[frame="7 80"]الحلقة الخامسة والثلاثون
كان ذلك اليوم فيما أذكر يوم خميس
ووضع لنا الغداء في الفيلا المجاورة والتي هي أيضا تابعة لفلل الشيخ صالح الزامل
وذلك لكثرة الضيوف وازدحام الملحق بهم
غير أني لم أجد لذلك الطعام أي لذة رغم تنوعه وفخامته و لكن لم يطب لي الحال!!
فقد كنت قلقا للغاية ، فوالدي قد يدخل علينا في أي لحظة
ولا شك أنني لم أكن أحب رؤيته وأنا في جمع من الناس
كنت أراقب الباب وأراقب الشيخ محمد حيث أن التلفون الثابت وضع بجواره وينتظر مكالمة الوالد.
انتهينا من الغداء وقدم لنا الشاي وبدا المجلس بالانفضاض
ولم يكن أحد يعلم بقدوم الوالد سواي والشيخ محمد والشيخ صالح
بقيت مع الشيخ محمد وذهب الآخرون للقيلولة
وأجهد الشيخ من الانتظار فدخل غرفته ونام
أذن العصر وتوجهنا للمسجد
وبعد الصلاة عدنا للبيت
وبعد نصف ساعة من الصلاة رن جرس الهاتف.
فرد الشيخ صالح الزامل فعرفت من كلامه أنه الوالد
وصف له المنزل وصفا دقيقا ثم أغلق السماعة
ناداه شيخنا وهمس في أذنه وطلب منه أن يوفر لنا مكانا منعزلا عن الآخرين
كان التوتر على أشده مني ، بينما شيخنا كأن على فؤاده قالب ثلج!!
وهكذا الرجال اللذين طحنتهم الحياة طحنا وتعلموا من دروسها يواجهون المصاعب بكل ثبات وروية واتزان.
ذهبت برفقة الشيخ صالح للفيلا المجاورة حيث سأستقبل الوالد قبل قدوم الشيخ
بقيت في الخارج واقفا في الشمس ولا يقر لي قرار
كنت أتصور غضب الوالد وهو رجل غضوب من طبعه فكيف وهو في هذا الحال
حيث مضى على هروبي من المنزل حوالي الخمسة شهور .
بعد دقائق تقدم حارس الفيلا وفتح الأبواب الضخمة ودخلت سيارة جمس كبيرة لونها احمر وأسود وهي سيارة الوالد التي عهدت
حينما دخلت مقدمة السيارة وكان بلاط الفناء مرتفعا عن مستوى الشارع لم يظهر لي وجه الوالد
و لكن حينما استوت السيارة رأيت وجهه
لحيته بيضاء مختلطة بالسواد كما عهدته ووجهه عابس بل عليه علامات الغضب والانفعال وهذا ما توقعته بالتأكيد !!
كان مشهدا مضطربا يصعب علي وصفه
تقدمت لباب السيارة بعد أن استدار بها وأوقفها تحت المظلات
ففتحت الباب فانكببت على يد والدي وقبلتها وقبلت جبهته
فأشاح بوجهه عني ولم يرد السلام علي
لم أتضايق مما فعل فأنا أستحق منه أكثر من ذلك !!
لم ألاحظ أن معه شخصا آخر سوى حينما سلم علي، فاستدرت للصوت
فرأيت أحد أصدقاء والدي اللذين يحبهم ويثق فيهم وهو الأستاذ مشرف الزهراني الأستاذ مشرف رجل عاقل ورزين ويثق والدي بنصحه ولذلك كانت صحبته للوالد ذلك اليوم من رحمة الله بي.
دخلنا لغرفة صغيرة ملحقة بالفيلا حيث تضمن لنا خصوصية كاملة
جاء الشيخ صالح حينما علم بقدوم الوالد فصافح الوالد بحرارة شديدة كما هي عادته مع ضيوفه ولم يكن يعلم بالموضوع الذي بيني وبين الوالد ، فأخذ الشيخ صالح يثني علي وعلى حرصي على العلم وأن أعظم توفيق لله لي أن جعل لي قبولا لدى إمام الأمة الشيخ بن عثيمين .
لاشك أن تلك العبارات الصادقة التي نطق بها الشيخ صالح والتي خرجت منه بدون قصد حيث هو لا يعلم عن القصة أصلا ولم يخبره أحد بها ،كان لتلك الكلمات أثر في الموضوع فكأن معناها يا أبا محمد لا داعي للقلق فقد حفظ الله لك ابنك فليس هو كمن هم من أترابه من الشباب اللذين اشغلهم اللهو فأضاعوا دينهم ودنياهم
بل إن الله هيأ لابنكم مكانا لا تستطيع أنت ولا غيرك أن يضعه فيه بل هو فضل خالص من الله عز وجل !!
أحضر لنا القهوة والشاي وكنت أخدم الوالد وصاحبه .
ولم نكن نتحدث بل كان الصمت رهيبا والهدوء منذر بشر مستطير !!
هذا ما تخيلته وتوقعته.[/frame]
يتبع