الملاحظات
صفحة 17 من 29 الأولىالأولى ... 7151617181927 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 161 إلى 170 من 290

الموضوع: رواية بين الأمس واليوم

  1. #161  
    المشاركات
    3,260
    بين الأمس واليوم/ الجزء الثامن والخمسون





    " مساكم الله بالخير!!"

    علي ومزون ينظران لوالدهما الذي دخل للتو وبينهما نظرات غريبة وهما يردان: هلا يبه

    زايد جلس وهو يهتف بنبرة مقصودة: وش فيكم سكتوا يوم شفتوني بينكم سر ماتبوني أعرفه

    مزون صمتت بينما علي هتف بحزم وهو ينظر لوالده بشكل مباشر:
    أنا كنت قايل لمزون تدور لي عروس عشان أريحك وكنا ننتناقش في ذا الموضوع

    حينها اعتدل زايد في جلسته وهو يخفي لهفته خلف حزم صوته المدروس:
    ها وش استقرت مداولاتكم عليه

    علي بنبرة مقصودة: مزون رشحت بنت فاضل بن عبدالرحمن بس أنا كنت أقول.

    قاطعه زايد بحزم: وش كنت تقول فاضل رجّال ونعم النسب

    علي بحزم: ما اعترضت بس قلت عشان حالة عبدالرحمن ولدهم الله يفك عوقهما أعتقد أنهم يمكن يوافقون
    ولو وافقوا أكيد ماراح يوافقون على إنه نسوي العرس لين يتشافى ولدهم

    زايد بذات النبرة الحازمة: عبدالرحمن حالته مستقرة صار لها شهور
    وأنا أصلا كنت توني زرته الأسبوع اللي فات
    وفاضل بنفسه كان يقول لي وش كثر يحاتي بنيته اللي عنده في البيت
    وأنا كنت ناوي أزوره ذا الأيام قم نروح له ذا الحين!!

    علي شعر بانتصار داخلي (لِـمَ لا) وهو يهتف بحزم مدروس: الحين الحين

    زايد يقف وهو يهتف بطريقته القاطعة: الليلة ماعندي ارتباطات دقيقتين بأبدل وأجيك
    ونروح له مجرد جس نبض
    وكانه وافق رحنا له عقب في مجلسه مع عمك وأخيك.


    حين غادر زايد ابتسمت مزون وهي تسأل علي:
    وش معنى اخترت بنت فاضل مع اني قلت لك عنها وعن وبنت ناصر آل سيف

    علي ببساطة باسمة: لسببين الأول ما ابي أخيش كساب يصير عديلي
    يعني خلصوا البنات عشان أروح أخذ أخت مرته كن السالفة حلاوة
    ماصدقنا نبي ناخذ بنات البيت كلهم
    وبعدين يا أختي أخيش هذا حار لو صار مشكلة بينه وبين مرته
    ما أبيها تأثر علي أنا ومرتي ولو كانت أختها أكيد بتأثر

    والسبب الثاني والأهم بنت ناصر عندها أخيها تميم الله يخليه لهم
    أول كان يكسر خاطري لأني ماكنت أعرفه
    بس عقب ماصار قصيرنا وعرفته أنا أشهد إنه رجّال ماينضام اللي في ضوه
    بس بنت فاضل الله يعينهم ابيها شيبة صاير تعبان مع تعب عبدالرحمن
    وعبدالرحمن مايندرى وش يكتب له ربي
    قلت يمكن الله رايد أني اخذها واريح بال ابيها من صوبها






    ***************************************






    " خليفة يأخوي هونها وتهون يأخوك"

    خليفة بألم عميق: ذبحتني ياجاسم ذبحتني ماهقيت ولا حتى واحد في المية إنها بتسوي فيني جذيه
    توقعت تتدلع شوي تتغلى
    قلت حقها خلها تتدلع الدلع كله لها
    بس هي طلعت بايعة يأخوي بايعة
    ثمان شهور ياجاسم ثمان شهور مالي شغلة غيرها
    كانت فيها هي كل شيء في حياتي أفرح لا فرحت وأحزن لا حزنت
    اليوم اللي هي ماتبتسم فيه أحس فيه بارد ماله طعم
    ولا شفت دمعة بعينها ودي أقص شريان من قلبي أهون علي!!
    ثمان شهور تارك هلي وديرتي حاول فيني منصور وزايد إني أرجع لو شهر للدوحة
    قلت لا ما أخليها دقيقة مثل ما طلعنا من الدوحة سوا نرد سوا
    مادريت إنها تنطر نرد عشان تذبحني
    وإلا لو أني قايم في جلب (كلب) ذا الشهور كلها مايعضني جذيه


    جاسم يركن سيارته جانبا بعد أن أصر على أخذ خليفة من المطار والذهاب لوحدهما على أن يعود والده وشقيقه الصغير معا
    ويهتف بتأثر: زين دامك تحبها هالكثر ليش طلقتها جان نطرت عليها شوي

    خليفة بحزم موجوع: لا ياجاسم لا الله يلعن حبها جانه بيذلني
    يعني تسوي فيني اللي هي سوته واحنا بعدنا في المطار
    وعقب أقول لها خلاص روحي على كيفج وأنا ناطرتج
    هذي باعتني وبرخيص بعد!!

    جاسم بذات التأثر: خلاص يأخوي من باعك بيعه هذي ماعليها حسوفة
    ليش حارق نفسج جذيه

    خليفة باختناق روحه الممزقة: الحجي هين يأبو أحمد مجروح يأخوي حاس كني بأموت
    تدري وش حاسس فيه
    جن بنتي أنا خانت فيني
    جن روحي تمردت علي
    جن يدي أنا قطعت شراييني
    تتخيل هالاحساس أشلون جميلة كانت بنتي وكانت روحي وكانت يدي!!

    جاسم بتأثر أعظم: كل شيء يبدأ صغير ويكبر إلا الحزن يبدأ كبير ويصغر
    أنت الحين توك متأثر بس صدقني كلها كم يوم وتهون

    خليفة بألم عميق: على قولتك كلها كم يوم
    واللي حط حبها بوسط حشاي قادر يشيله
    يا الله يأبو أحمد أنا متشفق وايد لشوفت أحمدوه الصغير
    وخالاتي أكيد بعدهم ناطرين في البيت خلني أروح لهم بفشيلتيوألقط ويهي!!






    ******************************************






    " بس ما أبي أسمع صوتش بس"

    عفراء تقف وتنتفض غضبا وهي تنهر جميلة التي مازالت ملتفة بعباءتها وتدفن وجهها في المخدة وتنتحب بصوت عالٍ

    عفراء تنهرها بقسوة أشد: اقول لش بس ما أبي أسمع صوت بكاش
    ليش تبكين الحين مهوب هذا اللي تبينه
    والله ياسواتش ماتسويها حتى مضيعة المذهب!!
    الرجّال اللي له ثمان شهور عازش وحاشمش ومخلي كل شيء عشانش
    هذي تكون جزاته
    حتى لو ما تبينه مهوب كذا السنع هذا راعي جميل عليش
    احشميه قدام هله كبري قدره مثل ماكبر قدرش
    وش أقول وش أقول
    الظاهر أنهم صادقين وأني ماعرفت أربيش
    خليتي للناس لسان عليش وعلي

    جميلة ترفع رأسها وتعتدل جالسة وهي تمسك بكف والدتها القريبة منها وتقبلها قبلة مبللة بدموعها وهي تشهق:
    محشومة يمه.
    والله العظيم يمه أني أبيه ماهقيت إنه بيرخصني كذا
    هو أصلا ماصدق يتخلص مني
    كان ينتظر نرجع الدوحة عشان يتخلص مني

    عفراء تنتزع يدها بقسوة وهي تصرخ بها: بس ما أبي أسمع كلمة سودتي وجهي
    هذا حكي وحدة عاقلة

    منصور يدخل عليهما وهو يهتف بحزم:
    عفرا بس ذا الانفعال مهوب زين لش
    والبنية ميتة من البكا وأنتي تزيدينها عليها

    عفراء بذات الانفعال: والله لو قلبي يقواني كان ضربتها بعد

    جميلة دفنت وجهها بين ركبتيها وعفراء مازالت منهمرة بغضب وبكاء جميلة يتزايد
    منصور جلس بجوار جميلة وهو يربت على رأسها
    حينها تكورت في حضنه قطة باكية وهي تنتحب بعنف

    تشعر بالضياع منذ طلقها خليفة وكأنها لا تقف على سطح الأرض حتى
    وأن أي أقل حركة ستدفع بها إلى الهاوية أو توقعها لينكسر عنقها

    شدها منصور بقوة حانية: بس يأبيش خلاص صحيح أنتي غلطانة
    بس لا تحاتين السالفة بينش وبين خليفة بتنحل وقريب!!

    همست ووجهها مختبئ في كتفه: لا عمي تكفى تكفى لا ترخصني
    خليفة لو يبيني ماباعني عند أول موقف

    عفراء تنتفض بغضب: ولها لسان بعد تحكي ولها لسان

    منصور حينها وقف ليشد على كف عفراء ويهتف بحزم حان:
    عفرا بس عمري ماشفتش معصبة كذا مهوب زين عليش

    عفراء لشدة غضبها وانفعالها من تصرف ابنتها لم تشعر بتزايد الآلام معها
    فهي كانت تحمل في داخلها امتنانا عميقا لهذا الشاب الذي ربطتها به علاقة قوية قد يكون أغلبها على الهاتف
    كانت تعلم أن خليفة قدّم لابنتها مالم يقدمه أحد آخر سواه
    احتمل دلالها وتقلب مزاجها وسار معها حتى الخطوة الأخيرة

    ثم يكون ردها عليه بهذه الطريقة غير الأخلاقية
    لم تستطع تقبل تبرير جميلة الذي بدا لها مثاليا إلى درجة الخيالية الكاذبة
    لم تر أي منطق إنساني أو أخلاقي يبيح لها أن تتصرف بهذه الطريقة الجاحدة
    لم تعلم كم كان ألم هذه الصغيرة جارحا!!
    وكم كانت أوجاعها تنزف بغزارة وهي تشعر بالخوف والهلع والضياع!!

    عفرء انحنت قليلا وهي تمسك بأسفل بطنها وتشعر بإحساس بلل مرعب مفاجئ
    شد منصور على يدها أكثر وهو يهتف بقلق: عفرا اشفيش

    عفراء انحنت أكثر وهي تعتصر ثم تهمس من بين أسنانها:
    منصور تكفى اطلع شوي وإلا تدري روح شغل السيارة
    جميلة قومي جيبي لي ملابس أغير ملابسي الماي نزل علي خلاص

    جميلة قفزت وهي تصرخ بجزع: يمه أشلون الماي نزل فجأة كذا

    عفراء بألم وهي تجلس بشكل جانبي على الأرض:
    ما أدري ما أدري بسرعة جميلة لا يختنق البزر

    منصور وقف كالصنم يبدو تائها مازال غير مستوعبا للموقف لدقيقة واحدة ربما
    ثم يصرخ بجميلة بطريقته الحازمة النافذة: لا تجيبين لها ملابس ولا شيء
    أنا بألفها في بطانية وأنزل فيها
    واتصلي في مزون عقب تجهز أغراض أمش
    لأنها هي اللي عارفة كل شيء عفرا قالت لي كذا

    وبالفعل لم يتردد منصور وهو يلفها ببطانية وينزل بها ركضا
    وجميلة تنزل ركضا خلفه وهي تنسى كل شيء وفي بالها خاطر واحد مجنون

    " لو صار لأمي أو أخي شيء من سبتي والله العظيم ما أسامح نفسي طول عمري"




    **************************************





    " موافق يأبو كساب مثلك ومثل ولدك مايردون"

    زايد بحزم: ماعليه يأبو عبدالرحمن خذوا وقتكم وخذ شور البنية وأمها

    فاضل بحزم مشابه: البنت شورها عندي وأنا أقول موافق
    ثم أردف بنبرة ألم وهو ينظر لناحية عبدالرحمن:
    يازايد يأخي أنا أحاتيها واجد
    والله ياهمها هي وعبدالرحمن مايخليني أمسي الليل وأنا شوفت عينك مهمل بيتي وقاعد هنا
    البنت خطاطبيها واجد وانا كنت أحاتي أني أوافق على حد مهوب كفو لها عشان أريح بالي من صوبها
    خايف يصير لي وإلا يصير لعبدالرحمن شيء وأنا مابعد تطمنت عليها
    ويوم الله جاب لنا علي ماني بردي عقل عشان أعطلكم أنا أشتري رجّال
    ولا تظني أرخصها والله يابنيتي ذي إنها اغلى من عيوني بس الله يزينها من صوبه

    زايد بإصرار: ماعليه يافاضل أمنتك الله تنشدها وتاخذ شورها

    فاضل بإصرار مشابه: بأروح أنشدها الحين وبكرة الصبح تراني بأوديها تسوي الفحص الطبي
    وخل علي يسويه بكرة وأنا معتمد عليك تكلم لنا حد يعجلون النتيجة
    أبي أملككم بعد بكرة

    علي ينظر للمشهد أمامه وكأنه أمر لا يخصه
    جزء من مشهد تمثيلي قد يبعث على الضحك
    هاهما يقرران كل شيء ودون أن يسأله أحد عن رأيه في أي شيء

    ضحك في داخله " وش فرقت عرس والسلام وأريح رأسي
    وش فرقي عن ذا العالم اللي يعرسون كذا!!"





    ************************************







    رد مع اقتباس  

  2. #162  
    المشاركات
    3,260

    " عالية أمي وش أخبارها"

    عالية بحذر: أنا قلت لها السالفة مثل ماطلبت مني وطبعا بهرتها بشوي مشاعر وأنا أطلعك مسكينومقهور ومظلوم

    عبدالله بذات الحذر: وهي وينها الحين

    عالية بحذر أشد: مسكرة على روحها في غرفتها من بعد ماقلت لها السالفة

    حينها سألها بنبرة أقرب للحزن: أنا بأروح لها وأنتي الله يخليش سبحي حسون واقعدي عنده لين أجيش

    حينها سألته عالية بذات الحذر: وأم حسون وش أخبارها

    أجابها عبدالله باصطناع بارع: جوزا تعبانة شوي واتفقنا تقعد عند أمها ترتاح شوي
    ثم أردف باهتمام: لكن أنتي اللي وجهش مهوب عاجبني

    حينها كانت عالية من أجابته باصطناع بارع: مصدعة شوي وباروح أكل بنادول

    عبدالله بقلق: ياكثر ماتأكلين ذا البنادول
    ثم أردف باستغراب: إلا وشمعنى رأسش مايوجعش كذا إلا في الويكند

    عالية كمن اُمسكت بالجرم المشهود: وش علاقة الويكند بوجع رأسي رأسي يوجعني طول الأسبوع.

    عالية فرت للاعلى ودقات قلبها تتصاعد هلعا
    دائما تخيفها دقة ملاحظة عبدالله كيف ربط بين صداع رأسها وإجازة نهاية الأسبوعوهي تهمس لنفسها:

    " أنتي بعد ياعلوي بقرة.
    حد رأسه يوجعه لأنه ماشاف حد
    وإلا ماسمعنا عن ذا الإدمان إلا عند وحدة بقرة مثلش
    يا الله خلاص بكرة الأحد وبأشوفه
    الله يلعن شيطانك ياعبدالرحمن على كثر ماأنت حايسني
    أخرتي بأطيح في مصيبة من سبتك"


    بينما عبدالله غادر متجها لغرفة والدته الهم يملأ جوانحه لاقصى حد يعلم أن والدته ستسامحه فقلبها الطاهر قلب أم
    ولكن جوزاء ماعاد يطمع بمسامحتها
    ولكن كيف يستطيع احتمال الحياة بعيدا عنها وعن حسن

    ستبقى في المستشفى ليومين أو ثلاثة لكن بعدها ستخرج وبالتأكيد ستأخذ حسن
    فكيف سيحتمل الحياة الخاوية بدون وجودهما
    ولكن هل باليد حيلة
    يجب أن يعتاد على هذه الفكرة
    فيبدو أن الحرمان سيبقى هو مصيره الذي يتجرعه طوال حياته!!
    ويبدو أنه بالغ في التفاؤل حين ظن ولو لحظات أن الحال سيستقر به إلى السكينة والاستقرار والاحتواء






    ********************************






    ركبت إلى جواره بصمت
    وهل هناك شيء غير الصمت بينهما
    تريد إخباره أنها لا تريد الذهاب معه
    ولكنه لم يشر لها بشيء إطلاقا وهو يحرك سيارته ويمضي وتراه يخرج من المناطق السكنية للشارع العام
    تبحث في حقيبتها عن ورقة وقلم ولكنها لا تجد فهذه الحقيبة خالية تماما
    أخذتها لزيارة نجلاء ولا يوجد بها سوى هاتفها وعطرها ومحفظة زينتها ومفاتيحها
    الأشياء التي وضعتها على عجالة قبل أن يوصلها السائق والخادمة لبيت نجلا

    توترت أكثر ولا تعلم السبب
    وهو لم يلتفت لها حتى وهو يكمل طريقه
    رأت أنه ماعادت حتى تستطيع الاعتراض وهما يعلقان في ازدحام الشارع متجهان لداخل الدوحة
    حين وقفا في الإشارة خطرت لها فكرة
    تناولت ورقة من أوراق الفواتير الموضوعة بينهما وكتبت عليها بمحدد الشفاه

    "وين بنروح"

    أشار لها بحزم: قلت لش عازمش على العشا
    والطاولة انحجزت لنا خلاص قبل ماتقولين شيء ثاني

    تحركت السيارة ولم يترك الخيار لها لأي اعتراض
    حتى وصلا للمطعم

    مطعم هندي سبق أن أحضرها له غانم عدة مرات
    وميزته بالإضافة إلى طعامه اللذيذ أن طاولات العائلات يُغلق عليها بستارة

    حين دخلا أعطى للموظفة عند الباب بطاقة عليها اسمه
    فقادته للطاولة المحجوزة باسمه والتي حجزها له بالهاتف أحد موظفيه

    توترت أكثر وهي تجلس وهي تشعر بالحرج
    لم ترَ سابقا كيف يتصرف في الأماكن العامة عدا في مدرستها وكلهم هناك يتحدثون لغته
    حين وصلت قائمة الطعام وضعت القائمة جانبا لم ترده أن يفرض عليها أن تطلب هي
    أشار لها متسائلا: ماتبين تطلبين شيء

    هزت رأسها رفضا إشارة توجه لمن يتكلم ومن لا يتكلم
    هز كتفيه وهو يشير: خلاص بأطلب لش على ذوقي

    حين جاءت النادلة فتح القائمة وأشار لها على صفحات القائمة بما يريد
    وأحيانا كان يشير على الشيء ثم يشير بيده (اثنين)
    سجلت النادلة وأخذت القوائم ومضت

    بدا الأمر لسميرة أبسط بكثير مما ظنت وأكثر سلاسة
    توقعت أن لن يعرف أن يتفاهم وانهم قد يضطرون أن يحضروا أحدا للتفاهم معه وأنها حينها ستضطر للتدخل

    " صدق أني غبية رجّال صار له سنين في السوق
    مهوب عارف يطلب أكل في مطعم يعني!!
    لكن العزومة هذي بكبرها وش داعيها"

    حينها أشار لها تميم بتقصد: حطي نقابش ترا مافيه حد معنا

    لم ترد أن تستجب ولكنها لم ترد أن تبدو بمظهر الغبية أو من تريد افتعال مشاكل

    خلعت نقابها وهي تضعه مفرودا جانبا حتى لا يتجعد
    بينما كانت تريد إعادة لف الشيلة حول وجهها فوجئت به يمد يده ويعيد خصلة من شعرها خلف أذنها
    انتفضت بخفة وهي تعود للخلف (هذا أش فيه مهوب صاحي اليوم)

    بينما أشار لها ببساطة: أنتي شعرش لونه أشقر طبيعي وإلا مصبوغ

    لم تجب على إشارته وإحساس خجل غير طبيعي يقتحمها بعنف
    قد يكون سؤال طبيعي ولكنها لم تتوقعه مطلقا منه كما أنها لا تريد أن تشير له

    أشار لها حينها بذات التقصد: لذا الدرجة سؤالي صعب أو ماتبين تجاوبين

    حينها رغما عنها أشارت له باقتضاب: مصبوغ
    أشارت كأنها تريد أن تتخلص من الإشارةومن ثقلها على روحها
    لكن الغريب أنها لم تشعر بتلك المرارة التي كانت تتخيل أنها ستشعر بها حين تشير له
    ظنت أنها لو حدث وأشارت له ستكون الإشارة كسكين يمزق روحها
    ولكن الإشارة عبرت بسلاسة دون تعقيد دون أن تثير في نفسها التعقيد الذي ظنته !!


    ولكنه لم يتركها تنعم بهدوئها وهو يشير لها مرة أخرى: زين وش لون شعرش الطبيعي

    أشارت بذات الاقتضاب: بني

    حينها أشار لها بذات البساطة كما لو كانا فعلا زوجين في جلسة حوار عفوية:
    طيب ليش تصبغينه الطبيعي دايما أحلى!!

    حينها أشارت بتوتر: عشان بشرتي فاتحة واجد الغامق علي مهوب حلو

    حينها أشار بذات البساطة: ما أتوقع إنه فيه شيء ممكن يكون مهوب حلو عليش

    حينها أخفضت رأسها بخجل لن تنظر لإشاراته بعد يكفيه ما أشارت به رغما عنها

    لم تعلم أنه أيضا اكتفى من الإشارات وهو ينظر لها كيف أنزلت رأسها وتدعك يديها. ويبتسم بانتصار
    فهو تجاوز النجاح المطلوب لمخططه الليلة ولن يثقل عليها أكثر
    وليستمتعا بالطعام الذي حضر

    تميم بدأ ذهنه يعمل في اتجاه مغاير
    ستة أشهر مضت منذ زواجه لو أنها كانت تريد الطلاق كانت طلبته منذ زمن
    إذن هي تنتظر تحركا ما منه ولكنه يجب أن يتحرك بحذر وبخطوات مدروسة ليبدأ بتفكيك التعقيدات المتراكمة بينهما
    فهو لا يستطيع أن يحضر لها بشكل مباشر ويقول لها سامحيني حينها لابد أنها ستنفجر به
    لابد أن يهيئها بالفعل لهذا الصلح
    رغم أن الصبر أصبح في أدنى مستوياته عنده
    ويخشى أن تفسد لهفته مخططاته المدروسة بدقة!!
    لذا كانت خطوته الأولى بهذه الإشارات العفوية حول أشياء عفوية لن تثير ريبتها بشيء وستضطر للإجابة عنها
    وقبلها كانت ببحثه عن اوراق له لم يجب عن تساؤلها حولها لأنها كتبت له ولم تشر
    هاهو يتحرك ببطء مدروس ويدعو الله أن يلهمه الصبر والحكمة!!





    *************************************






    " يا بنات ابيكم بيأتي الحين"

    شعاع باستغراب: غريبة يمه بيخلي عبدالرحمن مرتين
    توه كان عندنا عقب صلاة المغرب ليش يرجع بعد عقب صلاة العشاء
    ثم أردفت بابتسامة وهي تنظر لجوزاء: والله الظاهر أنش غالية واجد يا الجويزي
    مادرا أنش تعبانة إلا المغرب وجالش على على طول والحين جاي بعد مرة ثانية

    جوزاء أخذها تفكيرها لاتجاه مرعب هل يعقل أن والدها علم بما فعله عبدالله
    لذلك عاد مرة أخرى
    فهو حينما زارها المرة الأولى بدا لها طبيعيا جدا
    علم أنها مرهقة من الحمل وجاء للسلام والإطمئنان عليها ثم غادر
    ولم يبدُ عليه أنه علم بشيء

    تتذكر جيدا تغليظه بالحلف أن يؤذي عبدالله لو ضايقها بأدنى شيء
    يزداد رعبها لا تريده أن يؤذي عبدالله بأي طريقة
    فهي أدت الواجب بإيذائه وزيادة
    بدأت أناملها وشفتاها ترتعشان بشكل ملحوظ

    أمها وقفت وهي تضع يدها رأسها وتهمس بقلق: جوزا وش فيش يأمش

    أجابت بارتعاش: بردانة يمه بردانة

    أم عبدالرحمن همست بحنان: انسدحي يامش انسدحي خلني أسنحش

    جوزاء تمددت وهي مازالت ترتعش ووالدتها غطتها جيدا
    حينها كانت تسمع نحنحة والدها عند الباب ازداد ارتعاشها وبدأت عيناها تسيل بغزارة
    وبالكاد وجهها يظهر وهي تخفي جسدها المرتعش تحت الغطاء
    وتدعو الله أن تمضي زيارة والدها على خير
    رغم أنها تعلم أن زيارته ليست طبيعية أبدا

    حين دخل كادت تنفجر فعلا في البكاء
    لولا أنها رأت أن وجه والدها كان هادئا تماما وهو يجلس ويدعو شعاع أن تجلس جواره

    حينها انتقل احساس التوجس لشعاع ومشاعر الوجل اللذيذة التي اشتاقت لها تعاودها
    مشاعر الوجل التي كانت تشعر بها كلما سمعت والدها يناديها
    أرادت أن تبكي لا تعلم خوفا أم سعادة!!
    أ حقا عاد والدها لها
    همست باختناق: والله العظيم يبه ماسويت شيء

    حينها ابتسم: لذا الدرجة أنا شراني في عينش
    يعني ما أدعيش كون كني بأعصب عليش

    حينها أجابت شعاع بخجل عميق: محشوم فديتك
    بس جيتك كذا خوفتني

    أجابها حينها ببساطة حازمة مباشرة: جايش خطاطيب

    حينها كانت أم عبدالرحمن هي من قاطعت الحوار بتردد:
    فاضل الله يهداك وش خطاطيبه وعبدالرحمن كذا!!

    حينها قاطعها بصرامة: وعبدالرحمن وش فيه هذا هو حالته مستقرة
    يعني بنوقف نصيب البنية عشان عبدالرحمن في غيبوبة
    زين لو طوّل وهو كذا نقطع نصيب البنية
    خلاص ماعاد باقي عليها شيء وتتخرج عقب تخرجها خلها تعرس وتوفق

    شعاع بدأ جسدها يرتعش فعلا من شدة الحرج دقات قلبها تتزايد ودموعها تبدأ بالتقافز
    تعلم أنه جاءه خطاب من قبل أحيانا والدها من يرفض
    وفي بعض أحيان والدتها تخبرها لكنها لا تشجعها على الموافقة لأنها ترى الشخص غير مناسب
    فما الذي تغير هذه المرة ليضعها والدها في هذا الموقف

    همست أم عبدالرحمن بذات التردد: بس أنت كنت دايم تعيي
    وش معنى ذا المرة جاي لنا وكل واحد من عيالنا في مستشفى

    أجابها فاضل بنبرة صارمة: لأنه رجّال مايعيي منه إلا خبل وأنا ماني بخبل
    وأبي مصلحة بنتي
    ثم أردف وهو يوجه خطابه لشعاع بحزم مرهق: ها يأبيش وش رايش
    اللي جايش علي ولد زايد آل كساب
    الصبي أنا أعرفه زين مصلي ومنصبه زين
    ومايجهلش ولد زايد آل كسابناس فيهم خير وخيرهم واجد
    وأنا يا أبيش وافقت عليهم وأبي أملكش في أسرع وقت
    ما ظنتي إنش بتفشليني في الرياجيل

    حينها انفجرت شعاع في بكاء خافت وهي تخفي وجهها في كتف والدتها التي تجلس جوارها من الناحية الأخرى

    والدتها ربتت على رأسها وهي تهمس لفاضل بحزم رقيق:
    تم يا أبو عبدالرحمن قل لهم البنت موافقة

    فاضل وقف وهو يقول بحزم: خلاص بكرة الساعة سبع ونص خلها تجهز أوراقها أوديها تسوي الفحص الطبي

    ازدادت شهقات شعاع ارتفاعا وهي تخفي وجهها أكثر في كتف والدتها
    ليقف والدها قريبا منها وهو يربت على كتفها ويهتف بحنان عميق:
    لا تظنين أبيش بيوافق على حد مايستاهلش تراش غاليةغالية!!
    ولو أني داري أنش ماشفتي مني كلمة طيبةبس الله وحده أعلم بغلاش اللي خالط النسم

    حينها أفلتت والدتها لتحتضن خصر والدها وهي تدفن وجهها أسفل صدره وتزداد شهقاتها تتابعا
    بينما احتضنها هو بحنان وهو يربت على رأسها
    يا الله كم تمنت أن تفعلها يوما وهي تظنه حلما بعيدا المنال!!
    كم تمنت أن تدفن وجهها في صدره وهي تشعر بقربه من روحها كما هو الآن!!
    لو أرادها حتى أن تتزوج أسوأ رجل في العالم ستكون راضية إن كان هو راضيا!!

    جوزاء كانت تنظر بتأثر وسعادة للمشهد أمامها وهي تعتدل جالسة
    سعيدة جدا من أجل شعاع
    ولكنها في داخلها تعلم أنها أكثر سعادة أن عبدالله بعيد عن غضب والدها
    الذي تعلم كم يصبح مرعبا حين يغضب!!





    ***********************************





    " متى تبينا نمشي"

    كانت كاسرة توجه الخطاب لكساب الذي يضع رأسه في حضنها وهما يجلسان على الأرجوحة الخشبية الضخمة
    أو بمعنى أصح هي من كانت تجلس على الطرف تماما بينما هو يتمدد على طول الأرجوحة

    هتف لها بهدوء: بنتعشى أول وعقب بنمشي
    ثم أردف بخبث باسم: لا تخافين ياحضرة المديرة بتروحين بكرة الشغل وتنكدين على الموظفينوتنبسطين

    شدت شعره بخفة حانية وهمست بابتسام: دامني مانكدت عليك ماني بمستانسة

    شد أناملها من فوق رأسها وهو يتحسسها بحنو :
    تدرين أصابعش على رقتها لو أعصرها شوية شوية بس بتنكسر

    أجابته بذات الابتسام: حشا مهوب أصابع لا تكون بسكوت

    قبّل جانب سبابتها وهو يهتف بابتسامة: بسكوت وأحلى من البسكوت

    صمتت وهي تشد أناملها برقة لتعبث في شعره بذات الرقة تنهدت
    كيف يكون تأثيره عليها بهذا الحجم والضخامة بينما هو لا يشعر بها
    همست كأنها تريد إبعاد ذهنها عن التفكير: كسّاب عمرك انضربت

    كساب اعتدل جالسا وهو يهتف باستنكار باسم: نعم

    ابتسمت: سمعتني عدل عمرك تهاديت مع حد وانضربت

    ابتسم: أنتي شايفتني جيمس بوند وطايح في خلق الله وإلا تبين تشمتين فيني

    أجابته بذات الابتسامة الرقيقة: جاوب بدون ماتتهرب

    أجابها بعفوية: ترا أنا لين قبل كم سنة يمكن جسمي يقرب من جسم تميم
    ويمكن تميم أعرض مني بعد
    بس أعترف أني من صغري فتّون
    ما أعيل على حد بس لا هديت ما أنمسك( الفتّون=الذي يتحمس في العراك بجدية)
    بس من حيث أني قد انضربت في هدة إيه انضربت ضرب الكلاب رفسوني لين قلت بس
    حينها ضحك: ولو تعرفين عشان من
    يا عشانش ياعشان أمش يا عشان خدامتكميا عشان حد جاي يزوركم

    همست كاسرة باستغراب باسم: من جدك

    هتف بذات الابتسامة: كنت يا أولى ياثانية جامعة
    وإبي طلب أوصله بيتكم يبي يزور جدش
    سيارته في التشييك وسيارته الثانية كان رايح عليها علي

    المهم نزلته وهو دخل وأنا بأمشي إلا أشوف سيارة داخلة في حوشكم وتتبعها سيارة ثانية
    لا ويقط الرقم عند الباب وهو يشوفني واقف
    أنا عاد ولعت ورحت أتبعه لين وصل بيتهم
    يوم نزل نزلت وراه وهديت عليه ووين يوجعك
    بس عقبها طلعوا علي اللي كانوا في مجلسهم كلهم ورقوني لين حبيت القاع
    بس كان عادي عندي لأني أصلا بردت خاطري فيه قبل يطلعون علي

    ابتسمت كاسرة: كذاب تراني ماصدقت ولا كلمة ياجيمس بوند على قولتك

    هز كتفيه باسما: لا تصدقين المهم تعجبش السالفة!!

    ابتسمت كاسرة: كسالفة عجبتني
    ثم أردفت بنبرة مقصودة: وخاطري نتكلم في سالفة ثانية

    اجابها بجدية: قولي

    همست بذات جديته: سالفة أنك ماتشوفنا نصلح أباء

    حينها هتف بغضب: أنتي صدق غاوية نكد شايفتنا رايقين إلا لازم تجيبين طاري ينكد علينا

    أجابته ببرود متحكم: ينكد عليك بروحك
    أنا شفتك رايق قلت وقت مناسب نتفاهم فيه مادريت أنك بتشب كذا

    كساب يتنهد وهو يهتف بحزم: وأنا ما اعترضت على أنش تصيرين أم لو الله بغى لنا
    بس أنتي لازم تنتزعين مني اعتراف غصبا عني إنه حن أباء مافيه مثلنا
    خلاص لا تزعلين ماراح أدخلش معي
    أنا واحد بأكون أفشل أب في العالم
    وأنتي مالش شغل في رأيي
    ويا الله امشي خلينا نرجع الدوحة!!





    ***************************************





    " خالتي وش اللي صار لها "

    جميلة ارتمت في حضن مزون وهي تنتحب: كله مني كله مني

    منصور بحزم رغم القلق المتصاعد في روحه: بس يا جميلة أمش دخلت شهرها وكان متوقع تولد في أي وقت

    مزون التي وصلت للتو وهي تركض وأنفاسها مقطوعة همست لعمها وهي تحتضن جميلة:
    خالتي طيب وش أخبارها الحين

    منصور بإرهاق متوتر: يأبيش كلام أنا ما أفهم له بس الولادة متعسرة شوي

    مزون بمودة: خلاص عمي أنت روح البيت أنا وجميلة موجودين روح للبيت أول ماتولد بنتصل لك

    منصور بحزم: مستحيل أنا قاعد في استراحة الرجال أي شيء تبونه دقوا علي

    منصور غادر لاستراحة الرجال وهو يحاول إخفاء عظم توتره وقلقه
    يقتله القلق على عفرا أكثر من الجنين بكثير بكثير
    فهذا الجنين يمكن تعويضه لو أراد الله ولكن عفراء لا تعويض عنها
    لم يستطع حتى الجلوس وهو يظل واقفا


    بينما مزون جلست مع جميلة وهي تحتضن كتفيها
    وجميلة تخفي وجهها في كتف مزون وتنتحب
    ومزون تهمس لها بحنان: جميلة شا اللي صار

    جميلة بين شهقاتها: زعلت مني واجد عشان خليفة طلقني
    وتقول أنا السبب وظلت تصارخ وتصارخ وعقبه نزل معها الماي
    جبناها هنا وقبل شوي طلعت علينا الدكتورة
    تقول توها ما انفتح إلا ثلاثة ونص سانتي والطلق ضعيف والجنين أصلا مابعد نزل في الحوض
    قالت بيعطونها طلق صناعي ولا ماتيسرت بيسون لها عملية

    حينها انفجرت جميلة في بكاء هستيري: والله العظيم لو صار لأمي أو جنينها شيء أشلون بأقدر أعيش

    مزون تهدئها وهي تربت على ظهرها: بس حبيبتي ادعي لها
    ولا تحملين نفسش شيء مهوب ذنبش!!




    **************************************





    "شعاع ليش مارحتي مع أمي الخدامة كان نامت عندي
    أنتي وراش بكرة مشوار وعقبه الجامعة"

    شعاع بتوتر: أصلا لو رحت البيت كان استخفيت من التفكير
    متوترة وخايفة بأموت من الخوف

    جوزاء بمودة باسمة: ترا الفحص مايحتاج ذا التوتر إلا لو أنتي متوترة من اللي ورا الفحص
    وإلا قولي من كثر منتي شفقانة على بكرة تبين تكونين قريب من ابي
    هذا هو حذفة عصا في المستشفى اللي جنبنا يعني ماراح يطول لين يجيش بكرة

    شعاع تكاد تبكي: تدرين أنش سخيفة
    ثم حاولت أن تردف بتماسك: تكفين جوزا لا تكلميني عن بكرة
    قولي لي وش صار بينش وبين عبدالله يوم جا ماعلمتيني

    جوزاء بتوتر أخفته خلف ثقة مصطنعة:
    ماصار شيء شرح لي السالفة كلها
    واتفقنا أقعد عندكم في البيت شوي لين ارتاح من الوحم

    شعاع بتساؤل: أي سالفة

    جوزاء ابتسمت: سالفة خاصة بيني وبين رجّالي وش عليش أنتي يا الملقوفة
    خلينا نتكلم عن مسيو علي أحسن

    شعاع تفتح الكرسي الذي يتحول لسرير وتتمدد عليه وهي تهتف بغيظ:
    قلت لش أنش سخيفة ولا عليش مردود!!





    ************************************





    " خطبة ومن وراي
    ماكني بأخ هذا الكبير ولا ولدك الكبير"

    زايد بحزم: مافيه داعي تسويها سالفة حن كنا رايحين نجس نبض الرجّال بس
    والرجّال الله يكبر قدره كبّر قدرنا ووافق على طول

    كسّاب بغضب: زين بلغوني عطوني خبر

    علي بتهدئة: كساب الله يهداك أنت كنت رايح المزرعة
    وأنا والله العظيم دقيت على جوالك ولقيته مسكر
    وشاهد العقد على خير أنت

    كساب تنهد: على العموم ألف مبروك مقدما أنا وش أبي إلا توفيقك

    ابتسم علي: زين وعشان ماتعصب بعد وتقول ماعلمتوني
    خالتي في الولادة ووديت مزون لهم قبل شوي
    يعني لا جات بشارة الولد لي نصها

    حينها ابتسم كسّاب: الله يقومها بالسلامة
    ولك بشارتين مهيب وحدة. بشارة دخولك السجن معي
    وبشارة ولد عمي إن شاء الله وإلا بنته




    **********************************






    صعدت لغرفتها بينما بقي هو مع والدته في الأسفل
    لا تنكر أنها متوترة
    بما أنه بدا لطيفا وودودا هكذا فلابد أنه يريد ثمنا لهذا
    استحمت واستبدلت ملابسها والهواجس تأخذها للبعيد:


    " زين سمور مهوب أنتي اللي تقولين لروحش
    لو بغانا نكون أسرة طبيعية ماعندي مانع
    شكلش كنتي تقولين كلام في الهوا لأنش كنتي عارفة إنه عايفش
    الحين شفتي الرجّال تلحلح جاتش حالة رعب!!
    يا الله ياكريم تعدي ذا الليلة على خير
    اليوم من أوله ما أدري أشلون جاي"

    كانت تمشط شعرها أمام المرآة حين دخل
    توترت أكثر بينما سلم هو ثم توجه لمكتبه وجد أنها أعادت ترتيب كل شيء بتنظيم جديد

    أشار لها بتساؤل: أنتي رتبتي كل شيء من جديد.

    وقفت لتتجه للحاسوب لكنه أوقفها وهو يشير بتقصد:
    لا تصيرين سخيفة توش في المطعم أشرتي لي
    تبين ترجعين تطبيعين الحين؟!!

    حينها وجدت بالفعل ان حركتها ستبدو سخيفة أشارت له بتوتر:
    إيه رتبتهم من جديد
    عشان اليوم مادريت أنت وش تبي قلت يمكن ترتيبهم معفوس

    حينها أشار لها ببساطة : لو سألتيني بشكل مباشر كان جاوبتش
    لأني خلاص أي سؤال تطبعينه لي ماراح أرد عليه
    يعني دامش تعرفين الإشارة ليش تبين تعذبيني كذا

    أجابت بتوتر: توني باقي إشارات كثيرة ما أعرفها

    أجابها بذات البساطة وهو يتوجه للحمام: اللي ماتعرفينه بنتعلمه سوا ونعلمه عقب لعيالنا

    حينها شعرت سميرة كما لو كانت ضُربت على رأسها بقوة ارتعشت بتوتر:
    " والله أنك منت بخالي يا تميم!!
    عيالنا مرة وحدة!! "

    سميرة أنهت قيامها ووردها بسرعة وهي ترتعش واندست في داخل السرير وهي تغطي جسدها كاملا
    كان حينها هو من يصلي قيامه
    كانت تحسب في ذهنها من معرفتها لوقت صلاته وورده أنه الآن انتهى
    بدأ جسدها يرتعش بعنف ماذا لو قرر أن ينام جوارها
    لم تستطع أن تنام وتوجسها ورعبها يزددان وهو لم يحضر
    لم تستطع أن تبقى في هذا التوجس أكثر لابد أن تقطع الشك باليقين!!
    حينها رفعت عينيها ولم تجده في غرفة النوم أساسا
    اعتدلت جالسة لتطل ببصرها على غرفة الجلوس المفتوحة على غرفتهما
    لتجده قد نام فعلا على أريكته

    حينها لم تعلم أتشعر بالراحة أو الإهانة
    الراحة لأن هذا فعلا ماتمنته أن ينام لتمضي الليلة بسلام
    والإهانة لأنها شعرت أنه يستهين بها وبأنوثتها المفترضة






    ***************************************






    " تدري أني اشتقت لك يا الخايس!!
    يومين ماشفتك كنهم سنتين
    شكله لا تزوجنا على خير بأخليك تقدم استقالتك من الجامعة
    وأنا من المستشفى عشان أقعد مقابلتك بس"

    كانت عالية تقف أمام سرير عبدالرحمن وهي مطمئنة تماما
    فهي مرت جوزا صباحا قبل دوامها لتحضر لها فطورا أصرت والدتها أن تذهب به معها
    حينها رأت شعاع تستعد للخروج وعلمت من جوزاء أن والدها سيأخذها للفحص

    أغرقت شعاع بالكثير من التعليقات التي جعلت شعاع تبكي
    ولكن سبب روح المرح المتدفقة أنها كانت سعيدة جدا لأنها ستذهب لرؤية عبدالرحمن فورا ولن تنتظر حتى صلاة الظهر
    بل وستراه مرتين أخريين اليوم

    لم تهتم أن الخادم كان موجودا. فهي لا صبر بها
    وعلى العموم هي كانت ترتدي البالطو الأبيض هل سيميز الخادم من تكون

    لكنها لم تستطع أن تطيل لأن الخادم سألها بأنجليزية سليمة: من أنتِ
    هل أنتِ من الطاقم الطبي المهتم بحالة عبدالرحمن

    عالية في داخلها: " الدب مهوب هين طلع هندي مثقف!!"

    أجابته بالإنجليزية: نعم وهي تسجل ملاحظات على ورقة كانت معها
    ثم تغادر وهي تدعو على الخادم الذي كدّر على زيارتها التي تمنت أن تكون طويلة قليلا






    ***************************************






    " يا الله يا مزون طولت واجد!!
    من البارحة لين اليوم وهي تتعذب
    خلاص ليش ما يولدونها بعملية ويريحونها
    من البارحة والماي نازل عليها خايفة البيبي يصير له شيء"

    مزون تربت على كف جميلة وتهمس بإرهاق: خلاص الممرضة قالت لي إنه الجنين نزل طبيعي في الحوض وبتولد طبيعي
    والماي اللي نزل معها ترا مهوب كله نزل شوي بس

    جميلة بتأثر: ياربي يهونها عليها خلاص ماعاد فيني صبر

    بعد دقائق خرجت الممرضة وجهها يتهلل بشرا: ولد ولد بوي
    وماما زين

    مزون وجميلة كلتاهما قفزتا
    جميلة انخرطت في بكاء حاد بينما مزون فتحت حقيبتها وهي تمد الممرضة بما معها وتهمس بسعادة حقيقية:
    الله يبشرش بالخير

    الممرضة بابتسامة: وين بابا

    مزون تضحك بسعادة: لا بابا مالش شغل فيه جاش اللي يكفيش
    بابا خليه علينا

    جميلة لم تستطع الوقوف وهي تدفن وجهها بين كفيها وتستمر في البكاء
    بينما مزون تناولت هاتفها وهي تتصل بعمها وتحاول إخفاء فرحة صوتها:
    عمي تعال برا أبيك شوي

    منصور خرج لها كان وجهه مسودا من القلق الذي بدا يتحول لرعب مع طول الوقت الذي قضته عفراء في الولادة

    لشدة ارهاقه لم ينتبه لألق الفرحة في عيني مزون بل كل ماخطر له مزيدا من الرعب. هتف بجزع: خالتش فيها شيء

    ابتسمت مزون بسعادة حقيقية: فيها إنها صارت أم زايد رسميا
    ويدك على البشارة!!

    لم يهتم أنه كان في الممر وهو يخنق مزون باحتضانها ويهتف بسعادة حقيقية مجنونة:
    أبشري بالبشارة. أبشري بها
    أقدر أشوف عفرا الحين

    مزون تخلصت من حضنه بحرج وهي تهمس بسعادة:
    عمي اللي يهداك وش تشوفها ممنوع تدخل
    أنا بأدخل الحين عندها وبأطمنك عليها






    ***************************************






    " ها وش الأخبار البارحة عقب ماجا حبيب القلب عند الدكتورة
    بصراحة حركته خــــــطـــــــيـــرة!!
    وأتصل لش عقب جوالش مسكر وين رحتي"

    كاسرة همست وهي تنظر للأوراق أمامها باهتمام: رحنا عقب للمزرعة!!

    فاطمة تتناول الأوراق من كاسرة وتعطيها أوراق أخرى وتهمس بمرح:
    يا أختي يأختي على الحركات الرومانسية!!

    كاسر بحزم لم يتبدَ فيه ضيقها الواضح: أنا مثلش غبية حسبتها حركات رومانسية
    أثاري الأخ يبي يطق من الدوحة بكبرها عشان بنت خالته راجعة البارحة مع رجالها
    وأنا أقول غريبة وش طرا عليه ذا العزومة

    فاطمة باستنكار: عيب عليش كاسرة وش ذا الكلام عمر عقلش ماكان صغير كذا

    كاسرة تقف وهي تتناول ملف من الخزانة المجاورة وتعود لتفتحه
    وتهمس حينها بضيق فعلي لا يعبر حتى عن مدى الضيق الذي تغلغل في روحها:
    أحاول فاطمة مايكون عقلي صغير
    وأنتي عارفة إن ذا الكلام مستحيل أقوله عند حد غيرش
    بس صُغر العقل غصبا عني يحضر يعني مالقى يعزمني بروحنا إلا اليوم اللي هي جاية فيه!!!
    لا وأزيدش من الشعر بيت تطلقت وهي عادها في المطار
    يعني صارت حرة
    فاطمة لو شفتي بس الساعة اللي كان جايبها لها
    على كثر الهدايا اللي يبجيبها ليمافيه هدية جات نص قيمتها
    أنا والله ثم والله مايهمني الشيء كشيء مادي
    لكن اللي موجعني إن غلا الهدية من غلا راعيها






    **********************************





    " ها وش الأخبار ياعروستنا"

    كانت جوزا تسأل شعاع التي دخلت للتو وأنفاسها مقطوعة
    شعاع تجلس وهي تزفر بصوت عال وكلماتها تتبعثر من الجهد المبذول:
    يعني مالقوا يحطونش غير في آخر طابق ست طوابق على الدرج طالعة نازلة
    يا ربي بأموت وين الماي زينب عطيني ماي

    جوزا تنهرها وهي تشير للخادمة ألا تحضر شيئا:
    لا تشربين ماي وأنتي كذا خذي نفسش أول وارتاحي وعقب اشربي!!

    شعاع تاخذ أنفاسها المتطايرة: ياربي يا جوزا إحراج إحراج
    لا وتخيلي كان معي في نفس المكان سمعت أبي يكلمه
    وهو الظاهر يقول لابي يروح وهو بيكمل كل الإجراءات بروحه
    حسيت وجهي ولع من معرفتي إنه قريب مع أني ما أدري وينه ولو حتى شفته ماعرفته!!
    ثم أردفت وهي تنظر حولها: حسون ماجاء

    جوزا تنهدت: عالية عقب ماطلعتي كانت تقول لي إنه راح للروضة فديت قلبه
    وعقب إبيه بيجيبه هنا
    ياربي بأموت اشتقت له فديت عويناته






    *********************************






    رد مع اقتباس  

  3. #163  
    المشاركات
    3,260


    " منصور بس الله يهداك
    من جدك تحبب فيه كذا!!
    توه على ذا الحبب كلها. والله العظيم جرثمته الحين"

    كانت عفرا تهمس بإرهاق كبير لمنصور الذي كان يحمل ابنه بحذر ويقبل جبينه ويديه الصغيرتين
    وهو يهتف لها بابتسامة سعيدة عميقة: تراني ما أسمع وش تقولين!!
    وإلا تدرين تراني أسمع ومطنش

    ابتسمت جميلة وهي تتناول الصغير من بين يدي منصور وتهمس بسعادة عميقة:
    يمه خلي عمي منصور على راحته مسكين من البارحة لين اليوم وهو على قعدته خليه يحب ذا النملة على راحته!!

    أنهت عبارتها وهي تضعه جانبا على الأريكة لتدخل يديه ثم تعدل لفته جيدا ثم ترفعه وهي تقبله أيضا بعمق
    عفراء بتذمر باسم: قولي أنش تدافعين عن عمش منصور عشان ما أقول لش شيء لا حبيته
    بس حرام عليكم توه ماله ساعات وتحبونه كذا

    جميلة تعاود تقبيله قبل أن تضعه في سريره وهي تقرص خده بلطف وتهتف بغنج طبيعي:
    ترا كله إلا نملة مفعوصة احمدي ربش ماكلته في لقمة وحدة

    ربما كان قدوم هذا الصغير نعمة من رب العالمين
    بعد خليفة كانت تشعر أن حياتها أصبحت خاوية لدرجة الرعبلم تستطع احتمال هذا الإحساس لدقائق
    ولكن هاهي تشعر بها فجأة ممتلئة بهذا الصغير إلى حد التخمة
    لم تنكر خوفها الداخلي العميق الذي كانت تشعر به أن تشعر بالغيرة منه
    ألا تحبه كما تتمنى وكما تستحق أمها وعمها منصور

    ولكن حينما وقعت عيناها عليه للمرة الأولى حين دخلت على أمها في غرفة الولادة مخلوق مرزق متغضن
    عرفت أن قصة غرام طويلة ستربطها بهذا المخلوق الرائع
    من يستطيع أن يرى هاتين اليدين الصغيرتين والعينين المنتفختين المغلقتين ولا يقع في غرام صاحبها على الفور

    عاوت تقبيله مرة أخرى وهي تهمس لوالدتها بشقاوة: خلاص أخر مرة يمه لين الساعة الجاية
    وعقبه حسبة جديدة.

    حينها كان منصور ينهي اتصالا وهو يقف: كساب وهله طالعين من الدوام
    وكساب يقول مافيه صبر لين العصر عشان يشوف زايد الصغير
    عشان كذا هم جايين الحين
    عفراء همست بذات ارهاقها العميق: حياهم الله

    جميلة أشارت للمضيفة التي كانت تقف في الزواية البعيدة أن تتقدم وهي تعطيها تعليماتها
    ثم تهمس بعفوية: يمه أنا بأروح الحمام لين يروح كساب
    ثم غادرت للحمام فعلا


    وكان منصور على وشك الخروج أيضا حين طرق الباب عمال التسليم
    الذين أحضروا سلتين ضخمتين من الورد والشكولاته وكانوا يدخلونها بينما عفراء شدت الغطاء على وجهها حتى غادروا

    منصور قرأ البطاقة ثم ابتسم وهو يغادر ويهمس لعفراء بمودة: حبيبتي لا راحت مرت كساب دقي علي
    أدري أنش تعبانة وتبين تنامين بس بأشوفكم دقيقة أنتي وزايد الصغير وأمشي وأخليكم ترتاحون


    بعدها بدقائق
    طرقت كاسرة الباب ثم دخلت
    وهي تتقدم لتقبل رأس عفرا وتتحمد لها السلامة بكل مودة
    عفراء همست بابتسامة مرهقة: عقبالش يأمش عاجلا غير آجل

    ابتسمت كاسرة بمودة: إن شاء الله
    ثم همست وهي تتلفت حولها: ماعندش أحد

    عفراء بعفوية: جميلة في الحمام يوم درت ن كساب بيجي
    ومزون راحت البيت قبل شوي مع علي

    حينها توجهت كاسرة للباب وهي تفتحه وتشير لكساب أن يدخل
    كساب دخل ليتألق وجه عفرا بنور خاص تذكرت كيف كان هو أول طفل تضمه لصدرها
    فرحتها بطفلها لم تختلف عن فرحتها به ابتسمت بذات الإرهاق: هلا والله أني صادقة

    ابتسم وهو يميل ليقبل جبينها ثم يميل ليبحث عن كفها ليقبلها ولكنها شدتها قبل أن يفعل
    هتف بكل المودة الخالصة: الحين ترحبين عشان تقنعيني إن كرتي ماطاح
    إلا طالح وطاح وطاح

    همست عفراء برقة: ماسمعت الشاعر يقول وما الحب إلا للحبيب الأولي

    ابتسم كساب وهو يشد مقعدا ليجلس بالقرب منها: كلام شعراء مايوكل عيش

    قبل كتفها بذات المودة الخاصة بها وهو يهمس بحنان قريبا من أذنها: الحمدلله على سلامتش يا الغالية ومبروك زايد
    ثم رفع صوته: وعقبالي أنا وكاسرة نجيب زايد بعد

    كاسرة شعرت بغيظ شديد منها ليس بسبب كلمته فهي ستؤخذ على نحو عفوي
    ولكن لأنها تعلم أنه ليس سوى كذاب كبير لا يريد زايدا أو سواه!!

    همست حينها كاسرة بذوق: عسى ماتعبتي ياخالتي

    ردت عفراء بإرهاق: شوي يأمش الحمدلله على كل حال أهم شيء إن البيبي طلع سليم

    كساب وقف وهو يهتف بمودة: خالتي أدري أنش تعبانة وبنخليش ترتاحين
    ثم أردف وهو يوجه الحوار لكاسرة: يا الله كاسرة نمشي

    عفراء بمودة: اقعدوا تقهوا

    كساب برفض: لا خالتي فديتش بنمشي

    همست كاسرة بذات ذوقها المدروس: دقيقة كساب بأسلم على جميلة وأجيك

    أجابها كساب بعفوية: خلاص بأروح أشوف عمي أدري إنه ينتظر برا
    ولا طلعتي دقي علي

    كاسرة لو كانت ستحكم عواطفها المقلقة لم تكن لتطلب السلام على جميلة
    ولكنها تعرف الأصول جيدا وتعلم أن من أقل مستلزمات الذوق أن تسلم على جميلة بعد هذه الغيبة الطويلة
    وليست هي من تقصر في واجب أو تسمح لمشاعر غبية أن تظهرها بمظهر غير لائق

    المضيفة طرقت الباب لتخرج جميلة كاسرة وقفت لتسلم وإحساس الخطر في داخلها يتعاظم بلا هوادة حين رأتها
    هي شعرت بالغيرة منها حينما رأتها المرة الماضية وهي محض فتاة مريضة وبرفقها زوجها
    فكيف وهي تراها بهذا الحسن مع اكتمال عافيتها ومن غير زوج!!
    كان حسنها ظاهرا ومرتويا لأبعد حد رغم الإرهاق الواضح عليها وأثر البكاء على وجهها

    ولكن ليست كاسرة من تسمح حتى لنفسها أن تبدو في موقف ضعف
    رحبت بجميلة بذوق رفيع وحماسة مدروسة دون افراط أو تفريط وهي تهنئها بسلامة أمها وقدوم المولود

    همست جميلة بابتسامة صافية: الله يسلمش وباركي لي بولدي
    لأنه خلاص زيودي أصلا حقي بروحي

    ابتسمت كاسرة باحترافية: الله يطرح فيه البركة ويجعله عبد صالح
    الحين اسمحوا لي بأرجع لكم مرة ثانية الليلة إذا ارتاحت خالتي عفرا
    باجي أنا وأمي وأختي ومرت تميم إن شاء الله

    وهي تغادر وقعت عيناها على البطاقة التي يتلوى عليها خط كساب الفخم الأنيق
    ولم تهتم وهما في المحل أن تقرأ ماكتب لأنها ظنتها تهنئة تقليدية:

    "الحمدلله يأم زايد على السلامة
    ومبروك قدوم زايد أخيرا بردتي قلب العقيد

    من أبو وأم زايد بن كساب قريبا إن شاء الله"


    شعرت بكثير من الألم
    حتى متى وهو يستهين بمشاعرها لهذه الدرجة
    لماذا يريد أن يبدو أمام أهله كما كان ملهوفا على انجاب طفلبينما يعرف هو وهي الحقيقة
    تعبت من كل هذا تعبت فعلا!!






    *************************************






    " تعال حبيبي حسون
    تعال أغديك!!"

    هز رأسه رفضا بينما جوزا تهمس لوالدتها باحترام: خلاص يمه فديتش أنا بأغديه
    أنا مافيني شيء

    أم عبدالرحمن برفض: والله ماتنزلين من سريرش أنتي بروحش مافيش حيل من كثر ماتزوعين
    ثم أردفت لحسن: تعال يأمك غداك كذا بيبرد

    هز رأسه رفضا وهو يقفز للسرير مع أمه: أبي ماما وإلا بابا

    أم عبدالرحمن بمودة: ياقليل الخاتمة حتى جدتك اللي ربتك ماعاد لها كرت
    ثم أردفت بحزن: وإلا ليش أتشره عليه ماعاد شاف من جدته وجه راضي
    الله يزينها!!

    جوزا تبتسم: يمه فديتش ماعليش من حسن أنا باغديه
    عدا إن عبدالله أرسل لي مسج إنه أكل في الطريق وهو جايبه كيك وعصير

    ذكرها اسم عبدالله بألمها المتزايد
    أخبرتها عالية اليوم إنه مشغول تماما في قضيته مع زوجته السابقة
    لا تنكر أنها شعرت بألم عميق وأنها كان يجب أن تكون جواره حتى لو لم يكن بحضورها يكون بمساندتها
    ولكنها حتى المساندة شحت بها عليه
    ماذا تفعل وهي عاجزة عن المسامحة كما لو أنها تُضرب على رأسها للمرة الثانية والضربة الأولى مازالت لم تشفى.

    أخرجها من أفكارها سؤال والدتها: شعاع متى تخلص محاضرات اليوم

    جوزاء تنظر لساعتها وتهمس بثقل: بعد شوي يمه!!

    أردفت أم عبدالرحمن بتوتر لا تعلم له سببا: زين إنه بكرة ماعندها جامعة
    لأنه فاضل ملزم لو خلصت الفحوص اليوم يملكها بكرة!!






    ************************************






    " راح عليش علي
    كنت أبي أصيده لش
    بس صارت السالفة كلها بسرعة
    سبحان الله نصيب شعاع!!"

    ابتسمت وضحى وهي تعدل وضع نقابها وتنظر للمرأة
    ثم تنظر لكاسرة المبتسمة التي كانت تجلس أيضا بعباءتها في انتظار نزول والدتها وسميرة ليذهبن جميعا لزيارة عفراء:
    حلوة ذي تصيدينه يكون فار بتصيدينه للقطوة
    على قولتش هو نصيب شعاع
    وشعاع تستاهل كل خير
    والطيبون للطيبات
    سبحان الله لما كنتي توصفين لي طبايعه كنت كأني أشوف نص شعاع الثاني
    مافيه حد نقي وشفاف وطيب وحساس مثلها

    كاسرة بمودة: فعلا شعاع تستاهل كل خير بركات دعوات عمتي اللي جابت لها علي
    ثم وقفت وهي تهتف بتساؤل باسم: أبي أعرف أمي وسميرة وش أخرهم
    الثنتين صايرين صمغ وغطاه لازم مع بعض لا وحدة منهم تفقد الذاكرة

    سميرة تضحك وهي تنزل الدرج وخلفها مزنة: سامعتش ياسوسو وتراني ماني بايحة منش عشان تدخلين النار

    كاسرة تبتسم: لا تبحين مني سمورة هانم هذا أنتي سمعتي بأذنش







    **************************************






    " وين كنت فهد صار لي ساعة أنتظرك
    ميت جوع أبي أتعشا
    وكلهم مايبون عشا!!"

    فهد ينظر لهزاع بابتسامة واسعة: كنت في الدوحة شريت شكولاته وورد عشان يوديها المحل لهل حضرة العقيد في المستشفى
    العقيد جاله ولد اليوم

    هزاع يضحك: اللي يشوف شدوقك يقول الولد جاي لك أنت

    فهد بذات الابتسامة: أكيد ليه أنت عندك شك
    زايد بن منصور أصلا ولد الكتيبة كلها
    ثم أردف بتساؤل وهو يضرب كتف هزاع بخفة:
    إلا أنت وش أخبارك ويا التدريبات

    هزاع يزيل غترته ليظهر رأسه الخالي من الشعر تماما وبه عدة إصابات وهو يضحك:
    اليوم حك القائد شعري بنفسه يقول أني أبي تأديب عشان تقدمت في الصف كم سانتي
    المشكلة إنه شعري كان يا الله طالع وهو مصر إني مطول شعري

    فهد بجدية: تستاهل صار لك الحين خمس شهور من يوم دخلت الكلية
    ما أنت بعارف توقف في الصف

    هزاع بابتسامة مرحة: جانا حضرة النقيب بفلسفته من بيفكنا منه
    حاضر سيدي أبشر عُلم






    ***********************************






    " كساب رجاء
    لا تنام هنا روح نام في مكان ثاني!!"

    كساب باستنكار: نعم ووين تبيني أنام يعني

    كاسرة اعتدلت جالسة وهي تسند ظهرها لظهر السرير وتهتف بحزم:
    والله احنا ساكنين في ملعب مهوب غرفة دور لك مكان ونام فيه غير جنبي

    حينها هتف كساب بغضب: وأنا متى فرضت نفسي عليش أو جبرتش على شيء ماتبينه

    كاسرة بذات الحزم المتمكن ولكن مغمور بنبرة وجع حقيقية:
    كساب أنا الليلة ما أبي أشوفك جنبي حتى
    يا أخي حاسة أني مكتومة منك صار لك يومين ضاغط على نفسيتي وأعصابي
    حاسة أني ابي تايم أوت منك لو سمحت

    حينها نهض كساب من جوارها وهو يهتف ببرود بالغ الحزم:
    حاضر يا مدام بأريحش من شوفتي
    بأطلع من الغرفة كلها بأروح أنام عند علي
    خلني أشاركه الليلة الأخيرة من حريته قبل مايدخل خنقة السجن بكرة






    *************************************






    " أنتي صاحية
    توش مالش ساعة من تملكتي وجاية ناطة عندي!!"

    شعاع تبتسم بخجل ووجهها يحمر بتلقائية: تدرين كان ودي أتدلع وأسوي روحي مستحية
    بس شأسوي مع حالتش ماخلتيني أتدلع من اللي بيعابلش إذا استحيت
    أمي ذابحتها الشحنة لعبدالرحمن نزلتها عنده وجيت أنا والخدامة

    حينها تسائلت جوزاء: زين وينها الخدامة

    شعاع تتلفت حولها: حسبتها جات قبلي لأني طلعت على الدرج وهي على الأصنصير لأن معها أغراض
    ثم ضربت رأسها وهي تتذكر: يوووه الغبية هذي أول مرة تجي معي وما تعرف حتى رقم الغرفة
    الحين وين ألقاها أنا بأنزل تحت لو هي تفتهم بتنتظر عند الباب اللي دخلنا معه

    جوزاء بحنان: شعاع ياقلبي مالحقتي ترتاحين توش طالعة ست طوابق بتنزلين بعد

    شعاع وهي تعدل وضع نقابها على وجهها وتتناول حقيبتها وتهمس بتذمر:
    وش أسوي زين المسكينة الحين حايسة مع أغراضها بأروح أدور لها

    شعاع نزلت الطوابق الستة بسرعة وهي تنزل الدرجة الأخيرة من الطابق الأرضي ألتوى كاحلها لشدة استعجالها
    جلست على الدرجة وهي تكاد تبكي من الألم ثم شعرت أن شكلها محرج
    وهي تجلس هكذا
    قررت الوقوف وهي تتحامل على نفسها ولكنها كانت تتحرك بصعوبة يستحيل أن تصل للباب الخارجي ويستحيل أكثر أن تعاود صعود الدرج
    قررت حينه أنه لابد من ركوب المصعد مهما كان رعبها من المصاعد
    فلايوجد أمامها سواه
    قررت أن تتصل أولا بالسائق حتى يعود ويبحث هو عن الخادمة

    ثم توجهت لمنطقة المصاعد ووقفت بجوار سيدتين كانتا تنتظران ركوب المصعد
    وكان هناك شاب وحيد يقف في الزاوية ويكلم في هاتفه

    حين انفتح المصعد ركب هو أولا
    ثم ركبت السيدتين خلفه وشعاع تتبعهما وهي لا تشعر بشيء سوى ألم كاحلها
    وهي تنزوي إلى آخر المصعد وتضغط على زر الطابق السادس


    .
    .
    .
    .



    قبل ذلك بحوالي عشرين دقيقة


    " اسمع ياعريسنا أنت الحين نزلني وعقب دور لك موقف
    مع إن خالتي ملزمة علي أجيبك في يدي
    يعني إن شكلك بيتغير عقب ماصرت رجّال متزوج"

    علي يوقف سيارته أمام الباب لينزل كساب ثم يذهب ليبحث عن موقف
    أكثر من ربع ساعة مرت قبل أن يجد له موقف ثم ينزل
    ويتوجه لمنطقة المصاعد
    وهو هناك وصله اتصال من كساب: وينك يأخي خلاص أنا بأروح خلصني!!

    علي باستعجال: هذا أنا جايك عند الاصنصيرات الحين

    حين انفتح المصعد القريب منه ركب لتركب خلفه ثلاث سيدات
    ضغط على زر الطابق الخامس وهو معتصم بمكانه قريبا من الباب
    ودون أن ينظر إلى ماضغطن السيدات
    ليتفاجأ هو والصبية في آخر المصعد أن السيدتين نزلن في الثالث ولم يتبق في المصعد سوى هما الاثنان
    انتظر أن تنزل الصبية الثالثة ولكنها لم تنزل وهي حين انتبهت أن المصعد عاود الإغلاق والشاب لم ينزل
    أخذت تضغط لوحة التحكم من عندها وهو يضغط لوحة التحكم من عنده
    وكلاهما يريد أن يفتح الباب
    فلا هي تريد البقاء مع الشاب وحيدة
    ولا هو يريد أن يبقى مع امرأة في مكان مغلق لوحدهما!!

    وكما هو معلوم مصاعد مستشفى الولادة كما مصاعد مستشفى حمد مزودة بلوحتي تحكم للأزرار
    أحدهما في أول المصعد والثانية في آخره
    هو كان يضغط زر الفتح بقوة وهي لارتباكها تضغط زر الإغلاق بذات القوة
    وماحدث أن المصعد لم ينفتح ولم ينغلق
    بل أطلق أزيزا خافتا ثم انتفض قليلا ليعلق ويتوقف تماما بين الطابقين الثالث والرابع.




    #أنفاس_ قطر#
    .
    .
    .

    عاد لا تقولون صدفة ماتصير !! :)
    عندنا في الدوحة تصير وتصير لأنه احنا بلد صغيرة
    وأنا شخصيا صارت معي بس كان معي أختي اللي ذبحتني من كثر ماقرصت جنبي
    يعني ماكنا بروحنا ولا تعطل بنا الأصنصير :)
    واحنا عرفناه وهو ماعرفنا طبعا :)
    .
    بارت مميز جدا قادم يوم الأربعاء على الأقل من وجهة نظري ينتظركم مع تبعات إغلاق الاصنصير على المسيو علي والأميرة شعاع
    تعبت كثير لين نسقت لهالموقف وفي هالوقت
    وقصدت تمام إنه يمر بموقف يشبه اللي مر فيه أخوه كساب بعد ملكته
    مع اختلاف الظروف
    عشان تشوفون اختلاف ردة الفعل

    .






    رد مع اقتباس  

  4. #164  
    المشاركات
    3,260
    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    ياصباح الرحمات والتهليل والتكبير
    أكثروا منها في هذه الأيام المباركة
    وقد اختلف العلماء في صفته على أقوال :
    الأول : الله أكبر الله أكبر لا إله إلاّ الله ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
    الثاني : الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلاّ الله، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
    الثالث: الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلاّ الله ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .

    والأمر واسع في هذا لعدم وجود نص عن النبي صلى الله عليه وسلم يحدد صيغة مُعينة .
    وكل هذه الصيغ تُقال في التكبير المُطلق أيام العشر والعيد ، والتكبير المُقيد بعقب الصلوات
    .
    .
    يا هلا والله وألف مرحبا بكل الوجوه والجديدة
    والله يسهل على الذاهبين للحج حجهم وأعادهم منه كيوم ولدتهم أمهاتهم
    دعواتكم لنا أرجوكم
    .
    .
    اليوم عندنا يوم توزيع النجمات
    أول وحدة الغالية نوفي في تبريرها لسبب زواج علي من شعاع
    كانت ماشاء الله تبارك الله الوحيدة اللي قالته
    وقبل ماينزل الجزء اللي فات بس أنا ماقريته إلا قبل تنزيل الجزء على طول
    .
    وأتذكر أيضا أنثى أبكت القمر أنها كانت ذكرت في تعليق قديم جدا أن شعاع سيغلق عليها المصعد مع فهد
    أو علي وإن كانت مع علي فهي ستكون حكايته المنتظرة توقع بارع جدا
    .
    وبما أنني تذكرت التعليقات القديمة فجاكلين كذلك توقعت أن تظهر صورة لخالد الصغير مع والده
    .
    أنا ما أتذكر حنين الذكرى قالت إن امهاب بيموت يمكن قلتيه في موقع الأحزاب
    يا الله ياحلوة قربي نعلق النجوم
    بس تدرون بنات لو على توقع موت امهاب أتذكر إرادة بعد قالت يمكن يصير كذا ومن وقت طويل بعد
    .
    .
    يا اللهماشاء الله اليوم نجمات بالهبل!!
    .
    فيه سؤال انسأل قبل وجاوبته قبل بس ماعليه أعيد
    هل أنا أنفذ الطلبات اللي البنات يطلبونها في الرواية
    يعني وحدة تبي مواقف زيادة للشخصية الفلانية لأنها تحبها وهي شخصيتها المفضلة
    الجواب بصراحة لا وقلتها قبل بكل صراحة لا
    والسبب بسيط وصريح اللي يكتب واحد واللي يقرون الآف
    لو أنا طاوعت كل وحدة تبي شيء في اللي هي تبيه
    وش راح يبقى من روح الرواية اللي هي روحي
    ولا شيء ولا شيء أبد
    والقصة اللي عجبتكم بتصير مجرد حكايات مفككة مجمعة لإرضائكم وبعدها أنتو لن ترضوا عنها حتى
    مثل سالفة الممثل اللي قلت لكم عنها المرة اللي فاتت :)
    قلت لكم قبل إني أستمتع جدا جدا جدا في تعليقاتكم وهي تصنع للرواية ألف روح خارجية
    ولكن روحها هي يجب أن تصدر عن كاتبها حتى لا يحدث التناقض والضعف
    وحلاوة القصة بتعليقاتكم والاختلاف حولها دون أن تفسدها هذه التعليقات
    أما متى أستفيد من التعليقات في صلب القصة
    حين أشعر أنه ربما هذه النقطة غير مفهومة وتحتاج إيضاح
    فأضع موقف لإيضاحها فقطفقط فقط.
    لأنه كل الأحداث والتفاصيل الرئيسية تم تقريرها منذ زمن
    فلا أغير الأحداث أو المسار الفكري أبدا لأي سبب
    .
    .
    الموقف المنتظر بين علي وشعاع
    واحد من أقرب المواقف لقلبي

    لأني حسيته بالفعل يكشف عن شخصية علي الحساسة والرومانسية يمكن بشكل ماعاد موجود في الواقع
    مع أني والله العظيم والله العظيم أعرف واحد شخصيته مثل علي الله يهني مرته فيه
    مرته صار تخاف تقول عن مواقفه معها تخاف من العين ومعها حق:)
    الله يحميهم من كل شر ولا حول ولا قوة إلا بالله
    .
    ماتتخيلون وش كثر تعبت في هذا الموقف
    ارجو يعجبكم
    وعلى فكرة ترا حالة علي بيكون لها تفسير علمي بس خلوه بعدين
    ما قلت لكم قبل إن علي بيكون له قصة خاصة جدا
    استلموها
    .
    الجزء 59
    .
    موعدنا الجاي يوم الجمعة الساعة وحدة الظهر إن شاء الله
    .
    قراءة ممتعة مقدما
    .
    .
    لا حول ولا قوة إلا بالله
    .
    .





    بين الأمس واليوم/ الجزء التاسع والخمسون





    شعاع حين علمت أن المصعد تعطل
    شعرت أن أعصابها أُصيبت بالشلل


    " يعني طول عمري مرعوبة من المصاعد
    ويوم قررت أركب يتعطل فيني
    لا ومعي رجّال وبروحنا"


    تناولت هاتفها وهي ترتعش برعب حقيقي حاولت الاتصال بجوزاء
    ولكن الإرسال عن مقطوعا في داخل المصاعد كالعادة

    ألقت حقيبتها أرضا لأنها كانت عاجزة حتى حمل نفسها
    وهي تتسند بظهرها على آخر المصعد
    وتمنع نفسها من التفكير بشيء حتى ألم كاحلها الذي نسته في خضم رعبها
    وهي تشد له نفسا عميقا وتكثر من الدعاء


    علي حين توقف به المصعد كان خاليا إلا من شعور حرج أن المصعد أغلق عليه ومعه امرأة لوحدهما
    تناول هو أيضا هاتفه بثقة ليتصل بكساب ليجد الإرسال متعذرا أيضا
    اتصل بطلب نجدة المصاعد المعلق في المصاعد ولكن لم يجبه أحد

    شعاع حينما رأت الرجل يتصل ولا أحد يجيبه
    بدا ارتعاشها يتزايد ومحاولاتها لعدم التفكير تتبخر
    وبدأت تشعر أن جدران المصعد تتقارب لتطبق على أنفاسها
    ثم جلست على الأرض وهي تضم ركبتيها لصدرها وبدأت ترتعش بشكل فعلي واضح
    وهي تحاول منع نفسها من البكاء أمامه


    علي صُدم من ردة فعلها المبالغ فيها هتف بنبرة تهدئة بصوته الهادئ العميق:
    يا أختي اذكري الله أنا أتصل والحين بيردون علي
    لا تخافين من شيء هذا ظرف طارئ وأنا حسبة أخيش

    حاول الاتصال مرة أخرى أمامها علهم يجيبون فتهدأ ولكنهم لم يجيبوا

    حينها بدأت تصرخ وهي تصيح بنبرة مختنقة:
    بأموت والله العظيم بأموت
    تكفى يأخي كلمهم واللي يرحم شيبانك كلمهم

    علي بدأ يتوتر من حالتها غير الطبيعية
    " أكيد هذي خبلة!!
    الله يستر لا يصير لها شيء ومامعها في الأصنصير إلا أنا"

    شعاع بدأت تشعر بالاختناق الفعلي الناتج من رعبها الحقيقي من المصاعد
    وهي ترا علي يتصل مرة بعد مرة ولا أحد يجيبه
    والوقت يمر واختناقها يتزايد ويتزايد

    لم تشعر بنفسها إلا وهي تشد نقابها عن وجهها لأنها ماعادت قادرة على التنفس أبدا

    علي حين رأى المرأة أزالت نقابها عن وجهها
    أشاح نظره عنها بشكل كامل وهو يوليها ظهره ويتصل مرة أخرى
    هذه المرة أجابوه هتف علي باستعجال: الأصنصير معطل ومعي وحدة تعبانة

    أجابوه بقولهم:
    شفنا العطل يأخوي استحملوا بس ربع أو نص ساعة بالكثير
    لأنه فيه واير محترق ولازم نغيره.
    والأكسجين عندكم يكفيوبيكون فيه طاقم إسعاف واقف عند الباب

    علي هتف لشعاع بنبرة تهدئة ودون أن ينظر ناحيتها: ربع ساعة نص ساعة بالكثير ويفتحون لنا

    حينها قفزت شعاع أمامه وكل تفكير لديها يتعطل وهي تصرخ بهستيرية:
    وش نص ساعة والله العظيم بأموتبأموت أنت ماتفهم بأموت

    ثم بدأت تبكي بهستيرية وكل محاولاتها لمنع نفسها من البكاء تنهار:
    بأموت والله العظيم ماني بقادرة أتنفس بأموت
    بأمـــوت بــــأمـــوت.

    علي لم يستطع أن يرد عليها بشيء
    فالتفكير كله طار والكلمات كلها تبخرت
    منذ صافحت عيناه صفحة وجهها شعر كما لو أن ماسا كهربائيا كاسحا ضرب قلبه في منتصفه تماما
    لينثره أشلاء رآها تتطاير أمامه في فضاء المصعد !!


    شعر أن هذا الوجه كان يرافق أحلامه منذ الأزلوقلبه يذوي مع انفعالها
    أما حين بدأت بالبكاء فهذا القلب المجنون بدأ يتداعى بصورة مؤلمة غير طبيعية

    كان نظره كله مركز على وجهها يحاول أن يشيح بنظره فلا يستطيع
    يحاول أن يبعد نظره عنها فيجده يعود لها مرة أخرى

    ينظر لارتعاش شفتيها
    وكيف تخرج كلماتها من بينهما مبعثرة كتبعثر السكر
    ينظر لعينيها المغرقتين بالدموعالتي بدت له بحيرة تفيض بحبات الكريستال الصافي الذي تعلق بأطراف أهدابها
    ينظر لخديها المحمرين المبللين كخدي طفلة!!

    "يا الله هل هناك هناك مخلوقة عذبة ورقيقة كهذا"

    حاول أن يشيح وهو يقول لنفسه: النظرة الأولى لك والثانية عليك
    اللهم أني استغفرك وأتوب إليك

    ولكنه لم يستطع أن يشيح بنظره عنها
    كما لو أن هناك شيء أقوى منه يجبره على ذلك
    ينظر لها وهي ترتعش وتبكي كطفلة خائفة وبباله خاطر واحد مجنون:
    ماذا لو أخذها في حضنه ليسكن جزعها وارتعاشها الذي يشعر به يذيب كل خلية في جسده

    ليكتمل جنون هذا المشهد بشعاع تفقد وعيها
    وربما كان هذا رحمة بها لأنها لو بقيت بوعيها أكثر لفقدت عقلها

    علي حين رأها تميد وكأنها ستفقد الوعي أمسك بها
    لأنه كان يعلم أنها ولو وقعت دون إسناد على أي من زوايا المصعد الحديدية
    فإن إصابتها ستكون جسيمة

    وكان من المفترض أنه حين أسندها أن تنتهي مهمته وأن يتركها ممدة على أرض المصعد
    ولكنه لم يستطع تركها للأرض وهو يسندها إلى حضنه هو:
    " هذي حرام تلمس القاع القاسية جسمها يمكن تنخدش من رقتها"

    " تدري أنك استخفيت ياعلي
    استغفر ربك البنية حرام عليك ومسكتك لها حرام"


    رغم كل شعوره بالحرج مما يفعله والفتاة ممدة في حضنه
    ولكنه لم يشعر بالأثم وألم الذنب الذي يشعر به أصحاب القلوب الصحيحة حين يرتكبون أدنى ذنب
    كان يشعر أن مايفعله هو حق مكتسب وحقيقي وأصيل

    كانت ممدة في حضنه فاقدة للوعي
    وهي تتيح له بذلك فرصة مراقبتها بحرية
    لم يحاول حتى إيقاظها أراد فقط أن ينظر إليها بتمعن
    وكأن الله سبحانه يمنُّ عليه بذلك حين جعلها تفقد وعيها

    كل تفاصيل وجهها الطفولي العذب وانحناء ذقنها منحدرا لامتداد لعنقها
    بل حتى شعرها الحريري لأن شيلتها سقطت مع سقطتها
    كان وجهها خاليا تماما من أي زينة عدا مرطب شفاه ملمع بلون زهري خفيف
    ومع ذلك بدت له أجمل مخلوقة رآها في حياته

    رأى في حياته آلاف الأشكال اللاتي قد يكنَّ أجمل منها فعلا
    سافر لعشرات البلدان ورأى مختلف أشكال النساء
    لم تحرك واحدة فيه أدنى إحساس
    حتى إصراره على جميلة كان من محبته لخالته واعتزازه إنها تربت في بيتهم

    فما مصدر غرابة وقوة وعمق إحساسه بهذه المرأة المجهولة التي تتمدد في حضنه
    في موقف لم يكن ليخطر له ببال أبدا

    ماهو السر في هذه المخلوقة؟
    شعر كما لو أنه في حياته كلها كان ينتظر شيئا مجهولا لا يعلم ماهيته وهاهو يجده الآن ولا يعرف كيف
    حاول جاهدا ولعدة مرات أن يبعدها عن حضنه ليمددها على الأرض ولكنه لم يستطع فعل ذلك
    كما لو أنه يخشى على رقتها أن تكسرها قسوة الأرض فعلا

    لم يستطع إبعادها عنه لأن عينيه كانتا عاجزين عن الابتعاد عن مدى وجهها
    كما لو أنه مأسور بسحر أزلي استعصى على الفك
    لم يعلم كم مضى من الوقت وهو مفتون بمراقبتها فقط


    كان يريد إبعادها عنه فإذا به دون أن يشعر بنفسه يرفعها قليلا عنن حضنه ليضمها لصدره بخفة
    ولكنه انتفض بجزع حقيقي
    وهو يفلتها ويكثر من الاستغفار والدعاء لله أن يقويه على شيطانه

    ولكنه لم يستطع إلا أن يعيد الكرة مرة وهو يشعر أن رائحتها أسكرته تماماوأوقفت كل تفكير عقلاني لديه
    هذه المرة احتضنها بقوة رغما عنه
    وهو يشعر أن قلبه يبكييبكي فعلا
    ينزف دموعا لا حدود لها ولا يعلم لماذا
    أ خوفا من ذنب مافعله
    أم رهبة قربها

    أسند ذقنه لرأسها وهو يتنفس عطر شعرها بعمق
    يحاول جاهدا قهر نفسه ليفلتها
    ولكنه لم يستطع لم يستطع كما لو أن روحه ستغادره لو تركها
    أي جنون أصابك ياعلي وفي دقائق معدودة فقط؟!

    ضمها أكثر وهو يشعر بليونة جسدها تذيب كل أعماقه
    كما لو أن تفاصيل عظامها الرقيقة تنطبع بعلامات من نار على كل نواحي جسده
    بدأ هو يرتعش بعنف كالمحموم تأثرا من قربها الذي قلب كل كيانه
    كإعصار هائل مر في لحظات ليقلب كل شيء!!

    أفلتها قليلا وهو مازال يرتعش بذات العنف ليملأ نظره من وجهها
    يعلم أن المصعد سيفتح قريبا رغم أنه تمنى ألا ينفتح أبدا
    أراد أن يتزود من كل تفاصيلها

    كان وجهها قريبا جدا منه
    وشفتاها اللتان ماتزالان ترتعشان بخفة تبدوان غاية في العذوبة إلى درجة التعذيب
    أقترب منها أكثر وكان على وشك أن يفعلها
    لولا أنه انتفض بعنف وهو يهز رأسه بعنف رافض

    وينـزلها أخيرا على الأرض !!
    ويقفز بحدة مبتعدا عنها وهو يلهث بذات الحدة:
    استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم
    استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم
    وش كنت بأسوي الله يلعنك يأبليس؟


    "والله العظيم إني عمري كله وأنا أدور لها
    وعقبه ألقاها في نفس اليوم اللي أتزوج فيه!!"

    كان علي على وشك أخذ حقيبتها
    كان يريد أن يبحث فيها عن أي اثبات لها حتى يأخذه ليعرف كيف يتوصل لها فيما بعد
    فهو يستحيل أن يتركها بعد أن وجدها
    ولكنه قبل أن يتناول الحقيبة تحرك المصعد بسرعة ثم انفتح

    وقف علي جانبا بينما المرضات دخلن وهن يحاولن إفاقتها
    بينما علي يهتف برجاء عميق: تكفون غطوها

    كان يشعر بغيرة عميقة أن يرى رجل آخر مارآه هو
    بل مايعتبره بكل جنون حق له وحده!!

    كان يريد أن يتبع الممرضات ليتعرف على اسمها
    ولكنها مع إيقاف الممرضات لها بعد أن جعلناها تشم شيئا في داخل الأكسجين
    نهضت من إغماءتها وهي تتناول حقيبتها وتغطي وجهها بطرف شيلتها و تهرب وهي تعرج

    الممرضات طلبن منها التوقف ولكنها كانت تشير بيدها: مافيني شيء مافيني شيء


    أراد علي أن يتبعها ولكن كان هناك العشرات متمجهرين حول المصعد
    ينتظرون رؤية من اُغلق عليهم المصعدفقدها بينهم


    ركض في أنحاء الطابق الرابع حيث انفتح المصعد
    لم يعلم أنها تركت الطابق كله وتوجهت للدرج
    بقي يدور كالمجنون في الطابق
    ثم استند إلى الحائط وهو يلكمه ويكاد يبكي قهرا
    كيف اختفت هكذا


    كما لو أنه وجد حلمه الذي كان يبحث عنه حياته كلها
    ثم سمح له أن يتبخر أمامه كسحابة صيف وَقَته هجير الشمس لثوان
    ثم ارتحلت للأبد ليحترق من الشمس التي كان قد اعتاد عليها
    لأنه يستخدم واق منها هو قلبه الخالي

    ولكن قلبه الآن ماعاد بين يديه أخذته وفرت به
    فكيف سيحتمل
    بدا له الأمر فوق احتماله لأنه ليس أمرا في استطاعة البشر
    بل هي قدرة رب العالمين الذي حكم عليه بهذا الامر المهول الذي يمزق روحه بطريقة غير إنسانية!!


    وهو في وقفته رن هاتفه كان كساب هو المتصل

    هتف له علي بنفس مقطوع: كساب ما أقدر أجي لخالتي
    تعال لي أنت في الطابق الرابع

    لم يستغرق الأمر دقيقتين ليصله كساب وهو يهتف له بقلق: وش فيك

    علي بإرهاق: تعبان شوي أبي أمشي للبيت وأبيك أنت تسوق

    وهما في السيارة كان كساب يسأله ولكن علي لم ينتبه مطلقا لما يقول
    فباله وتفكيره لم يكونا معه إطلاقا

    هتف كساب بنبرة مقصودة وهو يحاول كتمان غضبه وهو يهز كتف علي بعنف:
    علي وش فيك منت بطبيعي!!

    علي انتفض بخفة: مافيني شيء مرهق شوي قلت لك

    كساب بذات النبرة المقصودة التي أصبحت أقرب للغضب وهو يضرب جيب علي على صدره بقسوة:
    والشيء ذا هو سبب إرهاقك

    حينها التفت علي لما يشير له كساب كان لونا زهريا فاتحا يلوث جيبه تماما
    لم يربط علي وهو يجيب بعفوية: ما أدري من وين جا الوسخ ذا

    حينها أوقف كساب السيارة وهو يلتفت بحدة لعلي وينفجر بغضب متفجر فعلا:
    وسخ أنت مفكرني بزر تلعب عليه
    أنت نزلتني في المستشفى ووين رحت ذا كله يا قليل الأصل

    علي بجزع غاضب: أنا قليل الأصل

    كساب بذات غضبه المتفجر وهو يلكم عضد علي بقوة:
    إيه قليل أصل وماتستحي ومافي وجهك ذرة حيا
    تقول لي وسخ وهي داعسه خشتها في صدرك
    لا وجاي بكل وقاحة لين المستشفى عقبها

    حينها انتبه علي أن مابصدره هو بقايا ملمع شفاهها
    حينها لمسه بكل خفة وهو يهمس بوجع كأنه يحادث نفسه: مكان شفايفها!!

    كساب كان يريد أن يشده خارج السيارة ليضربه
    ولكنه شد له نفسا عميقا وهو يمنع نفسه من التهور ويشغل السيارة ويهتف بحزم غاضب:
    وتعترف بعدزين ياعليان خلنا نرجع البيت
    إما ربيتك من جديد ما أكون كساب بن زايد
    أنت ما تستحي على وجهك توك متملك مالك ساعتين
    يومك دروبك دورب خمل كذا ماكان خذت بنات الناس
    أموت وأعرف أشلون كنت داس علينا كذا أشلون كنت مسوي روحك الملاك اللي مايغلط

    علي حينها هتف بألم: وين راح تفكيرك أنا الله العظيم ماطلعت من المستشفى مكان

    علي حكى لكساب كل شيء فهو لن يحتمل وزر هذا الألم لوحده
    حينما انتهى من حكايته انفجر كساب ضاحكا وهو يهتف:
    تدري أني كنت أشك إنك خبل بس الحين تأكدت مافيه مجال للشك

    علي أجابه بألم حقيقي: داري أنك بتضحك علي واضحك مايهمني
    تدري ياكساب يوم شفتها تبكي هقيت إن الشاعر يوم قال:
    (وماذرفت عيناكِ إلا لتضربي.بسهميكِ في أعشار قلب مقتّل)
    إنه ما قالها إلا عشانها
    القلب من اللحظة اللي شفتها فيها صار قطع مكسرة
    وزادتها علي ألف مرة يوم شفتها تبكي

    كساب مازال يضحك: نعنبو دارك هذا كلام صاحين
    أنا أشهد أنك استخفيت أمحق دبلوماسي عقله أقل شيء يطيره

    علي بغضب: إيه كلام صاحين وبأدورها لين أعينها واتزوجها

    كساب يحاول أن يتماسك من الضحك: واشلون بتعينها
    المسكينة تلاقيها ارتاعت من المستشفى بكبره
    ثم أردف بتماسك جدي: وبعدين أنت واحد تزوجت خلاص
    عيب عليك ذا الكلام حتى لو كان نكتة

    علي بإصرار: أنا مستحيل أتزوج حد غيرها
    ثم أردف بألم: كساب حتى بعيد عن مشاعري اللي أدري أنها غبية وسخيفة وتضحكك
    البنت ضميتها لصدري وأعوذ بالله منك يا ابليس ماكان بين شفايفي وشفايفها إلا ستر ربي
    لين الحين أحس أنفاسها دخلت صدري ومارضت تطلع.وريحتها عبت رأسي
    وعقبه تقول اخليها!! في أي دين وشرع هذا

    كساب حينها هتف بجدية صارمة مرعبة: عشانك بزر وقلبك معلق في مخباك
    اصطلب ياولد بنات الناس مهوب لعبة عندك
    شفت بنت بين إيديك في موقف ضعف وماقدرت تمسك نفسك منها
    سويت غلط كبير واجد لكن مهوب لدرجة أنك تحس أنك مسوي غلط تبي تصلحه
    البنت ماصار بينك وبينها شيء بالمعنى اللي لازم يتصلح
    إلا عاد لو أنت اللي تبي تحس إن غلطك لازم يتصلح
    خلك من خبال البزارين
    وإلا تدري روح افضح روحك أحسن وقول لأبيك أبي أطلق بنت فاضل
    عشان وحدة ضميتها في الأصنصير
    افضح روحك وافضح بنت الناس اللي ماتدري من هي

    اسمعني ياعليان زين حكي ياصلك ويتعداك
    والله ثم والله لا تهين بنت فاضل بن عبدالرحمن بأدنى شيء وإلا تفكر تخليها
    أن قد تشوف شيء عمرك ماشفته






    ***************************************








    رد مع اقتباس  

  5. #165  
    المشاركات
    3,260

    " شعاع وش فيش نقزتي قلبي
    اهدي وقولي لي"

    كانت شعاع تنتحب وترتعش بقوة في حضن جوزاء:
    يمه ياجوزا يمه
    تسكر علي الاصنصير مع رجّال بروحنا
    وكنت بأموت والله ما أدري وش هببت
    بس الأكيد إنه الرجّال شاف وجهي ويمكن شاف شعري بعد
    وعقبه أغمي علي
    ياويلي من ربي ياويلي من ربي
    الرجّال شاف مني اللي حتى رجّالي مابعد شافه مني!!

    جوزا تهدئها: خلاص شعاع ياقلبي أنتي مالش ذنب
    خلاص والله ماعاد تقعدين عندي عقب اليوم
    أساسا أنا بأطلع يا الليلة يابكرة
    وخلاص أنتي مالش قعاد عندي

    شعاع مازالت تنتحب وهي تحاول تهدئة نفسها:
    خلاص باقعد لين العصر
    بأخلي الممرضات يشوفون رجلي وبارتاح وعقب بأروح





    *****************************************






    " الحمدلله على السلامة يأم زايد!!
    أنا أمس ماجيت لأن مزون قالت لي أنش تعبانة"

    عفراء تهمس باحترام جزيل: الله يسلمك وتلفونك يكفيماكان تعنيت

    زايد بفخامة : مايصير يأم زايد لو مهوب عشان زايد الصغير
    عشان بنتي جميلةلازم أجي أتحمد لها السلامة

    جميلة تبتسم بمودة مصفاة: وجعل جميلة ماتبكيك قول آمين
    ثم أردفت بمرح: إلا سماوة زايد وينها

    عفراء نهرتها: عيب يا بنت

    زايد يبتسم: عفرا وش فيش على البنية إنها صادقة تبون تسمون عليّ ببلاش

    عفراء بذات الاحترام العميق: اسمك بروحه سماوة

    زايد بمودة: سماوة زايد بتجيكم في البيت لا طلعتوا وماتبونها تراها لجميلة
    ثم أردف بتقصد: ولو أني زعلان منها واجدعلى سواتها في سمي الغالي

    حينها انطفئت ابتسامة جميلة وهي تنكمش قليلا في مقعدها
    مزون شدت ذراع والدها وهي تهمس في أذنه :يبه مهوب وقته
    ثم أردفت بصوت عال: يبه ماتبي تشوف سميك

    همس في أذنها: ترا موضوع خليفة والله ما أخليه يعدي بالساهل حطي عندها خبر بذا الشيء
    ثم أردف مثلها بصوت عال: جيبو سميي أشوفه

    مزون وقفت لتحضر زايد الصغير ثم وضعته بين يدي والدها الذي حمله بحرص ووجهه يشرق
    قبل جبينه وهو يدعو له بالصلاح

    همست مزون بابتسامة: مهوب لو أنك تطيعني وتتزوج
    كان الحين عندنا ولد حقنا بروحنا بدل ماجميلة تحرني كل ماجيت أحبه

    زايد أعاد الولد لها ثم قرص خدها بمودة: وأنتي من جدش تبين مرة تشاركش في أبيش

    ابتسمت مزون: يبه فيه فرق بين المحبة والإنانية أكيد أني ما أبي حد يشاركني فيك
    بس لو بغيت تتزوج أكيد حقك لأنه أنت توك والمفروض سويتها من زمان مهوب ذا الحين
    وتدري يبه الدبة جمول حرتني خاطري في أخ صغنون لي بروحي مالي شغل

    ابتسم زايد وهو يقف: وهذا زايد الصغير حقكم كلكم
    وانتظري شوي وينترس البيت من عيال كساب وعلي إن شاء الله






    **********************************





    منذ عاد من المستشفى وهو في حالة انعدام وزن تامة
    لم يستطع حتى الذهاب لعمله وباله مشتت هكذا
    لا يعلم أي عاصفة ضربت منتصف قلبه هكذا وهو يشعر به مفتت أشلاء
    خلع ثوبه وهاهو معلق أمامه وسيحتفظ به هكذا حتى آخر يوم في عمره
    عيناه لا تغادران مكان شفتيها التي لامست صدره.
    كلما تذكر ذلك شعر بنغزة حادة حقيقية في قلبه

    والأمر المؤلم أكثر لمشاعره الرقيقة وضميره الحي أنه يشعر أنه يخون المرأة التي من المفترض أن تكون هذه المشاعر لها
    أنه يخون شعاع!!

    للتو صباحا كان يطبع توقيعه بجانب توقيعها
    الذي بدا مرتبكا متعرجا كما لو أن أنامل من يوقع ترتعش

    لماذا يُحكم عليه أن يحب بهذه الطريقة المجنونة
    ذلك الحب المجنون الذي يقال عنه "حب من النظرة الأولى"
    يحب امرأة لا يعرف عنها شيئا وفي نفس الوقت الذي أصبحت مشاعره مقيدة لامرأة أخرى رسميا

    حين يفكر في سخرية كساب منه يجد أن كساب كان محقا في كل ماقاله
    فهو ليس أكثر من غبي سخيف من يحب بهذه الطريقة الطفولية الغبية
    ولكن ماذا يفعل يعلم أن قلبه اللين ليس كقلب كساب المتحجر
    هكذا خلقه الله فهل يعترض على ذلك

    هاهو يصلي العصر وقضى الوقت بين الصلاتين في دعاء وحيد:
    " يا الله ياكريم
    إن كان لي في هذه البنت خير
    فاجعلني ارآها
    إن كنت تعلم يا آلهي أن حياتي يجب أن تكون معها
    لا تحطم قلبي هكذا واجعلني آراها مرة واحدة فقط
    حتى أعرف من هي"


    علي قرر أن يتوجه للمستشفى وفي باله خاطر واحد
    إن كان الله راضيا عليه ويعلم أن في لقاءها مصلحته
    فهو سيعثر عليها حالا
    فهو لا يستطيع إحراج نفسه بالسؤال ولا بالوقوف في الممرات

    أما إن كانت هذه الفتاة ليست سوى مجرد اختبار من رب العالمين ليعذبه في هذه الدنيا
    فهو لن يعترض على ماكتبه الله له
    وسيبقى يتجرع ألم ولهه وعشقه غير المعقول

    ولكن زوجته ماذنبها ماذنبها
    فهو يعلم أن مايشعر به الآن يستحيل أن يكون شعورا وقتيا سيمضي مع الوقت
    بل هذا الشعور اخترق قلبه وأستولى على روحه حتى آخر قطرة
    يشعر أنه لا يستطيع التفكير بشيء عدا تلك المجهولة
    وكلما فكر بها شعّر بدقات قلبه تتسارع إلى حد الإجهاد وهو يشعر كما لو أن قلبه سيقفز من بين جنبيه






    *************************************






    " صالح طالع الحين"

    صالح بتأفف: تكفين نجلا بدون تحقيقات طالبش

    نجلا بألم: يمه وش فيك شبيت فيني
    كنت أبي أقول لك إني مجهزة فوالة العصر تحت
    ولو كنت بتتقهوى معي قبل تطلع

    صالح بنبرة تراجع نادمة: كله منش ماعاد خليتي فيني مخ يفكر
    على طول مخليتني متحفز كني في موقع اتهام

    همست نجلا بضيق وهي تنظر للأسفل: محشوم يأبو خالد

    حينها مد صالح يده وهو يرفع ذقنها ليقبل أرنبة أنفها ويهتف بابتسامة:
    مشكلة الغالي لا درا أنه غالي تغلى بزيادة!!

    حينها ابتسمت وهمست بمرح: يعني لو سألتك وين رايح منت معصب علي

    ابتسم وهو يربت على خدها: إلا بأزعل وأعصب بعد وين بأروح يعني


    كانا ينزلان للأسفل حيث القهوة ونجلاء تهمس بنبرة مودة:
    أبي أروح الصالون بأغير شوي في شعري عندك مانع

    صالح بعفوية: لا حبيبتي ماعندي مانع






    ****************************






    لا تنكر أن توترها يتزايد منهوالأكثر استغرابها
    منذ ذهابهما للمطعم قبل أمس وتوجس عميق أصبح في روحها من ناحيته
    أصبحت تجيب على إشاراته بإشارات مشابهة
    ولكنه يشير لها في الحدود الدنيا عن أمور عفوية يومية

    تشعر أن حاجزا كبيرا بينهما انهار وهذا الإنهيار لابد أن يحدث بعده تقارب!!
    وهذا التقارب المفترض يقلقها ويوترها
    تجد نفسها غير مستعدة له إطلاقا
    لطول ما اعتادت على حياتها الساكنة معها حياة آمنة كانت تريحها
    لا تريد تغييرها
    فمع التقارب يحدث التعقيد البشري الناتج عن تعقيد المشاعر
    أمور هي في غنى عنها

    لكنها في ذات الوقت لا تستطيع منع تميم من حقه الذي هو سنة الله في خلقه
    أفكارها مشوشة وتميم بغموضه يزيدها تشويشا
    فلا هو من يصرح بما يريد ولا هو يظهر نواياه
    أو ربما كان كل هذا محض هواجس في عقلها هي وحدها وهو يتصرف بعفوية

    منذ أن غادر لصلاة العصر لم يعد تعلم أنه سيذهب لعمله
    رغم أنه لم يعد منه إلا وقت الغداء بالكاد غفا له نصف ساعة

    رن هاتفها كانت نجلا التي همست لها باستعجال:
    تروحين معي الصالون

    سميرة بابتسامة: ماكنش يتعز على قولت خالي هريدي
    كان ودي بس عندي تصحيح
    إلا أنتي وش تبين بالصالون

    نجلاء بعفوية: باروح أصبغ شعري.

    سميرة بصدمة: نعم صاحية أنتي حد عنده لون شعرش ويفرط فيه
    حرام تخربينه بالصبغات أنا أصلا أصبغ شعري عشان يكون نفس لون شعرش

    نجلاء بضيق: أقول ابي أسوي تغيير يمكن يعجب صالح!!

    سميرة بتحذير: ياويلش يا الخبلة تسوينها. أنتي أساسا ألف مرة قايلة لي إن صالح يموت في لون شعرش

    نجلاء بيأس: يجاملني صالح ماعاد يشوف فيني شيء عاجبه مايشوف إلا عيوبي
    يعني الحين شايلته وشايلة بيته والله العظيم حتى فنايله وسراويله مايعرف مكانهم
    كل شيء أنا أسويه له وعقبه يحاسبني إني أغار عليه
    وكني أنا مصدر الضيق الوحيد في حياته

    سميرة بتهدئة: خلي خلافاتش أنتي وصالح بعيد عن شعرش لا تصيرين خبلة
    أنتي الحين شعرش حلو وناعم بس يوم يدل الصبغات والله العظيم لا ينقلب حاله

    نجلاء بتصميم: قلت لش أبي أسوي تغيير وأنا استاذنت صالح ورخص لي
    ماتبين تروحين معي خلاص بأروح بروحي!!


    سميرة تنهدت بعمق
    يبدو أن لا أحد مرتاح في هذه الحياة
    فحتى أختها التي يبدو أنه لا مشاكل عندها تخترع لها مشاكل من تحت الأرض
    أو ربما كان عندها مشاكل فعلا لا تشعر سميرة بها
    "النار ماتحرق إلا قدم واطيها!!"
    وانشغال سميرة بحياتها جعلها تغفل النظر عن الإحساس بمشاكل أختها كما تشعر هي بها


    كانت تريد أن تحمل أوراقها لتنزل في الأسفل لتصحح عند مزنة
    حين وصل هاتفها رنة رسالة
    كانت من تميم

    توترت كما لو أنه سيقفز من الرسالة عفريت ما لو فتحتها
    سابقا لم تكن تهتم حين يصلها رسالة منه لأنها تعلم تماما ماهو المضمون
    " سأتأخر جهزي لي الأمر الفلاني" وفقط
    لكن الآن لأنها تشعر كما لو كان يلاعبها على الحافة
    فهي تخشى من كل خطوةفتحت وأصابعها ترتعش:

    " افتحي درج مكتبي الأول"


    توجست وهي تتجه للدرج وتفتحه
    وجدت علبة مربعة مغلفة بتغليف راق جدا والشريطة عليها اسم محل مجوهرات شهير جدا
    وفوقها بطاقة فتحت البطاقة:

    " أعلم أني لم أهديكِ شيء طيلة الأشهر الماضية
    رغم أن كل شيء جميل أراه أتخيله ينير نحركِ أو معصميكِ أو أناملكِ
    ولكن لم أستطع أن أفعل ذلك سابقا كما تشجعت وفعلتها اليوم
    .
    أتمنى أن يعجبك ذوقي
    وأتمنى أكثر ألا تتعبي رأسك الجميل في البحث عن مبررات
    فالبحث عن المبررات يفسد دائما كل ماهو جميل!! "


    سميرة وضعت العلبة فوق المكتب وهي تنظر لها بفضولها العفوي الطبيعي:
    وش اللي تغير زين ياتميم
    أول ماتقدر والحين تقدر!!
    الرجّال ذا بيجنني

    لم تقاوم طبعا فضولها في فض الغلاف وفتح العلبة ثم الانبهار فعلا بما في داخلها
    لا تعلم هل انبهرت لأنها لم تتوقع أن تكون الهدية بهذا الذوق والجمال
    أم لأنها لم تتوقع أن يكون عند تميم كل هذا الذوق الرفيع!!

    كان عقدا ماسيا ناعما دائريا بإحجار ناعمة متناهية في الصغر
    ولم تقاوم طبعا رؤيته على نحرها

    ارتدته بالفعل وهي تشعر كما لو كان قد صُنع لها خصيصا وهو يبدو مبهرا على نحرها الناصع
    في لك الوقت تماما وصلها رسالته الثانية:

    " أحلى من العقد لبّاسه
    عارف إن العقد الحين يلمع أكثر من لمعته
    لأنه كان له شرف ملامسة الطهر اللي مالمسناه"

    سميرة أعادت العقد في علبته بسرعة وهي ترتعش:
    يمه يمه سكني هذا وأشلون درا أني لبسته
    وش ذا الكلام اللي يروع اللي يقوله الرجّال شكله استخف رسمي





    ************************************





    " كساب وين بتروح"


    لم يرد عليها وهو يضع أغراضه وملابسه في حقيبته والتي كانت في مجملها موضوعة في أكياس قماشية داكنة
    ويبدو واضحا أن بداخل كل كيس حذاء برقبة عالية وهو يصفها بعناية دقيقة داخل الحقيبة.

    أعادت السؤال بحزم: كساب لو سمحت جاوبني وين بتروح

    أجابها حينها بحزم: شايفتني أحط ملابس داخل الشنطة وين بأروح يعني
    بأسافر

    همست بغضب رقيق: وبدون ماتعطيني خبر حتى؟!

    حينها هتف بسخرية: تدرين كنت بأقول لش البارحة
    بس البارحة مرتي طردتني من غرفتي تخيلي!!

    سألت بحزم وهي تنظر له وتكتف ذراعيها: بتطول

    رد عليها بغضب: مالش شغل
    يعني أنش مهتمة طولت وإلا قصرت وإلا رحت في داهية

    كاسرة شدت لها نفسا عميقا ثم همست بتحكم:
    كساب هذا مهوب أسلوب تفاهم

    ضحك ضحكة تهكم: تدرين أول مرة أدري أنش تعرفين شيء اسمه تفاهم
    كنت أظن مافي قاموسش إلا شيء اسمه النكد

    حينها هزت كتفيها وهمست بثقة: أنت كساب تمام مثل اللي عيرني بعيارته وركبني حمارته
    تروح وترجع بالسلامة الله يحفظك من كل شر!!

    أغلق حقيبته وهو يتمتم: مع السلامة إذا بغيتي شيء دقي لي على خطي الثريا

    كان قد وصل إلى الباب وهي مازالت واقفة متكتفة بذراعيها
    وتمنع عبرة كبيرة تجمعت في حلقها من الظهور

    حينها أنزل حقيبته عند الباب وعاد ليشدها ويدفنها بكل قوته بين أضلاعه
    وهو يهمس في أذنها بنبرة غريبة خليط من حنان وكبرياء وشجن:
    والله العظيم واللي خلقني وخلقش أني ما أحب أزعلش
    بس ما أدري هل أنتي اللي تستفزيني أو أنا أساسا متحفز ما أحتاج استفزاز؟!!


    لم ترد عليه لأنها تعلم أنها إن تكلمت فربما تنفجر باكية
    وهي تفضل أن تموت على أن يعلم أنها تبكي لأنه سيسافر
    بل ولا يسافر والوضع بينهما مستقر حتى. بل مثقل بتعقيدات لا معنى لها ومحملة في ذات الوقت بكل المعاني

    وحتى لو كان الوضع مستقر فهي لا تحتمل بعده لا تحتمل
    البارحة لم تستطع النوم حتى لأنه كان بعيدا عنها لا تنتفس عبق أنفاسه
    كل ما استطاعت فعله أنها قبلت كتفه حيث مكان شفتيها ودون أن تتكلم

    حينها رفع رأسها ليقبلها بتروي ثم همس بحنان متدفق:
    زين على الأقل ابتسمي عشان أدري أنش منتي بزعلانة علي

    أجبرت نفسها على رسم ابتسامة متقنة ليبتسم هو أيضا بشكل عفوي
    ويقبل جبينها ثم يغادر
    توقف عند الباب ثم هتف بحزم: أربع أيام وراجع إن شاء الله

    ثم خرج وأغلق الباب خلفه

    حينها تأكدت من إغلاق الباب بالمفتاح وانفجرت في بكاء صامت مكتوم
    وهي تدفن وجهها في المخدة وكأنها تخشى أن تسمع هي نفسها صوت بكاءها!!
    متعبة بالفعل من هذه الحياة
    أن تحبه بهذه الطريقة الجنونية الخالية من أي منطقية
    مع أن المنطق كان يقول أنها يجب أن تكره شخصية متسلطة ومستفزة كشخصيته
    وبعد كل ذلك كل ما يفعله أنه يتلاعب بها
    يقربها حين يريد ويبعدها حين يريد
    وهي ليس أمامها سوى أن تتلهف لقربه أو تتألم لبعده

    تعبت فعلا تعبت مرهقة تماما وماعاد بها قدرة للاحتمال أكثر
    ماعادت قادرة على الاحتمال فعلا
    لو كان هناك بادرة أمل أنه قابل للتغيير كانت ستصبر حتى آخر العمر
    ولكن يبدو أنه مخلوق مستعصي على التغيير والمبرر الوحيد لهذا هو أنه لا يحبها

    تعلم أن بينهما المودة بل الكثير منها وإلا كيف تفسر اهتمامه بها
    ولكن هذه المودة لم تصل للحب ولن تصل

    هــي لأنها تحبه تغيرت كثيرا من أجله
    رغم أنها كانت تظن أنها يستحيل أن تتغير من أجل أحد
    ولكنها لا تستطيع أن تحيا مع استنزاف المشاعر والكرامة هذا الذي يبدو بدون أمل
    لا تستطيع
    لا تستطيع
    يبدو أنها وصلت لختام المرحلة التي كانت تعرف إنها قادمة لا محالة
    نهضت لتضع ملابسها الضرورية في حقيبة وتستعد هي أيضا للمغادرة

    كانت تعلم أن هذا ما سيحدث
    وكانت تعلم يقينا أن حياتها مع كساب لن تستمر
    حلمت بطفل يحمل بعضا من روحه ويبقى بين ذراعيها
    ولكن هذا الحلم يبدو أنه لن يتحقق
    وكأن الله عز وجل يرسل لها رسالة إنها تدفن نفسها في حياة عبثية مع شخص لايقدرها

    قد يبدو غريبا أنها تقرر الرحيل أخيرا رغم أن كساب غادر وهما يبدوان متصافيان ظاهريا
    ولكن هذا بالفعل ماتريده!!
    لا تريد أن يكون آخر ما تتذكره من كساب قسوته أو حدته أو صراخه
    تريد أن يكون آخر ماتتذكره ملمس شفتيه وعبق أنفاسه ودفء أحضانه وحنان صوته
    وبما أنه متغيب على كل الأحوال
    فهي ستتجرع ألم غيابه حتى تعتاده!!





    ***********************************





    " على البركة ملكة علي
    السموحة توني دريت من ابي قبل أجي المطار وإلا كان كلمته وكلمت الوالد
    قلت لا رجعت كلمتكم"

    كساب يبتسم وهو يجلس مع غانم حول طاولة للقهوة بعد أن قابله في المطار وهو ينهي اجراءات السفر
    يرد عليه كساب بمودة: الله يبارك فيك
    ولا تعّذر ترا الملكة توها اليوم الصبح
    وعقبالك إن شاء الله

    غانم بابتسامة: أنا لا تو الناس

    كساب بابتسامة مشابهة: لا تو الناس ولا شيء أنت أساسا أكبر من علي يا الشيبة

    حينها هتف غانم بتقصد وهو يطرق الحديد وهو ساخن:
    السنة اللي فاتت خطبت عند ناس بس ردوني
    ومن كثر ماكنت متشفق على موافقتهم ماعاد لي خاطر في العرس كله

    حينها رد عليه كساب بنبرة مقصودة:
    ترا الحال من سنة لين سنة يتغير
    ما تدري يمكن لا خطبت الحين يغيرون رأيهم.






    *******************************






    " يا الله يأمش
    الدكتورة كتبت لش خروج خلاص
    خلينا نرتب لش أغراضش"

    جوزاء كانت تجلس على المقعد وليس على السرير وهي تبدل ملابس حسن
    همست بإرهاق: زين مابغت

    شعاع حينها هتفت برجاء: زين يمه بأروح أشوف عبدالرحمن بسرعة وأرجع صار لي يومين ماشفته
    بأروح مع الممر الداخلي اللي بين المستشفيين وبأرجع بسرعة وانتو عادكم ترتبون الأغراض

    أم عبدالرحمن برفض: يمكن يكون عنده رياجيل الحين عدا إن رجلش توجعش
    أشلون بتمشين ذا المسافة كلها

    شعاع برجاء أشد: بأتصل في أبي لو عنده حد أو لا الشيء الثاني رجلي ماعاد توجعني
    ماشاء الله هنا ممرضة فلبينية فرتها لي رجعتها مكانها تقولين كن مافيني شيء


    .
    .
    .
    .



    كان يدخل مع الباب الرئيسي ويعبر الباحة
    وهو يشعر بدقات قلبه تتصاعد وهو ينظر ناحية المصاعد
    يبدو أنه سيقع في غرام كل المصاعد بلا استثناء

    ليلفت انتباهه امرأة قادمة من ناحية الدرج وتتجه للباب الجانبي المؤدي لمستشفى حمد داخليا عن طريق قسم الدخول

    هــي هــي
    هــــــــــيكاد يجن لفرط سعادته
    هي عرفها بالحقيبة وبالعرج الخفيف
    حتى لو كانت عرجاء لا يهمه حتى لو كانت ابنة عائلة لا تناسبه اجتماعيا لا يهمه
    فهو يعلم أنها نصيبه هكذا دعا ربه والله استجاب لدعوته
    المعجزة حصلت أمامه كطيف أرسله الله عز وجل له

    تبعها عبر ذات الطريق
    ولن يفلتها هذه المرة !!





    *************************************





    "يا الله يأمش
    خلينا ننزل لعفرا نسلم عليها قبل نطلع
    وباتصل في شعاع تنتظر عند ابيها لين نجيها
    عشان نقصر عليها المسافة"




    جوزاء تتأكد من وضع نقابها وتتناول حقيبتها وهي تشد كف حسن وتهمس بمودة: يا الله فديتش




    أم عبدالرحمن بحنان: أنا قلت لهم يرتبون غرفتش خلاص
    مشتهية شيء أكلمهم في البيت يسوونه




    جوزاء بحزم: لا يمه جعلني فداش لأني بأروح لبيتي




    أم عبدالرحمن باستغراب: وش غير رأيش وأنتي البارحة قايلة لي إنش بترجعين معي للبيت




    جوزاء بذات الحزم: أمس كنت تعبانة شوي بس اليوم طيبة
    وأبي أروح لبيتي
















    # أنفاس_قطر#
    .







    رد مع اقتباس  

  6. #166  
    المشاركات
    3,260
    بين الأمس واليوم/ الجزء الستون




    كانت تمشي بهدوئها المعتاد
    عدا أن كاحلها مازال يؤلمها قليلا وهي لا تريد أن تثقل خطواتها عليه
    كانت في البداية تمشي بعفوية وذهنها خال تماما

    ولكنها بدأت تشعر بالتوتر لأنها شعرت أن هناك من يتبعها
    أسرعت قدر ما استطاعت ولكنه أسرع كذلك
    والممر بين المستشفيين طويل جدا وشبه خال من المارة.


    حينها سمعت ذات الهمس الرجولي العميق الهادئ الذي سمعته اليوم صباحا:
    تكفين اسمعيني دقيقة
    أنا والله بأموت من الحرج ماسويتها وأنا مراهق أسويها الحين

    شعاع أسرعت في مشيتها أكثر وهي تشعر بالرعب والخجل وتكاد تنكفئ على وجهها دون أن تنظر ناحيته أبدا
    بينما همس لها بضيق:
    تكفين لا تحرجيني أكثر أبي أدري بس أنتي بنت من
    والله العظيم أن قصدي شريف

    شعاع حينها بدأت تشهق وهي تحاول الهرب
    وعلي كان على وشك التهور ليخبرها ما اسمه حتى تطمئن له
    لكنه رأى هذا التصرف خال من العقلانية تماما
    فهي قد تأخذ الاسم وتقدم شكوى معاكسة ضده حينها كيف سيكون موقفه أمام عمله وأسرته وحتى أهل زوجته المفترضة!!

    علي أصر عليها برجاء أشد كما لو أن حياته كلها تتوقف على جوابها:
    تكفين أنا حالتي حالة من صبح عقلي طار مني
    تكفين بس قولي لي أنت بنت من

    شعاع بصوت مكتوم بين شهقاتها: تكفى أنا مرة متزوجة لا تفضحني لا تفضحني

    علي بصدمة كاسحة والكلمات تفر منه والدنيا تعتم أمامه وتتفجر بالسواد:
    مستحيل تكونين متزوجة مستحيل ماني بغبي ونفسي دنية لذا الدرجة
    وأنا دعيت ربي دعيته مستحيل يخذلني

    شعاع تزداد شهقاتها الخافتة رعبا: والله العظيم إني متزوجةوالله العظيم
    تكفى لا تمشي وراي
    تكفى لا تفضحني


    حينها توقف علي تماما بينما أكملت هي طريقها بذات السرعة
    كما لو أن كل عفاريت الأرض تطاردها


    وقف لأنه شعر كما لو أنه ذُبح في التو واللحظة
    ذبـحـتـه نحرته بدم بارد!!

    أ تكون هذه آخرته أن يتعلق بامرأة متزوجة
    هو علي النقي الطاهر لا يجد من بين نساء الأرض إلا امرأة متزوجة ليهبها قلبه؟!
    هو تجرأ على انتهاك حرمة ما ليس له ولن يكون حتى له وهو كان قد طمأن نفسه بأنه سيصلح ذنب ما ارتكبه!!
    فإذا كل دروب الأمل تُغلق أمامه تماما تماما


    شعر أن قدميه لا تحملانه فعلا وهو يشعر بأنفاسه تضيق وتضيق
    يتسند على أطراف الممر بثقل ليلاحظه شابان ماران فيهبان لمساعدته
    ليسقط مغمى عليه بين أيديهما





    **********************************





    " هلا والله بالغالية
    أشلونش يأبيش"

    كاسرة تنحني على كف جدها لتقبله وهي تهمس بحنان عميق:
    لا قدك طيب أنا طيبة

    هتف بشجن: مافيه امهاب صغير جاي في الطريق يأبيش

    ردت عليه بشجن مشابه: مافيه يبه ولا بيكون فيه
    أنا جيت وبأقعد عندكم خلاص على طول
    وهذا أنت أول حد أقول له وطالبتك ماتحلف علي ولا تجرب غلاك مثل المرة الأولة
    كل الناس أقدر عليهم إلا أنت.

    حينها هتف بضيق عميق: ليه يأبيش تسوين كذا كساب رجّال مافيه مثله!!

    همست بألم: أنت قلتها يبه رجّال مافيه مثله
    بس أنا أبي زوج بعد وأب لعيالي

    هي هكذا كاسرة أرادت أن تضع النقاط على الحروف
    تعبت من اللعب بين الأسطر الذي لا يشبهها.
    لم ترد أن تبدو قضيتها مموهة أو غير محددة الملامح
    بما أنها قررت الخروج من بيتها فهي لا تريد أن يصلح بينهما أحد ولا أن يتدخل أحد
    لأنها لم تقرر هذا القرار وهي تريد التراجع فيه أبدا






    رد مع اقتباس  

  7. #167  
    المشاركات
    3,260


    " يا الله شعاع وش فيش
    طلعنا من المستشفى وأنتي حالتش حالة
    مابغيت أسألش قدام أمي"

    شعاع مازالت ترتعش من أثر مقابلتها مع (الرجل الغريب) الذي أوقفها في الممر:
    تدرين جوزا ولد آل كساب شكل وجهه نحس علي
    تونا ماكملنا 24 ساعة متزوجين والمصايب تحذف علي
    أولها ضاعت الخدامة ثم بغت تنكسر رجلي
    ثم تسكر علي الاصنصير مع رجّال
    وعقبه الرجّال ذا نفسه لاحقني قبل شوي وأنا رايحة لعبدالرحمن
    يقول لي أنت بنت من وغرضي شريف تخيلي الوقح

    جوزا بغضب: وليش ما اتصلتي لأبي يجيش ويأدبه

    شعاع بتماسك: يا أختي أبي اللي فيه مكفيهوالرجّال أصلا يوم قلت له أني متزوجة وقف وخلاني
    وأنا عقب اليوم حرمت أتحرك أي مكان بروحي
    أنتي قولي لي وش الأخبار عندش

    جوزاء تشعر بتوتر تحاول إخفاءه خلف هدوء صوتها: عادي
    لقيت عمتي وعالية تحت سلمت عليهم وأنا الحين في غرفتي بأرتب شوي
    الغرفة حايسة شوي وتبي ترتيب

    شعاع بعتب رقيق: أنتي مسز كلينر ماتعرفين ترتاحين
    توش طالعة من المستشفى تعبانة

    جوزاء تبتسم: إذا شفت المكان مهوب مرتب تعبت أكثر!!





    ***********************************




    " كاسرة أنتي أكيد استخفيتي
    يعني يوم ربي هداش ووافقتي على رجّال
    وهو صدق نعم الرجّال
    ما صدقتي يسافر عشان تطقين من بيته
    وش ذا الخبال "

    كاسرة بحزم: يمه تكفين ما أبي حد يناقشني
    أنا ماخذت ذا القرار وطلعت من البيت وبلغتكم أني ماني براجعة
    عشان تحاولون تقنعوني أغير رأيي
    كساب رجّال والنعم لا ضربني ولا هانني ولا قصّر علي بشيء
    بس خلاص ماصار بيننا توافق والحياة وقفت بيننا

    مزنة بغضب: إلا بناقشش وأكسر رأسش بعد
    أنتي وش فيش متفرعنة ماكن وراش كبير
    الشيء طب برأسش سويتيه ما قلتي أشور أمي أخذ نصيحتها.
    صار لش شهور عند الرجّال وعمرش ما اشتكيتي منه
    على أول موقف بتخلينه مرة وحدة

    ثم أردفت مزنة بنبرة مقصودة كما لو أنه خطر لها شيء فجأة:
    أو يمكن إنش ساكتة على شيء صار لش شهور
    وكرامتش ماسمحت لش تشتكين وإلا تطلبين الشور
    وخلاص الحين ماعاد فيش صبر!!

    حينها أجابت كاسرة بضيق: هذا أنتي قلتيها بروحش
    تكفين يمه لا تلحين علي
    صدقيني اللي صار بيني وبين كساب شيء خاص
    لا يروح بالش بعيد وتظنين فيه شيء شين
    بس يمه خلاص أنا ما أبي أرجع
    مهوب لأن صبري خلص أنا كان ممكن أصبر على كساب عمري كله
    بس لأن وضعنا أنا وكساب وضع غير قابل للحل صدقيني






    ******************************






    " هلا والله بالخال العزيز"

    نايف بمودة: هلا والله ببنت أختي العزيزة اللي باريس من عقبها ماكن فيها حد

    عالية بمرح: تدري إني اشتقت لك يا الدب!! ما أدري متى تخلص ذا الشهور الثلاثة عشان أشوف خشتش الشينة

    حينها هتف نايف بضيق: يمكن تكون أقل من 3 شهور
    برفيسوري عنده مشروع بحث كبير يبي يتفرغ له
    ويقول يبي يخلص من كل طلابه قبل يبدأ فيه
    فالحين بادي يغير في مواعيد مناقشاتنا

    عالية بسعادة: زين ليش تقولها وأنت محزن كذا المفروض تنبسط!!

    نايف بضيق: أنبسط على الخنقة والاكتئاب اللي ينتظرني في الدوحة

    حينها همست عالية بتهكم غاضب: وش رأيك زين تهاجر وتعيش في فرنسا حياتك كلها
    عشانك واحد ضعيف شخصية ما تقدر توقف خواتك عند حدودهم

    نايف بغضب: علوي تلايطي واعرفي أشلون تحشمين خالش
    يعني مادة اللسان عشانش مانتي بقدامي ألتش كف على وجهش يسنعش

    عالية بذات التهكم الغاضب: إيه وش عليه عليّ انفخ ريشك يا نويف
    أنت أصلا ماتقدر تنفخ ريشك إلا علي
    لكن خواتك تصير عندهم فار بين قطاوة
    يا رجّال اصطلب والله العظيم لا تصير حياتك كلها دمار دامك معطيهم وجه كذا
    ما أقول لك اقسى عليهم بس مافيه حد يسوي سواتك!!

    نايف بغضب: الشرهة علي اللي كلمتش أساسا

    ثم أنهى الاتصال وهو يغلق الخط في وجهها و يشعر بضيق عميق لسبيين:
    الأول أنه لا يحب أن يضايق عالية أو يحزنها كما لو أنه يضايق نفسه
    الأمر الآخر أنه غضب منها بينما هي محقة محقة تماما!!







    ************************************





    " يمه أنا بأروح لغرفة استراحة المواليد
    بأطل عليهم شوي!!"

    عفراء باستغراب: تروحين ليه وأخيش هنا

    جميلة بابتسامة: حاسة أني صايرة عزول 24 ساعة
    عمي منصور من كثر الزوار مايقدر يقعد عندش إلا ذا الساعة ويلاقيني صاكة عليه

    عفراء بابتسامة حانية: تعالي يا بنت بلا خبال

    جميلة رقّصت حاجبيها رفضا وهي تلبس نقابها وتغادر قبل وصول منصور

    حين وصلت لاستراحة المواليد
    انزوت وجلست في زواية الغرفة وانخرطت في بكاء حاد.!!!


    حينها كان منصور يدخل على عفراء بعد أن تأكد من عدم وجود أحد
    تلفت حوله وهو يتساءل: وين جميلة

    عفراء بمودة: راحت قريب

    حينها اقترب وهو ينحني على رأسها ويهتف بفخامة حميمية: يعني أخذ راحتي!!

    ابتسمت عفراء: يعني المسكينة صادقة يوم تقول إنها صاكة عليك

    منصور توجه لسرير ابنه ليشرق وجهه وهو يقبله بحرص وحنان كبيرين
    ثم يشد له مقعدا وهو يقربه لأقصى حد من عفراء وهو يشد على كفها ويهتف بمودة حقيقية:
    جميلة مثل بنتي ولو أساسا بنتي في عمرها باستحي أحب أمها قدامها
    خوش دروس نوريها البنية

    ثم أردف بتساؤل: ماقالت لش شيء عن خليفة

    عفراء بحزن: لا ذا الولد بيقعد حسرة في قلبي
    خلني لين أصح شوي وأكلمه بنفسي أصلا لو درا أني ولدت أنا متاكدة إنه كان كلمني بنفسه

    حينها اقترب منصور من عفرا وهو يهمس بخفوت خوفا أن تسمعه جميلة لو حضرت:
    تدرين إن زايد كلّم أحمد الليلة

    حينها انتفضت عفراء وهي تسأل باهتمام:
    وش قال أحمد

    منصور بحزم خافت: بصراحة زعلان واجد هو وعياله
    زايد حاول فيه إنه خليفة يجي ويتفاهم معنا
    بس أبوه مارضى
    قال إنها صغرت قدر ولده اللي المفروض إنها احترمت إنه ولد عمها اللي خلى كل شيء عشانها
    وقال لو هي بغت تجي بنفسها وترجع لبيتها خليفة بيرجعها
    لأنه أصلا المطلقة عدتها في بيتها

    حينها انتفضت عفراء بغضب رقيق:
    لا منصور اسمح لي صحيح بنتي الغلط راكبها من ساسها لراسها
    لكن إني أخليها تروح هناك بنفسها لا وألف لا
    خليفة رجّال ماينقص من قدره ياتي لين مجلسك ثم يأخذ مرته
    حزتها بأخليها تروح معه غصبا من ورا خشمها
    لكن إني باكسر نفس بنيتي واذلها وأنا أوديها لبيتهم لا يا منصور لا

    ما عليه هي غلطانة بس الغلط ما ينحل بغلط
    البنية عقبها مهي بقادرة ترفع عينها في حد
    آسفة منصور أنا ماعينت بنتي في الشارع
    يبيها يدل بيتنا وحن مانبي منه عذر العذر من صوبنا
    لكن إني بأجبر خليفة عليها وأكسر نفسها لا

    هتف منصور بحزم: أصلا أنا قلت كذا لزايد وزايد قبلي قاله لأحمد
    قال له الغلط من صوب بنتنا اللي هي بنتكم
    بس خليفة هو اللي لازم يجي يأخذها
    حن شيبانه وهي بنيتنا اليتيمة
    هو أدبها وزيادة يوم طلقها وهم عادهم في المطار
    والحين مهوب منقص من قدره ياتي بس للبيت ويأخذها وحن اللي بنتعذر له بعد
    أنا ما أدري عن رأي خليفة بس إبيه عيّا بدون نقاش

    عفراء حينها همست بضيق: منصور أنا تعبت من كل ذا
    البنية صغيرة وتوها طالعة من مرض
    دام هذا ردهم ماني بضاغطة عليها بشيء خل بنتي عندي
    وخلها ترجع لجامعتها وتكمل دراستها وخليفة يدل طريقها لا بغاها






    *********************************






    " علي حبيبي وش فيك
    وجهك ماصع مرة وحدة
    أجيب لك عشا"

    علي بإرهاق: ماني بمشتهي بس بأنام شوي وأقوم زين

    مزون تجلس جواره وهي تضع يدها على جبينه وتبتسم بشجن وقلق:
    هذي من فرحتك بالعروس سخنت رأسك دافي ياقلبي

    ابتسم بألم: الظاهر كذا

    مزون تقف وهي تهمس بقلق حقيقي: بأروح أجيب لك كمادات

    شد كفها ليجلسها وهو يهتف بذات النبرة المرهقة:
    مافيني شيء اقعدي بس كلت حبتين مسكن وبأقوم بكرة زين

    حينها همست بضيق: تدري إن مرت كساب خلت البيت

    علي بعفوية: عادي رايحة لهلها لين يرجع كساب من السفر

    مزون بذات نبرة الضيق: علي أنت تتذكر مرة وحدة راحت فيها لأهلها عشان كساب مسافر

    علي يعتصر ذهنه: ما أدري صراحة يعني أنا وش عرفني مرت كساب راحت وإلا قعدت!!

    مزون بنبرة قاطعة: عمرها ماسوتها حتى لو طولت السهر عندهم
    ترجع وتنام في غرفتها عقب ماتمر علي مثل ماكساب يسوي

    حينها اعتدل علي جالسا وهو يشعر بدوار طفيف لأنه لم يتناول أي شيء منذ البارحة هتف باهتمام:
    وش تقصدين يعني

    مزون بألم حقيقي: أنا ما أقصد شيء أنا متأكدة
    لأني كلمتها أبي أشوف وينها
    ردت علي بكلام ماريحني
    إنه حن دوم خوات وإني أنا وابي وخالتي عفرا بنظل هلها لو مهما صار
    بعدها ماسألتها عن شيء لأني فهمت هي وش تقصد

    حينها هز عليّ كتفيه وهتف بثقة: ما ألومها!!

    مزون باستنكار: ماتلومها تخلي كساب وماتلومها !!

    علي بثقة: يمكن من محبتش لكساب تشوفينه خالي من العيوب
    لكن مهما كان أخينا غالي خلينا نعترف إنه مليان عيوب
    يعني المرة وش تبي
    تبي رجّالها يحسسها باهتمامه فيها إن هي الأولوية في حياته
    حتى لو ماكانت هي فعلا الأولوية وش بيضره لاحسسها بذا الشعور الحلو
    رسول الله صلى الله عليه وسلم وش وصلى في وصيته الأخيرة قبل موته قال:
    رفقا بالقوارير
    يعني المرأة قارورة أقل شيء يمكن يكسرها
    لكن أخيش كان يتعامل مع مرته كإنها مدرعة يضربها بصواريخه ومايبيها تتأثر
    ثم أكمل وصوته يرتفع بغضب:
    يتأخر معنا في السهر عمري ماشفته رفع التلفون وقال لها أنا بأتاخر
    عمري ماسمعته يقول لها حبيبتي في التلفون ولو حتى على سبيل الغلط
    لو صار وقلبت في تلفونه عمري مالقيت في صادر رسائله رسالة غزل وحدة لها
    كلها رسايل رسمية كنها رسايل مدير لموظفة عنده
    يمكن تقولين وهي مثله بأقول بعد ما ألومها
    لأنه هو اللي لازم يبادر هو اللي لازم يحسسها بأهميتها في حياته
    عشان هي تتصرف بالمثل


    حينها هتفت مزون بغضب: وانت اشفيك شايل على أخيك كذا

    علي بذات نبرة الغضب: ماني بشايل منه بس أقول لش لا تلومينها
    البنية عداها العيب وزين إنها صبرت على كساب ذا كله
    غيرها ماتسويها مع معاملته الزفت وخصوصا أني أسمع إن شخصيتها قوية واستقلالية


    كان يرتعش فعلا وهو يتكلم
    هاهو يكاد ينفجر حبا ومع ذلك يستحيل أن يعثر على من يتدفق حبه لها ليغرقها في هذا الفيض الذي أغرق روحه
    بينما شقيقه الغبي كانت أمامه على الدوام من تستحق مشاعر الوله والعشق والغرام ولكنه أضاعها من بين يديه


    قاطع حوارهما الحاد صوت زايد يدخل مع الباب المفتوح أساسا
    وهو يهتف بحزم صارم: وش فيكم صوتكم طالع
    مزون علي تعبان ليش ترفعين صوتش عنده

    مزون تراجعت بخجل بينما علي كان من هتف بهدوء مغلف بإرهاقه بعد أن أفرغ طاقة الغضب لديه:
    يبه مزون مالها ذنب أنا اللي احتديت في الحوار شوي

    زايد بذات الصرامة الحازمة: ووش سبب الحوار الحاد أساسا

    الاثنان صمتا فهما لا يريدان الكلام عن مشاكل شقيقهما
    زايد أعاد السؤال بصرامة أشد

    حينها همست مزون باختناق لأنها كانت تخشى غضب والدها إذا علم بخروج كاسرة من البيت:
    كنا نتكلم إن مرت كساب طلعت من البيت زعلانة من كساب
    ما أدري لو دريت أو بعد

    حينها اجابها زايد بسكون واثق: عندي خبر
    هي بنفسها بلغتني وخذت بخاطري عداها العيب بنت ناصر
    لكن العيب راكب أخيكم من ساسه لراسه

    حينها همست مزون بغضب: يوم أنت وعلي كلكم حاطين كساب الغلطان
    هي اشتكت لك إنه سوى لها شيء

    زايد بثقة: أبد ما قالت عنه إلا كل كلمة طيبة
    وكذا المرة الأصيلة لا اختلفت مع رجالها ماتروح تفضحه وتفضح روحها
    بس أخيش أعرفه وكنت عارف إنه مهوب مرتاح لين تطفش منه

    مزون حينها همست بيأس: زين والحل كساب راح وهي في البيت
    يرجع مايلقاها

    زايد بحزم: بكرة بأروح لها بنفسي وبأحاول أرضيها
    عشانها وإلا أخيش مايستاهل.





    ***************************






    " يا الله حبيبتي أنا آسف على التأخير
    توني نزلت عبدالله في بيتهم وجايش الحين
    متشفق على شوفت قصة شعرش الجديدة"

    نجلاء بخبث رقيق: من قال لك فيه قصة شعر جديدة

    صالح باستغراب: أنتي اليوم قلتي لي بأروح أسوي تغيير في شعري

    نجلاء بذات لخبث الرقيق: التغيير مهوب لازم يكون قصة أحيانا صبغة!!

    صالح بصدمة: نعم صبغة أنتي أكيد استخفيتي!!

    نجلاء بانكماش: ليش أنا استاذنتك وأنت رخصت لي!!

    صالح بغضب متفجر: لا لا تكذبين علي أنا رخصت لش تغيرين قصة شعرش لو بغيتي بس مهوب تصبغينه

    حينها همست نجلاء بحزم غاضب: زين وأنا صبغته وش صار انتهى الكون وش بتسوي يعني

    صالح انفجر تماما بغضب: أنا بجيش الحين وأرويش نهاية الكون أشلون
    زين يا نجيلزين
    إذا مارويتش شغلش الحين ما أكون ولد خالد آل ليث!!
    والله وطلع لش لسان بعد







    رد مع اقتباس  

  8. #168  
    المشاركات
    3,260
    كان يدخل إلى غرفته بخطوات ثقيلة مرهقة وفي وقت متأخر قليلا
    البارحة عاد مبكرا من أجل حسن
    لكن الليلة لمن يعود
    فهي خرجت من المستشفى الليلة وأخذت حسن معها
    وهو ليس أمامه سوى تجرّع ليالي طويلة من الوحدة والمرارة


    في استغراقه في أفكاره المؤلمة لم ينتبه كيف الغرفة تلمع كما لو أن صاحبتها فيها
    مفرش السرير الذي تم تغييره والذي عودته جوزا أنها لابد تغيره في الأسبوع مرتين
    الرائحة العطرية الدافئة والناعمة والخفيفة التي تفوح من مبخر الزيت العطري
    والتي تحرص جوزاء على استخدامها بدلا من البخور لأنها لا تضايق تنفس حسن كالبخور
    وفي كل الأحوال حتى لو استخدمتها لابد أن تغلق باب غرفة حسن حتى تطفئها
    كما هو مغلق الآن


    ولكن إن كان لم يلاحظ كل هذا فهو بالتأكيد سيلاحظ المخلوقة التي تجلس أمامه تماما على الأريكة
    كانت ترتدي فستان صيفيا مشجرا بألوان ناعمة هادئة بأكمام قصيرة ويصل طوله لمنتصف ساقيها
    كما لو أنها بهذا الفستان الناعم المحايد ترسل له رسالة مشابهة هادئة ومحايدة


    لم يعلم بماذا يشعر حين رآها الشعور بالصدمة حصل وانتهى
    ولكنه لم يعلم هل هو سعيد أو خال تماما من الإحساس
    مجروح منها مجروح حتى النخاع ومرهق من كل شيء في الحياة حتى نخاع النخاع!!


    لماذا عادت لماذا
    هل لأنها حامل أم حتى لا تضايق والدها
    لا يريد أن يكذب على نفسه بأي أمل ويقول إنها عادت من أجله
    فهي قبل يومين عرفته حجمه تماما وهي تصفعه بطلب الطلاق في أكثر وقت احتاجها فيه في حياته
    وهي تثبت له بذلك ضآلة قيمته عندها!!


    سلّم وردت عليه السلام بتوتر
    سألها بسكون: أشلونش الحين إن شاء الله أحسن

    همست بذات التوتر وهي تشعر باختناق حقيقي فهي توقعت أن يكون عبدالله أكثر سعادة برؤيتها:
    الحمدلله زينة
    ثم أردفت بتوتر متردد: وأنت وش صار على قضيتك

    حينها أجابها بنبرة سخرية مبطنة: الحمدلله انتهى كل شيء وبأسرع مما توقعت
    اليوم صدر طلاق نهائي غير قابل للاستئناف هناك في أمريكا
    وراشيل رجعت نيويورك الليلة خلصت انتهيت منها نهائيا
    شكرا على السؤال ماقصرتي


    فهمت جوزا تلميحاته المبطنة وآلمتها ألمتها كثيرا
    لو أنها لم تصده قبل يومين لم يكن أي شيء ليتغير عليها
    فهي على كل الأحوال كانت في المستشفى وكل ما احتاجه هو إحساسه بمؤازرتها معنويا لا فعليا

    تناول غترته عن رأسه ليضعها في السلة لكنها تناولتها من يده وهي تهمس بنبرة مقصودة مثقلة بالشجن:
    تراني جيت وأنا ما أدري إن قضيتك انتهت
    ولا إنها سافرت جيت من المستشفى هنا على طول

    أجابها بسكون وهو يستعد للمغادرة : مشكورة ماقصرتي بعد

    أمسكت بمعصمه وهي تتساءل بألم: ليش تكلمني كذا

    حينها انفجر بغضب مكتوم وهدوءه الظاهري كله ينهار:
    أشلون تبيني أتكلم تبيني أركع وأحب أرجيلش
    عشانش تكرمتي ورجعتي لبيت رجالش وأنتي تمنّين عليه بالرجعة بعد كنش تفضلتي عليه يوم رجعتي
    أشلون تبيني أتكلم تبيني أقول أنا طاير من الوناسة لأنش عبرتيني عقب مامرمطتيني ذا الشهور كلها
    أقول أنا باستخف من الفرحة لأنش فكرتي مرة وحدة فيني
    أنا تعبت يا جوزا تعبت سبع شهور وأنا بأموت في انتظار ابتسامة رضى وحدة منش وانتي شاحة فيها
    وآخرتها وش احتجت منش بس توقفين معي لين تنتهي مشكلتي طردتيني من عندش مثل الكلب
    قولي لي يام حسن عقب ذا كله أشلون تبيني أتكلم

    حينها انفجرت هي أيضا فإذا كان هو محمل بمرارة سبعة أشهر ويراها طويلة!!
    فهي محملة بمرارة عشرات وعشرات الأشهر:
    حرام يا أبو حسن تصدق كسرت خاطري سبع شهور تعاني مني
    صدق إني مجرمة وماعندي إحساس
    ليه لأني أنا ماعندي سالفة
    وش جاب سبع شهور لأربع سنين السبع شهور أكثر بواجد
    أربع سنين وأنا في اليوم أسأل نفسي ألف مرة أنا وش سويت عشان تسوي فيني كذا
    أربع سنين وأنا ماتمر ليلة أشم نفسي وأقول ريحتي خايسةعبدالله قال لي كذا وعقبه هرب مني
    أربع سنين وأنا أموت بحسرتي كل ليلة بنت صغيرة عمري كله انخطف وتبخر عشان تمثيليتك
    ترملت وضاعت دراستي وشخصيتي انقلبت 180 درجة وبيدي طفل صغير مايمل كل ليلة يسأل عنك
    وأنا أحكي له عشرات السوالف عن حبيب مالقيته وعن أبو مالقاه

    عبدالله بغضب مثقل بالشجن: والأربع سنين هذي أنا كنت قاعد ألعب ومستانس
    لو أني سألتي نفسش في اليوم ألف مرة أنا متت في اليوم ألف مرة وأنا أحلم بس أني أشم ريحتش ولو مرة قبل أموت
    لا صورتش ولا خيالش فارقوني دقيقة كأن ربي يعذبني بش
    ولا تحورين الحقائق أنا كنت أقول لش طهري جسمش مني
    لأني شايفش شيء طاهر وأنا عقب راشيل مخلوق نجس

    جوزا بذات الغضب المتفجر: وأنا كنت بأفهم ذا الشيء بنفسي وأنت هربت وخليتني بدون ماتشرح لي شيء
    زين أنت رحت ووراك زوجة ما سألت نفسك هي حملت وش صار لها
    وإلا بس كنت أنا عندك وناسة ساعة ومافكرت في اللي بيصير فيني
    يعني بعت الدنيا عشان ولدك اللي هناك
    وأنا وولدك اللي هنا مافكرت فينا
    يوم أنت رحت هناك عشان ولدك وتقول خايف عليه من أمه مثل ماقالت لي عالية
    ليش ماجبته هنا والله العظيم كنت ربيته مع حسن ومثل حسن وبدون ما أفرق بينهم لأني باعتبره طفل يتيم
    لكن لا ولد الأمريكية الشقرا كان عندك غير وش جابه جنب ولد جوزا
    عشانه بعت الدنيا وبعتني أنا وولدك فوقهم

    عبدالله بغضب: وأنا وش عرفني وش عرفني أنش حملتي وجبتي ولد

    جوزا بغضب متزايد: لا والله وأنا حملت من الشارع!!
    يعني ياحضرة المهندس المتعلم الفاهم صار بيننا اللي بيصير الأزواج
    يعني ماراح تحط في بالك لو احتمال واحد في المية عن نتيجة ذا الشيء
    لكن ليش تفكر في ذا الشيء أنت بايع بايع ومافكرت في النتايج
    زين خلك مني فرضا أنا ماحملت
    هلك أمك وابيك واخوانك اللي كانوا بيموتون عقبك مافكرت في حد منهم

    عبدالله بغضب مثقل بالقهر: جوزا لا تلوميني لأني لمت نفسي قبل ماحد يلومني
    ولمت نفسي ألف مرة أكثر من اي واحد فيكم

    حينها همست جوزا بمرارة: وأنت بعد لا تلومني لا تلومني

    عبدالله حينها انحدر صوته لهدوء عميق: زين أنتي وش تبين ذا الحين

    همست بذات المرارة وهي تتجه لخزانتها وتنتزع منها بيجامة: ما أبي شيء
    أنت بعد مشكور وماقصرت
    بأروح أرقد عند ولدي





    ************************************************





    كان ثائرا بالفعل وهو يصعد الدرج بقفزات سريعة ويحاول أن يتحكم بغضبه حتى لا يتهور أو يرتفع صوته فيسمعه ابنيه
    كان يحاول أن يتخيل كيف أصبح شعرها بلون مصبوغ بعد ان اعتاد على أمواج العسل التي يذوب فيها
    وفي ختام الأمر يعلم يقينا أن صبغها لشعرها لا يهمه لتلك الدرجة حتى ولو كان مغرما بلونه الأصلي
    فنجلا هي نجلا حبيبته وأم أولاده سواء بشعر أشقر أو أسود
    ولكن ما يغضبه هو تعمدها لإغضابه


    حين دخل كانت الصدمة الحقيقية تنتظره
    كانت أمواج العسل كما يسميها بانتظاره كما تركها اليوم عصرا
    كل ماهنالك أنها ازدادات فتنة وإغراء بلفات لولبية أنيقة تتناثر على قميص نوم جديد
    وصاحبتهما ثائرة تماما وهي تستخرج ملابس صالح وتضعها على السرير
    حين رأته صرخت بثورة:
    الملابس هذي تكفيك الليلة وبكرة لين أرتب باقي ملابسك في غرفة الضيوف

    رد عليها صالح بغضب: نجلا وش ذا الخبال

    نجلا بغضب مشابه: كيفي كيفي يأخي ماني بطايقة أشوفك قدامي
    وما أبيك تنام معي في غرفتي
    الحين فرضا أني استخفيت وصبغت شعري وش اللي صار
    ماعادني بنجلا صرت وحدة ثانية وإلا خلاص ماعاد فيني شيء تحبه إلا ذا الشعر
    بغيت تأكلني عشاني قلت أني صبغته
    أنا ماصبغته عشاني مهوب عشانك لأني استاذنتك وأنت قلت ماعليه
    مادريت أنك تدور علي سبب

    صالح بغضب أشد وهو يكتم صوته: نجلا بلا خبال صدق
    أنتي عارفة عدل إن غلاش واحد شعرش أصفر وإلا أحمر وإلا حتى قرعاء ماعندش شعر
    بس أنتي صايرة استفزازية بشكل ماترتاحين لين تطلعيني من طوري

    نجلاء وصل غضبها لأقصى حدوده: خلاص وش مصبرك علي
    طلقني دامني صايرة هم على قلبك كذا!!
    طلقني دامني صايرة مغثة كذا وأنت منت بطايق تستحملني!!

    صالح لم يرد عليها وهو يتجاوزها ويتناول ملابسه عن السرير
    ويخرج وهو يغلق الباب خلفه بحزم غاضب
    لتفجر هي في بكاء هستيري غير معقول وهي تلكم كل شيء حولها






    ****************************************





    "أعلم أنه عاد قبل ساعة ولكنه لم يحضر إلى غرفتنا حتى الآن
    هل علم بمشكلة كاسرة وهذا مايعطله في الأسفل"


    سميرة منذ تلقيها لهدية تميم اليوم عصرا وهي متوترة تماما
    وتشعر أن الوقت يجري بسرعة وموعد عودته يقترب بسرعة خرافية
    فهي متوترة جدا من لقائه بعد تلقيها هديته التي تشعر أنها غير بريئة أبدا
    رغم أنها جميلة جدا ووقعت في غرامها فورا !!


    تزفر بتوتر لا تعلم كيف ستقابله
    أو ماذا ستكون ردة فعله
    وحين رأته تأخر تمنت أن تشغله قضية كاسرة قليلا عنها
    وكان لها ما أرادت تماما حين دخل كان يرتسم على وجهه علائم الهم
    أشار لها بالسلام وهو شارد
    وردت عليه بإشارة متوترة

    لم يعاود الإشارة لها وهو يدخل للحمام ويستحم ثم يصلي قيامه ويقرأ ورده وهي تراقبه في كل هذا من تحت أهدابها وهي تتشاغل بتحضير بعض دروس الأسبوع القادم على الحاسوب
    رغم أنها تشك أنها شرحت درس الصف الثالث للصف الثاني أو ربما خلطت الدرسين في درس جديد
    فهي لم تكن تعلم ما الذي كانت تخلطه
    حين انتهى توقعت أنه سيتمدد على أريكته بعد أن أعدتها له ورتبت فراشه
    بينما كانت هي تجلس على المقعد المنفرد

    جلس بالفعل على الأريكة ولكنه قبل ذلك انحنى عليها قليلا لترتعش سميرة بعنف
    ثم ترتعش بشدة أكبر وهو يلمس نحرها بأطراف أصابعه بخفة
    ثم يجلس مكانه ويشير وعلى وجهه علائم التلاعب اللطيف وهو يشعر تماما بارتعاشها: ليه ما لبستيه وإلا حرام علي أشوفه عليش

    تجمدت تماما دون أن تشير له بشيء
    وهي تشعر أنها قد تنفجر باكية في أي لحظة من شدة شعورها بالتوتر الذي خالطه الحرج

    حينها هز كتفيه وهو يشير ببساطة: مابه عجلة العمر قدامنا طويل إن شاء الله
    أشوفه متى مابغيتي تلبسينه

    أنهى إشارته ثم تمدد رغم أنه لم يكن يريد مطلقا التمدد
    كان على الأقل يريد لو يتحاور معها قليلا
    فهو مهموم من كثير من الأشياء وآخرها مشكلة كاسرة ويشعر بحاجة ماسة لنفض بعض همومه
    ولكنه لم يرد أن يثقلها عليها وهو يرى كيف احمرت عيناها فجأة وكأنها تريد منع نفسها من البكاء

    تنهد بألم في داخله
    "لماذا تبكي
    كل ما أردته هو إسعادها أو ربما ماعاد شيء من ناحيتي يُشعرها بالسعادة
    بل كل ما يرتبط بي يشعرها بالألم والهم"


    سميرة نهضت بالفعل
    لتندس في سريرها وتدفن وجهها في المخدة لتبكي فعلا
    وهي لا تعلم فعلا لماذا تبكي
    ولكنها تشعر بالتوتر والكثير من الانفعال
    ولا تستطيع التعبير عما داخلها سوى بذرف بعض الدموع علها تريحها.





    ************************************






    " علي يأبيك وش فيك
    مهيب عوايدك ثقل النوم كذا
    بالعادة ألقاك قبلي في الصالة تنتظرني عشان نروح لصلاة الفجر"

    علي يفتح عينيه بتثاقل وهو يهمس بصوت مرهق تماما:
    أعوذ بالله منك يا أبليسما أدري وش فيني مافيني حيل كلش

    زايد بحنان عميق بنبرته الفخمة الخاصة: زين قم قم يا أبيك
    قم توضأ وأنا بأنتظرك

    علي حاول الوقوف ليهوي من إحساسه بدوار حاد جعله يفقد توزانه
    زايد أسنده بقوة وهو يهتف بقلق حقيقي:
    لا منت بطبيعي قوم نروح المسجد ومنه بنطلع للمستشفى

    علي بسكون مرهق: يبه مافيني شيء بس عشان آخر شيء كلته البارحة الأولة
    إذا رجعت من المسجد تريقت وبأكون زين

    زايد يتصل وهما خارجان بالخادمات ليجهزن الفطور حتى يكون جاهزا فور عودة علي

    وهما يجلسان على طاولة الفطور الذي بالكاد لمسه علي هتف زايد بنبرة مقصودة:
    يعني أمس كله ماكلت شيء وهذا اللي كلته الحين

    علي بمودة: والله أني شبعت فديتك

    حينها هتف زايد بغضب: لا ما شبعت والله إن قد تكمل الصحن اللي قدامك

    علي ابتلع الطعام رغما عنه وهو يشعر به كما لو كان يبتلع حجارة براً بحلف والده
    ولكنه سرعان ماقفز ليتقيأه كله

    زايد قفز وراءه وهو يناوله كأسا من الماء ويهتف بقلق مرتعب:
    أنت اشفيك مقروف من الأكل وديتك لرجّال يكويك

    علي يمسح وجهه وهو يرتشف جرعات من الماء ثم يهمس بسخرية موجوعة:
    لو اللي فيني ينفع فيه الكوي كان قلت لك ودني وخلهم يكونني من رأسي لرجلي

    زايد يشد علي لغرفة الجلوس ليجلسا على الأريكة وهو يهتف بحزم أبوي بالغ:
    علي قول لي الصدق أنت تاكل شيء يضرك

    حينها ابتسم علي بإرهاق: أنت وولدك واشفيكم علي كنكم توكم تعرفوني
    هو يقول لي أنت دروبك دروب خمل وتعرف نسوان
    وأنت تقول لي تاكل شيء يضرك. يعني ماتعرفني أنا تربية من يازايد

    زايد بألم أبوي: الدنيا مليانة بعيال وبنات الحرام خايف إن حد يكون جرك لشيء مهوب زين
    حالك مهوب عاجبني انقلب فجأة 180 درجة والدكتور أمس يقول مافيك شيء

    علي ابتسم وهو يقف ليقبل رأس والده ويهتف باحترام: تكرم لحيتك ولحيتي من الردا يأبو كساب

    حينها هتف زايد بنبرة مقصودة: أنت تملكت من هنا انقلب حالك من هنا
    يا أبيك أنا ماغصبتك على العرس والبنت أنت مختارها بكيفك
    وش اللي صار لك يأبيك في يوم واحد

    حينها أجابه علي ببساطة موجوعة كما لو كان يقرر حقيقة أزلية لا نقاش فيها:
    اللي صار أني عاشق وفي يوم واحد عن ألف سنة واليوم أدري إنه بيصير عن ألفين سنة
    وكل يوم بيمر أدري إن عشقها بيزيد في قلبي مقدار ألف سنة

    انتفض زايد بصدمة كاسحة كما لو كانت لسعته حية:
    تحب وإلا عاشق فيه فرق عود يا أبيك

    علي بذات البساطة الموجوعة: عاشق ومتيم ولو فيه وصف تعرفه أكثر منهم قوله لي

    حينها هتف زايد بحزم بالغ الصرامة: أنا عمري ماسمعت عن عشق يطلع في يوم واحد
    لكن دامك مقتنع فاسمع كلام يجمد على الشارب
    بنت فاضل بتأخذها بتأخذها وبتحشمها وتقدرها غصبا من ورا خشمك
    عقبها لو بغيت تعرس وتاخذ اللي تبي ماني برادك بس تكون وحدة من ثوبك وثوبنا
    ولين ذاك الوقت أنا داري أنك منت مسوي ينقص من دينك ولا أخلاقك

    علي وقف وهو يهتف بألم عميق: لا ثوبي ولا ثوبك أصلا البنت ذي مستحيل أخذها
    ولا تخاف بأخذ بنت فاضل الله يعينها على ما ابتلاها
    والله يغفر لي عظم خطيتي في حقها وحق ربي ونفسي قدامها


    مع وقوفه عاوده شعور الدوار ليجلس مرة أخرى بينما زايد يهتف بحزم وهو يوقفه:
    قوم نروح المستشفى ماعلي منك مستحيل أخليك كذا
    خلهم يركبون عليك مغذي وعقب بأكويك على القرفة



    مابه علي مابك ياعلي ما بكِ أيها القلب الطاهر الشفاف
    أ تكون قد أصبت بـ "مرض العشق" الذي تحدث عنه كثيرا أطباء العرب القدامى

    وكان أول من تحدث عنه وحدده "أبقراط" اليوناني الملقب بأبي الطب
    ثم بعد ذلك فصّل فيه أطباء العرب مثل:الرازي وابن سينا والبغدادي وغيرهم

    ويمكن تلخيص أعراض وعلامات مرض العشق كما ذكرها الأطباء المسلمون القدامى:
    بالنحول وقلة الشهية وغؤور العين مع سماكة الجفن وحب العزلة وكثر التنهدات والشهقات
    واضطراب النبض وتسارعه خاصة عند ذكر المعشوق أو أي شيء يتصل به.

    ومشكلة علي التي لا حل لها ظاهريا أن الأطباء العرب المسلمين الذين تحدثوا عن مرض العشق

    اتفقوا أن أفضل علاج لهذا المرض هو الجمع بين العاشق والمعشوق
    وذلك على نحو تبيحه الشريعة حتى تسكن روح العاشق القلقة الملتاعة
    لأن كثرة تفكيره بمعشوقته وبعدها عنه يؤدي لانحدار مختلف أجهزته الجسدية والعصبية

    ولكن في حالة علي وهو يظن نفسه لن يجتمع بها أبدا
    بل يرى مشاعره ناحيتها محرمة عليه
    كيف سيكون حاله؟!!
    كــيــف ســـيــــكـــون حـــالـــه








    **********************************






    " خوش صباح وأنتي معنا تريقين
    بس كان ودنا أنش قاعدة عندنا شوي ومفارقتنا عقب
    يا العمياء وحدة عندها رجالش وتفرط فيه "

    كاسرة تحاول ارتشاف كأس الكرك وهي تشعر بجلاوته تتحول لمرارة وقفت في حلقها
    وتجيب بابتسامة مصطنعة: أمي إذا هذرتي كذا الصبح ماتقول لش عبارتها الشهيرة (اصطبح يا صبح)

    سميرة تضحك: يوووووووه كل يوم تقولها لي لين عجزت
    يا الله مافيه تهربين من الجواب علمينا وش سوى رجالش المزيون وزعلش عشان نقطّع أذانيه

    حينها تدخلت وضحى في الحوار وهي تجيب بثقة: سميرة شكلش مابعدتي عرفتي كاسرة
    دامها ماتبي تقول وش سبب زعلها من رجّالها مستحيل تقول حتى لو قعدتي تلحين عليها مية سنة

    سميرة مازالت تضحك: إلا شكلش أنتي وأختش ماتعرفون حنة سميرة اللي على مستوى
    أنا مهوب بس أحن أنا أدخل في المخ بحنتي لين أوصل للي أبيه

    كانت تضحك وهي ترى تميم ينزل الدرج وجبينه معقود لتشرق وتكح
    حينها ابتسمت كاسرة فعلا بشفافية: تعيشين وتأكلين غيرها
    هذا كله ماتبين أخي يعرف شدوقش وش وسعها

    سميرة تحاول أن تبتسم وهي تهمس باصطناع: أنتي الظاهر تبين الرجّال يطفش ويخليني لا شاف قاع بلاعة حلقي مع ضحكتي

    تميم سلم ثم جلس وهو يشير لكاسرة بحزم:
    البارحة جيتش لقيتش تسبحين تحبين نقوم لمجلس النسوان نتناقش

    كاسرة أشارت له بثقة: مافيه حد غريب عشان نقوم الثنتين خواتي
    هذا أولا
    ثانيا: مافيه شي نتناقش فيه أصلا أنا ما أبي أرجع لكساب وهذي حريتي الشخصية
    ومع احترامي الشديد لك تميم لكن مافيه شيء بيغير رأيي

    حينها أشار تميم وهبى وجهه ترتسم علائم غضب:
    يعني تبين أخليش تهدمين بيتش وماتبين حد يناقشش حتى

    كاسرة بذات الثقة الساكنة: أرجوك تميم لا تضغط علي وتحرق أعصابك
    وأنت عارفني زين ما أغير قراري لا قررت شيء بعد تفكير

    حينها كانت مزنة تدخل من ناحية باب المطبخ وهي تحمل صحنا بيدها وترى إشارة كاسرة لتميم
    وضعت الصحن على الطاولة وهي تشير وتهتف بصوت مسموع ونبرة مقصودة:
    إيه تميم لا تقول لها شيء ولا حتى تسألها عن شيء
    لأنه حن الظاهر ساكنين في فندق ومالنا حق نسأل النزلاء عن خصوصياتهم

    سميرة شعرت بحرج ما وهي لأول مرة في هذا البيت تشهد هذا الحوار الحاد الناتج عن موقف مشكلة حقيقي

    وضحى وقفت على الحياد كعادتها احتراما لمن هم أكبر منها ويتناقشون في موضوع لا يخص أحدا سوى كاسرة
    وهي رغم إعجابها بشخصية كساب كوالدتها إلا أنها تعلم أن كاسرة لن تخرج من بيتها إلا لسبب كبير

    كاسرة أجابت بحزم: ليه يمه أنتي متضايقة مني ومن قعدتي عندكم رحت قعدت عند عمتي هذي هي في البيت بروحها مامعها إلا شعاع

    مزنة بغضب حقيقي: هذا اللي قاصر يا بنت بطني!!
    اطلعي من بيتش وتعزبي العرب!!

    كاسرة بذات الحزم: وش أسوي دام أنتو ماتبون تحترمون قراري
    ثم أردفت وهي تنظر لتميم وتشير بحزم: تميم أنت متضايق من قعدتي في بيتك

    تميم أشار باستنكار: أفا عليش أنتي الداخلة وحن الطالعين
    وإن ماشالتش الأرض أشيلش فوق رأسي
    بس أنا أبي مصلحتش!!

    كاسرة بحزم: وأنا أعرف مصلحتي زين
    واسمحوا لي بأروح لدوامي




    ***********************************




    " يبه جعلني فدا خشمك
    عطلتني عن الروحة للدوام بروحة المستشفى اللي مالها داعي
    يا الله جعلني الأول نزلني في دوامي ماعندي وقت أرجع للبيت وأخذ سيارتي
    وعقب بأخلي واحد من سواقين الوزارة يرجعني"

    زايد يشعر بقلق عميق يخفيه خلف حزم صوته:
    زين اليوم نروح نكويك على القرفة لأنك داري إن القرفة ماتبين في تحاليل المستشفى

    علي ببساطة: إذا بيريحك ذا الشيء حاضر نروح اليوم وأكتوي
    مع أني قلت لك إن الكوي مهوب نافع

    حينها هتف زايد بشجن: اسمعني يابيك يمكن مافيه حد حب وعشق مثل أبيك
    أبيك عاشق قديم بس يأبيك أبي أدري وش علاقة الحب بالأكل
    ثم ابتسم: كنت أكل ومافيني إلا العافية وعمر الحب ماسد نفسي من الأكل

    علي ابتسم بمودة: شكلك يبه حبك في مخباك ماشاء الله

    كم هي شفافة العلاقة بين هذا الوالد وابنه!!
    وهما يتحاوران كما لو كانا صديقان حميمان من عمر واحد
    وكل منهما يشعر بالآخر على ذات المستوى من القوة

    هتف زايد بحزم: دامك تقول إن ذا اللي أنت تحبها وما رضيت تعلمني من هي
    منت بماخذها فأنت لازم تشوف حل لنفسك يأبيك
    مايصير حالتك كذا!!

    علي بشجن: ووش الحل عندك يبه

    هتف زايد بشجن مشابه: ذكرتني ببيت الشعر القديم يم كان العاشق يسأل الأصمعي:
    أيا معشر العشاق بالله خبروا.إذا حل عشـق بالفتى ما يصنع؟
    فرد عليه الأصمعي بالحل اللي لازم أي رجّال يسويه:
    يداري هواه ثم يكتم سـره.ويخشـع في كل الأمور ويخضع


    ثم صمت زايد دون أن يكمل الحكاية وهو يشعر بحرقة غريبة أنه تذكر هذه الحكاية دون سواها


    حينها هتف علي بنبرة مقصودة: وش فيك يبه سكتت ماكملت السالفة
    تراني أنا بعد أعرفها وإلا عشان تاليها مايناسب الفكرة اللي كنت تبي توصلها لي
    الولد العاشق يبه رد على الأصمعي:
    وكيف يداري والهوى قاتل الفتى . وفـي كل يـوم قلبـه يتقطع ؟

    فالأصمعي رجع ورد على الولد:
    فإن لم يجد صبرا لكتمان سره فليس له سوى الموت ينفع

    فلقوا الولد مات فعلا وجنبه مكتوب:
    سـمعنا أطـعنا ثم متنا فبلغوا سـلامي لمن كان للوصل يمنع


    زايد بغضب: أمحق سالفة وامحق رجّال يذبحه حب مرة

    علي ابتسم: يبه أنت جبت أول السالفة وأنا جبت تاليها
    ثم أردف برجاء: يبه أنا أبي أروح العمرة. ضايق خاطري وحاس الهم راكبني
    ويمكن الله يغسل نفسي من حبها لا جيته عاني لبيته

    زايد بمودة مصفاة: أبشر يأبيك الحين بأكلم مدير مكتبي يسوي لنا الحجز الليلة
    بس خلني أول أروح لمرت كساب العصر ثم نودي أختك لبيت عمك
    وحجزنا إن شاء الله على الليل
    والحين انزل يأبيك وصلنا دوامك







    ************************************




    " غريبة الباشمهندس جاينا لمكتبنا
    بالعادة مكلبش في شغلك ماتطلع منه"

    عبدالله يبتسم وهو يجلس على المقعد المقابل لمكتب صالح:
    كان عندي شغل قريب منك قلت أمر وأسلم

    صالح يبتسم: زين شفناك تنشرح نفسي على الصبح
    من يوم قمت اليوم وأنا أهاد ذبان وجهي

    عبدالله يضحك: الله يعين ذا الذبان علينا ومن سمعك
    اليوم يمكن مابقت ذبانة في الدوحة ماتهاديت معها

    أجابه صالح بخبث: أم حسن صح

    عبدالله بخبث مشابه: لا تذاكى علي لأني بأقول لك أم خالد صح

    تنهد صالح: الله يعين نجلا صارت لا تطاق ما تنتحاكى
    أكيد حد طاسها عين على ثقلها وزانة عقلها
    عشر سنين من يوم خذتها عمري مانقدت عليها في شيء
    إلا المنقود كان من صوبي وهي اللي كانت صابرة علي

    عبدالله ابتسم: يمكن تكون حامل وتتوحم وعشان كذا شخصيتها متغيرة عليك
    تدري الهرمونات لا اختبصت خبصت المرة معها

    صالح يهز رأسه رفضا: يا ليت كان قلت اخبصيني على كيفش ولاني بمشتكي
    بس لا الله يرزقنا عاجلا غير آجل يمكن تقر وترتاح
    ثم أردف بتساؤل مهتم: إلا بما أن مرتك أنت اللي حامل
    الوحم هو اللي ممشكل بينكم

    جاء دور عبدالله ليتنهد: لا طال عمرك أنا وام حسن سالفة عويصة شويتين
    الله يزينها من صوبه

    يتذكر عبدالله كيف كانا هو وهي اليوم صباحا
    وكل واحد منهما يتحاشى مجرد النظر للآخر
    مع أنه من المفروض ألا يكون بينهما كل هذا التعقيد مادام كل واحد منهما صرخ بالآخر وأخرج كل حرقته
    ليصبح كل مابينهما واضحا تماما

    ولكن ماحدث أن مابينهما تحول لكتل من مشاعر متشابكة معقدة
    لا يعلم كيف يستطيع تفكيكها وهو يشعر بكل هذا الإرهاق والاستنزاف الروحي





    *************************************






    رد مع اقتباس  

  9. #169  
    المشاركات
    3,260
    " الحين أبي أدري وش المصيبة اللي صارت
    جايبتني من الدوام دايركت هنا"

    نجلاء تنفذ عن ذراعيها وهي تهتف بهمة: مهوب عاجبني ترتيب غرفتي وغرف عيالي
    أبي أغير أماكن السراير والكباته بعد وعقب ارتب الملابس من جديد
    قلت تجين تساعديني والخدامات معنا

    سميرة تلقي حقيبتها على السرير وتتمدد وهي تهتف بتأفف مرهق باسم:
    صدق إنش اسنخفيتي والفاضي يعمل قاضي
    أنا حسبت بجي بألاقي صويلح مسوي وجهش حلبة مصارعة على صبغة الشعر
    لقيتش لا صبغتي ولا شيءمحزمة رأسش كنش في معركة
    ولابسة لي بنطلون جينـز وكرشش ناطة قدمش شبرين

    نجلا بجزع وهي تنظر لبطنها: أنا كرشي شبرين ياقليلة الحيا

    سميرة انفجرت من الضحك: عاد لا تقولين ما لاحظتي الزرار اللي مارضى يتسكر من كبر كرشش
    وإلا السحاب اللي بينفجر ما أدري أشلون تسكر أصلا أكيد تسكر بعد تعذيب من الطرفين
    أنتي عذبيته وهو عذبش

    حينها همست نجلا بضيق: بس يا الخبلة أنا أصلا ملاحظة من فترة أني ماتنة مع أني ذبحت روحي ريجيم بس بدون فايدة
    ظنش إن صالح لاحظ أني ماتنة مع أني كلش ماعاد ألبس ضيق عنده

    سميرة تضحك: أكيد لاحظ ظني الجيران لاحظوا عن بعد كيلوين
    أنا بصراحة صار لي فترة ماسكة روحي لا أعلق لأني أدري تموتين لا حد طرا أنش لش كرش
    بس عاد مع بنطلون الجينـز هذا مالش حل صراحة ماقدرت أمسك روحي

    حينها انفجرت نجلا باكية وهي تجلس على السرير وتدفن وجهها بين كفيها
    سميرة اعتدلت بجزع وهي تقفز بجوار نجلا: أفا يأم خويلد هذا وأنتي أساسا دمعتش بعيدة وما يبكيش إلا الكايد
    تضحكين من تعليقات وحدة خبلة مثلي خلاص سحبتها

    نجلاء بين دموعها وشهقاتها: يا الخبلة ما أبكي منش بس أنا متضايقة من روحي
    صايرة حساسة بشكل وأقل شيء يؤثر في أعصابي
    وخايفة يكون فيني مرض وإلا شيء لأنه وزني صاير يزيد بسرعة مع أني تقريبا ماعاد كلت
    الشهر هذا بس زايدة ثلاثة كيلو

    سميرة بمؤازرة: زين نجول يمكن تكونين حامل

    نجلاء بضيق: وش حامل بعد. توني قبل أسبوع علي الدورة
    وحتى دورتي مروعتني ماعادت مضبوطة مثل أول والدم خفيف واجد
    خايفة أكون مريضة ياسميرة
    أحاول أبعد ذا الفكرة عن رأسي وأشغل نفسي عنها
    بس ترجع وتأكل تفكيري تعبانة سميرة تعبانة من التفكير

    حينها همست سميرة بألم وقلق: زين وليش ماقلتي لي من أول

    نجلاء عادت للبكاء: وش أقول ما أبي أروع حد عشان شكوك في راسي
    وما أبي اقول لاحد عشان ما أسوي فحوص والشكوك تتحول لحقيقة

    حينها همست سميرة بحزم: بس أنتي بتروحين معي الحين وتسوين فحوص غصبا عنش
    بأكلم سيارة بيت هلي وبنحط عيالش عند أمي وبنروح.





    ********************************





    " زين إن الهندي المثقف ذالف لا رده ربي ذا الأذوة"


    كانت عالية تهمس بذلك لعبدالرحمن وهي تشد لها مقعدا وتجلس
    وتهمس له بابتسامة صافية: اشتقت لك يالخايس من البارحة لين اليوم
    وش أخبارك اليوم
    مثل البارحة خست من النوم وريحتك واصلة آخر الممر يا اللي ماتستحي.

    يا أخي بسك نوم
    الناس عرسوا وجاوبو عيال وأنا قاعدة جنبك استاند باي
    لا تكون ناوي تطول بعد تراك مسختها. والصبر له حدود
    يا أخي خلصت السوالف اللي عندي وأنا كل يوم أهذر فوق رأسك
    هذي تطلقت وهذي تزوجت والدكتور الفلاني سافر
    خلاص دورك تسولف علي
    ولو أني لو تبي الصدق حتى لو أنت صاحي ماراح أخلي لك مجال تفتح حلقك
    لأني هذرتي أساسا ماتخلص. ويا الله الـ24 سويعة اللي في اليوم يكفوني

    حينها همست بحزن: تدري عبدالرحمن بأقول لك سالفة محزنتني واجد
    وزين أنك منت بواعي عشان ما أبي حد يعرفها بس جد أنا حزينة ومتضايقة
    أدري بتقول أشلون حزينة وأنتي قبل دقيقة فاتحة شدوقش على أقصى اتساع بشري ممكن
    أنا كذا يا دحومي دقيقة بتلاقيني أضحك والدقيقة الي بعدها استخف وأبكي

    البارحة عبدالله وراني صور ولده اللي مات في أمريكا صور واجد للولد من وهو صغير لين كبّر
    قلبي قبضني يوم شفته لسببين الأول تخيلي أشلون مات روح طاهرة مالها ذنب
    الثاني الثاني هو إني أشك إنه يكون ولد أخي من أساسه.
    لكن طبعا مستحيل أقول ذا الكلام لأحد الحقيقة ذي لو كانت حقيقة بتذبح عبدالله اللي ضاعت سنين عمره عشانه
    خلاص وش بيستفيد والولد مات حتى لو ماكان ولده هو رباه وحبه كنه ولده

    علم الجينات يقول ولد مثل هذا مستحيل يكون ولد عبدالله
    لأن عيونه زرق والعيون الزرق أكثر صفة متنحية بين الجينات الوراثية
    ومستحيل تطلع في الجيل الاول لكن ممكن تظهر في الجيل الثاني

    لكن أرجع وأقول لنفسي الله قادر على كل شيء وعبدالله يقول سوى له فحص دي إن أي في ثلاث مستشفيات
    وش فايدة الحكي في شيء ماعاد له فايدة

    تدري يا الدحمي خاطري أنا أجيب عيال عيونهم ملونة
    مهوب لو تزوجت ولد عمي غنوم أبو عيون عسلية كان أحسن لي بدل ما أنا قاعدة جنبك مثل الكرسي
    أقله كان جبت بزران شقران حمران وعيونهم عسلية مثل خالتي جيهان أم غنوم
    وحسنت نسلي المغبر

    عالية لشدة استغراقها في الثرثرة وهي تنظر لوجه عبدالرحمن فقط
    لم تنتبه لجهاز قياس ضربات القلب ولتغير الإشارات الحيوية وتسارعها بشكل طفيف
    منذ أن بدأت بحكايتها مع غانم

    لتعود مؤشراته للسكون والانضباط وهي تقول بابتسامة: بس وش أسوي بقلبي الخبل
    اللي مالقى يتعلق إلا بواحد دب مايشبع رقاد مثلك

    ثم انتفضت وهي تنظر للساعة: ياويلي خلني أطق ابيك على وصول
    وهي تخرج فعلا ليدخل فاضل بعدها بثوان






    *********************************






    " الحمدلله على السلامة يام زايد
    نورتي بيتش"

    كان منصور يُدخل عفراء لبيتها وهو يسندها بعد أن رتبت لها مزون غرفة في الأسفل

    جميلة تدخل خلفهما وهي تحمل زايد الصغير بحرص وتهمس بمرح:
    الحين أم زايد أم زايد
    وأنا الكبيرة ماعاد لي كرت وين أم جميلة

    منصور بابتسامة أبوية: ماعليه خليها تجامل ذا الصغنون شوي
    وإلا الغلا كله لش

    جميلة تمشي خلفهم ومنصور مازال يسند عفراء باتجاه الغرفة وتهتف بذات المرح:
    إيه إلعبوا علي. شايفيني مقصة

    عفراء بمودة حانية: خلاص ولا يهمش اللي بيقول لي أم زايد ماني برادة عليه لين يقول أم جميلة

    جميلة وضعت الصغير في سريره وهي تقبله وتهتف بذات الابتسامة الرقيقة:
    لا أنا أصلا ما أرضى حد يتعدى على مكانة ولدي ورجّالنا الصغير
    جعل ربي مايخلينا منه ومن زايد الكبير

    ثم قبلت أنف منصور الذي كان قد أجلس عفراء على السرير وجلس جوارها:
    ولا من حضرة العقيد.

    شدها منصور ليجلسها جواره من الناحية الأخرى وهو يحتضن كتفيها ويهتف بذات نبرته الابوية الجديدة الرائقة تماما:
    ولا يحرم العقيد منش
    إلا قولي لي ماتبين تعلمين رماية

    جميلة بصدمة: نعم

    منصور يريد أن يشغلها بشيء عن التفكير فهو رآها بالامس وهي تبكي في غرفة المواليد ولكنها لم تراه
    والرماية هي مايعرفه

    ابتسم منصور: إيه الرماية
    بتستانسين أول نبدأ مسدسات ثم البنادق لين نوصل الرشاشات

    عفراء ضحكت وهي تتخيل ابنتها الرقيقة المدللة مع رشاش: منصور حرام عليك من جدك

    منصور بجدية: والله من جدي
    تتسلى معي ونسولف أنا وإياها دامش لاهية في زايد الصغير لين ترجع جميلة لجامعتها

    جميلة ضحكت برقة: لا عمي فديتك بلاها الرشاشات والمسدسات
    لأنها في يد وحدة مدمغة مثلي خطر على المجتمع
    وأنا أصلا مشغولة مع أمي في زايد الصغير. وما ابي أبعد عنه أصلا




    **********************************




    " وضحى وضحى"

    وضحى تجيب كاسرة التي كانت تناديها من الاعلى وهي تطل عليها: نعم كاسرة

    كاسرة بحزم: قولي لأمي تفتح باب الحريم اللي يفتح على الحوش
    عمي زايد جاي يبيني وصار برا
    خلها تدخله
    بس أبدل ملابسي وألبس دراعة ضافية وأنزل الحين.




    #أنفاس_قطر#
    .
    .
    .
    .






    رد مع اقتباس  

  10. #170  
    المشاركات
    3,260
    بين الأمس واليوم/ الجزء الحادي والستون





    يقف أمام باب مجلس الحريم المطل على الحوش
    يعرف هذا البيت جيدا فهو من بناه ويحفظ كل تفاصيله
    التي حاول تناسيها منذ علم أنها سكنت قريبا منه
    طوال الأشهر الستة الماضية وهو يحاول تجاهل حقيقة سكناها بجواره
    حتى حين يخرج من بيته يدور للجهة الأخرى لم يعبر ولو لمرة واحدة من أمام بيتهم مباشرة
    خوفا أن يلمحها خارجة في سيارة مغيمة بالسواد


    حتى الجد جابر غالبا هو من يأتي لمجلس زايد لأنه يشعر بالضيق من الجلوس في البيت
    فيمر كل يوم بعد عودته من صلاة العصر ويبقى حتى يذهب لصلاة المغرب
    ثم يعود لبيته
    لذا لم يضطر أن يضغط على أعصابه وهو يتجاهل وجودها قريبة هكذا

    ومع ذلك في أحيان كثيرة كان يقول لنفسه ليلا وهو يستعد للنوم
    "هل لو أرهفت السمع قليلا سأسمع صوتها يعبر الحوائط"

    كان وجودها جواره رغم كل محاولات التجاهل متعب إلى حد كبير لمشاعره وذكرياته
    فهو يؤمن أنه لم يبق لسواه سوى الذكريات!!


    هذه المرة لم يضع مطلقا في باله أي احتمال أنه سيراها.
    فهو اتصل بكاسرة مباشرة حتى تكون من تفتح له الباب
    لذا حين فُتح الباب دخل بثقة وعفوية وهو يسلم بنبرته الواثقة الفخمة


    ليجد أن من فتحت له الباب سيدة متشحة تماما بالسواد ومعها خادمة كانت تضع صواني القهوة والشاي على الطاولة وتقف عندها


    عــــــرفــهـــا!!
    عـــــــــــــرفــــــــهــــا!!
    وعرف من هي. وآه من هذه المعرفة ما أقساها!!
    أي كارثة مصيبة فاجعة كاسحة كل مسميات الصدمة للصدمة هذه لم تخطر له ببال!!


    "لماذا ترتكبين هذه الجريمة في حق عمكِ يا كاسرة
    أأتي لأصلح بينك وبين زوجكِ
    فيكون جزائي أن تذبحيني
    المرة الماضية لم أستطع احتمال رؤية طرف أناملها
    فكيف وهي تقف أمامي هكذا؟ كيف"


    لم ينظر مطلقا ناحيتها وهو يختار له أقرب مقعد للباب ويجلس عليه وهو يغلف كل مشاعره -التي احترقت فجأة- بالبرود قدر ما استطاع

    ولكنها لم ترحمه وهي ترد السلام بصوتها الرخيم
    ثم تهتف باحترام جزيل: حياك الله يا أبوكساب
    بنتك بتجيك الحين والله لا يقصر خطوتك ويكبر قدرك مثل ماكبرت قدرها

    حينها كاد يقسم أنه انتفض بعنف قارص وهو يشعر بلسعة باردة حادة كسهم مسموم اخترقت أذنه من ناحية لتخرج من الناحية الأخرى
    لم يكن يريد أن يسمع صوتها مطلقا كان يخشى من تأثير الصوت عليه
    أما أن يقلب مواجعه أو ينسفها!!!

    فإذا به يقلبها كإعصار هائجمجنون لا يرحم من يعبر عليه!!
    مازال الصوت هو نفسه كما سكن في روحه
    هو نفسه نفس البحة الناعمة ولكنأكثر نضجا وعمقا وهدوءا وأنوثةإلى درجة تثير الصداع

    ولكنه بات خاليا من روح تمردها المتعجلة على الدوام التي كانت تأسره وتغيظه في ذات الوقت
    لتسكنه روح عمق مختلفة مسكونة بأنوثة لم تُخلق إلا لها وحدها


    أنهت عبارتها وخرجت لتتركه مبعثرا خلفها لم يستطع حتى أن يرد على ترحيبها
    بل وصف (التبعثر) لا يمكن أن يرتقي ليصف حالته أبدا
    هل يُقال حين تتفجر الروح إلى أشلاء لا عدد لها مجرد تبعثر؟!!
    هل يُقال حين تقتحمك كل ذكرياتك الأثيرة بقوة آلاف القنابل النووية مجرد تبعثر؟!!!
    هل يُقال حين ترى كل أحلامك تتضاءل وتتقزم أمام مجرد همسات مجرد تبعثر؟!!
    إن كان يصح أن يُقال ذلك عن حاله ويوصف ذلك بالتبعثر
    فهو إذن تبعثر ملايين المرات ودون توقف!!!!


    " ألوم الولد الصغير على اندفاعه
    وأنا الشيبة القاضي ماني بقادر أتحكم في انفعالي؟!!
    أشلون شكلي قدامها
    وأنا حتى ماتحفيتها ولا سألتها لو كاسرة قالت لها شيء مثل ماهو مفترض
    ليتني ماجيت
    ليتني ماجيت!!!"


    بعد أقل من دقيقة عادت مرة أخرى لتصدمه صدمة أشد من الأولى
    فهو توقع أنها انجزت مهمتها في ذبحه فلماذا عادت إذن


    "لماذا عادت لماذا
    أ لم يكفها مافعلته بي
    ماعاد بي شيء يحتمل وجودها أبدا!!"


    كاسرة دخلت خلفها وهي تتجه لزايد لتقبل رأسه ثم تجلس جواره وهي تهمس باحترام:
    أمي من كثر ماهي زعلانة عشان كساب تبي تقعد تساعدك عليّ

    حينها كانت مزنة تتوجه لتجلس في الناحية الأخرى


    زايد شعر بالفعل أن ريقه جاف وأن الكلمات كلها هربت منه
    كره لأبعد حد أن يكون هو زايد المتحكم المسيطر في هذا الموقف. موقف الضعفالذي لا يليق به أبدا!!

    شد له نفسا عميقا وهو يستعيد سيطرته على الموقف!!
    فهذا نتاج فترة متطاولة من التدرب على التحكم في أعصابه في أقسى المواقف وأعقدها

    ليهتف بحزم السيطرة على الأمور : زين يأبيش دام حتى أمش مهيب راضية على سواتش
    منتي بمكبرة قدري وقدرها وترجعين لبيتش
    ولو كساب مضايقش بشيء أنا بأخذ لش حقش منه أنتي تعرفين غلاش
    وتدرين أكثر أني وش كثر أوصي كساب عليش
    بس مايصير يأبيش الرجّال طلع وأنتي في البيت يرجع ما يلقاش

    همست حينها كاسرة بحزم مخلوط باحترامها العظيم لزايد:
    قدرك أنت وأمي على رأسي بس ماظنتي إنه يرضيك أنه قدرك وقدرها يغصبني على حياة ما أبيها؟!!

    حينها تكلمت مزنة بثقتها البالغة الراقية: زين الحين أنا وعمش موجودين
    أنتي بنتي وهو أبيه
    قولي لنا السبب
    ما يصير يأمش تهدمين حياتش كذا وماتبين حد يتدخل
    كساب ماشفنا عليه شيء يحدش تطلعين من بيتش
    ودامش ماتبين تكلمين فالحق الحين عليش مهوب عليه.

    شعر زايد بصداع فعلي يمزق دماغه بمطارق لا ترحم
    "هل هذه تتكلم أم تغرد
    كيف أحل المشكلة وأنا عاجز عن التركيز هكذا"

    كاسرة بذات الحزم الرافض لإعطاء مبررات: يمه اسمعيني أنتي وعمي
    أحيانا ترا ما يكون فيه سبب ينقال
    صدقوني أنا وكساب مابيينا مشكلة فعلية
    بس ماصار بيننا توافق ليش تبون تغصبوني أو حتى تغصبونه
    ماتدرون يمكن لا رجع من السفر تلاقونه مستانس أني أنا فكيته من شري

    حينها هتف زايد بحزم وهو مازال يتجاهل النظر بكل قوته لبقعة الضوء والتشتيت الجالسة في الطرف الآخر أمامه
    لا يعلم كيف يستطيع التوفيق بين كلام مهم يجب أن يقوله وإحساس قاهر بانعدام التركيز يتجمع في المكان:
    زين يأبيش ليش تسلبينه حقه إنه يعبر عن رأيه
    دام تقولين مابينكم مشكلة ارجعي لبيتش ماراح أقول الحين
    بس لا رجع من سفره يلقاش قدامه مثل ماكنتي وراه يوم سافر
    تفاهمي أنت وإياه وتأكدي أني معش طول الطريق
    بس لا تخلين العزة بالأثم تأخذش

    كان زايد يتكلم ويتكلم ويتكلم بطريقته الخاصة البالغة الحزم والفخامة
    بينما مزنة تنظر له من خلف فتحات نقابها الشديدة الضيق
    بالكاد تظهر رفات رموشها التي لم يستطع حتى أن ينظر ناحيتها وهو يتجاهل النظر لها
    فيكفيه مافعله به صوتها لن يحتمل رؤية (زولها) حتى!!

    كانت تنظر له وتبتسم رغم حساسية الموقف
    فهذه هي المرة الأولى التي تراه يتكلم بعد ثلاثين عاما!!
    حتى المرة الماضية حين جاء لأخذ كاسرة كانت هي معتصمة بالباب
    هو لم يرفع صوته بالسلام وكل حواره كان مع كاسرة

    وسبب رغبتها بالإبتسام أنها ترى أمامها كم تغير تغير جذري شكلا ومضمونا حتى أسلوبه في الكلام تغير 180 درجة
    فأين زايد الهجومي الحاد غير اللبق من هذا الفخم الأنيق والواثق الذي تشعر بروح سيطرته تحيط المكان بإحكام من حوله


    كإحساسزايد الآن كما كان قبل ثلاثين عاما مجرد جار وابن جماعتها تربطها به المودة العامة ولم تحمل له أبدا مشاعر خاصة

    كانت وهي مراهقة تشعر بالغيظ منه ولم توافق على الزواج منه لأنها شعرت أنه يريد فرض سيطرة عليها هي ترفضها

    بعد ذلك تحولت المشاعر لمشاعر احترام عميق وهي ترى تواصله مع والدها
    ولا تأخذه أبدا مشاغله المتزايدة عن وصله وخصوصا مع معرفتها بمحبة والدها له

    ولكنها وهي تراه الآن لا تنكر أنه يستحق فعلا مشاعر الإعجاب التي يثيرها في الجميع
    فهي كانت سابقا تستغرب كيف استطاع زايد المتهور العنيد طويل اللسان أن يحقق كل هذه النجاحات!!

    الآن آن لها ألا تستغرب أن من له هذه الطريقة المقنعة المبهرة في الكلام لابد أن ينجح
    لا تعلم كيف إن ابنتها مازالت لم تقتنع حتى الآن
    رغم أن في ابنتها كثير من عنادها ولكن السنوات هذبتها ومنحتها الحكمة
    ولو كانت هي في موقع ابنتها من تستمع لزايد لكانت تعود معه لبيتها الآن

    زايد تعب فعلا من محاولة إقناع كاسرة التي كانت مصرة تماما على موقفها
    حينها وقف وهو يهتف بحزم: تعبتيني يأبيش وماهقيت إني مالي خاطر عندش كذا

    كاسرة همست بجزع حقيقي وهي تقبل رأسه: محشوم فديتك بس ظني إنك صرت أكثر واحد يعرفني في ذاك البيت
    وماظنتي يرضيك أكسر نفسي عشان أرضيك

    زايد قبل جبينها وهو يهتف لها بمودة عميقة: أنا رايح يأبيش عمرة الليلة
    وبأدعي لكم ربي يصلح بينكم
    بس طلبي مني شي واحد
    لا جا كساب يبي يكلمش لا تصدينه طالبش يأبيش تقعدين معه وتتفاهمون.

    حينها همست كاسرة في داخلها بألم: (لا تخاف مهوب جاي أصلا هو يبيها من الله)
    ولكنها أجابته بمودة: أنت تأمر والله لا ياتي لأقعد معه ونتكلم
    بس لا تهقا أني رديتك وأني بأرجع معه قدرك أكبر عندي من كل قدر


    زايد غادر وهو يشعر أنه يريد أن يهرب فعلا يشعر ن جسمه خلا من الطاقة تماماقدماه بالكاد حملتاه للخارج
    يبدو أنه سيحتاج بالفعل إلى الذهاب للعمرة مع ابنه التي جاءت في وقتها لتبرد بسكينتها جروح قلبه التي انفتحت على اتساعها
    ليُذر عليها كل ملح العالم!!


    كان يعلم أنه يستطيع أن يضغط على كاسرة أكثر من ذلك لو استخدم كل ذكائه وقدرته على الإقناع
    ولكن هذا هو كل ما استطاعه حتى لا يبدو بمظهر مزري أمامها
    يا الله لماذا جاءت مع ابنتها لماذا

    ماذا استفاد غير اشتعال الحرقة والمرارة في جوفه وفشله في الوساطة التي جاء لها

    لو أنه على الأقل نجح في وساطته كان سيقول أن حرقته المتزايدة التي تكوي جوفه جاءت بنتيجة

    لا يعلم كيف مازال لها كل هذا التأثير الأسطوري في ذاكرته رغم مرور كل السنوات
    كيف لم يخفت تأثير وجودها في المكان كما لو أنها شمس تحرق كل ماحولها
    تماما كما كان يشعر بها وهو يراها تعبر الطريق أو تقف أمام الباب وهي صغيرة
    ليجد كل شيء حولها بهت تماما كما الشمس تُبهت ماحولها!!

    "يبدو أن مزنة ستبقى حسرة مرة في قلبي حتى أموت!!!"



    خلفه كانت مزنة تهمس بغضب وهي تخلع عباءتها وتجلس: أنتي مافي وجهش سحا
    حتى جية عمش مالها قيمة عندش
    ماحتى كبرتي قدره وهو جايش عاني لين مكانش

    حينها استغربت مزنة وقلبها يتهاوى وهي ترى كاسرة جلست جوارها
    لتحتضن خصرها وهي تضع رأسها على كتفها وتهمس بحزن:
    بس يمه طالبتش بس حرام عليكم كل واحد يضغط علي من ناحية
    أنا بروحي تعبانة وماحد راضي يرحمني

    مزنة احتضنتها وقلبها كما لو كان سيتمزق ألما من أجل ابنتها وهي تهمس بحنان:
    يأمش نبي مصلحتش كساب والله العظيم مافيه مثله أنا أعرفه زين يأمش
    يعني ما أظنه شين لدرجة أنش ماتطيقين تعيشين معه
    ولو فيه طبايع ماتعجبش المرة تقدر تغير رجّالها بصبرها عليه
    ولو أنتي ماتحبينه.
    ترا الحياة الزوجية تستمر بالمودة حتى لو ماكان فيها حب بمفهومكم يا الشباب!!

    حينها تدفقت كاسرة بألم وهي تشدد احتضانها لخصر أمها ودفنها لوجهها في ثنايا صدرها:
    كساب مهوب شين أدري والله العظيم مهوب شين
    أما على الحب
    أنا مهوب بس أحبه أنا أموت فيه ومن أقصاي
    ولو فيه شيء فوق كذا فهو حبي له ارتحتي يمه!!
    بس يمه ما ابي أعيش معه ما أبي
    تكفين يمه كفاية تسوين علي حصار
    انا بروحي متضايقة حدي إنه عمي زايد طلع زعلان


    مزنة صمتت وهي تمسد شعر كاسرة بأناملها
    ورأس كاسرة يرتخي على كتف أمها وهي تمنع نفسها ان تبكي رغم حاجتها الماسة لذلك

    ومزنة تقرر أن تتوقف تماما عن الإلحاح على كاسرة حتى حين!!
    فهي لم تتوقع أبدا أن كاسرة قد تعبر عن حبها له بهذه الطريقة ثم تقرر تركه
    هناك شيء قد لا تفيد فيه الوساطات
    شيء بينهما ولن يحله سواهما!!

    ولكن مع ذلك مزنة ستنتظر عودة كساب قبل أن تنزل معه بكل ثقلها
    فهذا الشاب أصبح قريبا جدا من روحها
    وهي تعوض فيه كثيرا من مشاعرها التي كانت لمهابويسد فراغا ما في حياتها
    فهو بعيدا عن كونه زوج ابنتهاكان كثيرا ما يزورها هي
    وبينهما تفاهم كبير رائع.
    تراه أكثر من مذهل ويعجز أيا كان على عدم الإعجاب بشخصيته ورجولته ولباقة حديثه وإتساع أفقه

    فلماذا ابنتها عاجزة عن رؤية كل هذه المزايا لماذا






    ************************************






    عاد للبيت بعد صلاة العصر بعد أن تغدى في بيت أهله
    لم يصعد للأعلى
    ولكنه يشعر أن البيت ساكن تماما حتى ابناه لم يراهما اليوم
    نادى إحدى الخادمات وسألها عن نجلا والأولاد
    فأجابته أنهم ذهبوا جميعا مع سميرة حوالي الساعة الثانية والنصف
    استغربسميرة تأخذهم بعد عملها وتذهب أين
    وكيف تخرج نجلا بدون أذنه يعلم أنها حتى لو كانت غاضبة فيستحيل أن تذهب دون أن تستأذن لو حتى برسالة هاتفية
    أ يعقل أنها عادت لبيت أهلها

    اتصل بنجلا ولم ترد واتصل مرة أخرى لترد عليه سميرة سلم باحترام ثم سألها عن نجلا

    سميرة همست بتردد: نجلا تعبانة شوي وجبتها المستشفى الأهلي عشان يسوون لها فحوص شاملة

    حينها تفجر قلق صالح: أشلون تعبانة والبارحة مافيها شيء؟
    ووش ذا التعب اللي يستلزم فحوص شاملة
    تدرين. خلاص أنا جايكم الحين

    لم يستغرق سوى عشرين دقيقة ليكون واقفا بجوار سميرة التي شعرت بالحرج من وقوفها مع صالح في الممر بعد أن اتصل بها لتواجهه خارجا
    حتى يعلم منها ما الذي حدث قبل أن يرى نجلاء
    كان صالح يتفجر قلقا حقيقيا وهو يسأل بأنفاس مقطوعة:
    نجلا وش فيها

    سميرة شرحت له باختصار ودون تعمق عن حالة نجلا
    ليجيب حينها بغضب متفجر: وليش ماقالت لي أنا يوم إنها صار لها كم شهر وهي تعبانة

    سميرة أجابته بحرج: إسأل روحك يابو خالد أنت اللي عايش معها المفروض إن التغيرات ذي ما تمر عليك
    والحين دامك جيت اسمح لي بأكلم رجالي وأروح
    نجلا داخل في الغرفة هذي وأنا اسمح لي

    سميرة غادرت بالفعل لصالة انتظار أخرى حتى تهاتف تميم ليحضر لأخذها فهي لا تستطيع البقاء مع صالح

    بينما صالح لم يستطع صبرا وهو يطرق الباب ويدخل
    حين دخل كانت تتمدد على السرير وعليها لباس المستشفى وعباءتها جوارها
    ويسحبون منها عدة زجاجات من الدم
    بعد أن أصرت سميرة أنها لابد أن تبقى الليلة في المستشفى حتى ينتهون من نتائج الفحوص

    نجلا حين رأت صالحا رغما عنها تغرغرت عيناها بالدموع
    صالح دار من الناحية الأخرى بعيدا عن الممرضة ليشد على كف نجلا بقوة وهو يهتف بعمق: أفا يام خالد ترا مافيش إلا العافية
    لا توسوسين بشيء الوسوسة من عمل الشيطان

    نجلاء حينها بدأت تبكي: بس أنا ما أسوس والله العظيم ما أوسوس
    لا تقول إنك ما لاحظت أشلون أنا متنت مع أني ذبحت روحي ريجيم
    لا تقول إنك مالاحظت أشلون مزاجي على طول متعكر وأقل شيء يضايقني
    أما عاد اللي ماقلته لك إنه حتى دورتي الشهرية مختبصة مرة وحدة
    وعقب ذا كله تقول لي لا توسوسين

    صالح شد على كفها بقوة أكبر وهو يذوب لها حنانا: حتى ولو هذي كلها أعراض اختلال في الغدة
    بس يعطونش علاج ينظم عملها بتكونين زينة السالفة بسيطة لا تكبرينها يالغالية

    نجلا أجابت بحزن عميق: خير إن شاء الله خير





    *************************************






    رد مع اقتباس  

صفحة 17 من 29 الأولىالأولى ... 7151617181927 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. رواية مجزرة الحولة من الطفل المذبوح رقم خمسين رواية 2013
    بواسطة иooḟ Ăł.кααьỉ في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-Dec-2012, 02:08 AM
  2. علاقة الجار بالجار بين الأمس واليوم
    بواسطة بوغالب في المنتدى خارج مقص الرقيب
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-Nov-2011, 08:50 PM
  3. الأمس واليوم وغدا الخصر النحيل هو رمز الأنوثة والخصوبة
    بواسطة بوغالب في المنتدى الاسرة والطفل
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 09-Aug-2010, 08:17 AM
  4. بعد مباريات الأمس واليوم .جدول الترتيب للدوري السعودي
    بواسطة البنت التي كويس في المنتدى كرة القدم المحلية و العربية و الاوربية
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 31-Oct-2008, 01:37 PM
  5. المغازل بين الأمس واليوم وعقب باكر
    بواسطة سفيرة الصمت في المنتدى نكت مضحكة - طرائف - الغاز - Joke
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 18-Jan-2007, 02:18 PM
المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •