الملاحظات
صفحة 15 من 29 الأولىالأولى ... 5131415161725 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 141 إلى 150 من 290

الموضوع: رواية بين الأمس واليوم

  1. #141  
    المشاركات
    3,260


    يدخل إلى غرفته بخطواته الهادئة وجدها تصلي حينما دخل وحسن الصغير نائما على السرير


    علق ثوبيه الجديدين في الخزانة مكان الثياب التي ألقاها كلها اليوم صباحا

    بعد أن دفع للخياط مبلغا أكبر حتى ينجز له الثوبين في يوم واحد

    ومن ثم يخيط له غيرها

    استحم ثم صلى قيامه

    وهي انتهت قبل أن ينتهي قرأت وردها بجوار ابنها ثم نفثت على صغيرها وحصنته

    حينها كان عبدالله ينظر لها شعر بسكينة عميقة تجتاح روحه وهو ينظر لهما والسكينة ترفرف حولهما


    هتف لها بابتسامة: زين البارحة نمت على الكنبة اليوم بعد بتنوميني على الكنبة


    جوزاء أجابته ببرود: بكيفك نام مكان ماتبي

    وإلا تبيني أرقد ولدي على الكنبة.


    عبدالله يرفع حاجبا وينزل آخرا: ترقدينه على الكنبة

    والسرير اللي أنا حاطه له جنب سريرنا على طول

    وعلى العموم أول مايطلع صالح لبيته بأخذ وحدة من غرفهم وأحطها لحسن وأفتحها على قسمنا


    جوزاء تقف لتخلع جلالها وتهتف ببرود: ولدي بيكون معي بنفس الحجرة ومستحيل يفارقني


    عبدالله ببرود مشابه: كلامش مهوب منطقي الولد بيكبر ومايصير يظل قاعد معنا في نفس الغرفة


    جوزاء همست بنبرة مقصودة: لين يكبر ماظنتي إن عادنا متورطين مع بعض!!


    عبدالله هتف بذات نبرتها المقصودة: حن متورطين مع بعض لين الله يأخذ أمانته


    جوزاء بغيظ: تدري إنه عمري ماشفت مخلوق بغيض وماعنده كرامة مثلك


    عبدالله يقترب منها ويهمس بدفء لها من قرب مقصود: وأنا عمري ماشفت مخلوق حلو ويجنن ويدوخ مثلك


    أنهى عبارته ليتركها تقف متصلبة في مكانها غيظا

    ويميل على السرير ليحمل حسن الصغير ويضعه في فراشه وهو يقبله بحنو كبير

    دون أن تنتبه جوزاء لأنها كانت غارقة في غيظها وأنفاسها تعلو وتهبط


    لم تشعر بنفسها إلا وعبدالله يشدها من يدها ليجلسها جواره انتفضت حينها بعنف وهي تصرخ بهستيرية: ما أبي أنام جنبك ما أبي

    أكرهك وقرفانة منك لا تقرب منيكفاية عليك قبل أمس

    اللي كل ما تذكرته أحس أني بأرجع كل اللي في بطني!!


    عبدالله وقف ليكتفها من الخلف وهو يضع يده اليمين على فمها ليسكت سيل صراخها

    ويطوق خصرها باليد الأخرى بقوة وهو يهمس في أذنها مباشرة بكل حزم:

    بس قصري صوتش تبين تسمعين البيت كله

    أنتي بتنامين جنبي ومالش مكان غير جنبي

    ولا تحاولين تنامين في مكان ثاني لأني مستحيل أسمح لش


    ثم انحدر صوته لعمق حنون: أربع سنين وأنا بس أحلم بأنفاسش جنبي

    لا تكونين بخيلة نامي بس على ذراعي والله العظيم ما أجبرش على شيء





    **********************************





    "خالتي أنتي ما نمتي كلش"


    كانت مزون تصحو على يد خالتها الحانية وهي توقظها لصلاة الفجروهي تهمس بهذه العبارة و يبدو عليها أنها لم تنم نهائيا


    عفراء همست برقة: من قال لش مانمت


    مزون تعتدل جالسة: خالتي مبين عليش النوم ماطب عينش

    عدا إن مكانش جنبي عاده على حاله مبين إنش حتى ماتمددتي عليه

    وش شاغل بالش


    عفراء بحنان: أنا اليوم شربت قهوة كثيرة يمكن عشان كذا


    مزون بحنان مشابه: زين كان تمددتي شوي وريحتي جسمش مايصير تصلبين نفسش وانتي حامل


    تنهدت عفراء بعمق

    (ماذا أقول لكِ ياصغيرتي

    هل أقول لك عن الهم والتفكير اللذين جعلاني عاجزة عن مجرد وضع جنبي على فراشي

    الذي أشعر به كمسامير حامية بعيدا عن عمك المتسلط

    الذي سافر كهارب جبان مني ليترك كل شيء معلقا مقلقا

    ولكن أكثر ما يؤرقني الآن أنه لم يكلمني ليطمئنني عليه!!

    قلقة عليه ياصغيرتي قلقة هل قضى ليله كله في السواقة

    أين وصل الآن

    ينهشني القلق كذئب مسعور!!"


    عفراء حينها سألت مزون باهتمام: مزون كلمتي أبيش البارحة

    لأني أكلم منصور تلفونه كان مسكر


    مزون بعفوية: كلمته فديته يقول لي أنهم وصلوا الرياض بيباتون هناك ويمشون الصبح بدري!!


    عفراء تنهدت بارتياح ثم همست بنبرتها الأمومية المغلفة بالارتياح بعد اطمئنانها على منصور: بأروح أقوم علي للصلاة


    مزون ابتسمت وهي تقف لتتجه للحمام: لا خالتي شكلش منتي بمركزة مرة وحدة

    علي قال لنا عقب مارجعنا من العشا البارحة إنه بيطلع قبل الفجر عشان يصلي في الطريق للمطار

    لأنه فيه وفد بيوصلون الساعة 6 الصبح وهو اللي بيستقبلهم

    نسيتي؟!!


    عفراء ابتسمت: ماعليه يامش حكم السن!!


    مزون تبتسم: إلا قصدش حكم غياب حضرة العقيد


    عفراء بذات الابتسامة العذبة: اللي تبينه

    ثم أردفت بتحسر أمومي: ياقلب أمه عشان كذا نحيف وأكله شين ذا الشغل اللي ماله وقت مايخليه يأكل مثل العالم


    مزون لمعت عيناها: خالتي خلنا نزوجه وش رأيش في روضة بنت راشد


    عفراء تبتسم: صدق متفرغة روحي توضي وصلي وعقب زوجي أخيش على كيفش!!






    ********************************






    مد يده ليقفل جرس المنبه الموضوع على الطاولة الصغيرة يساره ثم التفت لسالبة قلبه التي تنام عن يمينه

    مال ليقبلها بعمق وهو يتنفس عبق رائحتها من قرب

    حينها فتحت عيناها وهي تتأمله وعلى شفتيها ابتسامة سلبت لبه تماما

    أما ما استغربه تماما هي أنها مدت سبابتها لتمسح على أعلى شفتيه ثم على خده

    ارتعش داخله بخفة وقلبه يذوي مع ابتسامتها ولمساتها همس لها بابتسامة:

    بسم الله عليش جوزا مسخنة وإلا شيء


    ابتسمت بخبث: تدري أنك اليوم تجنن وتطير العقل


    مال ليقبلها على جبينها وهو يتحسس حرارة جبينها بشفتيه ويهمس بذات الابتسامة:

    خلني أتأكد من حرارتش شكلش عندش حرارة ضربت الفيوز كلها

    عساها ضاربة كل يوم يالله ياكريم


    عبدالله وقف واستغرابه منها يتزايد فهما حتى استغرقا في النوم وهي تسبه وتصفعه بكراهيتها بمختلف الأشكال

    فمالذي حدث لها الآن وماهذا التغيير

    أ يعقل أنها سلمت الراية بهذه السرعة

    يستحيل يستحيل قلبه غير مطمئن أبدا لتغيرها غير الطبيعي ولا المنطقي!!


    دخل الحمام ليتوضأ لصلاة الفجر وحينما نظر لوجهه في المرأة عرف سبب تغيرها

    كان سيخرج ليقتلها فورا لشدة غضبه التي ملأ كل عروقه

    ولكنه أكمل وضوءه بناء على نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم (الوضوء يطفئ الغضب)

    بينما جوزاء كانت مستغربة أنه لم يخرج حتى الآن صارخا متوعدا أو حتى ليلقي عليها يمين الطلاق


    حينما خرج لم يكلمها مطلقا كان يعلم أن هذا هو ما تريده

    تريده أن يثور عليها حتى تطلق لغضبها الأسود العنان


    توجه ليستخرج حقيبته من تحت السرير حينما رأته يضع غياراته وثوبه اليتيم في الحقيبة بينما ارتدى ثوبه الأخرى

    شعرت أنها تتمزق وذكرياتها المرة قبل 4 سنوات تعود لتحل الذاكرة المطرزة بالوجع

    لماذا لم يكتفِ بالثورة والصراخ لماذا يريد أن يجرحها بهذه الطريقة المتوحشة

    لماذا يريد ان يعيد كل مرارتها لروحها


    اقتربت لتمسك بعضده وهي تهمس بصوت مبحوح: وين بتروح


    انتزع عضده من يدها وهو يهتف بحزم: بأسافر


    صرخت به بألم: نذل وطول عمرك نذل روح إن شاء الله ما ترجع


    حينها اعتصر وجهها بقسوة وهو يصر على أسنانه بحزم قاسٍ:

    تدرين أنا ماتخيلتش مريضة لذا الدرجة تحلقين نص شنبي ولحيتي

    هذي سوات حد عاقل


    دفعت بيده بعيدا عن وجهها وهي تهتف بعضب مكتوم:

    وأنا ما كذبت عليك قلت لك إني مريضة ببركاتك وبركات فعايلك

    ثم همست بتهكم مرير: بعدين مهوب أنت اللي قلت سوي فيني اللي تبينه

    بس لا تلمسين أغراضي ولا أوراق شغلي

    أنا سويت مثل ما قلت لي خلاص يا ابن الحلال فكني وافتك من شري وخبالي

    بدل منت تمسخر علي في الطالعة والنازلة!!


    عاد ليغلق حقيبته وهو يهتف لها بحزم: ما تطلعين من البيت مكان لين أرجع سامعتني


    جوزاء بغيظ: زين وين بتروح


    ارتدى غترته ولفها حول وجهه لتخفي وجهه الذي بدا كخريطة وأجزاء مختلفة من عارضه وشنبه اليمين محلوقين بغير استواء

    وحمل حقيبته وهو يهتف بحزم بالغ: مهوب شغلش


    غادر غرفته لتنهار هي باكية على السرير ومخططها كاملا ينهار

    كان غرضها أن تجعله سخرية للجميع حين يضطر لحلق شنبه وعارضيه كاملين

    ولكن أن يتركها ويسافر بهذه الطريقة وبعد 3 أيام من زواجهما

    ليجعلها هي عرضة للسخرية والأقاويل فهذا مالم تحتمله مطلقا ومرارة الذكريات تدهس مشاعرها بلا رحمة

    بلا رحمة!!

    .

    .


    في الأسفل قابل والده الذي كان يغلق باب غرفته ووجهه مازال يتقاطر مائه من أثر الوضوء

    مسح وجهه بطرف غترته وهو يرى عبدالله نازلا بحقيبته

    هتف له بحزم أخفى خلفه قلقا شاسعا ومرارة ذكرى جارحة:

    عبدالله وين بتروح


    عبدالله يتأكد من لف غترته على وجهه ويهتف باحترام: عندي شغل في الدمام ولازم أكون هناك الساعة 10 الصبح

    أسبوع جعلني فداك وأرجع


    أبو صالح بنبرة غضب: وليه ماقلت لي البارحة


    عبدالله بنبرة احترام أكثر ودا: نسيت توها جوزا ذكرتني وإلا كان نسيت الموعد


    أبو صالح بنبرة حازمة: زين وش فيك متلطم


    عبدالله كح ثم حاول أن يهمس بنبرة طبيعية: متسبح وما أبي مكيف السيارة يلفحني

    أنا رايح بأصلي على الطريق وبأكلمك إن شاء الله أول ما أوصل


    قالها وهو يتناول حقيبته ويخرج بينما أبو صالح يهتف بذات نبرته الحازمة:

    تمهل وأنت تسوق وحط بالك على الطريق





    **************************************



    اليوم التالي




    " تقبل الله طاعتكم"


    زايد يلتفت لمنصور الذي مازال الحلاق يحلق الجزء الأخير من شعره ويهتف بحميمية فخمة: وتقبل الله طاعتكم بعد كم ثانية


    منصور انتهى بالفعل من حلاقة شعره ووقف وهو يهتف لزايد بابتسامة:

    وهذا حن خلصنا وتقبل الله طاعتنا جميع

    يالله يأبو كساب نروح الفندق نسبح ونتغدى


    الاثنان غادرا متجهان للفندق القريب جدا بينما كان زايد يستخرج هاتفه من حزامه المعقود حول إزار الإحرام ويتصل بمزون
    حينها وجد منصور أنه من الذوق أن يتصل بعفراء حتى لا يستغرب زايد عدم اتصاله بها

    أو ربما أقنع نفسه أن اتصاله بها هو من الذوق بينما هو من الشوق ولا شيء سواه!!


    حين أخرج هو أيضا هاتفه من حزامه تفاجأ بوجود اتصال ورسالة منها

    لم يسمع رناتها لأنه وضع هاتفه على الصامت

    حتى لا يشغله شيء عن عبادته وخطوات عمرته


    فتح رسالتها :

    " منصور عيب عليك

    على الأقل عشان شكلنا قدام زايد وعياله

    وأنت حتى تلفون مادقيت عليّ

    .

    هانيك مازرت"


    منصور تنهد بعمق هو أكثر اشتياقا لها مما تتصور وأكثر لهفة على سماع صوتها

    لكن منصور يريد أن ينتهي من هذه المشكلة تماما

    يحبها ويريدها له فقط أين المشكلة في هذا

    ماهي الجريمة التي ارتكبها


    لذا وحتى ينتهي من هذا القضية بشكل نهائي فإن عفراء لابد أن تشعر بخطأها

    حتى لو كان في طريقه لإشعارها بالخطأ سيعتصر قلبه ويخنق مشاعره حتى حين

    أ ليس هذا ما يفعلونه في العسكرية

    ينحون كل مشاعرهم حتى يصلوا للهدف؟!!

    فلماذا يبدو الأمر بهذه الصعوبة الآن

    لماذا يراه عسيرا إلى درجة المستحيل؟!!

    ولكن مهما كان صعبا فلابد من التنفيذ

    فهو لم يعتد التقاعس ولا التهاون!!


    تناول هاتفه ليتصل ليصب صوتها الدافئ الرقيق المثقل باللهفة في حنايا روحه:

    هلا والله أني صادقة !!

    وينك هذا ذا كله ماكلمتني!! صبيت قلبي!!


    يشعر أن رأسه يؤلمه وقلبه يؤلمه وروحه تؤلمه وهو يجد نفسه مضطرا أن يرد عليها برسمية:

    توني خلصت العمرة وتلفوني على الصامت


    تسأله بلهفة: ومتى بتجي إن شاء الله


    أجابها بذات النبرة الرسمية: بكرة في الليل بنمشي من هنا وبعد بكرة الليل إن شاء الله عندكم

    ويالله مع السلامة وصلنا الفندق


    وانتهى الاتصال

    لتلقي عفراء هاتفها جوارها بأسى لم يسألها حتى عن صحتها

    رغم أنه غادر وهو يعلم أنها تعاني من اشتداد الوحم عليها وبالكاد يبقى أي طعام في معدتها

    رغم تسلطه في الأوامر ولكنها لم تعتد منه حين يحاورها إلا الحنان المصفى الخالص

    يا الله كم اشتاقت له!! كم اشتاقت له!!

    فمتى ينتهي كل ما يبعد بينهما بلا معنى؟!!

    متى ينتهي؟!



    لم تعلم أن الطرف الآخر الذي أنهى الاتصال كان أكثر أسىً منها

    مؤلم هذا التظاهر بعدم الاهتمام بمن تذوب اهتماما به!!

    وخصوصا أنه لم يعتد على التظاهر أبدا فكيف يتظاهر أمامها هي

    ولكنه بالفعل يريد أن ينتهي من هذه المشكلة نهائيا حتى لا تعود مطلقا للظهور وإفساد حياتهم!!

    فعفراء لابد أن تترك عملها ولابد أن تعلم أنه موضوع غير قابل للنقاش أبدا!!






    ****************************************






    تجلسن حول قهوة العصر جوزاء كانت تتولى مهمة سكب القهوة

    في الوقت الذي كانت عالية تلتهم صحنا من الكعك


    أم صالح هتفت بغضب: أنتي يا بنت ما تستحين يومش قاعدة كنش بقرة ومخلية أم حسن تصب القهوة

    قومي لا بارك الله في عدوينش قهوينا !!


    عالية وهي مستمرة في حشو فمها بالكعك: ياكبرها عن الله أم حسن مرة وحدة

    تراها كلها إلا الجويزي والفرق بيني وبينها سنة يتيمة

    لولا إن أخيها الأحول كان مضيع الدرب والمفروض خطبني من سنين

    وإلا كان ذا الحين عندي عيال كبر حسون

    وبعدين خليها تصب لش القهوة هي اللي مرت ولدش مهوب أنا

    أنا خلي الطاقة اللي عندي أصب لعمتي حبيتي أم الدحمي!!


    جوزاء تحاول أن تكتم ضحكتها لانها تعلم أن غضب أم صالح سيحل في التو واللحظة

    وبالفعل رشت أم صالح مابقي في فنجانها من القهوة على عالية وهي تهتف بغضب شديد:

    ألا ياقليلة الحيا يا مضيعة السنع الظاهر أني ماعرفت أربيش

    قومش الدلع والزلاب ما عرفتي مس العصا لين تعلم في جنوبش

    لو أنش قد اضربتي لين تعرفين إن الله حق ماكان ذي بعلومش يا مسودة الوجه

    أنتي وش أنتي يا مضيعة المذهب البنت قاعدة وأنتي تحكين على أخيها كن قدش في بيته

    وش بتسوين لا قدش عنده وذا حكاش من ذا الحين.

    اللي بيقول إن آل ليث ماعرفوا يربون بنتهم!!


    عالية تقفز وهي تنفض ملابسها من بقايا القهوة وتقبل رأس والدتها وهي تهمس بمرح:

    أفا صفوي أفا قد ذا أخرتها أنا علوي حبيبتش ترشيني بالقهوة الحارة

    زين إنها ماجات إلا على ثيابي

    لو إن وجهي احترق كان طحت في كبدش أكثر ما أنا طايحة

    وبعدين يمه تجين تشرهين علي ذا الحين لو أن في رأسي عقل كان قد طلع

    ماكان انتظر 24 سنة لين يطلع!!


    أم صالح تقف وهي تتعكز على عصاها وتهتف لعالية بغضب لطيف:

    اندبلت كبدي من مقابل وجهش اللي مغسول بمرقة بأروح أتقهوى عند قصيرتي أخير لي (قصيرتي=جارتي)


    عالية قفزت مع والدتها لتحضر لها عباءتها وهي توصي الخادمة أن تسندها جيدا حتى توصلها وتبقى معها حتى تعيدها


    ثم عادت لتجلس مرة أخرى جوزاء همست بابتسامة أقرب للجدية وهي تطعم حسن بعض الكعك:

    عالية لا تثقلينها على أمي صافية شكلها زعلت صدق


    عالية تبتسم: يا بنت الحلال أمي أصلا لو ماملغت عليها تحسب أني مريضة

    خلها تطمن أني في كامل اللياقة الصحية


    حينها همست جوزاء بجدية تامة واهتمام كبير: بس أمش ماعادت مثل أول أقل شيء يأثر عليها


    عالية تنهدت: يا بنت الحلال إذا على ملاغتي وقلة حياي على قولتها فهي متعودة عليها


    حينها هتفت جوزاء بشبح ابتسامة: وأنتي ناوية تقعدين كذا عقب الزواج بعد

    منتي بناوية تركدين يعني!!


    حينها اتسعت ابتسامة عالية: يا بنت الحلال كان جبتيها على بلاطة وقلتي اللفة ذي عشان أخيش تحاتينه

    أنتي شوفي أكيد أخيش مسوي ذنب كبير في حياته عشان كذا ربي بلاه فيني

    ومن أعمالك سُلط عليكم


    جوزاء بابتسامة عذبة: والله الواحد يستغرب وحدة بمخش وذكائش وتخصصش الصعب وماخذة الدنيا نكتة كذا!!


    عالية تهز كتفيها: يأختي شيل ده من ده يرتاح ده عن ده

    يعني ضغط من كل ناحية دا يبئى موت وخراب ديار

    طبعا كلها أمثال هريدي خال سميرة الله لا يحرمنا فلسفته الأزلية في الحياة!!


    ثم أردفت بخبث: خليش مني أنا اللي على الرف

    أشلون تخلين عبود يروح ويخليش وأنتي حتى أسبوع ماكملتوا

    لو الدحمي يسويها تدرين وش أسوي فيه

    أعلقه من أذانيه في المروحة وأشغلها على أعلى سرعة

    يا اختي ما لحقتوا تشوفون بعض حتى!! عرسان توكم


    حينها همست جوزاء باصطناع: عنده شغل وشغله ألزم عليه من أي شيء

    وبعدين وش عرسانه الله يهديش عدينا متزوجين من أكثر من أربع سنين وداخلين على الخامسة


    عالية هزت كتفيها: بس غريبة يرسلونه في شغل وهو ماله أسبوع مستلم وظيفته!!


    هزت جوزاء كتفيها بحركة مشابهة وهي تشعر أن درجة حرارتها ترتفع خوفا من اكتشاف عالية لشيء: أكيد فيه شيء ضروري احتاجوه فيه


    عالية بحماس: زين دام أخي اللي ماعنده ذوق راح في شغل

    اشرايش أطلع أنا وأنتي وحسون نتمشى شوية في حياة بلازا وعقب نلاعب حسون في جنغل زون


    جوزاء هزت رأسها رفضا: لا فديتش ماعليه ما أقدر


    عالية بالحاح: ليه ماتقدرين


    جوزاء لا تريد أن تخبرها أن هذه أوامر عبدالله الذي طلب منها عدم الخروج من البيت

    فرغم كراهيتها العميقة له ولكنه يبقى زوجها وعصيان أمره بهذا الشكل المباشر

    ذنب لا تجرؤ على ارتكابه خوفا من ربها لا منه

    أجابت بابتسامة مُدعاة: ما أبي أروح معش يأختي ما أبي إلا خوة أبو حسنوش ذا اللزقة؟!!


    عالية لوت شفتيها بقرف تمثيلي: عشتو عبود والجويزي شين السرج على البقرة!!

    إلا تعالي بعلش المبجل وين شغله اللي هو راح له


    هنا شعرت جوزاء كما لو كانت حُشرت في أضيق زاوية لا تعلم بماذا تجيبها

    تعلم أنه أخبر والده أنه ذاهب في عمل لكن والده لم يحدد لهم المكان

    بينما من المفترض أنها أول من يعلم

    لذا حاولت التخلص بذكاء وهي تقفز وتهتف بتذكر مصطنع:

    الله يذكرش الشهادة ذكرتيني أكلمه لأنه قال لي أتصل له أقومه لصلاة العصر

    وأنا نسيت الحين أكيد بيعصب إن الصلاة في المسجد فاتته!!


    غادرت وهي تهتف في داخلها بغضب: النذل يبي يصغرني قدام هله!!

    يبي يبيني طوفة عنده ما يعلمني بشيء!!

    زين ياعبدالله اطفش مثل ماتبي مصيرك راجع وين بتروح!!





    *************************************





    اليوم التالي



    " الحلو عاده زعلان علي"


    قال كسّاب عبارته هذه وهو يشير بسبابته لخده والغريب أنها قبلته بكل رقة حيث أشار تماما بينما كانت تهمس بحزم:

    بصراحة عادني زعلانة


    ابتسم كسّاب بتلاعب: لك حق تزعل ثم لك حق نرضيك


    حينها ابتسمت بتلاعب أكبر: هذا الشطر الأول والبيت له شطر ثاني


    حينها ربت كسّاب على خدها وهو يهتف بنبرة مقصودة:

    لا ياشاطرة الشطر الثاني بدري عليش


    أزالت كفه عن خدها وهي تهمس بذات نبرته المقصودة:

    متأكد إنه بدري


    ارتدى حينها جاكيته وهو يهتف بحزم: يالله خلينا ننزل نشتري باقي اللي تبينه

    بكرة رحلتنا في الليل

    ونبي نروح بكرة الصبح نزور بنت خالتي قبل نسافر


    كانت كاسرة ترتدي عباءتها حين رن هاتفه والتقطه لتعرف أنه يكلمه مدير مكتبه الذي يهاتفه كل يوم

    ولكنه هذه المرة كان صوته أكثر علوا وتحكما وغضبا وقسوة:

    زين دواكم عندي أنا راجع الدوحة بكرة طيارتي في الليل متأخر

    وبعد بكرة الصبح بدري بأكون عندكم في الشركة

    والله لو مالقيتوا حل للي سويتوه أني لأفنشكم كلكم

    أنا قايل لك ألف مرة وموصيك أنت بالذات إنه مشروع الوالد تحط عينك عليه لين أرجع

    قايل لك مشروع الوالد لازم يكون فوق المتوقع مهوب تقول لي خطأ بسيط في المخططات ويتصلح

    إذا احنا تونا في المخططات وغلطتوا فيها وش بتسوون لا بدينا الأساسات



    بنبرة أكثر غضبا: أقول لك

    خلاص لا تصرف في شيء لين أرجعوقفوا كل شيء أنا بأحل السالفة بنفسي

    خلاص ماعندي ثقة فيكم

    جايكم وبأسود عيشتكم على اللي سويتوه


    كسّاب أنهى الاتصال وألقى الهاتف على السرير بغضب

    بينما كانت كاسرة تهتف بكل هدوء وهي تغلق حقيبة يدها:

    ترا هذا مهوب أسلوب تكلم فيه موظفينك


    كساب بغضب متفجر: كاسرة شغلي مالش دخل فيه وما أسمح لش تعطيني نصايح فيه

    وشيء ثاني إذا شفتيني معصب الأحسن ما تناقشيني لأني ما أضمن اللي بأقوله


    كاسرة ببرود متحكم مغاير لغضبه: عصبيتك على نفسك واللي بتقوله ما يهمني ولا راح يأثر فيني

    إذا شفت شيء غلط بأقول إنه غلط

    وأنت بكيفك لا تقبل النصيحة

    لكن هذا حقك علي وأنا لازم أسويه


    كساب ينتفض غضبا: كاسرة أنا واصل حدي من العصبية اتقي شري واسكتي من غير فلسفة فاضية


    كاسرة قررت أن تصمت ليس لأنها خائفة من تهديده مطلقا

    ولكن لأنها لم تكن تريد استفزازه وهي ترى كيف تغير لون وجهه من الغضب

    دلالة على غضب عارم

    يبدو أنه غاضب فعلا من موظفينه ولم ترد أن تزدها عليه وهي تحتكم لمنطقيتها


    بينما قرر هو أن يخرج ليركض قليلا لكي يخفف من ضغط غضبه المتزايد

    فآخر مايريده حدوث أي خطأ في مشروع والده بعد ان وعده أنه سينفذ له المشروع على أعلى مستوى

    في داخله ورغم كل اختلافه مع والده لكنه لا يريد أن يخسر ثقته التي منحها له


    خرج دون يتوجه بكلمة واحدة لكاسرة التي كانت تقف بعباءتها

    حينما خرج نزعت كاسرة عباءتها ببساطة وعلقتها لتعود وتجلس ببساطة أكبر

    فهذا الزوج المتقلب العاصف لا يُعرف أبدا ماهي خطوته التالية فلترح ذهنها من التفكير إذن!!





    *****************************************






    "جوزاء منتي بنازلة خالاتي تحت يسألون عنش"


    جوزاء تمسح وجهها وتهمس بسكون: بلاها عالية

    أنتي عارفة اللي بيصير هم بيقطون حكي وانا بأرد بحكي أكبر منه

    وأنتي عارفة إن أمي صافية ماعاد تستحمل بلا مانقرفها بقرفنا


    عالية تغلق الباب وهي تهمس بطبيعية: براحتش


    بينما جوزاء كانت تلكم السرير بقوة

    (النذل النذل النذل !!)


    يومان مرا منذ سافر.

    تعلم أنه أتصل بوالدته ووالده وكل أشقائه ولكن هي لا

    آخر ما تريد أن تسمعه هو صوته البغيض لكنها لا تريد أن تبدو كالمنبوذة حين تُسأل (هل اتصل بك زوجك اللئيم)

    فلا تجد جوابا ترد به وخصوصا في وجود خالاته البغيضات

    كانت تريد أن تجعله مسخرة للجميع فإذا به من يجعلها المسخرة


    " أكرهك أكرهك

    حقير طول عمرك حقير وبتموت حقير"


    وهي غارقة في أفكارها رنة رسالة تصل هاتفها

    كانت تهمس بغيظ وكراهية( تذكرني الأخ أخيرا) وهي تفتح الرسالة:


    " اشتقت لش

    مهوب مشتاق بس إلا ميت من شوقي

    وحشتيني يا روح الروح

    أشلون قلبي اللي خليته بين إيديش"


    كتبت له:


    "قلبك هرب معك يالجبان

    عساك مبسوط بس بهريبتك"


    يصلها رده:


    " أنا لو قعدت لو حد سألني ليش حالق لحيتك وشنبك

    بأقول لهم اللي صار

    وش رأيش

    .

    أدري اشتقتي لي!!

    ماني مطول خلي لحيتي وشنبي يطلعون لو خفيف وبأرجع

    وعقب نتحاسب على ذا الموضوع

    لأنه مابعد تحاسبنا"


    اعتصرت الهاتف بغضب في يدها وهي تكاد تحطم الأزرار وهي تضغط عليها بكل قوة:


    " أشتاق أشوف ملك الموت ولا أشتاق لك

    وحسابك مايهمني

    أعلى مافي خيلك اركبه"


    توقعت أنه سيرسل لها رسالة تهديد أو تحقير لذا كانت صدمتها البالغة مما أرسله:


    " إيه وش عليش أكيد ما تهتمين

    لأنش تدرين إن الغلا خلاش شيخة على قلبي

    تحكمين وتأمرين وتطاعين"


    ألقت الهاتف بغيظ جوارها وهي تقرر ألا ترد عليه

    تستطيع تقبل أي شيء إلا الكذب

    تكره الكذب أكثر من كل شيء في العالم

    وتكرهه هو أكثر إن كان صادقا فيما يقول!!





    *********************************





    " عمي راجع الليلة خلاص

    على كثر ماني مشتاقة لأبي

    على كثر ما تمنيت أنهم يطولون وهم سالمين

    عشان نكسبش عندنا شوي"


    تهمس عفراء في داخلها:

    "خلاص يأمش ماعاد فيني اشتقت لعمش المتسلط

    اليومين اللي فاتوا ما سمعت صوته إلا بالقطارة

    يكلمني: أشلونش تبين شيء وبس

    ولو كلمته يرد علي برسمية

    ما أدري عاده زعلان وإلا أكذب على نفسي وأقول يكلمني كذا عشان زايد معه"


    أجابت عفراء بمودة:خلاص هذا كساب ومرته جايين ماعاد تبين حد!!


    ابتسمت مزون: يا الله ما تتخيلين وش كثر مشتاقة أشوفه وهو رجّال متزوج

    ومشتاقة أكثر لصراخ بيبي عندنا في البيت الله يرزقهم عاجلا غير آجل


    عفراء بمودة: آمين

    ثم أردفت بتساؤل: إلا تعالي كلية الطيران ليش مكلمينش اليوم

    كنتي بتقولين لي والخدامة قطعت السالفة


    مزون بعفوية: هذي سكرتيرة رئيس الكلية تقول إنه رئيس الكلية موجه لي دعوة شخصية

    عشان أحضر لقاء مفتوح مع البنات الجدد اللي يبون يدخلون الكلية

    يقول يبيني ألقي كلمة.


    عفراء بتحذير أمومي: بلاها ذا السالفة كلها دامش خليتي الطيران


    مزون بحذر: أنا قلت لها ما أقدر بس هي قالت لي إنه بيكلمني على جوالي بنفسه

    ما أدري خالتي رئيس الكلية أعزه واجد كان يعاملني مثل بنته حتى هو حذرني من الشغلة قبل أربع سنين بس أنا ماطعته

    وبعدين السالفة كلها لقاء مع بنات والصبح الساعة 9 وكلمتين ونمشي عشان خاطره!!


    عفراء حينها سألت بنبرة مقصودة: واللقاء وين بيكون


    مزون هزت كتفيها: قالت لي في أوتيل بس مابعد حددوه غالبا الشيراتون أو الريتز وعلى العموم أنا بأطلب من علي يروح معي


    حينها هتفت عفراء بحزم: قلت لش الشغلة ذي مالها داعي

    الحين ظنش إنهم بيسوون حفل في الشيراتون عشان البنات بسوش عشانه يتخسرون عشانهم

    أكيد اللقاء بيكون مشترك طلبة وطالبات هذا لو ماكانوا مسوين حفل كبير وعازمين ناس واجد

    انسي السالفة ذي واعتذري لهم ماصدقنا خلصنا من ذا السالفة!!






    ************************************







    " يالله قومي نلحق نجيب الأغرض اللي تبينها"


    صحت من غفوتها على يده تهز كتفها اعتدلت جالسة وهي تمسح وجهها

    وتهمس بنبرة محايدة: كساب مافيه شيء ضروري

    أنا كنت أبي شوي هدايا وممكن ناخذها من السوق الحرة بكرة


    كسّاب يهتف بحزم: وأيش اللي يخلينا نغير مخططاتنا

    يعني عشان كنت معصب شوي

    خلاص لفتين ركض حوالين الفندق وفرغنا ثورة الغضب

    تعودت أفضي زعلي مهما كان كبير أني أحرق جسمي بالحركة


    كاسرة تقف وتهمس بنبرة مقصودة: زعلك مهما كان كبير!!

    عطني مثال بعد!!


    لا تستطيع أن تمنع نفسها من السؤال حول أي شيء قد يفتح لها بعض أبوابه المغلقة!!

    تعبت من هذا الغموض الذي يحيط به دون بارقة أمل في تبديده!!


    بينما كساب كان يخلع قميصه ليغيره وهو يهتف لها بحزم بالغ أقرب للغضب:

    تدرين كاسرة ترا مهوب وقت التذاكي حقش

    تبين تجيبين لش أغراض أو أنا بأطلع


    كاسرة بحزم مشابه: كسّاب لا تخيرني بذا الطريقة

    كنك تتفضل علي يوم تطلعني

    أنت تبي تطلع معي طلعنا

    تبي تطلع بروحك براحتك


    كساب يتجه للباب وهو يهتف بتصميم غاضب:

    دام رجعنا لفلسفتش الفاضية أطلع بروحي أحسن






    ************************************





    ربما تكون هذه المرة الرابعة التي تُعيد فيها ترتيب غرفتها

    والمرة العاشرة التي تعيد فيها تعديل الزينة على وجهها ووتتأكد اكتمال فتنتها وانسياب فستانها

    تريد أن يكون كل مايراه أمامه على أحسن هيئة

    وتريد أن تجد لها شيئا تلتهي فيه قليلا

    فهي عادت لبيتها من بعد صلاة العصر رغم أنها تعلم أنه لن يعود قبل العاشرة ليلا

    بدا لها هذا اليوم غاية في الطول ولا يريد أن ينقضي أبدا

    رتبت ثم أعدت العشاء ثم تأنقت وبخرت البيت كله لعشرين مرة

    ومازال لم يصل حتى الآن!!


    رغم أنها أرهقت نفسها بالتفكير اليومين الماضيين

    ولكنها حتى الآن لم تصل لقرار وكأن كل شيء معلق حتى يعود منصور

    فكل التفكير متعلق به!!

    وكل الحياة متعلقة به!!

    وكل شيء يبدو باهتا ولا قيمة له أمامه ومقارنة به!!

    كلما حاولت أن تقسي تفكيرها قليلا حفاظا على حياتها العملية وقراراتها الشخصية

    يعود ليتحكم بها قلبها الرقيق ليذكرها أن هذا الرجل أعطاها من المشاعر التي لم تكن لأحد قبلها

    أعطاها المشاعر التي لم تعرفها هي إلا معه هو فقط!!

    ذكرها أنها أنثى وأشعرها بأنوثتها وهو يحتويها بحنانه ورجولته!!

    قد لا يكون هو الاحتواء الذي أرادته بالطريقة التي أرادتها

    ولكن الحياة لا تعطينا كل شيء

    والآن يكفيها من الحياة منصور فالحياة كلها لا قيمة لها بدونه!!


    كانت هذه أفكارها التي أخرجها منها سماعها لصوت سيارته يدخل الباحة

    قفزت بلهفة لتنظر عبر النافذة

    وعيناها تراقبانه بلهفة عميقة وهو يوقف سيارته ثم ينزل منها متجها للبيت بخطواته الواسعة الواثقة


    " يا الله اشتقت لك

    اشتقت لك فوق ما تتخيل!!"






    #أنفاس_قطر#

    .

    .







    رد مع اقتباس  

  2. #142  
    المشاركات
    3,260


    بسم الله الرحمن الرحيم


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    ياصباح المودة يا أهل المودة


    نهار موفق ومغمور برحمات الرحمن ورضاه


    .


    ما أبي أطول عليكم لأن بارت اليوم طويل وتعبني


    بس فيه شوي تساؤلات أو ملاحظات


    .


    حلاقة جوزا لشنب ولحية عبدالله


    تدرون بنات أنا أتحسب للملاحظات الذكية


    عشان كذا توقعت البعض يقولون أشلون عبدالله ما حس بها


    لاحظوا أني قلت إنها حلقت بس أجزاء من الناحية اليمين


    الناحية اللي هي كانت نايمة عليها يعني ماتعمقت في الحلاقة ولا حلقت كل شيء


    الشيء الثاني اللي خطر ببالي عقب إنه البنات أكيد ظنوا إنها حلقت له بموس عادي


    عاد أقول يمكن هذا غلطي إني ما وضحت


    لكن بنات تذكروا أن جوزا كم مرة تحلفت له وقالت له أوريك


    يعني تخطيطها للحلاقة ليس تخطيط مرتجل خذت أقرب موس وحلقت له


    لكن أكيد إنها جابت موس بروفنشال عشان مايحس فيها


    هذي كانت الفكرة اللي برأسي ظنيتها وصلت لكم بس الغلط غلطي إني ماوضحت أكثر


    تدرون بنات أنا توقعت ملاحظة ثانية


    إنه زين إنه الموس مانزل شوي وقص رقبته لأنه الموس البروفنشال حاد جدا جدا


    يعني مسحة صغيرة على خده بتشيل الشعر بدون مايحس بأي شيء أبد


    تدرون بنات وأنا أكتب هالموقف قلبي عورني


    لأني ما أتخيل مرة تسوي كذا لرجالها مهما كان زعلها عليه


    هذا شنب الرجال ولحيته تطير فيها رقاب


    لكن أنا حبيت أجيب هالموقف بالذات عشان أجيب لكم وين وصلت كراهية جوزا


    ووين وصل حلم عبدالله ومحبته لها


    .


    .


    الشيء الثاني


    فيه بنات تسائلوا هل ممكن إن كاسرة وكساب قاعدين يمثلون على بعض لين يرجعون الدوحة


    أقول لكم كاسرة لا كاسرة واضحة جدا أمامكم وأنا قاعدة أبين لكم أشلون تتدرج مشاعرها بالتفصيل


    لكن كساب ما يمثل لكن يخطط غموضه مقصود وانتظروا عليه شوي


    .


    اليوم بارت عاصف مثل ماقلت لكم


    على الأقل من وجهة نظري يمكن مايكون كذا من وجهة نظركم


    لأنه هذا البارت بيحوي تحول كبير في العلاقة بين عفراء ومنصور


    ثم بيكشف لكم بعد ذلك عن إحساس مخبأ عند كاسرة


    ثم ينتهي بقفلة خاصة شوي ويمكن مُنتظرة من زمان


    .


    إليكم


    البارت التاسع والأربعون


    .


    قراءة ممتعة مقدما


    .


    لا حول ولا قوة إلا بالله


    .


    .



    بين الأمس واليوم/ الجزء التاسع والأربعون





    ربما تكون هذه المرة الرابعة التي تُعيد فيها ترتيب غرفتها

    والمرة العاشرة التي تعيد فيها تعديل الزينة على وجهها ووتتأكد اكتمال فتنتها وانسياب فستانها

    تريد أن يكون كل مايراه أمامه على أحسن هيئة

    وتريد أن تجد لها شيئا تلتهي فيه قليلا

    فهي عادت لبيتها من بعد صلاة العصر رغم أنها تعلم أنه لن يعود قبل العاشرة ليلا

    بدا لها هذا اليوم غاية في الطول ولا يريد أن ينقضي أبدا

    رتبت ثم أعدت العشاء ثم تأنقت وبخرت البيت كله لعشرين مرة

    ومازال لم يصل حتى الآن!!


    رغم أنها أرهقت نفسها بالتفكير اليومين الماضيين

    ولكنها حتى الآن لم تصل لقرار وكأن كل شيء معلق حتى يعود منصور

    فكل التفكير متعلق به!!

    وكل الحياة متعلقة به!!

    وكل شيء يبدو باهتا ولا قيمة له أمامه ومقارنة به!!

    كلما حاولت أن تقسي تفكيرها قليلا حفاظا على حياتها العملية وقراراتها الشخصية

    يعود ليتحكم بها قلبها الرقيق ليذكرها أن هذا الرجل أعطاها من المشاعر التي لم تكن لأحد قبلها

    أعطاها المشاعر التي لم تعرفها هي إلا معه هو فقط!!

    ذكرها أنها أنثى وأشعرها بأنوثتها وهو يحتويها بحنانه ورجولته!!

    قد لا يكون هو الاحتواء الذي أرادته بالطريقة التي أرادتها

    ولكن الحياة لا تعطينا كل شيء

    والآن يكفيها من الحياة منصور فالحياة كلها لا قيمة لها بدونه!!


    كانت هذه أفكارها التي أخرجها منها سماعها لصوت سيارته يدخل الباحة

    قفزت بلهفة لتنظر عبر النافذة

    وعيناها تراقبانه بلهفة عميقة وهو يوقف سيارته ثم ينزل منها متجها للبيت بخطواته الواسعة الواثقة


    " يا الله اشتقت لك

    اشتقت لك فوق ما تتخيل!!"



    شعرت أن الثوان التي تمر كأنها ساعات متطاولة

    حتى رأته يدخل بهدوء خطواته الواثقة الصارمة

    وقــفــت

    كانت تنظر له بتعمق كأنها تريد أن تروي ناظريها منها

    تأثرها يتعاظم وهي تتذكر أنه تزوج لثلاث مرات ومع ذلك لم تكن مشاعره لأحد سواها!!

    هذا الرجل العظيم المعتد بذاته إلى أبعد الحدود لم يسكب مشاعره إلا بين يديها!!


    ألقى السلام بنبرة جافة

    فردت عليه بنبرة مثقلة دفئا: وعليكم السلام وهانيك مازرت


    رد عليها بذات النبرة الخشنة الجافة التي يخاطب فيها مجنديه حينما يريد إشعارهم بالذنب:

    هانيش خير وعافية


    اقتربت لتتناول منه غترته ولكنه تناولها بنفسه وهو يلقيها على المقعد ثم يجلس في مكان بعيد عنها!!

    بينما كل ماكان يريده أن يدفنها بين ضلوعه التي أضناها الشوق

    أن يُشبع رئتيه الملهفوتين من دفء رائحتها/ أكسجينه للحياة


    اعتصم بصمته الفخم بينما كان يحترق من رغبته أن يسألها

    كيف هي وهل اشتاقت له كما اشتاق لها

    هل عجزت عن النوم كما عجز هو عن النوم الأيام الماضية

    وهل مازال زايد الصغير يتعبها كما يفعل والده



    همست له برقة مصفاة وهي تقترب لتجلس جواره: أجيب لك عشا


    فأجابها بخشونة: تعشيت مع زايد في الطريق


    تنهدت مازال حتى الآن لا يعرف أنه باللين سيحصل على كل مايريد

    همست بمصارحة عذبة: عادك زعلان


    أجابها بحزم: أنا ماسك روحي بالغصب.

    فمافيه داعي تفتحين الموضوع عشان ما أضايقش


    أجابته بحزم رقيق: لو مافتحناه اليوم فتحناه بكرة


    حينها تفجر غضبه المكتوم: كل اللي سويتيه غلط في غلط أول شيء تعانديني في سالفة الشغل

    ثم تسكرين على روحش في غرفة كنش خايفة مني

    ثم عقبه تطلعين من البيت وأنا راقد بدون ماتعطيني خبر


    الغريب أنه وهو يتدفق بحمم غضبه كانت هي تبتسم بشفافية بالغة الحميمية

    رغما عنها ليس في ذهنها سوى أنها تريد أن تخبره كم تحبه!!

    حتى وهو يبدو كطفل غاضب منهمر بصراخه !!


    استمر في غضبه الحازم المشتعل: ليش تبتسمين لذا الدرجة كلامي يضحك


    تفجر استغرابه وهي تمد أناملها لتمسح على عارضه وهي تهمس بذات الابتسامة الشفافة وهي تنـزف مشاعرها الصافية بين يديه

    لا يمكن أن تصبر أكثر عن همس كلماتها بين يديه

    فهي بحاجة بالفعل لإخباره بمدى حبها له تعبت من هذا الغضب العقيم وتريد انهائه:

    تدري إني أحبك

    حتى وأنت زعلان أحبك

    حتى وأنت معصب أحبك حتى وأنت عاقد حاججك أحبك


    الغريب المؤلم الجارح لأبعد حد أن الذي حدث أن منصورا عقد ناظريه بعتب غاضب:

    قربنا نكمل شهرين متزوجين عمرش ماقلتي لي ذا الكلمة

    كنت منتظرها من شفايش فوق ما تتخيلين

    لكن إنش ترخصينها عشان تسوين اللي في رأسش هذا اللي ماهقيته منش ياعفرا

    ظنش يوم بتقولينها لي بأسلم لش واقول أنا عصاش اللي ماعصاش

    لا يابنت محمد لا أنا منصور آل كساب ماني من اللي يفرون رأسهم بكلمتين تلعبين فيها علي!!


    حينها تغيرت ملامح وجه عفراء وانطفئت ابتسامتها الرائعة كقنديل ذوى فتيله وهي تهمس بكلماتها المبعثرة كأنها تبصقها ألما:

    تدري منصور حتى الرد خسارة فيك

    لكن خلني أقول الكلمتين اللي في خاطري!!

    ما أدري يا حضرة العقيد متى بتعرف أني مرتك ماني بجندي عندك

    ما ادري متى بتعرف إنه حياتنا مهيب معركة أنت اللي لازم تفوز فيها

    تدري منصور أنا خلاص رفعت الراية البيضاء أنت معركة خاسرة بالنسبة لي

    خلاص نمشّي اللعبة حسب قواعدك

    أنت الذكي الحويط اللي ماحد يقدر يخدعك ولا يفرض شروطه عليك!!

    أنت المنتصر وأنا الخسرانة

    والخسران لازم ينسحب من من أرض المعركة





    **********************************






    " خليفة كنك تأخرت الليلة

    قوم روح لشقتك نام بعد أنت عندك بكرة موعد بدري مع دكتور الأسنان

    عساه يلقى حل لأسنانك اللي كل يوم ضاربة عليك!!"


    خليفة يبتسم: بأروح الحين

    ودكتور الأسنان اتصلت عليه وأجلت الموعد


    جميلة بتساؤل: ليه يعني أنت قاعد الحين على المسكنات


    خليفة بهدوء: ماأجلته مرة وحدة أجلته للعصر

    عشان ولد خالتج اتصل لي ويقول إنه ياي يزورج بكرة الصبح هو ومرته قبل يردون الدوحة


    جميلة نظرت ليديها بسكون: كسّاب!! ما توقعت أبد هذه الزيارة منه

    أكيد عمي زايد هو ملزم عليه يزورني


    خليفة بتلقائية: حياه الله متولهين نشوف أي حد من الدوحة


    جميلة بتساؤل به نبرة الهم: يعني منت بزعلان منه عشان تصرفاته السخيفة معك

    يوم جا المرة اللي فاتت مع أمي


    خليفة ابتسم: لا طبعا وليش ازعل أنا أصلا كنت عاذره

    لو حد يدوس على طرف أخواني أنهشه

    هو كان متضايق عشان أخوه وهذي سالفة راحت خلاص


    جميلة بهمس يزداد هما كأنها تحادث نفسها: الله يستر من ذا الزيارة

    تدري خليفة أنا أشوف كساب بالضبط مثل أخي الكبير مثلي مثل مزون

    و من كثر مامزون تحب كساب وتهتم في رأيه وزعلهانتقلت لي نفس العدوى

    كسّاب شين إذا عصب ويوجع يوجع واجد

    وجرحه لا جرح ما يبرى!!


    خليفة لم يرتح مطلقا لما قالته ولكن بما أنه ورد في كلماتها الكلمة السحرية التي أراحت باله (مثل أخي). فهو لن يشغله باله بالبقية المقلقة

    وقف خليفة ليربت على كفها وهو يهتف بحنان: لا تهتمين من كسّاب ولا غيره دام أنا يمج






    ****************************************






    رد مع اقتباس  

  3. #143  
    المشاركات
    3,260

    "زين لقينا ذا المحل عاده مفتوح واشترينا منه

    بس هو بروحه يكفي ماشاء الله كبير وفخم وكل شيء فيه"


    كساب يضع الأكياس جانبا ويهتف بنبرة فخمة واثقة:

    المحل هذا قعد مفتوح لاني اتصلت في صاحبه وطلبت منه ينتظروننا شوي

    وإلا هم المفروض سكروا قبل ساعة من وصولنا


    كاسرة ترفع حاجبا وتنزل آخر وتهمس بنبرة تهكم:

    طبعا وأنت تموت لو ماطلعت في صورة اللي يمشي العالم على كيفه


    كساب يهز كتفيه وهو يهتف بحزم: لا مشيت العالم على كيفي ولا شيء

    هذا بيزنس إز بيزنس علاقات شغل ومجاملة


    كاسرة حينها تنهدت وهي تخلع عباءتها: طيب بنت خالتك ماجبنا لها شيء

    عادي نروح لها كذا بدون هدية لها


    كساب بنبرته الحازمة الطبيعية: بنت خالتي مريضة بكرة ناخذ لها ورد وشكولاته

    وعلى العموم هي تحب الاكسسوارات والعطور والمكياج وما أعتقد إنها بتستخدم شيء منها الحين


    حينها تصاعد الضيق في روح كاسرة رغما عنها وهي تهمس باستغراب:

    ماشاء الله عارف ذوق بنت خالتك بكل تفاصيله!!


    كساب بذات النبرة الحازمة التلقائية: جميلة لين قبل سنتين وأنا أحيانا أوديها السوق مع خالتي

    أكيد أعرف ذوقها لأني بعيني أشوف اللي تشتريه


    ثم أردف بخبث وهو ينتبه لاستغرابها : تدرينأموت عليش وأنتي غيرانة!!


    حينها هتفت بنبرة باردة: قلت لك الغيرة هذي في أحلامك بس أنا استغربت

    أنا أشك يكونون أخواني عارفين اللي أحبه بذا الدقة!! بينما أنت عارف بنت خالتك وش تحب


    حينها هتف كساب بتلاعب خبيث: وجميلة بعد تحب من الألوان الوردي ليش إنها دلوعة

    وتحب من العطور أي عطر في غرشة ملونة أقول لش ذوق دلوعات


    حينها وقفت كاسرة وهي تهتف بغضب: لا عاد هذا تقليل مقصود لاحترامي ماراح أسمح لك فيه


    أنهت عبارتها وهي تستعد للمغادرة لأنها شعرت أنها ستنفجر وهي لا تريد مطلقا أن تظهر بمظهر من لا تستطيع السيطرة على انفعالاتها


    ولكنها فوجئت بكساب يمسك بها وهو يشدها ناحيته ويمسك بخصرها وهو يهتف بنعومة مقصودة:

    وأنتي تحبين من الألوان الأخضر الغامق

    وتحبين من العطور اللي داخل فيها ريحة الصندل أشك حتى أنش تعرفين ذا الشيء

    أنا عرفت عنش ذا الأشياء من عشرة أسبوعين ماتبين أعرف عن جميلة اللي عاشت عمرها كله معنا


    حينها رفعت كاسرة عينيها لتنظر إلى عينيه وهي تهمس بعمق:

    كسّاب أنت ليش تحب تضايقني كذا !!


    مد يده ليمسك بذقنها وهو يهتف بذات النبرة الناعمة المقصودة:

    وأنتي ليش ماتبين تعترفين أنش غيرانة


    كاسرة أفلتت من بين يديه وهي تهمس بغضب : لأني ماني بغيرانة ومافيه سبب يخليني أغار

    وإذا أنت مفكر إن هذا سلاح تستخدمه ضدي فانا ممكن أستخدم نفس السلاح

    وأذوقك طعم الغيرة واعتقد أني عندي من المؤهلات اللي يخدمني!!


    قالت هذه العبارة لمجرد إغاضته فيستحيل مطلقا أن تفكر مثل هذا التفكير المريض

    ولكن هذا الكساب بات يثير جنونها إلى أقصى حدتريد أن تثير جنونه قليلا !!

    تريد أن ترد له الصاع !!


    عاود كساب شدها ناحيته بقسوة وهو يهتف بذات قسوة لمسته:

    والله لو سويتي ذا الشيء او حتى خطر ببالك

    أو حتى فكرتي فيه مجرد تفكير تدرين وش بأسوي فيش


    كاسرة تحاول التفلت من قبضته دون فائدة وهي تهمس ببرود حازم: وش بتسوي يعني


    كساب بحزم بالغ وعيناه تطلقان شررا مرعبا: بـأذبـحـش!!





    ***************************************






    كانت مستغرقة في النوم حين رن هاتفها أزاحت حسن الصغير عن ذراعها حتى تستطيع النهوض وتناول هاتفها

    كان هو المتصل عبدالله كان بودها ألا ترد

    ولكنها لا يمكن أن تترك فرصة لإشباع غضبها المتزايد عليه فيه


    أجابت بعصبية: نعم هذا وقت حد يكلم فيه يا الأجلد (الأجلد= الذي لا لحية له ولا شنب)


    انفجر عبدالله ضاحكا: حلوة الأجلد ذي!ّ اجلد ببركاتش ياهانم

    ثم أردف بعمق وخفوت: لا تلوميني لو أزعجتش ميت أبي أسمع صوتش بس

    لا وهو فيه بحة النوم كذا ذبحتيني!! والله العظيم ذبحتيني!!

    اشتقت لش حبيبتي!!


    جوزاء بذات العصبية: سبق لي وقلت لك أني ما أداني الكذب

    وحضرتك متصل علي ذا الحزة عشان تصدعني بكذبك


    عبدالله بابتسامة: أول مرة أشوف وحدة كذابة ما تداني الكذب!!


    جوزاء همست باستنكار شديد وهي تخفض صوتها حتى لا توقظ ابنها: أنا كذابة!!


    عبدالله بتلاعب: إيه كذابة ونص

    ثم أردف بنبرة خافتة عميقة مقصودة ينغم نبراتها: تقولين ما اشتقتي لي مع أني سامع أنفاسش تقول إنها اشتاقت لي

    وسامع دقات قلبش تقول إنها اشتاقت لي


    جوزاء باستنكار أشد وهي تخفض صوتها أكثر: أنت شيء من اثنين

    يا استخفيت.يأما ما تسمع عدل

    والاحتمال الأول والله العالم هو الأقرب للصحيح

    لأنك لو تسمع عدل متأكدة بتسمع كلام عكس اللي تقوله


    عبدالله بنبرة أعمق: ماعلي من كلام لسانش علي من كلام قلبش


    جوزاء ببغض: أنت بتطولها وهي قصيرة خلصنيتبي شيء أو خلني أنام


    عبدالله يعدل المخدة وراء ظهره ويهتف بيقين بنبرة مدروسة: إيه بطولها لأنها طويلة

    وانتي بتقعدين تسولفين معي لين الصبح!!


    جوزاء بصدمة: نعم ومن قال لك عندي استعداد أستحمل مغثتك للصبح


    عبدالله بنبرة غريبة خليط من حزم شديد وحنان عميق:

    اليومين اللي فاتوا كنت زعلان عليش وماكلمت مع أني الشوق ذابحني من يوم طلعت من الدوحة

    لكن شأسوي غلاش أكبر من كل شيء

    والحين كل ليلة بكلم وبتقعدين معي لين الصبح وإلا أشلون باستحمل ثقل ذا الأيام وأنا بروحي هنا ما أعرف حد ولا حد يعرفني


    جوزاء بتصميم: آسفة ماعندي استعداد أضيع ليلي عليك حتى لو مافيني نوم


    عبدالله بتصميم أشد: هذا أمر مني لش وغصبا عنش تسولفين معي مهوب رضاش وإلا نامي وأنا غضبان عليش

    مهوب ذا كله أساسا من تحت رأسش أبعدتيني من هلي ومنش ومن حسن

    وأنا مابعد شبعت منكم


    جوزاء بغضب: أنت ليش تسوي فيني كذا ليش ترجع وتمسكني من يدي اللي توجعني


    عبدالله بنبرة مقصودة: زين إنه فيه لحد الحين شيء ممكن يجبرش تسوين شيء ماتبينه


    حينها همست جوزاء بنبرة مقصودة: زين دام تبينا نقعد نسولف للصبح خلنا نجيب سالفة تأخذ ذا الوقت كله

    قل لي وش كنت تسوي السنين الأربع اللي غبتها وأنت تقول للناس أنك ميت

    يعني ما أعتقد أنك كنت فاقد الذاكرة وكنت تشتغل نجار وإلا زبال


    عبدالله بنبرة مشابهة: بأقول لش كل شيء بس مهوب الحين في الوقت المناسب


    جوزاء بغضب: مكتوم: ومتى الوقت المناسب


    عبدالله ببساطة حازمة: أنا اللي أحدده مهوب أنتي!!


    عبدالله يخشى أنه إن أخبرها الحقيقة أن تتخذها عذرا للهرب منه أو طلب الطلاق

    فهي تكرهه ونحن حينما نكره شخصا نسيء الظن في كل تصرفاته

    ومهما شرح لنا دوافعه وأسبابه فنحن لن نرى إلا الجانب السلبي

    وعلى العكس حينما نحب شخصا ما فأننا من نبحث له عن المبررات ونجد نفسنا مجبرين على مسامحته!!

    من أجلنا قبل أن يكون من أجله

    وهذا هو ما ينتظره!!

    أن تحبه أولا!!

    لتجد هي له العذر قبل أن يسوق هو لها الأعذار!!






    ****************************************






    " مافيش حاجة خطيرة خالص

    هو شوية إرهاق وهي ئالت لي إنها ليها يومين بترجع كل حاجة بتأكلها

    وجسمها مافيهوش سوائل

    أدي الحكاية كلها مافيش داعي للئلئ

    أنا هسيبها يومين عندنا عشان نتطمن عليها"


    كانت الطبيبة توجه الخطاب العملي الودود للرجال الثلاثة الذي كانوا يقفون أمامها بملامح مرهقة متحفزة

    حينما أنهت خطابها غادرت وتركتهم في مكانهم أمام باب غرفة عفرا


    ليهتف زايد بحزم وهو يوجه الخطاب لعلي: علي روح جيب أختك تقعد عند خالتها ولا تروعها عليها


    ثم أردف بحزم أشد وهو يوجه الحوار لمنصور:

    وأنت شد الستارة على مرتك

    وخلنا ندخل داخل مانبي نتفاهم في السيب قدام العالم (السيب=الممر)


    منصور دخل وشد الستارة قلبه متخم تماما بالأسى!!

    يشعر أن جسده مفتت من قلقه عليها

    كان يريد أن يلتف ليراهايريد أن يشبع عينيه منها يريد أن يضم كفيها لصدره يريد أن يطمئن برؤية محياها

    ولكنه قبل أن يفعل ذلك فوجئ بصوت زايد الحازم:

    خلاص أدخل


    منصور بضيق: ادخل

    لأول مرة ورغم محبته الكبيرة لزايد لأول مرة لا يريد أن يراه يريده أن يغادر ويتركه معها لوحدهما

    لا يريد أن يتدخل احد بينهما بأي حق يتدخلون بينهما

    هي حبيبته هو روحه هو زوجته هو

    فأي حق لهم هم ليتدخلوا بينهما


    زايد دخل ليقف هو ومنصور بين الستارة والباب وهو يهتف بحزم:

    اسمعني يامنصور عفرا بتروح لبيتي عقب ما تطلع من المستشفى


    منصور برفض قاطع: أرجوك زايد ما تتدخل بيني وبين مرتي

    أنت أخي الكبير وعلى عيني ورأسي بس مرتي بترجع بيتي وما لاحد دخل بيننا


    زايد بغضب مكتوم حتى لا يزعج عفراء النائمة: اخص واقطع إلا شكلك يامنصور نسيت إني أخيك الكبير وتحسبني أصغر صبيانك

    اسمعني عدل حكي ياصلك ويتعداك صحيح أني حلفت إنها ماعاد ترجع لك بس هذي حزة شيطان

    عفرا مرتك وأم ولدك بس أنت والله العالم مزعلها زعل(ن) كايد

    وأنت يوم خذتها خذتها من بيتي

    فعفرا بترجع لبيتي وأنت بتجي تعّذر لها وتأخذ بخاطرها وتشوف اللي يرضيها في بيتي وقدامي

    عقب ذاك لو هي بغت ترجع ترجع بكيفها وأنا الله يسامحني على الاستعجال في الحلوفة بأدفع كفارة واصوم بعد


    منصور بحزم بالغ: آسف يازايد قلت لك ما لحد دخل بيني وبين مرتي

    وأنا ماني بمعتذر وأنا ماسويت شيء خطأ

    وعفرا بترجع لبيتي أنا


    لم يعلما كلاهما أن هناك طرف ثالث لم يكن نائما وكان يستمع بكل وجع العالم ودموعه تنهمر بغزارة


    (لذا الدرجة أنا رخيصة عندك يا منصور؟!

    مستكثر علي تكبر قدري قدام زايد عقب ما فشلتني فيه؟!

    يا الله يا منصور وش ذا القسوة؟!! وش ذا القسوة؟!)



    قاطع جدلهما الدائر صوتها الضعيف القادم من خلف الستارة: أبو كساب


    انتفض الاثنان في وقت واحد وشتان بين شعورهما شعور زايد بالحمية

    وشعور منصور باللهفة


    هتف زايد بحزم: هلا والله آمريني!!


    عفراء بحزم رغم ضعف صوتها البالغ: قول لأخيك يتوكل لبيته وأنا إذا طلعت من المستشفى رجعت للبيت اللي كان ضامني ذا السنين كلها

    الظاهر مالي بيتي غيره


    منصور يكاد يجن وهو يهتف بصدمة: وش ذا الكلام يأم زايد

    وبيتش تخلين بيتش


    دموعها بدأت تسيل رغما عنها وهي تهمس بذات النبرة الحازمة الموجوعة:

    البيت بيتك جعلك تهنا به أنا أبي أرجع لعيال أختي وكل واحد يدور راحته


    منصور بعتب عميق: أفا عليش يأم زايد أفا عليش

    الحين وش بيتي ووش بيتش

    وأبد ولا يهمش البيت بكرة أسجله باسمش وعديني ضيف عندش


    عفراء بنبرة قاطعة رغم أنها شعرت أن ماستقوله سيمزقها: منصور أرجوك روح لبيتك قلت لك أنا بأرجع لبيت بو كساب


    حينها شد له منصور نفسا عميقا وهتف بحزم: وكم تبين تقعدين هناك


    عفراء بذات نبرتها الحازمة: على الأقل لين أولد وعقبه نتفاهم!!!


    منصور باستنكار غاضب: نعم نعميا ســلام!!

    معنى كذا أكثر من ست شهور هذي عمرها ماصارت في التاريخ

    مرة تأخذ راحة من بيتها ست شهور

    أنتي صاحية وإلا مجنونة

    ثم تغير صوته لقسوة موجوعة: وإلا عـايـفـة


    عفرء لم تجب عليه وهي تضع ذراعها الحرة الخالية من أسلاك التغذية على وجهها

    وتسيل دموعها بصمت


    بينما زايد يهتف بحزم: خلاص سمعنا مافيه الكفاية

    أمش معاي بلا فضايح مزون الحين بتجي مع أخيها!!


    منصور غادر معه ودون يراها شعر أنه أحرج نفسه أكثر كثيرا في سبيلها دون أن تهتم هي به

    موجوع منها ومجروح لأبعد حد وهي تحرجه بهذه الطريقة أمام شقيقه وابنائه

    وتدخلهم في مشاكلهما الخاصة


    " تبين سنة ياعفرا

    اخذي سنة سنتين

    براحتش!! "




    *************************************





    " يعني ما أشوفش ملهوفة على شوفة عروس ولد خالتج"


    جميلة هزت كتفيها بلا مبالاة: أنا ما أعرفها عشان أتلهف على شوفتها

    هذي مجرد زيارة مجاملة ثقيلة عليهم اثنينهم

    يعني عرسان في شهر العسل معذورين ماحد راح يتشره عليهم لو ماجاو وزاروني


    حينها ابتسم خليفة: ترا بعد ولد خالتج هذي مع احترامي له دمه ثجيل مرة وحدة وشايف نفسه


    هزت جميلة كتفيها بابتسامة طفولية: حرام عليك دمه ثقيل يمكن بس شايف نفسه لا مع إن شكله يعطي كذا


    خليفة بهدوء: بس وايد كلف على نفسه شوفي الورد والشكولت اللي وصلنا اليوم الصبح

    وايد ستايل ومبين عليه غالي


    جميلة قطبت حاجبيها وهي تهمس بحزن شفاف غزا قلبها: تكفى لا تذكرني بسلال الشكولاته الله لايردها


    وهما في حوارهما رن هاتف خليفة همس بعد أن أنهى الاتصال: كاهم برا غطي ويهج بس بيسلم عليج من عند الباب


    جميلة غطت وجهها بشيلتها بينما خليفة خرج ليقف مع كساب خارجا

    ودخلت كاسرة لتقف في الزاوية


    كساب هتف بنبرته الحازمة الطبيعي: مساش الله بالخير جميلة بشريني منش

    أشلونش الحين!!


    جميلة همست بطبيعية: الحمدلله أحسن بواجد

    أنت أشلونك وألف مبروك زواجك


    كساب بهدوء حازم: االه يبارك فيش تبين شيء قاصرش شيء


    جميلة بنبرة عفوية وربما حملت رائحة التقصد: مشكور الله لا يخليني من خليفة

    ما يخلي شيء يقصرني


    اتسعت ابتسامة خليفة وسعادة بريئة غمرت روحه وهو يسمع جميلة ثم يغلق الباب وينسحب مع كساب للجلوس في الاستراحة


    بينما كاسرة حين أُغلق الباب تقدمت وهي تخلع نقابها لتقف جميلة للسلام عليها



    جميلة لا تنكر تصاعد ضيق عميق في روحها وهي ترى حُسن كاسرة وتألقها

    عروس بالفعل متألقةمتأنقة كما يُفترض من عروس

    ضيق ذكرها بحالها هي أيضا مازالت تعتبر عروس ولكن شتان بين العروسين!!

    تتذكر حالها قبل مرضها كان يُضرب المثل بتأنقها البالغ واهتمامها المبالغ فيه بزينتها

    كن صديقاتها يقلن لها: (خاطرنا نشوف كشختش وأنتي عروس إذا هذي كشختش الحين)


    وهاهي عروس خالية من أي مظاهر توحي بذلك

    إحساس مر بالنقص والحزن غزا روحها المثقلة

    وهي تتذكر كيف كانت وكيف أصبحت!!

    تمنت في داخلها لو أن كاسرة لم تزرها فهي ليست في حاجة للاحساس بمزيد من المرارة والنقص!!


    كانت هذه الأفكار تدور في رأس جميلة في الثوان القليلة التي تلت خلع كاسرة لنقابها


    بينما كانت كاسرة تهمس برقة وذوق احترافيين: أشلونش جميلة


    جميلة بسكون حاولت أن تدفع فيه بعض الحماسة: ياحيا الله عروستناألف مبروك

    أنا طيبة أنتي أشلونش


    كاسرة بذات النبرة اللبقة: الله يبارك فيش وأناالحمد لله تمام إن شاء الله أنش الحين أحسن


    جميلة بذات النبرة الساكنة: أحسن ألف مبروك زواجش

    بشريني من هلش أختش وضحى وش أخبارها تخرجت ذا الفصل صح؟


    كاسرة ابتسمت بشفافية عند ذكر أختها: إيه فديتها تخرجت وطلبوها للتوظيف بعد

    وعقبالش إن شاء الله


    جميلة بحزن: الله يعين الفصل اللي فات اعتذرت والفصل اللي بيجي بعد طلبت من البنات يقدمون لي اعتذار

    هذي سنة راحت من عمري


    كاسرة بنبرة مؤازرة: هانت كلها كم شهر وترجعين


    جميلة حينها هتفت بذوق: والله كلفتوا على نفسكم واجد في الورد والشكولاته


    كاسرة بابتسامة: أنا أصلا متفشلة منش كان ودي إني جبت لش شيء هذا مهوب قدرش


    حينها ابتسمت جميلة وهمست بعفوية: يا بنت الحلال وش تجيبين

    هذي هدية كساب عادها في يديوأنتي وهو واحد


    قالتها وهي تشير للساعة الثمينة التي في يدها حينها بالفعل اشتعلت كاسرة بضيق فعلي وهي تنظر للساعة الثمينة التي كانت يسار جميلة

    كانت أغلى بكثير من الساعة التي جاءتها مع شبكتها مع أن الساعة التي جاءتها كانت ثمينة جدا

    ولكن ساعة جميلة بدت أكثر من مسمى ثمينة بكثير بعلامة التاج التي تدل على ماركتها الفارهة

    والتماعة أحجار الألماس الكثيفة المتراصة التي كانت تخطف الأبصار

    إحساس كاسرة تجاوز الضيق لشعور أعمق وأكثر مرارة

    ليست محدودة التفكير لتغضب من هدية أهداها لابنة خالته وقبل أن يتزوجها أيضا

    ولكن ساعة بهذه القيمة المهولة حتى وإن كان كساب مقتدرا تدل على المكانة المهولة لمن اُهديت الساعة له


    جميلة بذات الابتسامة العفوية: مع أني كان من المفروض أكره ذا الساعة

    لأن كساب جابها لي رضوة لأنه زعلني زعل كايد

    بس من الغبي اللي ممكن يكره ساعة مثل هذي


    حينها تصاعد ضيق كاسرة للذروة

    (الهدية رضوة لها بعد

    لو راضاني عن كل مرة زعلني فيها خلال ذا الأسبوعين بس بهدية مثل ذي

    كان أنا الحين مليونيرة)


    ورغم إحساسها الذي خنقها ولكنها هتفت بابتسامة محترفة غاية في الود:

    عليش بالعافية تجنن في يدش


    جميلة حين أنهت عبارتها السابقة شعرت أنها قد تكون تجاوزت حدودها ولكنها عادت لتطمئن مع رد كاسرة المريح اللبق

    لم تشعر أبدا بالجنون المسعور الذي أثارته بعبارتها

    كانت كاسرة تريد أن تمد يديها لتضغط على جانبي رأسها الذي شعرت به يتفجر من الصداع

    ليست غبية لتعلم أنها تغار وأن هذا الشعور المؤلم اسمه (الغيرة)

    والتي بلغت أقصى درجاتها عندهابل هي تعلم يقينا مهما أنكرت ظاهريا

    أنها تغار عليه منذ يومها الاول معه

    بل أنها خلال الأسبوعين الماضيين كادت تجن من الغيرة وهي تراه يبالغ في التأنق كلما خرجا وأعين النساء تلاحقه

    بينما هي تدعي أنها لا تلاحظ أو لا تهتم بينما هي كانت تحترق في داخلها حتى الترمد

    وهاهي اكتملت عليها اليوم بلقاء جميلة


    فهل هذه هي نتائج دعوة صديقتها فاطمة عليها التي دعت عليها أن يبتليها الله بالغيرة على زوجها ردا على غرورها الدائم

    حينما كانت كاسرة تتفاخر أن من تغار هي من تخشى على زوجها أن يرى أجمل منها

    ولكن هي واثقة أنه لن يرى أجمل منها حتى تغار!!


    وهاهي الآن تغار وتغار وتغار وتغار حتى أبعد مدى تغار عليه

    شعور مؤلم وجارح لمن هي مثلها في ثقتها بنفسها في قوة شخصيتها في جمالها الذي لا يتكرر

    فهل يعاقبها الله على غرورها حين يجعلها تعاني من هذا الإحساس المر الجارح لأنوثتها وجمالها


    ولكنها على كل حال يستحيل أن تُشعر كساب بأي شيء

    فهو حريص على إثارة غيرتها بينما هي تخبره أنها لا تغار فكيف حينما يعلم أنها لا تغار فقط ولكنها تكاد تُجن من الغيرة عليه!!

    ومن ناحية أخرى يستحيل أن تضع نفسها في موقع ضعف!!


    ولكن رغما عنها.تزداد مرارة السؤال في روحها:

    "هل الغيرة دليل حب. أم محض تملك!!"





    ************************************





    " خالتي بس اشربي شوي شوربة"


    عفراء تشير بيدها بضعف وتهمس بخفوت: بس يأمش خلاص


    مزون باهتمام بالغ: بس شوي فديت قلبش


    عفراء تهز رأسها رفضا وتهمس بضعف: يأمش قومي جهزي أغراضي واتصلي على سواقتي خلها تجي نطلع من المستشفى


    مزون باستنكار: وش تطلعين. الدكتورة تقول بكرة تطلعين


    عفراء بنبرة نفاذ صبر مرهقة: يأمش لا تراديني وش فرق اليوم من بكرة

    ثم أردفت بألم: والشيء الثاني كساب واصل بكرة الصبح ماأبيه يجي وانا في المستشفى ويعرف السالفة يتمشكل مع عمه

    تعرفين الاثنين كبريت وما يتفاهمون

    وبعدين مايصير يجي البيت هو ومرته ماحد منا فيه وأنا والله العظيم أحسن


    مزون بنبرة حذرة وهي تقف لتبدأ في جمع الأغراض: عمي اتصل فيني كم مرة اليوم يسأل عنش بشكل غير مباشر

    ثم انحدر صوتها بألم: كسر خاطري حاسته مثل اللي مضيع له شيء ويدور له

    تخيلي عمي منصور كسر خاطري!!


    عفراء بألم أعمق: مزون يأمش لا تهقين أني أرخصت عمش عمش غلاه ما ينحكى به

    بس كذا يأمش أحسن قرب عمش يستنزف الواحد لين آخره

    وأنا أساسا تعبانة ومافيني أستحمل.





    ****************************************





    " طول الرحلة وأنتي متضايقة من شيء

    ممكن أعرف وإلا سر"


    كاسرة بهدوء متمكن وهي تستوي جالسة في السيارة التي تنقلهم من أرض المطار لمبناه: مافيني شيء مرهقة بس


    كساب بنبرة حازمة: أنا مارضيت حد يستقبلنا قلت مافيه داعي نزعج أحد الصبح بدري كذا

    وشناطنا بأعطي أوراقها واحد من موظفيني هو بيجيبها لأنه احنا بنصلي الحين ثم بنطلع الحين فورا ما ابي أتاخر

    سيارتي بيجيبها لي واحد من سواقين الشركة لأني بأروح الشركة وأنتي بترجعين مع سواقة خالتي


    كاسرة بصدمة: نعم

    ما تبي ترجع معي أشلون تبيني أدخل بيتكم بروحي

    حتى من باب الذوق عيب عليك!!

    تو الناس على الشركة الساعة الحين خمس ونص الصبح!!


    كساب بحزم عملي: لا تسوينها سالفة مكان شركتي هنا قريب من شارع حمد الكبير يعني 5 دقايق من المطار

    لكن لو بأوديش للبيت أبي لي ساعة ثم ساعة ثانية لين أرجع

    وأنا طالبهم كلهم لاجتماع الساعة 6 الصبح

    لازم أنكد عليهم شوي!!


    كاسرة بحزم بالغ: وتنكد علي بعد !!

    كساب عيب عليك اللي تسويه

    أنت لو مارجعتني بنفسك اسمح لي ماراح أروح لبيتك بأروح لبيتنا

    ماراح أهين نفسي وأنا داخلة بيتك بروحي عقب ماحذفتني واحنا عادنا في المطار


    كساب بحزم: سوي اللي تبينه إذا خلصت شغلي تفاهمنا





    *************************************





    " كاسرة أنتي جيتي والا انا أتحلم"


    تنحني لتقبل جبينه للمرة الثانية وتهمس بمودة مصفاة قريبا من أذنه:

    جيت فديت قلبك


    فتح عينيه بتثاقل وهو يمد يده أمسكت يده بلهفة وهي تشده بحنو لتجلسه ثم تقبل ظاهر كفه الضخمة التي احتفظت بها بين يديها


    هتف بشجن عميق: الحمدلله على السلامة يأبيش ماكن في الدوحة حد عقبش

    حتى النفس ثقيل من عقبش أنا أشهد أني فقدتش وأني اشتحنت (فقدتش= افتقدتكِ)


    مالت لتقبل كتفه وهي تهمس بنبرة تذوب حنانا: أصلا لو ما فقدتني بأزعل


    مزنة تقف وهي تستند للباب وعلى شفتيها ابتسامة مثقلة بالشجن:

    ها أجيب لكم قهوة تقهوون


    الجد يشير بيده: إيه جيبيها خلي بنتي تقهويني القهوة مالها طعم عقبها


    مزنة غادرت بينما الجد يسأل كاسرة باهتمام: وين رجالش يأبيش


    كاسرة بهدوء متمكن: يبه الوقت مبكر ذا الحين راح وعاده بيرجع يسلم عليك


    الجد بذات النبرة المهتمة: أربش مستانسة يابيش ومرتاحة مع كساب


    كاسرة بذات الهدوء المتمكن: الحمدلله فديتك من الله في خير


    تدخل الخادمة بالقهوة تتبعها مزنة التي جلست على الأرض بجوار القهوة

    كاسرة برفض: والله ما تصبينها أنا باصب

    قالتها وهي تنزل من جوار جدها لتجلس جوار والدتها وتشد القهوة ناحيتها


    حينها همست مزنة بصوت منخفض حازم: وش السالفة يا بنت بطني


    كاسرة تحاول ادعاء عدم الفهم: أي سالفة يمه


    مزنة بذات النبرة الحازمة المنخفضة: جيتش ذا الحزة وأنتي كنتي قلتي لي قبل أنش بتروحين لبيتش وعقبه بتجينا

    ولا تكذبين علي يا بنت


    كاسرة بهدوء وهي تجيبها بصراحة مُعدلة ودون أن تضخم الأمور

    فهي لا تريد مطلقا أن تبدو بمظهر المظلومة أو مكسورة الجناح فهذا الدور لا يليق بها:

    كسّاب عنده شغل ضروري ماقدر يأجله وأنا استحيت أروح لبيته بروحي

    فقلت له أني بأجي هنا وهو بيأتي يأخذني عقب


    مزنة نظرت لها وكأنها تريد أن تسبر داخلها لتكتشف ماداخلها ليقاطع نظراتها هتاف الجد: أنتي سجيتوا مني وين قهوتي





    **************************************





    " يالله وأخيرا أنتي هنا ماني مصدقة

    ما تتخيلين وش كثر اشتقت لش"


    كانت هذه عبارة وضحة التي قالتها وهي تجلس جوار كاسرة وتحتضن ذراعها

    رغم أنها لها أكثر من ساعة منذ نزلت لتتفاجأ بوجود كاسرة جالسة مع والدتها في الصالة

    ليطير النعاس كله من عينيها ويحل مكانة سيول من الدموع وهي تنزل ركضا لتلقي بنفسها بين ذراعي كاسرة وهي تبكي بحرقة


    كاسرة تربت على ذراعها التي تحتضن ذراعها وتهمس بمودة صافية: وأنا اشتقت لش بعد ما تتخيلين وش كثر

    وجبت لش بعد هدايا وش كثر ياالله عشان تكشخين في الدوام


    كاسرة التفتت على أمها وهي تتسائل: يمه امهاب متى بيجي


    مزنة بمودة: الليلة إن شاء الله


    حينها ابتسمت كاسرة: زين أني قابلت تميم قبل يروح لشغله ويعني ربعه في الشغل إلا يحرقونه مسجات يجيهم

    ماخلوه يقعد معنا شوي!!

    ثم أردفت باهتمام: يمه وش أخبار تجهيزات عرس تميم


    مزنة بتلقائية: خلاص يأمش كل شيء جاهز الله يتمه على خير


    .

    .


    بعد صلاة الظهر وهو لم يتصل بها حتى!!

    أي زوج هو هذا الزوج؟!!

    هل هو ابتلاء من رب العالمين لاختبار مدى تحملها وصبرها


    كانت تريد أن تتمدد قليلا حين رن هاتفها

    رقم بالغ الفخامة والتميز بتسلسله الفاخر!!

    اعتدلت جالسة والرقم يضيء على الشاشة للمرة الثانية

    مثل هذه الأرقام لا تتصل خطأ


    ردت بحذر حازم وهي تتخذ نبرتها العملية الواثقة: نعم


    أتاها الصوت الرجولي الفخم الفاخر كرقمه تماما: مساش الله بالخير يأبيش

    أنا عمش زايد


    كاسرة شعرت بصدمة حقيقية لم تتخيل ولو لحظة أنه قد يتصل بها توقعت أنها ستراه حينما تذهب للبيت

    ردت باحترام جزيل: هلا والله يبه وش ذا الساعة المباركة اللي سمعت صوتك!!


    أجابها بنبرته الواثقة الفاخرة: أدري أني مقصر يأبيش كان لازم أني كلمتش يومكم في جنيف بس أنا قلت خلكم تأخذون راحتكم


    أجابته بذات نبرة الاحترام العميقة: ما يلحقك قصور يبه!!


    ليفاجأها فعلا بقوله الحازم: زين يأبيش انزلي لي أنا انتظرش تحت في الحوش

    أنا دريت بالحركة السخيفة اللي سواها كساب وجاي أخذش بنفسي وكساب دواه عندي

    مزون وخالتها ينتظرونش من الصبح ومسوين لش غدا وهم حتى استحوا يكلمونش من سحاهم من سوات كساب


    حينها تمنت كاسرة أن تنشق الأرض وتبتلعها لم تكن تريد مطلقا أن يلاحظ أحد أن هناك شيئا غير طبيعي بينها وبين كساب

    ولكن تصرفات كساب تجعل الأعمى يلاحظ فكيف بمن هم ليسوا عميان؟!!

    قد يكون في حضور عمها بنفسه لأخذها رد اعتبار حقيقي لها

    ولكن كيف ستركب معه لوحدها وهي من كانت تعد العدة لهذا اللقاء

    لو أن كسابا موجود أو حتى أحدا من أهله وهي ترى زايدا للمرة الأولى

    كانت رهبة اللقاء قد خفت قليلا ولكن أن تراه لوحدها؟!!


    ليست خائفة مطلقا ولا يوجد سبب لتخاف ولكنها هيبة زايد

    الرجل الذي رسمت له في خيالها الآف الصور والذي تشعر بهيبة لقائه حتى نخاع النخاع


    نزلت ركضا لوالدتها وهي تلبس عباءتها على عجالة وتهتف بنفس مقطوع:

    يمه عمي برا جاي يأخذني


    مزنة أجابتها ببساطة: اطلعي لعمش لا تعطلين الرجال


    كاسرة برجاء حقيقي قلما سمعته مزنة منها: يمه تكفين البسي عباتش واطلعي معي بس لين أسلم عليه


    مزنة باستنكار: نعم!! وليش إن شاء الله

    لا تقولين لي خايفة منه عاد ما يلبق عليش كلش

    خلصيني يا بنت بلا دلع وروحي لعمش عيب تنقعينه على الباب


    كاسرة برجاء أشد استغربته مزنة أشد الاستغراب: يمه تكفين تكفين

    ماتوقعت أني أول مرة بأشوفه بأشوفه بروحي ما تتخيلين وأشلون هايبة شوفته

    لو تميم هنا كان خليته يطلع معي

    يمه البسي عباتش ووقفي عند الباب بس تكفين يمه ما طلبت منش شيء

    تكفين







    #أنفاس_قطر#

    .

    .

    .






    رد مع اقتباس  

  4. #144  
    المشاركات
    3,260
    بسم الله الرحمن الرحيم


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    (آسفة على شوية التأخير الاتصال كان رأسه يوجعه شوي :) )


    صباحكم خير ومودة ورحمة


    يا هلا بالكل والله العظيم أنكم كلكم غالين


    لا يشكون الغوالي الجدد إن الغوالي القديمين أغلى منهم لكل اسم من أسمائكم وقلب من قلوبكم مكانه اللي مايشاركع فيه حد


    كل من هو عنى لي هنا وأشترك عشاني الله يكبر قدره مثل ما كبر قدري


    وكل حرف ينكتب هنا أقراه بحرص ومحبة وسعادة فوق ما تتخيلون


    .


    .


    بعض الغوالي يقارنون بين فارس ومنصور


    ما أدري يمكن لأن الاثنين شايفين حالهم صارت المقارنة


    لكن أنا أشوف أن الموقفين مختلفين


    لا موقف الزعل ولا موقف الحل


    فارس نهائي ما انحرج قدام أحد ومارضى يعتذر أو يراضيها لحد ماهي جاته


    لكن منصور انكسر كسرة شينة قدام أخيه وولده


    وفيه شيء ولا وحدة منكم انتبهت له


    إنه قال لها وهم بعدهم في المستشفى قدام زايد ( بأكتب لش البيت واعتبريني ضيف عندش)


    مالاحظتوا أشلون هالرضوة كبيرة؟!! :)


    .


    .


    تساؤل تكرر أكثر من مرة وأنا مارديت عليه يمكن لأني حسيت الجواب واضح


    بس بما أنه تكرر لازم أجاوب


    هل يعيش كساب وكاسرة حياة زوجية كاملة


    نعم عدا الأيام الثلاثة الأولى التي انشغل بدورة التسلق


    من بعدها وهما يقضيان معظم وقتهما معا


    فما الذي يمنعهما من اتمام سنة الله في الحياة <== حسيت أني غبية وأنا أجاوب على السؤال :)
    .
    .
    " ملاحظة زيادة تم إضافتها عقب مانزل البنات

    فيه بنات الظاهر زعلوا مني
    حسبوا أني أقول عن سؤالهم إنه غبي!!

    حاشاكم والله العظيم
    والله العظيم ماخطر ذا الشيء ببالي
    ولو شفته غبي ماجاوبته
    لكن أنا حسيت نفسي فاشلة وأنا أجاوب عنه
    فأنا حسيت نفسي غبية

    والسموحة من كل وحدة تحسست من الكلام
    وأنا آسفة
    وألف مرة السموحة وأمسحوها بوجهي يالغوالي
    والله العظيم ماقصدت غير نفسي "
    .

    .
    .


    ملاحظة ذكية من متابعة أذكى وأغلى


    ملاحظتها مادامت جميلة تشعر أنها ستموت حين خرجت من الدوحة فلماذا أخذت معها مجوهرات؟ :)


    .


    يمكن لأن الساعة عندي ليست محض قطعة مجوهرات للزينة ولكنها ضرورية جدا


    ويمكن لأني أنا نفسي لو باموت مستحيل أخلي ساعتي


    أنا دخلت غرفة الولادة وساعتي في يدي والممرضات يحاولون يأخذونها عشان التعقيم وأنا رافضة


    لحد ماشالتها أمي من يدي :)


    .


    وجميلة حتى قررت مغادرة الدوحة كانت واعية فأين المشكلة أن يكون بيدها ساعة لتعرف الوقت


    وحين تموت ستؤول للورثة :)


    يعني هي لم تلبس لا عقد ولا خاتم أي المجوهرات بمعنى مجوهرات الساعة شيء مختلف وضروري!!


    أم أنها يجب أن تأخذ معها محض ساعة رخيصة لأنها ستموت :)


    تدرين ياقلبي أحس الفكرة هذي فيها قسوة يعني لأني بأموت خسارة أروح معي بساعة غالية!!!


    مين أغلى أنا وإلا والساعة ؟!!


    .


    حكاية الساعة كان لابد أن تحضر


    لسببين الأول التعرف على غيرة كاسرة


    والثاني أنه كساب حين أساء لجميلة قال لخالته سأحضر لجميلة هدية لم تحصل بنت في الدوحة على مثلها


    وبعض البنات فعلا تسائلوا: وش هي الهدية قلت لهم بتعرفون في الوقت المناسب.


    .


    .


    يالله لقاء الشيبان. إن كانوا بيلتقون *ـــ^


    .


    الجزء الخمسون


    .


    قراءة ممتعة مقدما


    .


    لا حول ولا قوة إلا بالله


    .


    .




    بين الأمس واليوم/ الجزء الخمسون





    كاسرة نزلت ركضا لوالدتها وهي تلبس عباءتها على عجالة وتهتف بنفس مقطوع:

    يمه عمي برا جاي يأخذني


    مزنة أجابتها ببساطة: اطلعي لعمش لا تعطلين الرجّال


    كاسرة برجاء حقيقي قلما سمعته مزنة منها: يمه تكفين البسي عباتش واطلعي معي بس لين أسلم عليه


    مزنة باستنكار: نعم!! وليش إن شاء الله

    لا تقولين لي خايفة منه عاد ما يلبق عليش كلش

    خلصيني يا بنت بلا دلع وروحي لعمش عيب تنقعينه على الباب


    كاسرة برجاء أشد استغربته مزنة أشد الاستغراب: يمه تكفين تكفين

    ماتوقعت أني أول مرة بأشوفه بأشوفه بروحي ما تتخيلين وأشلون هايبة شوفته

    لو تميم هنا كان خليته يطلع معي

    يمه البسي عباتش ووقفي عند الباب بس تكفين يمه ما طلبت منش شيء

    تكفين


    مزنة برفض: يأمش عيب عليش تطلعيني قدام الرجال


    كاسرة تتنهد: يمه ما أقدر أطلع جدي أوقفه في الشمس وإلا كان خذته

    عدا أنه لين أروح لجدي وألبسه وأطلعه أبي لي على الأقل عشر دقايق

    تكفين تأخرت على عمي ومتفشلة منه

    بس وقفي عند البابلين أنا أسلم عليه واركب معه عقب ارجعي داخل


    مزنة كان بودها رفض هذا الموقف المحرج لكنها لم تسمع مطلقا كاسرة تترجاها بهذه الحرارة

    لم ترد كسر خاطرها وهي ترجوها بهذه الطريقة غير المسبوقة

    عدا أنه رأت أن الموقف ليس ذا أهمية حتى تحمله أكثر مما يحتمل!!

    ( وش فيها

    بألبس عباتي إن سلم رديت السلام وانتهينا)


    مزنة هتفت بحزم: خلاص بأدخل أجيب عباتي دقيقة وحدة بس


    مع دخول مزنة للداخلرن هاتف كاسرة كاسرة ردت بحرج: هلا يبه


    زايد بحزم حنون: وش فيش يأبيش لا تكونين زعلانة على كساب وماتبين تروحين معي


    كاسرة باستنكار: لا والله أنا أصلا ماني بزعلانة من كساب

    وحتى لو كنت زعلانة وأنت جايني بروحك رضيت

    بس أنا فديتك أنتظر أمي تلبس عباتها لأنها تبي تطلع تودعني عند الباب


    حينها بدا لزايد كما لو كان سمع شيئا غير طبيعي خارق للعادة

    سهم اخترق سمعه ليرشق في مكان قصي من روحه!!

    مكان ظل لها وحدها طيلة أكثر من ثلاثين عاما!!

    مكان لم يقترب منه أحد لأن ذكراها كانت تحرسه بوحشية وتمنع أيا كان من مجرد الاقتراب من حدوده!!


    "هل قالت أن مزنة ستخرج معها

    هل قالت ذلك

    أم أنا كنت أهلوس وأتخيل؟"


    شعر أن ذلك السهم الذي رشق في روحه أحدث عطبا وفتقا غير قابلين للرتق!!

    فهو طيلة السنوات الماضية لم يراها مطلقا وحرص ألا يراها

    كان يخشى من دمار كهذا!!

    هاهو الآن يرى نزيف روحه يتجسد أمامه بحيرات بحيرات

    يكاد يقسم أنه يرى احمرار الدم أغرق سيارته حيث يجلس!!

    يحاول إيقاف النزف فلا يستطيع

    وكيف يستطيع ومجرد سماعه أنه سيراها دفع مئات الذكريات المطرزة برائحتها وابتسامتها وعنفوانها وحتى سلاطة لسانها!!

    وكل ذكرى لا تتوانى عن طعن روحه بلا رحمة!!

    وكل طعنة تحدث مزيدا من النزيف!!


    "الظاهر يازايد أنك كبرت وخرفت

    احترم نفسك وسنك

    السنين مرت

    والحين بتصير جد والقلب علته مابرت؟!! "


    ( وبقدر السنوات التي مرت عظمت ذكراها

    فكل سنة تمر تجسد الذكرى حتى باتت أسطورة!!

    والأساطير لا تتحقق يازايد لا تتحقق!!

    .

    لا أريد أن أراها

    لا أريد لن أنظر لناحيتها حتى!!

    فهل يستطيع أحد أن ينظر للأساطير بعينيه

    إلا إن كان مجنونا

    أو يريد أن يُجن ؟!!)



    كان إحساسه كإحساس من كان يتنفس طوال عمره عبر فتحة أشبه بفتحة ابرة حتى اعتادت رئتيه على قلة الهواء

    ثم قالوا له أنك تستطيع أن تتنفس كل هواء العالم دفعة واحدة

    حينها كيف ستكون ردة فعله

    سيرفض

    لأنه يخشى على رئتيه التفجر


    هكذا هو حاله تماما يخشى على قلبه أن ينفجر

    قلبه الذي توقف عن النبض منذ واحد وثلاثين عامامنذ المرة الأخيرة التي رآها فيها

    يقولون له الآن استعد لتشغيل قلبك بكل طاقته

    كيف سيحتمل القلب الساكن طوال ثلاثة عقود أن يعود للنبض وليس أي نبض ليس أي نبض!!

    إنها مزنة مزنة!!

    هل يعلمون من هي مزنة؟!!


    طوال هذه السنوات التي مضت كانت حينما تمر ذكراها بخياله حتى الخيال يقف احتراما لذكراها!!


    شد له نفسا عميقاشعر بألم مروره عبر قصبته الهوائية المختنقة

    وهو يضع كفه اليمين على الناحية اليسرى من قفصه الصدري ويضغط بشدة

    لأنه يشعر بألم حقيقي يمزق عضلات قلبه

    يتمنى لو يستطيع أن يشق قفصه الصدري لإخراجه من مكانه

    يتمنى لو أنه لم يحضر لإحضار كاسرة

    يتمنى ألا تخرج مزنة مع ابنتها!!


    ولكن امنياته ذهبت أدراج الرياح وهو يرى كاسرة تخرج

    وخلفها خيال آخر ملتف بالسواد تماما اعتصم بمكانه قريبا من الباب!!

    بينما كاسرة تقدمت نحو سيارته

    وجد نفسه حينها يقع في حيرة ما اعتادها أبدا وهو من يقرر قراراته دون تردد

    هل يبقى في سيارته حتى تركب معه ويسلم عليها في بيته

    أم ينزل ليسلم عليها أولا


    وجد أنه مجبر على النزول فحضوره هنا أساسا كان لرد بعض اعتبار الفتاة بعد إحراج ابنه لها

    وهو في جلوسه في سيارته سيحرجها أكثر


    نزل من سيارته وهو يركز نظره على كاسرة فقط ويحاول ألا ينظر ناحية شيء عداها

    ( لا تنظر ناحيتها

    لا تنظر ناحيتها

    لا تنظر ناحيتها!!!)


    كاسرة رفعت نقابها فوق رأسها فسيارته كانت تقف حاجزا بين بوابة البيت وبينها

    تلقته لتقبل أنفه وهي تشعر أنها غير قادرة على السيطرة على انفعالها

    بينما كان زايد رغم تركيزه فيها عاجز عن رؤية ملامح وجهها حتى

    تلقاها بتحية فخمة برمجها عقله العملي الحاضر: هلا والله ببنتي ياحياش الله نورتي الدوحة


    أجابته بتهذيب: الله يحيك نورها فيها دامك فيها


    "أقصر مني قليلا لكنه مهيب فعلا تشعر بهيبته تحيطك رغما عنك!!"


    (شكله في الجرايد غير

    حتى الوسامة والله إنه وسيم جذاب

    مع أنه مافيه مواصفات الوسامة السخيفة المتوارثة

    والله إنه أحلى من ولده البايخ)


    "هو كذا فيه شيء يشدك لا تعلم ماهو"


    هكذا كانت أفكار كاسرة وهي تتبادل السلامات والتحيات مع عمها

    بينما مزنة مازالت تقف في مكانها

    توقعت أنه سيلقي عليها السلام ولكنه لم يفعل

    ولا يبدو أنه سيفعل

    لم تهتم فربما لم ينتبه أصلا لوجودها فهي لا تتوقع أنه تجاهلها عمدا!!


    لا تعلم أنه تجاهلها عمدا لأنه عاجز عن احتمال نتائج عدم تجاهلها

    يعلم أنه كان من الذوق أن يلقي عليها السلام من بعيد

    ولكنه رأى الأسلم أن يدعي أنه لم يراها

    إذا كان شعر بمجرد رؤية الخيال الذي تحاشى بعدها مجرد الالتفات له

    أنه قد يتداعى وينهار يتداعى بكل ما تحمله الكلمة من معنى

    فكيف لو ألقى عليها السلام وردته


    " لا أريد أن أسمع صوتها حتى!! أريد أن أحتفظ به في ذاكرتي كما كاندون أن أنبشه وأنبش مواجعي أكثر من هذا

    لن أحتمل المزيد ولا بأي صورة يكفي أن احساسي بوجودها معي في ذات المكان

    يكاد ينسفني نسفا!!!

    لا أريد أن أسمعها وأجد أن صوتها هو ذاته لم يتغير فتتجدد جروحي

    لا أريد أن أسمعها وأجد أن صوتها أكثر نضجا وأنوثة فتزداد جروحي

    لا أريد أن أسمعها وأجد أن صوتها ماعاد يحمل شيئا من رائحة صوتها القديم فتُنسف جروحي"


    (يا الله يا الله خل الدقايق ذي تخلص على خير!!)


    انتهت الدقائق فعلا

    شد له نفسا مبتورا وهو يعود لسيارته ويهتف لكاسرة بحزم أبوي: اركبي يأبيش


    كاسرة عادت لوالدتها وهي تهمس لها بخفوت: يمه أركب قدام وإلا ورا


    أمها تبتسم وهي تضع كفها على طرف كتفها:

    اركبي قدام يأمش مهوب سواق عشان تركبين ورا


    كاسرة بتوتر: أدري يمه بس ما أدري ليه معه حاسة كل شيء مقلوب


    حينما رآها تعود لأمها شعر أن ألم عضلات قلبه يعود بقوة حتى حدود التمزيق المتوحش:

    يالله هونها وعدها على خير ماعادني بحمل ذا كله


    ثبت نظره على مقود السيارة حتى سمع صوت فتح كاسرة للباب

    حينها وبشكل حاد مفاجئ التفت للمكان الذي كانت تقف فيه مزنة

    رأى طرف أناملها فقط على الباب وهي تدخل ثم تغلق الباب خلفها

    رأى طرف أناملها فقطكأنها تودعه للمرة الأخيرة!!

    أنامل مزنة!!


    لم تكن محض أنامل كانت علامة من تاريخه الإنساني الذي لا يتكرر

    ثلاثون عاما مرت بين رؤيته لها آخر مرة واليوم

    فمتى يراها مرة أخرى؟


    شعر كما لو أن الأكسجين الذي كان يُعمر العالم قبل لحظات قد نفذ كله

    (وش فيها لو أني سلمت بس

    سمعت صوتها بس!!

    يا الله يا صوتها!!)


    مد يده ليفتح أعلى جيب ثوبه بحثا عن أكسجين يعلم أنه لن يحصل عليه

    لم يخرجه من حالته إلا صوت كاسرة القلق: يبه فيك شيء


    حينها تذكر المخلوقة التي تجلس جواره

    والتي جاء أساسا هنا من أجلها فإذا بالزيارة تتحول لكارثة فعلا

    ويتناسى السبب الذي جاء من أجله

    هتف بصوت مرهق فعلا ورغما عنه لأنه حاول جاهدا إخفاء إرهاقه فلم يفلح:

    مافيني شيء يأبيش

    أنتي قولي لي وش أخبار كساب معش


    همست بعذوبة: تمام كساب ما يقصر


    صوتها لا يشبه صوت أمها صوتها عذب أنثوي واثق

    ولكن صوت مزنة كان متفجرا بالحياة إلى أبعد مدى

    هكذا كانت أفكاره تغتالهبل تقتله

    أفكاره تعود وتذهب وتعود لترجع إلى مزنة!!

    لم يعلم أن مجرد الأفكار التي ستثيرها رؤيتها ستكون مؤلمة بل قاتلة هكذا!!


    هتف زايد بذات النبرة المرهقة: لا تغطين على سواد وجهه

    الحركة اللي سواها ماني بمطوفها له وكنه الليلة ماجا وحب رأسك وتعذر

    فأنا ما أنا بولد علي آل كساب وذا الشنب على مرة!!


    كاسرة انتفضت بخفة يجبر كساب على الاعتذار؟

    تتخيل ما الذي قد يُجبر كساب على الاعتذار فلا تجد لا تتخيل شيئا قد يلوي ذراع كساب

    بدت لها فكرة اعتذار كساب مثيرة وفي ذات الوقت مقلقة!!


    همست كاسرة بهدوء: أنا اقدر ظروف شغل كساب وعارفة إنه تارك شغله ذا الأيام كلها فلازم إنه يرجع له


    ابتسم زايد: كذا المرة الأصيلة تدمح خطأ رجّالها لكن خطأ كساب كبير

    وأنا بأعرف أحاسبه عليه


    زايد نفسه مازال لا يعرف الطريقة التي سيجبر فيها كسّاب على الاعتذار

    فهو مثلها يعرف أنه لا يمكن أن يلوي ذراع كساب

    لكنه حتى ذلك الحين سيرتجل



    .

    .


    يدخلان إلى البيت


    يهتف زايد بمودة: اخذي راحتش يأبيش علي خذ له جناح تحت وبابه على برا

    وحتى أنا خذت لي غرفة تحت

    لأن عفرا ذا الأيام عندنا


    كاسرة لا تنكر إحساسها بالحرج وهي تخلع نقابها وتدخل

    حينها رأى وجهها بوضوح

    فتح عينيه وأغلقهما وهو يشعر أن الألم الفعلي الذي لا يريد مبارحة قلبه اليوم يتزايدويتزايد!!


    " يا الله بها شبه كبير من والدتها

    وخصوصا التماعة العينين المتمردة التي كانت تأسرني وت وتذبحني وتنهيني في لحظات!!

    وقد تكون أجمل من مزنة بكثير

    ولكن حسن مزنة كان شيئا مختلفا في عيني مختلفا لأبعد حد!!"


    (يا الله يبدو أنها لن تبرح تفكبري اليوم)


    مزون وعفراء ووقفتا بمودة وهما ترحبان بكاسرة ترحيبا دافئا حماسيا بكل المودة!!


    بينما زايد هتف بإرهاق وهو يغادر: مزون يأبيش أنا بأروح أنسدح

    قوميني لصلاة العصر ما أبي غدا

    والله الله في كاسرة


    زايد غادر بينما مزون همست بقلق: خالتي فديتش قهوي كاسرة ثم طلعيها لغرفتها ترتاح لين الغدا

    أنا بأروح أشوف أبي وش فيه مهيب عوايده!!


    .

    .


    حين دخلت عليه كان يخلع ثوبه

    حين رآها ابتسم: وش فيش يأبيش ليه خليتي مرت أخيش ماقهويتيها


    مزون بقلق: يبه وش فيك مهيب عوايدك تنسدح ذا الحزة وقبل ما تتغدى


    زايد بأبوية حانية: مرهق شوي يأبيش شيبنا ماعاد فيه لياقة مثل أول!!


    مزون تبتسم: وش شيبت أنت أساسا شيخ الشباب


    يتمدد على سريره ويهمس بإرهاق: وش شبابه يا الله حسن الخاتمة


    مزون تجلس جواره على سريره وتهتف بضيق: تدري إني ما أحبك تقول كذا

    يبه أنت ترد العين عنك تراني ما أنا بنظول


    ابتسم وهو يربت على كفها ويغلق عينيه: يأبيش بس أبي أتمدد شوي حاس مافيني حيل


    مزون انتظرت عنده لدقائق حتى ظنت أنه غرق في النوم أغلقت الإضاءة والباب خلفها بخفة وهي تغادر

    لم تعلم أنه لم ينم ولن يستطيع النوم ولكن جسمه خال تماما من أي طاقة!!

    كما لو أن رؤيتها سحبت كل المؤشرات الحيوية من جسده

    كما لو أن كل ما يعتصم به من جلد طوال حياته تبخر في لحظة واحدة!!

    هذا وهو لم يراها فعلا بمعنى الرؤية فكيف لو رآها!!


    (الظاهر يازايد أنك كبرت وخرفت

    عمر اللي راح مايرجع

    عمر اللي راح مايرجع )




    .

    .



    " تعالي يأمش ادخلي برجلش اليمين وسمي باسم الله

    وادعي إن الله يعطيش من خير المكان ويكفيش شره"


    كاسرة خطت للداخل مع عفراء وهي تفعل كما تقول وتبتسم: هذا أنا سميت ودعيت


    وهي تهمس في داخلها (أكيد محتاجة الدعوات من ربي بلاها بولد أختش محتاجة الدعوات والصبر)


    عفراء بمودة: شوفي شناطش كلها حطيناها هنا ماقلتي لنا إنش تبين نرتبها كنا رتبناها خليناها لين تجين

    حتى شناطش اللي قبل


    كاسرة بمودة: الله يعطيش العافية خالتي أنا بارتبها بنفسي


    عفراء بحنانها الطبيعي: إن بغيتي مساعدة منا وإلا من الخدامات تكفين لا تستحين


    ثم أردفت عفراء بحرج: يأمش أنا مالي وجه من سوات كساب

    بس تكفين لا تزعلين منه أنتو في أول حياتكم

    ولو كبرتي الشيء بيكبر ولو صغرتيه بيصغر.


    كاسرة بمودة: ماني بزعلانة وأنا مقدرة ظروف شغل كساب


    عفراء غادرت وهي تهمس بمودة: خلاص الغدا عقب ساعة تكونين ارتحتي شوي

    وترا عقب كم يوم نبي نسوي لش عشا اعزمي كل ربعش


    كاسرة كانت تتقدم لداخل الغرفة إن كان يصح تسميتها محض غرفة

    كانت أشبه ما تكون بشقة ضخمة تبدأ بغرفة جلوس وتنتهي بغرفة النوم مرورا بقسمين آخرين أحدهما فيه مكتب ومكتبة ضخمة والآخر فيه أجهزة رياضية

    المساحات شاسعة جدا ويوجد حمامان أحدهما في غرفة الجلوس والآخر في غرفة النوم

    في داخلها لم تشعر بالارتياح للمكان فاره جدا فخم جدا قاس جدا بارد جدا

    تمنت مكانا أصغر أدفأ أكثر حميمية!!

    كانت تقول إنها حين تعود للدوحة تستطيع محاصرة كساب اكتشاف خباياه

    بينما هما خلال شهر العسل كانا شبه متلاصقين طوال الوقت عدا الأيام الثلاثة الأولى التي أخذ فيها دورة التسلقولم تستطع اكتشاف شيئا

    فكيف هنا في ظل انشغاله بعمله ثم حين يعود يستطيع الابتعاد عنها حتى وهما في مكان واحد في مثل هذه الغرفة المملوءة بأماكن التباعد


    تشعر بحياة مقبلة ملأى بالتعقيدات بينهما وهاهي التعقيدات بدأت في ظل شعور أهله أنه أخطأ بحقها وهم يكيلون لها الاعتذارات

    لا تريد أن يشعر أحد بما بينها وبين زوجها فهي تستطيع حل مشكلاتها لوحدها

    لا تريد أن تبدو مثارا لشفقتهم وزوجها يتعمد تجاهلها

    فهي تستطيع حل مشاكلها!!!

    أو. إنهائها من أساسها!!





    ***************************************






    رد مع اقتباس  

  5. #145  
    المشاركات
    3,260


    " تدرين أني اشتقت لعبود الخايس

    ما لحقت أشبع منه إلا هو ناط مسافر

    وما أدري متى بألحق أشبع منه وأنا بأرجع باريس عقب شهر!!"


    جوزاء تنظر بحرج لعالية التي كانت تهمس هذه العبارة بتأفف حقيقي

    وتكمل بذات التأفف: اليوم كلمته أسأله متى بيرجع يقول لي يمكن أسبوع بعد نعنبو وش ذا الشغل!!

    حتى أمي متضايقة واجد تقول المسكين مالحق يتهنى ولا يرتاح إلا هم منتدبينه شغل

    وأبي مثلها بس طبعا ابي مستحيل يبين ابي كان عامل حسابه إن عبدالله بيوديه العمرة عقب أسبوعين

    خاطره في خوته على طريق طويل ماشبع منه ولا من سوالفه

    الحين خلاص مايقدر يقول له يوديه وهو توه راجع من السفر


    كانت عالية تنهمر بتأففاتها المتذمرة المغلفة بحزن بالغ الشفافية

    بينما جوزاء تستمتع بحرج وهي تحاول ألا تظهر حرجها وهي تحاول الإنشغال بحسن الجالس في حضنها

    تحاول ألا تشعر بالذنب ولكنها تشعر بذنب عميق ليس من أجل عبدالله

    فهو يستحق مافعلته وأكثر منه أيضا

    ولكنها تشعر بالذنب من أجل أهله الذين أبعدته عنهم وهم مازالوا ملهوفين له وعليه


    رن هاتف عالية وهي مازالت مستمرة في موال الشكوى من غياب عبدالله

    كان المتصل هو نايف يطلبها أن تأتيه في مجلس النساء


    عالية ذهبت لنايف لتتناول جوزاء هاتفها وترسل بأنامل مرتعشة:


    "عبدالله تكفى

    لا تتاخر

    تكفى ارجع في أقرب وقت"


    حين وصلت رسالتها لعبدالله شعر كما لو أن أحرف الرسالة مسامير لاهبة انغرزت في شغاف قلبه حتى أقصاها

    ومع ذلك شعر في داخله بتوجس ما

    (وش عندها جوزا

    أكيد مهيب خالية وراها شيء)


    ولكن رغما عنه أثرت به رجاءاتها لأبعد حد أرسل لها:


    "اشتقتي لي صح

    قولي أنش اشتقتي لي وأفكر عقبها أرجع"


    حين وصلها رده اشتعلت غضبا:


    "قلت لك قبل اشتاق أشوف الموت ولا أشوفك

    بس هلك فاقدينك واجد

    أنا حبيت أبري ذمتي وأبلغك!!"


    حينما وصله رسالتها شعر بتصاعد السخرية المرة في روحه:


    " خوش تبرية للذمة!!

    ليش ما تقولين أنش حاسة بالذنب عشان اللي سويتيه

    وعلى العموم متى ماقدرت أرجع

    رجعت عشان هلي اللي فاقديني

    مهوب عشانش!!"


    ألقت بهاتفها جوارها وهي تشعر بالغيظ:

    إيه اطلع على حقيقتك يا الكذاب!!

    خلك كذا لا تكذب علي






    ********************************************







    "هاه يامش أشلون مكانش"


    كاسرة تنظر حولها وهي تزم شفتيها بعدم رضى ومع ذلك أجابت والدتها بثقة:

    الحمدلله يمه زين.


    مزنة بمودة وهي تثبت الهاتف على أذنها: زين الليلة أنا وأختش وعمتش وشعاع بنجيش ونجيب لش قهوة

    جوزا كان جات معنا بس رجّالها الحين مسافر تقول لا رجع جاتش إن شاء الله


    كاسرة تبتسم: من جدش يمه!! وش قهوته


    مزنة تبتسم: لازم نجي ونكبر قدرش قدام جماعتش بعد وضحى طالبة لش فوالة غير شكل!!


    كاسرة بمودة: الله لا يخليني منكم ما ابي إلا شوفتكم


    مزنة بتساؤل عفوي باسم: إلا عمش وش أخباره معش ها طلع يأكل بشر يومش خايفة منه؟!!


    كاسرة بابتسامة عذبة: ماني بخايفة منه بس هايبته فيه فرق وفعلا يمه لازم الواحد يهابه

    اتسعت ابتسامتها: تدرين يمه عمي يجنن لو هو اللي كان خطبني بدال ولده كان واقفت عليه بدون تردد

    بس يا الله الحين أكتفي فيه اب وأتصبر بولده!!


    مزنة تضحك: صدق ماعندش وقت.

    إلا تعالي ليش عمش ماعنده ذوق كذا

    حتى السلام ما سلم علي وأنا واقفة كني طوفة


    كاسرة بلباقة: ما أدري يمه يمكن ما أنتبه أنش واقفة ما اعتقد إنه بينتبه ومايسلم أصلا هو جنتل وكله ذوق






    ******************************************






    " هلا والله بالعريس ياحياك الله"


    كساب يلتفت لعمه ويهتف بنبرة مقصودة: الله يحيك


    كساب توجه لعمه وهو عائد من عمله دون أن يعود لبيته حتى

    فعلي أبلغ كسابا بوجود خلاف بسيط بين عمه وخالتهوأن خالته عندهم الآن حتى يمتص غضب كساب قبل أن يعود للبيت

    لم يعلم أنه لن يعود وأنه سيتوجه لعمه مباشرة رغم أنه على كل الأحوال كان من المستحيل أن يأخر السلام على عمه

    وخصوصا أنه توجه لشركة والده في الصباح وسلم عليه!!


    كساب سأل عمه بذات النبرة المقصودة: عمي أبي أسلم على خالتي قم نروح داخل لها


    حينها نظر له منصور بنصف عين: تدري يا ولد أخي ترا دور البريء مايلبق عليك

    ما سمعت المثل اللي يقول: مبروم على مبروم مايلف

    وأنا وأنت كل واحد منا مبروم

    أنت داري إن خالتك في بيتكم فليش محاولة التغابي البايخة ذي!!


    حينها سأله كساب بنبرة يحاول أن يتحكم بالغضب فيها:

    وخالتي وش اللي وداها لبيتنا ياعمي وش اللي طلعها من بيتها


    منصور بحزم: أسأل خالتك أنا ماطلعتها من بيتها هي اللي باعت البيت وراعيه


    حينها هتف كساب بغضب: خالتي طول عمرها تستحمل وما تشتكي وماحدها على ذا إلا شيء كايدوش سويت فيها


    منصور بحزم أشد: أص ولا كلمة


    كساب انقلبت عيناه من الغضب: لي أنا تقول أص


    منصور هز كتفيه بسخرية مريرة: زايد قالها لي وأنا بيني وبينه ست سنين

    فليش ما أقولها لك وبيني وبينك 15 سنة

    تدري كساب أنت آخر واحد يحق له يفتح ثمه


    كساب يحاول أن يكتم غضبه حين بدت له حرقة عمه: وليش مايحق لي أفتح ثمي


    منصور حينها كان من هتف بغضب: لأنك منت برجّال ولا حركتك اللي سويتها في مرتك اليوم حركة رجّال

    أنا لو أني راجع مع مرتي من سفر واتصلت فيني قيادة الجيش شخصيا

    كان قلت لهم بأوصل مرتي للبيت وعقب بأجيكم

    مهوب أحذفها في المطار وأخليها ترجع بروحها


    كسّاب استرخي في جلسته وهو يهتف ببرود: ماشاء الله ما أسرع وصلتك العلوم


    منصور رد عليه ببرود مشابه: مثل ما وصلتك العلوم.


    كساب ببرود حازم: لا تقارن خالتي بمرتي كل مرة لها طريقة تعامل

    وأنا بعد لو كنت راجع من السفر وخالتي هي اللي معي كان لازم أوصلها للبيت أول

    لو حتى كان شغلي كله بينهار


    منصور بحزم: المرة هي المرة. عشان كذا أنت مايحق لك تتكلم

    يعني لو زايد يعاتبني أقول له عتابك على رأسي

    لأنه بعيني شفت أشلون كان زايد يعامل وسمية كان باقي يحطها على رأسه من كثر ما يحترمها ويعزها مهوب مثلك


    حينها سأله كساب بحزم: زين يحترمها ويعزها كان يحبها؟!!


    منصور بحزم: فيه زواجات واجد تستمر وتنجح وهي مافيها حب لكن مافيه زواج يستمر بدون احترام


    حينها نظر كساب لعمه بشكل مباشر وهتف بمباشرة حازمة:

    زين دامك ماشاء الله قاعد تعطي نصايح وعارف مشكلتي مع مرتي

    وش مشكلتك أنت مع خالتي ما كنت تحبها أو ماكنت تحترمها


    منصور بنبرة حازمة: أنا عارف عدل وش مشكلتي مع خالتك لا هي قلة احترام ولا قلة حب

    لأنه ماظني فيه رجال يحب مرته ويحترمها مثل ما أنا أحب خالتك واحترمها

    مشكلتي اللي أنا عارفها عدل أني رجال عسكري

    أنا في العسكرية من يوم عمري17 سنة العسكرية ربتني أكثر من هلي

    وطبعي العسكري حاضر حتى في بيتي

    وأعرف نفسي عنيد ورأسي يابس وما أتراجع في قراراتي

    ماحسنت صورتي ولا دورت أعذار لروحي


    ثم انهمر بعتب عميق عاصف: وخالتك عارفة عيوبي ذي كلها وعارفة قبل ذا كله أني ما أحبها تدخل حد في حياتنا

    لو أنها ماصغرتني قدام زايد وعليلو أنها مادخلت حد بيننا

    ولو أنها عقب مادخلتهم بيننا احترمتني وماكبرت السالفة ورجعت معي لبيتها كان شلت جميلها فوق رأسي

    أنا حتى البيت قلت لها باكتبه لها

    ولو أنها رجعت للبيت كان أنا قعدت في المجلس لين تولد لو بغت وكان سويت لها كل اللي هي تبغيه

    لكن خالتك باعتني وصغرتني

    فلا تجي ذا الحين يا ولد أخي تنفخ صدرك علي وتبي تحسسني أني غلطت على خالتك

    إيه أنا غلطت بس غلطها هي أكبر لأن مشكلة أي زوجين دامها بينهم فهي صغيرة وتنحل

    لكن يوم تطلع برا بيتهم تكبر وحلها يصير صعب واجد.





    **************************************






    " بكرة ابي بيصوم أول الأيام البيض وناوي أصوم معه

    تصومين معي"


    نجلاء بابتسامة عذبة وهي تتناول غترة صالح وعقاله منه: كان ودي حبيبي

    بس ما أقدر أصوم الشهر الجاي أصومهم معك!!


    حينها تغير وجه صالح وهو يجلس على طرف السرير ويهتف بضيق:

    ما أدري ليه توقعت ذا الشهر بشارة حلوة منش


    نجلاء بذات الابتسامة العذبة: الله يجيب خير من عنده لا تتضايق


    صالح بذات نبرة الضيق: ما أقدر أكذب عليش وأقول أني ماني بمتضايق

    ميت أبي بيبي جديد أكثر حتى من أيام خويلد

    نجلا قربنا ندخل السنة العاشرة من زواجنا وماعندنا غير ذا الولدين

    وأصغرهم عمره 5سنين


    حينها هتفت نجلاء بضيق: فيه ناس يقعدون عشرين سنة وحتى طفل واحد ربي ما يرزقهم قل الحمدلله على عطاه


    صالح بنبرة تسليم: الحمدلله على عطاه والله يخلي لنا خالد وعزوز ويرزقنا برهم

    بس لا تنسين إن المال والبنون زينة الحياة الدنيا


    حينها جلست نجلاء جواره وهي تدفن وجهها بين كفيها وتنخرط في بكاء مفاجئ بلا مقدمات

    صدم صالحا ليلف جسده كاملا ناحيتها وهو يربت على كتفها ويهتف بقلق حنون:

    نجلا اشفيش


    نجلاء بين شهقاتها الخافتة: أنا دارية أنك تبي تلومني وساكت أول شيء كان العيب مني وأنت اللي صبرت علي

    وعقبها أنا طولت في الحبوب وأنت منت براضي

    والحين أكيد تلومني على كل شيء!!

    أنا بروحي حاسة بالذنب وحاسة بالضغط من كل ناحية!!

    أنت وفرش البيت وعرس سميرة تكفى لا تزودها علي!!


    صالح شدها وهو يزيل يديها عن وجهها ثم يدفن وجهها المحمر في عرض صدره ويهدهدها كأنه يهدهد طفلة:

    خلاص ياقلبي ما ابي بزران والله ما أبي دام ذا السالفة تضايقش بلاها

    أنا ماصدقت ترضين وترجعين

    خلاص ياقلبي لا تنكدين على نفسش لا شفتش متضايقة ضاقت علي الوسيعة!!






    ************************************





    "هلا يبه قلت تبيني أمرك أول ما أرجع البيت

    هذا أنا جيت"


    زايد يلتفت لكساب ويهتف بحزم اقعد بيننا كلام


    كساب جلس وهو يهتف بحزم مشابه: آمرني!!


    زايد بأمر صريح ومباشر: تروح الحين لمرتك وتعتذر لها على موقفك السخيف معها وتحب رأسها


    كساب بنبرة تهكم: وأحب رأسها بعد

    ثم مال على والده من قرب وهو يهتف بتساؤل بنبرة مقصودة:

    دامك تأمرني بذا الطريقة فأشلون بتجبرني لو أنا مارضيت حاس أنك مجهز لي شيء!!


    زايد حينها هتف له بنبرة حزم مخلوطة بالتهديد: دام أمر أبيك لك ماله قيمة عندك وتبي تنجبر

    خلاص يا تنفذ يا أسحب المشروع منك


    حينها وقف كساب وهو يهز كتفيه بعدم اهتمام: اسحبه ولا تنسى تدفع لي الشرط الجزائي لأنك أنت اللي تبي تلغي الاتفاق

    ما نعيف السيولة وخصوصا لا كانت بذا الحجم


    حينها شد زايد يد كساب بحدة: اقعد يا ولد انت ماتعرف تحشم حد!!


    كساب مال على رأس والده يقبله وهو يهتف باحترام: محشوم يابو كساب

    بس ما يجهلك أنه مهوب أنا اللي يلوى ذراعي أنا ولدك


    ابتسم زايد بفخامة وحميمية : وأنا اشهد أنك ولدي

    ودامك ولدي تبي تفشلني في البنية الي وعدتها أنك بتعتذر لها وتحب رأسها

    تبي تصغرني عندها وتدري أني مالي كلمة عندك

    ترا والله يأبيك سواتك فيها منقود وفشيلة والرجّال إذا خذ بنت الأجواد

    لازم يكرمها لأن ذا من طيب أصله


    ابتسم كساب بتلاعب: حاضرين يابو كساب نحب رأسها ونتعذر

    ما يعيف حبة ذاك الرأس كون الخبل وأنا ما أنا بخبل


    حينها ابتسم والده بتلاعب شبيه: وكاد يأبيك وكاد


    حينها تجاوز كساب الخطوط الحمراء وهو يسأل والده بنبرة مقصودة:

    زين يبه دامك تقول وكاد من الأزين يبه مرتي وإلا أمها يومك خابرها وهي صغيرة


    حينها رد عليه والده بنبرة مقصودة مشابهة وهو ينظر لها بنظرة مباشرة:

    والله ذا السؤال اسأله لروحك وجاوب أنت عليه

    لأن الثنتين حلالك أنت تشوف وتحكم


    "اتركني يا بني في حالي

    لا تنبش مزنة ولا ذكراها

    فاليوم كل الجراح مكشوفة

    لا تذر الملح على جراحي

    ودعني أضع الرماد فوق الجمر الذي لن ينطفئ لهيبه

    ولكن يتوارى حتى أكمل المسير كما سرت طوال حياتي!!"






    ********************************






    " هلا والله بالعريس الطفشان!!"


    كساب يبتسم وهو يتلقى خالته بحضن دافئ: طلعتوا علي سمعة خايسة

    الحين الواحد لا صار عنده شغل ضروري واضطر يروح له

    تسوون له ذا السالفة كلها


    خالته تبتعد عن حضنه قليلا وتبتسم: ايه لا صار جاي من شهر العسل دايركت نسوي له أكبر من ذا السالفة


    كساب ينظر لمن وقفت بتردد وهي تتقدم بتوتر: الحمدلله على السلامة كساب


    كساب يلتفت لها وهو يميل بصفحة خده إليها ويهتف بهدوء حازم:

    الله يسلمش مزون أشلونش أنتي


    حينها قبلت خده باشتياق وهي تهمس بمودة: الحمد لله


    شيء في داخله يدعوه لتخفيف التحفز ضد مزون إن كان هناك أخرى دخلت على الخط باتت على قرب قريب منه ومن أنفاسه!!

    أفلا تستحق شقيقته من باب أولى بعضا من هذا القرب؟!!

    تمنى وهي تقبل خده لو شدها إلى حضنه ولكنه لم يستطع فمازال درب سواد قلبه طويل طويل!!


    هتفت خالته بنبرة مقصودة: ترا مرتك فوق كانوا أهلها عندنا وتوهم راحوا من شوي


    التفت لها وهو يهتف بتقصد: أدري إنها فوق


    حينها ردت عليه خالته بتقصد أكبر: وأنت وش عرفك إنها فوق والبنت معنا من ظهر ماشفتك دقيت عليها

    أمها دقت أخوانها دقوا أهلها صديقتها بس حضرتك لا

    أعرف العروس ذا الأيام مايسكت تلفونها اتصالات ومسجات من رجّالها


    استدار ليواجه خالته بحزم: اشتكت لش كاسرة من مني


    عفراء باستنكار: حاشاها بنت الأجواد إلا تدور لك المعاذير


    حينها مال كسّاب على خالته وهو ينظر لعينيها: وكذا المرة الأصيلة

    مهما صار بينها وبين رجالها تدور له المعاذير


    حينها فهمت خالته تعريضه هتفت بحزم: بس المعاذير بيجيها يوم وتخلص يأمك


    وحينها هتف كساب بمصارحة حميمة حانية:

    تدرين خالتي أنتي بالذات أنا معش ظالمة وإلا مظلومة ولو أدري عمي ضايقش بأدنى شيء وما علمتيني بأزعل

    بس ما أقدر أنكر إن زعل عمي وحسرته ضايقوني واجد عمري ماشفت عمي مقهور كذا!!


    كساب غادر بينما عفراء جلست

    " إلا تنبشني يأمك

    أنت بالذات من بدهم كلهم

    ماهقيتك بتوقف مع عمك ضدي

    بروحي متضايقة وراكبني الهم

    أسأل روحي

    أكل حد قومه للصلاة

    حد قومه للدوام من بيريقه

    من بيخفف عنه لا جا متضايق وتعبان من شغله

    من ومن ومن "





    **************************************





    كانت مستغرقة في الترتيب حين شعرت بشفتيه وقبلته الدافئة على كتفها العاري

    ارتعشت بخفة وهي تلتفتت إليه بنظرة حادة عميقة وتشد روبها الحريري من جوارها لترتديه

    أخذ الروب من يدها وألقاه أرضا وهتف بتلاعب: دام تبين تتسترين عني أكيد زعلانة


    كاسرة تناولت روبها لترتديه وهي تشده على جسدها وتهتف بحزم:

    زعلانة لا من قال وليش أزعل أساسا

    أنت الظاهر خذتني من الشارع

    عشان كذا عادي عندك ترميني في الشارع


    هتف بذات نبرة التلاعب: أفا أفا وش ذا الكلام كبير؟!!


    حينها انفجرت كاسرة بغضب: وتمسخر بعد ؟!!

    شوف كسّاب أنا تحملت منك واجد في سفرنا كنت أقول لنفسي

    تحملي يا بنت كبري عقلش لا تفضحين نفسش ورجالش وأنتي بلاد غربة

    خلكم لين ترجعون ديرتكم وعقب تفاهمون مثل الأوادم

    أول ما رجعنا ديرتنا سويت فيني اللي مافيه رجال يسويه في مرته!!

    وخليت هلي وهلك يحسون إن فيه شيء مهوب طبيعي بيننا وحن مالنا أسبوعين متزوجين

    شوف ياولد الناس أنت يأما تعاملني بما يرضي الله وتحترمني يأما كل واحد يروح طريقه!!


    حينها رفع حاجبا وأنزل آخر: وأنتي كذا عادي عندش تروحين لبيت هلش مالش أسبوعين من عرستي


    أجابته بثقة: الحياة ماتوقف عشان كلام الناس

    لأنه كلام الناس عمره مايخلص

    أنا كان يهمني مانقطع سفرتنا عشان ما أجيب لنفسي شبهة

    لكن الحين كفاية يعرفون الناس إنك خليتني في المطار ورحت لشغلك عشان يشوفونه مبرر منطقي أخليك


    أجابها بشبح ابتسامة: ومايهمش الناس يقولون شوفوا كاسرة الي مافيه أحلى منها

    رجالها ما استحملها طفش منها وهم عادهم في المطار وتحجج بشغله


    أجابته بحزم بالغ: مايهمني حد أنا إذا ماسويت خطأ مايهمني حد خلهم يتكلمون لين يشبعون


    حينها شدها ناحيته برفق ليقبل جبينها وهو يهتف بعمق: أنا آسف ماهقيت أنش بتزعلين


    كاسرة ارتعشت بخفة لم تتخيل أنه قد يعتذر وهو من يقول أنه لا يعرف الاعتذار

    لا تنكر أبدا أن اعتذاره أثر بهاتأثيرا شفافا غائرا في الروح


    هتف بنعومة وهو يمسك بذقنها: زين أنا حبيت رأسش أراضيش راضيني أنتي

    وأنا اليوم أي حد يشوفني يهب فيني عشانش محتاج رضوة كبيرة


    حينها سألته بعمق به نبرة حزن وهي تنظر لعينيه: عمي زايد جبرك تعتذر


    أجابها بذات العمق: أظني ما يجهلش أنه ماحد يجبرني ما أنكر إنه حاول يجبرني وهددني يسحب المشروع

    لكن أنا بعد هددته بالشرط الجزائي

    أنا اعتذرت لأني ذا المرة زودتها عليش واجد ومع كذا ما اشتكيتي مني وحشمتيني


    تسائلت بثقة موجوعة: لو انا علمت عمي زايد أنكم غلطتوا في مخططات مشروعه

    وعقبه يفسخ العقد وأنت اللي تدفع الشرط الجزائي مهوب أحسن


    هتف كساب بابتسامة: تسوينها؟


    أجابته وهي تبتعد عنه وتهتف بذات الثقة الموجوعة: ما أسويها مع أنك تستاهل


    كساب أوقفها وهو يشدها ناحيته ويهتف لها بعمق: عادش زعلانة يعني اعتذاري ما كفاش


    همست له بحزن: ويعني اعتذرت الحين بيني وبينك

    هل اعتذارك بيلغي الحرج اللي أنا حاسة فيه طول اليوم وأنا أبرر أنك مشغول وأنا أقدر شغلك

    كساب احنا ماحن بعايشين بروحنا معنا هلك وأنا ممكن أستحمل أي شيء إلا أنك تقلل احترامي قدام الناس

    كساب لاحظ أنه من بداية زواجنا وأنا اللي أحاول أخلي مركبنا يمشي

    وإلا لو عليك أنت كان غرقته من أول يوم!!

    وما أدري ليه أحس أحيانا إن هذا قصدك إنك تغرق مركبنا

    ما تبيني كساب لا تطول السالفة كل ماطالت كل ماصعبت


    حينها سألها بعمق: وأنتي ليش يهوون عليش كل موقف والثاني تلمحين أو تصرحين إنه الحل إنه نخلي بعض

    يعني لذا الدرجة بايعتني؟!!


    أجابته كاسرة بحزن حازم: يعني أنت اللي شاري أو تصرفاتك تصرفات شاري


    أجابها بثقة طاغية وهو يشدها ليحتضنها بقوة حانية: إيه شاري مهما بدت تصرفاتي غريبة وسخيفة وتضايق

    دامش ما تبيعيني ولا ترخصيني فأنا شاري وشاري وشاري

    لا تشكين أبد في ذا الشيء !!





    *****************************************







    اليوم التالي



    " غريبة كساب المصدوع مانزل لشغله لين الحين!!"


    مزون تبتسم: خليه خالتي يقعد عند مرته شوي وإلا سواته البارحة سوات عاقل


    وهما تتحاوران سمعا صوت علي: خالتي مزون عندكم حد


    عفراء بحنان: تعال يامك مافيه حد


    علي دخل باستعجال وهو يقول: صبوا لي فنجال قهوة بس عندي شغل ما ابي أتأخر عليه


    عفراء بذات الحنان: يأمك اقعد وسم بسم الله


    علي بذات الاستعجال وهو يمسك بنفجانه: بسم الله وترا عمي كلمني

    يسأل يقول وين حطيتي النياشين حقته عندهم استعراض اليوم!!


    عفراء بضيق: ومايقدر يتصل يسأل بنفسه وإلا صار يبي وسيط


    علي ابتسم: بصراحة خالتي أنتو النسوان مخلوقات غريبة

    الحين قبل يومين ثايرة بينكم وطالعة من بيته وتبينه يكلمش اليوم ماكأنه صار شيء!!


    عفراء بذات الضيق: يأمك ماراح تفهمني صحيح أنا زعلانة من منصور وأبي لي وقت أرتاح من ضغطه علي

    بس موب معنى كذا إنه حتى الكلام ماراح أكلمه منصور رجّالي وابو ولدي


    علي يقف ويهتف بذات الابتسامة: والله مخي على قدي وصعب علي أفهم تعقيدات مثل هذي

    خلاص اتصلي في رجالش وبلغيه وين مكان أغراضه لأنه مستعجل وشاب نار


    علي غادر بينما عفراء تهتف خلفه بغيظ: علي لا تصير سخيف تعال أقول لك وين أغراض عمك تكلمه


    علي يشير بيده وهو يغادر: كلمي رجالش بنفسش


    مزون تضحك: خلاص قولي لي وأنا أتصل له


    عفراء أخبرت مزون ومزون اتصلت وهي تضع الهاتف على (السبيكر)

    عفراء تشير بيدها (سكريه بلا سخافة)

    لكم مزون تركته مفتوحا وهي تتصل لتهتف بكل احترام مودة:

    هلا عمي صباح الورد


    جاءها صوته مرهقا مستعجلا: هلا يابيش


    ألمها قلبها حين سمعت ارهاق صوته كان بودها لو انتزعت الهاتف من يد مزون لتساله لماذا يبدو صوته مرهقا هكذا

    ولكنها لم تتحرك أبدا من مكانها وهي تستمع فهي تعلم لِـمَ هو مرهق

    لأنها هي ذاتها مرهقة ولكنها هذه الأيام كانت مرهقة أكثر في قربه

    وكلاهما يحتاج إلى فترة راحة ودراسة قرارات

    مهما بدت فترة البعاد صعبة!!



    مزون بذات المودة: عمي فديتك أغراضك تراها في صندوق في الدرج الثالث من التسريحة


    حينها أجابها بحنان: مشكورة يأبيش


    مزون بعفوية: عمي تبيني أجي أرتب لك شيء. أسوي لك شيء


    حينها أجابها بحزم أقرب للغضب :مشكورة ليه شايفتني مكسح؟!

    أنا بس أبي لي كم يوم وأتعود على مكان كل شيء

    حياتي كلها وأنا متعود أسنع أغراضي بنفسي وأسهل مابه أرجع أتعود مرة ثانية

    وإذا كني تعودت الكم أسبوع الي فاتوا إنه حد يسنع لي ممكن أجيب لي بدل الصبي اثنين يسنعون مكاني وأغراضي

    وليش أجيب أصلا المجلس مليان صبيان أخلي واحد من اليوم يرتب أغراضي!!


    انتهى الاتصال لتهمس عفرا بضيق عميق وحزن أعمق: عاجبش كلام عمش يبي يدخل الصبيان بيتي وغرفتي ويخليهم يتعبثون في أغراضنا

    لا وزيدي على ذا كلامه المبطن أني أنا وجودي كان عشان أسنع له مكانه

    والخدم يكفون عني!!


    مزون بمؤازرة: خالتي الله يهداش لا تضايقين نفسش كلام عمي كلام واحد محتر


    عفراء بألم عميق: لا مهوب كلام واحد محتر إلا كلام واحد شايل في قلبه!!






    *****************************************





    بعد عدة أيام




    " صالح يأبيك عبدالله ماقال لك متى بيأتي"


    صالح بمودة واحترام: لا جعلني فداك حتى بيتي تقريبا خلص بس كان فيه كم شغلة أبي أخذ رأيه فيها قدام أنزل

    وما أبي أنزل بعد وهو مابعد جا عشان يحضر عشا المنزل


    أبو صالح بتساؤل حازم: وفهد عاده مطول في دورته بعد


    صالح ابتسم: وش فيه أبو صالح يبي يجمع عياله كلهم فهد توه بادي الدورة

    يبي له أسبوعين بعد


    أبو صالح صر عينيه: يعني مهوب حاضر عرس بنت عمه


    صالح هز رأسه نفيا: لا طال عمرك في الطاعة فهد ماصدق ذا الدورة تجيه

    قده متشفق عليها يبي يعلق نجمته الثالثة


    وهما في حوارهما تفاجاؤا جميعا بدخول عبدالله الذي حضر بدون إعلام مسبق

    عبدالله بإطلالة جديدة عارضان خفيفان جدا بدا فيهما أصغر سنا بكثير


    هزاع الذي كان مشدودا لمباراة عبر التلفاز كان أول من قفز وانتبه لسلام عبدالله وهو يقبل أنفه ويهتف بمرح:

    وش عنده أخينا الكبير يبي ينافسني من شافك قال أنك أصغر مني

    وخصوصا إن العوارض الخفيفة مهيب مبينة شيباتك


    عبدالله بابتسامة: رحت اليوم للحلاق أبيه يضبط عوارضي حاسها فوق حدر


    صالح يتلقاه بمرح مشابه: إلا قول إنك غرت مني لأنه كان شكلي أنا أصغر منك وتبي ترجع أمجادك!!


    عبدالله يقبل أنف صالح ويهتف بذات الابتسامة: وش فيها حاسدني يعني!!


    ثم حينما انتهى من صالح مال على رأس والده ثم كفه وهو يقبلهما باحترام


    أبو صالح ينظر له بتعمق كأنه يريد أن يخترق أفكار عبدالله وهو يهتف بأمر :

    عبدالله اقعد جنبي


    عبدالله جلس جواره. صالح وهزاع تأخرا للزواية القريبة من التلفاز ليتابعا المباراة

    لأنهما علما أن والدهما يريد أن يحادث عبدالله حديثا خاصاً


    عبدالله كذلك شعر بذلك وهو يجلس بجوار والده ويمسك كفه ويهتف بمودة:

    آمرني جعلني فداك



    **************************************





    مجلس آخر والد وولدين




    زايد يتحاور مع علي بينهما شيء غير مفهوم
    عفوي أو متقصد!!


    كساب يسألهما بحزم: وش فيكم تساسرون بينكم شيء ما تبون أعرفه قمت من المجلس


    زايد هتف بنبرة مقصودة بها رائحة خبث شاسع: وش اللي ممكن نتكلم فيه وما نبيك تعرفه

    كل شيء يخصنا يخصك

    كنت أقول لعلي عن أن رئيس كلية الطيران طالب مزون تلقي كلمة في حفل للطلبة الجدد

    وأسأله إذا يقدر يروح معها

    إلا لو أنت تقدر تروح جزاك الله خير!!





    #أنفاس_قطر#







    رد مع اقتباس  

  6. #146  
    المشاركات
    3,260

    البارت الحادي والخمسون


    .


    أخشى ألا تكون القراءة ممتعة ولكن مؤلمة


    احتملوني فنحن نعبر عنق الزجاجة


    وبعض الجروح لا بعد أن تُفتح لتتطهر


    .


    لا حول ولا قوة إلا بالله


    .


    .





    بين الأمس واليوم/ الجزء الحادي والخمسون






    " آمرني جعلني فداك!!"


    أبو صالح نظر إلى عبدالله نظرة غامضة خليط من غضب عارم وعتب عميق ومرارة قاسية وهو يهتف له بنبرة مقصودة:

    بأقول لك سالفة اسمعها لين آخرها وعقبه نتفاهم!!

    اليوم اللي قبل سفرك بيوم كنت بأدخل البيت فشفت السواق يعطي خدامة أم حسن كيس ملفوف

    أنا نغزني قلبي منهم دعيت السوق ولاغيته قلت له وش ذا اللي أنت معطيه الخدامة

    فهو قال لي ( إن ام حسن موصيته يجيب له موس حلاقة حاد مثل اللي يستخدمونه الحلاقين وماتبي حد يدري)

    أولها قلت وش هي تبي بموس الحلاقة وعقبه نقدت على روحي قلت بصرها

    تبي به اللي هي تبي به ودامها ماتبي حد يدري فأكيد إنها تبيه في شي يخصها بروحها!!

    عقبه يوم شفتك ثاني يوم نازل متلطم ماطرا علي شيء ولا كذبتك مادريت إنك قدك متعود على الكذب على أبيك

    لكن يوم شفتك ذا الحين بذا الحلاقة اللي حتى ماسويتها وأنت صغير فهمت السالفة كلها


    أبو صالح صمت وعبدالله صمت كذلك وهو يتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعه حرجا من والده

    لم يتخيل أنه قد يقف يوما هذا الموقف المخزي أمام والده!!


    أبو صالح هتف بغضب مكتوم: ها وش فيك متلايط ليش ما تحكي؟!!


    عبدالله بنبرة حزن عميقة: وش كنت تبيني أقول لك يبه أقول لك إن مرتي حلقت شنبي ولحيتي

    جوزا مقهورة واللي أنا سويته فيها واجد

    كنت تبيني أضربها وإلا أسحبها من شعرها


    أبو صالح تفجر غضبه وهو مازال يكتم صوته والغضب يبدو واضحا في ارتعاش يديه:

    وتدور لها عذر يا المرة!!

    والله ثم والله لو عالية اللي أغلى علي من نسمتي سوت كذا في رجّالها

    إن كان أقول له اجلدها قدامي وإن عيا جلدتها بروحي لين يتمخلس جلدها

    أنت كنك منت برجال وبتسنع مرتك ولا أنت بكفو رديناها على أهلها يسنعونها

    طاق من ديرتك تتنى لحيتك تنبت بدل ما توريها السنع!!

    نعنبو دارك هو قد حد سوى سواتها المرة إذا زعلت من رجالها

    زعلت بحشمتها وطلبت رضاها يجيها

    مهيب تمد يدها على لحى الرياجيل يا المرة!!


    عبدالله شد له نفسا عميقا ثم هتف بحزم: ما يصير إلا اللي يرضيك يبه!!

    بس تكفى ما تدخل حد بيني وبين مرتي!!


    أبو صالح بحزم بالغ: ماني بمدخل حد بينكم

    بس عقب مابردت خاطري فيك بأقول لها الكلام اللي كان قلته لبنتي لو أنها سوت سواتها





    ************************************






    زايد يتحاور مع علي بينهما شيء غير مفهوم

    عفوي أو متقصد!!


    كساب يسألهما بحزم: وش فيكم تساسرون بينكم شيء ما تبون أعرفه قمت من المجلس


    زايد هتف بنبرة مقصودة بها رائحة خبث شاسع: وش اللي ممكن نتكلم فيه وما نبيك تعرفه

    كل شيء يخصنا يخصك

    كنت أقول لعلي عن أن رئيس كلية الطيران طالب مزون تلقي كلمة في حفل للطلبة الجدد

    وأسأله إذا يقدر يروح معها

    إلا لو أنت تقدر تروح جزاك الله خير!!


    ثم أردف بخبث أشد: تدري يأبيك حفل كبير بيكون في الشيراتون وفيه ناس واجد وأبي واحد منكم يروح مع أختكم


    لم يفت زايد ارتعاش الفنجان في يد كساب وهو ينزله أرضا ويهتف بحزم بالغ وحاجباه ينعقدان بغضب :

    أنا من زمان شايل يدي من ذا الموضوع

    وأنت بروحك قايل لي مالحد عليها كلمة غيرك

    كيفك في بنتك توديها تخليهاتحرقها أنا مالي شغل.


    أنهى عبارته ليخرج كالملسوع بينما علي وزايد يتبادلان بينهما نظرات انتصار!!


    بينما هو توجه لسيارتهوهو مازال يرتعش من الغضب!!

    بحث في أدراجها عن شيء لم يره منذ أكثر من شهرين

    وجد العلبة الموبؤة شد له منها سيجارة

    حينما يقفز إلى ذاكرته موضوع مزون يجد أنه يريد أن يعاقب نفسه مادام عاجزا عن معاقبتها كما يريد!!

    أو ربما يعاقب نفسه لأنه يعلم أنه عاقبها أكثر مما يجب


    " تستاهل تستاهل!!

    هذي هي ما تبي تتوب!!

    يعني يأما أموت بالسكتة من سبتها وإلا ما ترتاح

    ماكفاها إنها موتتني وأنا حي!!"



    شد له نفسين ليشرق ويكح وويطلق التأففات اللاهبة وهو يلقيها خارجا بعد النفس الثاني فقط

    يكره نفسه وهو يطفيء النار بالنار هكذا!!

    يكره نفسه حين يشعر بنفسه ضعيفا هكذا!!


    تناول العلبة كاملة وألقاها خارجا بامتداد يده وكل قوته!!

    ثم عاد ليلكم المقود بقبضتيه كلاهما حتى تصاعد الألم في مفاصله!!

    مرارة جارحة تتصاعد في روحه

    يستطيع أن يقول لوالده أنها لا تهمه فلتفعل ما تريد

    لكنه لا يستطيع أن ينكر على نفسه كم تهمه!!

    وكم كانت سعادته المخفية حين تركت الطيران!!

    وهي ترسل له رسالة مع عمها أنها تركتها من أجله وأنها تريد رضاه!!


    " كذابة كذابة عمرها ماهمها إلا نفسها!!

    ماصبرت حتى شهرين من يوم خلت الطيران

    وهذي هي ناطة تبي ترجعنا للفضايح

    تقول تبي رضاي؟!!

    داستني أول وتالي وتقول تبي رضاي!!"


    كلما استغرق في أفكاره كلما زادت لكماته للمقود وبيديه الإثنتين

    حتى انحرفت يده اليسار من قوة لكماته لتضرب حامل جهازه المحمول الذي كان له طرف حاد

    ربما لو كانت اللكمة غير لكمة كساب لم يكن ليحدث سوى كدمة بسيطة

    ولكن لأن لكمته كانت مفرطة القوة

    جرح نفسه جرحا غائرا نوعا ما بين مفاصل كفه!!


    انتزع غترته وهو يتأفف غضبا وقرفا لا ألما ولفها حول قبضته وهو ينزل للبيت


    دخل كالإعصار وهو يتجه لغرفته كانت كاسرة تجلس مع مزون وعفراء في الصالة العلوية

    مر بهن كالسهم ودون أن يسلم حتى

    وغترته في يده وليست على رأسه!!


    كاسرة وقفت وهي تهمس لهما بذوق: بأروح أشوف كساب وش فيه


    همست لها عفراء بأمومة: الله يعينش شكلها قلبة من قلبات مزاجه!!


    كاسرة دخلت خلفه وهي تناديه دون أن يجيبها

    بحثت عنه حتى وجدته في حمام غرفة النوم

    يغسل يده وحوض المغسلة ممتلئ بالدم

    والغترة الغارقة بالدم ملقاة في القمامة.


    مدت يديها مع يديه تغسلهما وهي تهتف بجزع: كساب من ويش ذا


    هتف لها بنبرة نفاذ صبر غاضبة: مافيني شيء جرح بسيط وخري خلني أضمده!!


    هتفت بحزم وهي تتناول الضمادات من صيدلية الحمام: أنا بأضمده لك


    شدته خارج الحمام وهي تجفف يده بفوطة نظيفة وبيدها أدوات الضماد

    لم يناقشها لأنه يشعر أنه سينفجر من الغيظ مع أول عبارة قد يقولها


    جلست على السرير وجلس جوارها حين كشفت الفوطة كان الدم مازال يتدفق

    هتفت له بحزم حان قلق وهي تشعر أن قلبها يؤلمها من عمق الجرح:

    كساب يدك تبي خياطة لازم تروح للمستشفى


    رد عليها بغضب: زين خلاص عطيني إبرة فيها خيط وأنا بأخيطه مايحتاج مستشفى كل السالفة رتبتين


    كاسرة بصدمة: أنت صاحي !! في أي قرن عايش؟!! تبي تخيط الجرح بروحك


    أجابها بذات النبرة الغاضبة: وتبيني أروح المستشفى عشان جرح سخيف مثل ذا؟!!


    كاسرة حينها انفجرت بغضب: أنت وش ذا العقل اللي عندك؟!!

    يدك تنزف وتقول جرح سخيف وبتخيطه بروحك!!

    كساب بغضب مرعب: قصري حسش لأنها مهيب ناقصتش!!


    وقف وهو يشد له من إحدى الأدراج علبة بها إبر وخيوط من تلك التي توزع في هدايا الطائرات

    والأبرة تكون أساسا فيها خيط تناول الكحول المعقم من أدوات الصيدلية التي أحضرتها كاسرة

    سكبه على الخيط والأبرة ثم عقّم الجرح

    كاسرة كانت تنظر مذهولة له لا تصدق ماتراه وغضبها يتزايد عليها

    ثم لم تستطع أن تنظر وهي تراه يغرز الإبرة في جلد يدهأشاحت بنظرها وبمرارة

    لم يستغرق دقيقة حتى انتهى بخياطتين صغيرتين دقيقتين كما حدد!!

    ثم وضع عليه لاصق طبي وانتهى!!


    كل هذا وكاسرة مازالت تجلس جواره

    حينها هتفت بنبرة عاتبة: ترا الطريق للمستشفى ما يأخذ ربع ساعة حتى

    بدل الطريقة الهمجية المتوحشة اللي سويتها في روحك

    لكن أنت إذا ما وجعت قلبي ما ترتاح!!


    حينها هتف لها بمرارة متأصلة: والله ماحد قلبه موجوع غيري

    إذا هي وأبيها ماذبحوني ماهم بمرتاحين!!


    كاسرة هتفت بغضب: من هي ذي اللي بتذبحك


    أجابها بغضب مشابه: مهوب شغلش!!


    كاسرة انفجرت: إلا شغلي ونص من هذي اللي تأثيرها عليك يوصل إنها تذبحك!!


    حينها أجابها ببرود كان يحترق تحته: اعتبريها زلة لسان غير مقصودة!!


    كاسرة صمتت وهي تحترق لن تسأله أكثر حتى لا يشتم رائحة احتراقها تتصاعد مع احتراق جوفها من الغيرة

    فهي باتت تشك أنه اخترع هذه العبارة لمجرد إغاضتها!!


    همست بحزم وهي تسأله لتغير الموضوع: أنت قاعد مع حد يدخن يوم جرحت يدك فيك ريحة زقاير

    وأشلون جرحت يدك أساسا






    رد مع اقتباس  

  7. #147  
    المشاركات
    3,260
    حينها أجابها ببساطة حازمة كأنه يريد أن يجرحها: أنا اللي جرحت نفسي بنفسي!!

    وأنا اللي كنت أدخن!!


    كاسرة قفزت كالمدلوغة: نعم أنت اللي ويش

    ومن متى وأنت تدخن وأنا معك قربنا نخلص 3 أسابيع عمري ماشمتيها فيك ولا شفتها معك!!


    أجابها وكأنه يريد أن يجرحها أكثر لشدة جروحه التي تغلغت في روحه:

    أدخن حسب المزاج متى ماطرا علي!!

    عندش مانع؟!!






    ******************************************





    مازالت عاجزة على السيطرة على دموعها وارتعاشها

    وجهها تورم لكثرة البكاء ولا يهمها أن يدخل عبدالله الآن ويراها

    حتى وإن كانت وعدت نفسها الآف المرات أنه لن يرى دموعها!!


    كلما تذكرت ماحدث لها الليلة تزايدت دموعها انسكابا وأناتها ارتفاعا

    تشعر بالحرقة والمهانة والعار والخجل وانعدام الأمن
    كل هذه المشاعر القاسية القارصة تجمعت الليلة عليها ليتزايد بكاءها مرارة وحرقة!!


    كانت تجلس مع أم صالح ونجلا حين ناداها عمها أبو صالح لتلحق به إلى غرفته

    وقفت بجزع لتتبعه وتوجس مرعب يتصاعد في روحها

    لطالما كانت تخاف أبا صالح وتهابه أكثر حتى من والدها


    تقدمت بخجل وهي تدخل غرفته بخطوات متيبسة هتف لها بحزم: تعالي وسكري الباب



    تقدمت وهي تغلق الباب. ليحكى لها الحكاية التي حكاها لعبداللهوالا ستنتاج الذي استنتجه!!


    شعرت أنها تتمنى لو أنها تذوب في تلك اللحظة تختفي!! تتبخر!!

    لم تستطع حتى رفع عينيها إليه


    وليته اكتفى باحراجها بالحكاية التي كانت لوحدها كافية لتشعر بكل عار العالم

    ولكنه انفجر فيها بحزم غاضب:

    هذي فعايل بنت الأصل يا بنت الأصل والله ثم والله لو عالية مسوية كذا في أخيش إن دمها حلال عليه

    وش ظنش أبيش يقول لو درى بسواتش

    زين رجالش غلط عليش وماراضاش كان جيتيني والله ثم والله لأعلقه من أرجيله عشانش

    لكن ذا الحين مالش وجه عندي وعذرش انقطع لأن سواتش ماتسويها حتى مضيعة المذهب

    ورجالش كنه إياش اللي ماعرف يسنعش!!


    قال لها كلاما كثيرا مؤلما جارحا تحاول أن تتناساه فلا تستطيع!!

    وأكثر ما يؤلم أنها لم تستطع أن تدافع عن نفسها حتى بكلمة

    لأن ما سيرونه جميعهم أنه مهما اخطأ عبدالله في حقها لا يمكن أن تعاقبه بهذه الطريقة

    حق له أن يمزق روحها وحياتها ويضيع مستقبلها ثم تكون بضع شعرات في وجهه أثمن من كل ذلك!!


    نادمة بشدة على تصرفها وليس من أجل عبدالله ولكن لأنها بهذا التصرف جعلت نفسها في موقع المخطئة الخطأ الذي لا يغتفر


    تتخيل لو علم والدها الذي هدد بقتل عبدالله لو ضايقها لو علم بما فعلته لربما قتلها هي!!


    لا يوجد حتى من تلجأ إليه!! لأن الكل سيرفع حاجبيه استنكارا من فعل هذه المجنونة

    شعور بعدم الأمان وأنها لن تجد ظهرا يسندها بات يخنقها. فهي بفعلتها هذه أعطت لعبدالله سلاحا مسلطا دائما على رقبتها

    ومع وجود أبي صالح كشاهد ضاقت عليها الدائرة حتى اختنقت!!


    تتخيل مظهرها أمام الناس لو انتشر الخبر

    "جوزا الخبلة حلقت شنب رجالها ولحيته"


    يزداد بكاءها عنفا لا تريد أن تكون منبوذة أكثر من ذلك!!

    لا تريد أن تكون منبوذة!!


    تتخيل ما الذي قد يفعله عبدالله في ظل معرفته أنها لا تستطيع العودة لأهلها خوفا من معرفة والدها لما فعلته!!

    تعلم أن والده أعطاه نصيبه من الكلام الجارح وأنه الآن معبأ تماما عليها!!

    رغم كراهيتها له ولكنها تعلم تماما أي موقف محرج مذل وضعته فيه أمام والده!!

    ولأنه لا يستطيع تفريغ غضبه في والده فبالتأكيد سيبحث عمن يفرغ غضبه فيه!!

    ومن أنسب ممن كان سببا لإحراجه وذله؟!!


    تبكي أكثر واكثر وهي تكتم شهقاتها حتى لا تزعج ابنها النائم

    تشعر كما لو أن شهقاتها مناجل مزقت روحها دون أن تجد طريقا للخروج

    لذا مازالت تعيث خرابا وتمزيقا كخبط عشواء بحثا عن الطريق!!


    ألا يكفي ماحدث لها طيلة السنوات الماضية؟!

    ألا يكفي!!


    " والله العظيم تعبت تعبت!!

    ماعاد فيني استحمل!!

    أنا ما أنا بطوفة الكل يضرب فيها ويبونها ما تنهد!!

    تعبت ياربي. تعبت!!

    يا الله فرجها من عندك وإلا خذ أمانتك عندك!!"


    كان بكائها يزداد عنفا مكتوماوأفكارها تزداد قتامة ومرارة. وجسدها يزداد ارتعاشا كمصابة بالحمى

    حين سمعت صوت الباب يُفتح!!





    *********************************






    يقف أمام باب غرفتها وهو يشد له نفسا عميقا

    هل يفعلها

    أربع سنوات مرت لم يدخل غرفتها مطلقا!!

    ولكنه سيموت من القهر أن فعلتها وذهبت!!

    سيموت فعلا!!

    فهو كان قد بدأ يبني له أملا أنها ستعود يوما إلى حضنه

    ولكن إن ذهبت فإن كل هذه الآمال ستنهار لا محالة

    ألا تعلم مكانتها عنده!!

    لماذا تريد المتاجرة بهذه المكانة؟!

    ولماذا تريد الاستمرار في إشعاره برخص مكانته عندها

    كم هو مؤلم إحساسه أن الإنسان الأثمن لديك في كل العالم يُشعرك أنك الإنسان الأرخص لديه!!


    قضى الساعات الماضية يركض على الكورنيش

    ثم مر بمسجد وصلى قيامه

    هدأت سورة الغضب ولكن القهر والمرارة تعمقا حتى أقصى خلية من خلاياه

    تشبعت خلاياه بهما حتى تفجرت بقيحهما!!


    شد له نفسا عميقا آخر ثم طرق الباب


    همست برقة: ادخلي خالتي مابعد تمنت


    دخــــــل

    كم اختلفت الغرفة من بعده!!

    في المرة الأخيرة التي دخلها ليرجوها للمرة الأخيرة بكل حرارة أن تتراجع عن قراراها لدراسة الطيران وصفعته برفضها القاطع

    كانت الغرفة أشبه بغرفة طفلة ألوان الزهر والبنفسج تغمر المكان


    ولكنها الآن غرفة تنضح بمرارة النضج وألوان المارون والذهب وستائرها الكلاسيكية القاتمة


    مزون حين رأته قفزت حتى كادت تتعثر

    لم يخطر لها مطلقا ولا حتى في أعذب احلامها أنه قد يزورها يوما!!

    توجس قاتل اخترم روحها وسعادة محلقة شعرت بها ترفرف في جوانحها

    لا يهمها إن كان جاء ليسمعها بعضا من قسوته!!

    يكفيها أنه هنا

    لم تتخيل أنها قد تراه في غرفتها مرة أخرى قريب هكذا!!

    وكم حلمت بهذا القرب!!


    تذكرت أنها ترتدي بيجامتها قد يكون سابقا اعتاد رؤيتها بالبيجامة وهما يسهران كل ليلة سويا

    ولكنها الآن تشعر بخجل عميق وتود أن تتناول روبها المعلق لتلبسه

    ولكن قدميها المتيبستين لم تتحركا من مكانهما

    همست باختناق: هلا كساب هلا والله

    تفضل حياك

    تعال نقعد في الجلسة!!


    أجابها بقسوة: ما أنا بجاي أقعد كلمة ورد غطاها


    أجابته بذات الصوت المختنق: آمرني فديتك


    حينها انفجر فيها بغضب عارم: الحين تقولين آمرني فديتك وأنتي مايهمش إلا روحش ولا عليش من حد

    سويتي اللي في رأسش ودخلتي طيران ويوم طاب خاطرش منها خليتيها بكيفش

    الحين أبي أدري يا اللي ما تستحين تروحين تلقين خطاب عندهم ليه

    وفي حفل مفتوح بعد أنتي وش وجهش مغسول بمرق مافيه حيا

    أنتي وش جنسش وش مخلوقة منه

    خافي ربش فيني وحتى في أبيش وأخيش وعمش


    ماعاد يستطيع الاحتمال ومرارة الأربع سنوات تتفجر حممها لاهبة متدفقة:

    أنتي ماكفاش اللي سويتيه فيني السنين اللي فاتت

    خليتني أوطي رأسي بين العرب وأنا اللي كنت رافعه فيش

    بسبتش عشت قهر ماظنتي شافه بشر في ذا العالم كله!!

    أدري إنه خلاص قد ذا موضوع تافه عندش

    وش قيمة كلمة تلقينها في حفل مختلط عقب مادرستي أنتي أربع سنين اختلاط

    موضوع عادي بالنسبة لش!!

    لكن أنا كنت رجيت فيش خير قلت حست خلاص يمكنها عقلت!!

    كان ودي أني أصدق إنه ذا الكابوس خلص وأختي وبنتي بترجع لي!!

    لكن مادريت إن باع أول بيبيع على كل حزة!!

    وأني أنا كنت رخيص أول وتالي!!


    حينها انفجرت باكية وهي ترتعش بعنف: والله العظيم. ماوافقت

    والله العظيم. ما وافقت


    كانت تنتحب وتشهق بعنف وكلماتها تتقطع كأنها تشرق بالكلمات وتكاد تغص بها:

    الرئيس كلمني وقال لي حفل مفتوح قلت له ما أقدر ما أقدر ما أقدر

    ورجع وكلم ابي وابي قال له نفس الكلام وقال لههذا موضوع انتهى

    والله العظيم ما وافقت ماوافقت

    والله العظيم ماوافقت


    لا يعلم لـمَ شعر لحظتها أن الدنيا غامت في عينيهوأنه لا يبصر شيئا!!

    كانت ترتعش بعنف أمامه ووجهها محتقن دموعها تسيل بغزارة

    وهي تشهق بشكل متقطع وتكرر بلا انقطاع: والله العظيم ماوافقت

    والله العظيم ماوافقت


    فهي أيضا تعبت من كل هذا وحان لحظة انفجار كبت كل هذه السنوات وقهرها ومراراتها

    فهو لأول مرة يواجهها بهذه الحدة بعد صمت السنوات الأربع الأشبه بالموت!!

    لأول مرة يمزق الحواجز الهشة/المتينة التي فصلت بينهما!!



    تمنى كساب لحظتها لو يستطيع التوجه للصراخ في أبيه وفي علي

    كيف يتخذان من مشاعره لهوا يعلمان كلاهما كم هذا الموضوع حساس بالنسبة له

    لا يجد لهما عذرا!! لا يجد لهما عذرا!!


    شعر أن قلبه يتمزق بمعاول مسنونة وهو يرى حالتها الهستيرية

    لأول مرة يشعر برغبة بالبكاء بعد وفاة والدته!!

    كما لو كان فقدها للمرة الثانية!!


    حاول الاقتراب لاحتضانها وتمنى أن يحتضنها

    ربما حتى لو عاندت وقالت له أنه ستذهب فهو كان سيتحضنها على كل حال

    ليسكن هذا اليأس والذعر الذي شعر بهما يتفجران في جوانحها

    وليسكن القلق الأشد الذي تفجر في جوانحه هو!!

    لم يسبق مطلقا أن رآها هكذا لا في أقصى حالات الحزن ولا في أقصى حالات الغضب!!

    طوال الوقت متزنة هادئة حتى عندما تبكي تبكي بصمت!!

    فما الذي حدث لها الآن!!


    اقترب وهو يمد يديه لها ويهتف لها بحزن جازع: هدي هدي


    ولكنها دفعته وهي تصرخ بهستيرية: ما أبيك ما أبيك خلني خلني


    مد يديه أمامه وهو يشير لها أن تهدأ: خلاص بأروح الحين وأرجع بعد شوي


    خرج رغما عنه وهو لا يريد الخروج

    ماعاد حتى يريد الصراخ بعلي أو والده

    الحزن غلب الغضب يشعر كما لو كان جسده تفتت من الألم!!

    يريد أن يجد له حضنا يرتمي فيه يسكب بعض مرارته فيه مادامت رفضت حضنه!!


    يريد أن يسكن قليلا ويدعها تسكن قبل أن يعود لها فهناك حديث طويل طويل بينهما

    حديث بطول ومرارة قرون!!


    توجه لغرفته

    نادى بإرهاق: كاسرة!!


    لم تجبه توجه لسريره ليتمدد عليه وهو يشعر أن جسده كله يتمزق كما لو كان ينام على فراش من مسامير مسنونة


    نادى للمرة الثانية بإرهاق أعمق: كاسرة وينش


    جاءها صوتها حازما محملا بحزن غريب عميق: نعم


    هتف بعينين مغلقتين ونبرة ذابلة: تعالي جنبي تعبان حدي حاس أني بأموت


    أجابته بنفس النبرة الحازمة الحزينة: آسفة روح أخذ لك شفطتين تريح أعصابك مالك عازة فيني!!


    فتح عينيه وهتف بنبرة ذابلة تماما: والله العظيم مهيب ناقصتش


    أجابته بألم: دام مهيب ناقصتي مهوب أنا اللي أنقصها ولا أزيدها.

    خيرك فيك


    أجابها حينها بحزم وهو يعتدل جالسا: تدرين كاسرة يمكن حياتي كلها ما أحتاج لش كثر الليلة

    وأنتي شاحة علي أنش تقعدين جنبي!!


    رغما عنها آلمها قلبها أن يعبر بهذه الصراحة عن حاجته لها لم تتوقع أنه قد يفعلها يوما .فكيف وهو يفعلها بهذه السرعة؟!!


    ولكنها لا تريد الاستسلام والتراجع عن موضوع خطير مثل هذا!!

    حينها سيعتاد أن يمرر كل شيء عليها

    كسّاب يحتاج لوقفة حازمة إن كانت تريد الحياة أن تستمر بينهما


    ولكن هل كساب في هذا الوقت سيحتمل أو يتقبل الوقفات الحازمة وهي تهتف له:

    اسمعني عدل يا كساب

    لا راح أجي جنبك ولا تجي جنبي لين تحلف لي إنك ماترجع تدخن

    ولا تقول تعصيني لأنك أنت عصيت ربك وماظني إنه يجهلك إن التدخين حرام!!


    حينها وقف كسّاب وهو ينتزع غترته من جواره ليحملها معه ويهتف بغضب مثقل بالمرارة:

    الشرهة علي اللي جيت أبي حنان وحدة ما تشوف أبعد من خشمها المرفوع!!

    السموحة يا بنت ناصر ضيعت الدرب!! غلطت!!

    وأوعدش الغلطة هذي ماتكرر مرة ثانية!!



    .

    .



    دار في البيت قليلا وهو يشعر أن جدران البيت الواسع تتقارب لتطبق عليه

    لدرجة أنه عجز عن التنفس

    ماعاد يحتمل ألا يراها يكاد يجن كلما تذكر كيف حالتها ودموعها وارتعاشها!!


    قد يكونان خلال السنوات الماضية تبادلا الجرح حتى غاصت جراح كل منهما في روح وجسد الآخر

    ولكن هذه المرة لا ذنب لها لا ذنب لها

    اختار الوقت غير المناسب ليفجر فيها كل غضب السنوات الماضية ومراراتها!!


    كل يوم خرجا فيه صباحا وكل منهما يتجه لسيارة

    وهو يتجاهلها كأنه لا يراها بينما كان في أكثر الأيام يتبعها

    لم تكتشفه أبدا بسبب مهارته في السواقة والاختباء خلف السيارت وهو يجعل فاصلا بينهما

    لا يعلم ماذا كان يريد من اللحاق بها!!

    تعذيب نفسه أكثر إحراق نفسه أكثر وهو يتمنى كل يوم لو دخل إلى الداخل وأخرجها عنوة!!

    أو ربما كان كل ما أراده مجرد الاطمئنان لوصولها وهي تذهب إلى مكان بعيد مع الخادمة والسائق

    كثيرا ماشعر بالحنق على والده إذا كان قد وافق على دراستها هناك فلماذا لا يوصلها بنفسه!!



    يتذكر كل يوم جلسا فيها على مائدة الأفطار وحيدين

    في ظل غياب علي وسفر زايد في بعض الأحيان

    يتجاهلها ويرفض حتى تناول فنجان القهوة من يدها لتعود مدحورة إلى مقعدها

    لا ينظر حتى ناحيتها

    وهي لا تعلم أنه يبقى جالسا حتى يراها تناولت شيئا لأنها منذ صغرها حين يتغيب والدها عن البيت تقل شهيتها للطعام لأقل حد

    ولا تأكل إلا بالمحايلة!!

    ومادام لا يستطيع محايلتها فليبقَ جالسا حتى تأكل

    لأنه يعلم أنها لن تقوم عن المائدة مادام جالسا

    وحتى لا يبدو مظهرها سخيفا وهي جالسة هكذا فهي كانت تضطر لتناول شيء أمامه!!

    ولا يعلم هو أيضا مدى صعوبة ابتلاعها للطعام مع ضخامة العبرات التي تسد حلقها كلما رآته يتجاهلها هكذا كأنها غير موجودة!!

    وهي تتخذ الطعام ستارا حتى تبقى معه في مكان واحد لأطول مدة ممكنة!!

    وهي تشعر بالألم أنها مهما بقيت جالسة فهو لن يكلمها

    ومع ذلك رغما عنها تشعر بالأمل أنه قد يكلمها اليوم !!


    "ربما اليوم يحدثني

    يسألني محض سؤال سخيف

    اسألني كساب كما كنت تسألني وأنا صغيرة

    هل فرشتي أسنانك اليوم

    وحين أجيب بلا!!

    تشد أذني رغم أنك بالكاد تلمسها وتعيدني للحمام

    لتفرش أنت أسناني بنفسك!!

    .

    اسألني هل أشرقت الشمس اليوم

    لأخبرك أن الأيام بعدك باتت متشابهة!!

    .

    اسألني كيف هو يومك الدراسي

    لأخبرك أنني أكره الكلية والكتب والتدريبات وكل شيء أغضبك مني!!

    .

    اسألني كساب اسألني عن أي شي!!

    أما تعبت من هذا الجمود والصمت والغضب!!"


    لتنتهي جلستهما معها دون أن يسألها عن شيء. ودون أن تخبره عن شيء!!

    مرارة جارحة وألم متبادل تشاركاه طيلة السنوات الماضية

    هو بتجاهله لها وهي باحتمال هذا التجاهل!!

    هو بغضبه الأسود رغم أنه تمنى كل يوم أن يسامحها ودعا ربه كل يوم أن يقويه ليسامحها!!

    وهي بحزنها المتزايد وهي تذبل كل يوم أكثر في انتظار هطول أمطار رضاه التي شح بها عليها حتى أجدبت روحها!!



    ماعاد قادرا على احتمال وطأة القلق والأفكار ونهشهما لروحه

    صعد لغرفتها ولم يجدها

    بحث عنها كالمسعور وهو يتخبط في أنحاء الغرفة

    توجه ركضا لغرفة خالته فلم يجدها أيضا!!


    تفجر قلقه ورعبه وهو ينزل ركضا لغرفة علي فلا يجده أيضا


    حينها انهار جالسا على سرير علي وهو يتصل به ويسأله بقلق ورعب:

    علي وينكم كلكم


    أجابه علي بصوت ممزق ارهاقا وقلقا:

    مزون تعبانة شوي جبتها أنا وخالتي المستشفى






    #أنفاس_قطر#

    .

    .

    .







    رد مع اقتباس  

  8. #148  
    المشاركات
    3,260

    بسم الله الرحمن الرحيم


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    ياهلا والله فيكم عقب بارتات الحزن


    جعل الحزن مايزوركم ولا يخليني ربي من طهر قلوبكم


    .


    فيه أسئلة كثيرة معلقة تنتظر إجابة فأنا بأجاوب بسرعة


    .


    معنى الفوالة الضيافة اللي تنحط مع القهوة والشاي حلويات فطاير كذا يعني


    .


    هل التوقعات تؤثر بي


    بصراحة لا يعني أنا ماراح أغير حدث قررته عشان أرضي التوقعات


    لسبب بسيط أنه القصة بيصير فيها تعارض وتضعف لأنه مسارها مقرر من البداية


    لكن أنا أستفيد جدا جدا جدا من التعليقات في عدة أمور لما أشعر إنه فيه قضية غير واضحة


    مشاعر تحتاج تفسير أعترف أني أحيانا أصيغ موقف عشان أبين هالشعور أو سبب الحكاية


    .


    كساب أكبر من كاسرة بثلاث سنين


    .


    عمري أنا قلته قبل بس مايضر نقوله أنا في نص العشرينات الحين *ــ^


    .


    استغراب رجاء كاسرة الشديد لأمها عشان تطلع معها لزايد


    يعني يمكن أمها تعودت عليها تطلب بس ما تطلب لدرجة إنها ظلت تعيد تكفين كم مرة :)


    .


    استغراب حب زايد الزايد لمزنة


    أقول كلمة وحدة: الشيء إذا ماحصلنا عليه يقعد حسرة في قلوبنا!!


    .


    لهجة خليفة من لهجات هل قطر


    .


    سلامات لأم حمودي الله يشفيها


    .


    الله يسهل ولادة كويتية26


    .


    عدد البارتات الباقية والله العظيم ما أدري


    .


    .


    حامل هاتف كساب الجوال هو اللي كان له طرف حاد وليس الهاتف نفسه


    .


    خياطة كساب ليده ترا ماتحتاج السالفة هذاك المعرفة بس تحتاج قوة قلب


    كان لي زميلة في الجامعة


    أمها كانت تشتغل في المستشفى هنا في قطر أيام السبعينات


    تقول أمها ما تقرأ ولا تكتب بس لأنهم محتاجين تمرجية


    فهم دربوا اللي عنده استعداد يطهر ينظف ويخيط حتى


    وتقول إن أمها مع أنها كبرت بس لحد الحين يدها خفيفة بشكل في خياطة الجروح :)


    وعلى فكرة ترا الخياطة أول بخيط وإبرة عاديين


    .


    اللي استغربوا ردة فعل مزون بما أنها كانت متوقعة أنه أساسا جاي يسمعها كلام قاسي


    ومادامت طول عمرها مشتاقة لحضنه ليش صدته!!


    .


    خلوني أقول لكم شيء


    أتذكر مرة خذت مادة علم نفس كمادة اختيارية وأنا في الجامعة


    قال لنا الدكتور إنه كل مايزيد الضغط على الإنسان تصير ردات فعله قوية معاكسة وغير متوقعة


    .


    والحين خلونا في مزون


    هي توقعت منه كلام قاسي مثل التنغيزات اللي كان يقطها عليها قبل


    لكن هو ما أكتفى بكلام قاسي لكن فتح كل الجروح واتهمها بشيء هي ماسوته


    وعقبه يجي يبي يحضنها


    أنا شخصيا كان سويت مثلها لأسباب أنا أشوفها جوهرية


    أنا ما أبي أفسر أكثر عشان ما أخرب متعة القراءة عليكم


    لكن خلوني أضرب لكم مثل أقرب


    أنتي مثلا عندك بنت عم أو خالة متربين سوا وهي أعز صديقاتك وتغلينها مثل ماتغلين نفسك ويمكن أكثر


    صار بينك وبينها خلاف استمر كم شهر وهي تتجاهلك وأنتي ميتة تبين تصالحينها لأن الذنب كان ذنبك


    في يوم جاتك انبسطتي يوم شفتيها قلتي حتى لو تجاهلتني أو نغزتني بالكلام ماعليه أنا مشتاقة لشوفتها


    لكنها بدت تهاجمك وتتهمك بشيء ما سويتيه


    وعقبه جات على طول في نفس اللحظة تبي تحضنك


    شنو بتكون ردة فعلك


    وكيف لما يكون القرب أكبر ومدة الزعل أطول؟!!


    الجواب لكم والمغزى مفهوم!!


    .


    .


    ويالله


    البارت 52


    .


    قراءة ممتعة مقدما


    .


    .


    لا حول ولا قوة إلا بالله


    .




    بين الأمس واليوم/ الجزء الثاني والخمسون






    " أنت يا الخبل كم كانت سرعتك

    مالك حتى عشر دقايق من يوم سكرت مني"


    وجهه مسود تماما أنفاسه تعلو وتهبط غترته ملقاة فوق رأسه كيفما اتفق أزراره العلوية مفتوحة

    والكتفان العاليان الشامخان كانا متهدلين منظر لم يُرَ فيه أبدا كساب المتفاخر الأنيق المعتد المتكبر!!

    ولم يتوقع أنه قد يراه هكذا يوما!!


    أجابه بجزع كالموت: وش فيها وش فيها


    رغم استغراب علي من حالته ولكنه أجابه بتأثر عميق: خالتي ماجاها نوم

    وراحت لها تبي تسهر معها لقتها تبكي ومنهارة وهي تصيح بكلمة وحدة (ما أبيك)

    نادتني وجبناها هنا. وخالتي معها داخل وأنا طلعوني


    كساب تجاوز علي ليدخل علي هتف بحزم: انتظر شويالقسم قسم حريم


    لكن كساب أزاحه جانبا وهو يدخل دون تفكير ويصيح بألم: خالتي وينكم

    وهو يتخبط بين الستائر ولا يريد فتحها حتى لا يكشف ستر من يختفين خلفها!!


    خالته أطلت من خلف أحد الستائر وهي تشير له بيدها تعال


    حين دخل كانت مزون تكاد تسبل عينيها والطبيب يمسك بمعصمها ليقيس الضغط مع بدء مفعول المهدىء

    انتزع يدها من يد الطبيب وهو ينحني ليضم كفها لصدره!!

    ويرى دمعة تخر من عينها قبل أن تغلقها دمعة نحرت روحه التي لم يبقَ فيها شيء لم ينحر مئات المرات!!


    التفت للطبيب وهو يهمس بغضب مكتوم بصوته الممزق ألما وإرهاقا: مافيه دكتورات هنا!!


    ابتسم الطبيب وهو يربت على كتف كساب: يا ابني دي زي بنتي ودلوئتي أنا المناوب هنا


    حينها سأله كساب باهتمام موجوع: وش فيها


    الطبيب بنبرة مهنية: انهيار عصبي أنا دلوئتي اديتها مهدئ وهنطلعها لاوضة فوء


    لينهار كساب جالسا على المقعد المجاور لسريرها وهو يدفن وجهه بين كفيه

    لو استطاع أن يبكي لبكى ولكن إن كانت عيناه شحت بدموع لم تعتد ذرفها

    فإن روحه كانت تنزف كل دموع الأرض التي اعتاد نزفها حتى أغرق جوانحه بها!!


    كانت خالته تنظر له باستغراب لم تتوقع أبدا ردة الفعل هذه من كساب

    لذا سألته بحذر: كساب أنت صاير شيء بينك وبين مزون


    كساب حكى لها كل ماحدث دون زيادة أو نقصان وختمها بقوله بكل ألم:

    ما أدري ألوم ابي وعلي وإلا ألوم روحي!!


    أجابته خالته بألم مشابه: يأمك ماتدري وين الخيرة يمكن الله يبي الخير لكم من ورا اللي صار


    كساب يصرخ بألم شاسع موجوع وهو يقفز ليشير لمزون: أي خير وهي حالتها كذا

    أي خير وأنا سبة اللي صار لها


    حينها أجابته خالته بحزن: يعني مهتم الحين يأمك إنها انهارت وما اهتميت من وجيعتها ذا السنين اللي فاتت كلها!!

    كان لازم تدري إنه بيجيها يوم وتنهد!!






    **************************************





    حين سمعت صوت الباب يفتح رفعت قدميها عن الأرض وضمت ركبتيها لصدرها في حركة دفاعية عفوية

    أكثر ما تخشاه أن يضربها ويصحو حسن على هذا المنظر!!


    " لا لا ماراح يضربني

    ماسواها وهو محتر يسويها الحين

    بس هو الحين محتر أكثر من يوم راح

    إذا أنا الحين عقب كلام أبو صالح متحسفة أكثر وخايفة أكثر!!

    فهو أكيد محتر أكثر عقب مادرا أبيه باللي صار!!

    يارب مايضربني قدام حسن

    يارب مايضربني قدام حسن!!"


    دخل عبدالله بهدوء وعلى وجهه ترتسم علائم غموض

    حين رأته رغما عنها بدأت دموعها تنهمر بغزارة أكبر وشهقاتها المكتومة تتعالى

    حينها اتجه ناحيتها حين رأته اقترب همست بين شهقاتها:

    تكفى لا تضربني هنا عند حسن

    خلنا نروح للجلسة


    جلس جوارها وهو يمد يده ناحيتها انكمشت بعنف ولكنه مسح على شعرها وهو يهتف بحنان عميق مغلف بحزن أعمق:

    أنا آسف إذا كان كلام ابي جرحش امسحيها في وجهي!!



    حين دخل كان قراره أنه سيتجاهلها فقط لن يكلمها حتى لا ينفجر فيها

    فهو يشعر بمرارة الحرج من والده تحرق روحه حتى أقصاها


    ولكن حين دخل ورأى حالتها عينيها الزائغتين وجهها المحمر الغارق بالدموع

    شعر أن قلبه يذوب يذوب بكل معنى الكلمة لا يستطيع احتمال ألمها أو دموعها

    هو يحتمل الألم عنها لكن هي لا لا

    يستطيع أن يتحمل عنها كل ألم العالم ويدفنه بين أضلاعه ليبعده عنها حتى لا يقترب من ملامسة حدودها حتى!!



    وهي حين مد يده ناحيتها كانت تظن أنه يريد أن يشدها من شعرها للجلسة انكمشت بعنفثم صعقت بتصرفه الحاني

    شعرت أن مشاعرها المرهفة المرهقة انهارت

    بدون تفكير ألقت بنفسها على صدره

    عبدلله تيبس لثوان وهو يراها في عرض صدره ليشدها بحنو وهو يضمها لصدره ويطبع قبلاته على شعرها

    بينما كانت هي تشهق بعنف وصدره يغرق من غزارة دموعها

    لم يتخيل عبدالله أنها قد تفعلها بنفسها كانت سعادة شفافة تتسرب إلى روحه وهو يهمس لها بولع وحنان:

    بس حبيبتي خلاص خلاص


    كان يشعر كما لو أن صدره يُشق وهو يسمع أنينها الموجوع

    اختلطت مشاعره بعنف بين فرحة بوجودها بين أحضانه

    وبين حزن مزق روحه لدموعها الغالية!!

    ليتفاجأ أكثر بها تخلص نفسها بحدة من حضنه وتصرخ فيه بكراهية عميقة:

    لا تقول حبيبتي لا تقول حبيبتي


    علم حينها أن هذه لم تكن سوى لحظة مسروقة من زمن كراهيتها المر احتاجت حضنا فوجدته وحين علمت أنه حضنه هو ابتعدت عنه!!


    عبدالله ابتعد عنها ووقف دون يكلمها

    "يا الله أي قسوة وكراهية في قلب هذه المخلوقة!!

    ألا تلين؟!!

    ربما لو شعر الحجر بمشاعري تجاهها لذاب تماما

    وهي لا تريد أن تلين حتى!!

    كم أنا متعب منها ومن هذه الحياة!!

    أ يحكم علي أن أحبها كل هذا الحب وتكرهني هي كل هذه الكراهية

    حتى متى؟!!

    حتى متى؟!!"






    *****************************************






    " أختكم وش اللي صار فيها

    وأشلون ماقلتوا لي تخلوني لين فقدتكم بروحي وأنا أدور في البيت كني خبل"


    علي بنبرة تهدئة: يبه فديتك مافيها إلا العافية تبي ترتاح بس يوم وإلا يومين !!


    كساب بغضب مكتوم متحسر: إلا فيها وفيها وكله منك أنت وولدك!!

    خليتوني أهب فيها وأنتو عارفين زين إنها عيت تروح للحفل!!

    البنية ارتاعت مني حرام عليكم اللي سويتوه فيها وفيني!!

    لو صار فيها شيء ماراح أسامح نفسي ولا أسامحكم!!


    حينها التفت له زايد وهو يهتف بحزم غاضب مثقل بالوجع:

    لا تحملنا أغلاطك وأنك ماتعرف تتصرف لا أول ولا تالي

    زين وقلت لك إنها عيت تروح الحفل وش الفايدة

    بتقول عيت منه مثل ماخلت الطيران عشانها تبي كذا !!

    حرقتوا قلبي أنت وإياها على ذا الحال والجفا!!

    تعبت منكم وعشانكم. بغيتك تروح تكلمها تستفسر منها تفتح باب حوار

    مهوب تهب فيها لين صارت كذا!!

    لولا إنك ولدي وإلا كان قلت حسبي الله ونعم الوكيل فيك!!

    ذبحتها أول وتالي!!


    زايد أنهى عبارته الموجوعة الغاضبة ثم عاد إلى مقعده بجوار مزون الذي له يجلس فيه أكثر من ساعة وهو يلتزم الصمت ويحتضن كفها بين كفيه

    قبل أن ينفجر بالسؤال في ابنيه!!


    كان ينظر بحزنه العميق إلى ذبولها الظاهر الهالات تحت عينيها مظاهر لم تتكون من يوم أو يومين

    بل كانت تذوي أمامه منذ سنوات ويشعر أن روحه تذوي معها وهو عاجز عن رد روحها إليها

    كان يعلم أنها تحب كساب أكثر منه من صغرها وهي تحبه أكثر منه!!

    لم يعتب عليها بل كان سعيدا بهما وعلاقتهما

    وما المشكلة أن يكون لديها أبوان لا اب واحد

    ولكن هذا الأب الثاني كان قاسيا فعلا!!

    ولو كان فعلا أبا ماكان ليقسو كل هذا !!

    ولكنه لا يستطيع أن يحاسبه على هذه القسوة

    فمهما كان روح الشباب جرفته بعيدا ولا يستطيع أن يمنحه تجربة وثقل مشاعر سنوات مازال لم يمر بها

    حاول طوال هذه السنوات الإصلاح بينهما ولكن مع عناد كساب بدا الإصلاح متعذرا

    ولم يتخيل أنه حتى يحدث الصلح هذا ما سيحدث لصغيرته

    يمد يده ليمسح على شعرها وروحه تنزف وجعا مصفى:


    "سامحيني يا أبيش

    سامحيني ماهقيت إن ذا كله بيصير

    ليته فيني ولا فيش يا الغالية!!

    ليته فيني ولا فيش!!

    يا أبيش لا تخليني!!

    الحياة كلها متعلقة بأنفاسش فيها!!

    وش حياة مافيها ضحكتش وصوتش

    القبر أحسن منها!!"





    **********************************






    رد مع اقتباس  

  9. #149  
    المشاركات
    3,260

    ثلاثة أيام مرت

    وحالها لا تحسن فيها!!

    نائمة طوال الوقت كما لو كانت تهرب بالنوم!!

    مع إن الطبيب توقف عن إعطائها المهدئات منذ اليوم الأول لأنها لم تعد للثورة ولا للصراخ

    وبدأ بإعطائها مضادات الاكتئاب لأنه يتبع الإنهيار غالبا إكتئاب حاد


    ومع ذلك طوال الوقت نائمة

    وأنا أبقى فقط أراقب ملامحها أنتظر أي ملامح لاستيقاظها

    وحين يحدث وتفتح عينيهاوتراني تفر من عينيها دمعة واحدة

    دمعة أشعر بها كمشرط مسموم يمزق مابقي فيني

    وكأنه بقي فيني شيء لم يتمزق من أجلها!!

    ثم تعود لإغلاق عينيها والغرق في النوم

    وأنا أعود لمحاولات المراقبة!!


    ألازمها طوال الوقت لا أغادر المكان إلا حينما يأتيها زوار نساء


    حينها أغادر مضطرا ولكني لا أبتعد حتى أبقى في الاستراحة وأطلب من خالتي أن تتصل بي فور مغادرتهن

    وإن أطلن البقاء أحرق خالتي بكثرة اتصالاتي!!

    أخشى أن تفتح عينيها أو تصحو أو تتكلم وأنا غير موجود

    أريد أن أكون أول من يسمعها حين تتكلم!!


    يا الله هل كان يجب أن يحدث كل هذا حتى أعلم أنني لا أستطيع أن أحيا في العالم بدون وجودها

    ما الجديد كنت أعلم ذلك حتى وأنا غاضب منها!!

    ولكن هل كان يجب أن أشعر أن هذا الوجود مهدد حتى أصحو من غيبوبة الغضب




    *********************************






    أربعة أيام مرت

    في الليلة الأولى حين خرج من عندي

    لم أستطع النوم مطلقا ومازلت في نوم متقطع مليء بالكوابيس والقلق

    حين خرج أعترف أنني تمنيت في داخلي

    لو ركضت خلفه وأعدته

    شعرت أن مرارته كانت تخنق روحي

    ولكني منعت نفسي قلت لنفسي لابد أن أصلح مابيننا وأصلحه هو!!


    لم أعلم أنه غير قابل للاصلاح وأنه مملوء بالأعطاب

    ماكان يدريني بما حدث بينه وبين شقيقته كيف أعلم أنه كان بحاجتي فعلا؟!!

    كيف أعلم بشيء وهو من كان يتباعد ويقسو ويجرح!!


    أربعة أيام مرت

    لا أراه فيها إلا عند شقيقته حين أذهب لزيارتها أو حينما يأتي لللاستحمام وتبديل ملابسه فقط!!

    وفي كلا الحالتين يتجاهلني وكأنني غير موجودة!!

    ويبدو أنه اعتاد لعبة التجاهل حتى اتقنها!!

    أولا مع أخته ثم معي!!


    عمي زايد أخبرني بكل شيء!!

    كان الوحيد الذي شعر بي وأنا أدور في المنزل وحيدة ولا أعلم شيئا مما يدور حولي وكأنني لا أسكن معهم في نفس المنزل

    شاركني همه المتجذر الذي عاناه حتى غاص في أقصى روحه

    وشاركته همي الجديد الذي بدأ يغوص في روحي

    وكأنني أعرف هذا الرجل طوال عمري وكأن بيننا خيط مخفي من تفاهم يتجاوز حدود الكلام!!

    ولكن كل منا كان يشبه الآخر أن هناك أشياء يخفيها لأنه يريد الحفاظ على خصوصية حياته التي يجب ألا تمس!!

    فلا يمكن مثلا أن أعري زوجي وسلبياته ولا حتى أمام والده!!


    وهأنا أطرق باب مكتبه حين علمت أنه عاد أخيرا

    هتف لي (تعالي يأبيش) يعلم أنه ليس هناك سواي في صقيع هذا البيت!!


    دخلت وأنا أحاول أن أرسم ابتسامة فاشلة لا حاجة لأحد منا فيها:

    أشلونها مزون الليلة أنا جيت منها عقب المغرب كانت على حالها


    هتف بحزن عميق: وأنا توني جيت منها وعادها على حالها

    حاولت في كساب يروح معي بس مارضى!!


    فهتفت له بسكون: جاء عقب العشاء بدل ملابسه ورجع المستشفى




    لأعود وأتذكر عودته الليلة

    كان يبدو مرهقا تماماذابلا عارضاه يحتاجان الترتيبعلى غير أناقته البالغة أقصاها دائما!!

    تمنيت حينها لو أستطعت أن أضمه لصدري

    لم أتخيل أنني قد أراه يوما هكذا قد تكون ثلاثة أسابيع مدة قصيرة جدا لتكوين فكرة عن أحدهم

    ولكن اعتداده بنفسه فكرة تكونت منذ اليوم الاول!!


    لا أستطيع مطالبته بقرب أذوي إليه من أجله هو مادمت قد رفضت أن اكون جواره حين احتاجني

    مادامت الظروف عاكست وكل التوقيتات كانت خاطئة فهل أستطيع إصلاح ما أراد الله عز وجل أن يحدث


    الليلة نهضت لأحضر له غياراته ولكنه نهرني بقسوة: أعرف أخذ ملابسي بروحي


    عدت وجلست مكاني لا أنكر هذا الألم العميق المتسلط على روحي ومع ذلك هتفت له بحزم:

    تراني ما أعرف الغيب ودامك تعاملني بذا الغموض وانعدام الشفافية بيننا

    فاشلون تبيني أعرف خفاياك

    تصرخ علي وتجيني وأنت مدخن وعقبه تقول تعالي جنبي


    فرد علي بحزم مرعب وهو يرتدي ملابسه: مافيه داعي نحكي في موضوع تافه ماله قيمة

    أما التدخين فنذر لله علي ماعاد يطب حلقي لين أموت إذا ربي شافى مزون

    عشانها هي بس مهوب عشانش !!


    كم صفعة وجهها لي خلال عبارته القصيرة هذه

    تحقير ومهانة وقسوة وإذلال


    في أحيان كثيرة أجدني أفكر بالهروب من كساب وبيته قبل أن يصل امتهانه لعمق روحي التي ماعتادت أبدا قبول مثل هذا التعامل

    ولكن أجدني أعود لأقول إن هذا تصرف لا يليق لا بتربيتي ولا بشخصيتي ولا بكوني ابنة أصول

    فبنت الأصل لا تتخلى عن زوجها في ظرف مثل هذا!!

    أنا حتى أهلي حين سألوني عن مرض مزون قلت لهم مجرد حمى فلست من تخرج أسرار بيتها


    وهأنا الآن أتلهى بالإعداد لزواج تميم الذي لم يبق عليه سوى يومين وأنشغل فيه حتى أقصى طاقتي!!


    أخرجني من أفكاري صوت عمي زايد العميق: الله ماخذ عقلش يأبيشيتهنى به

    هاش اخذي!!


    انتفضت بخفة وأنا أراه يمدني بورقة مطوية: وش ذا يبه


    أجبني بمودة: هدية صغيرة عشان عرس تميم أكيد أنش تبين تجيبين هدية لمرت أخيش وعندش مصاريف

    أنا داري إن كساب ماكان نسى مثل ذا الشيء بس دام موضوع مزون شاغله ماظنتني إنه تذكر


    قفزت وأنا أهتف باستنكار: والله العظيم ما أخذ منك شيء كساب مايخلي علي قاصر وأنا أساسا عندي فلوس جعل خيرك واجد!!


    لا أعلم لماذا ابتسم حينها بحزن وهو يقول: جعل كساب يعرف قيمتش قبل يفوت الوقت

    مشكلة كساب مايعرف غلاة الشيء لين يفقده!!






    ******************************





    " حبيبي تكفى ترخص لي!!

    سميرة تعبانة وتعبت أمي "


    صالح برفض: أمسي عندها الليلة اللي قبل العرس بس من الحين لا

    مهوب كافي إني أني رخصت لش تنامين عندهم ليلة العرس بعد

    عشان ما تخلين أمش

    بس من الحين معناها أربع ليالي وأنا بروحي


    نجلاء برجاء: وأنت بتحسب الليلة بعد خلاص الحين صرنا الساعة وحدة في الليل ماعاد تنحسب


    صالح بحزم: دامها ما تنحسب ليش تبين تروحين ذا الحزة روحي لهم بكرة واقعدي عندهم طول اليوم


    نجلاء برجاء أشد بدأت تستخدم فيه سلاح غرغرة الصوت بالدموع:

    تكفى حبيبي أمي اتصلت لي تقول تعالي وغانم هو اللي بيجيني!!


    صالح هز رأسه بتأفف: صدق دموع تماسيح بس تعرفيني على طريف وما استحمل دموعش

    شِين المرة لا عرفت غلاها

    يا الله قدامي أنا اللي بأوديش جعل يسقى إذا خلصنا من موال سميرة وعرسها

    وفضيتي لي بروحي!!



    .

    .

    .



    " يالله قولي لي وش آخر خبالش

    خليتي منظري سخيف قدام صالح وأنا هالة الدموع عنده مثل البزران عشان يخليني أجي"


    حينها رفعت سميرة وجهها المحمر الغارق في دموعها عن المخدة لتدفنه في حضن نجلاء الجالسة جوارها

    لتشعر نجلاء أن حرارة دموعها اخترقت ملابسها وأغرقت فخذيها حينها همست لها بحزن فعلي:

    ياقلبي لا تقطعين قلبي قومي كلميني

    أدري كل البنات يبكون قبل عرسهم بس أنتي حالتش بزيادة

    قولي لي وش اللي مضايقش


    همست سميرة بصوت متقطع مختنق ووجهها مختبيء في حضن نجلاء وكأنها تحادث نفسها:

    أقول لنفسي هو حلو وعيونه حلوة وابتسامته تذبحوأحلى مني

    لكن غير عن المظاهر اللي ماتهم فيه شيء في روحه كان يشدني

    شيء كان ودي أوصل له وأسكنه

    لكن الحين أحسه بيسكر كل شيء في وجهيوماراح يتقبلني!!


    نجلاء تربت على ظهرها بحنان: سمور ياقلبي ما ظنتي تميم عقله صغير وزعلان من سبت الحادث هذا قضاء وقدر


    سميرة بحزن: وأنا وش يدريني إنه مهوب زعلان أشلون أعرف أشلون بنتفاهم حتى الكتابة يمكن مايقدر يكتب لي!!


    حينها همست لها نجلاء بحزن أعمق: المفروض هذا أول شيء فكرتي فيه قبل توافقين عليه.

    مهوب تفكرين فيه قبل عرسش بيومين!!






    **************************************






    " العريس وش يفكر فيه"


    تميم يشير لوضحى بسكون : ولا شيء!!


    حينها أشارت وضحى بابتسامة: زين إن هم خففوا جبس يدك اليمين قبل عرسك

    الجبيرة هذي خفيفة واجد ماراح تبين حتى من تحت الثوب

    وصرت حتى تقدر تحرك يدك وأصابعك مع الجبيرة يعني هانت


    لم يجبها بشيء وهو يتشاغل بأوراق على مكتبه

    حينها أشارت له وضحى بحنان: أنت وش شاغل نفسك فيه خلاص نام


    أشار لها بهدوء: شوي عندي كم شغلة أبي أسويها عشان الشغل بكرة


    وضحى أشارت بذات الحنان: خلاص ياقلبي بسك شغل صار لك أسبوع هالك نفسك شغل


    تميم أشار بحزم: ووش اللي تبني أسويه أخلي شغلي عشان عرسي قرب


    وضحى بابتسامة: أبيك ترتاح شوي بس!!

    ثم أردفت بخبث لطيف: تدري تميم أنا مستغربة أنك ما سألتني عن شكل سميرة أشلون صارت عقب ماكبرت

    ماعندك فضول!!


    حينها أشار وعلى وجهه ترتسم ملامح مرارة غريبة: وليش أسال وأنا شفت بعيني!!


    وضحى عقدت حاجبيها: متى شفتها وأشلون


    تميم بذات المرارة: حرمنا المصون ماكانت حاطة صورها على اللاب لما جبتيه لي أصلحه؟


    حينها انعقد حاجبي وضحى أكثر: بس أنت قلت لي أنك ماقلبت في الصور!!


    أجابها بغضب: وأنا ما أكذب وفعلا ماقلبت فيها بس الشيخة سميرة كانت مخلية خاصية الصور بحجم كبير

    أول مافتحت نطت لي الصور وبحجم واضح سكرتها على طول

    ثم أردف بمرارة شديدة العمق أشبه بالغصة: مادققت أبدا في الملامح

    بس طبعا سكرت عقب ماصقعني بياضها غير الطبيعي ونحرها كله مكشوف


    حينها شعرت وضحى بشيء غير طبيعي في مرارة إشاراته لذا أشارت بدفاع مستميت:

    هذي كانت صورها في عرس وسميرة من كثر ماهي حريصة ماتخلي المصورات يصورنها أنا اللي كنت مصورتها

    وكان مفروض إنها بس بتنزل الصور على الجهاز عشان تطبعها مهوب ذنبها إنها نستها


    أشار لها حينها بعدم اهتمام يخفي خلفه وجعا شاسعا: إيه صح كلامش كله صح!!






    ****************************************





    أربعة أيام مرت

    وهو يتجاهلني تماما يبدو أنه تعب من تمثيل دور العاشق الكاذب

    وكم بات يريحيني هذا التجاهل!!

    مادام يتجاهلني فأنا لا أوذيه وهو لا يؤذيني ونحن نعيش فترة من السلم

    كلا منا لاه في حياته وكأننا محض زميلي سكن

    هو في عمله ومع أهله وابنه وانا أيضا مع أهله وأهلي وابني


    يأتي لغرفتنا ليرتاح يستحم يستبدل ملابسه وينام في الليلدون أن نتبادل أي حديث إلا في أضيق الحدود ومن أجل حسن فقط!!


    حتى أني هذه الأيام لا مانع لدي من الاهتمام بملابسه وأغراضه مادام يريحني من كلامه ومن فرض نفسه علي جسديا وروحيا

    وكأنني بهذه الطريقة أوجه له شكري على تجاهله لي

    بقدر ماكرهت تجاهله لي في زواجنا الأول. بقدر ماأحببته في زواجنا الثاني!!

    .

    .

    .



    تعبت من تمثيل دور التجاهل بينما أنا أحترق

    ما أشبه اليوم بالبارحة!!

    هأنا أعود لتمثيل التجاهل كما كنت أفعل في زواجنا الأول

    ولكن الفرق أنني هناك كنت أتجاهلها لأمنع نفسي من الاقتراب منها

    ولكن الآن كيف أتجاهلها وأنا أريد أن أكون أقرب لها من أنفاسها


    مرهق ومتعب لأبعد حد

    ماعدت حتى قادرا على النوم
    وأنا أتقلب على أريكتي وأحترق شوقا لضمها لصدري!!

    في الوقت الذي تبدو هي مرتاحة لهذا التجاهل لدرجة أنها ماعادت تصفعني بكراهيتها

    بل وترتب كل مايخصني بدقة

    وكأنها تقول لي مادامت بعيدا عني فأنا بخير!!


    ولكن أنا لست بخير لست بخير!!

    لا أعلم كيف استعبدني حبها بهذه الطريقة!!

    أعترف أني أشعر بالضعف أمامها

    كان لدي آمال شاسعة أن وهج حبي سيطفئ نار كراهيتها

    ولكن لم أعلم أن الكراهية تعمقت في روحها حتى طبعتها بطابعها


    مازلت حتى الآن آمل في ذلك فحبي لها أكبر من كل شيء

    ولكن كيف أحقق ذلك إن كان التواصل مفقود بيننا

    أكره أن أفرض نفسي عليها

    ولكني ماعاد بي صبرا ولا طاقة لاحتمال بعدها عني!!




    .

    .

    .


    ربما أن فترة التجاهل هذه جعلتني أصفي الذهن حينما أرى عبدالله وتصرفاته

    سابقا بسبب اندفاعه نحوي في تعبيره عن مشاعره المزيفة

    كنت في موقع دفاع دائم

    لكن أجدني الآن أراقب تصرفاته باستغراب

    وأكثر ما بات يثير استغرابي هو تعامله مع حسن!!

    يعامله بخبرة واحتواء حتى أكثر مني!!

    وبقدر مابات الأمر يؤلمني لأني لأ أريد أن يتولى مسؤوليات ابني أحد غيري

    بقدر ما يثير استغرابي لأبعد حد


    قد اتجاوز صبره على مرافقته الطويلة وحتى اطعامه له دون يوسخ ملابسه

    رغم أن كلا التصرفين ليست من ملامح صبر الرجال هنا ولا تعاملهم

    ولكن ما استغربت له بالفعل

    أنه قبل عدة أيام حين ذهبت للسلام على كاسرة

    رفض أن أخذ حسن معي وقال أنه لا يحب أن أخذه لزيارات نساء فقط مادام لايوجد عندهم أطفال من سنه ليلعب معهم

    لأنه معنى ذلك أنه سيبقى طوال الوقت يستمع لأحاديث النساء

    اهتمامه بهذه التفاصيل غريب

    ولكن الأغرب ماحدث تاليا

    كاسرة أصرت أن أبقى للعشاء رغم محاولاتي للتفلت من أجل موعد نوم حسن

    ولكني لم أستطع التفلت منها شعرت بالحرج فجلست

    كنت قلقة أنني سأعود وأجد حسن قد التهم الكثير من الحلويات

    والطاقة وصلت حدها الأقصى عنده وسأعاني حتى أجعله ينام لأنه تأخر عن وقت نومه!!

    وحتى إن نام فهو سينام بملابسه ودون أن يستحم أو يغسل أسنانه


    ولكن الغريب أنني حين عدت

    وجدته نائما وبجواره عبدالله يعمل على جهازه المحمول وبعض الأوراق!!

    حين انحنيت لأقبله كان شعره تفوح منه رائحة الشامبو مسرح وهو يرتدي بيجامته

    لم أسأل عبدالله عن شيء ولكني بداخلي تصاعد الضيق لأنه كان كل ظني أن الخادمة هي من حممت ابني وأنا لم أكن أرضى بذلك

    عدا إن ادخال عبدالله للخادمة غرفتي وفي غيابي بدا لي قلة تهذيب منه وتقليل مقصود لاحترامي

    ولكن حين دخلت الحمام كان الحمام غير نظيف والملابس مازالت في السلة

    استغربت كيف تحممه ثم لا تأخذ الملابس للغسيل وتنظف الحمام

    وحينها لم أستطع الصبر للصباح توجهت لها وسألتها

    قالت لي أنها لم تدخل غرفتي مطلقا ولا تعلم من حمم ابني

    حينها سألت عالية بشكل غير مباشر قالت أنها وصلت للتو فهي كانت تتعشى مع نايف


    حينها سألت عبدالله وانا أحاول أن أتشاغل بترتيب بعض الأشياء وبنبرة عدم اهتمام


    قهرني حين أجابني ببرود: بدل اللفة الطويلة اللي سويتيها وأنتي ماخليتي حد في البيت ماسألتيه كان سألتيني على طول!!

    أنا اللي سبحته وإلا عندش مانع بعد!!


    وتكرر الأمر مرة ثانية حين ذهبت أنا وعالية قبل يومين لسميرة للسلام عليها وإعطائها هديتها!!


    من أين أتي بخبرة هكذا صالح الذي هو أب من قبله وابنائه بين يديه منذ ولادتهم لا يتصرف هكذا!!


    أصبح شاغلي هذه الأيام مراقبة تصرفاته مع حسن أكاد أجزم أن خبرته أحسن مني حتى

    في ملابسه وأنواعها في أعراض الأمراض والأدوية في طرق التعامل والتربية!!

    بل أنه البارحة كان يهتف بعفوية وهو يلمس بيجامة حسن:

    بيجامات البرزان هنا خايسة صديقي فيصل جاي قريب

    بأوصيه يجيب لحسن بيجامات من ماركة ممتازة ناعمة ومهما انغسلت ماتخرب

    ويجيب له بعد أدوية حرارة وخليها في الثلاجة

    أدوية الحرارة حقت البزران هناك ممتازة



    ألا يصيب هذا بالجنون؟!!

    يحممه يطعمه لا بأس

    ولكن من أين يعرف لأنواع البيجامات بل ولتحولاتها بعد الغسيل!!

    أفكار عديدة بدأت تغزو رأسي

    ولكني أحاول إبعادها

    أ أ. أيعقل أن ؟

    هو لا يهمني ولكني لن أسامحه أن ترك حسن بعد تعلق فيه هكذا!!







    **********************************





    رأيته عدة مرات الأيام الماضية

    وهو يزور ابنة شقيقه


    يلقي تحيته الجافة التي بات يعتز بها كثيرا في الفترة الأخيرة

    وأتسائل أين هي نبرته الدافئة التي كانت تذيبني!!


    كم يجمع هذا الرجل من المتناقضات!!

    وكم هو متعب حتى استنزاف الروح!!


    قد يكون كلا منا الآن مشغول بوضع مزون أكثر من اهتمامنا بأنفسنا!!

    ولكن ما الذي يمنعه أن يتعامل معي بصورة طبيعية؟!!

    لا أعلم لِـمَ هذا التجاهل وهو بالكاد يلقي التحية ثم يسألني كأنه يتكرم علي:

    كيف حالك وفقط


    وإن كان بيننا خلاف فنحن زوجان وناضجان ونمر بظرف أسري طارئ!!

    ما الذي يمنع أن يحادثتني كما يحادث أي أحد وليس بكوني زوجته!!


    حين يجلس بجوار مزون وأنا أعلم انه اختار المكان الأبعد عني

    أحاول أن أتشاغل بأي شيء عن النظر له

    ولكني لا أستطيع كما لو كان هو بؤرة الضوء في المكان

    لم يغلق زراره العلوي يعلم أنني أكره ذلك لأن عضلات أسفل رقبته تبدو واضحة

    ومع ذلك يتعمده ربما نسي!! بل تعمد إغاظتي!!


    أنظر لساعته لقلمه البارز من جيب صدره

    قلت له مرارا أن هذا القلم لا يتناسب مع هذه الساعة

    وفي كل مرة كنت أعيده وأحضر له قلما آخر وهاهو يحضرهما معا!!


    قد يبدو كل ذلك سخيفا ولكن لمن هي مثلي!! كل إشارة سخيفة ستزدحم بالتأويلات حتى تتفجر!!

    كما لو أنه يرسل لي رسالة أنه مستغن عن وجودي في حياته

    كما استغنى عن كل ماكنت أحرص عليه في مظهره!!


    .

    .

    .


    أسأل نفسي: هل أبدو كشاب مراهق غبي!!

    وهل من حولي يلاحظون؟!!


    قد أكون مشغولا تماما ومهموما بموضوع مزون

    ولكن لا أستطيع أن أخدع نفسي وأنكر أن جزءا من أسباب زياراتي الكثيرة لمزون حتى أراها هي!!


    أراها ذابلة مرهقة يبدو أننا كلنا نضغط عليها الكل يريد حقه منها

    سواءا أنا أو ابناء أخي

    تبدو مثقلة بالهموم بنظرات عينيها الشاردتين!!


    أسألها بجمودي الكريه: كيف حالكِ ثم أصمت

    بينما أنا أحترق رغبة أن أسألها بالتفصيل عن كل شيء!!

    عن كل مافعلته وتفعله في غيابي!!


    أدعي أنني لا أنظر لها بينما أنا أتصيد النظر لها

    وأكثر ما أنظر له بطنها حين أراها وقفت هل كبر هل مازال زايد الصغير متعبا


    لأشعر حينها أن يدي ترتجف رغما عني فقد اعتدت دائما أن أتحسس بطنها وأنا أعقد حوارا طويلا مع ابني أخبره فيه بعشرات الحكاياتوأنا أستمتع برنين ضحكاتها العذبة!!


    كم حلمت أن أكون معها حين يتحرك للمرة الأولى!!

    ولكن يبدو أن حتى حق الحلم سُلب مني!!





    #أنفاس_قطر#

    .

    .

    .







    رد مع اقتباس  

  10. #150  
    المشاركات
    3,260

    بسم الله الرحمن الرحيم



    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    ياهلا والله بالكل وحياكم الله والله لا يخليني من إطلالتكم وعطر خطواتكم جميع


    .


    .



    الغوالي اللي قالوا أنني أحدثت تغيير مفاجئ في أسلوبي حين جعلت الشخصيات تتحدث عن مشاعرها بلسانها


    لا أعلم من أين أتت كلمة مفاجئ هذه


    رغم أن هذا هو الأسلوب اتبعته في الجزء الثلاثين مع جوزاء مرة ومع عبدالله عدة مرات


    وفي أجزاء قبلها وبعدها كنت أستخدمه حين تدعو الحاجة


    مثل صالح لما كان يتكلم عن فترة عودة نجلا له


    يعني لما تدعو الحاجة أستخدمه فليش استغربتوه هالجزء يا نبضات قلبي :)


    يعني في هذا الجزء حسيت إنه لو كل شخصية تكلمت عن نفسها


    المشاعر بتوصل لكم بدقة أكبرعشان تعرفون وش كثر أفكارهم متعاكسة!!


    ولما أحس إنه بيفيدني في توصيل الفكرة باستخدمه مثل ما بتشوفونه في أحد مواقف بارت اليوم إن شاء الله


    .


    .


    تفسير ثورة مزون ونومها


    يمكن كنت طرحت تلميح لتفسير


    لكن لنقل إن التفسير شيء آخر أردتكم أن تتفاجأوا به


    شيء يشبه شخصية مزون لا شخصيتي ولا شخصياتكم


    أتمني يعجبكم


    .


    اللي استغربوا إنه كاسرة تتعود على زايد


    يمكن ماجبت مشاهد بينهم


    بس هي الحين صار لها أسبوعين في بيتهم أسبوع قبل حالة مزون وأسبوع بعدها


    والأسبوع الثاني كانت بس هي وهو


    فأكيد لازم يتوالمون وخصوصا إنها بررت إنها كأنها تعرفه طوال عمره


    وأنا قصدت كذا بالفعل


    .


    أما عن قسوة الرجل العسكري


    فأنا من قرايبي القراب واجد من السلك العسكري ومافيه أحن من قلوبهم في العالم كله


    ومنهم اللي مافيه أخف من دمه ولا أطيب من قلبه


    لكن خل حدة الشخصية ضرورة قصصية وليس القسوة لأني ماجبتهم متحجرين قلوب ولا متوحشين


    .


    .


    غــســق


    عظم الله أجرك في جدتك ويجعلها آخر الأحزان يارب


    .


    يا بنات ادعوا لولد أم عزوز بالشفاء


    الله يشفيه ويمن عليه بالعافية ويفرح قلب أمه بسلامته قادر كريم


    .


    يالله الجزء 53


    .


    قراءة ممتعة مقدما


    .


    لا حول ولا قوة إلا بالله


    .


    .




    بين الأمس واليوم/ الجزء الثالث والخمسون






    " كساب الله يهداك روح لشغلك أنا بقعد عندها

    ولا صار أي تطور في حالتها أو عدك أتصل فيك فورا"


    كساب ينظر لعلي ويهتف برفض قاطع: لا ماني برايح مكان

    وشغلي ماعليه شر هذا الشباب يكلموني إذا احتاجو شيء


    حينها همست عفراء بنبرة مثقلة بالتعب: زين منت برايح لعرس نسبيك الليلة

    مايصير ما تروح يأمك


    أجابها كساب بحزم: إلا بأروح بأبارك له وأرجع

    ثم أردف بحنان: أنتي اللي روحي للبيت مايصير تصلبين نفسش كذا خالتي


    عفراء برفض مغمور بالحزن: لا فديتك دخلت هنا أنا ومزون سوا وبنطلع سوا

    كاسرة أصلا عجزت ترجاني أروح وهي بنقعد مارضيت

    ثم أردفت عفراء بابتسامة مرهقة: وإلا لا يكون هذا قصدك تبيني أروح عشان المدام تجي تقعد عندك وأنت لك أسبوع مخليها


    كساب لم يرد عليها حتى

    بينما كان علي من علق وهو يهتف بتلقائية:

    تدرون أني استغربت إنه مرت كساب في البيت حسبتها في بيت أهلها

    توني دريت إنها موجودة اليوم رحت أبي الخدامة تعطيني الريوق أجيبه لكم

    لقيتها في المطبخ تشوف ترتيبهم للريوق


    حينها هتف كساب بغضب مفاجئ: وأنت دخلت عليها المطبخ


    ابتسم علي: عدال لا ينقطع لك عرق مادخلت عليها سمعت صوتها ورجعت وناديت الخدامة

    ثم أردف بنبرة خبث لطيفة: ودامك رجال تغاروماتبي حد يشوفها

    ماخفت على مرتك وهي بنية في بيت كبير بروحها وأنت حتى ما تنام عندها

    مافيها شيء لو أنت قلت لها نامي في بيت هلش دامك لاهي عنها وكل اللي في البيت لاهين


    كساب بغضب: قلتها قبل وأعيدها مالحد دخل في تصرفاتي مع مرتي


    علي بذات الابتسامة التي تحولت للجدية: والله كلمة الحق بأقولها لو مرتي مكانها مستحيل أخليها بروحها والبيت فاضي عليها

    خاف ربك في مرتك ياكساب ترا حتى اللي مايشوف بيشوف أنك ماتعاملها بما يرضي الله


    حينها هتف كساب بحزم مرعب: علي اقصر السالفة ومرتي مالك شغل فيها


    عفراء تهمس بنبرة تهدئة لكساب: يأمك وش فيك شبيت أخيك ترا ماقال إلا الصدق ويبي لك الخير


    كان كساب على وشك الرد حين اقتحم أجواءهم الصوت الضعيف:

    يبه يبه



    كساب انتفض بعنف وهو يلتفت بحدة لمصدر الصوت كانت مازالت مسبلة العينين وعلى ذات وضعيتها النائمة

    كساب هتف بخفوت مبحوح وكأن صوته كله ذهب من شدة الترقب واللهفة:

    علي اتصل في ابي خله يجي الحين أساسا هو تو رايح مابعد بعّد!!


    اقترب بخفة وهو يجلس جوارها ويهمس لها بكل حنان العالم ولهفته المجروحة

    ترقب أيام وليال متطاولة امتدت لقرون:

    مزون ياقلبي أنتي صحيتي؟!!


    حينها شعر بهمساتها كما لو كانت سهاما من سعادة اخترقت روحه المثقلة باليأس: يبه يبه!!


    كانت تنادي بضعف ودون أن تفتح عينيها كساب التفت لعلي وهو يكاد يجن من سعادته: علي تكفى خل ابي يأتي بسرعة


    يد علي ترتعش على الهاتف وهو يضيع مكان الأزرار ويهتف بتأثر: هذا أنا اتصل لا تربشني


    بينما عفراء جلست وهي تضع يدها على بطنها لأنها شعرت بثقل كبير في جسدها كله

    كانت الايام الماضية مرهقة تماما لها جسديا وروحيا!!


    مزون لم تعد مطلقا للنداء أو الهمس بينما الجميع يشعرون أن الدقائق تمر متثاقلة بطيئة وهم في انتظار زايد

    كساب مازال يجلس جوارها وهو يكتف نفسه وكل مايخشاه أن تكون هذه الهمسات همسات عابرة وتعود لحالتها التي أضنت روحه


    " يالله يا كريم أنك تمن عليها بالعافية من عندك

    لو قعدت على ذا الحال

    ما أعرف أنا أشلون بأعيش وأتعايش مع الوضع!!"



    زايد دخل وأنفاسه تعلو وتهبط وهو يهتف برعب جازع: وش فيها مزون وش فيها


    علي بقلق: كانت تدعيك يبه!!


    كساب وقف ليجلس والده مكانه ودون أن يتكلم يشعر أنه لا طاقة فيه للكلام والترقب يستنفذ كل طاقته


    زايد جلس جوارها وهو يمسك بيدها ويهمس لها بحنان متألم وهو يشعر بقلق عميق ألا ترد عليه لأنه اُستنزف وهو يناديها الأيام التي مضت دون مجيب:

    مزون يأبيش أنا هنا


    حينها فقط فتحت عينيها وكأنها كانت تنتظر وصوله ولا تريد أن تفتح عينيها إلا على وجهه همست بضعف:

    هلا فديتك كنت أتناك من زمان ليه ماجيت


    قبل جبينها وهو يشعر برغبة عميقة للبكاء لفرط سعادته: وهذا أنا جيت يأبيش


    همست بتثاقل: رأسي يوجعني كم صار لي راقدة


    هتف بكل حنان العالم: رقدتي واجد واجد يابيش


    همست بذات التثاقل ولكن بنبرة مغرقة في الوجع: تدري يبه كني سمعت كساب وشفته هنا

    بس عقب قلت أكيد أتحلم كساب وش بيجيبه عندي!!


    حينها تقدم من كان يقف خلف والده وقلبه يكاد يتوقف من شدة سعادته التي غمرت كل جوانحه حتى أقصاها

    ليهمس بحنان عميق: وكساب صدق هنا!!


    حينها ارتعشت بعنف وهي تغلق عينيها بقوة حينها اقترب كساب حتى وقف جوارها مباشرة

    شد على يدها بقوة حانية وهتف بحنان تغلفه نبرة الحزم:

    زعلانة علي افتحي عينش وحطيها في عيني وقولي إنش زعلانة وخلينا نتكلم لا تهربين


    همست بصوت مختنق وهي مازالت تغلق عينيها: تبي تعاتبني أني أهرب

    واحنا اصلا عايلة هذا أول شيء تسويه أنت هربت وعلي هرب كلكم كنتم متفشلين مني وهربتوا مني

    ابي هو الوحيد اللي ماخلاني ولا هرب مني ما أبي أشوف حد غيره


    هتف كساب بذات النبرة الحازمة الحانية: حن يوم قررنا نهرب على قولتش

    كان قرار والتزمنا فيه وماغمضنا عيوننا وحن نسويه

    افتحي عيونش وقولي إنش ماتبين تشوفيني!!


    حينها فتحت عينيها بتردد وعادت لإغلاقها بسرعة وهي تراه يقف أمامها بإرهاقه المتبدي في كل تفاصيله نظرة العينين الحانيتين اللتين افتقدهما حد الوجع

    جبينه المعقود بحزم كالعادة

    هتف لها بأمر مباشر: مزون افتحي عيونش


    لتفتح عينيها دون تردد ويصبح الاثنان هما بؤرة المشهد والبقية يراقبون بأنفاس محبوسة

    فهم كانوا يشاهدون مجبرين طيلة السنوات الماضية هذا الفيلم المؤلم الذي لايريد الانتهاء

    وهاهي النهاية توشك على طرق الأبواب مع كل توجس العالم كيف ستكون هذه النهاية


    فتحت عينيها بينما اقترب منها لينحني عليها ويدخل ذراعه تحت كتفيها ليجلسها

    ويجلس جوارها على طرف السرير وهو يسندها

    لأنه يعلم أنه إن أجلسها وتركها فقد تهوي لطيلة فترة نومها الماضية وتخدر جسدها

    والسبب الأهم أنه لا يريد أن يتركها بل يريد أن يحتضنها قريبا من قلبه

    وكم اشتاق لاحتضانها!!


    وهي حين شعرت بدفء ذراعه التي أسندتها وهي كانت تظن نفسها تحلم حلم خشيت أن تفتح عينيها وتجده تبخر دفنت وجهها بين كفيها وبكت

    كانت تتمنى لو دفنت راسها في كتفه ولكنها خشيت ألا يستقبلها حضنه


    "فقد تعبتُ من آمال لا تحقق!!

    تعبت من أيام وليال تطاولت وأنا أرهف السمع كل ليلة في انتظاره عله الليلة يطل علي!!

    لتنتهي الليلة دون أن يتحقق حلمي سوي من دموع أذرفها على مخدتي التي اعتدت أن أبدلها كل أسبوعين

    لأنني أوقن أنها ما عادت تحتمل المزيد من الدموع وأنها ستنفجر تحت راسي لو حملتها أكثر. بينما أنا أحتمل!!

    ومع ذلك بقيت أحلم ولم أتوقف عن الحلم!!

    .

    لكن حين انفجر بي شعرت أنه مهما انتظرت بعد ذلك فلن يتحقق حلمي

    رفضت أن يقترب مني لأني لا أريد حضنا سأفقده للابد

    لن أحتمل أن أتذوق حضنه وأنا أعلم أنها المرة الأخيرة

    كانت كلمة المرة الأخيرة هي ماتطرق رأسي لا أريده إن كان سيحضنني لمرة وسيرحل

    كنت أشعر أن هذه اللحظة قادمة لا محالة

    كنت أشعر أنه ينتظر الفرصة ليترك البيت وينخرط في حياة مستقلة بعيدا عنا ويتناسانا

    وأحاول أن أنكر هذا الشعور وأبعده عن قلبي لشدة ماكان يرعبني

    أحتمل حتى بعده وتجافيه ولكن وهو معي في ذات البيت

    حتى لو سافر رائحته هنا ملابسه كتبه أشياء أتصبر بها على بعده

    ولكني من ناحية أخرى كنت أقول لو أراد أن يفعلها لفعلها من منذ زمن ودون اهتمام

    ولكن كنت أصبر قلبي وأقول أن كساب يهتم كثيرا لمظهره أمام الناس

    وخروجه ليسكن وحده سيثير الكثير من الأقاويل

    ولكنه الآن وجد الغطاء المناسب

    هاهو تزوج ثم اتخذ حفلا رفضت حضوره ذريعة ليهرب مني نهائيا

    وحتى يجد المبرر كله أعاد كل الذكريات المرة وفتح كل الجروح بيننا

    ثم أتى يريد احتضاني لمرة لا أريد هذا الحضن الأخير إن كنت حُرمت حضنه للأبد

    لا أعلم ما الذي حدث بعدها نمت ربما ونمت طويلا.

    لم أكن أريد أن أصحو من النوم لأني كنت متيقنة أنني حين أصحو سأجده رحل للأبد

    والغريب أنني كلما فتحت عيني رأيته هو لتفر دموعي رغما عني يبدو أنه لا يريد مغادرة أحلامي

    ما أجمل الأحلام إن كان هو فيها لأبقى إذن نائمة مع ذكراه

    .

    ولكن رغما عني وجدتني أصحو لأنه مازال في الحياة من يستحق أن أقاتل من أجله

    من أجل زايد من أجله فقط استفقت

    زايد الذي لم ينبذني ولم يقسُ علي

    زايد الذي مهما ارتحل الجميع وتركوني فهو سيبقى معي

    زايد الذي أعلم أنه من أجلي احتمل المرارة وقسوة الحرج وكل من حوله يعاتبونه

    زايد أبي وأمي وشقيقي

    ليرحلو كلهم فأنا وهو باقيان !!"


    كساب شد كفيها ليبعدها عن وجهها وهو يهمس قريبا من أذنها بعمق أزلي:

    إذا قلت سامحيني بتسامحيني


    ارتعشت بعنف وهي تشهق وتهمس باختناق: وش قلت


    هتف بصوت أعلى قليلا: أقول أنا آسف تسامحيني

    وإلا قلبش صار قاسي مثل قلب أخيش


    عفراء رغما عنها بدأت دموعها تنهمر فالموقف كان أكبر من احتمالها

    بينما زايد وعلي وقفا في موقف المراقبة وتأثر عميق يهزهما هزا


    حينها حينها

    حـــيــــــنـــــها

    أدرات مزون وجهها لتدفنه في كتف كساب وهي تنفجر في بكاء جنائزي

    الغريب عاد لوطنه

    والعصفور عاد لعشه

    والطفل عاد لأحضان أمه!!

    يا الله كم هذا الشعور جميل ومؤلم وسامٍ!!


    كساب احتضنها بقوة كما لو أنه يريد أن يعوض عما مضت من أيام باردة قاسية تحجرت مشاعره فيه لدرجة اليأس

    وهو يهتف لها بحنان موجوع: بس بس طالبش ماتبكين


    علي هتف بتأثر: والمسكين هنا أنا طلعت هربان ولا حد عبرني ولا حد حضني!!


    مزون أفلتت كساب بخفة وهي تمد يديها لعلي علي اقترب ليحتضنها بحنو وهو يقبل راسها ويهتف بحنان شاسع:

    الحمدلله على سلامتش يالغالية

    والله العظيم الدنيا من غيرش ما تسوى





    **************************************






    مضى لها حوالي أسبوع وهي تتهرب مني

    وقبل هذا الأسبوع كانت تتشاغل عني

    تتشاغل بعشرات الأشياء

    حينا ترتب مع الممرضات الملفات

    أو يعلمنها الفرنسية أو يعلمنها التطريز أو التريكو أو تنسيق الازهار

    وتقضي ماتبقى من الأوقات بين هذا كلهإن كان تبقى وقت في قسم الأطفال الذين يعانون ذات مرضها

    وخصوصا مع وجود طفلين عربيين في القسم كانت تقضي كثير من الوقت مع والدتيهما


    أنا سعيد جدا أنها خرجت من قوقعتها وتتفاعل مع من حولها وتبدو هي سعيدة بذلك إلى درجة الإشراق

    ولكن أنا أشعر بالوحدة فعلا فأنا حياتي الفترة الماضية تمحورت حولها وكنت مشغولا بها تماما

    أشعر كما لو كانت تستغني عني وهذا الإحساس يؤلمني لأبعد حد!!



    ليتحول بعد ذلك كله تشاغلها الذي كان عفويا إلى هروب متقصد

    قد يكون الذنب ذنبي وإن كنت أرى نفسي غير مذنبا


    قبل أسبوع وجدتها تصنع لها شيئا بالتريكو سألتها ماهذا

    فقالت أنها ستجرب فيني مواهبها الجديدة وتصنع لي شالا سيكون جاهزا مع اقتراب الشتاء


    حينها تناولت كفها بعفوية وقبلتها أو لأعترف وأقول أني لم أكن عفوياربما أطلت أو تعمقت

    ولكن ما السوء الذي فعلته هذه زوجتي

    وتقبيلي كفها تعبير عن امتناني لما ستصنعه من أجلي شعرت أن في هذا نوع من التقدير لها

    والقبلة كانت لمجرد كفها لم أقبل خدها ولا شفتيها

    لذا صدمتني ردة فعلها الحادة وهي تبكي وترتعش وتطلب مني الخروج من المكان!!


    ومن بعد ذلك لم نعد مطلقا للتناقش في الموضوع لا هي عاتبت ولا أنا اعتذرت لأني لم أرد فتح الموضوع مرة أخرى


    ولكنها من يومها بدأت تتهرب مني أو ربما هذا إحساسي لأن ماكانت تتشاغل به قبلا هو مايشغلها الآن

    كل شيء له من وقتها نصيب إلا أنا !!!




    .

    .

    .







    رد مع اقتباس  

صفحة 15 من 29 الأولىالأولى ... 5131415161725 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. رواية مجزرة الحولة من الطفل المذبوح رقم خمسين رواية 2013
    بواسطة иooḟ Ăł.кααьỉ في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-Dec-2012, 02:08 AM
  2. علاقة الجار بالجار بين الأمس واليوم
    بواسطة بوغالب في المنتدى خارج مقص الرقيب
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-Nov-2011, 08:50 PM
  3. الأمس واليوم وغدا الخصر النحيل هو رمز الأنوثة والخصوبة
    بواسطة بوغالب في المنتدى الاسرة والطفل
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 09-Aug-2010, 08:17 AM
  4. بعد مباريات الأمس واليوم .جدول الترتيب للدوري السعودي
    بواسطة البنت التي كويس في المنتدى كرة القدم المحلية و العربية و الاوربية
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 31-Oct-2008, 01:37 PM
  5. المغازل بين الأمس واليوم وعقب باكر
    بواسطة سفيرة الصمت في المنتدى نكت مضحكة - طرائف - الغاز - Joke
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 18-Jan-2007, 02:18 PM
المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •