الملاحظات
صفحة 27 من 29 الأولىالأولى ... 172526272829 الأخيرةالأخيرة
النتائج 261 إلى 270 من 290

الموضوع: رواية بين الأمس واليوم

  1. #261  
    المشاركات
    3,260

    " اشعيع اشفيش يا أبيش
    وجهش ماصع ولونش مهوب زين!!"


    شعاع انتفضت بجزع رقيق: مافيني شيء يبه فديتك!!

    عالية مالت على شعاع بهمس خافت: ترا عمي صادق اليوم الصبح رحتي الابتسامة شاقة من فرحتش بفراقنا
    ورجعتي لنا حالش أشين من حالش البارحة كنه ميت لش ميت!!

    شعاع باختناق: مافيني شيء عالية بس تعبانة شوي

    عالية بمرح: هذا كله حزن عشان سبع البرمبة بيتاخر يومين بعد
    ترا والله ياشعاع حالتش صعبة حلو تعطين رجالش حقه بس في نفس الوقت تأخذين حقش!!


    شعاع شعرت أنها ستبكي فعلا حين ذكرت عالية علي فالجرح عميق عميق لا حدود عمقه
    ولمن هي في مثل رقتها بدا الأمر لا يحتمل إطلاقا!!

    تحاول أن تضع سيناريوهات متعددة تفسيرا لما رأته وكل السيناريوهات بدت مؤلمة وجارحة ومهينة
    تحاول أن تبرأه بقلبها ودفق مشاعرها فإذا هذا القلب يدينه أكثر وأكثر!!


    عالية كانت ستتكلم لولا أن هاتف شعاع رن عالية استغربت تماما وقررت أن تصمت
    لأن الرنة كانت الرنة الخاصة بعلي ومع ذلك شعاع كتمت الصوت بسرعة ثم أغلقت هاتفها!!

    والغريب أن إغلاقها لهاتفها ليس غضبا بقدر ماهو خوف عليه
    والغضب الأكبر هو من نفسها تشعر أن حبه استعبدها تماما
    لدرجة أنه مع كل هذا الذنب العظيم بل الجريمة التي ارتكبها ترى أن صحته هي الشيء الأهم!!

    فهي لو تركت الأمر لرغبتها فكل ما ترغب به هو أن تصرخ به وتصرخ به وتصرخ به. تقتله ربما لو استطاعت!!
    ومع ذلك هي تؤجل كل ذلك حتى يعود تخشى إن أفرغت غضبها فيه أن يترك علاجه ويعود.


    أبو عبدالرحمن الذي كان هو أيضا يتحدث مع أم عبدالرحمن هتف بصوته الحازم: عالية يابيش وين رجالش.

    عالية باحترام: داخل يبه. يحضر مادته اللي هو بيدرسها الفصل الجاي خلاص ماعاد باقي إلا أسبوعين على فتح الجامعة!!

    أبو عبدالرحمن وقف ليغادر وهو يهتف بذات نبرته الحازمة المعتادة:
    خليه يجيني في المجلس يتعشا معي. أنا عازم تميم بعد على العشاء


    أبو عبدالرحمن غادر وعالية وقفت لتتوجه للداخل لتخبر عبدالرحمن لولا أن عبدالرحمن قاطعها بخروجه فعلا وهو يهتف لشعاع بمودة:
    شعاع علي يتصل على تلفونش مسكر
    يبي يقول لش إنه قابل الدكتور خلاص وحجز الليلة متأخر وبكرة الصبح بيكون هنا!!









    ************************************






    رنين آخر
    قاطعته يد رقيقة أخرى لتصمته

    عفراء همست بحزم: ردي عليه

    جميلة بتأفف: يمه ما أبي أرد عليه ماني بطايقة أسمغ صوته

    عفراء بذات الحزم: عيب عليش يا بنت. الرجال شاريش

    جميلة بإصرار : وانا بايعته

    عفراء بغضب: وش العلم ياجمول. اشوفش رديتي على طير يا اللي. عقب ماقلت بنتي عقلت
    رجعت ريمة لعادتها القديمة
    طفشتي الأول تبين تطفشين الثاني

    همست حينها جميلة بحزن: عندش شيء ثاني يمه تبين توجعيني فيه

    عفراء تنهدت وهي تقف لتجلس جوار جميلة وتحتضن كتفيها بحنان:
    يأمش أنا أبي مصلحتش
    تبين تصيرين مطلقة مرة ثانية

    جميلة انتفضت بجزع: مطلقة لا لا

    عفراء بأمومة: زين أشلون ماتبين وأنتي حتى منتي براضية تتفاهمين معه

    جميلة بإصرار: عادي يخليني وينساني الله محلل له بدل الوحدة أربع
    يتزوج ثلاث ما أبي منه شيء إلا إنه يخليني على ذمته لين أتخرج على الأقل!!
    بس أرجع أعيش معه لا وألف لا.






    *******************************






    " ها ياعريس. كيف إحساسك بأخر ليلة عزوبية"


    نايف بمرح: إحساسي إنها ماتبي تخلص وخصوصا وأنا مقابل وجيهكم اللي تجيب الهم ياعيال أختي
    والله مافيكم صاحي غير عبدالله جعل عمره طويل أبوحسن!!
    شوف صالح قاعد على جنب وكل شوي مطلع تلفونه أكيد يشوف صورة الفأرة يخاف ينسى ملامحها!!
    وأبو الهول من يوم راح لمصر صار أبو الهول صدق!!
    وأنت عكسه حلقك 24 ساعة شغال حكي على غير فايدة!!

    هزاع يضحك: على كذا طلعتنا كلنا عاهات

    نايف يضحك: لأنكم كلكم عاهات ماجبت شيء من عندي

    هزاع بخبث: الولد على خاله ياخال

    هزاع يلطم كتفه بمرح: تخلخلت حنوكك قول آمين الحين غديت خالك عشان تسبني


    الحوار المرح مستمر بين الإثنين كالعادة بينما فهد وصالح صامتان كل منهما مشغول بهمه الخاص
    وعبدالله كان مستغرق في الحديث مع والده كعادتهما أيضا رغم أن أبا صالح لا يحب أن يُكثر الحديث بعد أن يصلي العشاء
    لكنه كان يتأكد من ترتيبات حفل زواج نايف في الغد الذي حلف أن يتولاه كاملا لأنه يعتبر نايفا أحد أولاده

    ولكن ما أن غادر أبو صالح حتى قام عبدالله ليجلس بجوار فهد
    عبدالله وضع كفه على معصم فهد وهو يهتف بمودة صافية:
    صحيح من أول وأنت منت بكثير حكي لكنك على الأقل لا تجمعنا كنت دايم تبتسم تمزح تسولف
    الحين تقعد ساكت وتقوم ساكت


    حينها فهد هتف بعمق موجع بكلمات أكثر وجعا جعلت عروق عبدالله تنتفض تأثرا وجزعا وهو يكاد يقفز من مكانه:
    لأني ماني بكفو قعدة الرياجيل. عشان أسولف معهم!!

    فهد شعر بكف عبدالله التي ارتعشت بعنف وهو يهتف بصرير من بين أسنانه:
    أفا عليك يافهد وش ذا الكلام

    فهد بذات النبرة الموجعة: اللي يذل له بنية يتيمة ويقهرها ويوجعها بالكلام وش يكون في نظرك

    عبدالله تنهد بعمق: فهد يأخيك ماحد منزه من الخطأ
    حتى الرسول صلوات الله وسلامه عليه أخطأ وعاتبه الله عز وجل من فوق سبع سموات!!
    بس مشكلتك الازلية إنك ماتشوف إلا لونين الأبيض والأسود وإنك مستقيم بزيادة
    يعني أنا يوم رجعت من امريكا ماحد عاتبني بقسوة مثلك مع إن الكل كانوا يحاولون يراضوني
    عاتبتني وأنت ماتدري ولا دريت بالبلاوي اللي أنا سويتها!!
    عاتبتني لأنك ماترضى بالحال المايل وأنا فعلا كنت حال مايل
    ما أقول لك لا تعاتب نفسك فخير النفوس النفس اللوامة والله عز وجل أقسم بها
    بس أقول لك ارحم نفسك. أشين شيء ممكن الواحد يسويه في نفسه إنه يجرح نفسه قبل ماغيره يجرحه
    ماراح أسألك عن مشاكل مع مرتك. بس بالرواقة والتفاهم وطولة البال. كل شيء ينحل
    طالبك يا أخيك توسع خاطرك


    فهد تنهد بعمق: يجيب الله خير من عنده !!






    ***********************************




    " هذه كله عند وضحى
    وش تسوين عندها"


    سميرة أشارت بإبتسامة: خبرك عروس ولازم نهتم فيها

    أشار تميم بحنان: وعسى مافيه شيء قاصرها

    سميرة بعذوبة: أبد كل شيء تمام التمام ألسطة وميه وميه على قولت خالي هريدي!!


    تميم ابتسم وهو يشير لها: زين تجهزي بعد بكرة الظهر طيارتنا

    سميرة بحماس: صدق بنسافر!!

    تميم بأريحية: أنا وعدتش بنسافر ألمانيا بنسوي فحص في بون وعقبه بنروح ميونخ نتمشى هناك 5 أيام
    وعقب نرجع بون نأخذ نتايج الفحوص ونرجع الدوحة
    عاجبش الجدول وإلا تبين نغيره شوي

    سميرة تعلقت في عنقه بمرح ثم افلتته لتشير له: عاجبني ونص

    ثم أشارت بتردد: وجدك زين من اللي عنده

    تميم بتلقائية: أساسا حتى لو كنا موجودين أمي اللي قايمة فيه وهي سليم
    والليل ماينام عنده إلا سليم
    أمي كانت تبي تجي تنام عنده بس أنا حلفت عليها ماتقعد في البيت بروحها
    تقعد عنده كثر ماتبي في النهار وفي الليل ترجع لبيتها!!
    جدي لو بغى شيء بيخلي سليم يدق عليها!!






    ***********************************






    هاهي تتمدد على سرير وضحى في انتظار انتهاء وضحى من صلاتها
    مازالت لم تره حتى الآن
    رغم أنها بالفعل ذهبت إلى بيتها وانتظرته لأكثر من ساعتين
    ثم اضطرت للعودة إلى أختها لأن لديها الكثير من الترتيبات التي لابد أن تنجزها قبل أن تنام
    رغم أن سميرة أيضا لم تتوقف عن العمل لكن كلتاهما باتتا تشعران بتوتر أكثر من وضحى وهما تعيدان عمل الشيء الواحد عدة مرات!!


    رنة رسالة تصل هاتفها كانت منه توجست (لماذا رسالة وليس اتصال)

    " نمتي"


    كاسرة توجست أكثر (ليش السؤال) أرسلت له:

    " لا مابعد!! "


    لتتفاجأ بعد ثوان باتصاله
    في حالة الأزواج الطبيعيين هذا الاتصال أكثر من عادي!!
    لكن في حالتهما ابعد ما يكون عن الطبيعية

    تنهدت كاسرة قبل أن ترد (أكيد يبي يغسل شراعي شوي عاد في خاطره لغو) ردت بهدوء متمكن: هلا كساب

    رد عليها بنبرة دافئة مقصودة : تدرين إن عليش بحة صوت تذبح!!

    كاسرة كادت تلقي الهاتف من يدها وهي تكتم كحتها وشهقاتها
    لولا أنها متأكدة إنه صوت كساب وإلا كانت قالت أن المتصل شخص آخر
    كاسرة همست بثبات قدر الامكان رغم أن جملته البسيطة أحدثت فوضى هائلة في مشاعرها
    ولكنها بداخلها كانت تخشى أن يكون يسخر منها ليس شكا في نفسها لكن شكا في نواياه
    ولكنها همست بثبات خافت حتى لا يصل صوتها لوضحى التي تصلي في زاوية الغرفة:
    لنا أكثر من سنة متزوجين وتوك تكتشف إنه بحة صوتي تذبح على قولتك

    جاءها صوته باسما متلاعبا دافئا لدرجة تثير الجنون الجنون بمعناه الإيجابي لا السلبي:
    تدرين فيه أشياء من حلاتها تبين وقت لين تحسين بحلاوتها عدل من قد ماهي حلوة.
    لأنه عقلش يعجز يستوعب ذا الحلاوة يحتاج له وقت للاستيعاب لا يستخف
    مثل الشكولاته الفاخرة ماتبين حلاوتها إلا على آخرها لا ذابت في الثم
    صوتش كذا من قد ماهو حلو
    وتخيلي أشلون حلو لأني احتجت سنة كاملة عشان أستوعب حلاته!!


    كاسرة شعرت برعشة حادة تجتاح خلاياها خلية خلية وخلاياها تكاد تُنسف من شدة التأثر والانفعال!!

    أ ليس من المثير للشفقة أن تكون متزوجة طوال هذه الفترة وتشتاق لكلمة غزل واحدة فإذا به ينثال بهذا الغزل المثير المكثف وبلا مقدمات!!

    كما لو كانت أرض بور تشققت من الجفاف تنتظر قطرة ماء واحدة قطرة واحدة فقط
    فإذا بالماء ينسكب فوقها إنسكابا وتحتاج وقتا لتستطيع تلقي هذا الماء وامتصاصه!!


    صمتت عجزت عن الكلام لأول مرة تعجز عن الرد لأنه أشعرها بأنوثتها حتى ذروة الذورة
    لم يستفزها لكي ترد عليه ردودها الحادة ردا برد!!

    كساب همس بذات نبرته الدافئة الباسمة: وين راح صوتش تونا نقول حلو ويدوخ!! بتحرمينا منه يعني

    حينها همست كاسرة بنبرة أقرب للتبلد: أنت متأكد إنهم ما سوو لك عملية غسيل مخ في سفرتك ذي

    همس بنبرة تلاعب مدروسة: واحد مسكين قاعد في غرفته بروحه ويعد الطوف والثريات واللمبات وخطوط السقف
    لا حد يسولف معه ولا زول يشوفه!!
    وش توقعين يصير فيه؟!! زين ما يستخف!!

    حينها ضحكت كاسرة برقة: لا شكلها مهوب عملية غسيل مخ شكلهم بدلوا مخك كامل بمخ جديد!!

    همس بدفء عميق لا يخلو من نبرة تلاعبه الدائمة:
    زين تعالي خمس دقايق بس أبي أشوفش بس

    كاسرة بصدمة: من جدك. ما أقدر وضحى عندي وش أقول لها

    ابتسم: زين أنا أجيش مثل ذكريات الأيام الخوالي والتعلبش على الجدران مثل القرود

    ضحكت كاسرة وهي تشعر بروح مرح غريبة: لا واللي يرحم والديك
    خل عرس أختي يعدي على خير لا تسوي لنا أفلام وتطيح من فوق السطح!!

    حينها همس بعمق خافت آلمها حتى عمق روحها: أبي أشوفش بس ما تبين تشوفيني!!

    كاسرة أغلقت عينيها وفتحتها شعرت بريقها جاف والكلمة لا تريد الخروج
    لكنها علمت أنها إن لم ترد عليه بما تشعر به فعلا فهي ستفسد هذه اللحظة التاريخية التي قد لا تتكرر أبدا
    فكساب الليلة يبدو أغرب من الغرابة تخشى فعلا أن غرابته هذه لن تتكرر
    وكم تمنت لو يبقى غريبا هكذا طوال عمره!!

    همست بصوت مبحوح مثقل بالدفء والعذوبة: بلى والله أبي أشوفك
    بس الليلة ما أقدر أنت اللي تأخرت علي مع إني انتظرتك في البيت كثير
    بكرة الصبح بدري أنا بأرجع للبيت أساسا

    حينها همس بخيبة أمل يخفيها خلف حزم صوته:
    وأنا بأكون من عقب صلاة الفجر مع العمال عشان صب أساسات مشروع مهم

    حينها ضحكت كاسرة : وأنا عقبها بأنشغل مع وضحى خلاص أشوفك في الليل عقب العرس!!

    ضحك كساب: تدرين كأننا قطو وفأر وذا الشوفة مهيب راضية تتيسر



    انتهت المكالمة ولكن ابتسامة كاسرة مازالت مرتسمة وهي مازالت تحتضن الهاتف ملاصقا لأذنها

    لم يقاطع أجواءها السماوية سوى نحنحة مرحة ووضحى تضع يدها على خصرها:
    احم احم نحن هنا

    كاسرة أنزلت هاتفها وهي تهمس بحرج: من متى وأنتي واقفة

    وضحى همست بمرح: أممممم خلني أتذكر. من ( وأنا والله أبي أشوفك) قالتها بطريقة تمثيلية مرحة

    كاسرة بحرج: صدق إنش قليلة أدب وليش تتسمعين

    وضحى هزت كتفيها بمرح: وأنا اللي تسمعت؟!! الكلام جا لين عندي
    ثم همست بمودة: أول مرة أسمعش تكلمين كساب وتضحكين
    يا الله فزي لبيتش روحي لرجالش

    كاسرة ابتسمت وهي تشير للمكان الخالي جوارها وتهمس بحنان: تعالي نامي وراش بكرة عفسة!!
    والليلة حقتش بروحش أنتي وبس

    وضحى تسللت لجوار كاسرة وابتسامتها المرحة المرتسمة قبل ثوان تتبخر وهي تهمس بتوتر:
    كاسرة أنا خايفة ومتوترة!!

    كاسرة مررت أناملها عبر خصلات وضحى وهي تهمس بحنان حازم باسم:
    مافيه شيء يخوف الله يستر على نايف بس لا تأكلين القطوة اللي هو جاي يبي يذبحها.






    ************************************







    يدخل بيته صباحا مبكرا
    مع أنه أبلغ عبدالرحمن البارحة بوصوله إلا انه لم يتوقع أن تكون شعاع موجودة
    لأن الوقت مازال مبكرا وهي يستحيل أن تنام في البيت لوحدها
    لكنه يتوقع أن تصل بعد لحظات


    (على ما أخذ شاور بتكون وصلت!!!)
    كان البيت يبدو أكثر ترتيبا ونظافة من المعتاد (ياقلبي ياشعاع كانت متوقعتني أجي أمس!!)


    وحين دخل إلى غرفته
    كانت غرفته تبدو كما لو رُتبت بالمسطرة وكل شيء في مكانه
    إلا شيئا واحدا لذا لفت نظره لوجوده في غير مكانه المعتاد وبطريقة غير معتادة!!

    كان ثوبا من ثيابه ملقى على السرير حين اقترب ليحمله ويلقيه في سلة الغسيل

    تراجع بصدمة حادة وهو يشهق بعنف (أشلون نسيته أشلونصدق إني غبي ومافيني مخ!!
    من فرحتي بشوفتها نسيت كل شيء!!)

    علي تراجع وهو يجلس بجوار ثوبه الذي مازال اللون الزهري واضحا على جيبه!!
    تنهد بعمق وهو يلقي غترته جواره بغيظ أشبه بالاحتراق!!

    كان يعلم أن هذه السعادة غير المعقولة التي يغرق فيها حتى مافوق أذنيه
    لا يمكن أن تكون إلا حلما لفرط روعتها
    والأحلام لابد أن نصحو منها يوما ليصفعنا الواقع!!


    كيف سيشرح لها
    وماذا سيشرح لها
    كل التفسيرات والمبررات حتى الصادقة منها ستكون محرجة له ومؤلمة لها!!
    فشعاع تظن أن ماحدث في المصعد لا يتجاوز رؤيته لها بدون غطاء!!

    لا يعلم كيف ستصدق إن هذه الأثار لها هي وإن صدقت كيف ستتقبل ذلك!!

    تبدو القضية معقدة وفلسفية لحد بعيد
    أين المشكلة فهي في ذلك الوقت كانت زوجته كما هي الآن!!

    المشكلة أنه لم يكن يعلم!! وهرطقات الإحساس المختلف بها وشعوره العميق بأحقيته بها لن تقنع امرأة مجروحة مثلها!!

    فكيف سمح لنفسه أن يتجاوز كل الخطوط ويفعل ذلك!!

    فهي سامحته على نظرة لم يسعى هو لها. فكيف ستسامحه على ضمة هو من سعى لها ؟!!



    ولكنه يعلم أنها مغرمة به كما هو مغرم بها وأنها لن تصبر على فراقه
    لذا سيحاول أن يدخل لها من هذا المدخل
    فكل شيء جائز في الحب والحرب!!


    علي تناول هاتفه ليتصل بها
    فهما يكن قلبه لا يقواه أن يتركها تعاني أكثر من ذلك
    يعلم أنها لابد أهدرت طنا من الدموع من البارحة حتى اليوم!!
    يريدها أن تصرخ به إن كان الصراخ سيريحها!!
    يريدها أن تؤنبه وتجرح فيه كما تشاء لأنه تجرأ على جرح مشاعرها الغالية!!

    لكن هاتفها كان مغلقا
    حاول لمرتين أخريين ومازال مغلقا
    ألقاه جواره بغيظ مختلط بالأسى وهو يقرر أن يستحم ويتوجه إليها بنفسه!!







    ************************************










    رد مع اقتباس  

  2. #262  
    المشاركات
    3,260
    " شعاع وش مقعدش في الصالة كذا بدري"

    شعاع تجيب عالية وهي تتلهى في جهاز التحكم حتى لا تلاحظ انتفاخ وجهها من البكاء: ماجاني نوم عقب صلاة الصبح قلت بأقعد أشوف الأخبار
    أنتي وش مقومش بدري لا ولابسة عباتش بعد


    عالية في موقف آخر كانت لتلاحظ فورا مظهر شعاع المزري لكن لأن رأسها كان مشغولا بألف شيء لم تنتبه وهي تنهمر بالكلمات:
    أبي أروح لبيت نايف أرتب كل شيء على ذوق وضحى وبأغراضها وعقب أقفله لين الزفة
    خلي خالاتي يحترقون

    تخيلي شعاع البيت ترتب أكثر من مرة ومفرش السرير تغير أكثر من مرة
    كل وحدة تبي تحط مفرشها اللي هي اشترته
    وتخيلي الأذواق عاد!!

    العروس جايبة مفرش يجنن أمها حطته على السرير ورتبت كل شيء قبل أمس يوم جابت أغراضها
    نايف وداني وشفت الترتيب كان خيال وراقي صدق

    تخيلي البارحة في الليل متأخر يتصل علي يقول لي جاء غرفته لقا خالاتي قالبين الدنيا فوق حدر
    وهو مستحي تسأل البنية عن أغراضها يقول لها ما أدري

    شعاع همست بمودة رغم انشغالها بما فيها: تبين مساعدة

    عالية تلبس نقابها باستعجال: تسلمين ياحلوة روحي لبيتش أكيد رجالش على وصول
    أنا أساسا بأخذ خدامة من بيت هلي وخدامة من هنا وبنخلص بسرعة



    حينما خرجت عالية للسيارة التي تنتظرها في البارحة كان هناك شاب طويل نحيل ينتظر خارجا يبدو شكله محرجا وهو يتصل في هاتفه ولا مجيب

    عالية عرفته فورا وهو حينما رأى السيدة التي تخرج استدار بحرج ليعود لسيارته
    لولا أن عالية أوقفته بطريقتها القوية في الكلام: أبو زايد تفضل داخل
    الصالة مافيها إلا شعاع

    علي هتف بلباقة رغم أنه ليس متيقنا من هي: صبحش الله بالخير يابنت خالد
    أنا تفشلت الوقت بدري وأدق على شعاع وعبدالرحمن ماحد يرد منهم

    عالية هتفت باحترام : عبدالرحمن راقد تبيه رجعت أقومه

    علي يشعر بحرج متزايد: لا سلامتش جاي أسلم على عمتي وأخذ شعاع

    عالية تغادر للسيارة وهي تهتف بذات نبرة الاحترام القوية: اقلط مابه حد داخل إلا شعاع بس!!



    شعاع حينها كانت تمرر أناملها عبر جهاز التحكم وعيناها المغرقتان بالدموع تعبر شاشة التلفاز
    وأفكارها المرة تحفر في روحها حفرا. تحاول إبعادها عنها فتجدها تعود لتحيط بها إحاطة السوار بالمعصم!!

    لا تتخيل أن عليا به من الدناءة أن يخونها ثم يحتفظ أيضا بعلامة خيانته داخل صندوق مغلق كما لو كان يفتخر بها!!

    لا تتصور مطلقا كيف من الممكن أن يفعل ذلك!!
    رغما عنها شهقت بعنف وهي تتخيل الأخرى التي ضمها لصدرها تمنت أن يكونا كلاهما أمامها لتمزقهما تمزيقا.



    " بسم الله عليش!!"

    صوته الحاني كان قريبا كحلم تزايدت شهقاتها العنيفة رغما عنها
    (الخاين حتى صوته ملازمني!!)

    فوجئت باليدين الحانيتين تمسكان كتفيها من الخلف يتبعهما صوته الجزع:
    بسم الله عليش ياقلبي اخذي نفس

    شعاع قفزت بحدة لتستدير ناحيته بينما علي هتف بعتب: شعاع الله يهداش وش ذا النطة راعي اللي في بطنش!!


    شعاع تنظر له بذهول وعيناها متسعتان من الألم والصدمة: مهتم من اللي في بطني عقب اللي سويته

    علي يتنهد: شعاع حبيبتي امشي معي للبيت وبأفهمش كل شيء

    شعاع بألم شاسع: ما ابيك تفهمني شيء ولا تقول لي شيء
    لو هي وحدة غيري أصلا ماكانت طاقت تتفكر في وجهش!!
    لو سمحت اطلع

    علي اقترب منها أكثر ليشد كفها ليجلسها لكنها شدت يدها بعنف منه وهي تهمس بحدة: لا تقرب مني!!

    علي يتنهد: شعاع تكفين المكان مهوب مناسب للكلام تعالي زين مجلس الحريم

    شعاع تدير وجهها جانبا: علي لو سمحت اطلع برا ما أبي أسمع شيء!!
    أشلون قادر تحط عينك في عيني وأنت خايني!!

    علي يحاول أن يبعث أكبر قدر من الهدوء في صوته حتى شجارهما مثلهما هادئ شفاف راق:
    ياقلبي ياحبيبتي والله العظيم ثم والله العظيم ثم والله العظيم. إن هذا ثوبي يوم تسكر علينا الأسنصير

    شعاع مازالت لم تستوعب: وهو كل شيء في حياتنا بتعلقه على سالفة الأصنصير!!
    ثم شهقت وهي تتراجع أكثر: وبعد خايني في يوم ملكتنا بعد وتكذب علي إنك تعلقت فيني من ذاك اليوم


    علي هز رأسه بيأس: شعاع ما تذكرين لون الروج اللي أنتي كنتي حاطته ذاك اليوم
    وقبل ماتعصبين حطي نفسش مكانش ودوري لي عذر
    ولو مالي عذر أنا رجّالش وأب ولدش.
    لو حتى ذنبي كبير قلبش أكبر
    وأنا معترف إني غلطان وطالب السماح ومافيه حياة زوجية تخلى من المشاكل

    شعاع كانت تسمع انهماره والطعنات تتعمق في قلبها همست باختناق حقيقي:
    وهذي تسميها مشكلة زوجية.
    علي لو سمحت لو ما طلعت أنا اللي بأروح وبأخلي المكان كله لك


    علي تنهد ليزفر بحرارة: أنا بغيت أشرح لش كل شيء ماهان علي تقعدين تحترقين كذا بروحش
    خلش وارتاحي وفكري زين وبكرة عقب العرس باجي أخذش


    شعاع لم تستطع حتى أن ترد عليه وهي تنهار جالسة!!
    بينما علي كان يشعر أنه يتمزق فعلا وهو يتركها خلفه ويخرج رغما عنه!!

    ليشعر بالتمزق بأقصى معانيها وأشدها قسوة ووحشية وهو يصل لسيارته لتصله رسالة منها:


    " علي لو سمحت لا تحرج نفسك ولا تحرجني!!
    لا تجي بكرة ولا بعده.
    وأنا لو حد سألني بأقول وحامي جا في البيت وفيك
    مهوب يقولون اللي تحب رجالها يجي وحامها فيه.؟!!
    انبسط بالغلا !!"







    ******************************






    نايف يعيد عالية لبيتها بعد صلاة الظهر حتى يتوجه للحلاق
    يهتف بقلق: علوي أخاف خواتي يزعلون

    عالية بحزم: لا والله معطي كل وحدة منهم نسخة من مفاتيح بيتك عشان ماتزعلهم
    وأنا أقول أشلون يقدرون يدخلون ويخربون على كيفهم

    نايف يزفر بضيق: بس تروحين تغيرين مفاتيح البيت كلها!!

    عالية بذات الحزم الأقرب للغضب: إيه بأغيرها ولو وحدة منهم عندها نص كلمة خلها تكلمني
    أصلا أنا أبيهم يكلموني
    نعنبو دار عدوك. هذا بيتك بروحك. ما لوحدة منهم فيه ريال.
    كل وحدة منهم خذت حقها وزيادة في بيت إبيها وش يبون ببيتك
    اللي طفشت بنت الناس ماحتى بتقعد أسبوع على ذا الحالة


    حينها هتف نايف بنبرة مقصودة: مهوب أنتي تقولين إنها مرنة وبتحط خواتي على رأسها؟!!

    عالية بنبرة جدية تماما: فيه فرق بين مرنة وتحط خواتك على رأسها
    وبين هبلة ورقلة وماعندها شخصية وخواتك يركبون على رقبتها!!
    أصلا لو مرتك ماحطتهم عند حدهم والله ماحد يأكلها غيرك وتعيش حياتك كلها بين ثمان طباين
    يعني الواحد يكون عنده زوجتين يطلعون روحه. أشلون واحد عنده ثمان!!


    نايف تنهد بعمق وهو يسند ظهره للخلف ويتمسك بالمقود
    أي هموم تشغل بال شاب مثله وفي ليلة زفافه التي من المفترض أن تكون أسعد ليلة في حياته.!!

    ممزق بين شقيقاته وبين زوجة يخشى أنها ليست مرنة حتى!!
    بل يخشى أن تكون حادة ومتصلبة لدرجة الصدام المشترك مع شقيقاته!!





    ********************************







    " ياعزتي لخالي عزاه
    اللي راح فيها نويف وين كانت وضيحى داسة ذا الحلا كله
    صدق صراحة طلتها إبهار عرفت أشلون تبرز نفسها!!"

    سميرة بمرح مشابه لمرح ابنة عمها: خلي خالاتش يحترقون
    سامعتهم بأذني يقولون أخينا الوحيد مالقى له إلا ذي وش الزود اللي فيها!!


    عالية تضحك: خلش من خالاتي لو مالقوا شيء يحشون فيه حشو في أنفسهم
    التفتي عليهم وشوفيهم وهم متزاحمين عند الاستقبال كل وحدة منهم كأنها تبي تقول أنا الكل في الكل

    ثم أردفت بخفوت: إلا عمتش وش فيها مهوب عوايدها بالعادة منورة وتهلي وترحب الحين ماتبي تبعد من جنب وضحى

    سميرة بتأثر: حتى أنا ماهقيتها بتتأثر كذا تدرين وضحى أخر العنقود وفراقها صعب



    بالفعل كانت مزنة لا تكاد تبتعد خطوة من جنب وضحى لأنها ما ان تفكر أن تبتعد حتى للسلام على إحداهن
    حتى ترى عيني وضحى تبحث عنها بوجع يزيدها وجعا!!

    تنظر لها. فلا ترى كل الهالة حولها كل ماتراه هو ظفيرتين مجدلتين في أسفلهما شريطة بيضاء وهي في يومها المدرسي الأول
    كانت في ذلك اليوم تماما مثل ما هي اليوم طهر مجلل بالنقاء وعيناها تبحثان عن أنامل والدتها وتفيضان بدمع يأبى الإنسكاب

    تزيدها ذكريات ذلك اليوم وجعا. كلما تذكرت كيف أصر مهاب على أن يذهب معهما بنفسه.
    وهو يشد على أناملها الصغيرة حتى أدخلها باب المدرسة ويرجو أمه أن تبقى معها قليلا.

    تنظر لها فلا ترى عروسا بل ترى طفلتها هي أصغر الأبناء
    وككل الأمهات يظنون أن هؤلاء الصغار لن يكبروا
    سيبقون صغارا نرتشف معهم خربشات طفولتهم!!


    كاسرة قاطعت أفكار أمها وهي تربت على كتفها برجاء خافت: يمه طالبتش اقعدي شوي
    اقعدي جنبها لو تبين بس بلاها ذا الوقفة!!

    مزنة لم ترد عليها حتى لا تريد أن تجلس لأنها لا تريد أن يفوتها لفتة من لفتاتها ولا نظرة من نظراتها
    تريد أن تطرز ناظرها برؤيتها طفلتها وحدها قبل أن تذهب بأخر ذكريات طفولتها إلى عالم النضج!!







    **************************************







    " أنت صدق طالع المطار الحين"


    فهد باحترام: إيه طال عمرك يا الله الحق

    منصور بتساؤل مهتم: والوضع بينك وبين مرتك أشلونه
    أنا سألتها تقول كل شيء زين

    فهد هتف بشجن مخفي خلف حزم صوته: زين إن شاء الله!!
    ثم أردف بثقة: وعلى طاري جميلة أبيك توصل لها ذا الظرف طال عمرك
    لأني مالحقت أشوفها اليوم

    (كنت أتمنى أشوفها
    بس هي ماردت على تلفوناتي!!)

    منصور أعاد الظرف لفهد بغضب: تبي تصرف على بنتي وهي في بيتي!!

    فهد أعاد الظرف بإصرار أكبر: والله ماتقول شي إلا أنت ترضاها علي؟!!
    ترضى إن حد غيري يصرف على مرتي حتى لو كان إبيها؟!!

    منصور ابتسم فهذا الشاب غال جدا على قلبه لأنه لطالما عرف كيف أن له قلبا لا يعرف التلون :
    باعطيها الظرف عشان خاطرك بس ياويلها تصرف منه وهي عندي!!

    ابتسم فهد ردا على ابتسامته: وياويلها تصرف من غيره حتى لو هي عندك!!




    ثم أردف بمودة: خلني أقوم أسلم على خالي لأنهم بيزفونه الحين وأنا بأطلع للمطار

    منصور بأريحية: أنا بأوصلك

    فهد بإصرار حازم: لا والله ماتوصلني حتى أخواني عييت حد منهم يخلي العرس عشان يوصلني
    سواق البيت ينتظرني برا وهو اللي بيوصلني!!





    *******************************






    رد مع اقتباس  

  3. #263  
    المشاركات
    3,260

    نايف يشعر بالتوتر وهو في السيارة مع قطبين صامتين. وهو لا يستطيع الحديث في حضرتهما
    تميم صامت لأنه صامت!!
    وزايد صامت لأن هيبته تتحدث عنه!!


    " ليتني رحت مع هزاع
    أبوك يالذرابة إلا أروح معهم
    أقله كان قعدنا ننكت أنا وهزاع وشلنا التوتر شوي"


    حين وصلوا للقاعة هتف زايد بحزم أبوي: انزل يأبيك
    حالما نزل نايف شد زايد على كفه بقوة وهو يهمس في أذنه بحزم خافت:
    اسمعني زين يا أبيك أدري إنك رجّال من عرب أجواد
    بس النصيحة لازمة لا يطري على بالك ولا حتى لثانية وحدة إنك تقهر وضحى وإلا تضيمها وتقول ماوراها ظهر يرد عنها!!
    تميم عن ألف رجال من غير قصور فيه
    لكن حسابك وقتها بيكون معي أنا. وأظني إنك تعرف زايد آل كساب لو حد داس على طرف بنته وش هو بيسوي فيه!!


    (مهوب كفاية إني متوتر. يخض بطني بعد!!)
    نايف هتف باحترام جزيل: وضحى على رأسي من فوق ازهلها!!


    زايد استخرج هاتفه ليخبر مزنة أنهم أصبحوا في الخارج بعد ان أتصل بها وأخيرها بخروجهم من موقع الحفل
    حتى يتجهزن





    .
    .
    .



    " يمه تكفين لا تخليني"


    كانت وضحى تشد كف والدتها قريبا من قلبها بعد أن بقيت هي وحدها معها
    وقريبا من الباب ثمانية أشباح مسربلة بالسواد!!

    مزنة أكثرت من قراءة الأذكار عليها وهي تهمس لها بحنان:
    ياقلبي مافيه شيء يخوف. اذكري ربش وبس.

    وضحى باختناق متعاظم: يمة خايفة خايفة

    مزنة احتضنت كتفيها وهي تقرأ وتنفت عليها ثم ابتعدت عنها قليلا حين رأت طرف البشت الاسود الداخل
    فقد كان العريس وزايد كلاهما يرتديان بشتين سوداوين

    نايف كان يتقدم بحرج لا يعرف له سببا لتتعلق عيناه بالمشهد المبهر قبل أن يكتمل حتى
    كانت وضحى تقف ورأسها مخفض للأرض وهي ترتعش بعنف
    كان فستانها غريبا. والأغرب طرحتها
    ليس غريبا كفكرة ولكنه غريب كتنفيذ محكم دقيق!!
    فالفستان الأبيض الناصع تخلل قماشه في مناطق مختلفة منه لون أخضر فاتح جدا هو جزء من لون القماش!!

    وأعلاه كان عبارة عن أغصان خُضر نحيلة تلتف ببراعة على الصدر والذراعين لينبثق منها الأوراق وزهرات مختلفة الألوان كلها بألوان فاتحة هادئة جدا
    وهي تنحدر لأسفل وتتفرع حتى تختفي!!


    أما الطرحة التي وُضعت بشكل الشيلة فهي أشبه بشبك الصيادين ولونها. أخضر فاتح بالكامل!!

    وكوشتها الصغيرة الناعمة صُممت تماما وفقا لهذه الفكرة والوانها
    الأبيض والأغصان الخضر الفاتحةوالزهور الناعمة الألوان
    ومثل ذلك مسكتها التي تمسك بها الآن وارتعاشها واضح في ثناياها


    حين اكتملت الصورة في عيناه لم يجد وصفا يصفها به سوى "مبهرة"
    مبهرة فعلا.!!


    زايد تقدم أولا ليقبل جبينها وهو يهمس في أذنها بحنان ومودة: الف مبروك يأبيش!!
    نايف رجال فيه خير الله الله فيه وأنا وصيته فيش ومايقصر!!

    وضحى همست باختناق: الله لا يحرمني منك ما تتخيل أشلون أنا فرحانة بشوفتك جنبي ذا الليلة

    زاد اختناقها وهي ترى تميم خلفه يشير لها بالتهنئة وهي عاجزة عن الإشارة لأن يداها مشغولتان بالمسكة
    أشار لها بشجن وتأثر وهو يرى كيف امتلئت عيناها بالدموع:
    وصلني الرد يأخيش لا تحاتين


    العريسان كلاهما متوتر من لحظة اللقاءالتي اقتربت
    زايد هتف لنايف بحزم: سلم على هلك وحن ننتظرك برا

    ليخرج هو وتميم.

    كان نايف للتو تتملأ عيناه من رؤيتها كان يريد أن يتمعن في كل تفصيل من تفاصيلها
    وخصوصا أن ذقنها كان يرتعش بشكل بالغ العذوبة أثر فيه حتى عمق العمق
    كان يريد أن يرى عينيها المسبلتين بخجل وهو يتقدم ليقف جوارها
    ليتفاجأ بهجوم الدبابات الكاسح الذي كاد يطرحه أرضا!!
    " مبروك يأختك مبروك"
    " ماتخيل فرحتي فيك!!"
    " منك المال ومنها العيال!!"
    "جعلني أشيل عيالك بين إيدي ياريحة الغالي!!"

    شقيقاته أحطن به لدرجة أن مزنة تدخلت لتشد ابنتها وتجلسها
    قبل أن يوقعوها أرضا أو على أقل تقدير يمزقن مسكتها أو يفسدن فستانها لأنها كانت تقف ملاصقة لنايف


    ثوان ليصل الصوت الحازم العالي: خالاتي حبياتي. سوو مثل أمي سلمت ونزلت
    خلوا العريس يصور مع عروسه صورة عدلة الله يرحم والديكم

    نورة نزلت وهي ترمق عالية بنظرة حادة وتهمس لها بخفوت: دواش بعدين يا بنت صافية على سواياش كلها
    ما بغيت أخرب عرس نايف وإلا كان وريتش شغلش الحين!!


    عالية بإبتسامة مصطنعة: خالتي تعالي في بيتنا وأنا كلي حلالش. المهم لا تحربون على نايف فرحته

    سلطانة نزلت أيضا ووصلت لتتدخل بخفوت: وش فرحته ياحظي. حديقة الورد اللي جنبه؟!!


    عالية بابتسامة ونبرة مقصودة تماما: مالقوا في الورد عيب قالوا يا أحمر الخدين

    نورة بنبرة حادة هامسة: إيه أكيد بتقولين كذا دام ذي مسافيطش لخالش اللي ست سنين وهو ضامش وهذا جزاه عندش!!

    عالية حينها شعرت أنها قد تنفجر من شدة الغضب فعلا
    ومع ذلك تماسكت وهي تصعد لتقبل جبين نايف ثم أجلسته جوار عروسه
    وهي تهمس في أذنه بخفوت: اقعد صور لك كم صورة مع مرتك
    وعقبه هج لبيتك. سكر البيان وقفل تلفونك واطلع بكرة للمطار قبل موعد رحلتك
    اسمع شوري طالبتك!!
    خلك أنت ومرتك بروحكم أسبوع وإلا أسبوعين لين تعرفون على بعض بدون تدخل من حد.

    نايف شعر بالصداع فعلا في الوقت الذي يجب أن يكون شاغله هو عروسه
    يجد له مشاغل أخرى
    يسترق النظرات نحو ارتعاشها الرقيق ويتمنى لو يقول كلمة لتهدئتها
    ولا يستطيع إلا أن يفكر بالهرب بها لوحدهما قبل أن يُصاب بالجنون!!







    ***********************************





    " خلاص زفوا وضحى الحين
    وأنا وأمي بنرجع البيت الحين
    مالنا نفس في القعدة عقبها!!
    أنتظرك في البيت!!"


    كساب كان ينظر لرسالة كاسرة ويبتسم وكان على وشك القيام ليتوجه للبيت فعلا
    لولا اليد الحانية التي شدت معصمه تبعها الصوت الهادئ العميق:
    وقف باروح معك. أبيك في موضوع!!


    كساب تنهد بعمق (أنا قلت الله يستر من شفقتي على شوفتها!! شكلها تعسرت!!)

    كساب هتف لعلي بحزم: يالله امش أساسا وجهك مهوب عاجبني من يوم شفتك
    وسألتك وقلت لي مافيه شيء أثر عندك علوم!!
    يا الله امش نروح نتقهوى في أي مكان ونسولف


    كساب وهو خارج أرسل لكاسرة أنه سيتأخر قليلا


    بعد حوالي الساعة في أحد مقاهي سوق واقف كانت القهوة قد بردت تماما
    وعلى يحكي لكساب خلافه مع زوجته
    فهو بالفعل متضايق ويريد أن يفضفض فقط لأن آخر من قد يحتاج منه نصيحة زوجية هو كساب!!


    كساب كان يرتعش من الغضب وهو يقاطع علي بحدة: صدق مع شينه قوات عينه الحين أنت مهبب لك مصيبة كبر رأسك
    وربك ستر عليك ومافضحك. تفضح روحك بروحك ليه تخلي الثوب عندك ليه
    هذا المفروض ثوب نجس ترميه في أقرب زبالة مهوب تحتفظ فيه كنك مستانس فيه يا الخمام
    جزاك وأقل من جزاك
    والله ماسوته فيك بنت فاضل إنه حلال وإنها هي خسارة فيك
    يعني عقب ماكانت هي عقب الله سبب في تحسن صحتك ونسيان خبالك القديم
    تجرحها بذا الطريقة أخييييييه منك!!


    علي صمت وكساب مستمر في تجريحه بقسوة لا يستطيع حتى أن يخبره أن جنونه القديم هي ذاتها جنونه الجديد
    يشعر أن هذا سر خاص به وحده وإخباره والده به وكأنه يخبر نفسه!!

    لم يشتكي لوالده لأنه يشعر أن والده مهموم بهم لم يشعر به سواه
    هم جديد يخفيه في أعمق أعماقه!!!
    وما أكد له ذلك أن والده لم ينتبه لتغيره
    وهو من كان يلتقط خلجات أنفاسه قبل أن يتنفسها

    كان في حاجة إلى حدة كساب وتأنيبه وقسوته لأنه يريد أن يعاقب نفسه على تجريحه لشعاع التجريح الذي هي احتفظت به لنفسه
    ولم تتلفظ به شفتاها حتى!!







    *********************************






    دخل لجناحه بهدوء لم يتوقع أنه قد يجدها مبكرا هكذا وخصوصا أن الليلة حفل زواج ابنتها
    لذا كانت صدمته بوجودها. وهي تجلس على السرير
    وأمامها عشرات الصور المنشورة كلها لشخص واحد وضحى!!


    لم تشعر بدخوله حتى وقف فوق رأسها وسلم
    انتفضت بحرج وهي ترد السلام وتحاول إخفاء دمعة خائنة فرت من عينيها!!

    همس زايد بتأثر وهو يجلس جوارها: أفا عليش يامزنة. تبكين

    حينها لم تستطع أن توقف سيلا رقيقا من دموع صامتة سكبتها وهي تستدير ناحيته لتسند رأسها لكتفه
    لم تتحدث ولم يقل شيئا احتراما لحزن مهيب
    حقها أن يشاركها أساها كما شاركته أساه

    لحظات من زمن مسروق مضت وهي مازالت تنثر دموعها على صمود صدره قبل أن تبتعد وهي ترفع أحد الصور وتهمس باختناق كأنها تحادث روحها:
    هذي صورتها وعمرها سنة!!
    وهذي يوم خلصت الابتدائي!!
    وهذي يوم خذت الطالبة المثالية!!

    لم تستطع أن تقاوم مزيدا من انهمار دموعها وهي تلقي الصور وتطوق عنقه وتبكي هذه المرة بصوت مسموع

    زايد احتضنها بتأثر عميق وهو يهمس بخفوت قريبا من أذنها:
    أنتي سويتي كذا يوم عرست كاسرة؟!!


    أجابته بصوت مبحوح: لا يوم عرست كاسرة مهاب كان حي
    موت مهاب كسر فيني شيء مهوب راضي ينجبر
    وخصوصا إن وضحى كانت دايما تظن إني ما أغليها مثل أخوانها
    ومع كذا ماعمرها اشتكت ساكتة وراضية
    مادرت إن لكل واحد غلاه
    وهي غلاها بزود لأنها حشاشتي لين الليلة ما أشوف قدامي غير بنتي الصغيرة
    أحاتيها من الدنيا وقسوتها


    زايد صمت وهو يشدها أكثر إلى حضنه واختناق متزايد يكتم على أنفاسه
    كان يؤجل الحديث في موضوعه حتى زواج وضحى
    لكنه يرى الليلة غير مناسبة إطلاقا
    فهي بحاجته الليلة أكثر من حاجته لها
    ولا يمكن أن يدير وجهه لها!!







    ****************************************








    مضى لهما دقائق منذ وصلا لغرفتهما.
    صامتان متوتران متوجسان على ذات المستوى من الحدة والتكاثف


    نايف يسترق النظرات لها ويريد أن ينهض ليجلس جوارها فيجد أن قدميه لا تحملانه!!

    وهي يتزايد اختناقها كلما تزايد صمته. تخشى أن كل تعبها لتبدو طلتها مبهرة أمامه ذهبت أدراج الرياح
    لأنه لم ينطق بكلمة واحدة إطلاقا منذ رأته.

    " الظاهر إني ماعجبته أو مصدوم في شكلي
    ويقول وش ذا الخبلة على ذا اللبس اللي كنه لبس المهرجين
    وبعدين وين جرأته وهو مرسل لي يبي يكلمني
    وحتى كلمة أشلونش ماقالها لي لين الحين !! "


    هو يشعر بتوتر متزايد لانه يخشى من ردة فعلها
    قد يكون فعلا لم يعد غاضبا منها من أجل ماحدث بينهما سابقا حين أخبرت تميم
    ولكن الموقف كشف له حدة شخصيتها وأن ردود فعلها قد تكون محرجة له
    يخشى أن يقترب منها فتصرخ
    يقول لها كلمة غزل ما كما يُفترض فتسخر منه!!


    ولكن خجلها البادي بشكل واضح جعله يتشجع قليلا ليقوم بالمبادرة
    وهو يقف ليلقي بشته جانبا.

    ثم يقترب منها ليجلس جوارها على الأريكة التي كانت تجلس عليها وفستانها الضخم منتشر عليها
    لدرجة أنه جلس على طرف الفستان وهو يهمس بترحيب دافئ:
    نورتي بيتش!!!

    لم تستطع أن ترد والكلمات تقف في حنجرتها كما لو كانت تقف على مشانق تنتظر لحظة الخلاص الأخير

    تشجع أكثر ليهمس بذات الدفء: قلنا نورتي بيتش عبرينا بنص كلمة

    لم يصدر عنها سوى حشرجة خافتة لا تكوّن أي معنى

    همس حينها بإبتسامة: لا يكون شكلي يروع بس وإلا صوتي.
    لأنش منتي براضية تطلين في وجهي ولا حتى تردين علي!!


    مازالت معتصمة بالصمت ليتشجع أكثر وأكثر وهو يمد يده ليلمس بعض الأزهار الصغيرة المتشابكة على عضدها:
    تدرين إن فستانش خيال واعتبري هذي شهادة من واحد خبير
    عاش طول عمره بين بنات وعقبه 7 سنين في باريس الناس هناك يتنفسون موضة

    وضحى ابتعدت عنه بجزع ودقات قلبها تتصاعد وهو يمنحها أخيرا الغزل الذي تمنت سماعه
    ومع ذلك تمنت ألا يقوله!!


    نايف كلما رأها تزداد خجلا ازداد تشجعا لأنه كان بذلك يكتشف أنها محض صبية خجولة لا تختلف عن أي صبية أخرى!!


    مد يده مرة اخرى ولكن هذه المرة إلى وجهها وهو يلمس ذقنها بنعومة ليدير وجهها ناحيته ويهمس بدفء:
    زين خليني أشوف وجهش!!

    وضحى كان بودها أن تهرب من المكان كاملا لكنها شعرت أنها بذلك ستبدو متصلبة. وغير متقبلة له
    وهي من كانت تخشى ألا يتقبلها فإذا به يفاجئها بهذا الفيض من الدفء

    كانت عيناها مثبتتان للأسفل لذا عاود مد يده ليرفع وجهها
    ولم تعد يده لمكانها هذه المرة بل مررها برفق على تفاصيل وجهها برقة مقصودة
    شعرت وضحى حينها أن وجهها يشتعل وهو شعر بالفعل بدفء وجهها لأن الدم تدافع بعنف إلى وجهها


    همس حينها بحنان رجولي فخم: ترا أنا حاس فيش أشلون مستحية وما أبي أزودها عليش
    قومي الحين بدلي وتوضي وخلينا نصلي ركعتين أول
    يشرح ربي صدر كل واحد منا للثاني ويبارك لنا في ليلتنا




    #أنفاس_قطر#
    .
    .
    .
    .








    رد مع اقتباس  

  4. #264  
    المشاركات
    3,260
    بين الأمس واليوم/ الجزء المئة وواحد





    انتهيا من صلاتهما. وعادا للصمت

    وإن كان هذا الصمت هذه المرة هو كسابقه عند وضحى
    صمت خجل طبيعي


    فهو مختلف عند نايف فهو هذه المرة مستمتع بمراقبة تعابير خجلها!!
    وهو يكتشف -بمتعة- أنوثتها الرقيقة التي خشي فعلا ألا تكون موجودة
    بناء على تفكيره السابق عنها وخصوصا أن شقيقاته لم يقصرن وهم يصفن أمها وأختها إنهما (نسرتان)!!
    وإنها لابد مثلهما!!


    كان دائما يتساءل : لماذا الوصف لأمها وشقيقتها ثم ينسحب توقع غير متأكد إلى شخصيتها.
    لو كان هناك عيب مباشر في شخصيتها لم يكن شقيقاته ليقصرن في نبشه

    شعر كما لو كانت ظلا غير واضح لأمها وشقيقها

    تماما مثلما كان هو!!!!
    ظل غير واضح لشقيقاته السبع اللاتي اتخذن من محبته لهن حبلا أحكموا لفه حول عنقه

    مطلقا ليس ضعيف الشخصية ولكن حبه لهن أضعفه أمامهن يخشى أن يسبب الحزن لهن وهو أخيهن الوحيد!!

    وفي نقطة التهاون هذه كان تماما كوضحى فهي أيضا ليست ضعيفة الشخصية!!
    لكن وجودها في ظلال شخصيات قوية جعلها تستكين بشعور أمان أو ربما تخاذل!!


    لكن حينما احتاجت لإبراز قوة شخصيتها أبرزتها وفي عدة مواقف
    وأقربها في إصرارها عليه هو رغم تحفظ أمها وشقيقتها!!




    وضحى تشعر بتوتر رقيق لأنها تجلس أمامه بدون أي زينة بعد أن مسحت زينتها تماما تخشى أن تكون تهورت في هذا التصرف
    ولكنها أرادت بالفعل أن يراها هكذا يتعرف على شكلها الطبيعي!!


    بينما هو كان ينظر لها بشجن إحساس عميق يتشكل في داخله نحوها
    وملامحها توحي له بشعور مُفتقد!!

    شعور أمومة حنون!!

    قد يكون غريبا أن يقول أنه يفتقد شعور الأمومة في ظل وجود سبع أمهات
    قد يعاني شعور تخمة الأمومة!!!
    ولكن معهن كان إحساسه بالأمومة مبتور لأن صراعهن الدائم حوله سبب له التشتت!!
    واليتيم سيبقى دائما يفتقد أمه.
    كما يعلم أن وضحى لابد تفتقد أباها!!


    نايف قام ليجلس جوارها همس لها بتساؤل باسم: أنتي على طول كذا ساكتة

    لم تجبه أيضا حينها مد يده ليتحسس أطراف أناملها شدت يدها لتدخلها في داخل أكمام روبها الحريري وهي تتنفس بصعوبة بدت واضحة له!!

    هتف حينها بمودة: خلاص يا بنت الحلال لا تروعين كذا
    اعتبريها خطأ غير مقصود

    سألها ليستحثها على الكلام: تدرين إني ما ادري وش طبيعة شغلش قولي لي

    حينها همست وضحى بخفوت: مدرسة بالإشارات أدرس صم وبكم!!

    حينها ضحك نايف بدفء: تدرين إني لي زمان ميت أسمع صوتش
    وأنتي ما بغيتي تحنين علينا


    حينها اختنقت وضحى ظنته يتكلم عن تلك المرة
    شعرت أنها لن تتجاوز خجلها منه ولا توجسها حتى تعتذر منه

    لذا همست باختناق: نايف أنا فعلا آسفة على اللي صار المرة اللي كنت تبي تكلمني
    بس أنا ما أرضى أسوي شيء من ورا هلي!! أتمنى إنه مافي خاطرك شيء علي!!
    لأنه الموضوع واجد مأثر علي!!


    نايف لا ينكر التأثر الرقيق الذي غمر روحه حتى أقصاها. قد يكون تضايق من ذكرها لهذا الوضوع المحرج وهو قرر تناسيه.
    لكن اعتذارها أثر عليه كثيرا وهو يهمس بمودة:
    أنا نسيت الموضوع أساسا.
    والعذر مقبول
    ثم أردف بإبتسامة خبيثة: تبين أحب رأسش عشان تدرين؟!!


    وضحى تراجعت بوجل : لا لا كلامك يكفيني!!


    نايف يستطيع اعتبار خبرته شاسعة في عالم الأناث ليس بالمعنى الذي قد يتبادر للذهن
    ولكن في الطبيعة الأنثوية بشكل عام


    الأنثى تتقبل الكثير من الحديث قبل أن تتقبل أي لمسة مهما كانت!!


    فمثلا لو غضبت عليه إحدى شقيقاته وأراد أن يقبل رأسها
    ستصرخ به (لا تحب رأسي) لكنها مستعدة لعتابه لساعتين كاملتين دون توقف

    كذلك كانت عالية حينما تغضب منه ويريد أن يشاكسها ستصرخ به ( لا تجي جنبي) رغم أنها ستصدع رأسه بحديثها لساعات متطاولة


    ووضحى ليست مطلقا هي الشذوذ عن القاعدة. وهو باله طويل. ويريد فعلا أن يتعرف عليها ويسمح لها بالتعرف عليه!!
    بعيدا عن الأحكام المسبقة !!!


    لذا همس بهدوء وهو يسند ظهره للخلف: بكرة إن شاء الله بنسافر باريس
    حبيت أوديش لمكان أدل فيه عدل عشان أتفشخر عليش إني أدل
    أنا عشت في باريس 7 سنين وقد ماأحب ذا البلد قد ما اكرهها.
    غريب صح
    لأنه باريس مثل مالها ميزات. عيوبها بالضبط!!



    نايف انهمر بحديث ممتع بدأ يجذب انتباهها فيه رويدا رويدا ويدخلها إلى عوالمه بحديث هادئ عميق!!

    وهو من حين لآخر يوجه السؤال لها لأنها لن تتكلم إلا جوابا على سؤال
    ثم يعقب السؤال بسؤال ليجعلها تستغرق في الحديث وتفاصيله
    ليكتشف بمتعة حقيقية طريقتها الهادئة الرزينة والعذبة في الكلام!!!





    ***************************************






    الليلة تبادلا الأدوار
    فبعد أن كانت طوال الليالي السابقة هي من تحتويه في حضنها
    الليلة كان دوره ليحتويها في حضنه

    لم يتخيل أنه قد يراها يوما بهكذا ضعف رقيق
    رؤيتها هكذا تذيب قلبه تماما

    يشعر أنه بين نارين نارين بكل معنى الكلمة!!
    لا يريد أن يظلمها مطلقا لكنه يعلم أنها غير مرتاحة لحالته وتشعر بها في داخلها
    بل سألته عدة مرات ماذا به وكان يتهرب من الجواب
    التهرب الذي لم يغب مطلقا عن ذكائها!!


    قاطعت أفكاره بهمسها الخافت وهي تحتضن ذراعه: حبيبي وش اللي مشغل بالك
    ولا تقول لي مافيه شيء
    أنا حاسة إن فيك شيء متغير من قبل زواج مزون بحوالي أسبوع
    قلت يمكن عشان زواجها بس السالفة غير!!

    همس بعمق وهو يمرر أنامله عبر خصلات شعرها التي ترتاح على ذراعه:
    مهوب وقته يامزنة

    استدارت لتوليه وجهها تنظر في عينيه من أقرب مسافة تتنفس أنفاسه من قرب لتستشف أفكاره من تغير خلجاته
    همست مزنة بعمق خافت: أنا فاهمتك زين وكنت عارفة إن عندك شيء تبي تقوله بس تأجله لين عقب عرس البنات
    وهذا البنات عرسوا. ريحني الله يريح بالك!!

    همس بدفء موجوع في عمق أذنها وهو يجذبها ليدفن وجهها بين أضلاع صدره:
    بكرة الصبح بأقول لش وبأدعي ربي يبعد الصبح لأبعد مدى!!






    ****************************************







    " هاحبيبتي شاخبار العرس "


    مزون تتمدد بجوار غانم وهي تسند ظهرها لظهر السرير وتهمس برقة:
    كان حلو ماشاء الله!!

    غانم بمودة: زين بكرة نبي نروح نزور نجلاء
    أنا جيتها اليوم بس أبيش تروحين معي بكرة. ونودي لها هدايا عيالها

    حينها همست مزون بتردد: عادي نودي لها أغراض البنت وإلا نودي أغراض غنومي وبس

    غانم يمسك قلبه بطريقة تمثيلية:آه ياقلبي. تجنن غنومي من بين شفايفش
    ماينفع تقولينها لي. غرت من ولد أختي!!

    مزون ضحكت: غانم بلا بياخة!!

    غانم قلب وجهه وهو يضخم صوته: (غانم) مهيب حلوة وع!!

    مزون ابتسمت برقة: زين ياغنومي الكبير نودي أغراض غنومي الصغير بس؟!!

    ابتسم غانم وهو يشد أناملها بين أنامله: ودي الأغراض كلها. المها أساسا تحسنت واجد يمكن تبي لها أسبوع وإلا أسبوعين وتطلع للبيت!!

    مزون بابتسامة: على طاري المها أختك مها هذي تحفة. تجنن الواحد وده يأكلها من قد ماهي حلوة وعسل ودمها خفيف!!

    ابتسم غانم بمرح: هذي جينات أمي. ما تلعب!!

    مزون بتساؤل: إلا غانم. امك وش اسمها دايم أم غانم أم غانم ولا عمري عرفت اسمها

    غانم ابتسم: وش ظنش

    مزون ضحكت: أمك على ستايلها باين فيها عرق تركي. تلاقيها صافيناز وإلا شهيناز!!

    ضحك غانم: والله منتي بهينة أمي اسمها تركي بس مافيها عرق تركي أمي اسمها جيهان.
    (جيهان بالتركية يعني العالم)


    مزون ضحكت: والله حلو. نفس اسم جيهان السادات. وجيهان السادات لين الحين تجنن وحلوة مع إنها كبيرة واجد.
    ثم أردفت بتساؤل: إلا أمك أشلون خذت إبيك

    غانم بإبتسامة: إساليها

    مزون بحرج: من جدك. أروح أقول لها يمه أشلون خذتي عمي عيب!!

    غانم بذات الابتسامة: لا عيب ولا شيء. أصلا أمي تحب ذا السالفة
    تقولين راشد آل ليث في عينها رشدي أباظة زمانه






    ******************************





    " كساب تأخرت واجد الله يهداك!!"


    كساب تنهد بعمق وهو يهمس في هاتفه بخفوت: غصبا عني فيه ظرف عطلني!!

    كاسرة تنهدت بخيبة أمل تخفيها خلف حزم صوتها: خلاص يا ابن الحلال مهيب اول مرة!!

    كساب ابتعد بكرسيه قليلا وهو يهمس بخفوت حازم: قلت لش غصبا عني انتهينا

    كاسرة همست بسكون ونبرة مقصودة: خلاص تصبح على خير نشوفك بكرة إن شاء الله أنا بأنام


    كساب كاد يلقي هاتفه أرضا ليهشمه لا يعلم سبب اشتياقه الغريب لها
    ولكنه لا يستطيع ترك علي وهو على هذا الحال!!


    علي همس بسكون: كساب قوم روح لمرتك أنا بأصلي هنا وعقب بأطلع لدوامي من هنا تدري الخارجية من هنا خطوتين
    مافيه وقت أرجع البيت لانه بنستقبل وفد بدري!!

    كساب تنهد بحزم: أولا ماني بمخليك لين تروح لدوامك وتلهى فيه
    ثاني شيء مثلي مثلك على ما أرجع للبيت بيأذن الفجر
    وأنا شركتي من هنا أقرب. واليوم عندنا صب باقي الأساسات عقب الصلاة!!



    (سوق واقف يقع تماما بين الكورنيش حيث تقع وزارة الخارجية
    وبين منطقة شارع حمد الكبير /شارع البنوك حيث تقع شركة كساب
    وكلاهما لا يستغرق خمس دقائق من السوق!! )






    ********************************






    إن كان علي عاجزا عن العودة للبيت لأنها غير موجودة فيه
    فهي عاجزة عن النوم حتى وهي تعلم كم ضايقته!!
    حتى في خيانته لها تجد أن تفكيرها فيه يسبق تفكيرها في نفسها!!


    تتنهد بيأس
    تتمنى أن تستطيع أن تقسو عليه كما يستحق
    فهو بالفعل يستحق هذه القسوة
    ولكن حبها له أكبر من كل شيء حتى خيانته لها!!


    تحاول أن تصدقه أن الأثار هذه لها!!
    فتجد أن حتى هذه الفكرة مؤذية لها ولحساسية مشاعرها.
    أن هناك رجلا تجرأ على ضمها على صدره قبل أن يعلما كلاهما أنهما زوجان!!

    عدا أن الشك الأنثوي يحاول اقناعها أن هذه الأثار ليست لها!!
    ولكنها تعود وتقول علي متدين جدا ويستحيل أن يفعلها

    " ولكن حتى مع تدينه فهو تجرأ على لمس امرأة يظنها ليست حلالا له!!
    لم يقاوم وسوسة الشيطان
    فكيف سأضمنه كلما خرج أنه لن يكرر هذا الشيء
    .
    .
    لا لا علي يحبني
    مستحيل يسويها. تيك كان لها ظرف خاص
    وهو شرحه لي عشرين مرة.
    إحساسه فيني غير لأني كنت حلاله!!
    .
    .
    وأنتي بتصدقين خرابيط واحد لعب عليه الشيطان!!
    .
    يا ربي بأموت باموت. ارحمني من التفكير!!
    قلبي مهوب مستحمل أكثر
    أحبه. ويدري زين إني أحبه خايفة يستغل ذا الشي ضدي!! "






    ******************************





    " بسم الله الرحمن الرحيم
    من"



    جميلة انتفضت من نومها بجزع على رنين هاتفها وهي تلتقطه دون ان تنتبه لاسم أو رقم
    جاءها صوته مرهقا دافئا: أنا فهد!!

    حينها همست بعفوية وهي تنظر للساعة: فهد الله يهداك فزعتني. الساعة 3 الصبح وأنا كنت نايمة

    لا يعلم لِـمَ شعر بأمل بريء يداعب أهداب قلبه أنها عاتبته على وقت الاتصال وليس على الاتصال نفسه!!

    همس بذات الصوت المرهق والدافئ:
    شأسوي يوم دخلت غرفتنا في الأوتيل ماطقتها من عقبش!!
    تدرين إني طلبت إنهم يغيرونها
    ما اقدر اقعد فيها وكل شيء فيها يذكرني فيش!!


    جميلة ارتبكت من هذا الكلام غير المتوقع ومن شخص كفهد!!
    بينما هو يكمل حديثه بنبرة عتب: وأنتي حتى ماهان عليش تكلميني وتقولين تروح ترجع بالسلامة!!

    جميلة تنهدت: فهد أرجوك مافيه داعي تتصل المرة الثانية لو اتصلت ماراح أرد عليك!!

    حينها هتف فهد بغضب مكتوم: أنتي ليش منشفة رأسش كذا
    وش اللي تبينه. كنتي تبين تذليني وبس
    أقول لش أحبش وشاريش وأبي أكمل حياتي معش وماراح تشوفين مني إلا اللي يرضيش
    وأنت مافيه شيء يرضيش

    جميلة همست بهدوء مليء بالوجع: لكل شيء أساس وحن أساس حياتنا تجريح ووجع يعني من أولها أساس فاشل

    فهد بذات النبرة الغاضبة: وليش تبين تعتبرين هذا الأساس. انسي ذا الأساس
    وخلينا نبدأ من أساس جديد

    جميلة بألم: والإنسان يشتغل بريموت كنترول يقولون له انسى ينسى
    يقول له انسى الجرح والتجريح ينسى!!


    فهد زفر بيأس: زين عندش ذا الوقت كله لين أرجع
    وأتمنى يوم أرجع تكونين عقلتي وألقاش في بيتش!!






    **********************************






    رد مع اقتباس  

  5. #265  
    المشاركات
    3,260
    " نايف قوم نايف نايف!! "


    نايف يهمس بصوت ناعس: وضحى حرام عليش خليني أنام شوي
    من البارحة لين اليوم وأنا ريقي نشف عشان أقنعش بس تنامين جنبي
    وأول مانمنا تصحيني


    وضحى باستعجال مختنق بالخجل: أنا أساسا مابعد نمتسامحني قومتكبس فيه حد كسر الباب

    نايف بتأفف ناعس: ما أسمع صوت!!

    وضحى بذات الخجل: الباب الخارجي صار له نص ساعة يندق أول شيء قلت يمكن حد غلطان بس الدق ماسكت.


    نايف يزفر وهو ينفض الغطاء ينظر للساعة الساعة السابعة إلا ربع صباحا
    من سيأتيهم في هذا الوقت المبكر


    نزل باستعجال وهو (بالفنيلة والسروال) ليفتح الباب ليتفاجأ بالهجوم.
    نورة وسلطانة. معهما ثلاث خادمات
    بالكثير من الأواني اللاتي دخلن الخادمات ورصفنها على الطاولة!!


    نورة بإبتسامة أمومية: ألف مبروك ياعريس. صباحية مباركة
    أنا وسلطانة حلفنا ماحد يسوي ريوق المعاريس غيرنا
    من قبل صلاة الصبح وحن نشتغل!!


    نايف لم يعلم بماذا يشعر بالغضب أم التأثر
    ولكن التأثر غلب. فهو يعلم أنهن لابد لم يغادرن الزفاف إلا في وقت متأخر
    ومع ذلك لم ينمن ليعددن له فطور يعلمن أنه بالكاد سيأكل منه عدة لقمات!!


    نايف مال على رأس نورة ليقبله: الله يبارك فيش. ولا يخليني منش وجعل عمرش طويل

    سلطانة ابتسمت: حبة الرأس للكبيرة بس؟

    نايف مال على رأس سلطانة وهو يبتسم : وللصغيرة بعد!!

    حينها تساءلت نورة بنبرة مقصودة: وين مرتك ماوراكم طيارة!!
    حن قلنا بنجيب ريوقكم بدري قبل تطلعون المطار


    نايف يهمس بمودة: مرتي فوق بتلبس وبتنزل لكم



    نايف عاود الركض للأعلى ليجد وضحى تنتظره بقلق وهمست بخجلها الرقيق: عسى ماشر

    نايف تنهد: خواتي جايبين ريوق!!

    وضحى باستغراب: ذا الحزة

    نايف لم تعجبه نبرة استغرابها لذا قرر أن يبين لها منذ البداية قرب شقيقاته منه
    لذا همس بحزم: يجوون أي حزة يبونها. عندش اعتراض


    وضحى أيضا لم تعجبها نبرتها لكنها قررت أن تكون حذرة تماما في هذا الموضوع.
    فهو يستحيل أن يقدمها بأي حال من الأحوال على شقيقاته. وخصوصا أنه مازال لا يعرفها حتى
    بينما هؤلاء شقيقاته حياته كلها !!!

    لذا همست بثقة ولباقة مغلفة بخجل رقيق: أبد وليش يصير عندي اعتراض. حياهم الله البيت بيتهم

    نايف تنهد بطيبة قلبه: وضحى أنا ما أقصد أضايقش بس حطي دايما في بالش
    إن خواتي من أولويات حياتي وإني مستحيل أزعلهم عشان مرتي
    لأنه لو مالي خير فيهم. مالي خير فيش


    ابتسمت وضحى برقة: وعلى رأسي أنت وخواتك!!
    وموقفك يكبرك في عيني مايصغرك.


    حينها ابتسم: زين بدلي وانزلي لهم
    خليني أسبح وألبس أستعد لروحة المطار


    وضحى حاولت أن تستبدل ملابسها وتضع زينتها بأسرع طريقة ولكنها أيضا يجب أن تراعي أنها عروس يوم صباحيتها
    ولو وجدوا عيبا في تأنقها سيجدون لهم سببا للحديث!!


    لذا انتهى نايف من الاستحمام وهي مازالت لم تنتهي. همس نايف بعتب:
    لين الحين مانزلتي

    وضحى بخجل: نايف الله يهداك أنت سبحت في عشر دقايق. وأنا على الأقل أبي لي عشرين دقيقة وأنا مستعجلة بعد


    لذا نزل نايف مرة أخرى لشقيقاته همست سلطانة بنبرة مقصودة:
    ذا كله تلبس أنت والمدام وإلا عادي تنقعونا

    نايف بمودة: الله يهداش أنتو جايين واحنا صاحيين من النوم أكيد نبي لنا شوي وقت


    حينها همست نورة بذات نبرة شقيقتها المقصودة: وست الحسن وينها

    ابتسم نايف بطريقة مقصودة: ست الحسن نازلة الحين!!

    نورة وسلطانة تبادلتا النظرات (مصدق الأخ نفسه!!!)



    وضحى نزلت وهي تشعر بخجل شديد بالفعل
    فهي لم تتوقع مطلقا أنها قد ترى أحد قبل موعد طيارتهما ولم تتهيأ لذلك حتى
    كانت متأنقة تماما في دراعة فخمة للاستقبالات احتراما لشقيقتيه حتى يعلمن تقديرها لحضورهما!!


    انحنت لتسلم على الاثنتين المتجاورتين وتبادلا الترحيبات والسلامات المعتادة

    ثم جلست قريبا من نايف على الأريكة الطويلة التي كان يجلس عليها من باب اللياقة


    سلطانة مالت على نورة وهي تهمس بخفوت: صدق مابه سحا توها عارفته البارحة لصقت فيه اليوم!!


    نورة تمصمص شفتيها بصوت منخفض: تبيه يشم الريحة وأنا أقول ليش تاخرت قاعدة تتبخر وتتعطر!! باقي تتسبح عطر!!
    صدق ماعاد يستحون بنات ذا الزمن!!


    نورة رفعت صوتها بالسؤال المقصود: أنتي بتروحين للمطار وريحتش كذا

    وضحى انتفضت بحرج: لا طبعا بأبدل ملابسي كلها أصلا ما أقدر أروح للمطار بالدراعة ذي!!

    نورة أكملت عليها: إيه يأمش كنش رايحة عرس بدراعتش ذي!!


    نايف شعر بالفعل بالشفقة عليها
    وهي شعرت بالعتب عليه أنه لم يرد عليهم حتى بأي كلمة تدفع عنها الحرج
    وهي مازالت عروسا في يومها الثاني!!


    سلطانة هتفت بصوت عال: يا الله قوموا تريقوا وراكم رحلة
    والبيت لا يهمكم منه بنسكره عقبكم


    وضحى شعرت بالحرج أكثر لا تريد أن يرى أحدا أغراضها الخاصة
    لم تعلم أنهن سبق ورأين كل شيء!!
    لأنها حين دخلت البيت كان كل شيء بترتيب أمها وأغراضها لم تعلم أنه ترتيب عالية المعاد!!


    نايف تناول قليلا من الفطور.
    ووضحى لم تتناول شيئا. فهي تشعر بحرج مختلط بالخجل مختلط بالتوتر
    تتمنى لو رأت أمها قبل أن تسافر وهي تخجل حتى أن تطلب ذلك من نايف
    و يُحكم عليها ألا ترى إلا هذين العقربتين!!


    وهم مازالوا في جلستهم دخل عليهم إعصار جديد
    سلطانة مالت على نورة بتأفف: وذي وش جابها صدق قوية وجه. حد يأتي ذا الحزة!!


    انتزعت نقابها وهي تدخل بمرح صاخب: قلت لازم أمر أسلم على نويف حبيب قلبي قبل أروح دوامي حتى!!


    احتضنت عنق نايف وهي تهمس في أذن نايف : أنت داري إني راجعة وأنا خلاص على باب المستشفى رايحة لدوامي
    يوم اتصلت أصبح على أمي. وقالت لي إن خالاتي هنا!!
    غثوا المسكينة وإلا بعد

    نايف همس في أذنها باستسلام: غثوها وخلصوا

    وضحى حين رأت عالية كانت تريد ان تبكي فعلا لولا أن اعتزازها بنفسها لم يسمح لها!!

    عالية سلمت على وضحة ثم شدتها وهي تهمس بمرح: يا الله ياعروس خلينا نجهز أغراضش بسرعة مافيه وقت!!


    ما أن وصلتا للأعلى حتى همست عالية بتاثر: امسحيها في وجهي!!

    هزت وضحى كتفيها: ماصار شيء. يمكن تأثرت عشاني عروس وتدرين النفسية تصير حساسة
    لكن هم ماقالوا إلا كلام عادي!!

    عالية تضحك بمرارة: عادي؟ ما يكونون خالاتي.
    ثم أردفت بجدية: وضحى الكلام هذا كان المفروض أقوله لش من قبل
    بس ماحبيت أحرجش
    لكن الحين أنتي شفتي الوضع.

    اسمعي نصيحتي عدل لا تسوين مثل نويف مهما أنصحه ما ينتصح!!
    أول شيء حاولي تطولين في سفرتش قد ماتقدرين
    أدري نايف حاجز أسبوعين أقنعيه على الأقل بأسبوع زيادة
    لا تخلينه يرجع إلا وأنتي مالية يدش منه!!

    لا يغرش إن نايف عاش واجد برا أنا كنت معه!!
    وترا نويف خام يومين وينكب على وجهه. وقلبه طيب فوق ما تتخيلين
    بس أنتي ابذلي جهد زيادة عشان تكسبين قلبه صدق. وهو ترا يستاهل من يتعب عشانه!!

    ثاني شيء نايف يحب خالاتي واجد يعني ولا يطري على بالش إنش تسوين تخيير بينش وبينهم لأنه بيختارهم حتى لو روحه معلقة فيش!!
    لكن اللي أبي أقوله لش إنش مستقيمة بزيادة وهذا ما ينفع مع خالاتي.
    يعني هادنينهم وسايسيهم بس في نفس الوقت لا تسمحين لهم يتدخلون في حياتش ومن أولها
    لأنش لو فتحي لهم الباب. على أساس إنش مستحية وماتبين تقولين لهم شيء من أولها ترا بيتدخلون عقب في كل شيء!!


    حينها همست وضحى بحرج: الحين يبون يقعدون في البيت عقبنا
    كيفهم في البيت. بس أنا مستحية يدخلون غرفتنا ويشوفون أغراضي الخاصة!!


    عالية تنهدت بحزم: ذا المرة خليها علي!!
    أدري ماتبين تروعين نايف منش. بس أنا عادي متعودين علي هم ونايف!!
    أنا اللي بأخذ المفتاح والله يعيني على خالاتي!!





    *********************************





    " حبيبي دام شغلك اليوم متأخر شوي
    مهوب المفروض تقول لي وش اللي شاغل بالك!!"


    زايد استدار ناحيتها. يحاول أن يشبع عينيه نظرا لها فلا يستطيع صمت لم يتكلم


    حينها همست مزنة بعمق فاجأه بمضمونه: زايد أنا أدري إنك ما تقبلتني لحد الحين!!
    وكنت أدري إنك حاط في بالك صورة لمزنة ماعادت موجودة
    صورة مزنة قبل 30 سنة.
    لكن يا زايد أنا ماني بصورة داخل برواز تمر عليها السنين ماتغيرت!!

    زايد تنهد بيأس: مزنة ليش تقولين كذا

    همست حينها بيأس مشابه: زايد صار لنا 3 شهور متزوجين
    أول ثلاث أيام غرقتني في مشاعر حب حسبت إنها مستحيل توجد في ذا العالم!!
    وعقبه سكتت حتى كلمة وحدة بالغلط ماعاد قلتها!!
    لأن هذاك الكلام كله. أنت قلته لمزنة الصغيرة
    لكن يوم عرفت إنها راحت شحيت بكلامك على مزنة الكبيرة!!
    وأنا يازايد ذا كله مايهمني. وش قيمة الكلام وأنت بكبرك بجنبي. وأنت أغلى من كل كلام الدنيا
    لكن في الفترة الأخيرة حسيتك متغير عليّ. في النهار جاف معي وفي الليل كنك خايف تفقدني!!
    التعامل ذا يازايد تعب لي أعصابي. لأني عارفة إن أعصابك تعبانة.
    فريح روحك وريحني. ولا تخاف علي من شيء
    زايد اللي مثلي شافت من الدنيا كل وجيعة جلدي تعود ماعاد تفرق معي!!


    زايد تنحنح بحزم يخفي خلفه رفضه لكل مايقوله ويجد نفسه مجبرا على قوله
    وهو يحاول أن يبسط الموضوع: الموضوع مهوب مثل منتي فاهمة
    كل السالفة إني أبي أنزل لجناح علي القديم تحت!! واقعد هناك!!


    مزنة شعرت بثقل ما في أنفاسها وهي تشد لها نفسا عميقا وتهمس بسكون متوجس:
    وبعد

    زايد تزايدت صعوبة الكلمات على لسانه ومع ذلك مازال يتكلم بطريقته الحازمة المعتادة:
    وأبي الاحتكاك بيننا يكون في أقل حدوده.

    مزنة همست ببساطة موجوعة لشدة بساطتها تنحر الروح: تقصد ما يكون بيننا احتكاك أبد؟

    زايد صمت تأكيدا لفكرتها حينها همست بذات البساطة الذابحة المذبوحة:
    زايد أنت تبي تعاقبني

    زايد انتفض بجزع: ليش تقولين كذا يامزنة

    مزنة بألم: لأن الرجّال مايهجر مرته إلا لأنه يبي يعاقبها على شيء. قل لي وش ذنبي اللي سويته
    تعاقبني لأنك ماقدرت تحبني؟!!

    زايد اقترب منها ليشد على كفها بين كفيه والغريب أن يفعل ذلك وهو يريد أن يهجرها والأغرب أنها لم تنتزع يدها وهي تعلم بنيته!!

    همس حينها بوجع ماعاد يستطيع إخفاءه: أبي أعاقب نفسي مهوب أعاقبش
    لأني لو ماعاقبت نفسي. مستحيل أقدر أعيش مع ذا الذنب اللي خانقني!!


    مزنة حينها وقفت لتنتفض بغضب موجوع لأقصى مساحات الوجع تجذرا:
    وأنا وش ذنبي تعاقبني على ذنوبك
    وإلا قول عشان دريت وش كثر صرت أحبك تبي تعاقبني
    تعاقبني لأني رفضتك وأنا بزر أو تعاقبني لأني تغيرت وماعدت مزنة اللي في بالك؟!!


    زايد عاود شد كفها ليجلسها وهو يهمس بألم عميق:
    مزنة والله العظيم ما أبي أعاقب إلا نفسي. من كثر ماصرت متعلق فيش أبي أحرم نفسي منش!!


    مزنة تشعر أنها تريد أن تبكي أي جنون يهذي به هذه الرجل
    أ بعد أن علقها فيه لهذه الدرجة يريد أن يهجرها
    لا ويريد أن يهجرها وهو أمامها!!! ماكل هذه القسوة يازايد!!
    مزنة همست بيأس ازداد عمقا: خلني أجاريك في كلامك اللي مايدخل المخ
    تعاقب نفسك ليه


    زايد تردد للحظات لكنه لم يعتد التراجع حين يقرر ومن حق مزنة عليه أن تعلم بالسبب:
    مزنة ترا مناداتي لاسمش كل ليلة مهوب شيء جديد
    ترا من أيام زواجي من وسمية.
    بس توني دريت!!
    تخيلي المسكينة كل ليلة نايمة جنبي وتسمعني أون باسم غيرها
    لا و درت إني مسمي بنتها على حبيبتي
    تخيلي وجيعتها تخيلي!!!


    مزنة تراجعت بجزع وهي تشهق. تحاول تخيل وجع وسمية فلا تستطيع لا تستطيع
    أي امرأة قد تصبر على مثل هذا!! اي امرأة!!

    مزنة صرخت بجزعها: وأي مرة تصبر على مثل ذا أي مرة؟!!

    زايد بوجع: هي صبرت!!

    مزنة شدت لها نفسا عميقا جدا من أقصى روحها رغم شعورها العميق بالألم من أجل وسمية لكنها يجب ان تقاتل من أجل هذا الرجل.
    فمايربط بينهما ماعاد محض مشاعر بل أكثر من ذلك بكثير:
    صبرها عليك كان غلط
    وسكوتها عليك كان أكبر من أي غلط
    لأنها ماظلمت نفسها بس ظلمتك بعد لأنها خلتك تستمر في ظلمها سنة بعد سنة وأنت ماتدري!!
    لكن وسمية خلاص راحت ارتاحت عند ربها
    بيرضيها الحين ظلمك لي؟!! بيرجعها من قبرها عشان تعتذر لها
    يعني وسمية ظلمتها وأنت ماتقصد. تبي تظلمني وانت تقصد ومتعمد!!


    زايد يزداد يأسه ووجع روحه: أنا ماني بمرتاح يا مزنة أنا أتعذب. وكل ماشفتش قدامي تزيد وجيعتي
    حتى لو قعدنا مستمرين في حياتنا كزوجين شبح وسمية بيظل يطاردني وبيخرب علينا حياتنا!!

    مزنة شدت نفسا عميقا والكلمة تقف في حنجرتها كموس مسموم:
    تبي تطلقني بس منحرج؟!!

    زايد انتفض بجزع حقيقي: مستحيل ولا خطر ببالي لا مكانتش ولا مكانتي تسمح لنا بتصرف بزارين مثل ذا
    البيت ذا أساسا أنا كتبته باسمش ومن فترة يعني بيتش. وانا عندش ضيف فيه!!
    لكن نجيب لنفسنا الكلام وحن في ذا العمر
    في بيتنا ماحد داري باللي بيننا


    مزنة بحزن عميق: كتبته باسمي يوم قررت تبيعني كن البيت بيكون تعويض لي عنك؟!!

    زايد بوجع: مزنة لا تقولين كذا

    مزنة حزنها يزداد ودقات قلبها تزداد ثقلا: زايد هي مالها معنى إلا كذا
    مشكور يازايد لا أبغي غرفتك ولا بيتك
    بيت ولدي جنبي

    ولا تخاف من كلام الناس
    لأنه أنا أساسا أغلب اليوم هناك عند إبي. حد عرف أنا وين نمت!!
    ووأساسا أنت اخترت توقيت مناسب عشان تطردني من حياتك
    لأنه تميم مسافر اليوم خلاص بأروح عند إبي

    زايد برجاء حقيقي فخم: تكفين مزنة لا تطلعين من البيت

    مزنة بإصرار مثقل بالوجع: وأنت وش تفرق عندك.
    أنت أساسا تبي تقعد تحتوماتبي يصير احتكاك بيننا اعتبرني نفذت اللي قلته
    على الأقل خلني أحس إني حافظت على شوي من كرامتي!!









    *********************************






    كاسرة لم تذهب لعملها اليوم قررت أخذها كإجازة عارضة
    فهي لا تعلم متى سيعود كساب ولا تريده أن يحضر ولا يجدها

    رغم أنه ضايقها بعدم حضوره البارحة وهو يتجحج بالظروف ثم بالعمل!!
    لكنها لم تستطع أن تكون بخيلة مع كرمه عليها بغزله الفاخر الليلة قبل الماضية
    كلما تذكرت كلماته ونبرته فقط شعرت بتساقط عروق قلبها إعياء وتأثرا!!


    قررت التوجه لغرفة أمها حتى تتوجها كلاهما للسلام على تميم قبل أن يذهب للمطار
    فوجئت بل صُعقت بأمها تضع أغراضها في حقائب ولم تكن تنتقي بل كانت تفرغ الخزائن

    همست بجزع: يمه شتسوين

    مزنة بحزم: باروح اقعد عند إبي لين يرجع تميم

    كاسرة باستغراب: بس تميم حالف ما تقعدين في البيت بروحش

    مزنة بذات الحزم البالغ الذي يخفي خلفه روحا تذوي بمعنى الكلمة:
    أنا أمه مهوب أمي عشان يحلف علي!!

    كاسرة بعدم تصديق: واللي تبي تقعد أسبوع تاخذ الشناط ذي كلها وتفضي الدولايب
    أساسا أنتي ملابسش هناك في غرفتش ماتحتاجين تشيلين ملابس معش!!


    مزنة صرخت بها بحزم موجوع تماما: كاسرة مالش شغل انتهينا!!

    كاسرة صرخت بحزم مشابه: لا لي شغل وش ذا الزعلة اللي تخليش تشيلين ملابسش كلها
    لا وأنتي حامل بعد

    تراجعت كاسرة بصدمة حقيقية: عمي مهوب راضي بالحمل. عشان كذا زعلتي
    مستحيل عمي يكون كذا!! مستحيل!!


    مزنة عاودت سحب ما تبقى من أغراضها لتضعها في الحقائب
    وكأنها تسحب أشلاء روحها المدمرة بعد معركتها الخاسرة لتعود إلى جبهتها مثخنة بالجراح
    همست كأنها تحادث نفسها وهي مستغرقة تماما في لملمة أذيال الانسحاب:
    زايد مابعد درى إني حامل!!

    كاسرة بصدمة: ليه يمه حرام عليش ليش ماقلتي له

    حينها انفجرت مزنة بعصبية موجوعة: وش تبيني أقول له وهو يقول لي اطلعي من حياتي
    أقول تكفى خلني عشاني حامل.
    مهيب مزنة بنت جابر اللي تذل نفسها
    ومثل ماربيت أربعة بروحي ماني بعاجزة من خامس.


    كاسرة تكاد تجن: زين وليش يقول لش اطلعي من حياتي
    من يوم تزوجتوا وأنا حاستكم سمن على عسل فجأة اكتشف إنه مايبيش في حياته.


    مزنة حينها تركت مابيدها واستدارت نحو كاسرة لتمسح على خدها بحنو
    وتهمس بوجع بعمق جذور التاريخ:
    تدرين وش مشكلتي أنا وزايد
    إنه زايد حب مزنة أمس بس ما قدر يحب مزنة اليوم
    وأنا ماقدرت أحب زايد أمس بس حبيت زايد اليوم
    يمكن تكون هذي العدالة وأنا ماني بمعترضة.
    زايد عانى واجد. ويمكن صار دوري الحين.
    وماحد يأخذ أكثر من اللي الله كتبه له. وأنا راضية باللي الله كتبه لي

    كاسرة تشعر بالكلمات باهتة على شفتيها: تبون تطلقون يمه

    مزنة هزت رأسا نفيا وهمست بإرهاق: طلاق لا. إبي يتضايق واجد وهو ماعاده بحمل ذا السوالف
    وأنتي وكساب حياتكم بتتأثر من ذا الموضوع.

    ناس كثيرين متزوجين وكل واحد منهم في بيت!! يعني حالتنا مهيب استثناء.
    اللي أبيه منش ماحد يدري بشيء.
    أنتو كساب بتدرون لأنكم ساكنين معنا في البيت بس غيركم ما أبيه يدري!!







    ***************************************






    هاهو يعود أخيرا عند الظهر
    لم يتصل بها حتى فهو تعب لكثرة مايتصل ثم يحدث شيئا يعيق لقاءهما
    قرر هذه المرة أن يحضر دون اتصال ودعا الله طويلا أن يجدها


    ووجدها بالفعل جالسة في انتظاره
    شعر أن دفق الدم سيمزق صدره من فرط اشتياقه لها
    حين دخل وقفت تراجع خطوة للخلف وهو يرى مسحة حزن تجلل عظمة حسنها

    ثم عاود التقدم ليمسك بكفيها الاثنتين ويهمس بقلق:
    كاسرة وش فيش

    همست بسكون: مافيني شيء!!

    هتف بذات النبرة القلقة: أنتي زعلانة عشان ماقدرت أشوفش إلا الحين

    هزت رأسا بذات الحزن: لا أبد

    ثم مالت برفق لتقبل صدره وهي تهمس بذات نبرة الحزن التي أغرقت صوتها:
    الحمدلله على سلامتك!!

    شعورها بالحزن غامر فعلا ان ترى أعظم شخصين في العالم يحدث بينهما هكذا مشكلة وهي من كانت ترى في عظمتهما ترفعا حتى عن الخلافات!!


    كساب شدها ليجلسها وهو يحتضن كتفيها ويهمس بنبرة حزم مغلفة بالقلق:
    والله العظيم إن قد تقولين لي!!

    كاسرة تنهدت بوجع: أمي وإبيك بينهم خلاف كبير واتفقوا كل واحد منهم يعيش في مكان!!

    كساب انتفض بجزع وهو يقفز واقفا : من جدش

    كاسرة هزت كتفيها: وليش أكذب

    كساب بغضب: لاااااااا. الشيبان شكلهم استخفوا وش ذا الخرابيط؟!!

    كاسرة بسكون: هذا اللي صاير!!

    كساب يستعد للمغادرة وهو يهتف بحزم غاضب: ليه هم ظنهم إني بأخليهم على كيفهم

    كاسرة شدته بلطف : تكفى كساب اقعد. مهوب كل شيء تقدر تتدخل فيه وتمشيه على كيفك
    سويت اللي في رأسك وزوجتهم بس ماتقدر تجبرهم يرجعون يعيشون مع بعض
    عطهم وقت أنا متفائلة خير إنهم يبون وقت بس!!

    كساب عاود الجلوس جوارها وهو يزفر بغيظ: والروس الكبيرة العاقلة وش مزعلهم من بعض عقب ماكان الغرام باقي يطلع من عيونهم

    كاسرة بهدوء: شي يخصهم بروحهم

    كساب بذات النبرة الغاضبة: ولا يكونون ناوين يتطلقون بعد هذا اللي ناقص!!

    كاسرة تنتهدت: طلاق لا. أصلا هم مايبون حد يدري إن بينهم خلاف
    بس أنا وأنت ساكنين معهم في البيت لازم بندري!!
    بس حتى علي ومزون مهوب لازم يدرون

    ثم أردفت برجاء وهي تحتضن خصره: كساب أبي أروح أقعد عند أمي يومين ثلاثة

    حينها انتفض كساب بغيظ: زين أنا وش ذنبي تعاقبيني

    تنهدت كاسرة: كساب وليش أعاقبك بس ما أبي أمي تقعد بروحها وهي متضايقة

    كساب شد له نفسا عميقا وهو يحتضنها بقوة: أنا كنت اقول الله يستر من شفقتي على شوفتش ذا المرة
    كنت حاس إن الدنيا ماتجي على الكيف!!
    روحي كاسرة ما أقدر أردش من أمش
    ثم أردف بحزم: بس أنا بجي أنام عندكم في مجلس الحريم
    مايصير البيت فاضي عليكم وتميم مسافر!!

    كاسرة برفض: لا كساب تكفى لأنه أمي وقتها بتحلف أرجع معك
    بعدين البيت جنب البيت ومفتوحين على بعض
    والله العظيم لا نحتاج شيء لا أدق عليك


    حينها تنهد بعمق شاسع: تدرين كاسرة أول مرة تزعلين علي. وانا مالي ذنب!!
    كل مرة يكون الذنب ذنبي. بس ذا المرة ماسويت شيء استحق عشانه تخليني بروحي!!






    .
    .
    .




    كاسرة تنزل بعد قليل
    لتتفاجأ بدخول عمها زايد
    مشاعر متضادة اختلجت روحها وهي تراه
    كانت تتمنى ألا تراه وتخشى أن تراه فهي عاتبة عليه
    وتخشى أن تقول له شيئا يغضبه أو يضايقه!!


    كانت تريد أن ترد على تحيته وتخرج فورا
    لولا أنه بادرها بالسؤال الأبوي بعد السلام: يابيش وين بتروحين ذا الحزة
    كساب مهوب فوق

    أجابته بسكون: بلى فوق بس أنا استئذنته أروح لأمي!!


    حينها شعر زايد بثقل عميق في أنفاسه صعوبة الزفير والشهيق!!


    (أ حقا فعلتها
    هل تركت البيت وأنا أكدت عليها ألا تفعلها
    كل ماكنت أريده أن تبقى رائحتها قريبا مني
    ألمحها صاعدة أو نازلة!!
    لكن هي قررت أن تقسو أن تعاقبني أكثر مما قررت معاقبة نفسي!! "


    مازال يمنح نفسه الأمل المبتور وهو يهمس بنبرة تساؤل حاول أن تكون تلقائية قدر الإمكان:
    وأمش وينها

    كاسرة باستغراب موجوع: أمي وينها إسأل روحك يبه أمي وينها
    ثم أردفت بوجع: خلت لك الجمل بما حمل.
    أستغرب يبه إنه فيه رجال عاش مع أمي وعرفها
    وعقبه يدور على طيف قديم اختفى!! وليت الطيف يستاهل حتى!!
    يعني أنت كنت تبي مزنة البزر المطفوقة وتفضلها على مزنة الثقل والركادة
    لو كنت يبه خذت أمي وقت مابغيتها
    كان حالكم صار أردى من حالي أنا وكساب
    لأنه وقتها أنتو أصغر بواجد. وكل واحد منكم يبي يكسر رأس الثاني

    بس خلاص حكي في الفايت نقصان في العقل
    استمتع بحياة العزوبية مرة ثانية. الله يهنيك


    زايد موجوع أن مزنة أخبرت كاسرة بهذه التفاصيل بل أنها أخبرتها بوجود خلاف حتى بينهما
    لذا هتف بحزم أقرب للغضب: أعتقد إني أنا وأمش اتفقنا مشاكلنا تظل بيننا
    ما ننشرها قدام عيالنا!!

    كاسرة بسخرية شديدة المرارة: وهذا اللي هامك يبه
    يعني تخيل أنا دخلت عليها لقيتها تشيل أغراضها كلها. تبيني أسكت أو أصدق أي شيء هي بتقوله إلا لو اقنعني؟
    وعلى العموم تأكد إنه مافيه شيء بيطلع مني
    كساب بس يدري بينكم خلاف مايعرف وش هو


    زايد شعر بزيادة تثاقل أنفاسه
    ( أحقا حملت كل شيء!!
    أ حقا حزمت أمرها على بتر ماكل بيننا حتى أطياف الذكريات)


    كاسرة غادرت بينما زايد انهار جالسا على الأريكة
    لا يريد حتى أن يصعد للأعلى لا يريد أن يرى أطلالها الفارغة!!
    كم يبدو القرار صعبا بعد تنفيذه
    كان يعلم أن التنفيذ سيكون صعبا وموجعا ولكن ليس إلى هذه الدرجة!!
    ليس إلى هذه الدرجة!!
    فالألم الذي يشعر به لا حدود له لا حدود له!!

    "أليس هذا ما أردته أن تعاقب نفسك
    استمتع إذن بالعقاب!!"


    يبدو أن مزنة ستبقى دائما هي عقابه الأبدي
    في بعدها وقربها
    ثم في بعدها مرة أخرى!!!!






    ************************************






    رد مع اقتباس  

  6. #266  
    المشاركات
    3,260

    " وضحى سامحيني على الكلام اللي قالوه خواتي
    وخصوصا كلام نورة.
    تدرين مرة كبيرة وماحد يشره على الحريم الكبار!!"


    تنهدت وضحى وهي تهمس بلباقة: ماحد يزعل من وحدة مثل أمه
    أصلا خواتك كلهم في مقام أمي
    يعني احترامهم على رأسي!!

    نايف مد يده ليمسك بكفها وهما يجلسان متجاورين في مقعد الطائرة
    وضحى شدت كفها بوجل عفوي قبل أن يمسك بها


    نايف ابتسم بتأفف: تونا كنا حلوين ونقول كلام شعر!!
    ثم أردف بابتسامة: عطيني يدش بس يا البخيلة نشفتي ريقي!!
    حتى يدش ما أعرف ملمسها!! بأمسكها بس ماني بمأكلها!!

    وضحى منحته كفها بتردد خجول
    إحساس عميق يجتاح كلا منهما بهذه اللمسة الرقيقة العذبة التي يتعرف عليها كلاهما للمرة الأولى
    إحساس سماوي بها ناتج عن كونها لمسة حلال لا شبهة فيها تقتحم طهارة أطراف كل منهما


    صمتا كلاهما ونايف يحتوي كفها بين أناملها بدفء
    ثم يمد كفه الأخرى ليحتضن كفها بينهما كلاهما!!
    همس بدفء: شفتي إني ما أعض!!

    وضحى متوترة وتتمنى لو انتزعت يدها بين يديه لشدة تصاعد دقات قلبها
    ولكنها خجلت أن تفعل ذلك وحاولت أن تتلهى بشيء آخر سألت نايف بهمس رقيق:
    نايف كم عمرك يوم ماتوا أمك وإبيك

    نايف يمر أنامله عبر أناملها ويهتف بسكون وهو ينثال بغزارة ليشرك شريكة حياته في مشوار حياته:
    ماماتوا مع بعض بينهم فرق طويل
    أول حد مات أمي الله يرحمها ماتت عمري سنة
    موجعني واجد إني ماعرفتها تدرين إنه حتى صورة لها ماعندي
    حتى صورة جواز مافيه. لأنه قبل مثل ماتعرفين كانت جوازات سفر الحريم بدون صور!!
    جوازها لين الحين عندي. بس بدون صورة أحاول أتخيل لها صورة في عقلي
    يقولون لي إن عالية تشبهها واجد عشان كذا عالية غالية واجد على قلبي

    يوم ماتت كان باقي من خواتي ثنتين ماعرسوا فاطمة وقتها كان عمرها 18
    وسلطانة عمرها 15
    فاطمة وقتها كانت متملكة بس عرسها تأجل عشان مرض أمي
    فاطمة تزوجت عقب سنة عقب ماحلف عليها إبي
    ماكانت تبي تعرس تبي تقعد عندي انا وإبي!!

    وعقبها سلطانة وش كثر جاها خطاطيب وكانت تعيي
    كانت متعلقة فيني واجد وهي أكثر حد تولى مسؤوليتي وانا صغير!!
    إبي حلف عليها يوم صار عمرها 20 إنها تتزوج هو بعد كان رجّال كبير
    وخايف يصير له شيء وهي مابعد تزوجت

    أتذكر زين الليلة اللي قبل عرسها لا نامت ولا خلتني أنام
    طول الليل وهي قاعدة عند رأسي وتبكي وانا أسألها وش فيها
    تضمني وتبكي وتقول مافيه شيء
    وهي كل ماتبكي أبكي معها

    وعشان أمي ماتت وسلطانة صغيرة سلطانة تعلقت واجد بنورة لأنها أكبر خواتي
    عشان كذا لزمت تسمي أكبر عيالها نورة!!
    وعشان كذا الثنتين طبايعهم نفس شيء!!

    وعقب إبي مات وأنا عمري 10 سنين ومن يومها وأنا أطوف من بيت وحدة من خواتي لبيت الثانية!!
    كثير كنت أحس إنهم يبدوني حتى على عيالهم. كل وحدة منهم حاطتني على رأس أولويوتها
    عشان كذا لا تلوميني لو شفتيني ما أقدر أقول لهم شيء مايهون علي أوجعهم وأنا عارف إن غلاهم لي مافيه شك!!

    على قد ما حسيت إني متشتت طول عمري وأنا ما أعرف لي بيت ولا أعرف لي أم.
    على قد ما انخنقت من اهتمامهم!!
    على قد ما أحبهم!!
    على قد ما كنت أبي أهرب منهم!!
    عشان كذا هجيت أول ماخلصت ثانوي لفرنسا
    وما تتخيلون أشلون سوو مناحة يوم عرفوا إني باروح أدرس برا!!



    نايف صمت ووطأة الحديث تستنزف كثيرا من طاقته
    بينما وضحى شعرت أنها اُستنزفت من التأثر تماما. وهي من تشد هذه المرة على أنامله بعفوية رقيقة!!






    ****************************************






    " يوووووه وش الشعب المقفل ذا
    مايرضون يردون على كلمة وحدة بالانجليزي!!"


    ابتسم تميم: هذولا هل بون كذا
    بس هل ميونخ متعودين على السياح!!

    سميرة بتساؤل: وأنت وشدراك جيت هنا قبل

    تميم ابتسم: يوم خلصت ثالث ثانوي رحت أنا وربعي في المدرسة جولة في أوربا خذنا شهرين كاملة في الصيف!!
    طفنا أوربا كلها
    عشان تعرفين فايدة لغة الإشارة مالقينا مشاكل أبد الناس هنا متفهمين
    ويوم يشوفونا نتكلم إشارة يحاولون يساعدون قد مايقدرون

    سميرة باستغراب: وعمتي مزنة أشلون وافقت تروح وأنت صغير كذا

    تميم ابتسم: أمي طول عمرها تعتبرني رجال ولا عمرها حسستني بغير كذا!!
    اللي اعترض امهاب الله يرحمه وكاسرة.
    بس أمي وقفتهم عند حدهم وقالت لي سافر وانبسط وما أوصيك إلا في صلاتك ما تأخرها مهما كان!!


    ابتسمت سميرة: فديتها عمتي مزنة
    ثم أردفت باهتمام: زين وش جدولنا بكرة؟

    تميم بمودة: الصبح بنسوي الفحص وعقب بنطلع لميونخ على القطار!!







    *********************************







    عاد أخيرا إلى جناحه بعد ان كان يهرب بالعمل طوال النهار
    لا يتخيل أنه سيعود ولن يجدها
    لا يتخيل أنه قد ينام وهو لا يتوسد أمواج الكستناء ويتنفس عطرها الذي يهز أعطافه!!
    أي نوم هذا بل هو كابوس!!


    يتنهد بعمق وهو يصعد درجات السلم كما لو كان يصعد إلى قبر موحش

    " لازم أتعود
    أنا كنت عارف إنه ذا كله بيصير
    وكنت عارف إنه الموضوع بيوجعني
    بس لازم أطهر روحي بالوجع عشان أقدر أتعايش مع ذنبي!! "


    حين دخل إلى الجناح
    شعر بألام صدره تتزايد
    كما لو كانت ضلوع صدره تتقارب لتعتصر رئتيه وقلبه!!

    كان الجناح مرتبا لأبعد حد
    ترتيبها هي يعرفه تماما

    " أكان لديكِ الوقت لترتبي أحزاني قبل أن ترحلي
    أ تركت لي خصلة من شعركِ
    أو بعضا من عطركِ
    هل نسيتِ شيئا من أجلي يصبرني على بعدكِ

    يبدو أنكِ نسيتِ أهم شيء نسيتِ أن تضعيني في إحدى حقائبكِ قبل الرحيل!!
    لأنه يبدو أن لا شيء سيصبرني!!
    لا شيء!!"


    كان يهذي بهذه الأفكار وهو يدور في أرجاء الجناح الفارغ من أغراضها
    كان يفتح الخزائن كالمجنون يرجو أن تكون تركت أي شيء يخصها
    شيء قد تعود من أجله!!

    ولكنها لم تترك شيئا ولا أي شيء!!
    حتى مفرش السرير الذي قضيا فيه ليلتهما الأخيرة سويا غيرته بمفرش جديد قبل أن ترحل!!
    لم تترك له أي شيء!!


    وماذا يريد بالأشياء من بعدها وبماذا ستفيده سوى زيادة حرقة جوفه الملتهب كنار مستعرة؟
    يشعر بأنفاسه التي تخرج من صدره كما لو كانت ستحرق ما أمامه لشدة سعيرها!!

    جلس على السرير وهو يشعر أن الجناح الواسع يضيق ويضيق ليصبح كفتحة الإبرة
    جلس من ناحيتها حيث كانت تنام يتحسس المكان الخالي
    ويشعر أن أنامله ستدمي كما روحه تدمي!!


    مد يده لسيتند على حاجز الطاولة الصغيرة المجاورة لها لتقع يده على سلك شاحن هاتفها
    كف يده كما لو كان لمس جمرة أحرقته

    "وأخيرا تركت شيئا!!"


    ينظر لكفه للأثر الباهت القديم لحرق كفه حين أمسك بالجمرة ليلة زواجها من سواه
    تلك الليلة أمسك بجمرة فعلية ليتناسى أنها تلك الليلة تنام في حضن سواه!!
    ثم حين أصبحت تنام في حضنه أمسك بكل جمرات الكون وهو يبعدها عنه!!


    لن يحتمل!!
    لن يحتمل!!
    لن يحتمل!!





    ************************************






    تنظر لكاسرة النائمة وهي تجلس في زاوية الغرفة
    تتنهد بعمق لم تكن تريد من كاسرة أن تترك زوجها لتلحق بها
    ستتركها تنام الليلة لأنها حلفت!!
    ولكنها في الغد من ستحلف عليها أن تعود لبيتها
    فالبيت خال من وجود امرأة
    فمن سيعتني بالرجال المتواجدين فيه
    من سيعتني بزايد
    من سيعتني بزايد بعد أن أفسدته بالدلال


    فبعد أن كان في الأيام الأولى لزواجهما هو من يستخرج أغراضه كعادته
    أصبح لا يعرف مكان أي شيء إلا أن تخرجه هي له بعد أن أعادت ترتيب أغراضه هي.

    هي من تستخرج له ملابسه صباحا
    وتستخرج له طقم أزرة وقلم وساعة هي من تنسقها بل حتى محفظته هي من تستخرجها من ثوبه القديم لتضعه في ثوبه الجديد
    حتى هاتفه هي من تشحنه له!!


    تنهدت بوجع صارخ.

    " صدقتي روحش!!
    غصب تقولين إنه تعود عليش
    الرجّال من بداية عرسكم وهو عايفش
    يا الله تحملش ثلاث شهور!!
    .
    .
    .
    زين يوم إنه عايفني من البداية
    ليش ماقال لي عقب أسبوع أسبوعين
    ليش خلاني لين تعلقت فيه
    لذا الدرجة يبي ينتقم مني يعني؟!! "


    وهي مستغرقة في وجع أفكارها المتشعب رن هاتفها
    انتفضت بجزع (من بيتصل ذا الحزة)

    التقطت الهاتف وضعته على وضعية الصامت بسرعة حتى لا تزعج كاسرة النائمة
    وحتى تنظر من المتصل.

    كان هو هــــو!!

    استغربت وارتعش قلبها اليائس المكلوم بخليط من الغضب والتأثر
    " وش يبي يتصل"

    تكرر الرنين. تنهدت وهي تقرر الرد فكلاهما أكبر من لعبة التجاهل السخيفة
    ربما كان يريد أن يسأل عن شيء من أغراضه!!
    وماداما قد اتفقا على وضعية عيش معينة ولكنهما يبقيان زوجان في إطارها
    فالاحترام لابد أن يبقى بينهما!!



    ردت مزنة بلباقة رغم أنها تمنت في داخلها أن تغلق الهاتف في وجهه:
    هلا أبو كساب

    زايد صمت لثانية ثم أردف بهدوء عميق: مساش الله بالخير!!

    مزنة بذات اللباقة التي اتعبتها مع وجع قلبها: الله يمسيك بالنور
    آمر يا أبو كساب إذا فيه شيء من أغراضك ماتعرف مكانه
    تراها كلها مرتبة كل شيء بروحه
    أزرارك وساعاتك في


    قاطعها بوجع عميق: ومافيه شيء غير الساعات والأزرار أبي أسألش عنه يعني

    مزنة بثقة: ما أدري آمرني!!

    سألها بحزم يخفي خلفه أملا غريبا: ولو أمرتش بتطيعين

    مزنة بحذر: إن شاء الله لو في مقدرتي ما أقصر يا أبو كساب

    زايد بنبرة قاطعة صارمة ومباشرة: أبيش ترجعين واعتبري نفسش ماسمعتي شيء اليوم!!

    مزنة شهقت بصدمة كاسحة: نعم. ليه حن كنا نلعب
    ثم أردفت بغضب: أو أنت شايفتني لعبة عندك روحي تعالي!!

    زايد شد له نفسا عميقا: محشومة بس أنا حسيت إنه حن استعجلنا في القرار خلينا نتناقش في الموضوع أكثر
    أكيد فيه حل غير كذا حتى لو أعرض نفسي على طبيب نفسي ماعندي مانع

    صمت لثانية ثم أردف بصدق مثقل بالألم:
    أنا ماني بمستحمل المكان عقبش باستخف لو قعدت ليلة ثانية كذا!!

    مزنة تغلق عينيها وتفتحها وجعها يزداد وجرح كرامتها يتسع:
    الحين منت بمستحمل المكان عقبي لدرجة إنك مستعد تعرض نفسك على طبيب نفسي
    وليش مافكرت في ذا الشيء اليوم الصبح
    مسرع قلبت!!
    وإلا عشان كاسرة علمتك بتسوي علي ذا اللفة الطويلة والتمثيلية البايخة
    زايد أنا ربيت أربعة بدون أب يعني باعجز أربي واحد
    وإلا تكون خايف على ولدك من تربيتي


    زايد شعر أن هناك قنبلة تفجرت في منتصف جمجته ونثرت خلايا دماغه أشلاء متناثرة (أي ولد وأي تربية!!)
    زايد همس بثقل وأحرفه تتبعثر: أي ولد تتكلمين عنه

    مزنة موجوعة فعلا موجوعة يطردها من حياته دون رحمة لم يقدر مشاعرها ولا حبها له
    ثم يريد أن يعيدها من أجل طفل مازال في علم الغيب:
    زايد أرجوك لا تزيدها علي
    خلاص اتفاقنا ماتغير فيه شيء الطفل ماراح يسوي فرق
    وأنا مستحيل أجبرك تعيش معي وأنت عايفني عشانه!!


    زايد لم يستطع أن يرد بكلمة ألجمته الصدمة غير المعقولة

    " مزنة حامل!!
    ولدي أنا ومن مزنة!!"


    مزنة آلمها صمته أكثر من كلامه بكثير!!
    ( ماصدق أقول له كذا!!
    كأنه كان جابر نفسه يقول ذا الكلمتين عشان يريح ضميره.
    ويقول : كنت أبي أرجعها بس هي مارضت!! )



    لم يقل كلمة واحدة. مازال عاجزا عن الاستيعاب
    فما يسمعه كان أشبه بمعجزة حقيقية ( ابنه هو ومن مزنة!!)


    مزنة كانت من تكلمت ختاما وهي تحاول أن تتكلم برزانة تخفي خلفها ألما ماعاد احتماله بالإمكان حتى:
    خلاص زايد ماقصرت رايتك بيضا والوجه من الوجه أبيض!!
    تصبح على خير

    ثم أنهت الاتصال
    ليستوعب حينها أن الاتصال انتهى انتهى!!

    سارع لمعاودة الاتصال مرة أخرى
    ولكنها أغلقت الهاتف في وجهه هذه المرة
    ثم أغلقت هاتفها بالكامل!!


    كان مازال يجلس على سريره على مكانها تحديدا
    وإحساس برودة قارص يجتاح خلاياه

    حتى فرحته بالخبر حرمته منها!!
    حرمته حتى أن يقول لها كلمة "مبروك!!"
    حرمته أن يخبرها كم هو سعيد بهذا الطفل.

    ليست مجرد سعادة بمعناها المجرد البسيط
    بل إحساس سعادة معقد مركب بالمعجزة التي حدثت
    وكأنك ترى أيام صباك تعود أمام ناظريك!!!

    وكأن الحلم الذي سُلب منه يعود إلى حضنه!!

    كم حلم بصبي له ذكاء نظراتها. أو صبية لها لون جدائلها!!
    كم حلم بعبق روحها يضمه قريبا من قلبه!!
    كم حلم بمخلوق يكون خليطا من روحيهما التي أبت الامتزاج
    ثم حين امتزجت كان هو من رفض هذا الامتزاج!!

    شد نفسه بإرهاق ليقف. وهو يشعر أنه سينهار فعلا!!

    عاجز عن البقاء في المكان بعدها كل شيء باهت من غيرأنفاسها
    كل شيء لا نكهة له!!


    قرر أن يتوجه للمجلس ويبقى فيه حتى صلاة الفجر.
    لا يريد أن يبقى في البيت حتى حيث سارت خطواتها وطاف خيالها!!

    كان متأكدا أنه لن يجد أحدا في هذا الوقت!!

    ليتفاجأ بوجود ابنيه كلاهما كساب وعلي!!

    بعد تقافزهما للسلام عليه. هتف بحزم: وش مقعدكم ذا الحزة
    ليه منتوا بعند نسوانكم

    علي حاول أن يهمس بطبيعية: شعاع تتوحم ومهيب طايقة البيت!!

    ليس من عادته أن يخفي على والده لكن إحساسه بهم عظيم يطبق على أنفاس والده جعله يخشى على والده من وطأة الهموم!!


    بينما كساب هتف بنبرة مقصودة وهو ينظر لوالده بنظرة حادة مباشرة:
    مرتي عند أمها ياحرام عمتي عند إبيها عشان تميم مسافر!!
    خلتك بروحك مثلنا
    تعال صف جنبنا!!


    زايد نظر لكساب بحدة مشابهة. يكره طريقته المبطنة هذه في الكلام
    يغيظه خبثه هذا وخصوصا حينما يكون محقا!!


    زايد جلس بالفعل بجوار ابنيه!!!


    ثلاثة رجال مطعونون بالهجر هذه الليلة!!

    إن كان كبيرهم أخطأ دون قصد وأراد أن يعاقب نفسه!!
    وصغيرهم أخطأ بقصد واستحق العقاب!!

    فإن أوسطهم .ولأول مرة لم يخطئ ومع ذلك يُعاقب معهم!!

    ربما آن له أن يتذوق نتائج أخطاء الآخرين
    كما كان يحمل الآخرين نتائج أخطائه
    حتى زواج مزنة وزايد كان هو من سعى له ليصلح أخطائه بطريقة ملتوية!!

    طال ليلهم يتبادلون الحديث البارد
    وإحساسهم بالهجر يتعمق من إحساسهم ببعضهم دون كلام!!!!!




    #أنفاس_قطر#
    .
    .
    .
    نجمتنا لـ Hlg4
    هي أول من توقع أن انفصال زايد ومزنة سيكون في المكان!!
    مبروك حضرة الملازم
    .
    .






    رد مع اقتباس  

  7. #267  
    المشاركات
    3,260
    بين الأمس واليوم/ الجزء المئة واثنان






    " الحمدلله على سلامتش
    نورتي باريس وضواحيها!!
    وسامحيني على التعطيل اللي صار على الشناط
    تأخرنا وأنتي ميتة تعب يومين مانمتي "


    وضحى همست بإرهاق حقيقي: عادي يا ابن الحلال المهم وصلنا
    حسيت من طول الرحلة إنها ماتبي تنتهي!!

    ابتسم نايف: لذا الدرجة دمي ثقيل

    ابتسمت وضحى برقة: اصلا لولا وجودك كان شقيت ثيابي!!

    نايف اقترب ليمسك بكفها بحنان: آسف يا وضحى من أولها وأنا غاثش
    الصبح خواتي وفي الليل أنا وذا الرحلة

    همست وضحى بذات الرقة: لا تقول كذا تزعلني!!


    حينها فتح نايف كفها ليغمرها بقبلات رقيقة شفافة شعرت وضحى أنها سيغمى عليها وهي تتمنى شد كفها بقوة
    لولا أنه أفلتها بنفسه حين شعر بارتعاش كفها وهو يبتسم بأريحية:
    باقي على صلاة الفجر شوي بنصلي
    ثم اشبعي نوم
    بكرة بيكون يوم باريسي حافل!!!






    ***********************************






    " هلا كساب فيه شيء "


    كانت كاسرة تنظر لساعتها باستغراب لاتصال كساب المبكر.
    هتف كساب بحزم: وش بيكون فيه ماتبين تروحين دوامش

    كاسرة هزت رأسها: بلى بس ماتوقعت إنك بتوديني عشان ما اتفقنا أمس!!

    كساب بذات الحزم: خلاص اتفقنا اليوم
    أنا أنتظرش برا انزلي لي!!

    كاسرة تنهدت: كساب أنت كل شيء عندك حامي حامي حتى من صباح الله خير
    انزل تريق أول بأجهز لك ريوق بسرعة!!

    كساب بذات نبرته الحازمة المعتادة: خلصيني كاسرة ما أقدر أتاخر!!

    كاسرة كان بودها أن تتركه لوقت طويل ينتظرها لكن قلبها لم يطاوعها وهي تنزل له بعد دقائق!!


    حين ركبت مد كفه لها بدون كلام فوضعت كفها في كفه دون كلام أيضا
    آن لها أن تعرف طباع زوجها
    رفع كفها إلى شفتيه ويغمرها بقبلات دافئة كاسرة همست بحرج:
    كساب الله يهداك لا حد يشوفنا أشلون موقفنا

    كساب احتضن كفها بين أنامله بقوة وهو يهتف بثقة:
    اللي يبي يشوف يشوف ترانا في حوش بيتكم مهوب في الشارع
    يعني جدش وأمش نعطيهم تذاكر فرجة ببلاش!!

    ثم عاود رفع كفها ليفتح باطنها ويغمرها بقبلاته من جديد حينها شدت كفها بقوة وهي تهمس بغيظ:
    تدري إنك وقح!! ووقاحتك هذي مرض مزمن!!

    ابتسم كما لو كانت تثني عليه: أدري ماجبتي شيء جديد!!
    بس تدرين وقاحة المشتاقين مرفوع عنها القلم!!

    لا تعلم بالفعل أي لعبة خطيرة يلعبها هذا الرجل لكنها باتت لا تحتمل أي كلمة ناعمة قد يقولها لروحها المجدبة!!
    همست بسكون: وتبيني أصدق إنك مشتاق؟!!


    حرك سيارته وهو يهمس بتلاعبه المثير: الواحد دايما يعكس مشاعره الشخصية على الآخرين
    أنتي مثلا لأنش منتي بمشتاقة لي ما تبين تصدقين إني مشتاق لش
    ويا الله ما أقدر أقول شيء غير قول الشاعر ابراهيم الخفاجي: (لنا الله ياخالي من الشوق.)
    الله كريم يجبر بالخواطر المكسورة!!


    حينها همست كاسرة باستغراب شفاف فمادام سيصارحها فهي ستصارحه:
    زين أنت كنت تغيب بالأسبوع والأسبوعين عمرك ماقلت إنك اشتقت لش
    الحين مشتاق من يومين


    كساب بدفء عميق لكن لا يستطيع إبعادة عن أسر نبرة التلاعب المثيرة:
    اللي عنده وحدة مثلش يشتاق لها حتى وهي جنبه حتى وهي في حضنه!!


    (آه ياقلبي والله إنك مجرم!!
    وش ناوي عليه تجلطني) كاسرة صمتت
    ماذ يفعل بها حتى يلجمها عن الرد وهي من كانت ردودها جاهزة دوما


    حينها ابتسم كساب: الحين أنتي ذا اللفة كلها عشان ما تجامليني على الأقل
    ترا من باب اللياقة لو حد قال لأحد (اشتقت لك) يرد عليه: وأنا بعد!!

    حينها هتفت كاسرة بإجهاد من بين أسنانها كما لو كانت تكتم إحساسا أرهقها:
    اشتقت لك اشتقت لك يالسخيف يا البايخ يا أبو دم ثقيل

    كساب انفجر ضاحكا: الظاهر ماتقصدين شي من اللي قلتيه غير الكلمات الثلاث الأخيرة
    زين والسخيف والبايخ يقول لش: ترجعين معه البيت الظهر؟

    تنهدت بإرهاق فهو أرهقها فعلا: بأرجع معك بس في الليل بأنام عند أمي!!

    تأفف كساب: صارت طبيتني أمش!!

    حينها ابتسمت كاسرة: ما تبيني رجعت لأمي من ظهر

    كساب باستعجال مرح: وش ترجعين (العوض وإلا الحريمة)
    أبي أشوفش ساعة وحدة قدامي وبس!!



    (العوض ولا الحريمة: مثل شعبي يعني تماما أي شيء مهما كان بسيطا أفضل من لا شيء)







    *************************************





    كان يخرج هو أيضا من باحة بيته متوجها لعمله
    بدا له هذا النهار أسوأ نهار عمل منذ بدايته


    كان يتأفف وهو يستحم يتأفف وهو يرتدي ثيابه يتأفف وهو يبحث له عن أزرة يلبسها
    ثم بدت له بشعة وغير متناسقة مع ساعتهرغم أن كل مالبسه كان حقيقة متناسقا تماما مع بعضه
    لكنه لم يعجبه بل بدا له خاليا من الذوق!!
    غيرها عدة مرات!!
    وأعاد إحكام أزراره عده مرات بفشل ويداه تتعرقان كلما أراد لف قفل الأزرار!!


    وفي كل مرة يتأفف ويتأفف ويتأفف حتى رائحة عطره المعتاد لم تعجبه لدرجة أنه ألقاه في القمامة بغيظ

    وبلغ تأففه ذروته وهو يكتشف أن هاتفه شبه خال من الشحنويقرر أن يعلقه في شحن السيارة وهو يتأفف للمرة المليون هذا الصباح!!


    قد تبدو فترة 3 أشهر فترة قصيرة نوعا ما لتتعود على أحدهم بهذه الصورة الجنونية!!
    ولكن إن كنت تنتظر هذا الشخص لثلاثين عاما
    ثم حينما جاء فرض حضوره حتى على أنفاسك التي تتنفسها فكيف سيكون حالك


    والإنسان بطبيعته البشرية مخلوق يعتاد على الدلال أكثر بأضعاف مضاعفة من اعتياده على الشدة!!

    فلو أنك مثلا نفذت لطفلِ رغباته لثلاثة أيام متتالية فقط لن تستطيع بعدها مطلقا السيطرة عليه!!

    ولو أنك أهديت زميلا قطعة من الشيكولاته كل يوم على مدى ثلاثة أيام
    سيبقى يتوقعها منك اليوم الرابع والخامس!!

    فكيف بمن تكفل أن يقوم بكل شيء عنك طيلة 3 أشهر
    ولم يكن هذا الإنسان أي إنسان!!

    بل كان مزنة. مزنة.
    مـــــــزنـــــــة!!



    يزفر بيأس وهو يلكم مقود سيارته

    " عمري ما أتخذت قرار فاشل مثل ذا القرار!!
    والله إني أفشل رجل أعمال
    وقبلها أفشل رجّال!!
    الحين أشلون اقنعها ترجع وأنا عارف يباس رأسها
    لا بارك الله في اللي بقى من طبايع مزنة الصغيرة
    ليت ربي يفكنا منها ويرجع لي مزنة الكبيرة!! "


    كانت هذه أفكاره التي تحرق تفكيره المرهق اشتياقا ووجعا وغيظا على نفسه
    وهو يخرج من باحة بيته ليلملح كسابا يخرج من باحة البيت المجاور وبجواره كاسرة

    " إيه ولدي أبو لسان طول الليل يقط حكي
    وهو مهوب حاس بوجيعتي
    وهذا هو طالع هو ومرته!!
    وماحد بيأكلها غيري!!"


    ليجد نفسه بشعور أو بغير شعور بقصد أو بغير قصد. يدخل هو أيضا لباحة البيت المجاور
    فهل الجينات المشتركة بين الأب وابنه تحركهم نحو ذات الاتجاه


    نزل من سيارته متوجها لباب غرفة الجد الذي يفتح باتجاه الباحة
    اتصل بسليم أولا فأخبره أنه في المجلس
    لأن عمته مزنة عند والدها!!

    كان يعلم ذلك فهو شعر بطيفها قريبا كما لو أن روحه تقوده إليها دون دليل
    مشتاق حتى مافوق أذنيه ومن فراق ليلة واحدة!!
    فكيف يحتمل قساوة الليالي وبرودتها في بعدها!!


    حاول فتح الباب فوجده مغلقا!!
    كان يريد مباغتتها !! الآن يخشى ألا يجدها
    ليس لأنها ستهرب لأنه يعلم أن مثلها لا تهرب لكن لأنها تريد معاقبته!!

    وصله صوتها الحازم الواثق: سليم روح لا تجي إلا أذان الظهر عشان تودي بابا المسجد


    إحساس غيرة مرُّ اجتاح كيانه
    "أ تمنح غيره همسات صوتها الرخيم ؟!!"

    هتف بغضب مغلف بحزمه البالغ: افتحي يامزنة أنا زايد


    مزنة تراجعت بعنف
    تمنت ألا تفتح وألا تراه
    فهي غاية في الضعف وجرحها مازال ينزف بغزارة مؤلمة!!
    فهي منذ غادرت بيته صباح أمس وهي كما لو كانت ترى أمامه نهرا من دم ينسكب من خلايا جسدها وروحها
    ليغرق الرؤية أمامها ومع ذلك تتحرك وتتكلم بثقتها المعتادة دون أن تشتكي أو تسمح لنفسها أن تنـزوي قليلا بحزنها!!


    ولكنها لم تستطع إلا أن تفتح
    فليس من اللائق أن تتركه خارجا ولا أن تهرب منه كطفلة مذعورة
    ليست مزنة إن فعلتها!!


    انفتح الباب وزايد يخشى أن تكون فتحت وغادرت المكان
    لذا تفاجأ واهتز وهو يراها أمامه


    كانت تقف في الزاوية واقترب هو ليلقي السلام بصوت عال
    الجد ابتسم وهو يرد السلام: ياحيا الله أبو كساب
    وش ذا النهار المبارك اللي تصبحت فيه بكم كلكم!!


    كان زايد يتبادل السلامات مع الجد بالأريحية المعتادة
    ليلتفت خلفه باستعجال
    ويجد مكانها خاليا!!


    " تريد أن يكون عقابها لي مضاعفا!!
    ألمحها قبلا ثم تغادر لتنسف مابقي من صبري!! "


    لم يعلم أنه لو كان الأمر بيدها لم تكن لتغادر
    لم تكن لتبدو أمامه بهذا الضعف والعجز عن المواجهة!!


    مثقلة بالجرح
    ومن جرحها يقف أمامها بكل صلافة واثقة!!
    كما لو أن الضحية تقف أمام الجلاد ويُطلب منها أن تبتسم في وجهه

    لم تستطع فعلا أن تقف وتنظر في وجهه من هذا القرب!!
    شعرت أنها توشك على الانهيار ومؤشراتها الحيوية توشك على الوصول إلى أدنى مستوياتها!!

    تركت له المكان كاملا وهي تتصل بسليم بإرهاق: سليم تعال قهوي بابا زايد وخلك عند بابا جابر

    لم تكد تنهي الاتصال وهي تصل لأسفل الدرج حتى أوقفتها الصرخة الحازمة:
    مــزنـــة!!


    تنهدت بيأس ( ليه كذا يارب اللهم لا أعتراض!!)

    استدارت نحوه وهي تحشد في صوتها كل الثقة: أنت أشلون دخلت أنا ماقفلت الباب

    اقترب منها ليهتف بحزم: لو قفلتيه ماكان دخلت!!
    أشلون تخلين الباب مفتوح بينش وبين العامل

    تنهدت مزنة بحزم: لو نسيته مرة سليم بيسكره بنفسه
    وسليم عبارت ولدي!!

    زايد بغضب مكتوم: لا مهوب ولدش هذا رجال غريب!!

    مزنة تنهدت: زين يا أبو كساب أنت جاي عشان ذا الموضوع
    سلمت على إبي وماقصرت وكثر الله خيرك!!


    مزنة تراجعت للخلف بعنف لأنه لم يرد عليها بل مد يده ليتنزع برقعها عن وجهها وهو يهتف بحزم:
    آخر مرة تكلميني وحن بروحنا وتغطين وجهش عني!!

    حينها انفجرت مزنة بغضب: أنت ماعندك إحساس؟!!
    أمس طاردني من حياتك واليوم جاي لي ما كانه صار شيء
    لا تخلين الباب مفتوح بينش وبين العامل لا تتغطين عني!!
    أنت وش جنسك تقتل القتيل وتمشي في جنازته


    لم يرد عليها بشيء ونبرته تتغير لدفء لا يخلو من غضب:
    ليش ماقلتي لي إنش حامل!!

    مزنة تحاول أن تشيح بنظرها عنه وهي تهتف بثقة: كاسرة ماقصرت!!

    زايد بثقة: كاسرة ماقالت لي شيء إسأليها لو بغيتي انا مادريت إلا منش البارحة!!

    مزنة بمرارة: وماقصرت بينت فرحتك بالخبر لدرجة إني حسيتك بتطير!!

    هتف بثقة غامرة: وانا فعلا مستانس ومبسوط هذي نعمة من رب العالمين
    ولأنه منش بيكون أعظم نعمة!!
    وإذا أنتي ماحسيتي بفرحتي لأنها كانت أكبر من إن الواحد يعبر عنها بكلمات!!
    بس بعد ليش ماقلتي لي

    مزنة بذات المرارة التي تبصقها مع كلماتها: ومتى أقول لك
    وأنت في النهار ماتطيق تشوف وجهي ويا الله تقول لي كلمتين!!
    وإلا في الليل وأنت لاصق فيني لدرجة تخوفني لا تكون مريض


    زايد بثقة: مهوب عذر خبر مثل المفروض أنا أول حد يدري به
    مهوب كاسرة ولا غيرها
    في أي أسبوع أنتي

    مزنة حاولت أن تبتعد عنه (عن أي أسابيع يتحدث وهي تكاد تكمل الشهر الثالث!!)

    لكنه شدها ليوقفها أمامه وهو يسأل بحزم: ماجاوبتيني على سؤالي!!

    مزنة شدت معصمها منه وهي تهمس بحزم: آخر الثالث

    زايد تراجع بصدمة: أي ثالث قربتي تكملين ثلاث شهور وماكنتي حتى ناوية تقولين لي

    مزنة تنهدت بعمق فهي فعلا مرهقة منه ومن الوضع ونفسيتها شبه مدمرة:
    زايد لا تحاول تحسسني بذنب ماراح أحس فيه
    لأنه الذنب كله ذنبك وأنا ماني بمستعدة أسمح لك تتلاعب فيني بذا الطريقة

    زايد مد يديه ليمسك وجهها بين كفيه حاولت التراجع
    لا تعلم هل بالفعل منعها حاجز الدرج أم هي من عجزت عن مغادرة أسر كفيه

    همس بدفء عميق: مزنة خلينا من لعب البزراين أنا معترف إني غلطان والرضوة اللي تبينها تجيش لين عندش
    ارجعي لبيتش وأنا حاضر لأي شي تبينه


    مزنة انهمرت بطوفان يأسها ووجعها وحرقتها:
    والموضوع عندك كذا بسيط
    لذا الدرجة شايفني شيء رخيص وتافه تحذفه متى مابغيت وترجعه متى مابغيت

    كل كلمة قلتها لي البارحةجرحتني جرح ماله مدى
    أول شيء قلت أبي أهجرش ولا تحتكين فيني كني مريضة بجرب!!

    وثاني شيء كملتها إنك تبي تعاقبني على ذنب مهوب ذنبي
    وش ذنبي إن وسمية سمعتك تناديني في نومك أنا طلبت منك كذا
    أنا حتى عطيتك ريق حلو ذاك الزمان يخليك تتعلق فيني

    بالعكس وأنا صغيرة كنت جفسة وقليلة أدب ومافيني شيء ممكن يغريك أني أصير حلم تهذي به 30 سنة!!

    لكن أنت معي سويت كل شيء عن قصد خليتني أتعلق فيك وحاولت بكل طريقة. لين أنا تعلقت فيك

    وعقبه حذفتني مثل شيء ماله عازة. وثاني يوم جاي تبي ترجعني
    ليه وش شايفني

    لو أنك حريص علي كان فكرت ألف مرة قبل مايكون أول قرار عندك أن تقطع كل مابيننا
    ولأنه حن على قولتك ما احنا ببزران فكل واحد مسئول عن قراره
    لأنه اللي في عمرنا مايسوي قرار هو ما ملأ يده منه






    ************************************









    رد مع اقتباس  

  8. #268  
    المشاركات
    3,260

    " مسكينة أختك نجلا ذابلة مرة وحدة
    وش صاير فيها
    أنا شفتها آخر حملها كانت أحسن بواجد!!"


    غانم بعفوية: تدرين ولادتها صعبة وعقبه توأم ومتشحططه بين الولد والبنت
    لازم يبين عليها!!

    مزون بتأثر: كسرت خاطري والله
    الحين لا جبت عيال باصير كذا

    ابتسم غانم: وليش الأفكار السلبية هذي
    نجلا انتظري عليها ترجع البنت لحضنها وبتشوفينها أشلون تحسنت


    مزون صمتت لدقيقة ثم همست بتردد: غانم ماعليه الليلة أروح لبيت علي وأسهر عنده شوي
    أبي أشوف وضع بيته مرته تتوحم وخلت البيت!!

    غانم بتأفف باسم: والحين أي واحد من أخوانش تتدلع عليه مرته بتطيح في رأسي

    ابتسمت مزون: أنا أساسا كنت أبي أقول لك أبي أنام عنده بس عارفة إنك ماراح ترضى فقعدت بكرامتي!!

    غانم يصفر: ياسلام عليش هذا اللي ناقص
    روحي له ياقلبي شوفي وضعه وترجعين
    السهرة لا الساعة 8 بأجي أجيبش

    مزون برجاء: 8 بدري لين 12 بس!!

    غانم بحزم رقيق: مزون ياقلبي ماقلت لش شيء روحي من العصر لين الليل
    بس عقب لازم ترجعين تتعشين معي ونسهر سوا
    وإلا أنا مالي فيش نصيب!!


    مزون صمتت على مضض فهي تخشى أن يكون علي لا يتناول طعاما جيدا وخصوصا أنه مازال يأكل علاجه
    وعلاجه هذا ثقيل ولابد أن يكون مع معدة ممتلئة
    كانت تريد أن تتأكد أنه سيتعشى قبل عودتها!!


    غانم شعر بامتعاضها لذا حاول أن يلهيها بالحديث: إلا على طاري بيت أخيش علي.
    أنا أدري إنه اللي على اليمين بيت كساب وهو باعه على نسيبه
    واللي على اليسار بيت علي بس اللي ورا بيت من

    مزون بتساؤل: تقصد الفيلا الصغيرة اللي داخل حوش بيتنا
    هذي لخالتي عفراء

    غانم هز رأسه: لا أقصد اللي نفس ستايل بيوت أخوانش وحجمها وفي حوش مستقل

    ابتسمت مزون: هذا بيتي أنا!!

    غانم بصدمة: ماقلتي لي من قبل

    ابتسمت مزون: ماجات فرصة إبي أول شيء بنى البيت الكبير واشترى الأراضي اللي حواليه
    وقبل حوالي سبع سنين بنى البيوت هذي!!

    غانم يتساؤل عفوي: والبيت الكبير كم عمره

    مزون تحسب في رأسها المدة: حوالي 12 سنة

    ابتسم غانم: ماشاء الله كأنه توه أمس مبني!!

    ابتسمت مزون: لأنه شركة أبي هي اللي بنته فأكيد توصوا عدل

    ثم أردفت بشجن عميق مغرق بنبرة ولع غريبة: إبي فديته عقب ماماتت أمي.
    مارضى نقعد في نفس البيت عقبها
    باع البيت واشترى واحد ثاني وقعدنا فيه لين خلص بيتنا هذا

    غانم لا ينكر إحساسه الغريب بالغيرة من تعلقها بأهلها حتى نبرته حينما تتكلم عنهم تتغير لتصبح أكثر سماوية

    مزون صمتت لثوان ثم أردفت بتردد: زين دامك سألت عن بيتي
    وش رأيك لو نسكن فيه كلنا بدل ماهو قاعد فاضي كذا
    حتى أخوانك الصغار كل واحد منهم بيصير له جناح!!

    غانم التفت نحوها بحدة: نعم عيدي
    أنتي مهوب عاجبش بيتي؟!!

    مزون بحرج: ماقصدت غانم بس دام عندي بيت نستفيد منه

    غانم يشد له نفسا عميقا: مزون لو سمحتي سكري ذا الموضوع عشان ماتصير هذي أول زعلة بيننا
    بيتش كيفش فيه بيعيه أجريه. أنا مالي شغل فيه!!


    غانم يزفر بحرقة
    ( أمن أجل أنها تريد قرب أهلها
    هي مستعدة لجرحي وإحراجي هكذا!! )






    ***********************************






    صحت على رفرفات رقيقة تغمر كتفها
    فقفزت بخجل وهي تشد الغطاء عليها كاملا وتهمس بخجل عذب:
    صباح الخير نايف.

    نايف بمودة: تراه صار مساء العصر قرب يأذن قومي صلي الظهر والعصر مع بعض

    وضحى بجزع: وليش ما قومتني للظهر

    نايف يضحك: توني قمت أساسا نمنا مثل المقتولين!!

    وضحى مدت يدها لتتناول روبها وتلبسه وهي تهمس برقة: سبحان الله صدق كنت تعبانة موت
    والحين جوعانة تصدق

    نايف بإبتسامة: أصدق ونص لأني جوعان وأنا أساسا أكلت
    وأنتي صار لنا يومين ماشفتش حطيتي شيء في حلقش


    ثم أردف بحماس: يا الله نأخذ شاور وأوديش مكان تأكلين فيه أحلى أكل
    وعقب بأمشيش في باريس تمشية سبيشل مايعرفها إلا واحد لفلف حواري باريس مثلي!!


    ثم أردف بمرح خبيث وهو يستعد لدخول الحمام: إلا أنتي وش تحطين على كتفش سكر وإلا عسل


    وضحى انتفضت بخجل شديد وهي تخفض عينيها وتشد روبها على جسدها أكثر
    " يمه منه
    وتقول لي عالية خام ومسكين!! "






    ************************************






    دخلا قبل قليل لجناحهما
    ودخل كساب ليستحم لم تستطع انتظاره لأنها كانت تشعر بالحر فعلا بعد نهار العمل الصيفي الطويل
    لذا دخلت للحمام الآخر لتستحم


    حين خرجت استغربت أنه لم يخرج بعد بالعادة لا يطيل أكثر منها
    كان باب الحمام مواربا معنى ذلك أنه خرج وعاد
    شعرت بالقلق فهذا الرجل له تصرفات تثير القلق دوما.

    لذا طرقت الباب ودخلت فورا دون مقدمات
    فوجئت به يغير لنفسه وهو يضع شاشا على كتفه
    انتفضت بجزع وهي تقترب منه وتهمس بقلق مر: وش سويت في نفسك ذا المرة بعد

    همس بثقة: مافيني شيء رجاء كاسرة عطيني دقيقتين وأجي لش !!

    كاسرة بحزم: لا بأقعد معك أشوف شتسوي وبنطلع سوا

    كساب بحزم: كاسرة اطلعي برا لأني الحين بأبدل على فخذي وبأشيل الفوطة اللي حاطها على خصري


    كاسرة انسحبت ليست غبية لتعلم ماذا فعل مادام يغير على كتفه وفخذه
    شعرت أن الدقائق لا تريد أن تمضي والمرارة في جوفها تنغرس وتتعمق!!

    حين خرج بعد أن ارتدى ملابسه همست بصوت غائر: يعني سويتها وحرقت روحك

    هتف بثقة: لا. سويت عملية بسيطة وماحسيت بشيء وشلته وارتحت خلاص

    كاسرة موجوعة بالفعل من إخفائه كل شيء يفعله عنها
    همست بعتب عميق: وأنت كساب عمرك ماراح تشركني في شيء من قراراتك
    يعني سفرتك ماكانت توقيع عقد

    كساب تنهد وهو يشدها ليجلس ويجلسها جواره:
    والله العظيم توقيع عقد والعملية حتى أخي علي مادرى عنها
    أنتي الحين الوحيدة اللي تدرين
    كانت عملية بسيطة لمجرد طمس الأرقام وبتبين كأنها حرق قديم

    ثم ابتسم بشفافية غريبة كما لو كان يحادث ذاته:
    يا الله ياكاسرة ما تتخيلين وأشلون حسيت بالحرية كني عصفور فكوه من حبسه
    تمنيت ألبس شورت وفنيلة علاق بس وأتمشى في الشوارع

    كاسرة لكمت صدره برقة وهي تهمس بتأثر عذب: هذا اللي ناقص!!

    ثم أردفت بوجع وهي تحتضن خصره: بس أشلون عصفور حر
    وأنت مرتبط مع شغلك بشغل ثاني
    قبل وأنت مسافر ماكنت أحاتي سفراتك بس الحين عقب ماعرفت كل ماسافرت بيأكلني التفكير

    حينها همس بسكون أقرب للحزن: لا هذي هم حرروني منها أساسا يوم خذت الثياب تيك المرة رحت عشان أسلمها
    أنا جاني إعفاء عشان إصابة كليتي!!
    مادريت أنا أستانس وإلا أحزن!!


    كاسرة تنهدت براحة شعرت بها ستشق جنبيها لشدة اتساعها
    الآن عرفت سبب تغيره
    فهو تحرر من كل شيء من كل ماكان يفرق بينهما
    أسراره ووسمه وعمله السري
    تتمنى فقط لو علمت كيف وصل لهذا المكان فهذه الحكاية تعلم أنها من صنعت تكوينه الصعب
    لو علمت بها فقط سترتاح كليا وتصبح صورة كساب صافية تماما
    الآن بدت تجد له الأعذار لغموضه وحدة شخصيته وتقلباته
    لكن حين تكتمل الصورة ستصبح أقرب وفهمها له أعمق.
    وهذا كل ما تريده!!

    كساب شدد احتضانه لها وهو يهمس بثقة: الحلوة شا اللي شاغل بالها

    كاسرة همست برفق وهي تمرر أناملها على ساعده:
    أبي أعرف شيئين اثنين ليش دخلت السجن
    وأشلون وصلت لسالفة المهمات العسكرية!!
    تكفى كساب أبي أرتاح ما أبي أحس إنه فيه حاجز بعد بيننا

    نثر قبلاته على شعرها المبلول وهو يهمس بذات الثقة:
    صدقيني المعرفة ماراح تريحش ماراح تتحملين اللي بأقوله

    كاسرة برجاء: جربني زين!!

    كساب بإصرار: خلاص كاسرة انتهينا








    ***************************************






    " والله العظيم لو ما رديتي عليه ذا المرة
    إني ماعاد أكلمش!!"


    جميلة بجزع: لا يمه تكفين خلاص بأرد عليه

    كانت جميلة على وشك الرد لولا أن هاتفها سكت عن الرنين همست بانتصار:
    شفتي يمه هذا هو سكر من نفسه !!

    عفراء ببساطة حازمة : عادي فيه اختراع اسمه إعادة اتصال اتصلي له أنت

    جميلة شعرت أنها ستبكي: تكفين يمه لا تخليني أذل نفسي له وأتصل أنا له
    وعد وعد لو اتصل المرة الجاية إني أرد عليه!!

    عفراء رفعت حاجبا وأنزلت الآخر وهي تهمس بذات البساطة الحازمة:
    الحين أنتي بتذلين نفسش لو اتصلتي وهو ماذل نفسه وهو كل يوم يتصل كم مرة وأنتي ما تعبرينه!!

    جميلة هزت كتفيها: هو اللي غلط في حقي مهوب أنا اللي غلطت عليه

    عفراء بثقة: فيه كلام أبي أقوله لش بس اتصلي أول بفهد وعقب تعالي وأقوله لش

    جميلة برجاء: يمه تكفين!!

    عفراء بإصرار حازم: أنتي يا بنت ماعاد شيء له حشمة عندش حتى حلوفتي عليش
    قومي كلمي رجالش خلصيني


    جميلة تأففت وهي تقف لتتصل به من غرفة أخرى لم تكن تريد والدتها أن تسمع ماستقوله له




    فهد كان هناك يتأفف بدوره لأنها لا ترد على اتصالاته
    أثقله الشوق حتى الثماله واستغرقه حتى النخاع وهي مطلقا لا ترحمه

    نعم أخطأ ولكنه أعتذر وطهر نفسه بالألم والندم

    أ لم يكفها كل ذلك ماذا تريد أكثر أن ينتحر مثلا حتى ترتاح أو يقطع لسانه حتى تشعر بالسعادة

    لا يعلم من أين أتت بكل هذه القسوة وهو من كان يظن أن لها قلبا يذوب كذوب الثلج في نهار مشمس!!


    لذا حينما تصاعد رنين هاتفه كان سيسكته فهو لا يشعر برغبة للتحدث مع أي أحد لولا أنه رأى الاسم ينير على الشاشة
    كما لو كان ينير بين عتمات جنبيه!!

    التقطه بلهفة لم تبدو واضحة في حزم صوته: وأخيرا حنيتي وتكرمتي بالاتصال!!

    جميلة بغيظ: أصلا لولا إن أمي حلفت علي وإلا والله ما أكلمك!!

    يا الله كيف من الممكن أن تهوي من القمة للقاع في ثانية واحدة هذا تماما ماحدث له يكاد يشعر بوجع عظامه من قوة الارتطام
    رد عليها ببرود يخفي خلفه ألمه المتسع: الله يبارك في عمتي اللي علمتش السنع

    جميلة بذات الغيظ: وأنت متى بتعرف السنع
    قلت لك لا تكلمني وأنت تتصل وأنا ما أرد عليك.
    متى بتفهم أنت
    أنت ماعندك كرامة.


    أسكتها صرخة حازمة جمدت الدم في عروقها وصوته يصب كنار غاضبة في أذنها: أص ولا كلمة. سامعتني أنتي ياقليلة الحيا أص!!
    إذا أنتي تشوفينها سالفة كرامة يأم كرامة أنا شايفها سالفة حق وماراح أتنازل عنه!!

    حقي أتصل وأنتي تردين علي وأنتي ما تشوفين الطريق!!
    دام أنتي عارفة إني أتصل وأنا ما أبي إلا كل خير لا أبي اغثش ولا أبي أضايقش!!
    ليش ما تردين

    لأنش وحدة تحبين المغثة.
    يعني يوم كنت أنا موريش الويل وما تسمعين معي كلمة زينة كنتي صابرة وساكتة
    ويوم شفتيني ماني بقادر على بعدش وخاطري أقول لش كلمة حلوة أعوض فيها عن كل اللي قلته قبل ماحتى عطيتيني مجال

    خلاص جميلة تبين المغثة تراني حاضر
    وترا الأيام الاولى من زواجنا يوم كنت أغثش تراني ماكنت قاصد
    تخيلي إذا كنت قاصد أغثش أشلون بتكون المغثة


    فهد أنهى نيران جوفه المسكوبة ثم أغلق هو الهاتف في وجهها جميلة انتفضت بجزع

    (ياربي ليش استفزيته كذا
    الحين يمكن يطلقني وإلا تصير مشاكل بينه وبين عمي منصور بسبتي!!)


    جميلة عادت إلى أمها وهي تسير كما لو كانت شبحا تسحب خطواتها على الأرض بدون صوت مسموع

    لم تتذكر حتى أن والدتها قالت لها أنها تريد أن تقول لها شيئا من شدة استغراقها في التفكير حتى همست والدتها باستغراب:
    هيه جميلة وش فيش يأمش

    جميلة انتفضت بخفة: مافيه شيء فديتش
    كنتي تبيني في سالفة آمريني!!


    عفراء تنهدت وهي تضع تضع زايد الصغير في مقعده ثم تقوم لتجلس جوار جميلة
    ثم تهمس بحنان حازم وهي تشد على كف جميلة:
    جميلة يأمش أنا يوم أجبرش تكلمين فهد ما أبي أكسرش في عينه ولا أهينش
    بس أنتي يامش صايرة تتصرفين بدون منطق وأنا يوم أتدخل أبي مصلحتش!!

    يوم صارت زعلتنا أنا ومنصور وطولنا واجد وأنتي تعاتبيني ليش ما ترجعين لعمي وأنا اتعزز وأقول هو غلط في حقي!!

    بس لو جينا للحق عمش منصور ماقال لي ارجعي حتى تلفون مادق لي
    كان يروح يسأل عني زايد وعياله ومافكر يتصل لي أنا

    صحيح زعلت وكبرتها وطلعت من البيت بس عقبها بكم يوم صفا تفكيري وندمت إني سويتها وكنت أنتظر منه كلمة عشان أرجع
    بس هو قعد ست شهور لين تكرم علي وقال لي ارجعي

    فهد ماسوى كذا فهد شاريش من قلب أدري غلطته كبيرة عليش
    بس خلاص الرجّال اعتذر لو كل مرة بيغلط عليها رجالها بتهج وتخليه
    ماكان قعد فيه اثنين مع بعض

    عطيه فرصة خليه يثبت لش إنه ندمان صدق ليه منتي براضية تعطينه ذا الفرصة
    ترا فهد على عيوبه فيه ميزات أكثر والبشر مافيهم كامل



    جميلة همست بيأس: يمه ماني بمتقبلة فكرة الرجعة له!!


    حينها همست عفراء بثقة: تدرين يأمش ليه منتي بمتقبلة الرجعة له
    لأنش تبين تعاقبينه بذنب خليفة أو لأنش خايفة يسوي مثل خليفة

    جميلة انتفضت باستغراب: وخليفة وش دخله يمه


    عفراء بحزم: خليفة هو ساس المشكلة خليفة كان رجال زين بس أنتي ضيعيتيه من يدش
    وفهد بعد رجال زين وتبين تضيعينه من يدش

    المشكلة وين
    إنه خليفة تخلى عنش أول ماقلتي له ما أبيك كأنه ماصدق!!

    لكن فهد على كثر ماقلتي له ما أبيك. متمسك فيش
    وأنتي مستمرة في قولت (ما أبيك) كانش تبين توصلينه آخره عشان تشوفين هو بيسوي نفس خليفة أو لأ

    الشيء الثاني خليفة ما اعتذر عن اللي هو سواه. بس فهد اعتذر
    ما تقدرين تسامحين فهد وأنتي ماسامحتي خليفة
    مع إن خليفة هو صاحب الفضل وتبين تسامحينه عشان تقدرين تكملين حياتش


    جميلة برفض: يمه ذا الكلام كله صدقيني ماله معنى


    عفراء بإصرار واثق: وأنا متاكدة من ذا الكلام
    يأمش شيلي خليفة من رأسش عشان تقدرين تعيشين حياتش
    لا تخلين طيف خليفة يخرب عليش حياتش ويوقف حاجز بيتش وبين رجالش!!







    ***************************************






    " وين الأغراض اللي جابها غانم لمهاوي أبي أشوف ذوق أخيش ومرته!!"


    نجلا ترفع راسها بينما كانت تبدل لغانم الصغير ملابسه
    و تلتفت لصالح بنبرة عتب مقصودة تخفي خلفه حزنا مرا وذبولا متوحشا حزن جديد بدأ يتصاعد في الروح حتى خنقها:
    زين وأغراض غانم ماتبي تشوفها تراه ولدك بعد!!


    صالح بعفوية: أنا زهقت من شوفت أغراض العيال عيوني احولت من شوف الأزرق خاطري أشوف الوردي!!

    ثم أردف بحماس: الدكتور يقول المها حالتها الحين ممتازة وتقدر تطلع قريب
    أول شيء بنسويه لا رجعت المها للبيت نلبسها فستان وبأوديها للمجلس عشان أصورها مع سلطان
    البارحة رجع من السفر أول شيء سواه راح معي للمستشفى عشان يشوفها و .


    قاطع انهماره الحماسي انفجار نجلا المفاجئ بالبكاء . صالح انتفض بجزع وهو يجلس جوارها ليأخذها في حضنه
    وهو يحاول تهدئتها: نجلا حبيبتي وش فيش

    نجلا تصاعدت شهقاتها وهي تبعده عنها: لا تجي جنبي ولا تقرب مني!!

    وتدري ما أبيك حتى تدخل البيت خلك في المجلس
    وإذا جات بنتك مرخوص تجي تشوفها وتطلع أنا وعيالي مانبي منك شيء!!

    صالح بصدمة: نجلا ليش تسوين كذا معقولة تكونين غيرانة من بنتش


    نجلاء انفجرت بحزنها المكتوم منذ الصباح وهي بالكاد تتكلم مع غانم ومزون حينما جاءا هذا الصباح
    وتنتظر صالح بوجع ليشاركها المصيبة ولكنه لم يأتي إلا الآن بعد صلاة المغرب!!
    بعد أن أثقل على روحها الوجع حتى ماعاد بالاحتمال

    انفجرت بهستيرية: أنا غيرانة من بنتي إلا أنت اللي ما تستاهل تكون أب.
    اطلع برا وما أبي أشوف وجهك!!
    برا برا.


    صالح يحاول تهدئتها: نجلا الله يهداش ترا مافيه شيء يستاهل ذا اللي أنتي مسويته كله

    نجلا انهارت جالسة ماعاد فيها أي طاقة وصوتها يتحول لتمتات باهتة: مافيه شيء يستاهل!!
    صالح وش صار على فحوص غانم اللي صار لي أكثر من أسبوع ونص أحن عليك تجيبها

    صالح بحرج: يا بنت الحلال هذا فحص دوري يسوونه لكل المواليد
    لو كان فيه شيء لا قدر الله كانوا اتصلوا

    نجلا بذات النبرة الباهتة الممزقة وجعا: فحص دوري.
    كنت أقول لك. الولد طريقة تنفسه مهيب مريحتني
    تقول لي عادي ماتذكرين عزوز وخالد كانوا كذا
    أقول لك تكفى تأكد من فحوصه اللي خذوها في المستشفى يوم طلعنا
    تقول لي إن شاء الله كل يوم إن شاء الله



    صالح لا يعلم لِـم بدأ القلق يتسرب لروحه فنجلا بالفعل غير طبيعية
    هتف بهذا القلق: نجلا شا اللي صاير


    حينها عاودت الانفجار بشكل أشد وجعا وهستيرية:
    شا اللي صاير؟
    اللي صاير إنك ماخذت الفحوص لأنك ماعندك اهتمام بأحد غير بنتك
    والمستشفى دقوا عليك أكثر من مرة ولقوا جوالك مسكر لأنك أكيد عند بنتك بعد
    لحد ماطلعوا رقمي أنا من ملفي
    غانم قلبه تعبان واجد ولدي بروحي أنا قلبه تعبان ولازم أستعجل في الفحوص عشان يسوون له عملية في أقرب وقت!!

    والحين أنت اطلع برا ماني بطايقة شوفتك قدامي. اطلع اطلع
    برا برا.






    ****************************************








    كان ينتهي للتو من وضوءه لصلاة العشاء ويريد التوجه للمسجد قبل الآذان
    حين سمع صوت الطرقات الهادئة على الباب

    هتف بحزم: ادخل


    دخلت بخطواتها الواثقة وهي تسلم وتقبل رأسه
    ثم تهمس باحترام بدون مقدمات: أنا أسفة يبه لو كنت ضايقتك أمس
    وتراني جيت البارحة ذا الحزة بس مالقيتك!!
    وكنت أبي أعتذر لك بنفسي مهوب في التلفون!!


    زايد هتف بأبوية: لا تعتذرين يا أبيش عن قولت الحق
    أصلا لو أنتي ماعاتبتيني ما تكونين بنتي كاسرة اللي ما ترضى بالحال المايل
    ثم أردف بشجن مغلف بحزمه: وأنا اشهد إن حالي مايل!! وأنا اللي ميلته بروحي!!

    كاسرة بثقة: أنا كنت موجوعة واجد عشان أمي.
    بس لو جينا للحق أنا مالي حق أتدخل بينكم هذي مشاكلكم الخاصة وأنتو اللي تحلونها


    تنهد زايد بحزم: شكلها يأبيش ماتبي تنحل
    ثم أردف بثقة: أنا متأكد إن أمش ماقالت لش إني كلمتها البارحة وجيتها اليوم
    واعتذرت منها وطلبت منها ترجع بس هي مارضت!!

    كاسرة بصدمة حقيقية: لا ماقالت لي شيء

    زايد بذات الثقة: كنت عارف!!
    مثل مادست علي خبر حملها. تظن إنها يوم تحتفظ بسر كل شيء إن هذا بيخليها في موقع القوة
    عشان ماحد يقدر يضغط عليها بشيء!!


    كاسرة بحرج: أنت دريت بخبر حملها

    زايد بذات الثقة الحازمة: دريت منها وهي تحسب إنش قلتي لي
    وماخذه في خاطرها تحسبني أبي أرجعها عشان الحمل!!
    كنت أقول مزنة تغيرت وعقلت بس عنادها مثل ماهو ورأسها أيبس من الصوان
    حاولي فيها يا ابيش حاولي تقنعينها
    اعتذار واعتذرت وأي شيء تبيه زود. أنا حاضر!!







    **********************************





    " عبدالرحمن عالية بترجع تتعشى معنا"


    عبدالرحمن بإبتسامة: لا يمه فديتش. الليلة بتتعشى عند أمها

    أم عبدالرحمن همست بحنان: زين تبيني أكفيك أنا بأروح مع السواق وأجيبها

    عبدالرحمن يتناول كف والدته التي تجلس جواره على الأريكة ليقبل ظاهرها باحترام جزيل ومودة غامرة:
    لا جعلني فداش بأروح أجيبها وش عندي

    ثم التفت للجالسة معهما وهي في عالم آخر آخر شاردة مثقلة بالهم
    وهتف بصوت عال: شعاع اشعيع

    شعاع انتفضت برقة: لبيه


    عبدالرحمن بمودة: قومي يأخيش استعجلي إبي
    دخل يتوضأ ولا عاد طلع الأذان بيأذن الحين
    وأنا بروحي عبالة أبي لي عشر دقايق لين أوصل المسجد
    (عبالة = شيء ثقيل بالمعنى المعنوي لا الحسي)


    شعاع قفزت وهي تهمس باحترام: إن شاء الله أبشر

    عبدالرحمن كان على وشك أن يطلب من والدته أن تقرب له مقعده البعيد الذي وضعته شعاع في زاوية الصالة
    لولا الصرخة اليائسة التي تفجرت في البيت من حنجرة شعاع بهستيرية:
    يمه الحقيني إبي نايم على السرير وما يتكلم

    أم عبدالرحمن صرخت بجزع وهي تحاول الوقوف وتتعثر وتحاول المشي وتتعثر
    حتى وصلت لداخل الغرفة واختفت فيها
    وصرخات الاثنتين بدت واضحة تماما لعبدالرحمن وهما تحاولان إيقاظ والده



    إحساس غريب سبق أن شعر به
    قبل عام تقريبا.
    دوامة يطوف بها
    وصوت اصطدام!!
    وحشرجة أنفاس مهاب
    وصراخ الجد
    وصراخ أمه وشعاع ووالده لا يرد!!



    بدت له الدنيا باهتة باهتة لا شيء ذو قيمة فيها
    سوى شيء واحد والــــــــــده!!


    أثمن كل شيء وأغلى
    أثمن حتى من مهاب لو قارنهما معا!!
    أثمن من ابنه القادم وأثمن من عالية !!
    ثمين إلى حد اليأس ثمين إلى أقصى مسافات التاريخ!!

    ثمين بقدر حنان أزلي منحه له منذ الدقيقة الأولى في حياته حتى قبل دقائق
    وهو يبتسم له ابتسامة الرضا مغادرا ليتوضأ!!

    ثمين بقدر ماربطت بينهما الصداقة وتشعبت الحكايات وتبادلا الضحكات

    ثمين بقدر ماتعاتبا حين كان يقسو على شقيقتيه فيرد عليه : (أخاف عليهم يأبيك)


    ثمين بقدر الساعات والدقائق والثواني التي قضاها فوق رأسه وهو في غيبوبته
    وهو يوقف حياته كاملة من أجله!!

    ثمين بقدر الليالي التي قضاها ساهرا يحرك أطرافه ويناجيه دون يأس
    وكأن روحه تعلقت بأنفاسه الباردة التي ينفثها في غرفة مستشفى أشد برودة!!


    ثمين بقدر حبه له وهو يعلم أنه لا يوجد والد أحب ابنه
    كما أحب فاضل ابنه عبدالرحمن!!





    #أنفاس_قطر#
    .
    .
    .






    رد مع اقتباس  

  9. #269  
    المشاركات
    3,260
    .بين الأمس واليوم/ الجزء المئة وثلاثة





    عبدالرحمن كان على وشك أن يطلب من والدته أن تقرب له مقعده البعيد الذي وضعته شعاع في زاوية الصالة
    لولا الصرخة اليائسة التي تفجرت في البيت من حنجرة شعاع بهستيرية:
    يمه الحقيني إبي نايم على السرير وما يتكلم


    أم عبدالرحمن صرخت بجزع وهي تحاول الوقوف وتتعثر وتحاول المشي وتتعثر
    حتى وصلت لداخل الغرفة واختفت فيها
    وصرخات الاثنتين بدت واضحة تماما لعبدالرحمن وهما تحاولان إيقاظ والده



    إحساس غريب سبق أن شعر به
    قبل عام تقريبا.
    دوامة يطوف بها
    وصوت اصطدام!!
    وحشرجة أنفاس مهاب
    وصراخ الجد
    وصراخ أمه وشعاع ووالده لا يرد!!



    بدت له الدنيا باهتة باهتة لا شيء ذو قيمة فيها
    سوى شيء واحد والــــــــــده!!


    أثمن كل شيء وأغلى
    أثمن حتى من مهاب لو قارنهما معا!!
    أثمن من ابنه القادم وأثمن من عالية !!
    ثمين إلى حد اليأس ثمين إلى أقصى مسافات التاريخ!!

    ثمين بقدر حنان أزلي منحه له منذ الدقيقة الأولى في حياته حتى قبل دقائق
    وهو يبتسم له ابتسامة الرضا مغادرا ليتوضأ!!

    ثمين بقدر ماربطت بينهما الصداقة وتشعبت الحكايات وتبادلا الضحكات

    ثمين بقدر ماتعاتبا حين كان يقسو على شقيقتيه فيرد عليه : (أخاف عليهم يأبيك)


    ثمين بقدر الساعات والدقائق والثواني التي قضاها فوق رأسه وهو في غيبوبته
    وهو يوقف حياته كاملة من أجله!!

    ثمين بقدر الليالي التي قضاها ساهرا يحرك أطرافه ويناجيه دون يأس
    وكأن روحه تعلقت بأنفاسه الباردة التي ينفثها في غرفة مستشفى أشد برودة!!


    ثمين بقدر حبه له وهو يعلم أنه لا يوجد والد أحب ابنه
    كما أحب فاضل ابنه عبدالرحمن!!



    لا يعلم ما الذي حدث ولا كيف حدث
    كل ما يعلمه أنه وجد نفسه ينحني على سرير والده وهو يجس نبضه ويتأكد من أنفاسه ويصرخ بشعاع: اتصلي في الاسعاف بسرعة
    ثم ينهار جالسا على الأرض

    لم ينتبه أحد كيف تحرك من الصالة لغرفة والده دون كرسيه!!
    فبالهم كان مشغولا بشيء آخر

    شعاع كانت تتصل بالاسعاف وهي تشهق بهستيرية

    بينما أم عبدالرحمن مازالت تحاول إيقاظه بكل يأس

    حينها انتبه عبدالرحمن لنفسه انتبه أنه هنا!!
    أنه هنا بدون كرسي!!

    لم يهمه كيف حدث ذلك كل ما كان يهمه هو والده
    حاول الوقوف مرة أخرى شعر أن قدميه تتخاذلان وأنهما عاجزتان عن حمله
    لكنه تحامل على نفسه

    "مادمتُ فعلتها من أجله قبل قليل دون وعي مني
    سأفعلها الآن بأذن الله ومن أجله أبضا وأنا بكامل وعيي!! "


    شعر بصعوبة الأمر وان قدميه لا تستجيبان
    لكنه حاول وهو يستند لطرف السرير ليقف بصعوبة بالغة
    ثم يجلس بجوار والده وهو يتأكد من استمرار تنفسه!!!


    " يا الله كم تبدو الحياة باهتة بدونك يافاضل!!
    هل تريد أن تتركني
    هل تريد أن ترحل قبل أن ترى حفيدك
    هل تريد أن تترك عبدالرحمن الذي لا يعرف بهجة الحياة دون ابتسامة رضاك!! "








    *********************************





    " علوي حبيبتي
    امشي أوديش لبيتش!!"


    عالية بمودة: لا عبدالله فديتك عبدالرحمن جايني الحين

    عبدالله بمودة يخفي خلفها قلقه العارم: أنا حلفت على عبدالرحمن أجيبش
    أنا أساسا أبي أروح الحلاق الحين
    بأوصلش وبأروح


    عالية نهضت وهي تهمس بمرح وترتدي عباءتها: الله لا يخليني منك
    زين عشان ما أتعب الدحمي!!

    عبدالله بنبرة مقصودة: أم حسن

    جوزا بلباقة رقيقة: لبيه

    عبدالله بذات النبرة المقصودة: أبي جوالش عشان أكلم الحلاق جوالي طفاخلص شحنه

    جوزاء ناولته هاتفها بعفوية أخذه منها وهو يهتف بمودة: زين روحي رقدي حسن تأخر الوقت

    جوزا شدت حسن وهي تهمس برقة: إن شاء الله


    كان عبدالله يريد أن يحرص أنه لن يفاجئها أحد بالخبر
    فهاتفها معه وهي حين ينام حسن يستحيل أن تتركه لوحده
    وفي غرفتها لن يصعد لها أحد!!



    حين أصبحا كلاهما في السيارة هتف عبدالله بحزم:
    اسمعيني زين ترا عمش تعبان شوي بس إن شاء الله إنه زين!!
    تبين أوديش للبيت وإلا تبين تروحين لهم المستشفى

    عالية انتفضت بجزع: نعم عمي تعبان
    لا أكيد أبي أروح المستشفى فدينك!!


    عالية طوال الطريق أفكارها تغلي
    تعرف ارتباط عبدالرحمن بوالده تتخيل وضع عبدالرحمن الآن
    ليزداد قلبها غليانا!!







    *****************************







    كان يعبر طرقات المستشفى كالمجنون منذ اتصل به عبدالرحمن واخبره أن حالة شعاع صعبة وأنها لم تسكت من البكاء
    وأنه يخشى عليها وعلى جنينها ويرجوه أن يحضر لتهدئتها
    لأنه بالكاد يقدر على تهدئة والدته الآن!!


    كانت تقف قريبا من باب غرفة الإنعاش ودموعها لم تتوقف عن السيلان حتى غرق نقابها

    كم تبدو مشاكلنا تافهة حين يأتيها ماهو أكبر منها!!
    يبدو الآن كل خلافها مع علي لا قيمة له إطلاقا أمام قلقها على والدها وخشيتها من فقده

    فهل نحتاج دائما لصدمة لكي تعدل تفكيرنا المائل

    رغم محبتها الهادرة لعلي التي أشعرتها بالاستغناء عن العالم وكأنها لا تريد من الحياة شيئا سواه!!

    لكنها علمت الآن ويقينا أنها تحب والدها أكثر!!
    وأنه لا علي ولا سواه سيعوضها عنه لو ذهب!!

    حتى لو كان يقسو عليها أو قسا عليها يكفيها إحساسه بأنفاسه في الحياة
    تنبئها أن لها ظهرا حنونا لا تخشى الدنيا مادام خلفها
    شعرت بالفعل بإحساس اليتم المر من مجرد خوفها من فقده!!


    كانت هذه أفكارها المتصاعدة مع شهقاتها وهي لا تشعر بشيء حتى شعرت باليد الحانية على كتفها
    وهمسه الدافئ الحنون: اذكري الله ياقلبي إن شاء الله مافيه إلا العافية!!

    حينها استدارت لتسند جبينها لعضده وهي تنتحب بشكل أشد
    كان علي يشعر أنه سيموت ليأخذها في حضنه
    ولكن وقفتهما في الممر لم تسمح له بذلك
    وهو يرى عبدالرحمن يجلس قريبا منهما وبجواره والدته يحاول تهدئتها
    ربما لشدة انشغاله بشعاع لم ينتبه إلى عصا مسندة للحائط خلف عبدالرحمن!!

    فكل كيانه مع هذه المنتحبة وهي تسند رأسها لعضده
    وتتمنى لو كانت تستطيع أيضا الارتماء في حضنه لتسكب وجيعتها كما تشعر بها فعلا!!

    علي يهمس لها بحنان: حبيبتي اهدي تكفين خافي اللي في النفس اللي أنتي شايلتها
    عمي فاضل إن شاء الله إنه طيب



    حينها اتسعت عينا علي بصدمة حقيقية وهو يرى عبدالرحمن يتناول العصا من خلفه ثم يستند عليها ليقف
    كان يتحرك ببطء شديد وصعوبة ولكنه كان يتحرك!!
    كان يقف!!


    كان متوجها ليسأل أي أحد ليطمئنهما
    قلق عارم يعصف به
    فوالده سبق أن أُصيب بأزمة قلبية من فترة ليست بالبعيدة حين أفاق هو من غيبوبته.
    قلقه يتزايد وهو يرى أن لا أحد يخرج لتطمينهم بأي شيء!!
    كان على وشك العودة ليجلس جوار والدته!!


    في لحظة وقوفه تلك
    كان هناك شخصان آخران قادمان
    رجل وأمراة
    لتتهاوى المرأة مغشيا عليها حالما رأت عبدالرحمن واقفا وهي تشهق شهقة عنيفة!!

    عبدالله المصدوم انحنى ليسند شقيقته ثم يحملها قبل أن تصل للأرض والممرضات يسرعن نحوه لينقلها لغرفة إنعاش مجاورة!!

    عبدالرحمن حين رأى المشهد أمامه قفز بسرعة أكبر متوجها نحوها رغم صعوبة المشي عليه

    ليصل إليها فور إنزالها على السرير وهو يهتف بغضب:
    عبدالله الله يهداك ليش تجيبها هنا

    عبدالله بغضب مشابه: وأنت ليش ماقلت لي إنك مشيت يوم كلمتني!!
    أنا قلبي كان بيوقف يوم شوفتك واقف أشلون ذا المسكينة

    عبدالرحمن انحنى على وجهها يربت على خدها بلطف: عالية عالية

    الممرضات أزحنه جانبا ليقمن بدورهن في إفاقتها لم تستغرق دقيقة حتى تصاعدت شهقتها الثانية
    واستوت جالسة وهي تهمس بلهفة موجوعة: وين عبدالرحمن

    حينها رأته واقفا جوارها وحينها دفنت وجهها بين كفيها وانتحبت من أقصى روحها


    عبدالله حين اطمأن لإفاقتها قرر أن يخرج لأنه شعر أن وجوده غير مناسب في هذه اللحظة الخاصة جدا!!

    عبدالرحمن اقترب منها ليحتضن رأسها ويهمس بوجع: حبيبتي أنا محتاجش قوية الحين عشاني!!

    عالية احاطت خصره بذراعيه وهي تنتحب وتشهق بعنف: بس عطني دقيقة وحدة أستوعب
    ماني بقادرة أصدق إنك واقف قدامي الحمدلله يارب.
    ياربي ماني مصدقة صدق أنت واقف


    عبدالرحمن بشجن عميق: واقف بس ياخوفي يكون ثمن وقفتي أغلى منها بواجد!!






    **************************************






    مازال معتصما بمكانه في صالة البيت منذ عاد إلى البيت
    وهي معتصمة بغرفتها التي نزلت فيها للأسفل بعد ولادتها

    كلاهما لديه إحساس عميق بالذنب يتعمق ويتعمق


    هــــــو لأنه اكتشف أن فرحته بالصغيرة جعلته مغيبا تماما أهمل أسرته كاملة من أجلها

    قبل دقائق مر به عبدالعزيز لم يقل له شيئا وهو متوجه ليدخل عند والدته
    نـــاداه شعر برغبة مضنية لاحتضانه

    ست سنوات وهو من كان آخر العنقود ست سنوات وهو المدلل
    ثم فجأة وكأنه اختفى ماعاد حتى ينتبه لوجوده فكيف سيشعر طفل كهذا

    احتضنه بقوة وهو يغمر وجهه بقبلاته ويشعر أنه سيبكي
    يا الله كم افتقد رائحته!!

    تفاجأ في ملامحه العذبة بسن مفقود

    هتف باستغراب: متى طاح سنك

    عبدالعزيز بإبتسامة: من زمااااان (من عدة أيام!!)

    صالح يتحسس المكان الفارغ بألم. كيف لم ينتبه حتى لسقوط سنه الأول
    هتف بهذا الألم: ومن اللي شاله لك

    عبدالعزيز بذات الابتسامة: عمي هزاع يوم جا يأخذنا يودينا عند جدي
    ماحسيت فيه قال لي غمض عيونك وبعدين شفته في يدي!!
    ووداني الدكان أنا وخويلد وخلاني أشتري أغراض واجد عشاني مابكيت

    صالح بذات الألم: وليش ماقلت لي أنا إن سنك يتحرك عشان أشيله

    عبدالعزيز بتأفف طفولي: يووه قلت لك كم مرة بس أنت ماتسمعني
    مستعجل على طول مستعجل!!
    وأمي على طول تبكي ما أبيها تشيل سني وهي تبكي!!


    " يا الله وش كل ذا الوجع؟!!"


    صالح عاود احتضان عبدالعزيز وهو يرفعه ليجلسه في حضنه في لحظتها خرجت نجلا
    تحاشت النظر لهما وهي تهتف بحزم:
    عزوز يا الله عشان تنام اطلع غسل أسنانك والبس بيجامتك أنت وخويلد وأنا جايتكم الحين

    نجلا كانت تريد مناداة الخادمة لتجلس عند غانم الصغير حتى تعود لها
    لولا أن صالحا قاطعها بحزم مرهق: أنا بأقعد عندهم لين ينامون
    ارجعي لغانم!!


    كان بودها أن ترفض لكنها بالفعل مرهقة وإحساسها بالذنب كذلك يخنقها!!

    تشعر أن الله عز وجل يعاقبها على تطيرها فهي كرهت أن تُسمى ابنتها باسم طفلة ماتت بالقلب فيظهر أن ابنها مصاب به!!

    تستغفر الله كثيرا من هذه الأفكار ولكنها لا تستطيع الابتعاد عن أسرها
    وإحساسها بالذنب يتزايد ويتزايد!!





    *********************************







    أجبرها أن تجلس وهاهو يجلس جوارها
    يحتضن كفها في كفه وهي لم تتوقف عن النحيب ولم ترد عليه بكلمة منذ رآها

    همس بحنان: شعاع ياقلبي بس هذا أنتي سمعتي بنفسش إنه عدا مرحلة الخطر
    بكرة الصبح إن شاء الله بيكون بخير!!

    لم ترد عليه بشيء وهي مستمرة في البكاء تبكي الكثير من الأشياء
    تبكي قلقها على والدها تبكي من إحساسها أنها كانت على وشك فقده
    تبكي حتى مسامحتها الجالس جوارها وهي لا تريد أن تسامحه!!
    تبكي رغبتها أن تطوق عنقه بذراعيها وهي لا تستطيع!!


    قلبه يذوب من أجلها ذوبا وهي لا ترحم حاله
    يشعر أنه سينهار من الإرهاق وسينهار قبل أي شيء من أجلها
    ومع ذلك يحاول التجلد من أجلها أيضا!!




    وضع مختلف عن وضع المتجلدين في مكان آخر بعيدا عنهما
    عبدالرحمن وعالية عبدالرحمن بدأت روحه تطمئن قليلا حين أخبروه أن والده استقر وضعه وتجاوز مرحلة الخطر بعد الأزمة القلبية المفاجئة التي فاجئتهم جميعا !!
    مشغول باله بشدة ومثقل بالهم هذه هي الأزمة الثانية فهل سينجو من ثالثة

    عالية تهمس بمودة وتصبير: عبدالرحمن الله يهداك عمي الحين أحسن قل الحمدلله

    عبدالرحمن يتنهد: الحمدلله والشكر بس أنا خايف عليه هذي الازمة الثانية
    مع إن إبي بشكل عام صحته زينة وتوه مهوب كبير
    حاس إني أهملته كان المفروض إنه أسافر أنا وإياه ونسوي له تشييك كامل

    ثم أردف بحزم: عالية قومي روحي للبيت أنتي وامي وجيبيها الصبح عبدالله ينتظركم
    ولو تاخر أكثر على جوزا بيصير بالها يودي ويجيب

    عالية برفض: وأخليك

    عبدالرحمن بإصرار: اسمعي الكلام أمي تعبانة ولازم ترتاح
    وحتى الحين بأخلي علي يأخذ شعاع
    تعالوا كلكم بكرة






    ***********************************








    رد مع اقتباس  

  10. #270  
    المشاركات
    3,260

    منذ عاد لها بعد أن نام الصغيران
    وكلاهما معتصم بصمت مر تبدو مرارة الصمت كمرارة العلقم!!
    ومرارة الذنب أمر من ذلك وأقسى!!
    كلاهما غارق في مرارة ذنبه التي تشربت بها الروح!!

    لم يقاطع جمودهما المؤلم سوى تعالي صرخات غانم الصغير
    كلاهما قفز في ذات الوقت
    كان هو من وصله أولا وتناوله من فراشه
    كان بودها أن تدفعه عنه وتأخذه من يده!!
    ولكنها رأت أن في هذا قسوة لا ترضاها لنفسها ولا لوالد أطفالها
    فهي رغم كل شيء في حاجته حتى لو كان لن يقدم شيئا تكتفي بوجوده لتستمد منه القوة!!
    لذا عادت للجلوس على سريرها وتركت غانما بين يديه!!


    صالح أسكت الصغير ثم تساؤل بإرهاق: يبي يرضع

    همست نجلاء بإرهاق أعمق: إيه عطني إياه!!

    ناولها إياه وفي لحظة التماس تلك لم يستطع إلا أن يجلس جوارها ويأخذها بين ذراعيه
    لتنهار في بكاء موجوع وهي تسند رأسها لكتفه وتحمل ابنها بين ذراعيها
    همس لها بحنان مغرق في الوجع: سامحيني نجلا سامحيني ياقلبي.
    أدري إني غلطتي كبيرة ومالي عذر
    وكفاية الذنب اللي أنا حاسة عقاب لي!!
    فرحتي بالبنت اللي حلمت فيها سنين أعمتني عن أشياء واجد
    يمكن كنت أبي لي صدمة تفوقني بس الصدمة ذي توجع توجع

    قالها وهو ينحني ليتناول الصغير من بين يديها ويغمر وجهه ويديه بالقبلات
    ويهمس بوجع متزايد:
    لا تحاتين إن شاء الله مافيه إلا العافية
    وربي رحمته أوسع من كل شيء!!!








    **************************************






    يدخلان لبيتهما سويا وأخيرا

    طوال الطريق وهما صامتان تماما رغم أنه كان يتحرق ليقول لها أي شيء
    لكنه احترم صمتها وحزنها!!

    في أحيان كثيرة قد يكون أفضل ما نقدمه للآخرين هو الصمت
    حين يكون الصمت أكثر تعبيرا من الكلام!!


    حين وصلا للبيت. حدث ما توقعه تماما
    انفجرت في البكاء وهي تجلس على الأريكة وتدفن وجهها بين كفيها!!

    جلس جوارها ليأخذها في حضنه لم تحاول أن تتمنع
    فالتصنع لا يليق بهما!!

    دفنت وجهها في منتصف صدره لتنتحب بكل قوتها
    همس لها بحنان وهو يحتضنها بكل الحنان والقوة: خلاص شعاع حني عليّ بكلمة وحدة الله يرضى عليش
    أنتي وش طاقة البكاء العجيبة اللي عندش ذي ما تتعبين!!
    حرقتي قلبي!!

    انتحبت وشهقاتها تتناثر: كله منك كله منك!!

    لم يستطع إلا أن يبتسم فهذه العبارة يسمعها للمرة الثانية وفي موقف شبيه بهذا الموقف:
    أدري كله مني وأنا أستاهل ونص
    وأنا آسف
    شعاع ياقلبي تدرين وش كثر أحبش لو تحبيني نص ما أحبش
    ماكان هان عليش تخليني عشان غلط اعتذرت عنه

    شعاع بصوتها المبحوح: والحين حياتنا كلها بتقعد معلقة على ذا الغلط

    علي يبعدها قليلا عنه لينظر إلى وجهها ويمسح دموعها المنهمرة بأنامله:
    مافيه شيء غيره هو الغلط الوحيد وعاقبتيني بمافيه الكفاية
    خلاص ياقلبي تدرين إني حتى يوم واحد ما أطيق بعدش.
    أحس كأني مثل المسبه اللي فاقد التوزان!!

    حينها مدت أناملها لتمسح على عارضه برقة موجوعة: شأخبار فحوصك

    همس بعتب رقيق وهو يتناول كفها من خده ليحتضنها بين كفيه:
    زين تذكرتي

    ابتسمت بشفافية مغمورة بالدموع: أدري إنها زينة لأني سألت كاسرة بطريقة غير مباشرة
    وقلت لها إني خايفة تكون مخبي علي شيء وهي سألت كساب وطمنتني!!

    حينها ابتسم بشفافية أكثر: وليه ذا اللفة كلها
    ترا السالفة كلها مسج أو تلفون حتى لو أنتي زعلانة عليّ

    همست بشجن: بس أنا كنت زعلانة واجد ولين الحين زعلانة!!

    أجابها بولع غامر: أراضيش باللي تبينه لو تبين عيوني الثنتين بس خلش جنبي
    وحلفتش بالله لو صار زعل بيننا وإن شاء الله عمره مايصير بيننا زعل
    بس لو صار حلفتش بالله ماتطلعين من بيتش خلش قدام عيوني

    ترا فيه فرق بين إنش تعاقبيني وبين إنش تذبحيني!!








    ***********************************





    " يا الله ياعبدالله
    أما أنت أمس وترتني صدق أول شيء تأخرت علي
    وحتى تلفون ماعندي أتطمن عليك!! "


    عبدالله بمودة: غصبا عني حبيبتي

    جوزاء بتساؤل: إلا أنت وين موديني من صبح كذا

    عبدالله يتنهد بهدوء: عندي لش مفاجئتين وحدة حلوة وتجنن وبتطير عقلش من الوناسة
    والثانية بتزعلش شوي

    جوزاء بتوجس: عبدالله خوفتني

    عبدالله يحاول تهيئتها للموضوع وهو يهتف بهدوء تام: صدقيني مافيه شيء يخوف
    بس أنتي جمدي لي قلبش الله يرضي عليش
    لو علي ماكان ودي أقول لش الخبر الحلو ولا والشين بس أنا عارف إنه بتدرين بتدرين!!
    كله ولا تفكرين تولدين لي في الثامن طالبش ياقلبي!!

    جوزاء بدأ توجسها يزداد وهي تضع أسوأ الاحتمالات في رأسها وكل الاحتمالات تدور حول أهلها
    بما أن عبدالله معها الآن وحسن تركته خلفها عند أم صالح!!

    اختنق صوتها: أمي صاير لها شيء أو إبي أو أخواني

    عبدالله بنبرة تطمين: ليش ذا الفال الشين صدقيني إنهم كلهم طيبين وبخير!!

    جوزا تنظر حيث دخلت السيارة ويزداد اختناق صوتها: تقول لي طيبين وأنت موديني المستشفى

    عبدالله يشعر بالتمزق فعلا وهو يهتف بثقة ودودة: والله العظيم إنهم كلهم طيبين
    وبتشوفين بعينش. عشان كذا جبتش مابغيتش تروعين!!

    جوزاء بدأت تبكي: من اللي تعبان فيهم من هو

    عبدالله شد على كفها وهو يقف في الموقف ويهتف بثقة: انزلي بنفسش وتشوفينهم كلهم طيبين
    عمي بس تعب البارحة تعب بسيط وهذا هو طيب وبخير وبتشوفينه بعينش!!

    جوزاء نزلت باستعجال وهي تكاد تركض عبدالله شدها ليوقفها وهو يهتف بحزم: شوي شوي

    كانت تحاول التجلد وهي تريد أن تطير بينما عبدالله يمسك كفها بقوة
    حتى أوصلها إلى الطابق الخامس
    همس لها بحزم وهما مازالا عند الباب: شفتي هذا هو في غرفة عادية
    لا في العناية ولا الإنعاش
    سمي بسم الله وادخلي بالراحة لو شعاع مهيب هنا ناديني!!

    جوزاء هزت رأسها وهي تصر على أسنانها بقوة وتشعر بألم متعاظم في أسفل بطنها

    فتحت الباب ودخلت
    حين دخلت كانت أسرتها بكاملها متواجدة ووالدها نائم

    بدت كما لو كانت ستسقط وهي تبحث عن شيء تستند له
    شعاع وعالية قفزتا كلتاهما لتسنداها والغريب أن معهما ثالث رغم أنه وصل متأخرا!!

    حين أوصلوها بجوار والدتها ارتمت في حضن والدتها وهي تنتحب
    أم عبدالرحمن مسحت على رأسها بحنان: والله العظيم إنه طيب يأمش اذكري ربش!!

    حين التفتت لتتأكد من شيء غريب لمحته وظنت نفسها تتخيل
    وجدت نفسها لا تتخيل كان عبدالرحمن يقف جوارها مستندا لعصا وهو يهمس بقلق: أشلونش الحين

    حين رأته واقفا شهقت بعنف وهي تستدير لتحتضن خصره وتنتحب بهستيرية
    عبدالله وصله صوت نحيبها وهو في الخارج لم يستطع أن يصبر وهو يطرق الباب بقوة
    البنات تأكدن وضع أغطيتهن وهن لا يعملن من الطارق بعد ليدخل عبدالله كالأعصار: وش فيها وش فيها

    عالية تمسح دمعة فرت منها رغما عنها: لا تحاتي أم حسون. بس صرنا عايلة هنود على مستوى
    سيلنا دموع أكثر من أي فيلم هندي مر في التاريخ!!

    عبدالله وقف فوق رأسها وهو يهتف بقلق: أم حسن حاسة بشيء شيء يوجعش

    جوزاء لم ترد عليه وهي مازالت متعلقة بعبدالرحمن الذي كان يحتضنها بحنو ويهمس عبدالله بمودة: مافيها إلا العافية
    متاثرة شوي كانت متوقعة إنه أبو دم ثقيل ماعاده بماشي على أرجيله مرة ثانية!!

    ثم استدار عبدالرحمن ليوجه حديثه للجميع : ياجماعة الخير إبي لا يدري إني وقفت أو مشيت خايف عليه من الصدمة
    أنا بروحي بأقول له وبطريقتي!!






    ********************************








    " يا الله وضوحي وش ذا الكسل
    قومي!! "


    وضحى تفتح عينيها وهي تهمس بإرهاق: خاطري أقوم قدامك
    مهوب أنت كل مرة تقوم قبلي وتشوف شكلي وأنا صاحية من النوم

    ابتسم نايف وهو يمرر ظهر أنامله على خدها: تدرين أصلا أنا تقصدت أقوم قبلش عشان أشوف شكلش وأنتي نايمة ثم وأنتي تبطلين عيونش على وجهي
    شكله بيصير إدمان!!

    وضحى اعتدلت بخجل : سامحني بكرة إن شاء الله أنا بأقوم قبلك

    نايف بمرح: ليه حتى الإدمان ذا منعوه ترا مادرست إنه ممنوع في القانون
    ثم أردف بذات المرح: وش رأيش في جولتنا البارحة

    وضحى برقة: تجنن بس بلاها نطول لين الفجر أخاف!!

    نايف بنبرة عتب: تخافين وأنتي معي وبعدين يعني أنا باوديش الحواري اللي بعد غياب الشمس ماحد يمشي فيهاعشان تخافين
    كلها مناطق مليانة سياح!!
    وبعدين مافيه تيك المسافة بين الشانز وسكننا في سانت لازار في منطقة الأوبرا
    تدرين الفنادق أكثر قريب الشانز بس الشانز زحمة وعالم وقرف
    وأنا أبيش تشوفين باريس بعيون واحد من أهلها مهوب عيون سايح!!


    ثم أردف بمرح ونبرة مقصودة وهو يلمس شفتيها بطرف سبابته: ولو أنه حلو نرجع بدري عشان أشوف وجهش وأنتي تسولفين علي بدون نقاب!!
    عشان السوالف من بين ذا الشفايف ماينشبع منها!!







    ***********************************








    " أنا بروح أزور أبو عبدالرحمن وأشوف أخبار عمتش
    تروحين معي"



    كاسرة تنهدت: ما أقدر يمه اتصلت في عمتي والبنات
    وعمي فاضل باتصل له تلفون
    بس ما أقدر أروح له في المستشفى كساب بيعيي لو قلت له

    مزنة بحزم: خلاص أنا بروح لا تقعدين في البيت بروحش
    ولو تبين تقعدين خلش عند جدش وسكري البيان كلها


    حينها همست كاسرة بنبرة مقصودة: يمه استئذنتي عمي تروحين

    مزنة بذات الحزم: تدرين زين إني ما أحب تكلميني بذا النبرة يابنت!!

    حينها ابتسمت كاسرة: خلش من النبرة المهم الجواب استئذنتي عمي

    حينها أجابتها مزنة بصرامة : مهوب شغلش يا بنت بطني وعيب عليش تتدخلين بيني وبين عمش!!

    حينها همست كاسرة بتحكم: ذا كله يمه عشان خايفة إني أسألش ليه ما قلتي لي عن جية عمي البارحة وإنه اعتذر منش

    مزنة بذات الصرامة: بعد مهوب شغلش. يوم أنتي جيتي عندي زعلانة على كساب مارضيتي حتى إني أتدخل بينش وبينه
    عشان تتدخلين بيني وبين إبيه الحين

    حينها همست كاسرة بشجن: يمه لا تقارنين. كساب مافكر يعتذر لي حتى
    ورجعني بدون مايعتذر لي
    لكن أنتي زايد آل كساب بكبره جاء لين عندش واعتذر
    يمه تكفين لا تضيعين عمي من يدش والحين بينكم طفل
    ماعليه خلي الخبال ويباس الرأس لي بس أنتي تكرمين!!

    مزنة تنهدت وهي تربت على خد صغيرتها: ماراح تفهمين يأمش

    كاسرة برجاء: فهميني زين!!

    مزنة تنهدت للمرة الثانية: يأمش انتهينا


    حينها كان الاتصال الذي ورد لهاتف مزنة هو من قاطع الحاح كاسرة

    مزنة شدت لها نفسا عميقا (لماذا يتصل
    لماذا لم يكتفِ برسالة كما فعلت )


    فمزنة كانت قد أرسلت بالفعل رسالة لزايد تستأذنه في الذهاب لزيارة إبي عبدالرحمن
    وتأخر في الرد عليها!!
    ولها أكثر من نصف ساعة وهي ترتدي عباءتها وتنتظر رده!!
    تعلم أنه لن يرفض لذا استعدت للذهاب واستغربت تأخره في الرد


    مزنة تنهدت لترد بثقتها المعتادة: هلا أبو كساب!!

    كاسرة رقصت حاجبيها لوالدتها بينما مزنة أشاحت بوجهها وهي تستمع صوت زايد الواثق:
    أنا أتناش برا تعالي!!

    مزنة بصدمة وهي تقف لتبتعد بهاتفها: نعم زايد أنت من جدك

    زايد بحزم: إيه من جدي. أنتي تبين تروحين تزورين فاضل وأنا بعد
    وأنا ما أرضى تزورينه بروحش

    مزنة ستجن منه وهي تحاول أن تهمس بأكبر قدر من الهدوء: زايد الله يهداك إذا أنت مرخص لي رحت مع السواق والخدامة
    منت بمرخص لي قعدت !! السالفة ماتحتاج تعقيد

    زايد بصرامة: والله مافيه حد معقدها غيرش الحين حن ما احنا متفقين إنه على الأقل قدام الناس شكلنا مايفشل
    الحين أنا على كل حال رايح أزوره نتقابل هناك يعني كن حن ربع

    مزنة تنهدت وهي تضع هاتفها في حقيبتها وتستعد للخروج له
    وتهتف بصرامة قبل أن تقول كاسرة أي كلمة: أص ولا كلمة ما أبي أسمع تعليق واحد!!
    كفاية اللي مسويه فيني عمش الغالي!!


    حين ركبت جواره سلمت باختناق حاولت أن لا يبدو واضحا في صرامة صوتها ولكنه ظهر
    شعرت أن السيارة ضيقة جدا وأن جنبها يكاد يلتصق بجنب زايد رغم المسافة الفاصلة بينهما!!

    تشعر أنه يتلاعب بها كما لو كانت إحدى عرائس الماريونت التي تُحرك بالخيوط يقربها حينا ويبعدها حينا!!
    وهي الخاسرة الوحيدة في كل الأحوال

    رد عليها السلام بفخامة أصيلة وهو يردف بدفء عميق متجذر: هلا حبيبتي!!

    مزنة رغما عنها شهقت بعنف وهي تلتصق بباب السيارة بل وتفتحه دون أن تشعر رغم أن زايدا بدأ بتحريك سيارته

    زايد مد ذراعه ليشدها ناحيته بقوة وهو يهتف بغضب: أنتي شتسوين

    مزنة استدارت نحوه بغضب أشد: إلا أنت اللي وش تسوي

    زايد بغضب متزايد: وش سويت

    مزنة صمتت لم ترد عليه فهي ممزقة تماما بل كلمة التمزق لا تتناسب حتى مع حالة التشرذم الشامح الذي تشعر به!!

    " أي رجل قاس هو هذا الرجل
    بل أي قلب يحمل
    كلمة انتظرتها مطولا وشح بها عليّ ثم يلقيها عليّ كشيء بلا قيمة
    بدون إحساس
    كما لو كانت فضلة يريد إسكاتي بها!!
    ليقول لي : أ ليس هذا ما تريدينه ارضي به واصمتي!! "


    ومازاد إحساسها مرارة وقسوة أن زايد بدأ ينهمر في حديث عفوي
    كما لو أنه لم يحدث بينهما شيء مطلقا!!!


    كان يهتف بثقة باسمة: تدرين إنه طلعاتنا مع بعض شوي دايم متقابلين في البيت
    يبي لنا مع بعض أكثر نطلع نتغدى سوا ونجيب أغراض البيت سوا
    اشرايش نروح بكرة بدري (الكبرة) نجيب ميرة البيت


    مزنة تشعر أنها تريد أن تنفجر في البكاء فعلا (هل هذا الرجل خال من الإحساس فعلا!! )
    هل اكتشف للتو أن ظهورهما سويا من البيت قليل بل شبه معدوم
    وهي لم تشتكي من ذلك مطلقا فهي بطبعها لا تخرج إلا لحاجة ضرورية
    وكان يكفيها رؤيته أمامها في البيت!!

    فأي لعبة سخيفة يلعبها الآن

    زايد يستحثها للكلام: مزنة حبيبتي وش فيش ماتردين علي

    مزنة همست بإرهاق: زايد لو سمحت بلاها حبيبتي ذي!!

    ابتسم زايد بفخامته المعتادة: زين وش فيها أنتي حبيبتي

    مزنة همست بشعور قهر متزايد: ومن متى ذا الكلام

    زايد بدفء محترف: من زمان وأنتي عارفة

    مزنة تنهدت: اللي أنا عارفته شيء ثاني
    فلو سمحت يأبو كساب خلنا في اللي احنا فيه.
    حن رايحين نزور ابو عبدالرحمن ونرجع وبس

    هتف بحزم يخفي خلفه رجاء عميقا: منتي براجعة معي لبيتش

    مزنة بحزم موجوع: بيتي هو اللي أنت خذتني منه
    فارجوك احترمني يا أبو كساب أنا ماني ببزر عشان تغصبني!!






    *********************************







    دخلت عليه وهو يلاعب زايد الصغير
    بينما والدتها كانت منشغلة في المطبخ.


    كانت تريد التراجع فهي في الفترة الأخيرة أصبحت تتحاشى مواجهته وحيدين
    تخشى أن يجر الحديث حديثا آخر تتهرب منه

    منصور حين رآها هتف بصوت عال مرح: حيا الله بنتي اللي ماعاد شفناها
    هذا وأنتي عندنا في البيت لا جا فهد وش بتسوين!!

    جميلة مالت على رأسه لتقبله وهي تهمس بابتسامة: توني شفتك اليوم الصبحجعلني الأولة!!

    ابتسم منصور: وهذي تسمينها شوفة وأنا رايح بسرعة لشغلي!!

    جميلة مالت لتأخذ زايد من بين يديه حتى تلتهي به عن التوتر الذي بدأت تشعر به
    لكن منصور هتف بمودة: خليه مابعد شبعت من ذا السكني الصغير!!
    سبحان الله سميته زايد وفيه من زايد مواري واجد
    (مواري= علامات)

    ابتسمت جميلة: يارب يطلع يشبه عمي زايد في كل شيء إلا الشكل عاد نبيه مثلك!!

    حينها ضحك منصور: يعني أنتي شايفتني شكل بس وشايفة زايد المضمون

    جميلة تفجر وجهها احمرارا لدرجة أنها كحت: والله العظيم ماقصدت ياعمي.
    ياربي. السموحة فديتك

    منصور مازال يضحك: وش فيش تروعتي كذا أمزح معش يأبيش!!

    جميلة مازالت تشعر أنها تريد تبكي من شدة الحرج

    ولكن منصور أخرجها لاتجاه آخر وهو يهتف بمودة: ها شأخبار الاستعداد للجامعة

    جميلة بإحساسها بالحرج الذي تحاول الخروج منه: كل شيء تمام
    الدوام بعد أسبوع تقريبا وأنا اساسا رجعت قيدي وسجلت مواد من الفصل اللي فات

    منصور بعفوية: يعني بيكون دوامش قبل رجعة فهد


    ( هذي هي السالفة اللي ما أبيها!!) حاولت أن تهمس بتلقائية: قبل رجعته بيومين تقريبا!!

    ثم أردف منصور بنبرة مقصودة: والوضع بينكم الحين أشلون

    جميلة باستعجال: زين ياعمي زين!!

    منصور بحزم: يضايقش فهد بشيء؟

    جميلة بذات الاستعجال: أبد مايقصر وحاطني فوق رأسه!!


    منصور نظر لها نظرة سابرة شعرت بالارتباك وبالحر كما لو أنها تجلس في فرن مشتعل
    وقفت وهي تهمس بذات النبرة المستعجلة: باروح أشوف أمي تبيني أساعدها في شيء!!



    بعد دقائق
    دخلت عفراء
    وهي تحمل بين يديها القهوة والشاي وتتبعها خادمة تحمل (الفوالة) وضعتها وغادرت
    بينما عفراء جلست بجوار منصور الذي هتف لها بنبرة مقصودة وهو يقبل زايد الصغير:
    جميلة جاتش

    عفراء بعفوية: لا.

    حينها هتف بذات النبرة المقصودة: أشلون الوضع بينها وبين فهد ولا تكذبين علي في شيء
    لأني عارف إنه فيه شيء مهوب طبيعي!!

    عفراء تنهدت: الوضع بينها وبين فهد شيء يخصها هي وفهد
    أنت سويت اللي في رأسك وزوجتهم.
    طالبتك الحين تخليهم يحلون مشاكلهم بنفسهم لأنك لو تدخلت بينهم بتخلي السالفة تكبر!!






    ***********************************











    رد مع اقتباس  

صفحة 27 من 29 الأولىالأولى ... 172526272829 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. رواية مجزرة الحولة من الطفل المذبوح رقم خمسين رواية 2013
    بواسطة иooḟ Ăł.кααьỉ في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-Dec-2012, 02:08 AM
  2. علاقة الجار بالجار بين الأمس واليوم
    بواسطة بوغالب في المنتدى خارج مقص الرقيب
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-Nov-2011, 08:50 PM
  3. الأمس واليوم وغدا الخصر النحيل هو رمز الأنوثة والخصوبة
    بواسطة بوغالب في المنتدى الاسرة والطفل
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 09-Aug-2010, 08:17 AM
  4. بعد مباريات الأمس واليوم .جدول الترتيب للدوري السعودي
    بواسطة البنت التي كويس في المنتدى كرة القدم المحلية و العربية و الاوربية
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 31-Oct-2008, 01:37 PM
  5. المغازل بين الأمس واليوم وعقب باكر
    بواسطة سفيرة الصمت في المنتدى نكت مضحكة - طرائف - الغاز - Joke
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 18-Jan-2007, 02:18 PM
المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •