مضت ما يقارب الخمس و أربعون يوماً على يوم العيد
و في هذه الأيام , أجريت لكازوما عدة عمليات تهدف تجهيز كتفه اليسرى
و أجريت له العملية النهائية لضبط الذراع بكاملها في جسده
و في ذلك اليوم , كان الشاب في غرفته يتأمل يده اليسرى أمام المرآة
ظل يتأملها بصمت طوال دقيقة كاملة
حتى رفعها أمامه و قال : بهذه يمكنني العودة إلى الخدمة .
رفع عينيه ليتأمل صورته المعكوسة على المرآة
ثم قال : و لكن
هل حقاًَ أريد العودة ؟
طرقت ساكورا باب غرفته و قالت : الغداء جاهز يا كازوما .
ثم فتحت الباب
التفت إليها و قال : أنا قادم .
عبرت الباب و وقفت خلفه قائلة : مذهل
أليس كذلك ؟
قال : ليس كلياً .
ابتسمت و قالت : أتعلم , أذكر أول يوم حضرت فيه إلى المدرسة
و أتذكر جواب أول سؤال لك
" الأطراف الصناعية ستكون الخيار الأمثل
فهي رخيصة هذه الأيام و عملياتها الجراحية ليست صعبة "
خفض عينيه و قلت : هذا ما قلته بالضبط .
قالت : عندما تركت المستشفى في كيوتو , ألم تفكر في عملية جراحية مماثلة ؟
صمت لثوان , ثم قال : في الحقيقة , فعلت .
قالت : لماذا لم تخبرنا إذن ؟
قال : خفت من الضعف و الفراغ .
أرتفع حاجبيها و قالت : الضعف و الفراغ !
قال : خفت من أن أضعف و أعود إلى الخدمة .
قالت الفتاة بقلق : هل تفكر بالعودة ؟
خفض عينيه و أشاح بها بعيداً
ثم قال : تقريباً .
أقتربت منه خطوة و قالت بتوتر : لا تفعل .
قال : لم أصمم على العودة يا ساكورا .
قالت : لا تفكر في هذا الإحتمال
ألم تنظر إلى نفسك في المرآة ؟
ألم تنظر إلى ذراعك ؟
ألم تكتفي ؟
أعاد عينيه لها و قال : إتمام المهمات كان كل ما أعرفه
و من الصعب علي أن أعتاد حياة جديدة بهذه السهولة .
قالت و هي تمسك بكفه اليسرى : هناك وقت
لديك كل الوقت الذي تحتاج إليه
يكفي ما نلته من تلك المهمات
و يكفي أنهم لم يوفوك حقك عندما تقاعدت .
لمس يدها بيده اليمنى و قال : لا تهتمي كثيراً بالموضوع
فأنا لن أسبب لك أي ألم بعد الآن .
خفضت عينيها و قالت بإرتياح : الحمد لله .
تقدم نحو الباب و قال : لن نتأخر عن والديك
سيبرد الطعام .
أستقر بعد ذلك أمام الطاولة المليئة بالطعام بجانب الفتاة
فقال هانزو بهدوء : لنبدأ .
قال كازوما : هل عاد والدي يوكي من الولايات المتحدة ؟
قال هانزو : ستصل طائرتهما في تمام الساعدة السابعة و النصف مساءاً .
قال الشاب : سأرافقها .
قالت ساكورا : سآتي معكما .
قال هانزو : لديك الكثير من الأعمال المنزلية يا ساكورا .
أبتسمت نوريكو و قالت : هل نسيتي ؟
اليوم هو دورك في تنظيف البيت .
خفضت الفتاة عينيها بعبوس و قالت بخفوت : كنت سأهرب من هذا .
قال كازوما : كنت سأساعدك .
قالت و هي تبتسم : لا حاجة لذلك
سأتولى أمر البيت وحدي .
قال هانزو : ستأتي بهم إلى هنا يا كازوما .
قال الشاب : حسناً .
مضت الدقائق سريعة و هم يتناولون طعامهم
حتى فرغوا , فقال كازوما : سأخرج الآن .
قالت ساكورا : إلى أين ستذهب ؟
حمل بعض الأطباق إلى المطبق بعد قوله : سأذهب إلى المتجر
سأشتري بعض الأغراض .
قالت : سأرافقك .
غادر الإثنان البيت و أتجه كازوما إلى دراجته النارية الزرقاء
صعد إليها و قال : هيا أصعدي
توردت وجنتاها و قالت : أصعد !
قال : أتفضلين السير ؟
تقدمت و صعدت خلفه و هي تقول : لا .
أنطلق بدراجته ببطء
و هي تتشبت به
قالت : أين دراجتك القديمة ؟
قال : لقد بعتها .
قالت : لماذا ؟
قال : هذه أفضل منها .
توقف أمام إشارة ضوئية و هو يقول : فهذه بمحرك أكبر و أقوى
غير أن
قاطعته بارتباك : حتى لو تركتك تشرح لي بالصور , فلن أستوعب كلمة واحدة مما ستقول .
صمت , ثم قال : المعذرة .
هبط الصمت على الاثنان لثوان قبل أن تقول ساكورا بدهشة : أليست هذه يومي ؟
رفع الشاب عينيه و تلفت حوله و هو يقول : أين ؟
أشارت له الفتاة و قالت : هناك .
صوب الشاب عينيه إلى حيث تشير , و إذا بفتاة بشعر رمادي قصير واقفة بين ثلاث شبان
فقال : يبدو أنهم يزعجونها
قالت ساكورا بقلق : ساعدها أرجوك
هذه الفتاة مسكينة و ليست حملاً لهم .
أضيئت الإشارة الخضراء , فتحرك كازوما بدراجته نحوهم
توقف خلف سيارة رياضية و قال بخفوت : لا تتدخلي .
هبطا من الدراجة و توجه كازوما نحو الشبان
وقف قريباً منهم و قال بهدوء : أتركوا الفتاة و شأنها .
رفعت الفتاة عينيها الحمراوتين نحوه , ثم رفعت حاجبيها بدهشة و هي تقول : سيد توكاي !
قال أحد الشبان بوقاحة : لا تتدخل أيها الوسيم .
قال كازوما بهدوء : هل يزعجونك يا آنسة سوزوكي ؟
خفضت الفتاة عينيها بعد إيمائة خائفة
فقال كازوما بصرامة مخيفة : أتركوها و شأنها .
تقدم نحوه شاب و جذبه من ياقة قميصه بقوة
ثم قال بغضب : سألقنك درساً يعلمك ألا تتدخل .
قالت يومي بخوف : أرجوك أبتعد يا سيد توكاي .
أنهت عبارتها و انطلقت لكمة كازوما دون مقدمات
لكمة قوية حطمت أنف الشاب و قذفته للخلف ليسقط على ظهره
أندفع نحوه الآخران و أولهما يصرخ بغضب : سأقتلك .
ناور كازوما لكماتهم البطيئة بكسل و سدد لهما لكمتين أرقدتهما بجانب رفيقهما الأول
أقتربت ساكورا من يومي و هي تقول : يا لهم من وقحين .
وقفت بعد ذلك أمامها و قالت : هل أنت بخير يا يومي ؟
قالت الفتاة : نعم
شكراً لك .
ثم التفتت إلى كازوما و أنحنت له قائلة : شكراً لك يا سيد توكاي .
قال بهدوء : لا شكر على واجب .
أعادت يومي عينيها إلى ساكورا و قالت : ماذا تفعلين هنا يا ساكورا ؟
قالت : كنت مارة من هنا برفقة كازوما
و أنت , ماذا تفعلين هنا ؟
لا أذكر أن بيتك يقع في هذه المنطقة .
خفضت الفتاة عينيها و وجنتيها تتلونان بحمرة الخجل
ثم قالت : أتيت إلى متجر الهدايا الحمراء .
أبتسمت ساكورا و قالت : هكذا إذن
اليوم هو التاسع من شهر فبراير
و بعد خمسة أيام سيكون يوم عيد الحب .
قالت يومي و هي تهرب بعينيها عن كازوما : هذا صحيح
و لقد لقد أتيت لش . شراء هدية .
مما أتضح لكازوما , و مما يعرفه عن زميلة الفصل هذه , أنها خجولة لأبعد الحدود
و من دقة ملاحظته , لا يخفى عليه أنها تراقبه بعينيها دائماً
وقفت يومي و ساكورا أمام الأرفف المليئة بالهدايا الصغيرة
وقف كازوما خلفهما يتأمل مجموعة أخرى من الرفوف
قالت ساكورا و هي تحمل قلباً أحمر اللون من الأسفنج : ما رأيك بهذه ؟
قالت يومي : إنه جميل .
سمعتا كازوما يقول : هل لديك غير هذه المجموعات ؟
أستدارت الفتاتين نحوه بدهشة
لمح دهشتهما , فقال بارتباك : كنت أسأل فقط .
قال البائع و هو يبتسم : بالطبع لدي
في الدور العلوي .
توجه كازوما إلى السلالم ليصعدها إلى الدور المنشود
أخذت الدهشة عقل ساكورا بعيداً لثوان قصيرة
أعاده صوت يومي الخافت إلى رأسها عندما قالت : هل
. هل هو مرتبط ؟
توجهت عيني ساكورا نحوها , و دار السؤال في رأسها الذي بدا خاوياً في تلك اللحظة
ثم خفضت عينيها و قالت بخفوت : لا أعلم .
قالت يومي بخجل : هكذا إذن .
ظلت ساكورا شاردة الذهن بسبب إجابتها التي لم تدرك معناها إلا هذه اللحظة
فلم تكن تستمع إلى يومي و هي تقول : ساكورا
السيد توكاي يريدك .
قررت يومي هذه العبارة بقلق أكبر في المرة الأخيرة
فالتفتت إليها ساكورا بدهشة و هي تقول : ما الأمر ؟
قالت يومي بقلق : لماذا لم تردي علي ؟
هل أنت بخير ؟
ابتسمت ساكورا بارتباك و قالت : أجل , أجل
أنا بخير .
قالت يومي بصوتها الخافت : السيد توكاي يريدك .
قالت ساكورا : أين هو ؟
قالت يومي : لقد خرج من المحل
ينتظرك في الخارج .
غادرت ساكورا المحل لتراه على دراجته النارية يحمل خوذته بين يديه
فقالت بقلق : إلى أين ستذهب ؟
قال الشاب : يبدو أنني أخطأت
فوالدي يوكي سيصلان بعد نصف ساعة
لقد اتصلت يوكي منذ لحظات و طلبت مني القدوم إلى المطار .
قالت ساكورا : حسناً
لا تسرع و قد بحذر .
قال و هو يضع الخوذة الداكنة على رأسه : حسناً
لا تتأخري على العودة إلى البيت
و أطلبي من يومي القدوم إلى البيت لتناول العشاء معنا .
قالت ساكورا : حسناً .
و تركها و أنطلق
عادت ساكورا إلى المحل لترى يومي تنتظرها
فقالت : لماذا لم تذهبي معه ؟
قالت ساكورا : إنه ذاهب إلى المطار
سيستقبل ضيوفاً خاصين
و سيحضرهم إلى البيت
و بالمناسبة , لقد طلب مني دعوتك إلى البيت لتناول العشاء معنا .
أرتفع حاجبي الفتاة بدهشة , ثم خفضتهما و خفضت عينيها بخجل شديد
ثم قالت بخجلها : لا أعتقد أنها ستكون فرصة مناسبة .
قالت ساكورا : لا تعتذري لي
كازوما من دعاك يا يومي
حيث سيستاء كثيراً لو لم تحضري .
خفضت يومي عينيها و توردت وجنتاها و هي تقول : سأحاول .
==================
توقف كازوما أمام المبنى الذي تقطنه يوكي
أنتظر دقيقة حتى عبرت بوابة المبنى
توجهت نحوه و هي تقول : المعذرة على التأخر .
صعدت خلفه و تشبثت بخصره
فأنطلق بسرعته القصوى
قالت بتوتر : لا داعي للعجلة
لن ينفجر المطار .
قال الشاب : لا أريد أن نتأخر .
قالت يوكي : و لكنك تسير بسرعة خارقة
لا أريد أن يعبث الهواء بشعري .
أبطئ الشاب و قال : حسناً .
كان وصولهم إلى المطار سريعاً على الرغم من الإزدحام الشديد
فقالت يوكي و هي تنزل عن الدراجة : لولا الطرق المختصرة لكنا في منتصف الطريق الآن .
قال كازوما و هو يطفئ المحرك : سأنتظرك هنا .
قالت : تعال معي .
وقف الاثنان بجانب بعضهما ينتظران نزول الركاب من الطائرة .
قالت يوكي : شكراً لك لإصطحابي .
قال بهدوء : لا تهتمي .
قالت : أردتك أن تتعرف على والداي
فقد حدثتهما كثيراً عنك .
قال : سأكون سعيداً بالتعرف عليهم .
و بعد لحظات , سمعت الفتاة صوتاً فتياً يهتف بأسمها
فنظرت و كازوما إلى مصدره ليريا صبياً لم يتجاوز الخامسة عشر يركض نحوهما
قالت يوكي و هي تفتح ذراعيها بسعادة : تويا .
قفز الصبي و تعلق بعنقها و هو يقول بفرح : يا لها من مفاجأة
لقد أحضرت صديقك أيضاً .
دفعته الفتاة بقوة و حدة ليسقط على الأرض و هي تهتف بتوتر و ارتباك : ماذا تقول أيها الغبي ؟
أنحنى كازوما نحو الصبي و مد يده و هو يقول : هل أنت بخير ؟
قال الصبي و هو يضحك بمرح : أنا كذلك .
ثم نهض بمساعدة كازوما قائلاً : لقد أشتقت إليك كثيراً .
قالت الفتاة تنهيدة بسيطة : و أنا أيضاً .
أقترب منهم رجل و أمرأة
فرفع كازوما عينيه لهما بصمت
بينما قالت يوكي و هي تتقدم نحوهما بسعادة و فرح : أمي
أبي .
تعانق الثلاثة عناقاً جماعياً و قالت المرأة : لقد أشتقنا إليك يا يوكي .
قالت الفتاة : أنا أيضاً .
أبتعدت عنهما و هي تقول : كيف حالك الآن يا أبي ؟
قال الرجل و هو يبتسم : الحمد لله
أفضل مما كنت .
ثم نظر إلى كازوما ليقول : أهذا صديقك ؟
توردت وجنتا الفتاة و قالت بارتباك : لا
إنه صديقي و ليس صديقي المقرب .
أبتسمت الأم و قالت : يالجمالك
ما أسمك ؟
قال الشاب بهدوء : توكاي , كازوما
تشرفت بلقائكم .
قال الرجل و هو يبتسم : أنت الذي أنقذت أبنتي من الموت في حادثة مدينة الملاهي
أليس كذلك ؟
قالت يوكي : بالطبع إنه هو .
مد الرجل يده و قال : دعني أصافح الرجل الشجاع الذي أنقذ فتاتي الصغيرة
لا أعتقد أن الكلمات ستكفي لشكرك .
قال كازوما و هو يصافح الرجل : كان واجبي يا عمي .
ابتسم تويو و قال : مازلت أذكر آخر مرة التقينا فيها يا كازوما
كنت مازلت صبياً لم تتجاوز الإثنتي عشر عاماً
كنت في مهمة فشلت بسبب يوكي .
قال كازوما بهدوء : كنت سعيداً لفشلها .
قالت زوجة الرجل : كنت صغيراً يا كازوما
و لكنك كبرت لتصبح الشاب الوسيم الذي أراه الآن .
قال كازوما : يمكننا متابعة الحديث في بيت عمي هانزو
فأنتم مدعوون لتناول العشاء معنا .
قالت زوجة تويو : لا حاجة لذلك يا بني
سنستأجر
قاطعها كازوما بأسلوب مهذب : أرجوك يا سيدتي
عمي يصر على قدومكم و مبيتكم
و أنا أصر .
ابتسم تويا الصغير و قال : هل ستطهوا لنا العشاء ؟
التفت الكل إلى الصبي الصغير و عقد كازوما حاجبيه قاصداً الدهشة التي لم يسبق أن أظهرها على ملامحه يوماً
و قالت يوكي بغضب : تأدب أيها الوغد .
قالت والدتها : في الحقيقة , لقد سمعنا عنك الكثير من يوكي
و من الأشياء التي سمعناها أنك طاهٍ محترف .
قال كازوما : يشرفني إعداد مائدة لكم .
فبراير
وقف كازوما بجسده الممشوق أمام المرآة في غرفته
تأمل ملابسه بحذر
طرقت ساكورا الباب و قالت : أيمكنني الدخول ؟
قال الشاب بهدوء : بالطبع .
فتحت الفتاة الباب و هي تقول : أتيت لأسألك عن
بترت عبارتها عندما وقعت عيناها على الشاب بحلته الجميلة و الأنيقة
معطفه الجلدي البني القصير و تسريحة شعره المنظمة و التي سمحت لملامحه بالبروز بجمالها
خفق قلبها و هي تتأمله بوسامته الخارقة عن العادة
قال بهدوء : أردت شيئاً ساكورا ؟
قالت بسرعة و ارتباك : إلى أين ستذهب ؟
قال : يوكي طلبت مني مرافقتها إلى مقر عملها الجديد
فأنت على علم بأمر إستقالتها .
قالت ساكورا : و أين ستعمل ؟
قال : موظفة إستقبال في فندق هيلتون توكيو
خفضت ساكورا عينيها و صمتت
فقال بهدوء : كنت تريدين شيئاً ؟
قالت : كنت سأسألك .
. هل أنت متفرغ هذا المساء ؟
قال بسرعة : لا أظن
لقد قدمت لطلب عمل في أحد المطاعم
و سأبدأ اليوم
فاليوم سيكون مزدحماً .
قالت ساكورا و خيبة الأمل على وجهها : إنه عيد الحب .
قال : أقترح عليك أن تأتي إلى المطعم الذي أعمل فيه
فهو الأفضل
إنه مطعم الساكي الذي تحبيه .
رن جرس هاتفه المحمول فأجاب : مرحباً توكاي يتحدث .
صمت لثوان , ثم قال : سآتي على الفور .
أنهى المكالمة و قال : سأغادر الآن .
============
ارتدت ساكورا أجمل ثيابها و وقفت أمام المرآة تتأمل مظهرها
فقالت بخفوت : كالعادة
جميلة .
خفضت عيناه بحزن و قالت : و لكن لا يوجد من أخرج معه .
غادرت غرفتها إلى غرفة الجلوس
حيث كانت والدتها و والدها جالسان
قالت نوريكو و هي تنظر إلى الفتاة بإبتسامة : ما هذا كله
إلى أين ؟
قالت ساكورا بهدوء و هي تنضم إليهما : لست ذاهبة إلى مكان .
قال هانزو : أين كازوما ؟
قالت ساكورا : في مطعم الساكي
يعمل هناك كنادل .
قالت نوريكو : إنه عيد العشاق
و ذلك الشاب يعمل .
قالت ساكورا : و ما دخلي به ؟
فليفعل ما يحلو له .
تبادل هانزو و نوريكو نظرات باسمة , ثم قال هانزو : أريدك أن تحضري لي العلب الملفوفة من مكتبي .
توجهت الفتاة إلى مكتبه و رأت علبتين على مكتبه
أحضرتهما له و هي تقول : ما هذه ؟
قال الرجل و هو يحمل العلبة الكبيرة : هذه من والدتك ؟
قالت نوريكو و هي تبتسم بسعادة : ألن تفتحها ؟
قال الرجل و هو يضعها جانباً : أليست شوكولاته ؟
قالت نوريكو : لا
فقد سئمت شرائها كل سنة
لقد تغيرت هديتك يا حبيبي .
عاد يحمل العلبة و بدأ يفتحها
أخرج بعد ذلك منها سترة سوداء ثقيلة
تأمله لثوان , قبل أن ينفجر ضاحكاً
ثم قال : صدرية مضادة للرصاص
و من النوع الجيد .
قالت نوريكو : عملك مؤخراً بدأ يقلقني
و لهذا فكرت بشراء هذه الصدرية من أجلك .
قالت ساكورا و هي تبتسم : أحسنت الإختيار يا أمي .
قالت نوريكو : هل أعجبتك ؟
قال الرجل : كل شيء منك يعجبني
حتى الطعام المحروق .
ضحكت نوريكو قليلاً , ثم قالت و هي تشير إلى الصندوق الآخر : و هذه ممن ؟
قال هانزو : هذه ليست لي
إنها لكازوما .
خفضت ساكورا حاجبها الأيمن بتعجب و قالت : كازوما ؟
من أحضرها له ؟
قال هانزو : لقد وجدتها في صندوق بريد كازوما الذي لم يلغيه بعد
فأحضرتها إلى هنا
ستجدين بطاقة من المرسل .
قالت ساكورا : أيمكننا قراءتها ؟
قال هانزو : أعتقد ذلك .
مدت الفتاة يدها نحو البطاقة و فتحتها
ثم قرأت
" كازوما توكاي
أحبك من كل قلبي
سأظل أتذكرك دائماً أيها الفارس المقنع
سنلتقي قريباً جداً
كن واثقاً من هذا
و عندما يحدث اللقاء , ستنال جائزتك الحقيقية
كاثرينا دوبري "
قالت ساكورا و هي تعقد حاجبيها : من هي كاثرينا دوبري هذه ؟
أرتفع حاجبي والدها بدهشة و هو يقول : كاثرينا دوبري !؟
كاثرينا دوبري هي التي أرسلت هذه العلبة ؟
قالت ساكورا و هي تقدم له البطاقة : هذا ما تقوله البطاقة .
قرآها هانزو , ثم قال و هو يبتسم : هذه الفتاة المجنونة
إنها هي .
قالت نوريكو : و من هذه الفتاة ؟
قال هانزو و هو يعيد البطاقة إلى العلبة : إنها إبنة رئيس فرنسا
فتاة بعمرك يا ساكورا
أنقذها كازوما من هجوم مقاتلات من نوع الهاريير
كان ذلك في باريس السنة الماضية .
قالت نوريكو : و مما أرى , الفتاة وقعت بحبه .
قال هانزو : إنها مراهقة صغيرة
و مجنونة بعض الشيء
و لكنها طيبة القلب و حنونة بقدر جمالها الأشقر الفتان .
قالت ساكورا و هي تخفض عينيها إلى العلبة : هكذا إذن .
راقبتها نوريكو بحذر
فحال ساكورا لم يكن مريحاً على الإطلاق
الحزن مرسوم على ملامحها هذا اليوم
إنها ليلة العشاق
كيف لفتاة بجمال ساكورا الأخاذ , أن تظهر كل هذا الحزن في مثل هذا اليوم ؟
قالت نوريكو : لم لا تذهبي إليه يا ساكورا ؟
وجهت الفتاة عينيها إلى أمها و قالت : أذهب إلى من ؟
قالت نوريكو : كازوما يا صغيرتي .
توردت وجنتا الفتاة و قالت بارتباك : و لماذا أفعل ؟
قالت نوريكو : لا تتصنعي الغباء يا ساكورا
فأنت لا تجيدين ذلك .
قال هانزو بهدوء : كازوما مجبر على العمل لأنني طلبت منه ذلك
طلبت منه أن يشغل نفسه في أوقات فراغه
و لهذا قدم طلباً لمكتب العمال
و يبدو أنهم وجدول له عملاً يباشره الليلة
كم هذا مؤسف .
قالت نوريكو : أنا واثقة من أنه سيرغب بمرافقتك إلى أي مكان تذهبين إليه
و لكنه مجبر على العمل .
قال هانزو و هو ينهض عن مقعده : كوني حذرة في تصرفاتك
و لا تفسدي الأمر على نفسك .
" لا تفسدي الأمر على نفسك
هكذا إذن
يبدو أنه لا فائدة من المقاومة
لا أريد أن أفسد أمسيتي بسبب فكرة غبية لا أعرف ما هيتها
سأذهب إليه
و ليحدث ما يحدث
كازوما إبن عمي و سيكون لي وحدي "