ماشاء الله عليك مره حلووو الموضوع يعطيك الف عافيه
|
ماشاء الله عليك مره حلووو الموضوع يعطيك الف عافيه
انتهى بحمد الله وعونه
من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلقاً وأكرمهم وأتقاهم ، عن أنس رضي الله عنه قال" كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقًا" - الحديث رواه الشيخان وأبو داود والترمذي. وعن صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت "ما رأيت أحسن خلقًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم" - رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن. قال تعالى مادحاً وواصفاً خُلق نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم (( وَإِنّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ )) [ القلم 4 ] قالت عائشة لما سئلت رضي الله عنها عن خلق النبي عليه الصلاة والسلام ، قالت : ( كان خلقه القرآن) صحيح مسلم. فهذه الكلمة العظيمة من عائشة رضي الله عنها ترشدنا إلى أن أخلاقه عليه الصلاة والسلام هي اتباع القرآن ، وهي الاستقامة على ما في القرآن من أوامر ونواهي ، وهي التخلق بالأخلاق التي مدحها القرآن العظيم وأثنى على أهلها والبعد عن كل خلق ذمه القرآن. قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: ومعنى هذا أنه صلى الله عليه وسلم صار امتثال القرآن أمراً ونهياً سجيةً له وخلقاً فمهما أمره القرآن فعله ومهما نهاه عنه تركه، هذا ما جبله الله عليه من الخُلق العظيم من الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم وكل خُلقٍ جميل.أ.هـ عن عطاء رضي الله عنه قال: قلت لعبد الله بن عمرو أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال: أجل والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينًا عميًا وآذانًا صمًا وقلوبًا غلفًا - رواه البخاري ما المقصود بحُسن الخلق ؟ عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : (( البر حسن الخلق )) رواه مسلم [ رقم : 2553 ] قال الشيخ ابن عثيمين في شرح الحديث السابع والعشرون في الأربعين النووية: حسن الخلق أي حسن الخلق مع الله ، وحسن الخلق مع عباد الله ، فأما حسن الخلق مع الله فان تتلقي أحكامه الشرعية بالرضا والتسليم ، وأن لا يكون في نفسك حرج منها ولا تضيق بها ذرعا ، فإذا أمرك الله بالصلاة والزكاة والصيام وغيرها فإنك تقابل هذا بصدر منشرح. أما حسن الخلق مع الناس فقد سبق أنه : كف الأذى والصبر على الأذى، وطلاقة الوجه وغيره. على الرغم من حُسن خلقه حيث كان يدعو الله بأن يحسّن أخلاقه ويتعوذ من سوء الأخلاق عليه الصلاة والسلام . عن عائشة رضي الله عنها قالت "كان صلى الله عليه وسلم يقول اللهم كما أحسنت خلقي فأحسن خلقي" - رواه أحمد ورواته ثقات. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول "اللهم إني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق" - رواه أبو داود والنسائي أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله : كان صلى الله خير الناس وخيرهم لأهله وخيرهم لأمته من طيب كلامه وحُسن معاشرة زوجته بالإكرام والاحترام ، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )) سنن الترمذي . وكان من كريم أخلاقه صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أهله وزوجه أنه كان يُحسن إليهم ويرأف بهم ويتلطّف إليهم ويتودّد إليهم ، فكان يمازح أهله ويلاطفهم ويداعبهم ، وكان من شأنه صلى الله عليه وسلم أن يرقّق اسم عائشة ـ رضي الله عنها ـ كأن يقول لها: (يا عائش )، ويقول لها: (يا حميراء) ويُكرمها بأن يناديها باسم أبيها بأن يقول لها: (يا ابنة الصديق) وما ذلك إلا تودداً وتقرباً وتلطفاً إليها واحتراماً وتقديراً لأهلها. كان يعين أهله ويساعدهم في أمورهم ويكون في حاجتهم ، وكانت عائشة تغتسل معه صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحد، فيقول لها: (دعي لي) ، وتقول له: دع لي. رواه مسلم وكان يُسَرِّبُ إلى عائشة بناتِ الأنصار يلعبن معها. وكان إذا هويت شيئاً لا محذورَ فيه تابعها عليه، وكانت إذا شربت من الإِناء أخذه، فوضع فمه في موضع فمها وشرب، وكان إذا تعرقت عَرقاً - وهو العَظْمُ الذي عليه لحم - أخذه فوضع فمه موضع فمها، وكان يتكئ في حَجْرِها، ويقرأ القرآن ورأسه في حَجرِها،وكان يقبلها وهو صائم، وكان من لطفه وحسن خُلُقه مع أهله أنه يمكِّنها من اللعب. (عن الأسود قال :سألت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قال : كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة يتوضأ ويخرج إلى الصلاة) رواه مسلم والترمذي. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم - رواه أحمد. قال صلى الله عليه وسلم "إن من أعظم الأمور أجرًا النفقة على الأهل" رواه مسلم. عن عائشة رضي الله عنها قالت "خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال للناس : اقدموا فتقدموا، ثم قال لي : تعالي حتى أسابقك فسبقته، فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس: تقدموا فتقدموا، ثم قال لي : تعالي أسابقك فسبقني، فجعل يضحك وهو يقول هذا بتلك" رواه أحمد. (وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم وضع ركبته لتضع عليها زوجه صفية رضي الله عنها رجلها حتى تركب على بعيرها) رواه البخاري. ومن دلائل شدة احترامه وحبه لزوجته خديجة رضي الله عنها، إن كان ليذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها (صديقاتها)، وذلك بعد مماتها وقد أقرت عائشة رضي الله عنها بأنها كانت تغير من هذا المسلك منه - رواه البخاري. عدل النبي صلى الله عليه وسلم : كان عدله صلى الله عليه وسلم وإقامته شرع الله تعالى ولو على أقرب الأقربين. قال تعالى: (يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَآءِ للّهِ وَلَوْ عَلَىَ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ) (النساء:135) كان يعدل بين نسائه صلى الله عليه وسلم ويتحمل ما قد يقع من بعضهن من غيرة كما كانت عائشة ـ رضي الله عنها ـ غيورة. فعن أم سلمة ـ رضي الله عنها أنها ـ أتت بطعامٍ في صحفةٍ لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فجاءت عائشة. ومعها فِهرٌ ففلقت به الصحفة، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين فلقتي الصحفة وهو يقول: (كلوا، غارت أُمكم ـ مرتين ـ ) ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم صحفة عائشة فبعث بها إلى أُم سلمة وأعطى صحفة أُم سلمة عائشة. رواه النسائي وصححه الألباني قال عليه الصلاة والسلام في قصة المرأة المخزومية التي سرقت : ( والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد, لقطعت يدها). كلام النبي صلى الله عليه وسلم : كان إذا تكلم تكلم بكلام فَصْلٍ مبين، يعده العاد ليس بسريع لا يُحفظ ، ولا بكلام منقطع لا يُدركُه السامع، بل هديه فيه أكمل الهديِّ ،كما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بقولها: (ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا ، ولكن كان يتكلم بكلام بيِّن فصل يتحفظه من جلس إليه) متفق عليه وكان عليه الصلاة والسلام لا يتكلم فيما لا يَعنيه، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، وإذا كرِه الشيء: عُرِفَ في وجهه أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال وعن انس رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم يمر بالصبيان فيسلم عليهم - رواه البخاري واللفظ له ومسلم. كان صلى الله عليه وسلم يسمع بكاء الصبي فيسرع في الصلاة مخافة أن تفتتن أمه. وكان صلى الله عليه وسلم يحمل ابنة ابنته وهو يصلي بالناس إذا قام حملها وإذا سجد وضعها وجاء الحسن والحسين وهما ابنا بنته وهو يخطب الناس فجعلا يمشيان ويعثران فنزل النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما حتى ووضعهما بين يديه ثم قال صدق الله ورسوله(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (لأنفال:28) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان فيعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما. خلقه صلى الله عليه وسلم في معاملة الصبيان فإنه كان إذا مر بالصبيان سلم عليهم وهم صغار وكان يحمل ابنته أمامه وكان يحمل أبنه ابنته أمامه بنت زينب بنت محمد صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالناس وكان ينزل من الخطبة ليحمل الحسن والحسين ويضعهما بين يديه أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم مع الخدم: ومع هذه الشجاعة العظيمة كان لطيفا رحيماً فلم يكن فاحشاً ولا متفحشا ولا صخاباً في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح. عن أنس رضي الله عنه قال" خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال أف قط، ولا قال لشيء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا" - رواه الشيخان وأبو داود و الترمذي. عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادما له ولا امرأة ولا ضرب بيده شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله. وفي رواية ما ضرب رسول الله شيئًا قط بيده ولا امرأة ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيل الله - رواه مالك والشيخان وأبو داود. عن عائشة رضي الله عنها قالت "ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه وما انتقم صلى الله عليه وسلم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم". رحمة النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الانبياء:107) وعندما قيل له ادع على المشركين قال صلى الله عليه وسلم "إني لم أبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة" - رواه مسلم. " قال عليه الصلاة والسلام : اللهم إنما أنا بشر ، فأيُّ المسلمين سببته أو لعنته ، فاجعلها له زكاة و أجراً " رواه مسلم . كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم من وليَ من أمرِ أمتي شيئاً ، فشقَّ عليهم ، فاشقُق عليه ، و من ولي من أمر أمتي شيئاً ، فرفق بهم ، فارفق به ) قال صلى الله عليه وسلم : (هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم) رواه البخاري. قال تعالى : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) (آل عمران:159) وقال صلى الله عليه وسلم في فضل الرحمة: (الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) رواه الترمذي وصححه الألباني . وقال صلى الله عليه وسلم في أهل الجنة الذين أخبر عنهم بقوله: ( أهل الجنة ثلاثة وذكر منهم ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم ) رواه مسلم. عفو النبي صلى الله عليه وسلم: عن أنس رضي الله عنه قال "كان النبي صلى الله عليه وسلم من احسن الناس خلقًا، فأرسلني يومًا لحاجة، فقلت له والله لا أذهب وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به صلى الله عليه وسلم ، فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك فقال يا أنس أذهبت حيث أمرتك؟ قلت نعم، أنا أذهب يا رسول الله – فذهبت" رواه مسلم وأبو داود. فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي ، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَه مَه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تزرموه، دعوه) ، فتركوه حتى بال ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: (إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ، ولا القذر، إنما هي لذكر الله، والصلاة، وقراءة القرآن) قال: فأمر رجلاً من القوم فجاء بدلو من ماء فشنّه عليه. رواه مسلم تواضعه صلى الله عليه وسلم : وكان صلى الله عليه وسلم يجيب دعوتهم دعوة الحر والعبد والغني والفقير ويعود المرضى في أقصى المدينة ويقبل عذر المعتذر. وكان صلى الله عليه وسلم سيد المتواضعين ، يتخلق ويتمثل بقوله تعالى: (( تِلْكَ الدّارُ الاَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتّقِينَ )) [ القصص 83 ]. فكان أبعد الناس عن الكبر ، كيف لا وهو الذي يقول صلى الله عليه وسلم : (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله) رواه البخاري. كيف لا وهو الذي كان يقول صلى الله عليه وسلم : (آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد) رواه أبو يعلى وحسنه الألباني. كيف لا وهو القائل بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم (لو أُهدي إليَّ كراعٌ لقبلتُ ولو دُعيت عليه لأجبت) رواه الترمذي وصححه الألباني. كيف لا وهو الذي كان صلى الله عليه وسلم يحذر من الكبر أيما تحذير فقال : ( لا يدخل في الجنة من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من كبر) رواه مسلم ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه كان يجيب الدعوة ولو إلى خبز الشعير ويقبل الهدية. عن انس رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السنخة فيجيب - رواه الترمذي في الشمائل. الإهالة السنخة: أي الدهن الجامد المتغير الريح من طوال المكث. مجلسه صلى الله عليه وسلم كان يجلِس على الأرض، وعلى الحصير، والبِساط، عن أنس رضي الله عنه قال "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استقبله الرجل فصافحه لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزع يده، ولا يصرف وجهه من وجهه حتى يكون الرجل هو يصرفه، ولم ير مقدمًا ركبتيه بين يدي جليس له" - رواه أبو داود والترمذي بلفظه. عن أبي أمامة الباهلي قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئًا على عصا، فقمنا إليه، فقال لا تقوموا كما يقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضًا - رواه أبو داود أبن ماجة وإسناده حسن. زهده صلى الله عليه وسلم كان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا وأرغبهم في الآخرة خيره الله تعالى بين أن يكون ملكا نبيا أو يكون عبدا نبيا فاختار أن يكون عبدا نبيا. كان ينامُ على الفراش تارة، وعلى النِّطع تارة، وعلى الحصير تارة، وعلى الأرض تارة، وعلى السرير تارة بين رِمَالهِ، وتارة على كِساء أسود. قال أنس بن مالك رضي الله عنه : ( دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على سرير مزمول بالشريط وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف ودخل عمر وناس من الصحابة فانحرف النبي صلى الله عليه وسلم فرأى عمر أثر الشريط في جنبه فبكى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك يا عمر قال: ومالي لا أبكي وكسرى وقيصر يعيشان فيما يعيشان فيه من الدنيا وأنت على الحال الذي أرى فقال يا عمر: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة قال : بلى قال: هو كذلك ) وكان من زهده صلى الله عليه وسلم وقلة ما بيده أن النار لا توقد في بيته في الثلاثة أهلة في شهرين . عن عروة رضي الله عنه قال: عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها كانت تقول: والله يا ابن أختي كنا لننظر إلى الهلال ثم الهـلال ثـلاثة أهله في شهرين ما أوقـد في أبيـات رسـول الله صلى الله عليه وسلم نار، قلت: يا خالة فما كان عيشكم؟ قالت: الأسودان ـ التمر والماء ـ) متفق عليه. وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة طاوياً وأهله لا يجدون عشاءاً، وكان أكثر خبزهم الشعير) رواه الترمذي وابن ماجه وحسنه الألباني. عبادته كان عليه الصلاة والسلام أعبد الناس ، و من كريم أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه كان عبداً لله شكوراً. فإن من تمام كريم الأخلاق هو التأدب مع الله رب العالمين وذلك بأن يعرف العبد حقّ ربه سبحانه وتعالى عليه فيسعى لتأدية ما أوجب الله عز وجل عليه من الفرائض ثم يتمم ذلك بما يسّر الله تعالى له من النوافل ، وكلما بلغ العبد درجةً مرتفعةً عاليةً في العلم والفضل والتقى كلما عرف حق الله تعالى عليه فسارع إلى تأديته والتقرب إليه عز وجل بالنوافل. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رب العالمين في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه إن الله تعالى قالى: (. وما يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه.) رواه البخاري. فقد كان صلى الله عليه وسلم يعرف حق ربه عز وجل عليه وهو الذي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر على الرغم من ذلك كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ ويسجد فيدعو ويسبح ويدعو ويثني على الله تبارك وتعالى ويخشع لله عز وجل حتى يُسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل. فعن عبدالله بن الشخير ـ رضي الله عنه ـ قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيزٌ كأزيز المرجل من البكاء) رواه أبو داود وصححه الألباني. وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: (أفلا أكون عبداً شكوراً) رواه البخاري. وكان مـن تـمثله صلى الله عليه وسلم للقـرآن أنه يذكر الله تعالى كثيراً، قال عز وجل : (( وَالذّاكِـرِينَ اللّهَ كَثِيراً وَالذّاكِرَاتِ أَعَدّ اللّهُ لَهُـم مّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيـماً )) [ الأحزاب 35 ]. وقال تعالى : (( . فَاذْكُرُونِيَ أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ )) [البقرة 152 ]. ومن تخلقه صلى الله عليه وسلم بأخلاق القرآن وآدابه تنفيذاً لأمر ربه عز وجل أنه كان يحب ذكر الله ويأمر به ويحث عليه، قال صلى الله عليه وسلم : (لأن أقول سبحانه الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس) رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم : (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره ، مثل الحي والميت) رواه البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم : (ما عمل ابن آدم عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر الله) أخرجه الطبراني بسندٍ حسن. كان عليه الصلاة والسلام أكثر الناس دعاءً، وكان من أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: (اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) متفق عليه . وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنه كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته: (اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل) رواه النسائي وصححه الألباني. دعوته كانت دعوته عليه الصلاة والسلام شملت جميع الخلق، كان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أكثر رسل الله دعوة وبلاغـًا وجهادًا ، لذا كان أكثرهم إيذاءً وابتلاءً ، منذ بزوغ فجر دعوته إلى أن لحق بربه جل وعلا . وقد ذكر كتاب زاد المعاد حيث قال أن دعوة النبي عليه الصلاة والسلام كانت على مراتب : المرتبة الأولى: النبوة. الثانية: إنذار عشيرته الأقربين. الثالثة: إنذار قومه. الرابعة: إنذار قومٍ ما أتاهم من نذير من قبله وهم العرب قاطبة. الخامسة: إنذارُ جميع مَنْ بلغته دعوته من الجن والإِنس إلى آخر الدّهر وقد قال الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ). وهذا أيضا من أخلاقه عليه الصلاة والسلام ، ومن أخلاق أهل العلم جميعا ، أهل العلم والبصيرة أهل العلم والإيمان أهل العلم والتقوى. ومن ذلك شفقته بمن يخطئ أو من يخالف الحق وكان يُحسن إليه ويعلمه بأحسن أسلوب ، بألطف عبارة وأحسن إشارة ، من ذلك لما جاءه الفتى يستأذنه في الزنى. فعن أبي أُمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: إن فتىً شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه فقال له: (ادنه)، فدنا منه قريباً، قال: (أتحبّه لأمّك؟) قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لأمهاتهم) قال: (أفتحبه لابنتك؟) قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لبناتهم) قال: (أفتحبه لأختك؟) قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لأخواتهم). قال: (أفتحبه لعمتك؟) قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لعماتهم). قال: (أفتحبه لخالتك؟) قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لخالاتهم) قال: فوضع يده عليه، وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصّن فرجه) فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. رواه أحمد. وقد انتهج النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في دعوته ولطيف أسلوبه للناس كلهم حتى شملت الكافرين ، فكان من سبب ذلك أن أسلم ودخل في دين الله تعالى أفواجٌ من الناس بالمعاملة الحسنة والأسلوب الأمثل ، كان يتمثل في ذلك صلى الله عليه وسلم قول الله عز وجل: (( ادْعُ إِلِىَ سَبِيــلِ رَبّــكَ بِالْحِكْـمَةِ وَالْمَـوْعِظَـةِ الْحَسَنَـةِ وَجَادِلْهُم بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ . )) [ النحل:12] إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أُسيء إليه يدفع بالتي هي أحسن يتمثل ويتخلق بقوله تعالى: ((. ادْفَعْ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنّهُ وَلِيّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقّاهَا إِلاّ الّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقّاهَآ إِلاّ ذُو حَظّ عَظِيم )) [ فصلت 34-35 ] مزاح النبي صلى الله عليه وسلم وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يمازح العجوز، فقد سألته امرأة عجوز قالت: يا رسول الله! ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا أُم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز، فولت تبكي، فقال: أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول: (( إِنّآ أَنشَأْنَاهُنّ إِنشَآءً * فَجَعَلْنَاهُنّ أَبْكَاراً * عُرُباً أَتْرَاباً)) [ الواقعة 35 – 37 ] رواه الترمذي في الشمائل وحسنه الألباني . وكان جُلُّ ضحكه التبسم، بل كلُّه التبسم، فكان نهايةُ ضحكِه أن تبدوَ نواجِذُه. كرم النبي صلى الله عليه وسلم من كرمه صلى الله عليه وسلم أنه جاءه رجل يطلب البردة التي هي عليه فأعطاه إياها صلى الله عليه وسلم صبر النبي صلى الله عليه وسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبر على الأذى فيما يتعلق بحق نفسه وأما إذا كان لله تعالى فإنه يمتثل فيه أمر الله من الشدة وهذه الشدة مع الكفار والمنتهكين لحدود الله خير رادع لهم وفيها تحقيق للأمن والأمان قال تعالى: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ ) الفتح:29 ومن صبر النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه عندما اشتد الأذى به جاءه ملك الجبال يقول: يا محمد إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا، والأخشبان: جبلا مكة أبو قبيس وقعيقعان. فقد أخرج ابن سعد عن أنس رضي الله عنه قال : [ رأيت إبراهيم وهو يجود بنفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : [ تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون ] تعاون النبي صلى الله عليه وسلم قال عليه الصلاة والسلام : (مَنْ اسْتطاع منكم أَنْ يَنْفَعَ أَخاه فَلْيَنْفَعْه). (عن ابن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين والعبد حتى يقضي له حاجته) رواه النسائي والحاكم. نصيحة لنفسي ولأخوتي: قال تعالى : (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً *ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليماً ) [سورة النساء:69-70]. وقال تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً)[سورة الأحزاب:21]. فأكمل المؤمنين إيماناً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وأعظمهم اتباعا، له وأسعدهم بالاجتماع – معه: المتخلقون بأخلاقه المتمسكون بسنته وهديه، قال صلى الله عليه وسلم: ((أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه)). وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا)). وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من خياركم أحسنكم خلقا)). قال عليه الصلاة والسلام: ((ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن؛ وإن الله يبغض الفاحش البذيء)). وفي رواية: ((وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة)). وقال صلى الله عليه وسلم : ((أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لأهله)). وفي رواية: ((لنسائهم)). وروي عنه صلى الله عليه وسلم قال: ((أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقا)). وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن هذه الأخلاق من الله تعالى؛ فمن أراد الله به خيراً منحه خلقا حسنا)). وروي عنه صلى الله عليه وسلم : ((إن الخلق الحسن يذيب الخطايا كما يذيب الماء الجليد)). ---------------------- بعض المصادر : * مجموع فتاوى ومقالات_الجزء الرابع – للشيخ ابن باز رحمه الله http://www.binbaz.org.sa/default.asp * موقع الشيخ ابن عثيمين رحمه الله http://www.ibnothaimeen.com شرح الشيخ للحديث: السابع والعشرون – الأربع النووية كتاب: زاد المعاد (( الدال على الخير كفاعله – انشرها))
عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم مَرْحَبًا بِابْنَتِي ثُمَّ أَجْلَسَهَا عن يَمِينِهِ أو عن شِمَالِهِ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ فقلت لها لِمَ تَبْكِينَ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ فقلت ما رأيت كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ من حُزْنٍ فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قال فقالت ما كنت لِأُفْشِيَ سِرَّ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حتى قُبِضَ النبي صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتُهَا فقالت أَسَرَّ إلي إِنَّ جِبْرِيلَ كان يُعَارِضُنِي الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الْعَامَ مَرَّتَيْنِ ولا أُرَاهُ إلا حَضَرَ أَجَلِي وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِي لَحَاقًا بِي فَبَكَيْتُ فقال أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أو نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ
.تخريجه:
أخرجه البخاري، كِتَاب الْمَنَاقِبِ، بَاب عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ في الْإِسْلَامِ (رقم 3626). اطرافه في ( 3625 – 3715 – 4433 – 6285 )
من فوائد الحديث:
-انتقاء الألفاظ الجميلة في مخاطبة البنت ومن ذلك الترحيب بها إذا قدمت عليك
-محاولة إدخال السرور على قلب البنت وترك ما يحزنها
-إكرام البنت في المجلس وإظهار الفرح بقدومها
-حاجة البنت إلى حنان الأب وعطفه والحديث معه
-أنه لا ينبغى إفشاء السر إذا كانت فيه مضرة على المسر إلا بعد الأمن وظهور المصلحة
(21)
أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ قَالَ
إِنَّ عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحٌ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ أَمَّا بَعْدُ أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ فَحَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَتَرَكَ عَلِيٌّ الْخِطْبَةَ
وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مِسْوَرٍ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ فَأَحْسَنَ قَالَ حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي
تخريجه
أخرجه البخاري , كتاب فرض الخمس , باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم وعصاه وسيفه وقدحه وخاتمه وما استعمل الخلفاء بعده مما لم يذكر من قسمته ومن شعره ونعله وآنيته مما تبرك أصحابه وغيرهم بعد وفاته . ( 3110 ) كتاب فضائل الصحابة,باب :مناقب قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنقبة فاطمة رضي الله عنهاوقال النبي صلى الله عليه وسلم :" فاطمة سيدة نساء أهل الجنة " (3714), باب: ذكر أصهار النبي صلى الله عليه وسلم، منهم أبو العاص ابن الربيع رضي الله عنه. ( 3729) ,باب: مناقب فاطمة عليها السلام.وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فاطمة سيدة نساء أهل الجنة((3767)
وأخرجه مسلم : كتاب فضائل الصحابة ، بابا فضائل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم(4485)
من فوائد هذا الحديث:
-مراعاة البنت ورضاها ومعاتبة زوجها علنا إذا اقتضت المصلحة ذلك .
وخاصة إذا كانت البنت كاملة .
- - ذكر قوة العلاقة بين الأب وابنته .
( 22)
عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه أسامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فاختطب ثم قال إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها
تخريجه
أخرجه البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء باب : .( 3475) , كتاب فضائل الصحابة , باب ذكر أسامة بن زيد رضى الله عنه (3733) , كتاب الحدود ، باب إقامة الحدود على الوضيع والشريف ( 6787) , باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان ( 6788)
وأخرجه مسلم , كتاب الحدود باب2 ( 4232 – 4233(
من فوائد هذا الحديث :
-ضرب الأب المثال أمام الجميع بابنته إذا كانت متميزة بشيء معين .
-
(23)
ابن أبي ليلى : حدثنا علي : أن فاطمة عليها السلام اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحن , فبلغها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتي بسبي , فأتته تسأله خادما فلم توافقه , فذكرت لعائشة , فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك عائشة له , فأتانا وقد دخلنا مضاجعنا , فذهبنا لنقوم , فقال : " على مكانكما " , حتى وجدت برد قدميه على صدري , فقال : " ألا أدلكما على خير مما سألتماه ؟ إذا أخذتما مضاجعكما فكبرا الله أربعا وثلاثين , واحمدا ثلاثا وثلاثين , وسبحا ثلاثا وثلاثين , فإن ذلك خير لكما مما سألتماه " .
لنوائب أخرجه البخاري – كتاب: فرض الخمس – باب : الدليل على أن الخمس رسول الله صلى الله عليه وسلم وإيثار النبي صلى الله عليه وسلم أهل الصفة والأرامل حين سألته فاطمة وشكت إليه الطحن والرحى أن يخدمها من السبي , فوكلها إلى الله . (3113) أطرافه في( 3705 – 5361 - 5362 – 6318)
أخرجه مسلم : كتاب الدعوات باب التسبيح أول النهار ( 6915 – 6916 – 6917 – 6918 – 6919 )
من فوائد هذا الحديث:
- أختيار الأفضل للبنت وتوجيهها إلى تفضيل الآخرة على الدنيا .
- حمل الإنسان أهله على ما يحمل عليه نفسه من التقلل والزهد في الدنيا والقنوع بما أعد الله لأولياءه في الآخرة
- إظهار غاية التعطف والشفقه على البنت والصهر ونهاية الإتحاد برفع الحشمة والحجاب حيث لم يزعجهما عن مكانهما فتركهما على حالة اضطجاعهما , وبالغ حتى أدخل رجله بينهما ومكث بينهما حتى علمهما ما هو أولى بحالهما بالذكر عوضا عما طلباه من الخادم .
(24)
أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال
أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه إن ابنا لي قبض فأتنا فأرسل يقرئ السلام ويقول إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي ونفسه تتقعقع وقال حسبته أنه قال كأنها شن ففاضت عيناه فقال سعد يا رسول الله ما هذا فقال هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء
تخريجه
أخرجه البخاري : كتاب الجنائز , باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : " يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه " إذا كان النوح من سننه ( 1284) وأطرافه في ( 5655 – 6602 – 6655 – 7377 – 7448 )
أخرجه مسلم : كتاب الجنائز , باب البكاء على الميت ( 2135 – 2136 )
من فوائد هذا الحديث:
- بر الأب بقسم ابنته ليحضر إليها .
(25)
أن أبا مرة مولى أم هانئ بنت أبي طالب أخبره أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب تقول ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره قالت فسلمت عليه فقال من هذه فقلت أنا أم هانئ بنت أبي طالب فقال مرحبا بأم هانئ فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات ملتحفا في ثوب واحد فلما انصرف قلت يا رسول الله زعم ابن أمي أنه قاتل رجلا قد أجرته فلان ابن هبيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ قالت أم هانئ وذاك ضحى
تخريجه
أخرجه البخاري : كتاب الصلاة , باب الصلاة في الثوب الواحد متلحفا به ( 357 ). وطرفه في ( 280 – 3171 – 6158 ) .
أخرجه مسلم : كتاب الطهارة , باب تستر المغتسل بثوب ونحوه ( 764 – 765 – 766 ) كتاب الصلاة , باب استحباب صبلة الضحى وأن أقلها ركعتان وأكملها ثمان ( 1669 1670 )
من فوائد هذا الحديث:
-الترحيب بالقريبة القادمة .
-- إعطاء النساء حقوقهن في الإجارة والمعاملات .
(26)
عن سهل بن سعد قال
جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد عليا في البيت فقال أين ابن عمك قالت كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج فلم يقل عندي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان انظر أين هو فجاء فقال يا رسول الله هو في المسجد راقد فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول قم أبا تراب قم أبا تراب
تخريجه
أخرجه البخاري : كتاب الصلاة , باب نوم الرجل في المسجد ( 441) أطرافه في ( 3703-6204-6280)
أخرجه مسلم : كتاب الفضائل , باب من فضائل علي بن أبي طالب رضى الله عنه ( 6229 )
من فوائد هذا الحديث:
- إرشاد البنت إلى أن تخاطب زوجها بالقرابة إذا كان قريبا لها ؛ لما فيه من استعطاف .
- حرص الأب على الإصلاح بين ابنته وزوجها إذا حدث بينها وبين زوجها
على المراة أن تصدق في كلامها إذا حدث شيء بينها وبين زوجها فلا تجعل اللائمة على زوجها فقط .
- ودخول الوالد بيت ابنته بغير إذن زوجها حيث يعلم رضاه .
(27)
عن أبي قتادة الأنصاريأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها
تخريجه
أخرجه البخاري : باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة ( 516)طرفه ( 5996)
أخرجه مسلم : كتاب الصلاة , باب جواز حمل الصبيان في الصلاة ( 1212 – 1213 – 1214 – 1215 )
من فوائد هذا الحديث:
مراعاة الأب لأحوال بناته وحمل بناتهن معه .
- إكرام أولاد البنت جبرا لهم ولأمهاتهم .
•°•ღ تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع ازواجه ღ•°•
يقول ابن كثير –رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. النساء: 19
وعاشروهن بالمعروف: أي طيبوا أقوالكم لهنَّ وحسنوا أفعالكم وهيآتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها فافعل أنت بها مثله كما قال –تعالى-: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} البقرة: 128 وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (خيُركم خيُركم لأهله وأنا خيرُكم لأهلي) رواه ابن حبان –باب ذكر البيان بأن من خيار الناس من كان خيرا لامرأته (9/484)، وكان من أخلاقه -صلى الله عليه وسلم- أنه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقة، ويضاحك نساءه، حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-، يتودد إليها بذلك، قالت سابقني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسبقته وذلك قبل أن أحمل اللحم، ثم سابقته بعد ما حملت اللحم فسبقني فقال: (هذه بتلك)، ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها، وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد، يضع عن كتفيه الرداء، وينام بالإزار، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلاً قبل أن ينام يؤانسهم بذلك -صلى الله عليه وسلم- وقد قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} الأحزاب: 21 تفسير ابن كثير (1/467).
روى الإمام أحمد وأبو داود عن كلثوم قالت: (كانت زينب تُفلي رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وعنده امرأة عثمان بن مظعون ونساء من المهاجرات، يشكون منازلهن أنهن يخرجن منه ويضيق عليهن فيه، فتكلمت زينب وتركت رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (إنك لست تكلمين بعينك، تكلمي واعملي عملك). رواه أحمد، المسند (6/363)، وروى أبو داود نحوه دون الجزء الأخير كتاب الخراج والإمارة والفيء باب في إحياء الموات، وقال الألباني: صحيح، انظر صحيح أبي داود رقم (2644). عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بخزيرة قد طبختها له، فقلت لسودة والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بيني وبينها: كلي، فأبت، فقلت: لتأكلن أو لألطخن وجهك، فأبت. فوضعت يدي في الخزيرة فطليت وجهها، فضحك النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فوضع بيده لها وقال لها: (ألطخي وجهها)، فضحك النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم– لها، فمر عمر فقال: يا عبد الله، يا عبد الله، فظن أنه سيدخل فقال: (قوما فاغسلا وجوهكما)، فقالت عائشة: فما زلت أهاب عمر لهيبة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أخرجه أبو يعلى (7/449)، وقال الشيخ مقبل بن هادي الوادعي-رحمه الله-: هذا حديث حسن، انظر الصحيح المسند رقم (1580). وروى النسائي عن النعمان بن بشير- رضي الله تعالى عنه- قال: (استأذن أبو بكر -رصي الله عنه-، على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فسمع صوت عائشة -رضي الله عنها- عالياً، فلما دخل تناولها ليلطمها، وقال: لا أراك ترفعين صوتك على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يحجزه، وخرج أبو بكر مغضباً، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- حين خرج أبو بكر: (كيف رأيتيني أنقذتك من الرجل!)، قال: فمكث أبو بكر أياماً، ثم استأذن، فوجدهما قد اصطلحا، فقال لهما: أدخلاني في سلمكما كما أدخلتماني في حربكما! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: (قد فعلنا، قد فعلنا). رواه أبو داود كتاب الأدب باب ما جاء في المزاح (4/300) رقم (4999)، والنسائي في السنن الكبرى كتاب عشرة النساء (5/365)، وأحمد نحوه (4/271-272) ومشكاة المصابيح (4817)، والصحيح المسند رقم (1172).
المصدر: http://www.islamprophet.ws/index.php?pg=des&t=m&id=45
اتصف نبينا محمد [ بصفات ليست في كل الناس، وإن كان هو من الناس، وتضمنت حياته نماذج سامية اشتملت على أنبل دروس للإنسانية، ومن هذه الدروس والنماذج تعامله مع زوجاته وأولاده، وقد اخترت من ذلك ما هو جدير بأن يقتدي به الأزواج والآباء في عصرنا الحاضر، وذلك في شعبتين على النحو التالي:
> الشعبة الأولى: تعامله [ مع زوجاته:
خص الله تعالى رسوله محمدا [ بخصائص منها، أنه أباح له الزواج بأكثر من أربع نساء، لمقاصد شرعية ودعوية اختصت ببيانها بعض الكتب، وكانت زوجاته [ على النحو التالي: خديجة بنت خويلد، وسودة بنت زمعة، وعائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر، وزينب بنت خزيمة الهلالية، وأم سلمة بنت أبي أمية المخزومية، وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية، وأم حبيبة رملة بنت أبي سفيان >1<، وكان تعامله مع زوجاته يقوم على أسس واضحة من تعاليم الإسلام، ومن ذلك ما يلي:
1- حبه [ لزوجاته وإخلاصه لهن:
كان النبي [ يبادل زوجاته الحب والإخلاص، ويعاملهن على هذا الأساس، وحينما سأله عمرو بن العاص ]: من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة >2<، ولم يكن ذلك ليخجله أن يسمعه الناس وينقلوه عنه في كل زمان ومكان، بل إنه [ كان يحتفظ بحبه وإخلاصه لزوجاته ولو بعد أمد طويل، فحينما حاولت عائشة استكشاف مكانة خديجة عنده بعد وفاتها لم يسعه إلا أن يذكرها بخير وبر قائلا: آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل منها بولد >3< وفي هذا درس عملي بليغ للأزواج الذين ينسون تضحيات زوجاتهم أو ينكرونها·
2- حسن عشرته [لزوجاته وحرصه على إكرامهن:
كان النبي [ حسن العشرة مع زوجاته، دائم البشر، حريصاً على إدخال السرور إلى نفوسهن، يجلس إليهن، ويأكل معهن، ويحادثهن، ويمازحهن، ويشاورهن، ويستمع إليهن، ويواسيهن، ويطمئن عليهن، ويتغاضى عن تقصيرهن وأخطائهن، عملا بقول الله تعالى:
{وعاشروهن بالمعروف} >النساء - 19<·
وهو الذي دعا السيدة عائشة الى مشاهدة الأحباش وهم يرقصون خارج المسجد، فوضعت خدها على منكبه وهو يسترها بردائه، ومكثت طويلا على تلك الحال وهو يقول لها: أما شبعت فتقول: لا، حتى إذا انصرف الناس انصرفت هي >4<·
وفي موقف آخر استشار أم سلمة في امتناع الصحابة من النحر بعد اتفاق صالح الحديبية وعدم رضاهم عن ذلك، فأشارت عليه بأن ينحر هو أولاً ليقتدي به الناس، فاستجاب لمشورتها وفعل ذلك، فهب الصحابة بعده يفعلون مثلما فعل >5<·
وحينما جاءته زوجته صفية تزوره أثناء اعتكافه في المسجد، قام يودعها حتى جاوز بها باب المسجد >6< احتفاء بها وإكراما لها واطمئنانا عليها·
وطالما كان يوصي بالنساء خيراً ويقول: >لا يفرك- لا يبغض- مؤمن مؤمنة، إن كره منه خلقاً رضي منها آخر >7<، وقد نقل عنه أنه ما ضرب امرأة قط >8<·
وفي مجمل صفاته وحسن عشرته مع زوجاته وإكرامه لهن يصدق قوله [ >خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي< >9<·
3- قيامه [ بحقوقهن في النفقة والرعاية:
كان النبي [ حريصا على القيام بحقوق زوجاته المادية والمعنوية، من نفقة، ومسكن، ومبيت، ومأكل، وملبس، ونحوه مما تحتاجه الزوجة، عملاً بقول الله تعالى: {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف} >البقرة -233<·
وقد روي عنه أنه قال: >إن الرجل إذا سقى امرأته من الماء أُجر< >10<، وبشر المسلمين بعظيم ثواب الإنفاق على الأهل فقال: >أعظم الصدقة دينار تنفقه على أهلك< >11<·
وكان يمازح زوجاته ليدخل السرور إلى قلوبهن، فحينما كسا إحدى زوجاته ثوبا واسعا داعبها قائلا:> البسيه واحمدي الله، وجري من ذيلك هذا كذيل العروس< >12<·
وكان يتفقد زوجاته، ويرعاهن، ويؤنسهن، ويتلطف بهن، وينام مع المرأة من نسائه في فراش واحد، ويعلمهن أمور دينهن، وينصحهن، ويوجههن إلى سبيل الخير، فقد أرشد عائشة إذا رأت ليلة القدر أن تدعو فتقول: >اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني< >13<·
وهو بعد كل هذا يحذر من تضييع الأهل، أو التقصير في القيام باحيتاجاتهن ومطالبهن فيقول: >كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول< >14<·
من مبادئ الإسلام السامية أنه اعتبر النساء شقائق الرجال، ومن هذا المنطلق قامت عائشة تصف أحوال النبي [ في بيته، بأنه كان يعمل بيده، كما يعمل أحدكم في بيته، يخدم أهله، ويخيط ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه >15<، كما كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، يتغافل عما لا يتشهي، ولا يتكلم في غير حاجة >16<·
الشعبة الثانية: تعامله [ مع أولاده:
الأولاد زينة الحياة الدنيا، سواء كانوا بنين أو بنات، وقد رزق النبي [ بثلاث بنين، وأربع بنات، وهم على التوالي: القاسم، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، وعبد الله، وإبراهيم، وولدوا كلهم من زوجته خديجة، إلا إبراهيم فأمه مارية القبطية، التي أهداها إليه المقوقس ملك مصر، وكانت بيضاء جعدة جميلة، فتسرى بها، -تزوجها-، وقد مات أولاده قبله، إلا فاطمة ماتت بعده بستة أشهر، وكانت قد أنجبت من زوجها علي أحفادا للنبي هم: الحسن والحسين رضي الله عن الجميع >17<·
وقد تجلى تعامله [ مع أولاده وأحفاده بالعديد من المظاهر الإنسانية الكريمة الرحيمة، ومن ذلك ما يلي:
1- فرحه بولادتهم وحبه لهم ورحمته لهم وممازحته إياهم:
كان النبي [ يحب أولاد المسلمين عامة وأولاده وأحفاده خاصة، ويفرح لولادتهم، وإذا ولد له مولود أذن في أذنه اليمنى، وأقام في أذنه اليسرى، ليكون أول ما يطرق سمعه في الدنيا تمجيد الله وتعظيمه، ويحنكه بشيء حلو كالتمر، ويسميه باسم حلو جميل، ويذبح عنه عقيقة، ويختن الصبي، ويحلق رأسه ويتصدق بوزنه فضة، وكانت هي النقد يومئذ >18<·
وكان أرحم الناس بالصغار، يمسح رؤوسهم، ويقبلهم، ويداعبهم، ويطيب خواطرهم، ويحملهم بين يديه وينفق عليهم، ويسوي بينهم في العطية >19<، وكان يقبل ابنه إبراهيم ويشمه >20< وحمل حفيدته أمامة بنت زينب وهو يصلي، رحمة بها وكفا لبكائها >21<، وحينما عجب الأقرع بن حابس من تقبيله لحفيده الحسن بن علي، وأن له عشرة من الأولاد ما قبل واحدا منهم، أجابه قائلاً: من لايرحم لا يرحم >22<، وروي عنه أنه كان يمازح الحسن أو الحسين، ويأخذ بكفيه ويجعله يرقى بقدميه على صدره، ثم يقبله >23<·
وكان يخاف على أولاده وأحفاده، ويرقيهم بالمعوذات، ويقول للحسن والحسين: >أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة< >24<·
2- تعليمه لهم واهتمامه بتربيتهم وتنشئتهم على مكارم الأخلاق ومعالي الأمور:
كان النبي [ حريصا على تعليم أولاده وأحفاده وتربيتهم وإرشادهم إلى مكارم الأخلاق ومعالي الأمور، وقد روى عنه أنه قال: >أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم< >25<·
وروي عنه أنه صافح وبايع أطفالا صغاراً من أقربائه، منهم الحسن والحسين >26<·
وليست هذه بيعة تكليف ، وإنما يراد بها تعويد الأولاد على تحمل المسؤولية، والتأسي بالكبار·
وحينما أراد حفيده الحسن وهو صغير، أن يأكل تمرة من الصدقة، نهاه عن ذلك >27<، تنشئة له على معالي الأمور ومكارمها·
3- تدريبهم على أنواع النشاطات البدنية والرياضية:
اهتم النبي [ القدوة بتدريب أولاده وأقربائه على أنواع من النشاطات البدنية، لتقوى أجسامهم، وتصلب أعوادهم، ويذهب عنهم الخمول والكسل، ويتعودون على النشاط والعمل الجماعي، فكان يُركب الحسن والحسين على ظهره، ويقول: >نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما >28<، وكان يقول: من كان له صبي فليتصاب له< >29<·
وكان يصف عبدالله، وعبيد الله، وكثيراً بني عمه العباسي، ثم يقول: من سبق إلى فله كذا وكذا، فيتسابقون فيقع بعضهم على صدره وبعضهم على ظهره، فيلتزمهم ويقبلهم >30<، وفي هذا ونحوه ما لا يخفى من التعويد على العمل الجماعي، فضلا عما فيه من إضفاء جو الحماس والفرح والمنافسة الشريفة بين الأولاد·
4- تربيته [ الأولاد على السلوك والعادات الصحية السليمة:
اهتم الإسلام بصحة الإنسان عامة، ودعا الآباء والأمهات إلى رعاية أولادهم وإرشادهم إلى السلوك الحسن وما يحفظ سلامة أجسادهم وصحتهم، وفي هذا الصدد دعا إلى تقليم الأظافر، واستعمال السواك، وغسل اليدين قبل الطعام وبعده، والشرب قاعدا، والامتناع عن التنفس في الإناء، والبعد عن الشراهة والتخمة، وتجنب السهر فهو لا فائدة فيه، كما دعا إلى النوم على الشق الأيمن، والاستيقاظ مبكراً، ومما يروى في هذا أنه [ استرضع لابنه إبراهيم امرأة، لأن أمه مارية كانت قليلة اللبن >31<، ودخل على ابنته فاطمة وهي نائمة فأيقظها وقال: >قومي فاشهدي أضحيتك< >32<·
وحينما رأى على ابن عمه الفضل بن عباس - وكان صغيراً- خرزة أو تميمة وضعت لتحمية - بزعمهم- من العين، قطعها لأنها من أفعال الجاهلية، وأرشدهم إلى الرقية بأدعية الكتاب والسنة>33<·
>الخاتمة:
هذه صور عملية من تعامل النبي مع زوجاته وأولاده، يعرف لكل واحد منزلته، فيعامله بمعاني الصدق، والحب، والوفاء، والرحمة، والصبر، ويحب له الخير، ويسعى في النصح له وإصلاح حاله، وهي تضع أمام الأزواج والآباء والأمهات مبادئ كريمة لأسوة حسنة، ونصرة حقيقية لهذا النبي [، وصدق الله العظيم إذ يقول: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحبكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم} >آل عمران-31<·
المصدر
مجلة الوعي الاسلامي
أولاً: إطلاق اسم المعلم على نبينا صلى الله عليه وسلم:
لا ريب أن مهمة النبي والرسول إنما هي تعليم أمته ودلالتهم على الخير قال تعالى: {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم ءاياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} [الجمعة:2].
{كما أرسلنا فيكم رسول منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون} [البقرة:151].
وخرج يوماً على أصحابه فوجدهم يقرؤون القرآن ويتعلمون فكان مما قال لهم: ((وإنما بعثت معلما))[1] . وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً ولكن بعثني معلماً وميسراً))[2] .
يقول معاوية بن الحكم: ((ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه))[3] ، وفي رواية أبي داود: ((فما رأيت معلماً قط أرفق من رسول الله صلى الله عليه وسلم))[4] .
ثانياً: النبي صلى الله عليه وسلم أعظم معلم:
ترى الدراسات التربوية أن أفضل طرق قياس مستوى المعلم تقييم طلابه، ولو اعتمدنا هذه الدراسات لتوصلنا إلى أنه صلى الله عليه وسلم أعظم مربٍ ومعلم، فعن طلابه وتلاميذه قال الله {كنتم خير أمة أخرجت للناس} [آل عمران:110].
ثالثاً: شمائل النبي التي يحتاجها كل معلم:
لا ريب أن شمائل النبي وأخلاقه العظيمة من الكثرة بمكان، ونعرض هنا للشمائل التي يحتاجها كل معلم يود أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في أداء مهمته التعليمية والتربوية.
أ) الحرص:
{لقد جاءكم رسول أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} [التوبة:128].
((يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي))[5] .
((إنما مثلي ومثل أمتي كمثل رجل استوقد ناراً فجعلت الدواب والفراش يقعن فيه،فأنا آخذ بحجزكم وأنتم تقتحمون فيه))[6] .
ب) الرفق واللطف في التوجيه:
((إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله))[7] ، وفي مسلم: ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا شانه ولا ينزع من شيء إلا شانه))[8] .
ومن رفقه ما ذكره أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له: ((يا بنيّ))[9] .
يقول أنس خادم النبي صلى الله عليه وسلم: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن خُلقاً فأرسلني يوماً لحاجة، فقلت: لا والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم.
فخرجت حتى أمرّ على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله قد قبض بقفاي من ورائي.
قال: فنظرت إليه وهو يضحك، فقال: يا أُنيس أذهبت حيث أمرتك؟ قال قلت: نعم، أنا أذهب يا رسول الله).
ومن رفقه صلى الله عليه وسلم ما ذكره عبد الله بن جعفر بن أبي طالب حيث قال: ((ثم مسح على رأسي ثلاثاً))[10] .
ومن رفقه تحببه إلى أصحابه حتى يظن كل منهم أنه الأثيرعنده.
يقول عمرو بن العاص: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بوجهه وحديثه على أشر القوم يتألفهم بذلك، فكان يقبل بوجهه وحديثه عليّ حتى ظننت أني خير القوم.
فقلت: يا رسول الله: أنا خير أو أبو بكر؟ قال: أبو بكر.
فقلت: يا رسول الله: أنا خير أو عمر.))[11] .
ويقول جرير بن عبد الله البجلي: (ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي)[12] .
يقول جابر بن عبد الله: ((ما سئل رسول الله شيئاً قط فقال: لا))[13] .
قال أنس: ((والله لقد خدمته تسع سنين ما علمته قال لشيء صنعته: لم فعلت كذا وكذا، أو لشيء تركته: هلا فعلت كذا وكذا))[14] .
وفي رواية لأحمد: ((ما قال لي فيها أف))[15] .
وفي رواية أيضاً له: ((والله ما سبني سبة قط، ولا قال لي أف))[16] .
وفي قصة معاوية بن الحكم وقد عطس أمامه رجل في صلاته فشمته معاوية وهو يصلي يقول: فحدقني القوم بأبصارهم. فقلت: واثكل أمياه مالكم تنظرون إليّ.؟ قال: فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يسكتونني لكني سكت.
فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاني، بأبي هو وأمي، ما ضربني ولا كهرني ولا سبني، ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه [17].
وقام أعرابي فبال في المسجد ((فتناوله الناس، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: دعوه وهريقوا على بوله سجلاً من ماء أو ذنوباً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين))[18] .
ج) التواضع:
مما ينبغي على المعلم أن يتواضع لطلابه، فيرعى حال ضعيفهم، وقد يخصه بمزيد بيان وشرح ووقت.
قال أبو رفاعة انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب قال، فقلت: يا رسول الله: رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه، قال: (( فأقبل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك خطبته حتى انتهى إلي، فأتي بكرسي حسبت قوائمه حديداً، قال: فقعد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته، فأتم آخرها))[19] .
وعن أنس بن مالك: ((أن امرأة كان في عقلها شيء، فقالت: يا رسول الله إن لي إليك حاجة، فقال: يا أم فلان انظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك))، فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها.
وقد يرضى صلى الله عليه وسلم من ضعيفهم ما لا يرضى من قويهم.
لما وفد عليه ضمام بن ثعلبة دعاه وذكر له فرائض الإسلام فقال ضمام: "والله لا أزيد على هذا ولا أنقص" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفلح إن صدق))[20] .
لكنه صلى الله عليه وسلم لم يرض من آخرين فرائض الإسلام فقط، بل أضاف إليها غيرها مما قد يدخل في السنن والمندوبات يقول عبادة بن الصامت: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم أو نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم)[21] .
د- الإجابة عما يترجح عنده جهل طلابه به، وذلك بذلاً منه للعلم عند أهله، وقد يجيب عما يراه يجيش في صدورهم من المسائل وإن لم ينطقوا به.
"سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته))[22] .
فقولهإ: ((الحل ميتته)) زيادة علم أفاد بها رسول الله السائل عن حكم الوضوء من ماء البحر، ومن جهل هذه كان بتلك أجهل.
أن رجلاً سأله ما يلبس المحرم؟ فقال: ((لا يلبس القميص ولا العمامة ولا السراويل ولا ثوباً مسّه الورس أو الزعفران، فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما حتى يكونا تحت الكعبين))[23] .
أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أخبرنا عن سبأ ما هو، أرض أم امرأة؟ فقال: ((ليس بأرض ولا امرأة، ولكنه رجل ولد عشرة من العرب فتيامن ستة، وتشاءم أربعة))[24] .
وقال يوماً لأصحابه: ((يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته))[25] .
و- التريث في الإجابة عن السؤال، وترك القول بلا علم.
أ - {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كان عنه مسؤولاً}.[الإسراء 36]
ب - سأل جابر بن عبد الله النبي فقال: ((يا رسول الله كيف أصنع في مالي؟ كيف أقضي في مالي؟ فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية المواريث))[26] .
ج - جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي البلدان شر؟ فقال: ((لا أدري حتى أسأل ربي، فلما أتاه جبريل عليه السلام قال: يا جبريل أي البلدان شر؟. . .))[27] .
رابعاً: كيفية التعامل مع المخطئين والمقصرين:
ولما كان القصور والخطأ والجهل أمراً معهوداً في الأبناء والطلاب فإننا نتساءل كيف تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع أمثال هذه الحالات، وفي هذه الأمثلة نقرأ الإجابة وتستلهم المنهج.
تقول عائشة رضي الله عنه: ((ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده، ولا امرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله))[28] .
لما تخلف كعب بن مالك عن الجهاد في تبوك، ورجع النبي صلى الله عليه وسلم من غزوه جاءه كعب فيقول: "فجئته فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب"[29] .
بينما هو في المسجد دخل أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه مه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزرموه، دعوه، فتركوه حتى بال.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن))[30] .
وفي رواية للترمذي أنه قال لأصحابه: ((إنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين))[31] .
قصة الشاب الذي جاء يستأذن رسول الله بالزنا فزجره الصحابة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ادنه فدنا منه قريباً، قال: فجلس قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونهم لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟. اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه))[32] .
هجر رسول الله كعب بن مالك في تخلفه عن تبوك، وأمر أصحابه أن لا يكلموه [33].
كان عنده رجل به أثر صفرة قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يواجه أحداً بشيء يكرهه، فلما قام قال للقوم: ((لو قلتم له: يدع هذه الصفرة))[34] .
سبق حديثه مع المتكلم في الصلاة، وأنس المتأخر عن قضاء حاجته.
وأقر رسول الله التأديب بالضرب كما في قصة أبي بكر مع غلامه وقد أضاع بعيره قال: فطفق يضربه، ورسول الله يتبسم ويقول: ((انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع))[35] .
خامساً: سبق النبي صلى الله عليه وسلم إلى الوسائل التي يتنادى إليها التربويون اليوم ومن ذلك.
ضربه صلى الله عليه وسلم الأمثال:
وهو كثير، منه تشبيه المؤمن بالنخلة [36] . والمجتمع بالسفينة [37] . والصاحب السيء بنافخ الكير [38].
ب- تحفيز الأذهان بالسؤال:
وهو كثير، منه قوله: ((أتدرون ما المفلس.)) [39] .وقوله: ((أتدرون ما الغيبة.))[40] . وقوله: ((أتدرون أي يوم هذا))[41] .
ج- تحفيز الأذهان بذكر معلومة أو خبر لم يذكر مقدمه أو أوله ،وله أمثلة كثر،منها
((قال: رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف. قيل من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما، فلم يدخل الجنة)) [42] .
ومرّ بجنازة فأُثنى عليها خيراً فقال نبي الله: ((وجبت وجبت، ومر بجنازة فأثنى عليها شراً فقال نبي الله: وجبت وجبت، قال عمر: فدىً لك أبي وأمي، مر بجنازة. .))[43] .
وذات مرة قال صلى الله عليه وسلم: ((أُحضروا المنبر، فحضرنا، فلما ارتقى درجة قال: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثانية قال: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال: آمين. فلما نزل قلنا يا رسول الله لقد سمعنا منك اليوم شيئاً ما كنا نسمعه)) [44] .
د- قلة الكلام وإعادته ليتمكن في قلب السامع.
تقول عائشة رضي الله عنه: (إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحدث الحديث لو شاء العد أن يحصيه أحصاه)[45] .
ويقول أنس رضي الله عنه: (كان إذا سلم سلم ثلاثاً، وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً)[46] . وفي رواية أخرى للبخاري زاد (حتى تفهم منه)[47] .
---------------------
الهوامش
[1] رواه ابن ماجة برقم 229 في حديث عبد الله بن عمرو ، وفي سنده ضعف.
[2] رواه مسلم برقم 1478 من حديث جابر. [3] رواه برقم 537 .
[4] رواه أبو داود برقم 931. [5] رواه مسلم برقم 1826 من حديث أبي ذر.
[6] رواه مسلم برقم 2284 من حديث أبي هريرة ، ومثله في البخاري برقم 3427.
[7] رواه البخاري برقم 6927 من حديث عائشة. [8] رواه مسلم برقم 2594.
[9] رواه أحمد في المسند برقم 12648. [10] رواه أحمد في المسند برقم 1763.
[11] رواه الترمذي في الشمائل برقم 295. [12] رواه البخاري برقم 5739.
[13] رواه الترمذي في الشمائل برقم 302. [14] رواه مسلم برقم 2310 من حديث أنس.
[15] برقم 1609. [16] برقم 12622.
[17] رواه النسائي برقم 1218 من حديث معاوية ، وأبو داود برقم 930.
[18] رواه البخاري برقم 220 ونحوه في مسلم برقم 284 في رواية أبي هريرة.
[19] رواه مسلم برقم 876 من حديث أبي رفاعة.
[20] رواه البخاري برقم 46 من حديث طلمة بن عبد الله.
[21] رواه البخاري برقم 6774 من حديث عبادة بن الصامت.
[22] رواه البخاري برقم 69 من حديث أبي هرير.
[23] رواه البخاري برقم 134 من حديث ابن عمر ، ومسلم برقم 1177.
[24] رواه أبو داود برقم 3988.
[25] رواه البخاري برقم 3276 من حديث أبي هريرة ، ومسلم برقم 134.
[26] رواه البخاري برقم 6723 من حديث جابر ، ونحوه في مسلم برقم 1616.
[27] رواه أحمد في المسند برقم 16302 من حديث جبير بن مطعم.
[28] رواه مسلم برقم 2328 من حديث عائشة رضي الله عنها.
[29] رواه البخاري برقم 4156 من حديث كعب بن مالك. [30] رواه مسلم برقم 285من حديث أنس.
[31] رواه الترمذي برقم 147. [32] رواه أحمد برقم 21708 من حديث أبي أمامة.
[33] ذكره البخاري في صحيحه برقم 4156 من حديث كعب بن مالك.
[34] رواه الترمذي في الشمائل برقم 297 من حديث أنس، وفي اسناده ضفيف.
[35] رواه أبو داود برقم 1818 من حديث أسماء.
[36] في حديث البخاري برقم 61 من حديث ابن عمر.
[37] في حديث البخاري برقم 2540 من حديث النعمان بن بشير.
[38] في حديث البخاري برقم 5214 من حديث أبي موسى.
[39] رواه مسلم برقم 2581 من حديث أبي هريرة. [40] رواه برقم 2589 من حديث أبي هريرة.
[41] رواه البخاري برقم 1654 من حديث أبي بكرة.
[42] رواه مسلم في صحيحه برقم 3551 من حديث أبي هريرة.
[43] رواه مسلم برقم 949 من حديث أنس. [44] رواه الحاكم من حديث كعب بن عجرة.
[45] رواه أبو داود برقم 3654 من حديث عائشة. [46] رواه البخاري برقم 94 .
[47] رواه البخاري برقم 95.
« واشـوقـاه إلى رمـضــــان | عذرا رمضان.!!!!!!!!!!!!!!!! » |
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع |