الملاحظات
صفحة 8 من 8 الأولىالأولى ... 678
النتائج 71 إلى 74 من 74

الموضوع: @ حــــب أخـضــر @ ===> الرواية التي أطربت مسامع القلوب <===

  1. #71  
    المشاركات
    206
    في الصباح اكتشفت أنها لم تر حلماً بعينه، لكنها عاشته كانت سعيدة سعيدة جداً أبقت على مرحها الطفولي لحين مجيء محاضرة الأستاذ رضوان أصيبت بانقباض غير مبرر أنهت المحاضرة كالعادة تذكرت أن حكاية سوزان قد تمت تغلغل في مسام روحها ما يشبه الرغبة في البحث عن شيء ضائع في طريق عودتها للوحدة السكنية وقفت أمامها الأسئلة كأرتال أطفال في الصف الأول، ملامحها بريئة:

    - هل ساكنو ضيعتنا قاوموا الخطيئة؟

    هل ستمر جدتي دون عقاب ؟ أيجوز التصدي لأخطاء آبائنا هل لا أزال صامدة في السعي إلى هدفي ؟ مَنْ هي سوزان؟!

    توقفت أمام شجرة سرو أطول منها بقليل قلّمتْ حديثاً بشفتيها أبعدت بعض الوريقات والأغصان عن مجال تأملها ثم نفرت منها وجاء السؤال:

    - مَنْ أنا مَنْ هو رضوان؟

    هل سنبقى حلمين كأفقين متوازيين، أم حلما واحدا؟

    مع كل سؤال كانت الدبلوماسية تذوب في سائل الوقت كالسكر، والتشاور مع قلبها قد دخل مرحلة اتخاذ إقرار ، اشتبكت مع لغة الحوار الداخلي بصمت ، كانت وحيدة تواجه جبهة من عشرة خلان نزلوا إليها ارتبكت تساءلت: لِمَ أنا مرتبكة أين هي مشيئتي؟

    شعرت ندى التي تتابع تفاصيل حياتها بدقة أن رضوان قد استيقظ من جديد وبطريقة مختلفة في أعماقها عرفت أنَّ تلك الحكاية المتوقعة التي انتهت سوزان من سردها قد نجحت في إيقاظ ما هو غريب عن تجربتها ، أو ما يشبه الضباب في أعماقها عن الحلم والهدف والشباب وتحطيم الإرادة على مذبح الغاية ناقشت ندى مع سوزان النتائج التي ستخلص إليها، واعتبرتا انسجام سلاف ومرحها مؤشرا واضحا على تجاوبها مع روحها ودليل سيوصل قلبها بقلب رضوان، والمشاعر المتكسرة لابد وأن تستقيم وتكتمل

    بدأت تتعرض سلاف إلى هزة نفسية عنيفة تمكنت مساء من استبعاد التفكير مطلقاً برضوان وأقنعت نفسها بأنه ليس الهدف، وإنما يقاوم هدفها، وهو على النقيض منها خلصت إلى ذلك عبر سلسلة طويلة من تفحص الأفكار الجديدة التي تعتريها ، خاصة بعد بروز شخصية رضوان هذا اليوم كجواب على شيء مفقود تبحث عنه أقنعت نفسها أن الشيء المفقود هو الجواب على سبب حب جدتها المشوه وسكوت أهالي الضيعة عنها واعتبرت بشجاعة كبيرة أن رضوان على مسافة إصبع منها، ويمكنها التقرب منه متى تشاء، ثم لا داعي لِتحويل طموحاتها إلى طرف آخر وبإمكانها تحقيق تلك الطموحات بجهودها الفردية عقدت هدنة مع أفكارها وتصالحت حول فكرة أساسية وبشروط واضحة: " أن تبتعد عن التناقضات الكبرى، و تعيش ببساطة في كل شيء حتى في أسلوب دراستها " أراحتها الهدنة لمدة أسبوع فقط عاد رضوان ليطرح نفسه بقوة عليها بعد المحاضرة التالية حاولت تثبيت الهدنة ثانية، ففشلت ودخلت في صراع عنيف مع ذاتها كانت ندى تنتظر في هذه الأثناء أن تقدم لها تقريراً مفصلاً حول شجونها وهمومها ، وبداية علاقة سامية مع رضوان.

    أحستا أن العلاقة بينهما متأصلة حتى قعر العين وشغاف القلب، لذا حافظتا على مسافة احترام وتقدير متوازنة، وكل ما تتمناه ندى هو التوفيق لسلاف و تعتبر نفسها موفقة جداً وغير حشرية ولن تثير أسئلة اعتقدت أنها تعرف أجوبتها تعلمت كيفية الصمود في وجه فضولها من حبيبها وائل، تماما كما علمته أشياء مهمة كالإخلاص وأن الفتاة العاشقة ليست ذراع الحبيب فحسب، بل هي قوة الذراع الدفينة ونبض القلب وقصتهما تعرفها سلاف جيداً، حكتها لها منذ أيام خلت وقدمت لها نفسها أنها عاشقة من الطراز الأول لطالب جاء من منطقة جسر الشغور والتحق في الفرع نفسه تعرف إليها بعد الفصل الأول مباشرة تغزل لها بقريته الواقعة على ضفاف العاصي حكى عنها بعشق وحب وتعلق أشبه بعلاقة عذرية جمع كل كلمات القاموس عن الحب والنزاهة والإعجاب ووصف بها قريته ، وتاريخها المشرف والمعطاء , وراح ينسج حكايات رائعة ومثيرة عنها كقرية مكونة من نهر وورد ومواويل شيئاً فشيئاً تمنت ندى أن تكون تلك الكلمات لها، ثم حولتها إلى أعماقها باللاوعي معتبرة نفسها هي القرية، وكلما حدثها عن القرية، و صباحها ، والأزهار، وعلاقات الناس، حسبت أنه يتحدث عنها، رددت : " ولِمَ لا فمن يحب قريته يمكنه أن يحبني؟ " تمنت ذلك واكتشفت أن مَنْ يحب شيئاً قادراً على حب بقية الأشياء، وحالة السمو والرقي الروحي والعاطفي هي واحدة أيضاً تغزلت له بمشتى الحلو، فنمت بينهما لغة غزل عن قريتين انتقل هذا الغزل إلى قلبيهما باللاشعور كلما قال كلمة حلوة بحق ضيعته شعرت أنه يخصها بها شخصيا بادلها الشعور نفسه تطورت العلاقة بينهماعلمت أن الشاب قوي و طموح ومجرب والده مدرس رياضيات جمع ثروة جيدة من عمله في أرضه ومن وظيفته استثمر ما كسبه مع رجل أعمال حموي وخسر كل شيء تقبل وائل الخسارة صمم على الدراسة، ووجد عملاً في مؤسسة سياحية على الشاطئ الأزرق، فراح يعمل ويدرس

    حدثتها ندى عدة مرات عن - الظل الهائل- في ضيعته الذي ينعكس على هيئة ديك أثر شروق الشمس ويرافق ظلال العاصي كالسحر حتى ترتفع قليلا، فيزول يعتبر الناس ذلك ميقاتاً لبدء العمل ينهضون وينطلقون مع إطلالة الشمس لأن الفكرة الرائعة والمتوارثة تقول: مَنْ يصل الأرض قبل جفاف الندى يكون محصوله وفيراً

    أعجبت سلاف بعفوية علاقتهما وصدقهما وتعرف أنها تزوره إلى مكان عمله وتساعده يلتقيان في الكلية يسهران معاً لكن حتى الآن لم يلمس إبهامها أو إصبعاً من أصابعها تلتقي عيونهما أحياناً للحظات وتكون كافية لتفجير مافي أعماقهما من حب دفين مؤمنان بقلبيهما ويعلم أهلهما بتفاصيل علاقتهما وباركوا لهما قرارهما





    رد مع اقتباس  

  2. #72  
    المشاركات
    206
    سمعت سلاف ندى تردد أكثر من مرة كلمات عن الحب مثل: "الحب نبوءة تتحقق مع كل نبض قلب حقيقي"

    " الحب وتر الشباب الذي يعزفون عليه المستحيل"

    " مَنْ يعتقد أنه لا يحب، فليخرج مساء ليلة مقمرة و سيدله البدر الجميل إلى خفايا روحه العامرة بالعشق"

    " مَن يعتقد أن شبابه يمر دون معزوفته الخاصة، فليجرب الانتظار ولو للحظة وبيده وردة، ثم يقدمها لأول أنثى يصادفها ويبتعد بهدوء، وسيكتشف أنه أكثر من شاب مميز وله روحه الخاصة والجذابة، وقادر على فعل شيء جميل"

    أُعجبت بما تردده ، وآخر جملة قالتها ليلة أمس هي: " الحب هو عش الفتيان الدافئ "

    توقعت خلال أيام أن تبادر سوزان، أو حتى ندى لتعرفاها بإبراهيم، أو وائل لم تفعلا وإن ظهرت لدى سلاف مثل هذه الرغبة، لكنها تركتها وراء ظهرها لوقت آخر

    تحدثت سوزان بحماس عن إبراهيم، ووسامته الرائعة وذكائه المتميز، ونقلت إليها بعض أفكاره، وآخر ، ماقاله لها:

    " فلنستمع إلى الآخرين قد يكون لديهم ما نبحث عنه، أو ما نفتقده"

    " أصغر قيمة في معيار الحب القبلة، وأعظم قيمة فيه هي الكلمة التي تجعل القلب كالمطر والروح قوته التي لا تنضب"

    " مادام تراب الأرض البني يولد الأخضر، فالقلوب أيضاً خضراء والحب أخضر وأبدي "

    تفاعلت سلاف خلال أيام مع صديقتيها وجدت نفسها معنية بهما أو كأنهنَّ واحدة في ثلاثة وبقي الحب سؤالها الذي راح يدغدغ أعماقهما قالت : هما عاشقتان من الطراز الأول. أما أنا، فمن دون هوية محددة أشبعت بحكايتين عن الحب : حكاية سوزان، و قصة ندى من جهة، وحكاية جدتي الفاشلة من جهة أخرى

    وبعد حوار ذاتي متكسر والاستماع إلى صوتها الباطني ، وجدت أنها رهينة ماضي جدتها وتاريخ ضيعتها ثم شعرت بتسلل عشق خفي إلى أعماقها دون قدرتها على إدارته فاكتفت بمراقبته عن بعد.

    حدثتها سوزان عن التوازن الذي عاد إلى أسرتها كنتيجة لتناسي أمها موضوع تطهير الوالد من آثامه بقيت بين الاثنتين حدود لجبهة باردة مشروطة ودون مراقبين من أمم المشاعر اعتبرتها سوزان حالة من اللاستقرار بينهما

    قررت سلاف حضور محاضرة للدكتور إبراهيم وسألت إحدى الزميلات عن برنامجه، وبعد حين اعتبرت ذلك خيانة كبيرة ولا يحق التعرف إليه، أو إلى وائل دون دعوة صريحة منهما

    أهملت الأمر على إيقاع ذكريات الضيعة واستعادت ذكريات طفولتها حاولت ترتيب ذلك على وريقات خاصة كتبت عشر صفحاتبدأت بعلاقتها مع والديها وأخوتها، ثم أهالي الضيعة ورفاقها في المدرسة استوقفتها هذه الذكريات الدافئة، فكتبت:

    << أتذكر أنني أحببت البرية وأماكن رعي الأبقار كثيراً، عرفت سفوح الجبال وجروفها المتكسرة كالقصب على شكل انحدارات حادة توحي بزلازل عبرت من هنا في زمن غابر الربيع ينهض يقف على ساقيه ، ويقدم لي الزهور ، مع بدايته تكثر الحشائش ، وتصبح الأبقار أهدأ ولا أنظر إليها وهي جائعة، أو ضعيفة كما هو الحال عند نهاية الصيف، فلا يمكنني تحمل ضعفها أتذكر من أسماء الأبقار( شرابة) وهي بقرة طويلة مرتفعة، عيناها قائمتان وحولهما خطوط بنية، لونها قرميدي محروق، عنيفة وتنطح لمجرد هبة ريح تلامسها مثل كتيبة جيش أمريكي ، الأخرى ( حمورة) أسماها والدي بذلك الاسم لوجود جزر حمراء بين لونها الداكن، وكانت مسكينة وتفهم أشياء وإشارات كثيرة تعلمتها منا واسم ثالثة( عدالة )، لونها ترابي مائل للسمرة ، قليلة الارتفاع عن الأرض، ، ضرعها كبير ، كثيرة الحليب، عندما باعها والدي بكيت وبكيت حتى أعطاني الشاري خمس ليرات، فرفضت ذهبت البقرة وبقيت ذكراها أكل عجلها نبات (الرزين) وهو نبات سام، فمات وأحدث كارثة في البيت بكت أمي على خسارته أحببت ركوب الجحش رماني مرة وأصبت برضوض تصبح الوديان ككتاب تلميذ كله حكايات جميلة يحبها ولا يشبع من تكرارها والصخور المبللة بالمياه تبدو كألواح مرايا واسعة تعكس نور الشمس تارة كخيوط من فضة وتارة أخرى كخيوط من حرير ، وتبقى كذلك حتى منتصف شهر أيار أما الصباح، فلا يعني لنا الحيوية وأصوات العصافير وبداية العمل فحسب، بل هو امتداد لحكايات السمر وحنين خفي لنكون أبطالا حقيقيين نترجم ما سمعناه إلى عمل فروسي، والمساء يفضح الأكف التي لم تفلح في بلوغ مآربها كل شيء يتوهج : فانوس الكاز القديم الذي يتفرج على سخانة الكهرباء بجانبه نقيفة الأولاد وبندقية الصيد بابور مهمل بجانب فرن الغاز خرق الخيش وأكياس النايلون شياه ودواجن ونوافير معقود المشمش والمعلبات ومقالي العوازي مريول المدرسة وقمصان البالة المخصصة للعمل في البستان شحاطات الغوما ، وكندرات آخر طراز ، أواني النحاس والفخار ، المنخل والميزر والجرن والمدق ملاعق الخشب >>

    تحفزت ، وشعرت بإمكانية كتابة مجلد ضخم عن أسماء العوائل والأشجار والنباتات والطيور والأحداث والممرات الجبلية التي تحفظها عن ظهر قلب نقذ قلبها من صور التناقض التي أخذتها إليها وبعد حين ، أطلقت طلقة طائشة على تسرعها ، وقالت :" إنه الريف القرية الجامعة للزمن بكل نوباته " ملت لعبة الذاكرة ، أو التسلية معها بعد وقوفها أمام عالم متباين متسارع يندفع ومعه هجير الزمن المتسكع بالقرب من عجلات التحضر رمت حماسها جانبا لتقف عند حكاية قروية حكاية شاب متميز من ضيعتها عشق فتاة من قرية مجاورة، ثم تزوجها وبعد زواجه بسنة واحدة أصيب بشلل نصفي أنجبت له حبيبته طفلاً آمن بالله وبهذا الطفل خرجت زوجته للعمل في الأرض لتأمين حاجات الأسرة الصغيرة بعد ثلاث سنوات تحسن الشاب وراح يساعد زوجته، وعندما حاول بعض الأهالي الإحسان إليه رفض رفضاً قاطعاً لكنه قبل معاونتهم له في الأرض أنجب أولاداً وكوّن أسرة وأثناء عمله في المزارع راح يغني ويغني قبل ذلك لم يغنِ أبداً أعجب الفلاحون بغنائه وأصبح فنانهم الشعبي أثناء المواسم والمناسبات كسب حب الناس ، وقلده الشباب

    واجهت مساءً وهي في طريقها إلى الدكان حواراً حاداً بين زميلتين لها حول الأستاذ رضوان وقفت معهما لبعض الوقت وسألتاها عن رأيها به ارتبكت احمرَّ وجهها ، اجترعت السؤال الزعاف ، ومضت تحت تأثير حرج مباغت ، فقالت إحداهما:

    - حتى أنت يا سلاف أربككِ الأستاذ رضوان؟

    سمعت مثل هذا الكلام من قبل، وحاولت تجنبه بهدوء، مع تأكدها أن رضوان هو مثار إعجاب الطالبات والطلاب، وضبطها لمنسوب الغيرة إلى أدنى مستوى





    رد مع اقتباس  

  3. #73  
    المشاركات
    206
    اشترت بعض الأشياء وعادت إلى غرفتها لتجد نفسها أمام ورطة وكأن سؤال زميلتيها فتّق جرحاً مائلاً إلى الخضرة في جدران روحها التي راحت تنزف يخضورا وبعفوية استنجدت بحكاية سوزان التي حملتها إلى طهارة المواجهة، وشجاعة ما، همست: شكرا لك أيتها الصديقة الطيبة، يبدو أنني الآن بدأت أفهم لماذا حكيت لي حكايتك، لا لأتعلم منها فحسب، بل لأرى فيك النموذج الواقعي الذي يمكن أن أتمثله في حياتي، نعم أنت كجوز الطيب قدمت لي علاجات عديدة دون أن أشعر

    انطوت على نفسها هاربة إلى الشرفة واسترجعت بعض الصور: الفتاة المثالية الشامخة التي واجهت مصيرها بإرادة صلبة تخلت عن مكاسبها المادية مقابل حبها و سعادتها وأضافت:

    - يا لها من فتاة شجاعة ! ويمكنني الاعتماد عليها

    حاولت تمزيق صورة جدتها العجوز التي أساءت للحب، ثم وضعت نفسها في حالة موازية لسوزان بشكل مباغت وغير متوقع، وراحت تستعد لمحاكمة الجدة: لمَ لا أقول لها صراحة أنت حاقدة وعليك الاعتذار من جدي؟ أؤنبها صراحة ، وأقول: كفاك طمعا بالبستان،والطمع أشبه بالسرقة،بل أسوأإذن هناك ما يمكن أن أقاضي عليه الجدةعلى الأقل يجب أن تعرف الحقيقة ويجب أن تكون ضيعتنا أنقى

    مضى وقت يجرح نفسه بسكين التباطؤ دعاها لتضميده التبس عليها الأمر، ولتجد نفسها في حالة من البحث عن مخرج لإشكالية الحب عندما صرخ في أعماقها منادٍ مجهول : لا تدعي الحب، فأنت مدعية من الطراز الممتاز

    مباشرة قررت العودة إلى سوزان كي تساعدها، وفي اللحظة الأخيرة توقفت : " لقد حكت لي كل شيء، وإذا لم أفهم ما قالته فلأذهب إلى الجحيم"

    كادت تطول محاكمتها لنفسها لولا موقفها الشجاع من ذاتها : " يجب أن أفعل شيئا ما من أجل روحي لالا من أجل الضيعة من أجل الحب من أجل"

    تركت البوابة مشرعة لكلمة فعل استجوبت حماسها قليلا ، وكان ذلك كافيا لاستعادتها بعض توازنها

    تناقضت مع قرارها : أنا لا أزال صغيرة لفتح خلاف مع الجدة، و تدخلي قد يعقد المشكلة، الأفضل تركها لمن هم أكبر مني

    دوى في أعماقها نداء : لكن لم تنتظر سوزان أحدا كي يحل لها مشكلتها، اتخذت القرار الصحيح في الوقت المناسب، وواجهت قدرها بنفسها

    كاد الحوار الغامض يدخلها في صراع وجدل داخلي انبرت تطلق بعض المحاذير ، ثم قالت باختصار بعدما حسمت بعض الأسئلة:

    - أعتقد أن جدتي هي آخر السيئين في الضيعة سأقول لها بأعلى صوتي إنها على خطأ وهذا يكفي نحن بحاجة إلى هذه الصرخة لا أمام الجدة فحسب بل أمام كل مَنْ يخطئ كان من كان، حتى ولو كان رئيس البلد، أو مَن هم أكبر منه

    تنفست من خياشيم نشاطها الذي أضاف إليها إحساسا بالفتوة لم تعهده من قبل، شعرت أنها شريكة هذا العالم الواسع بكل شيء وشديدة الانتماء إليه لا إلى اللاذقية أو بحرها أو جبالها فحسب، بل إلى كل المدن والجبال والبحار في الكون وإن كانت الضيعة لاتزال شاخصة أمامها كشلال ماء ناعم ومثير لكن هذا التنوع الكوني الأخاذ الذي حملته إليها اللاذقية جعلها أكثر عزيمة ومنسجمة مع إيقاع الناس الأشبه بسيمفونية لا يمكنها الاكتمال دفعها هذا الشعور شعور بأنها واحدة من ضاربات الإيقاع على وتر زمنها المنضبط إلى الاقتراب كثيراً من الأستاذ رضوان لدرجة أنها كادت تمد يدها لمصافحته أثناء المحاضرة الأخيرة، ثم انسحبت في لحظة حرجة

    طار من يدها ألف ألف عصفور وفراشة وارتعاشه واحدة شعرت أنها أقل من المصافحة ، وأدنى بقليل من الفرصة المناسبة ، وقد تغرق كخردة حديد في كأس شاي ، تزملت بشكها و ابتعدت تحت ضغط الحلم، أو الخوف من ملامسة فتيل لحظة الصفر القابلة للاشتعال الفوري وضعت رديئة من الحذر أمام رغبتها ، ونظرت في عينيه لم تكونا على عهدهما فحسب بل جذبتها كقوة سحرية وكادت تسقط من شدّة تأثيرهما بدل أن تستمع إلى المحاضرة راحت ترسم خطوطاً ما على دفترها شعرت بحرية غامرة أشبه بفرح طفولي رائع

    عادت إلى الصفوف الخلفية بشيء من الحذر الخجول راح يكبر في داخلها شغب ما صعب عليها ترجمته يكبر ويكبر، بينما شغلها إحساسها بذلك الشيء القادم انسحبت من المكانلا تعرف أهي مهزومة أم منتصرة ، في غرفتها حلَّ عليها البكاء ضيفاً مسلياً لتدخل ندى وتمسح عنها الدموع التي قرأت فيها تحولاً ما

    أخبرتها بعدما ارتاحت قليلاً أن سوزان سافرت إلى دمشق مع إبراهيم لأمر طارئ بعد اتصال من والدتها حيث أصيب والدها بوعكة صحية خطيرة

    فجأة اشرأبت حاستها السادسة وجعلتها تتفاعل مع حدثٍ ما يجري في ضيعتها: " إذن ، مادام والد سوزان في سوء يعني أن جدتي في سوء"





    رد مع اقتباس  

  4. #74  
    المشاركات
    206
    وللبقيت ميعاد





    رد مع اقتباس  

صفحة 8 من 8 الأولىالأولى ... 678

المواضيع المتشابهه

  1. الفتاة التي ماتت عارية أمام الماسنجرالرجاء عدم دخول القلوب الضعيفة
    بواسطة مِـفآهيم آلخجـلْ في المنتدى صور × صور و خلفيات مصوره
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 16-Feb-2009, 11:15 AM
  2. الرواية
    بواسطة لون مجهول في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 22-Aug-2007, 02:47 PM
  3. الغفلة التي تقتل القلوب
    بواسطة هووواوووي في المنتدى رياض المؤمنين
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 09-Apr-2007, 10:52 PM
  4. ][®][^][®][حــــب أبــدويــة ][®][^][®][
    بواسطة الـفـارس الـمـلـثـم في المنتدى محبرة شاعر - شعر - قصائد - POEMS
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 15-Oct-2006, 04:13 AM
  5. حصريا:الرواية الاخيرة التي كتبها صدام حسين
    بواسطة قلم رصاص في المنتدى روايات - قصص - حكايات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-May-2006, 03:40 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

عرض سحابة الكلمة الدلالية

المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •