني، الأمر الذي جعل الشعب الإيراني يشعر بالمذلة والإهانة. منذ ذلك الوقت وحتى مطلع القرن العشرين أصبحت إيران موزعة بين المصالح المتعارضة لروسيا وبريطانيا، فكانت روسيا تبني سياستها على أساس التوسع في آسيا وتطمع أن يكون لها ميناء في المياه الدافئة في الخليج، بينما سعت بريطانيا إلى السيطرة على الخليج وجميع الأراضي المجاورة للهند.
1834-1848م: حكم محمد شاه حفيد فتح علي شاه، ومحاولة روسيا في عهده خطب ود إيران حتى تتمكن من دعم نفوذها في ولايات القوقاز وتركستان. ظهور حركة البابية الدينية في عهده.
1847-1896م: حكم ناصر الدين شاه، ابن محمد شاه. وامتاز عهده الطويل بالعلاقات الودية مع روسيا، مما أثار بريطانيا وأعلنت الحرب على إيران وعجزت روسيا عن مساعدة إيران فاضطر ناصر الدين شاه إلى التسليم، وأبرمت معاهدة باريس عام 1858، والتي بمقتضاها اعترفت إيران باستقلال أفغانستان، ومنحت المعاهدة امتيازات وحقوقاً تجارية لبريطانيا في إيران.
1872م: حصل البارون رويتر البريطاني على امتياز من ناصر شاه يعطي بريطانيا الحق في إنشاء السكك الحديدية وطرق المواصلات، واستغلال الثروة المعدنية والبترول سبعين سنة، كما أعطتها الحق في الإشراف على الأعمال الجمركية لمدة أربع وعشرين سنة.
1882م: فتحت السفارة الأميركية في طهران، وظفرت خمس عشرة دولة أجنبية بحقوق وامتيازات لرعاياها المقيمين في طهران خلال الفترة من 1855-1900.
1896م: قتل ناصر الدين شاه وتولى مكانه ابنه مظفر الدين شاه الذي انصرف إلى ملذاته، واضطرت الحكومة إلى أن تطلب قرضاً من روسيا عام 1900.
1906م: قيام الثورة الدستورية بقيادة بعض علماء الدين والشباب الذين تأثروا بالأفكار التحررية القادمة من الغرب مؤيدين بالتجار والأشراف، وتكون أول برلمان تعهد بمعالجة كثير من المشاكل. وبرغم أن إيران لم تستعمر أبداً، إلا إنها قسمت عام 1907 إلى منطقتي نفوذ. حيث خضع القسم الشمالي للنفوذ الروسي والقسم الجنوبي الشرقي للنفوذ البريطاني، ومدت بريطانيا نفوذها إلى المنطقة الواقعة بين المنطقتين لتأمين الطريق إلى الهند. ومع نهاية الحرب العالمية الأولى انغمست إيران في حالة من الفوضى السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
الدولة البهلوية
1921م: ترقى رضا خان من ضابط بالجيش إلى وزير للحربية ثم رئيس للوزراء بعد قيامه بانقلاب. وفي عام 1925م أصبح رضا خان ملكاً على إيران كأول ملك للدولة البهلوية. وبرغم أنه كان يهدف إلى أن يصبح رئيس جمهورية، إلا إن رجال الدين أقنعوه ليصبح شاهاً (ملك)، خوفاً من تضاؤل نفوذهم في الجمهورية.
المبدعُ طبيب أسنُان ؛؛
يشرفنيُ أولُ من يرد علي ُ موضوعكُ الرائع ُ ؛؛
ربي يعطيك العافيه عليُ جمالُ طرحك الرائعُ ؛
دمتُ ودام عطائكُ المميزُ ؛؛
أأرق التحايا ؛؛
][ حٍ ــضــآإرٍة بــلآد آإلــشــآإم ][
الآراميون
يعتبر الآراميون أول الشعوب العربية القديمة التي هاجرت من الجزيرة العربية باتجاه سوريا وذلك حوالي 2500 ق.م. فانتشروا في أواسطها وشمالها وشرقها.
وأسسوا عدة ممالك ومدن من أشهرها: يمحاض وكانت عاصمتها مدينة حلب ومن أشهر ملوكها يارم ليم وابنه حمورابي معاصر حمورابي ملك بابل، ومملكة آسين التي تأسست في بلاد ما بين النهرين. وكذلك كانت الدولة البابلية أمورية، أما مملكة ماري (قرب البوكمال) على نهر الفرات في سوريا التي سكنها قبل عام 2500 ق.م. أقوام أكادية سومرية وكانت حضارتها تشبه حضارة السومريين. وأخذ الأموريون حضارة السومريين والأكاديين. فازدهرت ماري ازدهاراً عظيماً وسيطرت على طرق المواصلات التي تصل الخليج العربي بسوريا والأناضول قرابة قرنين (1750 ـ 1950) ق.م. لكن حمورابي بعدما سيطر على جنوبي ما بين النهرين كله سار بجيشه نحو ماري فأخضعها لحكمه ثم دمرها وأحرقها .
أما حضارة الأموريين في سوريا فهي حضارة البابليين في جميع وجوهها.
الكنعانيون
هاجر الكنعانيون مع الأموريين حوالي 2500 ق.م. لكنهم استوطنوا سوريا الجنوبية، ولاختلاف موضع الشعبين تأثر الأموريون بالحضارة السومرية ـ الأكادية وتأثر الكنعانيون بالحضارة المصرية وحضارة مغرب البحر المتوسط.
وانتشر الكنعانيون على طول الساحل الشمالي لسوريا.
وأطلق اليونانيون اسم فينيقيا المشتق من فينيقيين أي الأحمر الأرجواني على القسم المتوسط والشمالي من ساحل سوريا كما أطلقوا اسم الفينيقين على الكنعانيين سكان هذا الساحل.
أسس الكنعانيون ممالك عدة مثل: حبرون، يبوس، بيسان، مدين عكو، صور، صيدون، بيروت، طرطوس .
والكنعانيون مسالمون بطبيعتهم لا يرغبون في الحرب إلا دفاعاً عن النفس، فاستفاد قوم موسى من ذلك، ومن المنازعات بين المدن الكنعانية فأخذوا في الاستيلاء الساحل الجنوبي لسوريا وفلسطين تدريجياً حتى بسطوا نفوذهم على كامل الساحل السورى .
الفينيقيون: (كنعانيو الساحل)
لقد أملت عليهم طبيعة المنطقة التي سكنوها أن ينظروا إلى البحار، لأن السهل الساحلي ضيق حيث شكلت الجبال سداً بين المنطقة الساحلية والمناطق الداخلية لذلك صنعوا سفنهم وركبوا البحر للتجارة فيه، ومن أهم مدنهم أوغاريت (رأس شمرا) في سوريا الذي نقب فيها منذ عام 1929 كلودشيفر. وتبين أنها كانت مركزاً تجارياً هاماً. وفيها اكتشفت أبجدية يرجع عهدها إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد، مكتوبة بالمسمارية وتضم ثلاثين حرفاً. وكذلك مدينة جبيل (بيبلوس) التي كانت علاقتها مع مصر متينة، حتى عُدت من أتباع الفراعنة. وصيدون سيدة الساحل الفينيقي ما بين 1500 ـ 1200 ق.م. مع أنها كانت تحت النفوذ المصري، لقد سيطر تجار صيدون على قبرص الغنية بالنحاس، ورودس وعدداً من بحر إيجة، حيث الرخام والكبريت والذهب والأرجوان.
ومدينة صور التي أصبحت زعيمة المدن الفينيقية من 1000 ـ 500 ق.م. فكانت مراكبهم تجوب البحر الأحمر، حتى وصلت إلى الهند وعادت محملة بالتوابل والذهب والأحجار الثمينة، ووصلوا في تجارتهم إلى انكلترا.
وهم الذين أسسوا مدينة قرطاجة في تونس حوالي عام 804 ق.م. والتي تبعث صور ولكنها أشرفت على بقية المراكز في غربي المتوسط وكانت ترسل في كل سنة بعثة إلى معبد ملقارت إله معبد صور. وتقدم إليه عشر وارداتها. وقد ازدادت أهمية قرطاجة بعد سقوط صور بيد الكلدانيين. إذ انتقل إليها التجار الصوريون، ولما بدأت الدولة الرومانية بالتوسع اصطدمت بقرطاجة وببطلها الأسطوري هنيبعل. الذي غزا إيطاليا نفسها بعد حروب البونية الشهيرة. والتي انتهت في آخر الأمر باستيلاء الرومان على قرطاجة عام 146 ق.م. فحرقوها ودمروها تماماً.
الآراميون
هاجروا من شبه الجزيرة العربية حوالي منتصف الألف الثاني قبل الميلاد. واستوطنوا أجزاء من المنطقة الوسطى والشرقية من سوريا، ثم تسرب قسم منهم إلى الشمال وجنوب بلاد الرافدين فاصطدموا بالآشوريين. ومن ممالكهم: مملكة بيت عدن وعاصمتها تل برسيب (على نهر الفرات حالياً) وامتدت إلى البليخ شرقاً ومنابع الساجور في الشمال الغربي. وبقيت حتى حوالي 1000 ق.م. ومملكة بيت بخياتي أو آرام النهرين، وعاصمتها غوزانا، وكانت في سفوح جبال الأمانوس الشمالية، وكانت تسمى (بعودي)، أيضاً مملكة حماه ومملكة دمشق. وفي سنة 745 ق.م اجتاح تيجلات بيلاسر الثالث أحد ملوك الآشوريين الجبابرة القساة الممالك الآرامية وهزمها، ولما عادت إلى التحالف تحت زعامة مملكة حماه هزمهم سرجون الثاني في معركة قرقر الثانية عام 720ق.م. فوطد حكم الآشوريين في سوريا.
ويعد اختراع الحروف الأبجدية والمعروفة بالكتابة الكنعانية السينائية القديمة أعظم الاختراعات، والتي منها اشتقت أبجدية أوغاريت، واعتنى الكنعانيون بالزراعة وخاصة زراعة الكروم والتين والزيتون وعرفوا بعض الأدوات لدرس الحبوب والتي طحنوها في مطاحن تدار باليد واستعملوا وزنات من الفضة بدلاً من النقود.
وتفوق الفينيقيون في صناعة الزجاج والنسيج الصوفي والقطني وصباغة الأقمشة بالأرجوان وهم من أول الشعوب البحرية في التاريخ.
وارتقى فن الملاحة بسبب هذه التجارة الواسعة النشيطة حتى استطاع، أدّلاء السفن الفينيقية الإبحار ليلاً مسترشدين بالنجم القطبي أو النجم الفنيقي كما كان يسميه اليونانيون وطافوا حول القارة الأفريقية واكتشفوا رأس الرجاء الصالح قبل فاسكودي غاما بألفي عام.
وكما يقول ديورانت في قصة الحضارة: «ربطوا الشرق بالغرب بشبكة من الروابط التجارية والثقافية وشرعوا ينتشلون أوروبا من براثن الهجمية».
][ آإلـحٍ ــضـآإرٍهـ آإليوٍنــآإنـيـه ][
عرفت شواطئ بحر إيجة ظهور أولى الحضارات في الضفة الشمالية للبحر المتوسط، عرفت أولى الحضارتين باسم المينوية والميسينية. تلت الفترة الأولى، عصر مظلم استمر حتى حوالى 800 قبل الميلاد. عرفت البلاد عهدا جديدا مع ظهور الحضارة اليونانية. كانت بلاد اليونان عبارة عن تجمع من المدن المستقلة، قامت هذه المدن بإنشاء مستعمرات تجارية على طول البحر الأبيض المتوسط، كما قاومت محاولات توسع الفرس في المنطقة. شكلت ثقافة هذه المنطقة المنبع الرئيس للحضارة الهيلينية، انتشرت هذه الحضارة في أرجاء واسعة من العالم بعد قيام إمبراطورية الاسكندر الأكبر الـمقدوني).
عسكريا بدأ نفوذ اليونانين يتضائل، سنة 168 قبل الميلاد قام الـرومان بغزو البلاد، إلا أنه وفي المقابل فإن الثقافة اليونانية غزت الحياة الرومانية بشكل كبير. أصبحت اليونان محافظة ضمن الإمبراطورية الرومانية، واستمرت الثقافة اليونانية في هيمنتها على شرقي البحر الأبيض المتوسط. عندما إنقسمت الإمبراطورية إلى شطرين، أصبح الشطر الشرق أو الـالإمبراطورية البيزنطية، ومرطزه في القسطنطينية، يونانيا خالصا في طبيعته، وبالأخص عندما ضم إليه كامل مناطق بلاد اليونان. من القرن الـ4 م وحتى القرن الـ15 نجحت الإمبراطورية الرومانية الشرقية في صد كل الهجمات الآتية من الغرب والشرق. سقطت القسطنطينية أخيرا في 29 مايو/ماي 1453 م عندما فتحها العثمانيون. كان العثمانيون قد أتموا فتح بلاد اليونان أثناء القرن الـ15 م.
حكم العثمانيون اليونان حتى أوائل القرن الـ19 م. سنة 1821 م قام اليونانيون بالثورة وأعلنوا سنة 1822 م استقلالهم، إلا أنه لم يتم الاعتراف به حتى سنة 1832 م. أثناء القرنين الـ19 والـ20 م، دخل اليونانيون في سلسلة من الحروب مع العثمانيين، أراد اليونانيون توسيع رقعة دولتهم حتى تشمل كل السكان الناطقين باليونانية، تقدمت عملية التوسع ببطئ شديد حتى بلغت اليونان حدودها الحالية سنة 1947 م.
بعد الحرب العالمية الثانية، اندلعت في اليونان أحداث الـحرب الأهلية، دامت الحرب حتى 1949 م. في سنة 1967 قام أفراد الجيش بانقلاب استولوا بعده على السلطة، عرف نظام تلك الفترة باسم نظام الجنرالات. في سنة 1973 م ألغى النظام العسكري الحكم الملكي. سنة 1974 م، سقطت النظام العسكري بعد فشل محاولته دعم انقلاب عسكري في جزيرة قبرص. في 1975 م، وبعد إجراء إستفتاء عام تم إلغاء الحكم الملكي رسميا, ثم أعلنت الجمهورية الديمقراطية. إنضمّت اليونان إلى الإتحاد الأوربي في 1981 م وتم تبني الـيورو كعملة رسمية للبلاد سنة 2001 م.
يونان
اليونان هي دولة تقع في جنوب شرق أوروبا، على الرأس الجنوبي لـشبه الجزيرة البلقانية. يحدها شمالا كل من بلغاريا، مقدونيا وألبانيا، تركيا ومياه بحر إيجة شرقا، مياه البحر الأيوني والبحر الأبيض المتوسط غربا و جنوبا. تملك اليونان ارثا حضاريا عريقا، يعود تاريخه إلى آلاف السنين إلى الوراء. يعتبر المؤرخون الغربيون اليوم أن بلاد اليونان هي مهد الحضارة الغربية.
رسميا الجمهورية الهيلينية (باليونانية: Ελληνική Δημοκρατία إلينيكي ديموكراتيا ). يطلق اليونانيون على بلادهم اسم Ελλάς هيلاس، يستبدل هذ االاسم في اللغة اليونانية الحديثة بـ"إلاس". في الحياة اليومية يستعمل لفظ "Ελλάδα إلادا" كثيرا. يطلق اليونانيون على أنفسهم اسم "هيلينيس"، ويتداولون هذا اللفظ حتى عند حديثهم باللغة الإنجليزية.
عرفت شواطئ بحر إيجة ظهور أولى الحضارات في الضفة الشمالية للبحر المتوسط، عرفت أولى الحضارتين باسم المينوية والميسينية. تلت الفترة الأولى، عصر مظلم استمر حتى حوالى 800 قبل الميلاد. عرفت البلاد عهدا جديدا مع ظهور الحضارة اليونانية. كانت بلاد اليونان عبارة عن تجمع من المدن المستقلة، قامت هذه المدن بإنشاء مستعمرات تجارية على طول البحر الأبيض المتوسط، كما قاومت محاولات توسع الفرس في المنطقة. شكلت ثقافة هذه المنطقة المنبع الرئيس للحضارة الهيلينية، انتشرت هذه الحضارة في أرجاء واسعة من العالم بعد قيام إمبراطورية الاسكندر الأكبر الـمقدوني).
عسكريا بدأ نفوذ اليونانين يتضائل، سنة 168 قبل الميلاد قام الـرومان بغزو البلاد، إلا أنه وفي المقابل فإن الثقافة اليونانية غزت الحياة الرومانية بشكل كبير. أصبحت اليونان محافظة ضمن الإمبراطورية الرومانية، واستمرت الثقافة اليونانية في هيمنتها على شرقي البحر الأبيض المتوسط. عندما إنقسمت الإمبراطورية إلى شطرين، أصبح الشطر الشرق أو الـالإمبراطورية البيزنطية، ومرطزه في القسطنطينية، يونانيا خالصا في طبيعته، وبالأخص عندما ضم إليه كامل مناطق بلاد اليونان. من القرن الـ4 م وحتى القرن الـ15 نجحت الإمبراطورية الرومانية الشرقية في صد كل الهجمات الآتية من الغرب والشرق. سقطت القسطنطينية أخيرا في 29 مايو/ماي 1453 م عندما فتحها العثمانيون. كان العثمانيون قد أتموا فتح بلاد اليونان أثناء القرن الـ15 م.
حكم العثمانيون اليونان حتى أوائل القرن الـ19 م. سنة 1821 م قام اليونانيون بالثورة وأعلنوا سنة 1822 م استقلالهم، إلا أنه لم يتم الاعتراف به حتى سنة 1832 م. أثناء القرنين الـ19 والـ20 م، دخل اليونانيون في سلسلة من الحروب مع العثمانيين، أراد اليونانيون توسيع رقعة دولتهم حتى تشمل كل السكان الناطقين باليونانية، تقدمت عملية التوسع ببطئ شديد حتى بلغت اليونان حدودها الحالية سنة 1947 م.
بعد الحرب العالمية الثانية، اندلعت في اليونان أحداث الـحرب الأهلية، دامت الحرب حتى 1949 م. في سنة 1967 قام أفراد الجيش بانقلاب استولوا بعده على السلطة، عرف نظام تلك الفترة باسم نظام الجنرالات. في سنة 1973 م ألغى النظام العسكري الحكم الملكي. سنة 1974 م، سقطت النظام العسكري بعد فشل محاولته دعم انقلاب عسكري في جزيرة قبرص. في 1975 م، وبعد إجراء إستفتاء عام تم إلغاء الحكم الملكي رسميا, ثم أعلنت الجمهورية الديمقراطية. إنضمّت اليونان إلى الإتحاد الأوربي في 1981 م وتم تبني الـيورو كعملة رسمية للبلاد سنة 2001 م
العمارة الإغريقية Greek Architecture
من 3000 إلى 146 ق.م
ازدهرت هذه العمارة تقريبا في عهد بركليز 444-429 ق.م وكذلك أيام حكم الملك فيليب وابنه الاسكندر الأكبر 334ق.م.
وتعد العمارة الإغريقية أول الحضارات التي تهتم بالدقة المتناهية في التصميم بالنسبة للنسب الجمالية ومراعاة الأشكال الفنية الجميلة و تتميز الحضارة الإغريقية بطرزها الثلاث الدوري والأيوني والكورنثي, وقد أطلقت هذه الأسماء على هذه الطرز نسبة إلى شكل الأعمدة التي تتكون منها المعابد, فمثلا يشير النظام الدوري كاصطلاح إلى الأجزاء الموحدة الثابتة وتتابعها وتكوينها في المعبد الدوري فنلاحظ تلك الأقسام, القاعدة المدرجة المكونة من عدة سلالم مرتفعة ثم بدن العمود ثم التكنة, مما يكون لنا بما يسمى نظام الحامل والمحمول حيث يتكون نظام الحامل من بدن به تجاويف رأسية وتاج ويتكون المحمول من الحمال والإفريز والكرونيش ويبنى المبنى كله من بلوكات من الحجر متلاصقة تماما وبدون مونة لاصقة وأحيانا ما كانت تربط هذه الأحجار عن طريق قطع معدنية أما بالنسبة للأسقف فكانت تتكون عادة من بلاط تراكوتا تثبت على عروق من الخشب محملة على كمرات خشبية أيضا وبذلك كانت معرضة للحريق بسهولة.
ويتجلى الجمال المعماري لتلك الحضارة الرائعة في معابدهم كمثال لمعبد الأركيزون- شكل 3 فالمدخل الشمالي مثلا تم تخصيصه للعذراوات فقط وهو عبارة عن ستة أعمدة بأشكال نسائية لحمل سقف المدخل, وهذا ما دفع أحد الحكام الأتراك بعد حوالي ألفي عام إلى تحويله إلى قصر للحريم وهذا يرجع إلى روعة هذه التماثيل وأيضا الأعمدة الأيونية في الداخل وأعمال النحت الرائعة داخل المبنى, وأهم ما يميز هذه الحضارة الأنيقة هو تحديد أمان وضع النقوش في شكل منظم, وتتميز نقوشهم بالحساسية والدقة والرشاقة,’ على عكس الحضارة المصرية القديمة والتي كانت ترتكز على ملأ الجدران بالنقوش والرسومات.
العوامل المؤثرة( الحضارة الإغريقية)
الحضارة ما هي إلا عوامل مؤثرة وبيئة محيطة لذا كان لزاما علينا أن نذكر العوامل المؤثرة والبيئة التي نشأت فيها العمارة الإغريقية.
1- الناحية التاريخية:
بدأت أولى المحاولات في بناء المعابد تقريبا ما بين عامي 490, 479 ق.م وذلك نتيجة لتعرض اليونان لهجمات من قبل الفرس والعجم ونتيجة لانتصاراتهم في موقعة برية وبحرية ضد هجمات الفرس والعجم تم تخليد هذه الانتصارات عن طريق المعابد ثم ازدهرت أثينا أيام حكم بركليز 444-429 ق.م وانتشرت تلك الحضارة عن طريق الملك فيليب وابنه الاسكندر حيث انشأ مدينة الإسكندرية ووحد بين مصر واليونان وامتدت الفتوحات إلى شمال الهند وانتشرت أيام الحكم الهيليني حتى وصلت إلى آسيا الغربية وبعد وفاته (الاسكندر الأكبر ) اقتسمت الإمبراطورية ووزعت على قواده وكانت مصر من نصيب بطليموس وأسس دولة البطالمة وانعزلت اليونان مما اتاح لروما أن تتدخل وتسيطر على اليونان عام 146 ق.م.
ويمكن تقسيم العمارة الإغريقية بالنسبة للمراحل والخطوات التي مرت بها إلى ثلاث فترات هي:
1- الفترة قبل الكلاسيك إلى عام 1100 ق.م.
2- الفترة الانتقالية من 1100 إلى 700 ق.م
3- الفترة الكلاسيكية من 700 إلى 350 ق.م.
2- المناخ:
تمتاز اليونان باعتدال مناخها وصفاء جوها وصحوته, وجمعت بين برودة الشمال ودفء الجنوب, مما أدى لظهور هذه المدينة المعمارية التي تتميز بجمال النسب المعمارية, وذلك مما ساعد على ممارسة أعمالهم في الهواء الطلق مثل القضاء والتمثيل وإدارة الأعمال والاحتفالات ومن أهم الخصائص المعمارية التي تأثرت بالمناخ وجود البوائك والكلونيد واليوريتيكو وذلك لتجنب أشعة الشمس وهطول الأمطار فجأة.
3- الناحية الجيولوجية:
أهم ما تمتاز به هذه البلاد هو وجود الرخام والأحجار بكثرة وبالأخص في جزر باروس وناكسوس واهتم الاغريق بجودة الأحجار بطريقة مبالغ فيها وذلك للحصول على خطوط مستقيمة للغاية وأسطح ملساء لدرجة أنهم كانوا يضيفون طبقة من البياض الرخام على الحوائط المبنية من الأحجار للحصول على أسطح ملساء رخامية جميلة وكانت هذه الظاهرة من أهم مميزات الحضارة الإغريقية في اليونان.
4- الناحية الجغرافية:
شبه الجزيرة اليونانية محاطة بالبحر من ثلاث جهات وامتدت الحضارة الإغريقية إلى بلاد أخرى مجاورة كجزيرة صقلية وجنوب ايطاليا وآسيا الصغرى وساعدت الجبال الموجودة على تقسيم اليونان إلى مناطق نفوذ مختلفة ومن هنا نشأت المنافسة بين هذه الولايات لإبراز حضارة كل منها.
5- الناحية الدينية:
كان يعتمد الدين الإغريقي على عبادة الأشخاص أو الظواهر الطبيعية وكانت لكل بلد عبادة معينة وأعياد خاصة بها وتوجد أيضا آثار لمعتقدات وعبادات أخرى تعتمد على عبادة الأبطال وكان الرهبان والقساوسة هم الذين يقررون ذلك وربما لمدة معينة للرجال والنساء والأبطال وبعد ذلك تنتقي عنهم هذه الصلاحية ويعودون مرة أخرى لطبقة الشعب وقد كان للدين تأثير كبير على الاغريق مما ظهر بوضوح في معابدهم ويرجع هذا التأثير لأنهم كانوا ينظرون للدين نظرة فلسفية عميقة.
أنواع المباني الإغريقية
أولاً المعابد:
أهم ما يميز العمارة الإغريقية طرزها الثلاث الدوري والأيوني والكورنثي وعادة ما يسمى كل طراز من هذه الطرز النظام المعماري ولقد استعملت هذه التسمية فقط في العمارة الإغريقية لأن في استعمالها ما يوحي بأن المعبد الإغريقي الدوري استخدمت فيه عناصر موحدة ثابتة من حيث النوع والعدد ومن حيث علاقة هذه العناصر ببعضها البعض وعلى ذلك نرى مثلا أن المعابد الدورية تتشابه من حيث العناصر والتكوين والنظام وكذا المعابد الأيونية والكورنثية يشير النظام الدوري إلى الأجزاء الثابتة وتتابعها وتكوينها في المعبد الدوري فنلاحظ تلك الأقسام الرئيسية لهذا النظام القاعدة المدرجة ذات السلالم المرتفعة ثم بدن العمود نفسه ثم التكنة حيث يتكون العمود من بدن به تجاويف رأسية وتاج وتتكون التكنة من الحمال والإفريز والكورنيش ويبنى المبنى كله ببلوكات من الحجر للحصول على تقابلات وخطوط منتظمة ودقيقة وأحيانا تربط هذه القطع الحجرية بقطع معدنية عند الضرورة فيما يتعلق بالأسقف فكانت تتكون عادة من بلاط تراكوتا تثبيت على عروق من الخشب محملة على كمرات خشبية أيضا وساعد ذلك على سهولة احتراقها دائما.
المساقط الأفقية للمعابد:
المساقط الأفقية للمعابد ليست مرتبطة بالأنظمة وربما تختلف تلك الأنظمة تبعاً لحجم المبنى ولكن تتشابه هيأتها الأصلية فالنواة الأساسية في المعبد هي المحراب والمدخل المغطى وعلى جانبيه عمودان وأحيانا نجد مدخل أخر خلف المحراب لتأكيد التماثل والمحورية ويحيط بالمعبد رواق من الأعمدة.
يعتبر معبد أرتيمس في كورفي من أهم المعابد التي عبرت لنا عن الطراز الأيوني بوضوح وبصراحة ومما لا شك فيه أنهم اقتبسوا هذا النظام من المصريين القدماء كما سبق القول في طريقة البناء بالحجارة وطريقة خشخنة الأعمدة ولكن الفرق أن المعبد المصري أعتمد على التأثير الداخلي في زواره من رهبة أما الإغريقي فكان يقوم على التأثير في النفوس عن طريق المظهر الخارجي.
أهم المعابد الإغريقية:
معبد البارثينون:
ظهرت لنا المعابد الإغريقية الرائعة بعد تولي بركليس الحكم وذلك بعد أن تم تدمير هضبة الأكربول على يد الفرس عام 480 ق.م ووصلت ا تحت حكمه إلى أوج عظمتها ومن أهم هذه المعابد معبد الباراثينون وكان مخصص للألهه أثينا-كما كانوا يعتقدون-.
التأثر بالحضارات السابقة(الحضارة الاغريقية)
التأثر بالحضارة الفرعونية:
تأثرت الحضارة الإغريقية بالحضارة الفرعونية تأثر واضح حيث كان للمصريين من عصر ما قبل الأسرات علاقات بسكان جزر البحر المتوسط تطورت بمرور الأجيال إلى معاملات تجارية نتجت عنها تأثيرات شتى في الحضارة والفن وظهر هذا التأثر في العمود الدوري فلا عجب عندما زار المعماري الإغريقي مصر ووجد معظم مساكنها بهذه الأعمدة البسيطة الأضلاع والزوايا وبما أنه يهتم بالبساطة فتأثر بهذا العمود البسيط وعلق في ذهنه بسهوله مما دفعه لتطبيقه في مسقط رأسه والتصرف في بعض التفاصيل المعمارية وسنضيف في نهاية البحث مقارنة بسيطة بين العمودين المصري والإغريقي.
التأثر بالحضارة الفارسية:
تأثرت الحضارة الإغريقية تأثرا غير مباشر بالحضارة الإغريقية ويتجلى ذلك في الروح الشرقية التي يتسم بها العمود الأيوني وذلك لاتخاذه الشكل اللولبي والذي يسمى باللفافات.
التأثر بالعمارة الساسانية:
لم تتأثر الحضارة الإغريقية بالحضارة الساسانية.
العمارة الإغريقية:
شيء طبيعي أن تكون الحضارة الإغريقية هي الملهم الأول والأخير للحضارة الرومانية كما كانت الحضارة الفرعونية هي الملهم الأول للحضارة الإغريقية ولذا جدير بالذكر ان نقول أن الحضارة الفرعونية كانت وما زالت الملاذ الدائم لأي معماري حتى يتخذها له منهاجا يسير عليه
][ آإلــحٍ ــضــآإرٍهـ آإلــرٍوٍمــآإنيه ][
تعد الحضارة الرومانية من أعظم حضارات أوروبا بعد الحضارة الإغريقية. ولايعرف المؤرخون كيف ومتى قامت روما. لكنها كانت تبسط سيطرتها على جميع شبه جزيرة إيطاليا جنوبي مايعرف الآن بفلورنسا، وكان ذلك عام 275 ق. م. وخلال القرنين التاليين تمكن الرومانيون من بناء إمبراطورية امتدت لما يعرف الآن بأسبانيا حتى جنوبي آسيا عبر الساحل الشمالي لإفريقيا وضموا فيما بعد كل ماتبقى من أوروبا إلى إمبراطوريتهم. بلغت الإمبراطورية الرومانية أوج عظمتها خلال فترة مايعرف بالسلام الروماني التي استمرت من سنة 27ق.م حتى سنة 180 م. لم تكن هناك دولة في تلك الفترة لها القوة الكافية لتمثل خطراً على الإمبراطورية الرومانية. لذا أصبحت تلك الفترة فترة سلام. بلغ الفن والعلم الرومانيان الذروة، كما ازدهرت التجارة في جميع أرجاء الإمبراطورية. اقتبس الرومانيون أفكاراً عديدة من الإغريق مما ساعدهم على نشر الثقافة الإغريقية في أنحاء إمبراطوريتهم. وغالبًا مايطلق على الثقافة الرومانية اسم الثقافة الإغريرومانية. لكن كان للرومان أيضًا إسهاماتهم في الحياة الأوروبية بالتخطيط الدقيق للمدن وتشييد وإقامة شبكات الطرق. كما أصبحت اللغة اللاتينية أساسًا قامت عليه اللغات الرومانسية المتداولة في أوروبا اليوم. كما أصبح كثير من الأسس القانونية التي وضعها الرومان جزءًا من الأنظمة القانونية في أوروبا ولاحقًا جزءًا من الأنظمة القانونية في أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية. بدأت المسيحية في فلسطين التي تقع في جنوب غربي آسيا وقد كانت جزءًا من الإمبراطورية الرومانية. وسرعان ما انتشرت في الجزء الأوروبي من الإمبراطورية. ظل الرومان يضطهدون المسيحيين الأوائل حتى مطلع القرن الرابع الميلادي، حيث منح الإمبراطور قسطنطين الكبير المسيحيين حرية العقيدة، وفي أواخر القرن الرابع الميلادي، أصبحت المسيحية الدين الرسمي للإمبراطورية. وفي أواخر القرن الثاني الميلادي بدأت بعض القبائل القوية في الشمال والشرق تهديد الإمبراطورية الرومانية التي لم تعد تستطيع الدفاع عن جميع حدودها. فقد كانت الخلافات الداخلية تمثل تهديدًا آخر للإمبراطورية، بدأت الإمبراطورية تتفكك على أثره حتى أعاد الإمبراطور قسطنطين توحيدها عام 324م. في عــام 395م انقســـمت الإمبراطورية الرومانية بصورة نهائية إلى إمبراطوريتين. فأصبح النصف الشرقي الإمبراطورية الرومانية الشرقية أو البيزنطية وكانت عاصمتها القسطنطينية (الآن إسطنبول، تركيا). أما باقي الإمبراطورية فأصبح الإمبراطورية الرومانية الغربية وكانت عاصمتها روما
العمارة الرومانية Roman Architecture
من 753 إلى 509 ق.م
نبذة مختصرة:
ورثت العمارة الرومانية كافة فنونها في العمارة والنحت والزخرفة وكونوا فنا ديكتاتوريا ينتشر في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية بمعنى أن ما كان ينفذ في روما كان ينفذ في جميع ولايات الإمبراطورية.وبالرغم من هذا نجد بعض الاختلاف في بعض المعابد والتي اضطرتها الظروف إن تتخذ هذا الشكل إما بسبب تغير الزمن أو المكان كما هو موجود في بعض المعابد الرومانية بسوريا ومصر حيث اهتم المعماري المصري والسوري بهيئةالتقطيع عن مثيله في أي مكان آخر.كما ذكرنا فالعمارة الرومانية قد اشتقت كل عناصرها تقريبا من الحضارة الإغريقية ولكن الرومان أضافوا طابعهم الخاص الذي لا يخطئه أحد, ويتضح هذا التأثر في معبد ((فورتينا فيرليس-2 ق.م ))في روما وهو من أقدم المعابد الرومانية ومن أجملها وأهم ما يميز الحضارة الرومانية عدم اهتمامهم بالمعابد الدينية فكانوا يكتفون بمحراب في كل بيت ومن أهم المعابد الدينية والذي يعتبر نموذجا آخر من النماذج المعمارية سيباي في تيفولي وقد استخدمت فيه الخرسانة والتي استخدمت من قبل الشرق ولكن في التحصينات, وقد عرف الرومان كيفية إخفاء الشكل الغير مقبول للخرسانة عن طريق تكسيتها بالطوب أو الحجر.
وأهم ما يميز العمارة الرومانية هو الطريق الجديد الذي انتهجته هذه العمارة بحيث إنها اتجهت إلى الاهتمام بالمباني الدنيوية عن الدينية وعن الأماكن العامة عن الخاصة وأيضا استخدام العقود بأشكالها المختلفة والتي اتخذت عدة أشكال جميلة.
في هذا البحث سنعرض بإذن الله أهم العوامل المؤثرة على تلك الحضارة الساحرة
العوامل المؤثرة( الحضارة الرومانية)
1- الناحية التاريخية:
ترجع نشأة روما تقريبا إلى عام 753 و 509 ق.م وبدأ الازدهار عندما بدأ الغزو الروماني لإيطاليا عام 343 ق.م ومنذ ذلك الحين بدأت روما في شن حروبا طاحنة خارج ايطاليا وأول من سقط في الحرب الأولى صقلية عام 264 ق.م ولكن انهزمت ايطاليا على يد هانيبال القرطاجني عام 218 ق.م ولكن هانيبال اضطر إلى ملاقاة الاسكندر الأكبر على أرض قرطاجنة فانهزم عام 146 ق.م وأصبحت قرطاجنة تابعة للحكم الروماني كما سقطت مقدونيا في نفس الوقت واستولت روما على جميع فناني اليونان وكانت هذه الفترة هي حجر الزاوية في بناء هذه الحضارة العظيمة عام133 ق.م
وتم غزو سوريا عام 190 ق.م وأسبانيا عام 133 ق.م وامتدت الإمبراطورية الرومانية من نهر دجلة إلى المحيط الأطلنطي كما اتجه يوليوس قيصر إلى نهر الراين والقناة الإنجليزي وجعلاهما حدودا لإمبراطوريته عام 58- 49 ق.م. وفي عام 58 أضيفت مصر إلى الإمبراطورية وفي عام 43 كانت انجلترا تابعة للإمبراطورية.
وكشيء طبيعي اضمحل الحكم وتدهورت إلى أن انقسمت إلى إمبراطورية في الشرق وأخرى في الغرب عام 65 ق.م وانتهت عام 475م.
2- المناخ:
يقع شمال ايطاليا في وسط أوربا فيتبع القارة الأوروبية أما الوسط فمعتدل وشمسه مشرقة ولكن الجنوب فهو من المناطق الحارة وأيضا لا ننسى أطراف الإمبراطورية الرومانية والتي ذكرنا أنها تشمل وسط أوربا وغرب أسيا وشمال أفريقيا وكل هذا كان له أثر كبير في إتباع خواص معمارية معينة لتلائم كل منطقة والذي أدى أيضا لإدخال بعض الإضافات المعمارية في كل منطقة من مناطق هذه الإمبراطورية المترامية الأطراف.
3-الناحية الجيولوجية:
تختلف الطبيعة في ايطاليا عن اليونان حيث لم يعتمدوا على الحجارة فقط كما فعل الاغريق بل اعتمدوا على جميع أنواع الأحجار والطوب والفخار المطلي والقراميد.
وبالقرب من روما ونتيجة للبراكين ظهر نوع من الحجر يسمى ترافرتين وذلك أدى إلى جودة الزلط والرمل مما أدى إلى استخدام الخرسانة وقد أنشأت المباني كاملة من الخرسانة وتم تكسية الحوائط بالأحجار أو الطوب أو الرخام لتفادي الشكل العاري للخرسانة.
ومما يدل تأثر تلك العمارة بالمؤثرات المحيطة ففي سوريا ولعدم توافر تلك المواد تم استخدام الأحجار في جزيرة فيلة وفي بعلبك بسوريا.
4- الناحية الجغرافية:
ايطاليا بحكم موقعها المتميز على البحر الأبيض المتوسط وطول سواحلها على البحر, كل ذلك ساعد روما أن تكون وسيطاً في نشر الحضارة والفن إلى شمال إفريقيا واسيا الغربية وأوربا فغزى الرومان هذه البلاد بالحروب أولا وفرضت سيطرتها بقوة خٌلقهِم ثم حكموا بالقانون ثم بعد ذلك نشروا الحضارة والمدنية بالفن والكتابة.
5- الناحية الدينية:
كان الإمبراطور هو الحاكم الأعلى للدولة وهو راعي الدين ولم يكن الدين في الإمبراطورية الرومانية له تأثيره كما كان في اليونان ولم يوحد الدين بين المقاطعات الشاسعة في الإمبراطورية وكانت المباني التاريخية ليست معابد فقط بل شملت المباني العامة والمنازل والقصور ولم يكن لرجال الدين أي تأثير كما كان الحال في مصر وكان يكتفي ببناء محراب في كل منزل لصلاة العائلة وعلى ذلك لم يكن للدين تأثير واضح على المنشات والمباني الهامة في تلك الإمبراطورية الواسعة.
التأثر بالحضارات السابقة
التأثر بالحضارة الفرعونية:
تأثرت العمارة الرومانية بالعمارة الفرعونية تأثرا طفيفا وذلك عندما كانت مصر تحت الحكم الروماني, وذلك عندما تخلت عن الخرسانة والطوب واستخدمت الأحجار بدلا من الخرسانة وهذا كان شيء وارد وذلك لعدم توافر الخرسانة وتأثرها بالمعابد المصرية القديمة الشامخة ويظهر ذلك في جزيرة فيلة بمصر, ونتيجة لتأثر الحضارة الرومانية بالحضارة الإغريقية فنستطيع القول بأن الحضارة الرومانية تأثرت بالحضارة المصرية القديمة بالنسبة للعمود الدوري والذي تم نقله تقريبا من العمود المصر بالقديم.
التأثر بالحضارة الفارسية:-
لم تتأثر الحضارة الرومانية بالحضارة الفارسية ولكن يوجد وجه شبه بسيط وهو استخدام بعض المواد المتشابهة مثل الطوب.
التأثر بالعمارة الساسانية:
تأثرت الحضارة الرومانية بوضوح بالحضارة الساسانية وذلك نتيجة لفتوحات الرومان وتأثرهم بالشرق ويظهر هذا على سبيل المثال في معبد البانثيون بروما وقد عبر فيه المعماري بقوة عن الانتقال أو حلقة الوصل بين الحضارتين الإغريقية والرومانية حيث صمم المدخل على الشكل التقليدي أو الشكل المعتاد للمعابد الإغريقية ثم صمم المعبد نفسه على الشكل الدائري وهو يعتبر من الأشكال النقية وهو مغطى بقبوة ضخمة من الطوب قطرها 44 مترا ويوجد بها فتحة قطرها 8 متر ويتشابه 1ذلك بما يوجد في قصر فيروز آباد والذي يوجد به العديد من القباب حيث تصل فيه بعض القباب إلى 25.5.
التأثر بالحضارة الإغريقية:
تعتبر الحضارة الإغريقية الملهم الأساسي للحضارة الرومانية حيث تشبعت بها الحضارة الرومانية في معابدها وأيضا بعض مبانيها العامة ويظهر ذلك في معبد فينوس وهو يشابه المعابد الإغريقية من حيث ارتفاعه عن الأرض بثلاث درجات ومن حيث التغطية بالجمالون ولكن الاختلاف الوحيد أن المعبد يعتبر معبد مزدوج والاختلاف الأخر هو في اتخاذ الرومان طريق الاهتمام بالمباني العامة وليس الدينية كما عند الاغريق
أنواع المباني الرومانية
أولاً المعابد:
احتياجات الرومان لم تقتصر على المعابد فقط وإنما كانوا في حاجة إلى صالات متسعة رحبة لعرض التماثيل والأسلحة والأدوات التي اغتنموها من حروبهم ولذلك يعتبر معبد فورتينا فيرليس الأنموذج الأول للمعابد الرومانية التي حققت ذلك والنموذج الثاني هو معبد سيباي والذي كان عبارة عن كوخ مستدير في الريف الروماني ثم تم إنشائه بالحجر ويملك واجهات جميلة ورشيقة وداخل الصالة يحتوي على شبابيك وأبواب تم بناؤها بالحجر المنحوت والجدران تم بناؤها بالخرسانة ولأول مرة بكسر الأحجار والطوب وخلافه ثم غطيت الحوائط بكسوة من قطع الأحجار الصغيرة وقد استخدمت هذه المباني قبل ذلك بألفي عام في الشرق ولكنها أصبحت علامة مميزة للحضارة الرومانية وذلك لسهولة تشكيلها ورخص ثمنها وسهولة الوصول على تصميم وحدات متسعة.
وما يميز الرومان أنهم استطاعوا أن يخفوا تلك الخرسانة تحت غطاء جميل من الطوب أو الحجر أو الرخام أو بطلاء أبيض ناعم ولكنها اليوم معظمها عارية على عكس الأطلال الإغريقية والتي ما زالت تتمتع برونقها وجمالها حيث ظهرت الخرسانة العارية القبيحة التي بنيت بها المعابد الرومانية.
المساقط الأفقية للمعابد:
كانت تبنى عادة المعابد الرومانية إما مواجهة لمصدر الضوء أو مواجهة لميدان عام وكان للموقع أهمية كبرى في التصميم واهتم الرومان بمداخل المعابد ولم يهتموا بأن يكون المعبد في موقع يسمح برؤيته من جميع الاتجاهات كما كان عند الإغريق والمعابد الرومانية نوعان إما مستطيلة أو دائرية وكانت المعابد عامة تحتوي على خلوة واحدة متسعة ورواق من الأمام وعلى ذلك فالمقابر الرومانية تعتبر في منتهى البساطة من حيث المسقط الأفقي العام ومكوناته وعناصره ويعتبر الفورم الروماني هو المقابل للأجرا عند الإغريق وهو عبارة عن ميدان فسيح في وسط المدينة محاط بمعابد وأبنية رسمية خاصة بالأعمال الاقتصادية والقانونية والدينية وكان بمدينة روما عدة فورم متشابهة في مساقطها الأفقية وهي مصممة لتتماشى مع احتياجات الشعب الروماني.
أهم المعابد الرومانية:
المعابد المستطيلة (معبد فينوس):
هذا المعبد مقام على قاعدة طولها 540x 521 قدم وبه 200 عمود من الجرانيت المصري وتحتوي الواجهة على أعمدة من النظام الكورنثي ومن مميزاته أيضا أنه كان يحتوي على هيكلين ويمتاز بسقفه المغطى بالقرميد الزجاجي المغطى بطبقة من البرونز المذهب التي نزعت عنه عام 625 لتغطية سقف كنيسة سانت بيتر روما ولذا يمكن أن نتصور مقدار ما كان لهذا المعبد من روعة وجمال من حيث التنسيق الهندسي وروعة الفن التشكيلي المنبثق من التكوينات المعمارية والعناصر الفنية.
الأكروبول:
وبعد الانتهاء من إنشاء معبد البارثينون بدأ بركليس في إقامة صرح آخر باهظ التكاليف لبوابة المدخل العام التذكارية من الجزء الغربي للأكروبوليس ومرة أخرى أنشئت هذه المجموعة من الرخام واستخدم نظام المعبد الدوري في عناصر تكوين هذه البوابة التي أقيمت على موقع مختلف المناسيب غير منتظم ولكن ولأول مرة نرى في الجزء الأوسط من الممر المؤدي إلى المدخل العام للبوابة الكبرى صفان من الأعمدة الأيونية حيث كان الاتجاه في العمارة الاثينية نحو استعمال العناصر الأيونية داخل المباني الدوركية.
إن آثينا بأكروبلها الذي يسيطر على الوادي بأجمعه وبموقعها في مأمن من أي اعتداء عليها من البحر وتعتبر النموذج الأصيل للمدينة الأصيل للمدينة الإغريقية وقد كانت توجد به حفر وكهوف قديمة للدفن في جانب التل وكذلك عدد من الهياكل المقدسة والنصب التذكارية التي لم يبق منها شيء الآن ولكن وجودها قديما كان إلى حد ما سببا في توزيع المباني على التل بشكل غير منتظم وكانت المواكب الدينية التي ترقى هذا المرتفع ترى منظر الشمس والأرض والبحر والمدن القريبة بمنظر رائع وهكذا كانت طقوس المواطنين تحظى برفقة كل هؤلاء وإذا كانت آلهتهم تماثل آلهة بلاد ما بين النهرين من حيث نزواتها وغموضها فإنها مما لا شك فيه كانت أكثر منه ودا وهو ما تفصح عنه أوضاع آلهتهم المسترخاة المستريحة التي اتخذوها في الإفريز الذي يصور موكب الحفل الإغريقي الجامع كما يصور جمال الباراثينون.
ويزيد من جمال المباني التي أقيمت على قمة الأكروبول عدم تهذيب قاعدتها الصخرية الضاربة إلى الزرقة والاحمرار الداكن وكذلك أسوار التحصينات العمودية ويبدو المنظر بأجمعه وكأن مواد انفجرت من أغوار عميقة ثم بردت على هيئة بضع بلورات ضخمة متقنة الشكل مغطاة بالألوان الجميلة والمرتقي المنحدر انحدارا شديدا والمؤدي إلى البروبيلا يبرز ضخامة المباني بما يبثه في المتعبد الذي يرتقيه من التأمل العميق والإحساس بضآلته
بني معبد الباراثينون على هضبة الأكروبول من الرخام الأبيض الناصع على الضفة الجنوبية من الهضبة وقد استخدم هذا المعبد لأربع ديانات أثينا وكنيسة ثم كاتدرائية كاثوليكية ثم مسجدا تحت الحكم العثماني ولكنه دمر اثناء الحكم العثماني لاستخدامه كمخزن للذخيرة.
الحضارة الرومانية والفلسفة
أعتنق الرومان الفلسفة كانا يكرهوها ، أو يضفوا الشعب الإغريقي بالثرثرة ، لم يكن للرومان فلسفة أصيلة ولكنهم كانوا عاله على اليونان تذهبوا بالرواقية والأبيقوريه ، وإقبسوا بعض الآراء من المدارس الأخرى ( الإغريقية ) أو أعجبوا بها.
تعريفا للرواقيه وهي مدرسه فلسفيه أسسها زينون 200 ق.م. ثم هذا بها أتباعه . ومن ثم انتقلت إلى روما فاجتذبت إعلاما مثل نسكا وأبكتاتوس وغيرهم ويرى الروابون إن الحقيقة مادية تسودها قوه توجهها وهي الله . وما دامت الطبيعة تسير وفق العقل فمن الحكمة أن يسير الإنسان وفق الطبيعة منصرفا عن ميل العواطف والأفكار التي تجيد حادة القانون الطبيعي وحرية الإنسان مرهونة بأدائه لواجبه في إفتعاء الطبيع وقوانينا ، علم زينو في رواف وإليه نسبت الروافيه.
إن " كاتون " وأصدقائه ألقوا مزيدا من المقاومة في النصف الأول من القرن الثاني من قبل الحكومة ، ولكنها تغلبت على هذه المقاومة : إذ كيف يمكن العزوف عن الأفكار أعتبرها الإغريق أثمن زينه عقليه للإنسان ؟ وكان لتعليم الفلسفة في رودوس وأثينا الشهره نفسها. كانت لتعليم البلاغة ، وقد استهوى ، على غراره ، الشبيبة الرومانيه ، وألقيت محاضرات يده في روما نفسها . وتجدر الإشارة هنا إلي افتقار روما إلى مدارس فلسفه يوزع التعليم فيها اللاتينية على غرار مدارس البيان : فليس من موجب عملي يرغم على ذلك ، وليس أيضا – وهذا يفسر طموح شيشرون – من مذهب متميز نشأ في الغرب يفرض مفرداته الخاصة المقدمة
أن الرواقيه ، بين المذاهب المنتشرة في العالم اليوناني فد أحرزت في روما أعلى درجة من النجاح ، وقد خدمها في ذلك أقامت أهم ممثليها في روما الذين كان لهم من قوه الفكر ما جعلهم يطبعون آراء أسلافهم بطابعهم الشخصي : باناييتيوس ، صديق شيبيون أميليانوس في القرن الثاني، وبزاييدونيوس الذي برع في أكثر من حقل من الحقول الفكرية ، في القرن الأول ، ومنذ البداية أيضا ، أقله في ما يعود للنزعات الأدبية ، تجمعت ظروف عديدة وقدّرت ( للرواق ) الانتشار : فهو يوصي بالعمل الذي يتوجب على الروماني ألا يحيد عنه، ويدعو باسم العقل إلى الحلي بالفضائل العابسة، العدل والشجاعة والقناعة ، التي تطابق المثل القومي التقليدي ، لا بل أن الخضوع نفسه للنظام الإلهي في العالم قد أنطوي على بعض ما يأخذ بمجامع القلب في مدينه تنهض بواجب تنظيم الأمبراطوريه التي سلطها عليها القدر . أجل لن يتم الفوز العظيم إلا في عهد لا حق ، أي في العهد الإمبراطوري. ولا يمكننا الاستشهاد إلا بأسم كاتون الأوتيكي حتى نحاول آنذاك ، ولول ببعض التكلف العقائدي وبعض الخور الذي تمحوه عظمة موته ، التوفيق بين سلوكه والمعتقد الذي اتعز بالمناداة به ، ولكن وجود الرواقيه أمر راهن منذ الآن ، وهي على أتم استعداد للتسرب إلى النفوس التي سيثيرها الاستعباد.
على نقيض ذلك، وقبل إعصار الحرب الأهلية الطويلة ، يبدو أن الأبقورية ، في ظاهر أنانيتها اللأمبالية ، وفي حقيقة نبل تجردها على السواء ، لم تستمل سوى عدد قليل من المشايمين في روما: فهي أبعد من أن تثير إعجاب نخبة متعطشة إلى العمل . ولكن فخرها ، الفريد من نوعه آنذاك بين كافة المذاهب ، أنها قد ألهمت شاعراً كبيراً هو لوكريس.
أن لهذه الملازمة وزنها ، ولكن ليس ، لسوء الطالع ، ما يوضحها : فالرجل غير معروف إلا بقصيدته التي لا تتضمن أي دلالة على حياته . لا ريب في أنه تألم أقله من المشهد لاذي وفره له معاصروه. ولكنه تباهي بأنه أكتشف تهدئه لآلامه في حكمة أبقور، فأخذ على نفسه تعليمها . فتميزه من ثم ليس في المعنى، بل هو ، كفريا، وفي الدرجة الأولى ، في شغف علمي متأجج يحمله ، بعد عرض نظرية ديموكريت المادية والذرية التي سبق لابيقور وتبناها ، على درس عدد كبير من الظواهر بغية تقديم الدليل على أنها كلها قد تقبل تفسيراً ، أو تفسيرات أحيانا ، لا تمت إلى ما فوق الطبيعة بصله . فلم يتراجع في هذا الصدد أمام أية جسارة وحذا أكثر من إغريقي. وإذا نحن لم نستطع اليومتقدير أهمية إسهامه الشخصي حق قدرها، فالاحترام الذي يوجبه مدى تونشاط هذه المحاولات لا يقبل أي تحفظ . أن تميزه، وهو يبدو بذلك ذا طابع روماني أعظم – يقوم أيضا في تصميمة على الأنشاء التعليمي وفي طابع البرهان العقلي الذي يطبع به أسلوبه . فهو يريد أقناع القاري بأن العلم ليس سوى مادة ، وأن كل شيء فيه ، حتى النفوس ، مركب من ذرات يتنوع جمعها وفاقا لمصادفة التقائها ويحررها الموت حتى تجمع بعده جمعا أتفاقيا جديدا . أن هذا اليقين وحده سيخلص الإنسان من رعبه حيال الموت ، الذي لا تعقبه أية مكافأة أو اية عقوبة ، حيال الآلهة الذين لا أثر لهم في العالم والذين " يقضون في هدوء دائم أياما دون اضطراب وحياة دون غمام" وأن تميزه أخيرا وخصوصا تميز أدبي قوامه الجمع العجيب بين قوة هذا المنطق وانفعال الشاعر الحاد ، فمن حيث أنه يفيض شفقة على البشر بسبب ألمهم المادي وآلامهم الأدبية الناجمة عن مخاوفهم ، يشعر بوغبة جنونية في إشراكهم في حقيقته وفي إحلالهم معه في " المناطق الصافية" : غير أن هذه اللهجة الحادة في كافة أجزاء قصيدته تناقض ، بهذا الصدد ، الهدوء الذي يدعى تلقين سره، أضف إلى ذلك أنهيهتز إعجابا ببهاء الطبيعة العظيم ويعبر عن أعجابة بنبرات يغذي حرارتها شعور زاخر . فهل ينم مؤلفة " طبيعة الأشياء" عن " فن كثير " كما كتب شيشرون الذي يعتقد بأرجحية نشره بعد وفاة لوكريس ؟ اجل قد ينم قدم اللغة والنظم عن تقليد مقصود للملاحم القديمة . ولكن لا يمكننا والحالة هذه أن نتصور اتفاقا أكمل بين المقاصد الجمالية وقوة مزاج الفنان.
ومن هنا فأكبر فيلسوف روماني لمع أسمه في هذه الحقبة ، هو الأول أيضا بينكبار الأدباء اللأتين الذين لم أسمهم بعد عهد أغسطس هو الفيلسوف { سنيكا } قليلون جداً بين أصحاب العقول من أوتوا ما أوتي سنيكا من المواهب العقلية ، كما أنهم قليلون جداً ،من تم لهم ما تم له من خصب الانتاج الفكري، وسهولة العمل ويسرهن مكنه من وضع ، ما وضع من آثار فكرية .
وهذه المثالية ، التي وضعها نصب عينية هي، مثالية الرواقيين التي لم تكن بعد أطلّت على روما والتي لم يكن تأثيرها قارب الزوال بعد ، وهذه المثالية، تبرز أكثر تشددا وقسوة عند بيرس Perse ، كما تبرز عند لوقين ، أشرق بيانا وأكثر وضوحا . فالفلسفة بمعناها الصحيح ، لا يستأثر بأحد من مفكري اللأتين في هذه الحقبة، والوحيد من يخصص لها، بين هؤلاء المفكرين ، ثلاثة أو أربعة كراريس ، هو أبوليه، تناول فيها بالبحث ، بعض تعاليم الفيثاغوريين أو الفلسفة الأرسطوطالية . وهكذا نرى أخلاقية المدرسة الرواقية، تتفاعل على أقدار تختلف دقة ، في نفوس الكثيرين ، كما توحي في القرن الثاني ، ليس فقط الموقف العام الذي يقفه أباطرة هذا العهد ، بل أيضا بعض القرارات لأتى أخذوها . فأن كان أسلوب سنيكا البياني ما لبث أن تناساه الناس، فأفكاره بقيت رائجة بعد موته بكثير.
ورأيي أن الروايات عرفوا الفلسفة أسمى معارفها ومدى ازديادهم إليه لتطابق الحياة التي عاشوها وذلك من خلال المذهب الرواقي المثالي للروماني.
الخاتمة.
ومن هنا تبين لنا إن الفلسفة هي عباده عن دائرة المعارف العامة وإدخال التفكير في حل الظواهر والمشاكل التي تصيب المجتمع ، ويتضح لنا ظهور العديد من المفكرين الرومان الذين وقفوا ف وجه الدولة لأبراز أفكارهم للشعب الروماني واهتمت هذه الدراسة في تغيير وجه نظر الرومان الفلسفة بعد ما اعتبروها مجرد ثرثرة وعدم انصياع لقانون من قبل الإغريق ، ورأينا تعريف الروواحه ودوي انتشارها في العالم الروماني القديم .
بـعٍ ـض الاثــآإرٍ آإلرٍوٍمـآإنيه
آإحٍ ـد آإكبر آإلـمسآإرٍح آإلرٍوٍمآإنيه في آإلـعٍ ــآإلـم
][ آإلـحٍ ــضـآإرٍهـ آإلـهـنديـه ][
قامت حضارة الهند القديمة على ضفاف أنهارها ودلتاتها، مثل وادي السِّند وروافده، ونهر الغانج وروافده، وعلى ضفاف نهر كرشنا في الَّدكن. وأقدم حضارة عرفتها الهند قبل قدوم الآريين، كانت في وادي السند، وترجع إلي نحو 2500 ق. م.
لقد سكن الهند قبل هجرة الآريين إليها " الدرافيديون " Dravidians ثم جاءها الآريون من الشمال والشمال الغربي بين 2000 و 1500 ق. م.، واحتلوا سهل الغانج، ويقال أن موطنهم الأصلي أواسط آسية شمالي بحر قزوين ومنهم من هاجر جنوباً، ومنهم من دخل أوروبة فهم شعوب هندو-أوربية.
حضارة الهند القديمة في عصر الفيدا: ( 2000-1000 ق.م.)
أقدم عصور حضارة للآريين في الهند هي عصر الفيدا: Vida والفيدا مجموعة أغنيات استقيت منها المعلومات عن الهنود الآريين، وهي أقدم أثر أدبي في أية لغة هندية-أوربية في الشرق والغرب.
والفيدا تعني المعرفة ، وكانوا يعيشون في هذه الفترة على الزراعة ورعي المواشي، ولهم أله خاص للأرض المحروثة، ويستخدمون البقرة دون أن ينزلوها من أنفسهم منزلة التقديس.
وأهم أسس الحياة الاجتماعية في الهند نظام الطبقات. وهي:
الكهنة أو البراهمة: ويعتقدون أنهم خلقوا من رأس براهما، أو من فمه.
المحاربون: وخلقوا من كتفي براهما ويديه.
المزارعون والتجار وأصحاب الحرف: وخلقوا من فخذي براهما.
الخدم: وخلقوا من قدمي براهما.
المنبوذون ولا ينتسبون إلي طبقة معينة: وهم نحو أربعين درجة.
أما الدينة فكانت قائمة علي عبادة قوي الطبيعة، ولما كان وصول الآريين إلي الهند عن طريق آسية الصغرى، وهضبة إيران، فلا بد أنهم تأثروا بحضارة البلاد التي مروا فيها، ومنها بلاد ما بين النهرين.
حضارة عصر البطولة والديانة البراهمية: (1000 – 500 ق. م.)
مصدر المعلومات عن هذه الفترة ملحمتان تسميان المهابهراتا Mahabharata ، أو قصة أسرة بهراتا. وظهر في هذا العصر ثالوث إلهي مؤلف من براهما الخالق، وشيوا Sheva المهلك، وفشنو Vishnu الحافظ، والهندوسيون اليوم يتبعون إما شيوا أو فشنو. والتعليم في هذا العصر كان في طبقة الكهنة أو البراهمة، وكان شفهياً حتى لا تصل المعرفة إذا كتبت إلي الطبقات الدنيا.
كما ظهرت في هذه الفترة عقيدة التقمص، بمعني أن الروح تولد مرات متعاقبة.
وقد حصل رد فعل ضد البراهمة، لأن الكهنة أصبحوا أقوياء ، كما ظهرت – ضمن رد الفعل ضد البراهمة – البوذية، ومؤسسها غوماتا سيد هانا (564 – 483 ق. م.)، الذي دعي بوذا، أي المستنير، أو الذي اهتدى، وكان ابن أمير منطقة على حدود نيبال. فتنكر لسلطة الفيدا، الكهنة البراهمة، وقرر قواعد خلقية خمساً، وهي بمثابة الوصايا وهي:
لا يقتل أحد كائناً حياً.
لا يخذ أحد ما لم يعطه.
لا يقولن أحد كذباً.
لا يشرباً أحد مسكراً.
لا يقيمن أحد على دنس.
بينما انتشرت البوذية في بلاد الشرق الأقصى، ويعتبر آو زكا Asoka (273 – 232 ق. م.) ناشر البوذية حيث أرسل بعثات التبشير إلي سيلان وبورمة وسيام. وبجهوده أصبحت تلك البلاد بوذية.
ومما يذكر أنه في القرن التاسع ظهرت حضارة الراجبوت R ajput أي أبناء الملوك،؟ التي انتهت بالفتح الإسلامي لوادي السند، وحوض الغانج.
علوم الهند القديمة:
عرفت الهند الطب والرياضيات، وازدهر الفلك بين القرنين الثالث والرابع الميلاديين، متأثر بالفلك البابلي.
ابتكر الهنود الأرقام التسعة والنظام العشري. وللهنود فضل على المثلثات.
أما في مجال الفلسفة فقد أزدهرة الحضارة الهندية بهذا، وأن الغاية من المعرفة ومن الفلسفة، ليست السيطرة علي العالم بقدر ما هي الخلاص منه، وأن هدف الفكر هو التماس الحرية.
وإذا كان علماء الغرب ومؤرخيه يجعلون اليونان معجزة الحضارات القديمة، وهذا خطأ جسيم، إن الحضارة اليونانية اقتبست الكثير من حضارات الشرق، المصرية، والبابلية، والفينيقية.
][ آإلـحٍ ــضـآإرٍهـ آإلـصينيه ][
مدخل:
تقع الصين في زاوية شرقية نائية من الكرة الأرضية, وهي أكبر دول أسيا مساحة,وثالث أكبر مساحة في العالم بعد روسيا وكندا,وتبلغ مساحتها تسعة ملايين وستمائة ألف كيلومتر مربع, وهي بهذا تساوي ضعف إجمال مساحة قارة أوربا متجمعة باستثناء روسيا,والمسافة من الشرق إلى الغرب 5200 كلم , ومن الشمال إلى الجنوب 5500 كلم,كما أن محيط البر الصيني نحو 20000 كلم , إضافة إلى سواحلها التي تزيد عن 18000 كلم,وللصين حدود مشتركة مع 16 دولة , وهي بهذا أكثر دول العالم حدودا مشتركة, فلها حدود مشتركة مع كوريا الشمالية,وفيتنام,ولاوس,والهند, ونيبال, وبورما, وبيتان, ومع باكستان,وأفغانستان,وكذلك مع أوزبكستان, ومنغوليا,وكازاخستان, وقرقستان, طاجكستان, وروسيا . وتحيط البحار بالصين من الغرب والشرق والجنوب من خلالها ترتبط باليابان والفلبين,وإندونيسيا,وكوريا الجنوبية .
وفي البحار تتناثر أكثر من 6500 جزيرة , وتزيد مساحتها عن 500000 كلم مربع , أكبرها " تايوان" , بمساحة إجمالية قدرها 36000 كيلومتر مربع , وثانيها جزيرة "خاينان". ويخترق أراضي الصين 50000 نهر يبلغ مجموع أطوالها أكثر من 220000 كلم , وتغطي مساحة قدرها 100000 كلم مربع , ومعظم الأنهار في الصين تتجه من الغرب إلى الشرق لتصب في المحيط , وهناك قناة مائية من صنع الإنسان تمتد من "خانغشو" إلى بكين, وبطول يبلغ نحو 1794 كيلومتر , وهي أطول قناة في العالم , ويتدفق عبرها أكثر من 2700 بليون متر مكعب من الماء , وأطول الأنهار هو نهر " اليانغسي" حيث يبلغ طوله أكثر من 6000 كيلومتر , ويعيش على ضفافه أكثر من مائتين وخمسين مليون نسمة , وثاني أنهار الصين طولا هو النهر الأصفر , والذي يبلغ طوله نحو 5500 كيلومتر , وحوله نشأت الحضارة الصينية القديمة. وفي العالم 17 جبلا يزيد ارتفاعها عن 8000 متر فوق سطح البحر, يقع داخل الصين وعلى حدودها 7 منها, وفي الصين أكثر من 100 جبل , يزيد ارتفاع كل منها على 7000 متر , وأكثر من ألف جبل يتجاوز ارتفاع كل منها 6000 متر, وتطل على الصين أكثر جبال العالم ارتفاعا , وهي جبال " الهيمالايا" التي يزيد عدد قممها عن 40 قمة , مكسوة بالثلج على مدار السنة , وكلمة " هيمالايا" تعني باللغة السنسكريتية " موطن الثلوج" , وبها أعلى قمة بالعالم وتقع على الحدود الصينية النيبالية وتسمى باللغة التبتية " جومولانغما" أي " قمة الإله. وفي جنوب التبت تقع جبال " قانغديس" أي " سيدة الجبال كافة" , وقمتها تسمى كنز الثلوج وارتفاعها أكثر من 6700 متر عن البحر , ويزورها بعض البوذيين لممارسة بعض طقوسهم طبقا لمعتقدهم. وبين جبال " تياشان" التي تزيد أعلى قمة بها عن 7000 متر يقع منخفض"توربان" الذي يشكل ثاني أخفض منطقة في العالم بانخفاض قدره 155 متر عن سطح البحر , وعلى جبال " كاراكورام" تقع قمة " شوقير" بارتفاع يزيد عن 8600 متر عن سطح البحر, وهي ثاني أعلى قمة في العالم وعموما فإن الجبال والهضاب والوديان تمثل من 650 % من إجمالي مساحة الصين . وفي الصين بعض السهول المتناثرة هنا وهناك , ويقع أغلبها في وسط الصين , ومن ضمن هذه السهول سهل " بيتشوان" الواقع في مقاطعة " نينغشا" ذات الأغلبية المسلمة من قومية " خوى" والتي تتمتع بالحكم الذاتي.
والمناخ في الصين يتباين تباينا كبيرا , ومردُّ ذلك عائد إلى اتساع المساحة واختلاف التضاريس. ففي الشمال الشرقي يكون الجو شديد البرودة معظم فصول السنة, ميالا إلى الدفئ في فصل الصيف , بينما يسود الجو الحار الماطر في الجنوب طول العام , وفي الجزء الأوسط من شمال الصين يكون الجو شديد البرودة في فصل الشتاء , وتصل درجة الحرارة فيه إلى 35 درجة تحت الصفر , في الوقت الذي تصل فيه درجة الحرارة إلى 35 درجة فوق الصفر في فصل الصيف , وفي المناطق الشرقية الساحلية تظهر الفصول الأربعة بوضوح , وفي المرتفعات الشمالية تتواجد الثلوج بصفة دائمة.
وقد تظهر الفصول الأربعة في مساحة محددة من الأرض , ففي جزيرة "يونان" تغطي الثلوج قمم الجبال, في الوقت الذي تنعم السهول بجو ربيعي خلاب , بينما يكون الصيف ضاربا أطنابه على الساحل.
والصين تقع في نطاق تأثير عواصف "الميسون" في شهر سبتمبر وشهر أكتوبر , وحتى مارس وأبريل , هذه العواصف القادمة من سيبريا في روسيا وصحاري منغوليا تحمل معها الهواء البراد إلى الصين , وتتناقص برودته كلما أوغل في البر الصيني باتجاه الجنوب, حتى أن الفرق في درجة الحرارة بين الشمال والجنوب يصل إلى نحو 40 درجة مئوية,كما أن عواصف "الميسون" تهب من المحيط في الصيف , حاملة معها الكثير من الفيضانات. والأمطار المتساقطة تتباين بين الشمال والجنوب , فبينما تصل إلى 1500ملم في الجنوب نجد أنها لا تزيد عن 500 ملم في الشمال.
والمروج الخضراء تمثل أكثر من خمس مساحة الصين , ويقع 60% منها في منغوليا الداخلية , وهي تمتد لتشمل إقليم " شينجيانغ",الذي يتمتع بالحكم الذاتي,وكذلك "تشينغهاي", وقد ساعدت هذه المناطق,والزائر لتلك المناطق سيشاهد الخيول البرية التي تسرح بين تلك المروج الخضراء,مستمتعة بما حباها الله من نعيمه , كما أنه سيرى الإبل ذات السنامين تمشي الخيلاء في تلك الربوع الباهية , دون أن يستخدمها أصحابها للترحال , كما هو شأن سكان البوادي في البلاد العربية والأفريقية , فقد اعتادت بادية الصين-إن صح التعبير- على قصر الانتفاع بها على شرب لبنها وبيع جلودها. كما يمتع الرائي ناظريه بقطعان الخراف , قد اكتسى غالب جسمها بتلك الأعشاب الخضراء اليانعة , وهي متناثرة في كل بقعة من تلك المروج , وعلينا أن ندرك أن تلك المروج ما تلبث أن تتحول إلى فياف قاحلة عندما يحل فصل الشتاء,وتبدأ الوراق بالاصفرار والذبول , وعلى تلك الحيوانات أن تتحمل درجات حرارة قد تنخفض إلى ما دون 30 درجة تحت الصفر. وفي الواقع فإن لحوم هذه الأغنام ذات مذاق شهي ومميز , إضافة إلى ما يقال عن فوائدتها الصحية , لكونها تتغذى على نباتات عشبية مفيدة وكما تصنع من جلودها الملابس والفراء, وعلى هضبة التبت تعيش الأغنام المنغولية ذوات الذيل الذي يبلغ وزنه نحو 10 كيلو جرام إضافة إلى أنواع خاصة من الحيوانات المتأقلمة مع البيئة الجبلية القاسية . ويوجد بالصين أكثر من2091 نوعا من الحيوانات الفقرية التي تعيش على اليابسة , وهذه تمثل نحو 10 % من إجمالي مجموعتها في العالم , وتعيش في الصين أنواع من الحيوانات النادرة مثل البندا العملاقة , والقرد الذهبي, والأيائل البيضاء الشفاه, والدلفين البحري, كما أن أنواع النمور الثلاثة متواجدة و غير أن بعضها آيل للانقراض,وهناك جهود تبذل للمحافظة عليها. وفي الصين نحو 1186 نوعا من الطيور تمثل 13.5% من إجمالي الأنواع الموجودة في العالم , وبعضها من الطيور المهاجرة التي تحط في الصين فترة من الزمن أثناء هجرتها من المناطق البرادة في روسيا , وغيرها من دول الإتحاد السوفيتي السابق , وشمال الصين , و بعضها من الطيور النادرة.
وتغطي الغابات مساحات كبيرة في الجنوب , والجنوب الغربي, والشمال الشرقي , وتتكون من أنواع عديدة من الأشجار التي تتناسب مع التربة والمناخ مثل الصنوبر والحور والسنديان , كما يوجد عدد من الأشجار النادرة مثل السرو الأحمر " والسكويا". والغابات التي تقع في الشمال الشرقي من الصين تتحمل درجات الحرارة المنخفضة وهي أقل اخضرارا من تلك الواقعة في الجنوب الصيني. أما تلك الواقعة في الجنوب فإنها دائمة الخضرة نظرا لاستمرار تساقط الأمطار طول العام , ولارتفاع درجات الحرارة, وتتم الاستفادة من تلك الغابات في الحصول على الخشاب التي تستخدم محليا , كما يتم تصدير الفائض منها إلى الأسواق العالمية , وبعض تلك الأشجار تستخدم أوراقها وجذورها غي الأودية الشعبية شائعة الاستخدام في الصين . غير أن هناك قوانين للحد من الاستغلال الجائر لتلك الثروة الطبيعية الهامة.
السكان
توزيع السكان: تعتبر الصين أكثر دول العالم سكانا , حيث يقطنها ما يزيد عن 1250 مليونا من البشر, يمثلون في مجملهم خمس عدد سكان الكرة الأرضية , ومع هذا العدد الكبير فإن زائر الصين , سوف يلاحظ كثافة سكانية محدودة في المدن, وذلك بفضل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في السابق للحد من هجرة سكان الريف إلى المدن , فقد كان الانتقال من منطقة إلى أخرى , بل من مدينة إلى مدينة داخل المنطقة نادر الحدوث , وفي حدود ما قد تستوجبه ظروف معينة , إضافة إلى أن الصينيين في المناطق الغربية والوسطى قد اعتادوا عبر الأجيال المتعاقبة على البقاء في ديارهم, وعدم الترحال من منطقة إلى أخرى , فالمجتمع هناك ينظر إلى الانتقال عن الأرض إلى غيرها تفريطا في أرض الأجداد , وهو فعل يعاب فاعله . لكن معظم الصينيين يقطنون في شرق الصين وجنوبها بمحاذاة السواحل , حيث تصل الكثافة السكانية في تلك المناطق إلى نحو 360 نسمة في الكيلومتر المربع الواحد , وتظل منخفضة عن أعلى معدل كثافة سكانية في العالم وهي منطقة غزة الفلسطينية . وفي المناطق الجبلية في الغرب والوسط ينخفض معدل الكثافة السكانية ليصل إلى نحو 10 أفراد في الكيلومتر المربع الواحد. لقد ارتفع عدد سكان الصين في ثلاثة عقود ارتفاعا كبيرا , حيث زاد العدد من 540 مليون نسمة في عام 1949 إلى نحو 800 مليون نسمة , وقد كان للحكومة آنذاك يد في تلك الزيادة , فقد كانت تشجع الشعب على الإنجاب رغبة منها في تعويض ما فقدته من أيد عاملة أثناء حرب التحرير , لكن تبين لها فيما بعد أن تلك الأفواه القادمة , تحتاج إلى المأكل والمشرب والخدمات , مما حدا بها أن تتخذ عدة إجراءات للحد من النمو السكاني, ومن ضمن تلك الإجراءات قصر الإنجاب على طفل واحد للأسرة الواحدة , مع السماح للأقليات بإنجاب طفلين , وقد يكون أكثر في حالات معينة , ومع هذا فإن النمو السكاني مازال مستمرا ولكن بنسبة أقل. ومن المتوقع أن يصل العدد إلى نحو 1500 مليون نسمة في عام 2025 , وإذا تم النمو المتوقع فإن عدد سكان الصين سوف يزيد بمقدار عدد سكان المملكة العربية السعودية عدة مرات . أي أن الضيوف الصينيين القادمين دون السابقين سيحتاجون ما يحتاجه الفرد السعودي من سبل العيش الصينية أضعافا مضاعفة . وتتوقع الأمم المتحدة أن ينخفض العدد السكاني انخفاضا طفيفا في علم 2050 , حيث سيبلغ ألف وأربعمائة وثمانون مليون نسمة , غير أن العقود القادمة ستكون حبلى بالكثير من التغيرات الاقتصادية والسياسية , التي ستعمل على تجاذب النمو السكاني ارتفاعا وهبوطا , طبقا للظروف السياسية والمعيشية السائدة خلال تلك الحقبة القادمة من الزمن , فالصين ماضية في سياسة الانفتاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي على العالم , وسيعمل ذلك على التحرر من سياسة تحديد النسل و مما يؤدي إلى زيادة في نسبة الولادة , في الوقت الذي ستعمل فيه الظروف الاقتصادية على تغيير نمط الحياة للشعب الصيني , مما يعمل على الحد من الرغبة في الإنجاب , وستكون الزيادة أو النقص بمقدار غلبة احد العاملين على الآخر.
عند الحديث عن الكثافة السكانية في الصين يتبين للمرء كثير من المتناقضات , فكثافة السكان في عموم الصين تبلغ نحو 110نسمة في الكيلومتر المربع الواحد, بنما تبلغ نحو 330 في اليابان , أي أن الفرد الصيني الواحد يحظى بأكثر من ثلثي ما يحظى به نظيره الياباني من الأرض و بل أكثر مما يحظى به نحو 90% من الصينيين أي أكثر من ألف مليون من البشر لا يسكنون إلا في 35% من الأرض الصينية , وذلك بسبب جغرافية الأرض الصينية , التي تحول دون انتشار هذا العدد الهائل , بمقدار متساو في هذه البقعة الشاسعة, مما جعل الكثافة السكانية لمعظم الصينيين تبز كثيرا من الدول , حيث تصل إلى 354 فرد في الكيلومتر المربع الواحد , ومما يزيد المرء انبهارا أن هؤلاء التسعين في المائة, فهناك 130 مليون صيني أي10 % من عدد السكان يعيش في 47000كيلومتر مربع من الأرض فقط , أي في ما يقارب 0.5% من الأرض الصينية وهي نسبة تدعو إلى الاستغراب , ولهذا فإن متوسط الكثافة السكانية في بعض المدن الصينية مرتفع جدا , حيث يصل إلى 2428 فردا في الكيلومتر المربع الواحد . وبينت الإحصاءات أيضا أن 50 % من الصينيين يعيشون في 778000 كيلومتر مربع من الأرض , أي في ما يساوي 8.2 % من إجمالي مساحة الصين , أي بمقدار كثافة سكانية قدرها 740 فرد في الكيلومتر المربع الواحد , وعلى النقيض من ذلك فإن تلك المساحات الشاسعة من الأرض الصينية المتبقية ذات كثافة سكانية محدودة تتراوح بين فردين للكيلومتر المربع الواحد كما في التبت , و19 فردا في الكيلومتر المربع الواحد في منغوليا الداخلية , وفي الواقع فإن عدد القاطنين في هذه الفيافي الشاسعة والجبال العالية ذات المنحدرات الحادة لا يتجاوز3.6% من إجمالي عدد السكان .
إن العوامل المناخية والطبوغرافية وحدها المسؤولة عن تركز السكان في شرق الصين , رغم أهمية أثرها البالغ , بل إن سبل المواصلات البرية والنهرية تلعب دورا مهما في ذلك , ففي الشرق تتوفر الأنهار , كما تتوفر شبكات طويلة وجيدة من الطرق المعبدة , مما يسهل نقل الأفراد والبضائع , بينما مازال الغرب الصيني في حاجة لمثل هذه الخدمات , وقد تنبهت الحكومة الصينية المركزية في الوقت الحاضر لذلك , وبدأت في وضع برنامج لتنمية الغرب. وعامل آخر من عوامل تركز السكان في الشرق, وهو أن ضفاف الأنهار في الشرق كانت مهدا للحضارة الصينية , ولذا كان التكاثر في الشرق عبر القرون أكثر منه في الغرب.
في سياق الحديث عن التوزيع السكاني في الصين , جدير بنا أن نتحدث بصفة موجزة عن الأمن الغذائي في هذه البلاد التي تحتوي22% من سكان المعمورة , في الوقت الذي ر يصلح للزراعة من أرضها الشاسعة سوى 11% فقط , بينما لا يزرع غير 7% . لقد أسهب العلماء والمحللون في الحديث عن هذا الموضوع الهام , ومنهم من يرى أن قطعة محدودة من الأرض يمكنها أن توفر الغذاء لعدد محدود من البشر , وأن أي زيادة عن ذلك الحد لا بد لها أن تفضي إلى مجاعة, يموت نتيجة لها عدد من الناس ليحدث التوازن بين الإنسان والغذاء , وقد أثبتت الأيام عقم هذا القول , فالإنسان بطبعه يستطيع أن يؤقلم نفسه بالادخار أو التقليل من اٌستهلاك , ليتناسب مع ما هو متاح بشكل لا يتفق مع نسبة محددة بين الإنسان والأرض ,إلا أن المجاعة قد تحدث في ظل الكوارث البينية الناتجة من المناخ, أو من فعل الإنسان.وفي الوقت الحاضر فإن هذا القول لم يعد قائما , فالتقنية الحديثة كفيلة بالرفع من إنتاجية الوحدة الواحدة من الأرض , وتسهيل جلب الماء وتحسين التربة , إضافة لإلى قدرة الإنسان على استيراد ما يحتاجه من غذاء في حالة الضرورة , وتوفر المبالغ اللازمة. فهناك دول ذات بيئة زراعية فقيرة, غير أنها تتمتع بمستوى غذائي مرتفع, مثل المملكة العربية السعودية , واليابان , وكوريا الجنوبية ,وسنغافورة. فالممكلة العربية السعودية كانت تنتج نحو سبعة ملايين طن من المحاصيل وتستورد مثلها , واليابان أنتجت من المحاصيل 13.4 مليون طن , واستوردت نحو 26.8 مليون طن في عام 1995 , وكوريا الجنوبية أنتجت 12.4 مليون طن , واستوردت نحو 6.9 مليون طن في نفس العام.
والصين قبل التحرير عانت الكثير من المجاعات,فقد عانى80 % من سكانها من مجاعات بدرجات متفاوتة في أزمنة مختلفة عبر تاريخها المديد , نتيجة لعوامل طبيعية وأخرى من صنع الإنسان , وقد كان إنتاج الصين من المحاصيل عند إنشاء الجمهورية نحو 1000 كيلوجرام للهكتار الواحد, ونصيب الفرد من المحاصيل لم يتجاوز 210 كيلوجرام في العام الواحد. وعبر المثابرة و والعمل الدؤوب فإن الصين اليوم قادرة على توفير الغذاء الكافي لما يناهز 22 % من سكان المعمورة, مع أن مساحتها المزروعة لا تتجاوز 7% من إجمالي مساحة الجمهورية . والصين الآن تعتبر أكبر دول العالم إنتاجا للمحاصيل ووصل إنتاج الفرد فيها إلى نحو 380 كيلوجرام في عام 1995 وهو معدل يفوق المتوسط العالمي , كما أن إنتاج اللحم , والمنتجات البحرية,والبيض , والفواكه , والخضروات بلغت نحو 41 كيلوجرام , و21 كيلوجرام , 14 كيلوجرام , و35 كيلوجرام , و198 كيلوجرام بالترتيب. وهذا يفوق المعدل العالمي,والواقع أن الصين في حقبة محدودة من الزمن لم توفر الغذاء فحسب, بل إن أبناءها استطاعوا الرفع من مستوى التغذية لدى الغالبية العظمى من السكان , مما أدى إلى الرفع من مستوى المعيشة بشكل عام . وللدلالة على ما وصلت إليه الصين من تقدم في مجال الإنتاج الزراعي يجدر بنا الإشارة إلى أن 30 % من إجمالي الزيادة في الإنتاج العالمي من المحاصيل في عام 1980 كان من نصيب الصين. لكن بعض المحللين يرون أن المياه وليست الأرض ستكون المحدد الفعلي لزيادة الإنتاج الزراعي والاستمرار فيه, ولاسيما في الجزء الشمالي من الصين, فهناك مساحات كبيرة من المناطق الزراعية في شمال الصين قد وصلت إلى الحد الأعلى من استخدام مياه الأمطار المتساقطة, لدرجة لا يمكن معها زراعة المزيد, ولهذا فلابد من استخدام أساليب ري حديثة, والاستفادة من مياه الصرف , واستغلال بعض المتكونات المائية ذات الطاقات الكافية والنوعية الجيدة من المياه.
الواقع أن الصين اليوم قادرة على إطعام نفسها بإنتاج ما تحتاجه من المحاصيل الحقلية مثل الأرز, والذرة , في ظل ما هو متاح لديها من عناصر إنتاجية مثل الأرض , والمناخ , واليد العاملة , والتقنية الحديثة من آلة , وبذور , وأسمدة , وأساليب ري. غير أن الميزة الربحية لبعض المنتجات الزراعية مثل بعض الخضروات والفواكه وغيرها قد تعمل على إحلالها محل المحاصيل الحقلية وكما يمكن الاستفادة من المبالغ المحصلة من تلك المنتجات في استيراد ما قد يحدث من نقص في إنتاج المحاصيل الحقلية.
ولهذا فإن نظرية الاكتفاء الذاتي من جميع المنتجات الزراعية لم تعد ممكنة في ظل العولمة , وتوفر وسائل النقل الحديثة , وهيمنة قوانين منظمة التجارة العالمية التي تتمتع الصين بعضويتها.
إن مشكلة الصين ليست في قدرتها على إطعام نفسها من عدمه, فهذه مرحلة قد تم تجاوزها , لكن المشكلة تمكن في احتمال تغير النمط الغذائي للشعب الصيني في ظل زيادة معدل الفرد,فالزيادة في الدخل ستدفع الكثير من الصينيين إلى استهلاك الكثير من اللحوم على حساب المحاصيل , وعندما ندرك أن إنتاج الكيلوجرام الواحد من اللحم, يحتاج إلى ستة كيلوجرام من الأعلاف, سيتضح مدى الحاجة الكبيرة إلى الإمعان في المشكلة التي قد تتجاوز حدود الصين إلى العالم أجمع, فعدد السكان في الصين سيبلغ نحو مليار وثلاثمائة مليون من البشر , وعندما يتحول هذا العدد الهائل إلى استهلاك اللحوم بدلا من الأرز والخبز والذرة, فإن الطلب على الأعلاف اللازمة لتغذية الحيوان سيكون كبيرا , قد تعجز الصين عن تلبيته, بل قد يعجز العالم بأسره عن ذلك. والواقع أن التطور الهائل الذي ستشهده الصين سيعمل على تقليل المساحة الزراعية وذلك باستغلال جزء من الأراضي الزراعية للاستفادة منها في الإنتاج الصناعي والخدمة , في الوقت الذي ستعمل فيه التقنية الحديثة على رفع إنتاجية الوحدة الواحدة من الأرض المزروعة , كما أن التحول إلى زراعة المنتجات ذات القيمة العالية , سيعمل على الحد من المساحات المزروعة بالمحاصيل , وبين هذا وذاك يمكن أن تكون المحصلة إيجابية,إلا أنم تغير النمط المعيشي والتحول إلى استهلاك المزيد من اللحوم سيكون العامل المؤثر في التوجيهات الإنتاجية الزراعية في العالم.
إن هذه التحولات الاقتصادية في الصين , ستعمل على إعادة التوزيع السكاني طبقا للتغيرات التي قد تنجم عن هذا التحول , فقد تنشأ صناعة ناجحة في منطقة غير مأهولة , فتعمل على جذب عدد من السكان من مناطق أخرى,كما أن استخدام التقنية الحديثة سيعمل على إنتاج الكثير من المنتجات التي كان يتعذر إنتاجها في مناطق معينة مما يعد وسيلة جذب أخرى لهذا العدد الهائل من البشر القاطن في مساحة محدودة من الأرض.
القوميات
1-قومية"هان":
تتميز الصين عن سائر بلاد الدنيا قاطبة بتجانسها البشري الواضح, رغم كثرة عدد سكانها, ووجود 56 قومية بها , والفضل في ذلك يعود إلى قومية " هان" الكبيرة, التي تشكل حسب الإحصاءات الرسمية ما يزيد عن 90 % من عدد السكان, أي أن هناك نحو مليار و مائة مليون نسمة من عرق واحد, وهذا يعني تجانسا بين 20 % من سكان كوكبنا, وهذا التجانس لا يقتصر على العرق فحسب, بل يتعداه إلى التجانس في اللغة والتاريخ والثقافة وأسلوب التفكير, فاللغة الصينية " المندرين" في اللغة السائدة كتابة في عموم الصين ولدى جميع القوميات, مع احتفاظ بعض القوميات بلغتهم الخاصة. وقومية " هان" الكبيرة والكثيرة العدد تتحدث وتكتب لغة " المندرين" , مع وجود نسبة من أفراد هذه القومية تتحدث لغة" الكونتينير" , السائدة في الجنوب , وهي لغة تختلف عن لغة " المندرين" في اللفظ, وتتوافق معها في الكتابة, ولذا يمكن اعتبارها لهجة خاصة بأبناء جنوب الصين, ومثلها لهجة " شنهاي" , وغيرها هنا وهناك. وتتواجد قومية " هان" في كل أنحاء الصين, لكنها تتركز في المناطق دون أخرى , ولاسيما في السهول الشرقية , والشمالية الشرقية, ووسط الصين , و على ضفاف النهر الأصفر مهد الحضارة الصينية العريقة, ونهر اللؤلؤ , ونهر " اليانجسي".
وقومية " هان" شأنها شأن معظم القوميات الأخرى , ذات أصول منغولية صفراء, مما يضفي مزيدا من التجانس والتماثل بين قومية "هان" ومعظم القوميات الأخرى, والواقع أن قومية " هان"تعتبر مزيجا من القوميات المحلية القديمة التي انصهرت مع بعضها البعض لتشكل هذا النسيج المتجانس مع البشر , فقد كان هناك عدد من القبائل الرحل في الأرض الصينية الواسعة , ومن ضمن هذه القبائل الاستقرار مبتغاها , فأضحت من أوائل القبائل المستقرة, وكان استقرارها على ضفاف النهر الأصفر والسهول الشمالية الشرقية ,وما لبثت هذه القبيلة أن كونت ثقافة خاصة بها , أصبحت فيما بعد مثار إعجاب قبائل أخرى ,فانصهرت معها مكونة قومية " هان" الحالية, وخلال السنين المتعاقبة في الألفي سنة الماضية , تعرضت مناطق تواجد هذه القومية لعدد من الهجمات القادمة من الشمال والمخترقة للسور الذي تم بناؤه من قبل قومية " هان" على مر العصور , ومن ضمن هذه الموجات كانت قبائل " الهيون , والمنغولين , والمنشوريين" , الذين استطاعوا السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي , مما حدا ببعض أفراد هذه القومية إلى النزوح نحو الجنوب , غير أن هذه القوميات القادمة من الشمال ما لبثت أن استقرت مكونة قومياتها الخاصة بها , مع اندماج معظم أفرادها مع قومية هان الكبيرة. والواقع أن هذه الموجات من القوميات الأخرى عملت على إضافة المزيد من المعارف إلى ما كان متوفرا من حضارة سائدة. كما أن قومية " هان" استطاعت أن تتعايش مع القادمين وأن تصهرهم في بوتقتها, وكان آخر تلك الأقليات القادمة من الشمال " المنشورين" الذين ظلوا يحكمون الصين نحو 270 سنة , حتى تم إقصاؤهم من قبل الحزب الوطني عام 1911 للميلاد بقيادة الدكتور" صن يات سن". وهناك من يقول أن اسم " هان" لم يطلق على هذه القومية إلا في عصر إمبراطورية " هان" التي حكمت الصين نحو أربعمائة عام , وقبل فقد كان اسم تلك القومية " هاوزيا" أو " زازيا".
إن الزائر للصين يستطيع التمييز من حيث الشكل بين قومية هان وبعض القوميات الأخرى , مثل " اليوغور" , والطاجك,والمنغوليين" , لكنه قد يقف عاجزا عن إدراك أي تباين بين هذه القومية الكبيرة وبين بعض القوميات مثل قومية " منبا, و جينوة , و هاني ., و لاخو" وغيرها , لكن التباين قد يبدو واضحا في الرقص والأكل والغناء.
ومعظم أفراد قومية " هان" لا يؤمنون بدين , غير أن بعضا منهم يؤمن بالبوذية , وقليل يدينون بالإسلام, وأقل من ذلك يعتنق المسيحية , كما أن البعض منهم متأثرون بتعليم "كنفوشس" , وعددا أقل بالتعاليم "الطاوية ", " و البوذية".
والإسلام الذي دخل الصين في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه , جذب عددا من الصينيين إلى اعتناقه , بفضل العرب والفرس الذين قدموا إلى الصين للعمل في المجال التجاري , وقد كون هؤلاء الوافدون مع جماعات من قومية " هان " قومية جديدة في الصين تسمى قومية " خوى" , كما أن عددا من قومية " هان" اعتنق الإسلام في الفترة الخيرة , مع احتفاظهم بقوميتهم" الهانية".
وتستمد قومية " هان" معظم سلوكياتها من " الكنفوشيسية " , والتي تعتبر الأساس لثقافة " هان" , وهي فلسفة أخلاقية جلها حميد , وأسها سلوكيات الإنسان وأخلاقياته , وتربية النفس البشرية على الفضيلة , وقد نقل عن ط كنفوشس" قوله إن الفضائل الخمس هي : " فعل الخير ,الإخلاص , العدل , الاحتشام, الحكمة" انتهى , ولهذا فقد تشرب الكثير من الصينيين بهذه الفضائل , حيث أنها بقيت تتوارث جيلا بعد جيل , وخصوصا هذه القومية التي جعلت تعاليمه أساسا للتعامل الفردي والجماعي , كما أن من أخلاقيات هذه القومية طاعة الوالدين, والحرص على تنفيذ توجيهاتهم.
وكان الزواج لدى هذه القومية يتم عن طريق الوالدين,حيث كانت الأم تبحث لولدها عن زوجة مناسبة, وبعد موافقة والد الخطيبة و والدتها , يتم تحديد يوم الزواج وكيفيته , والأمور المالية والاجتماعية اللازمة دون تدخل من العروسين قبل ليلة الدخول بها, بأمل أن يكون ذلك فألا حسنا لحياة زوجية ناجحة , وكان يمكن للمرأة والرجل الزواج في سن مبكر , طالما أن والدي الزوج والزوجة قد قرروا ذلك , ويمكن للزوجين السكن مع أهل الزوج , أو الزوجة , أو بمفردهما , أما إذا كانا صغيري السن, في سن الثالثة عشر مثلا, فإن السكن في منزل الوالدين هو الغالب , ولم يعد هذا الأسلوب في الزواج قائما في الوقت الحاضر , بعد انفتاح الصين على العالم الخارجي , وتأثرها بالثقافات الأخرى, ولاسيما الغربية. كما أن الرجل هو سيد البيت , والمرأة عليها طاعته, وتنفيذ توجيهاته دون جدال, وكانت تنحصر وظيفة الزوجة في تربية الأطفال , وتجهيز الطعام , والقيام بما تتطلبه العمال المنزلية اليومية , بينما على الرجل القيام بالعمل خارج المنزل لتوفير سبل العيش الكريم, وهذا النمط من الحياة الزوجية, قد تغير مثل سابقه , وما يلحظه المقيم في الصين من سلوكيات حميدة قد يكون مرد جزء منه لإلى تلك التعاليم , إضافة لإلى الثقافات الأخرى التي ارتوت من معينها قوميات الصين المختلفة, وإلى الأخلاقيات الحميدة التي جبل عليها الشعب الصيني الكريم, وعموما فقد تأثر بهذه الثقافة أو بعضا منها معظم أبناء القوميات الصينية الأخرى, مما ساعد على انسجام هذه القوميات الصينية المختلفة. ومعظم أبناء قومية " هان" لا تدين بدين معين في الوقت الحاضر.
وليس لقومية " هان" رقصات أو موسيقى خاصة بها , بل هي مزيج مما لدى القوميات الأخرى , إضافة إلى ما وفد إليها في الفترة الانفتاحية الحالية من تأثر واضح بالغرب. وقومية " هان " تستلذ كل أنواع الأطعمة المعتادة وغير المعتادة, فيمكن أن تتنوع الموائد من لحوم الأغنام والأبقار إلى جميع أنواع الحشرات والزواحف. وهي في الجنوب "أكثر تنوعا منها في الشمال, غير أن لحوم الغنام غير مستساغة في الجنوب , بينما تشكل اللحوم البحرية طبقا رئيسا على الموائد في تلك المنطقة , وهناك تباين واضح في الموائد الصينية لقومية "هان" بين الشمال والجنوب , ففي الشمال يعتبر الخبز غذاء رئيسا على الموائد في تلك المنطقة , وهناك تباين واضح في الموائد الصينية لقومية " هان" بين الشمال والجنوب,ففي الشمال يعتبر الخبز غذاء رئيسا ,بينما في الجنوب لا تخلو الموائد من الأرز , مع إضافة شيء من السكر على معظم أنواع المأكولات, أما في أقصى الشمال فإن للبطاطس حضور جيد, وهذا عائد إلى التأثر بالأطعمة الروسية . والثوم والسمك عنصران رئيسان لا تخلو الأطباق الصينية منهما. والثوم يؤكل نيا ومطبوخا , ولا شك أن رائحته ستنتشر عبقها على الحاضرين , ليسعد بها المحبون له, أما أولئك غير الراغبين فيه, مثلي, فما عليهم إلا الصبر والاحتساب, ورائحته لا تتوقف عند أثرها المباشر, بل تخترق الجسم لتنبعث منه مرة أخرى , والأجر على قدر المشقة , والثوم لا يقتصر على الموائد الصينية فحسب, بل تستخدمه جميع شعوب العالم في موائدها , ومنها العربية. ويشرب الهانيون كثيرا من الشاي الصيني المشهور و اللذيذ , والذي يشتمل على أنواع كثيرة ومتخصصة , فهناك اعتقاد أن لكل نوع من أنواع الشاي تأثير إيجابي على الصحة العامة يختلف عن مثيله , وأغلبهم يعتقد أن الشاي الأخضر يحوي فوائد جمة , ولهذا فإن الزائر للصين سيجد أن سائق التاكسي يضع بجانبه حافظة لحرارة مليئة بالشاي الذي لا يتوقف السائق عن شربه. وطراز البناء الذي تستخدمه هذه القومية هو ذلك الطراز الصيني المعروف والمميز, لكن المواد المستخدمة في البناء تختلف طبقا للمناطق المختلفة , ففي الشمال حيث تكثر الجبال فإن في الجنوب حيث تكثر الجبال فإن المواد المستخدمة في البناء تكون في الغالب من الحجر , أما في الجنوب حيث تكثر الغابات والأخشاب فإن خشب الزان يستخدم بكثرة في البناء والتجميل الداخلي , ويحبذ الهانيون القاطنون في شمال الصين منازل ذات أبواب ونوافذ كبيرة للمساعدة في التهويه , وعموما فإن الهانيين يفضلون الألوان البيضاء و والرمادية , والحمراء , والصفراء.
2-قومية"خوى" :
قومية خوى قومية رئيسة وفاعلة ومؤثرة في الثقافة الصينية , وقد نشأت هذه القومية في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه , كما تشير أغلب المصادر , ويعتقد أن جذور هذه القومية أبعد من ذلك , حيث تكونت مع بداية التبادل التجاري بين العرب والفرس من جهة , والصين من جهة أخرى قبل ظهور الإسلام , حتى وإن لم تأخذ الاسم نفسه , وبعد ظهور الإسلام , وقدوم أعداد اكبر من التجار العرب والفرس المسلمين, واستقرار البعض منهم في الصين , بدأت تظهر صبغة خاصة لهذه القومية , فقد ترسخ اسمها ( خوى خوى ) , وقد يكون الاسم مأخوذ من الكلمة العربية ( إخوان إخوان ) أي إخوان مسلمون مع شيء من التصحيف . وبالرجوع إلى قواميس اللغة الصينية تبين أن لفظ كلمة ( خوى ) تحمل معان كثيرة منها كلمة : يعرف , وم ؤتمر , ويشرب , ويلتقي , ويمكن , واتفق , ويزور , ويفهم , ويدفع , ويلزم . كل هذه المعاني يمكن الاستدلال عليها بلفظ كلمة( خوى ) , غير أنها جميعها تختلف عن بعضها البعض في الكتابة , كما هو المعتاد في اللغة الصينية , التي يكثر فيها التطابق اللفظي , والتعرف على المدلول من السياق العام للجملة , مع تباين في الكتابة للدلالة على كل معنى على حدة . فالكتابة الصينية في أساسها تعتمد على الشكل للاستدلال على المعنى مستمدة ذلك مما يوجد في الطبيعة من مخلوقات , مثل أشكال الحيوانات , والأشجار , والمياه وغيرها , أما كتابة كلمة ( خوى ) الدالة على المعنى المقصود لقومية ( خوى ) فإنها ترسم بشكل مربع بترحال قومية خوى , وعودتهم أثناء قيامهم بالتجارة بين الصين من جهة , والعرب الفرس من جهة أخرى , عن طريق الحرير البري والبحري , أما بعض العلماء المسلمين في الصين فقد رأوا أن هذا الشكل الدال على معنى العودة والذي استخدم للدلالة على قومية ( خوى ) المسلمة إنما هو الشكل دال على مفهوم جملة ( إنا لله و إنا إليه راجعون ) , التي يكررها المسلمون في حياتهم اليومية , وهذه اجتهادات قد تكون صائبة أو تكون غير ذلك,إلا أنها ذات دلالات هامة لهذه القومية ,’ التي ظلت محتفظة بهويتها لمدة تقارب ألف وأربعمائة عام رغم انقطاعها عن التواصل مع العالم الخارجي لمدد غير يسيرة من الزمن. وتتميز قومية " خوى " عن سائر القوميات الأخرى بانتشارها في جميع مناطق الصين المختلفة ,فلا يوجد مدينة أو قرية , أو جبل أو سهل , إلا وفيها عدد من قومية " خوى " قل أو كثر.
والواقع أن لفظ كلمة " خوى " أصبح يطلق على المسلمين الصينيين , رغم أن بعض قومية " هان " قد اهتدى إلى الإسلام ,كما أن عددا قليلا من أبناء قومية " خوى " قد تخلى عن دينه لسبب أو لآخر.
وتتميز قومية " خوى " بامتناع أفرادها عن أكل لحم الخنزير, وقد يكون هذا الامتناع سببا رئيسيا في احتفاظها بهويتها عبر القرون المتعاقبة ,فالبعض منهم قد لا يعرف الشعائر الدينية الإسلامية , ومن ثم لا يمارسها , إلا انه يظل ممتنعا عن أكل لحم الخنزير بصورة قاطعة لا لبس فيها , ولهذا فإن زائر الصين سيجد في كل مدينة وقرية وناحية مطاعم إسلامية , لا يقدم فيها لحم الخنزير , مع وجود معظم الأطباق الصينية المختلفة.
وتتمتع قومية خوى بالحكم الذاتي في بعض المناطق والولايات والمحافظات , فهناك واحدة ذات حكم ذاتي , و ولايتين وثمان محافظات تتمتع بحكم ذاتي أيضا . ومنطقة " نينغشيا" ذات الحكم الذاتي لقومية " خوى " تبدو فيها المظاهر الإسلامية جلية , في كثرة المساجد , وثقافة الناس وتعاملهم . وقد أصبحت هذه المنطقة ذات حكم ذاتي في 25 أكتوبر عام 1985 وعاصمتها مدينة " ينتشوان" , وتعتبر إحدى المدن الصينية الثقافية المشهورة , وهي تقع على سفح جبل " خهلان" وتطل على النهر الأصفر , ويعود تاريخ هذه المدينة إلى عام 678 ميلادي وكانت تسمى محافظة " هواييون" , ثم تحول اسمها إلى " شينغتشو" عام 1020, وفي عام 1038 اتخذتها مملكة " شيشيا" عاصمة لها , وأطلقت عليها اسم " شينغتشنج" , واستمرت هذه العاصمة 189 سنة , ثم أصبحت مركزا سياسيا ل " لنشيا" في العهود اللاحقة , وعندما أقيمت مقاطعة " لينغشيا" عام 1929 تحول اسمها إلى اسم " نينغشيا" ثم تحول اسمها إلى "ينتشوان " عام 1949 . والواقع أن هذه المدينة تزخر بالآثار المرتبطة بالحقبة التي حكمت فيها مملكة " شيشيا" , وقد وفد إليها العرب والفرس حاملين معهم ثقافتهم , أثناء ترحالهم عبر طريق الحرير البري , واستوطن بعضهم هذه المدينة مكونين جزءا من قومية " خوى" , أما البعض الآخر من هذه القومية فقد وفد إلى الصين من عدة طرق , منمها طريق الحرير البحري , ولهذا فإن آثارهم في مناطق مثل " قوانغشو" , و" تشيوانتشو" , و " يانغشو" ,’ و " هانغتشو" مازالت عامرة , كما ان الإمبراطور " قبلاي خان" حفيذ " جنكيز خان" بعد أن غزا وسط آسيا وبلاد العرب والفرس , جلب عددا من أبناء تلك البلاد إلى الصين للمرابطة العسكرية , ولغرض الزراعة والري , وقد بقي معظم هؤلاء في الصين وتزوجوا مع قومية " هان" والقوميات الأخرى مضيفين حلقة أخرى من حلقات تشكيل قومية" خوى" المعروفة الآن , وقد امتزجت ثقافتهم بثقافة قومية " هان" , مما جعل أبناءها يهجرون لغاتهم الأصلية , ويستخدمون لغة " هان" , غير أن بعضا من رجال الدين المسلمين ظلوا عاجزين عن معرفة اللغة الصينية نطقا وكتابة , ولا سيما ما يخص النصوص الدينية , مما حدا بهم أن يستخدموا اللغة العربية لتدريس أبنائهم الذين لا يجيدون سوى اللغة الصينية , لهذا ظهر في الصين لغة عربية خاصة ليست سوى خليط من العربية والفارسية , وشيء من الصينية , وهي تختلف من مكان إلى آخر , متأثرة باللهجات المحلية السائدة في كل جهة من جهات الصين , وأصبح من العسير على بعض القاطنين في جهة , التفاهم مع الجهة الأخرى , وجرت العادة على تسميتها " اللغة الخاصة بالتعليم الإسلامي الصيني" , وهي تنقسم إلى نوعين يسمى أحدهما " جينغ تانغ يو" (اللغة الصينية المنطوقة الخاصة بالتعليم الإسلامي الصيني ) , والآخر " بشياو آر جينغ" ( اللغة الصينية المكتوبة الخاصة بالتعليم الإسلامي الصيني ) ولكن ترجمتها الحرفية تعني " كتب الأطفال المقدسة " وهي اللغة الصينية المكتوبة بالحروف الهجائية العربية الممزوجة بالمفردات الفارسية , وليس هناك تدوينات خاصة بتاريخ ظهورها, ويبدو أن هذه التسمية ترتبط بأبناء المسلمين الذين كانوا يدرسون الكتب الإسلامية العربية والفارسية, وكان هؤلاء الأطفال الناطقون باللغة الصينية الدارجة في الصين , والذين لا يحسنون الكتابة باللغة الصينية , يلجأون إلى كتابة بعض الألفاظ التي يجيدون نطقها باللغة الصينية بأحرف عربية , فكانوا كلما صادفوا كلمات أو عبارات صعبة الحفظ في مجرى قراءاتهم النصوص العربية أو الفارسية , قاموا بشرحها مستفيدين من الألفاظ الصينية المكتوبة بالحروف العربية , شانهم في ذلك شأن دارسي اللغات الأجنبية من لغتهم الأم في شرح الكلمات الجديدة عليهم, ولأن هؤلاء الأطفال كانا أول من اتخذ اللغة الصينية المهجاة بالحروف العربية , وسيلة مساعدة في دراستهم , فمن المنطق أن تنسب إليهم . أما كلمة " جينغ " في المصطلح " شياو آر جينغ" فتحمل معنى " الكتب المقدسة" , وهو تعبير خاص في الحضارة الصينية التقليدية . ومعروف أن كلمة كتاب في اللغة العربية يشار بها إلى كل أنواع الكتب , سواء كانت مقدسة أو غير مقدسة . لكن الصينيين من عادتهم أن يسموا الكتب المقدسة " جينغ" ويسموا الكتب العامة " شو" , وبعد دخول الإسلام إلى الصين اعتبر المسلمون الصينيون القرآن الكريم والحديث الشريف من قبيل" جينغ",واعتبروا سائر الكتب من قبيل " شو" متأثرين بالتقاليد الصينية. ولما تحولت اللغة العربية واللغة الفارسية إلى لغتين خاصتين بالدين في الصين , ومع مرور الزمن اختلط مدلول"جينغ" ومدلول" شو" بالتدريج لدى المسلمين الصينيين, حتى اعتبروا جميع الكتب العربية والفارسية من قبيل كتب "جينغ" سواء كانت مقدسة أو غير مقدسة,كما اعتبروا جميع كتب الصين من قبيل " شو" , وعليه فقد استمر هذا المسمى حتى وقتنا الحاضر. وعموما فقد لعبت هذه اللغة دورا كبيرا في نشر الإسلام في الصين , في وقت كان فيه كثير من الأئمة يجهلون اللغة الصينية , لكنها الآن أصبحت أثرا بعد عين بعد أن أصبح الأئمة الصينيون قادرين على قراءة الكتب الصينية وكتابتها.
3-قومية "جوانغ":
تعتبر قومية " جوانغ" أكبر الأقليات في البر الصيني طبقا للإحصاءات الرسمية, وتقع معظمها في منطقتي"قوانغشي" و "يونان" , ويبلغ عدد هذه القومية نحو 17 مليون نسمة طبقا لبعض الإحصائيات , ويعيش نحو 91 % من هذه القومية في الجزء الغربي من مقاطعة –قوانغشي- ذات الحكم الذاتي , والباقي مقسم على المقاطعات الأخرى ومقاطعة "جوانزي" تقع في الجزء الشرقي من البر الصيني وهي منطقة جبلية , ويقطن معظم هذه القومية في المرتفعات الشمالية من المقاطعة. والواقع أن المنحدرات والقمم التي تنساب بينها النهار تشكل منظرا جماليا خلابا, ولهذا فهناك قول متداول في تلك المنطقة يقول (( إن المناظر في "يانغشوه" هي الأفضل في " قويلين" )). وساحل هذه المنطقة يعتبر غنيا بالكثير من المنتجات البحرية ومنها اللؤلؤ الذي يعتبر الأشهر في الصين.
ومتوسط درجة الحرارة نحو 20 درجة مئوية , والجو دافئ في الشتاء لكنه شديد الحرارة في فصل الصيف , ولاسيما في الجنوب,وحيث أنها تقع بقرب خط الاستواء , لذا فإن المطر يتساقط بشكل دائم, مما جعل الأرض تكتسي حلة خضراء على الدوام , ولتواجد المطر الدائم والجو الدافئ فإنه أصبح من اليسير زراعة الأرز والذرة والموز وقصب السكر والمانجو. والجبال الممتدة من الشمال إلى الجنوب بمحاذاة الساحل الغربي غنية بالفضة والنحاس , والمنغنيز , والزنك , بالإضافة إلى الذهب , لكن هذه المنطقة تختص ببعض المنتجات التي تتميز بها, مثل بعض أنواع الشاي , والمشروم, والسمسم,وكذلك النباتات الطبية الخاصة بالطب الصيني.
وهذه القومية تعتبر من أقدم الأقليات العريقة والقديمة في الصين تحت أسماء مختلفة , لكنها أخذت هذا الاسم "جوانغ" قبل نحو ألف عام , وذلك في عهد أسرة "سونغ" , ولقد أصبحت منطقة هذه القومية تحت الحكم الصيني المركزي قبل نحو ألفي عام , منذ قام الإمبراطور الأول من أسرة " تشين" بتوحيد هذه المنطقة مع الصين المركزية عام 221 قبل الميلاد, وقد بدأ هذا الإمبراطور في ذلك الوقت بعمل قنوات الري المختلفة , كما شجع على نقل عدد من السكان من مناطق مختلفة إلى هذه المنطقة , مما ساعد على اندماج سكان هذه المنطقة مع الآخرين , كما أنه ساعد على الرفع من المستوى الثقافي والاقتصادي للسكان.
وفي القرون التالية , اندمجت كثير من القبائل مع بعضها , فشكلت مجموعات ذات نفوذ , استطاعت أن تعيش في رغد من العيش بامتلاك مساحات واسعة من الأراضي , وعدد من العبيد والخدم , وفي عصر أسرتي " تانغ وسونغ" تركز الاقتصاد على زراعة الرز , وتربية المواشي , واستخراج الحديد والنحاس , لكن المستوى المعيشي ظل أقل منه في بعض المناطق الصينية , حيث ظل العمل مقتصرا على الزراعات المحلية والصيد , وكان السكان هناك منقسمين إلى ثلاث طبقات هي : طبقة الملاك الإقطاعيين , وطبقة المزارعين , وطبقة العبيد , وقد أزيل هذا النمط من التقسيم في عصر أسرة " تشينغ" (1644-1911) , وهو تاريخ انتهاء الإقطاع في الصين.
وفي الغالب فإن القيادة لدى هذه القومية , والقوميات الصينية الأخرى , تقع على كاهل الرجل, ولهذا فقد تول الرجال الحكم في المنطقة لمدة ألف علم من حكم أسرة " تانغ" حتى حكم أسرة " تشينغ" إلا أن الأمر تغير فيما بعد , وفي عام 1851 قامت ثورة "تاي بينغ" , فانضم إليها عدد غير قليل من هذه القومية , مما جعل عددا منهم يتقلد مراكز قيادية في الجيش. وفي العصور اللاحقة شارك أبناء هذه القومية في الدفاع عن الصين ضد الغزاة , مثل مشاركتهم الفعالة في القتال ضد الغزو الياباني ,و الفرنسي , كما شاركوا في ثورة 1911 م.
كل قومية من قوميات الصين تتميز ببعض الثقافات والتراث , ومن ضمن تلك الثقافات اللغة , ولقومية " جوانغ" لغتها الخاصة التي يتحدث بها أبناء هذه القومية فيما بينهم , وهي تشابه في صفاتها اللغوية اللغة التبتية , ولقد حاول أبناء هذه القومية إيجاد حروف مكتوبة خاصة هم ونجحوا في ذلك في عصر أسرة " سونغ" عام (1127-1279) , لمن هذه الحروف لم يكتب لها النجاح والانتشار فخبت واستبدلت بالحروف الصينية.
واشتهر أبناء هذه القومية بفن الرسم , فقد عثر على لوح جصية على ضفاف نهر" زوجيانج" في أكثر من 50 موقعا , يزيد عمرها عن 2000 عام ,مازالت تزهو بألوانها.
أما الأسطوانات النحاسية فقد وجد منها الكثير في هذه المنطقة ,التي يعود عمرها إلى أكثر من 1500 عام , و لا أحد يعرف سبب حرص أبناء المنطقة على اقتناء مثل هذه الأسطوانات المتنوعة في الحجم والتصميم , والثقيلة الوزن , حتى أن وزن بعضها يصل إلى نصف طن. فمن قائل يقول إن ذلك يعود إلى المباهاة, وآخر يرى أنها تستخدم لأسباب عسكرية, والبعض يرى أنها آلة من الآلات الموسيقية المستخدمة في ذلك الوقت, وعزا البعض ذلك إلى أسباب عقدية. في الأعياد يتجمع عدد من أبناء القرى القريبة للاحتفال بالعيد والاستمتاع بالرقصات المحلية , وفي مثل هذه المناسبات تكون الفرص متاحة لاختيار الزوجات. وفي غنائهم يستخدمون الطبول , والآلات النحاسية , والمزمار , وبعض الآلات المستخدمة من قرون وعظام الحيوانات مثل الخيل , ولديهم رقصات خاصة بهم فردية وجماعية بطيئة وسريعة.
فيما مضى كان أبناء هذه القومية يقطنون منازل ذات دورين, يكون فيها الدور الأول للخزن, بينما يستمتعون بالسكن في الدور الثاني , لأن ذلك يقيم تأثير الرطوبة , أما وقد دخلت إلى البلاد الأساليب الحديثة في البناء , والتي تعمل على عزل الرطوبة , وتوفير البرودة اللازمة,فلم يعد ذلك النوع من المساكن محببا.
ويرتدي أبناء قومية " جوانغ" نفس ملابس قومية " هان" الكبيرة في الوقت الحاضر , لكن الملابس التقليدية مازالت تلبس في بعض المناسبات,وعموما فإن النساء والرجال يلبسون في الماضي والحاضر ملابس محتشمة, وبعض النساء يفضلن وضع الوشم على أيديهن وأجسادهن.
وكما هي عادة أهل المناطق الجنوبية في الصين, فإن أبناء قومية " جوانغ" يعتمدون على الأرز كغذاء رئيس, بالإضافة إلى الذرة وبعض الخضروات المتوفرة.
ولدى أبناء هذه القومية عادة غريبة في الزواج , فالزوجة تبقى بعيدة عن بيت زوجها بعد ليلة زفافها لمدة قد تصل إلى سنتين أو ثلاث , لكنها وزوجها يختليان بين الفنية والأخرى للقاء معا, عند انشغال الوالدين بالعمل في المزرعة , أو أثناء الأعياد أو المناسبات , ولهذا فإن هذه العادة مع كونها قاسية على كلا الطرفين إلا أنها تجعل اللقاء بعد العناء , أكثر حرارة, والتأثير أكبر على خلجات الطرفين , مما يزيد من الشوق والهيام , ولذا فإن عودنها بعد سنوات ثلاث , تكون عودة منتظرة بفارغ الصبر , وبعد مزيد من الانتظار , مما يجعل فرص الاستمرار كبيرة على حد اعتقادهم.
ومن غرائب أبناء قومية "جوانغ" احتفالهم بعيد الشيطان , والذي يقام في الشهر الثامن الميلادي , حيث تحضر كل عائلة طعاما مكونا من الدجاج , والبط , وخمسة أنواع من الأرز الملون , ليتم التقرب به للأجداد ولطرد الأرواح الشريرة , والواقع أن مثل هذه العادات مع شيء من الاختلاف كانت سائدة في منطقة الشرق الأوسط قبل ظهور الإسلام وتحريمه لها. ولديهم عيد آخر يسمى عيد"حيوية الماشية" , وفيه تقوم كل عائلة بتحضير خمسة أنواع من الأرز الملون , مع شيء من الحشائش, ثم يقومون ببعض الطقوس الخاصة مثل تحريك الأيدي والانحناء وتحريك الرقبة, ثم يتم تقديم نصف كمية الأرز مع الحشائش للحيوانات, معتقدين أن ذلك سوف يعيد لها الحيوية والنشاط بعد عناء الحرث.
« !! النشيد الوطني !! لدول مجلس الـ خ ـليج والدول العربيه !! | حْديقٍةِ green-apple المْـآليٍزيه » |
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع |