الفصل الحادي عشر : صراعات مشاعر
أوراق مبعثرة داخل بركة و سمك مستلق على سطح مكتب
.
قطعة ثلج هي أطراف الشعلة و شعلة نار في جوف الجليد
.
رمال ذهبية في عمق الغابة و أمطار في قلب الصحراء
.
زمهرير على سطح الشمس و حرارة تلفح القطب
.
هذه بالضبط
.
مشاعره
.
ومشاعري
.
كلها
.
فوضى
.
جميلة
صباح يوم الأحد 6 / 6 / 1427 هـ :
الساعة 11 الصباح في كوالالمبور عاصمة ماليزيا :
فتحت عيونها بشويش ومدت يدها بكسل من تحت المخده سحبت جوالها وصكت المنبه ورجعته ورجعت دفنت وجهها في المخده وهي تعدل نومتها على بطنها وتستغفر , اتذكرت كل شي دفعة وحده , فتحت عيونها على آخرها ورفعت راسها بسرعة وهي تطالع جنبها , مالقيته , التفتت لجهة باب الصالة لمن سمعت صوت خطواته و قبل ما يدخل دنقت بسرعة ودفنت وجهها في المخدة وهي تحس بخجل الكون يتجمع في قلبها , وصله صوته الهادي هو يقول بابتسامة : صح النوم
ما ردت عليه ولا تحركت من مكانها , قال : أزهار
غمضت عيونها بقوووووووة وما فتحت فمها بحرف , ضحك وراح الحمام , لمن سمعت صوت باب الحمام رفعت راسها من المخدة وجلست وحطت يدينها على خدودها وسحبت نفسها سحب وراحت جهزت له أول لبس شافته في شنطته وحطتها فوق المنشفة عند الباب وخرجت للصالة , سمعته وهو يخرج من الحمام وحست بحركته داخل الغرفة ولمن خرج فزت من مكانها وعدت من عنده بسرعة وصكت باب الغرفة بالقفل وراها , ضحك من قلبه على حركتها وقال : بزره والله بزره .
وجلس على الكنبه وطالع في مجلاتها المنظمة فوق الطاولة , سحب وحده وجلس يتصفحها , رماها وطالع في ساعته وهو يزفر بضيق ورجع شغل التلفزيون وقلب القنوات , بعد فترة طالع في ساعته وقام وهو يرمي الريموت على الكنب , راح لباب الغرفة ودق الباب وهو يقول بهدوء : أزهار
ما ردت عليه قال بطفش : ما صارت لك ساعة إلا ربع
: طيب
غير هالكلمة ما سمع شي , عقد ذراعينه ووقف عند الباب , مرت خمس دقايق وما سمع حتى حركة تخبره إنها ناوية تخرج , دق الباب وقال بعصبية : أزهاااااار
انفتح الباب بشويييييييش وطلت من وراه أزهار , ما يدري ليه مجرد ما شاف وجهها المحمممر ضحك من قلبه وهو يقول : بس ترى بتنفجرين من كثر ما انتي محمرة
تجاوزته بسرعة وجلست على كنبه مفرده وهي مطنشته , اتكى على الباب وطالع فيها وهو يحارب ابتسامته , كانت زي المبخوخه بمثبت , عيونها ما تحركت عن شاشة التلفزيون , رحم حالها وقال وهو يعدل وقفته : يلا نروح نفطر في البوفيه
كإنها ما صدقت خبر , قامت ولبست عبايتها ونظرة راحه ماليه وجهها , تحرك وهو يهمس لنفسه : متزوج تحفه أنا
وقف وراها وهي تلبس نقابها وقال وهو يطالع في ساعته : يلا تأخرنا , نص ساعة ويفوتنا الفطور المجاني
انتفضت وبعدت عنه وهمست باختصار من دون ما تطالع فيه : يلا
رفع حواجبه لمن لاحظ نفضتها وتحرك قبلها وهو يهز راسه و يبتسم بسخرية , شالت شنطتها ولحقته وهي مخليه مسافة بينها وبينه , حتى في المصعد خلت بينها وبينه قرابة متر , طاااااااالع فيها وقال بتريقة : خير ست أزهار كإننا متخاصمين
ولمن شاف عزمها على الصمت طنشها وخرج من المصعد من دون مايستناها زفرت وهي تحاول تلقط أنفسها وتتبع خطواته السريعة وهي تصرخ بداخلها ~ ماااااااالت عليه , ليه مو مقدر إني خجلانه الرجال ما يفهمون الحريم ومشاعرهم , بالله اش يعتقد يعني , بأدقها حنك معاه أو ~ توقفت أفكارها لمن وقف قبل مايدخل باب القاعة الكبيرة اللي فيها البوفيه المفتوح , التفت لها ومد يده اليسار لها وهو يبتسم ابتسامة خفيفة , مستحيل يتخيل هالحركة البسيطة اش سوت في قلبها ومشاعرها , تحركت بشويش ومدت يدها اليمين بخجل ومسكته وهي تلف وجهها بعيد عنه , سحبها لطاولة منعزلة بعد ما اختاروا الأكل اللي يبغونه وهناك استغرب لمن شافها تاكل بشهية , لمن انتبهت إنه يطالع فيها وقفت أكل وحممممممرت خدودها , قال بهدوء وهو يطالع في صحنه : كلي , كلي ورانا مشي
*************************
في نفس الوقت في جدة :
الساعة 6 الفجر في جدة :
: أستاذ عمر
: أستاذ عمر
أشر عمر للأولاد اللي ينادونه إنهم يستنون وهو يقول لأحمد في الجوال : والله سامحني ياعم , أنا مرتبط برحلة للبر مع التحفيظ
وصله صوت أحمد المحب وهو يقول : خلاص أجل , بالتوفيق لك في رحلتك يا ولدي بس بكرة تجي هنا إذا ربي أحيانا سامع
ابتسم عمر وقال : إن شاااااااء الله
قال أحمد : ترى حتى بكرة عندنا غدا في الإستراحة إن شاء الله , ودي أعرفك على صاحبي عبد الكريم وهو وده يتعرف عليك من كثر ما أحكيه
دنق عمر وجهه مستحي وهو يقول : الله يجزاك بالخير يا عم , ولا يهمك , بكرة عن شاء الله وأنا عندك
: انتبه لنفسك
: إن شاء الله مشكور يا عم
صك جواله وهو يحس بشعور مرييييييييح , حس كإنه لقي رجع له أحد من أهله , أحمد كل يومين وهو داق يسأل عنه
: أستاذ عمر
: أستاذ عمر
لف على الأولاد وقال بعصبية كاذبة : شايفيني أتكلم بالجوال تنادوني
ابتسموا وقال أطولهم واللي ما يتعدى عمره 15 سنة : أستاذ ليش تهاوش وانت تضحك
ضحك عمر وقال وهو يأشر على الباص بحزم : يلا بسرعة على الباص لا يقولون جماعة الطموح هم الوحيدين اللي ما ركبوا الباص , تبغون المعالي و الإباء يسبوقوننا
صرخوا الإثنا عشر ولد مع بعض بحماس : لااااااااااااا
ودخلوا الباص , جا إمام مسجد الحي وأعطى عمر ظرف وقال : هنا 1000 ريال , 300 حق الخيام اللي مستأجرينها للرحلة و 200 حق الباص و 500 غدا وعشا
حط عمر الظرف في جيبه وقال : إن شاء الله
قال الإمام ينبه عليه بمزح : معاكم 35 ولد مو تضيعون لي واحد في البران وتجون
قال مهند أستاذ جماعة المعالي بمزح : كويس يعني نقدر نسيب اثنين
دقه عبد الله أستاذ الإباء وأشر له على خالد المشرف على الرحلة واللي طالع فيه بنص عين , هو حبوب لكن بحكم مركزه كان لازم له هيبة وسط الطلاب والمدرسين كونه مشرف , كمل الإمام يوجه الخطاب لهم و لمساعدينهم الإثنين واللي ما تجاوزا الـ 18 : ألعاب خطرة ممنوع , ممنوع إقتراب الأولاد من النار وقت الشوي , ولا يقعدون يمزحون لي وهم يقطعون السلطة وغيره ولا يروحون للحمامات لوحدهم بدون ما تشوفون المكان نظيف وما فيه شي ولا لا
كانوا حافظين هالدروس لأنها مهي أول رحلة لهم , يا ما راحوا استراحات و مخيمات , حتى مكة و المدينة والطائف راحوا لها مع جماعات أكثر من المراهقين و لأيام مو ليوم واحد بس
ركبوا الباص الكبير اللي تحرك بعد ما ألقى المشرف دعاء الركوب يذكرهم به
, شوية قال مهند بحماس : المعالي حمااااااااااااس .
صرخوا أولاد المعالي وهم يرفعون يدهم , طالع فيه عمر ولف على أولاده وقال بهدوء : الطموح
دوت صرخة أولاده : طموووووووووووح
ضحك عبد الله على حركتهم ولمن شاف أولاده يطالعون فيه بعيون متوسلة تنهد و قال وهو يرفع يده : إباء
صرخوا قبل ما يكمل كلمته من كثر الحماس
قال واحد فيهم فجأة : أفتقد الشيخ عمار
حس عمر بعصرة في قلبه , التفت للولد لقي عيونه تلمع من الدموع وهو يكمل : كان دايما يروح معانا للرحلة و كان ينشد لنا
ولمن سمع همهمات الأولاد اللي ساد الحزن جوهم رغم صغر سنهم وعدم فهمهم التام للموت طالع في الأساتذة اللي طالعوا فيه بألم , ابتسم ووقف ولف عليهم وقال : هذا قضاء الله ولازم نكون صابرين , أنا متأكد إن الشيخ عمار كان يرافقكم رحلاتكم عشان تنبسطون وانتم دحين محزنين , مفتقدينه مفتقدين نشيده
وابتسم أكثر ونشد بصوت عذب أول أنشودة جات على باله : يا قافلات الخير , دايم و انتي غير , ربي يباااارك فيك سيري بأجمل سير
وبدأ الأساتذة ينشدون معاه : مري بكل الناس , دعوة وصدق إحساس , شبابنا بالحيييييل يحتاج رفعة راس
دب الحماس في الأولاد وهم يكملون بصوت حماسي : من قمة لقمة شباب هالأمة , لجل الوطن دايم همة على همـــــــة .
ابتسم عمر لمن حس بيد مهند تضغط كتفه وترص عليها وهز راسه يشكره ورجع يطالع في الأولاد المستمتعين هو يشوف في عيون كل ولد منهم أخوه عمار .
*********************
بعد صلاة الظهر في كوالالمبور :
أمام ساحة الفندق :
وقف وهو يطالع بحيرة في الورقة اللي قدامه , ورفع راسه لمن حس إنه في فراغ مفاجئ غريب عن جنبه اليسار , التفت بسرعة وهو يقول : أزهار
همسها الخافت وصله : أنا وراك
التفت لها بسرعة وقال بعصبية : لا عاد تتحركين من جنبي سامعة , مافيني تضيعين مرة ثانية
طاااالعت فيه بصدمة و نزلت راسها للأرض على طول , حس بالذنب من عصبيته ففتح فمه بيفهمها السبب وسكت لمن رفعت راسها وقالت بسرعة وحماس ما قدرت تكتمه وهي تأشر على القطار : أبغى أركب
وكملت بهمس وهي تنزل يدها جنبها لمن شافت نظراته : القـ.ـطار
~ بززززززززره , أنا متزوج بزززره ~ زفر وسأل بسخرية : بس كذا نركبه ما فكرتي فين بنروح !!
خرجت مطوية من شنطتها وقالت بحماس وهي تأشر : هذا مسار القطار أخذته من الأوراق المحطوطه في الإستقبال
ابتسم رغم عنه وقال وهو يسحب المطوية منها : هذا كله عشان قطار
لمن يناقشها بعصبية وبرود تقدر تتكلم معاه لكن من يبدأ يبتسم تحس بثقل في لسانها من كثر الخجل , لمن شاف صمتها تنهد بطفش ومشي لمحطة القطار وهو يطالع في محطات توقف القطار الموجودة على الخريطة , لمن دفع أجرة الركوب , سمع صوتها وهي تهمس لنفسها بحماس : قطاااار
خلاها تجلس عند الطاقة وجلس جنبها وهو يقول : بنروح دحين لسوق اسمه تايم سكوير مع إني كنت مخطط لحديقة الحيوان اليوم أو حديقة بردانه جنبها حدايق كثيرة حلوة
قالت بحماس : أول مرة أركب قطار
قال بهدوء وهو يطالع في المطوية : ركبتي قطار في المطار ولا ناسية
قالت تشرح له : مو زي هذا , ذاك كان و احنا واقفين وما في مناظر , هذا قطار حقيقي
قال بسخرية : إي صح وذاك كان لعبة
حست بالبرود يرجع لها ~ لاااااااااا يمكن يكمل جميل سواه ~ لفت وجهها عنه وطالعت في المناظر اللي قدامها , بدأ القطار تحركه ببطء وشوية ازدادت سرعته و بدأت المشاهد تتوالى قدامها , كانت تحس كإن البيوت والعمائر والناس والسيارات هي اللي تتحرك وهي ثابته , حست بشعور جميل أول مرة تحسه , تمنت مليون مرة لو عمر معاها يشوف هذا الجمال والغرابة كلها , فجأة خرج القطار من وسط البيوت لمساحة واسعة فاضية وهو يمشي فوق مسار حديدي مرتفع عن الأرض تمشي من تحته السيارات , شهقت بخفة وهي تفتح غطاها عشان تشوف اللي حولينها زين ولصقت وجهها في القزاز على طول عشان تشوف السيارات والشوارع اللي تحت المسار , حست بجسمه يميل عليها وهو يطالع من فوق كتفها وهو يسأل : اش فيه
استحت و رجعت على ورى بسرعة واعتدلت في مكانها وهي ساكته , طاااااالع فيها وسأل : اش فيه شفتي شي
~ حيعتبرني هبله دحين , اش ذنبي إني أول مرة أشوف هالمناظر وهو تعود عليها , أفففففففففففففففف , حيعتبرني هبلة ~ قالت بهدوء : كنت أطالع بس , ما في شي
رفع حاجبه اليمين وسأل : وليش الشهقة
~ استجواااااااااب , الله يقطع شرك انت وحاجبك هذا اللي يقهرني ~ كشرت بوجهها بضيق وهي ناسية إنها مهي مغطية ولعبت بحبال شنطتها اللي في حضنها وهي تقول : مستغربة بس
مد يده ومسد حواجبها المقطبة بإبهامه وسبابته و همس بابتسامة : طيب ماله داعي التكشير
طالعت فيه بصدمة , عيونها المكحلة اتسعت من الصدمة ولمعت من شفافية لونها , دنق عليها بيسلم على خدها , بعدت عنه وجهها المحمممممممممر وسحبت الغطى بسرعة , ضحك وهو يبعد وقال بسخرية وهو مازال رافع حاجبه : اش بك
~ اش الجرأة هذي ما عنده واحد اثنين , الله يفششششششششلك يا جاسم مكان عاااااااام , عسى ما أحد شاف , يا ربييييييييي كيف قلبي يعورني ~ غطست في مقعدها وهي تلف بوجهها عنه بصمت خجول , وأول ما وقف القطار زفرت براحة وهي تخرج وراه , المحطة كانت قدام السوق اللي قال عليه , فتحت عيونها على الآخر لمن شافت مبنى السوق الضخم , قال وهو يأشر لها على المبنى : إذا ما خانتني ذاكرتي السوق هذا 13 دور و جوة فيه فندق وألعاب وسينما كمان , العنود عيدت ذيك المرة هنا .
ابتسمت أول ما جا ذكر العنود اللي ذبحتها نصايح لأماكن لازم تزورها لكن مشكلتها مع الحفظ ما هي متذكرة ولا مكان قالته
تبعته لداخل السوق اللي كان كلمة رااائع وكبير قليلة في حقه , كان أحلى شي عاجب أزهار فيه هو الزحمة والناس اللي مجتمعة من مختلف الجنسيات , محد يفهم الشعور اللي تحسه للزحمة , تسمع ضوضاء الناس باختلاف لغاتهم وصراخ الأطفال مختلطة بصوت خطواتهم السريعة والهادية و صوت خشخشة الأكياس , كان هذا كله يشعرها بالحياة , الأعمدة الرخامية الكبيرة العريضة موزعة وسط الصالات المزينة بأعلام و شرايط ملونه , طلعت معاه السلم الكهربائي وهي تطالع بشغف في الطالعين والنازلين , الماليزين بعكس سكان كثير من الدول الغير مفروض فيها الحجاب كانوا محتشمين في ملابسهم
*********************
يتبع