الله يحيكي انتظروني ببقية الاسماء باذن الله
|
الله يحيكي انتظروني ببقية الاسماء باذن الله
مشكووووووووووووووور
يعطيك العافيه
ولا تحرمنا من جديدك
تحياتي:البــــرنس
see you
الله يسلمك اخوي البرنس
اختك
[frame="1 80"][img][/img]
P
شرح أسماء الله الحسنى
الخالق - الخلاق
جل جلاله وتقدست أسماؤه
المعنى اللغوي:
الخالق والخلاق مأخوذة من مصدر خلق وله معنيان في اللغة:
الأول : الإنشاء على مثال أبدعه لم يُسبق إليه ، أحدثه بعد إذ لم يكن ، وهذا المعنى يختص به الله تعالى وحده.
الثاني: التقدير ، وخَلَقَ الأديم يخلقه خلقاً:قدره لما يريد قبل القطع وقاسه ليقطع منه مزادة أو قربة أو خفاً. قال تعالى : ((فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ))
فالله خالق، والإنسان يخلق، وخلق الله يختلف عن خلق الإنسان .
فمن المعنى الأول : قال تعالى : ((يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِن بَعْدِ خَلْقٍ)).
((يَخْلُقُكُمْ)): ينشئكم من العدم على غير مثال سابق.
((خَلْقاً مِن بَعْدِ خَلْقٍ)): فيه معنى التقدير – يقدركم من مرحلة إلى أُخرى – أي يخلقكم نُطفاً ثم علقاً ثم مُضغاً.
ومن المعنى الثاني:قوله تعالى : ((وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً))أي : تُقدرون الكذب –فالإنسان قبل أن يكذب يُقدر ويُزين الكذب، كقوله تعالى : ((إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ)).وهذا قول كفار قريش عن القرآن.
ورود هذا الاسم في القرآن:
ورد اسم [الخالق] في أحد عشر موضعاً في القرآن منها :
1- قوله تعالى : ((هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ))
2- قوله تعالى : ((فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)).
3- قوله تعالى : ((أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ!أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ)).
وأما الخلاق في القرآن فمرتين.
1- قوله تعالى : ((إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ)).
2- قوله تعالى : ((أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ)).
معنى الاسم في حق الله تبارك وتعالى :
الخالق بالألف واللام لا يجوز إطلاقه على غير الله ،مهما كان مبدعاً في صنعه وتركيبه، لا يُقال خالق، ولكن يُقال خلق بمعنى قدّر.
v مامعنى الخالق الخلاق في حق الله سبحانه وتعالى ؟
1- الموجد من العدم الذي يخلق كل خلقه على غير مثال سابق.وتجدر الإشارة إلى أن كل آية نصّ الله فيها على الخلق يجدر بنا التأمل في ذلك المخلوق الذي نصّ الله على خلقه ، لأن الله لن ينصّ إلا على مخلوقات عظيمة
2- ومن معاني الخلاق ماقال الزجاج:"فالخلق في اسم الله تعالى هو ابتداءُ تقدير النشء، فالله خالقها ومنشئها وهو متممها ومدبرها فتبارك الله أحسن الخالقين".
بعض المخلوقات التي جاء ذكرها في القرآن
1- من ذلك خلقه الدواب والأنعام قال تعالى : ((أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ)).
2- و خلق السموات والأرض وقد نص الله على خلقهما في كثير من الآيات، ومن ذلك قوله تعالى : ((وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ))وقوله: ((إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)). وقال جل وعلا: ((اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ))والآيات النّاصّة على ذلك كثيرة فعليك بالتأمل والتفكر فيها ،فإذا تفكرت في السماء وخلقها وسعتها وماحوت من النجوم والأفلاك ومابها من الجنة والملائكة وغيرها مما الله به أعلم، تتعرف بذلك على ربك ، وتصلح به حياتك ، وتستعين به على عبادة الإله الواحد الأحد ، وبه تدرك نعمة الله فتشكره ، وتحمده وتثني عليه .
3- وأخبرنا ربنا في كتابه العزيز عن خلق من مخلوقاته عظيم هم الملائكة ، والملائكة جمع ملأك، وأصل ملأك : مألك؛لأنه من الألوكة،والألوكة في اللغة : الرسالة، قال تعالى : ((جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ)).
فالملائكة عالم غيبي، خلقهم الله عز وجل من نور، وجعلهم طائعين له متذللين له، ولكل منهم وظائف خصه الله بها ، ونعلم من وظائفهم:
1- جبريل :موكل بالوحي، ينزل به من الله تعالى إلى الرسل.
2- إسرافيل:موكل بنفخ الصور ، وهو أيضاً أحد حملة العرش. عن أنسt مرفوعاً " كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم القرن وحنى ظهره ،ينظر اتجاه العرش كأن عينيه كوكبان دريان، لم يطرف قط مخافة أن يؤمر قبل ذلك" .وفي رواية عن أبي هريرة r"ماطرف صاحب الصور مذ وكل به مستعداً ينظر نحو العرش مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه كأن عينيه كوكبان دريان".
3- ميكائيل:موكل بالقطر والنبات.
وهؤلاء الثلاثة كلهم موكلون بما فيه حياة ؛ فجبريل موكل بالوحي وفيه حياة القلوب، وميكائيل بالقطر والنبات وفيه حياة الأرض ، وإسرافيل بنفخ الصور وفيه حياة الأجساد يوم المعاد.
4- كذلك نعلم أن منهم من وكل بقبض أرواح بني آدم ، أو بقبض روح كل ذي روح ، وهم :ملك الموت وأعوانه.
قال تعالى : ((حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ)) وقال جل شانه : ((قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ))وقال تعالى : ((اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا)).
ولا منافاة بين هذه الآيات الثلاث؛فإن الملائكة تقبض الروح؛ فملك الموت إذا أخرجها من البدن تكون عنده ملائكة، إن كان الرجل من أهل الجنة ؛ يكون معهم حنوط من الجنة ، وكفن من الجنة،يأخذون هذه الروح الطيبة ، ويجعلونها في هذا الكفن ، ويصعدون بها إلى الله عز وجل ، ثم يقول الله : اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض ، فترجع الروح إلى الجسد: فيسُأل في قبره من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك ؟
وإن كان الميت غير مؤمن ، فإنه ينزل ملائكة معهم كفن من النار وحنوط من النار ، يأخذون الروح، ويجعلونها في هذا الكفن، ثم يصعدون بها إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها وتطرح إلى الأرض، قال تعالى: ((وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ )). ثم يقول الله: اكتبوا كتاب عبدي في سجين.
هؤلاء موكلون بقبض روح العبد من ملك الموت إذا قبضها، وملك الموت هو الذي يباشر قبضها، فلا منافاة إذن، والذي يأمر بذلك هو الله، فيكون في الحقيقة هو المتوفّي.
5- ومنهم ملائكة سياحون في الأرض، يلتمسون حِلَق الذكر، إذا وجدوا حلقة العلم والذكر جلسوا، لما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي r قال:" إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تعالى تنادوا هلموا إلى حاجتكم. قال فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا فيسألهم ربهم وهو أعلم منهم ، ما يقول عبادي ؟ فيقولون : يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك ، فيقول : هل رأوني؟ فيقولون : لا والله ما رأوك، فيقول : كيف لو رأوني؟ فيقولون : لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لك تمجيداً وأكثر لك تسبيحاً. فيقول : فماذا يسألون؟ فيقولون : يسألونك الجنة ، فيقول هل رأوها ؟ فيقولون : لا والله يارب مارأوها ، فيقول : كيف لو أنهم رأوها ؟ فيقولون : لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصاً وأشد لها طلباً وأعظم فيها رغبة، قال : فمما يعوذون فيقولون : من النار ، فيقول : هل رأوها ؟ فيقولون : لا والله يارب ما رأوها ، فيقول : كيف لو رأوها ؟ فيقولون : لو رأوها كانوا أشد منها فراراً وأشد لها مخافة ، فيقول فأشهدكم أني قد غفرت لهم ، فيقولون : فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة فيقول : هم القوم الذي لا يشقى بهم جليسهم "واللفظ للبخاري.
6- ومنهم أيضاً ملائكة يتعاقبون على بني آدم بالليل والنهار، فالملائكة تكون مع ابن آدم لحفظه فقبل بلوغه يكون معه ملكان: ((لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ )) وبعد بلوغه يكون معه أربعة، بالإضافة للمعقبات التي قبل البلوغ فيكون معه أيضاً ملكان عن اليمين والشمال لكتابة الحسنات والسيئات قال تعالى: ((وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ! كِرَاماً كَاتِبِينَ ! يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ )). فلو استشعر الإنسان أثناء ما تسول له نفسه الأمارة بالسوء، وجود الملائكة وتسجيلها عليه ما عمل، لربأ بنفسه وانتفى عن معصية الله، والملائكة تكرم بني آدم فتبتعد عنه في الأوقات التي يترخص فيها بما لا يحب أن يراه الناس فيه ( كقضاء الحاجة، وافضاء الرجل لزوجته) وهو لا يكرمها فيفعل المعاصي وهي تسمعه وتشاهده وتتأذى مما يتأذى منه بنو آدم.
7- ومنهم ملائكة ركعاً وسجداً لله في السماء؛ قال النبي r :" إني أرى مالا ترون وأسمع مالا تسمعون ، أطت السماء وحق لها أن تئط، مافيها موضع قدر أربع أصابع إلا ملك واضع جبهته ساجداً لله ، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم كثيراً ولبكيتم كثيراً ، وماتلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى صعداء تجأرون".
والأطيط: صرير الرجل، أي: إذا كان على البعير حمل ثقيل؛ تسمع له صرير من ثقل الحمل.
وعلى سعة السماء فيها هؤلاء الملائكة.
ولهذا قال الرسول r في البيت المعمور الذي مر به في ليلة المعراج قال:" البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه حتى تقوم الساعة" وفي رواية " بحيال الكعبة " وعن قتادة t قال ذكر لنا أن النبي r قال لأصحابه: هل تدرون مالبيت المعمور ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : فإنه مسجد في السماء تحته الكعبة لو خر لخر عليها .".
والمعنى كما قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: كل يوم يأتي إليه سبعون ألف ملك غير الذين أتوه بالأمس، ولا يعودون له أبداً، يأتي ملائكة آخرون غير من سبق، وهذا يدل على كثرة الملائكة ولهذا قال تعالى: ((وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ)). أ.ھ
قال تعالى: ((لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى))
8- ومنهم ملائكة موكلون بالجنة و ملائكة موكلون بالنار، فخازن النار اسمه مالك يقول أهل النار: ((وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ))
4- وأيضا من مخلوقاته العظيمة الليل والنهار والشمس والقمر((وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))، رسالة لك أيها العبد بأن الذي خلقهن عظيم، وسيأتي يوم وتُجزى بما عملت.
5- من أعظم مخلوقاته الموت .قال تعالى : ((الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)).كلها رسائل لك بأن الذي أحياك سيُميتك، والموت يتخطف الناس من حولك وعن يمينك وشمالك رسائل من الله لك، فأنت ذهبت وعزيت في غيرك، وسيأتي يوم سيُعزى أهلك بك.
عن أبي سعيد قال مرّ النبي r بالمدينة، فرأى جماعة يحفرون قبراً، فسأل عنه، فقالوا: حبشياً قدم فمات. فقال النبي r:( لا إله إلا الله سِيق من أرضه وسمائه إلى تربته التي خُلق منها.
وقد أكثر القرآن الحديث عن خلق الله للإنسان، وفصّل في ذلك تفصيلاً كثيراً ففي سورة الرحمن امتدح الله نفسه، وأثنى عليها بخلقه للإنسان، وتعليمه البيان: ((الرَّحْمَنُ ! عَلَّمَ الْقُرْآنَ ! خَلَقَ الْإِنسَانَ ! عَلَّمَهُ الْبَيَانَ))
وقد أعلمنا ربنا أنه خلقنا بخلق أبينا آدم من تراب قال تعالى: ((وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ )) ثم أصبح التراب طيناً، فصح أن يقال: إنه خلقنا من طين ((هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ))، ثم بقدرة الله سبحانه وتعالى تحول الطين إلى صلصال فصح أن يقال إنه خلق الإنسان من صلصال((وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ )) والصلصال : أي: التراب اليابس الذي يشبه الفخار((خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ))وقد قيل الصلصال كل شيء له صوت فهو صلصال.
والحمأ المسنون: الطين المنتن الأملس الصقيل.
ثم شكله الله تعالى على الصفة التي خلقه عليها، ثم نفخ فيه من روحه فسرت فيه الحياة، فأصبح حياً سميعاً بصيراً قال تعالى: ((ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ! الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ ! ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ ! ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ )).
وأخرج أبو داود بسند صحيح عن أبي موسى مرفوعا:" إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والسهل والحزن والخبيث والطيب". لأن خلق الأرض متقدم على خلق آدم: ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)) وخلق بقية الخلق من آدم وحواء ((يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ))
ظلمة البطن والرحم والمشيمة أو ظلمة الصُلب والبطن والرحم وهذا قول ابن عباس رضي الله عنه ويخرجنا الله إلى هذه الحياة لا نعلم شيئاً، ثم بواسطة ما وهبنا خالقنا من السمع والأبصار والعقول نكتسب العلوم، ونعرف المجهول: ((وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)).
الفرق بين خلق الخلق وخلق الخالق سبحانه:
الخلق الذي بمعنى الإيجاد خاص بالله تعالى، أما تحويل الشيء من صورة إلى صورة أُخرى فإنه ليس بخلق حقيقة، وإن سُمّى خلقاً باعتبار التكوين، لكنه في الحقيقة والواقع ليس بخلق تام، فمثلاً النجار صنع من الخشب باباً، يُقال له: خلق باباً لكن مادة هذه الصناعة الذي خلقها هو الله لا يستطيع الناس كلهم مهما بلغوا من القدرة أن يخلقوا عوداً من أراك أبداً ولا أن يخلقوا ذرة ولا أن يخلقوا ذباباً، واستمع إلى قول الحق جل وعلا: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ)). د/ نوال العيد[/frame]
[frame="3 80"]
المصور1
P
شرح أسماء الله الحسنى
المصـوّر
جل جلاله وتقدست أسماؤه
المعنى اللغوي:
1- المصوّر: مأخوذ من الصّور بالتحريك: الميل ، ورجلٌ أصور أي : مائل وصُرْت إلى الشيء وأصرته –بالتحريك –إذا أملته إليك كقوله تعالى : ((فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ)) أي أملهن إلى قلبك وأجمعهن إليك أي إلى جسدك.
2- وتصورت الشيء توهمت صورته لي ، والتصاوير: التماثيل ،والصورة تطلق على حقيقة الشيء وعلى صفته.
3- التخطيط والتشكيل.
ورد الاسم في القرآن :
ورد الاسم في قوله تعالى : ((هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ))مرة واحدة في القرآن ، وجاء بصيغة الفعل مرات كقوله تعالى : ((هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ))
وقوله عز وجل ((وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ))
وقوله سبحانه : ((وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ))
المعنى في حق الله :
المصور خلقه كيف شاء وكيف يشاء قال تعالى : ((الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ!فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ)).اي :صرفك وأمالك إلى أيّ صورة شاء إما إلى صورة حسنة وإما إلى صورة قبيحة أو إلى صورة بعض قراباته.
قال الزجاج: المصوّر هو مفعّل من الصورة وهو تعالى مصور كل صورة لا على مثال احتذاه ولا رسم ارتسّمه تعالى عن ذلك علواً كبيراً.
وقيل: في معنى قوله تعالى : ((هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ)) أي الذي إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون على الصفة التي يريد والصورة التي يختار كقوله تعالى : ((فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ)) ولهذا قال (المصور) أي الذي ينفذ مايريد إيجاده على الصفة التي يريدها .
وقال الخطابي : ((المصور) الذي أنشأ خلقه على صور مختلفة ليتعارفوا بها فقال : ((وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ)).
وقيل : التصور التخطيط والتشكيل ، ثم قال : وخلق الله جل وتعالى الإنسان في أرحام الأمهات ثلاث خِلَقٍ؛ جعله علقة ثم مضغة ثم جعلها صورة وهو التشكيل الذي به يكون ذا صورة وهيئةِ يعرف بها ويتميز بها عن غيره بسماتها ((فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)).
وبهذا يكون معنى المصور:
الأول : أن المصور هو الذي أمال خلقه وعدلهم إلى الأشكال والهيئات التي توافق تقديره وعلمه ورحمته والتي تتناسب مع مصالح الخلق ومنافعهم ، وأن أصل ( المصّور) من الصَوَرَ وهو الإمالة.
الثاني: أن ( المصّور) هو الذي أنشأ خلقه على صور مختلفة ، وهيئات متباينة من الطول والقصر ، والحسن والقبح ، والذكورة والأنوثة، كل واحد بصورته الخاصة .
v مالفرق بين الخالق والبارئ والمصور؟
الخالق:.المخرج من العدم إلى الوجود جميع المخلوقات ، المقدّر لها على صفاتها.
والبارئ: خالق الناس من البرا وهو التراب
والمصّور: خالق الصور المختلفة. فالخالق خاص ، والبارئ أخصّ منه، والمصور أخصّ الأخصّ.
إذن يكون البارئ المصور كالتفسير لاسم الله الخالق.
آثار الإيمان بهذه الأسماء:
(الخالق- الخلاق- البارئ - المصور)
الأول:افراد الله بصفة الخلق((قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ))كل المخلوقات وجدت من العدم ، وكائن بعد أن لم يكن ، قال تعالى : ((هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً)).
فكل ماسوى الله مخلوق محدث ، وكل المخلوقات مسبوقةٌ بالعدم ، وهذا قول الرسل جميعاً وأتباعهم ، وخالف في ذلك الفلاسفة القائلين بقدم العالم وأبديته وأن لم يكن معدوماً أصلاً ، بل لم يزل ولا يزال، ولكن الكتاب يرد ذلك ويرفضه.
الثاني: الإيمان بأن الله خلق الخلق وأعمالهم ، وأنه ماشاء كان ومالم يشأ لم يكن ولا يدل هذا على أن العبد ليس بفاعل على الحقيقة ولا مريد ولا مختار ، بل هو فاعل لفعله حقيقة ، وأن إضافة الفعل إليه إضافة حق ، وأنه يستوجب عليه المدح والذم ، والثواب والعقاب، ولكن لا يدل هذا أنه واقع بغير مشيئة الله وقدره ، فالقضاء والقدر رديفان، إذا افترقا كان كلاهما رديفٌ للأخر، وإذا اجتمعا فالقضاءُ يطلق على مالم يقع ، وأما موقع فقدر ، وقد نهى رسول الله rو عن الخوض في القدر ، أخرج الطبراني من حديث صحيح عن ابن مسعود t مرفوعاً " إذا ذُكر أصحابي فأمسكوا ، وإذا ذُكرت النجوم فأمسكوا ، وإذا ذُكر القدر فأمسكوا ." وسمى نفاة القدر مجوس الأمة ، أخرج أبو داود من حديث ابن عمر مرفوعاً " القدرية مجوس هذه الأمة ، إن مرضوا فلا تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم ".
وفي الإيمان بالقضاء والقدر يجب الإيمان بأربع مراتب:-
الأولى:العلم : الله تعالى علم كل ماقضاه وقدّره .
وقد كتب الله مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة قال تعالى : ((أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)).
وقال جل شأنه : ((يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا))
((ما))اسم موصول يفيد العموم ؛ كل ((مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ )) مثل المطر والحب يبذر في الأرض والموتى والنمل وغيرها ((وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا)) كالماء والزروع وماأشبه ذلك ((وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ)) مثل المطر والوحي والملائكة وأمر الله عز وجل ((وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ))كالأعمال الصالحة والملائكة والأرواح والدعاء.
ففي الاية ذكر الله عز وجل عموم علمه في كل شيء بنوع من التفصيل ثم فصل في آية أخرى تفصيلاً آخر فقال تعالى : ((وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)).
((وَعِندَهُ))أي : عند الله ، وهو خبر مقدم . ((مَفَاتِحُ)) مبتدأ مؤخر.
ويفيد هذا التركيب الحصر والاختصاص، عنده لا عند غيره مفاتح الغيب، وأكد هذا الحصر بقوله : ((لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ))؛ ففي الجملة حصر بأن علم هذه المفاتح عند الله بطريقتين :
إحداهما : بطريقة التقديم والتأخير.
والثانية : طريقة النفي والإثبات.
((مَفَاتِحُ الْغَيْبِ)) خزائنه ، وقيل ((مَفَاتِحُ الْغَيْبِ )) مبادئه ؛ لأن مفتاح كل شيء يكون في أوله ، فيكون على هذا : ((مَفَاتِحُ الْغَيْبِ )): أي: مبادئ الغيب ؛ فإن هذه المذكورات مبادئ لما بعدها .
(( الْغَيْبِ))مصدر غاب يغيبُ غيباً، والمراد بالغيب : ماكان غائباً ، والغيب أمر نسبي، لكن الغيب المطلق علمه خاص بالله .
وهذه المفاتح فسرها أعلم الخلق بكلام الله ، محمد r حين قرأ : ((إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ))
فهي خمسة أمور:-
الأول: علم الساعة:
فعلم الساعة مبدأ مفتاح لحياة الآخرة، وسميت الساعة بهذا الاسم لأنها ساعة عظيمة يُهدد بها جميع الناس وهي الحاقة والواقعة
الثاني: تنزيل الغيث
لقوله:(( وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ))؛ (الغيث): مصدر، ومعناه: إزالة الشدة، والمراد به المطر؛ لأنه بالمطر تزول شدة القحط والجدب، وإذا كان هو الذي ينزل الغيث؛ كان هو الذي يعلم وقت نزوله.
والمطر نزوله مفتاح لحياة الأرض بالنبات، وبحياة النبات يكون الخير في المرعى وجميع ما يتعلق بمصالح العباد.
وهنا: قال: (وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) ولم يقل : وينزل المطر؛ لأن المطر أحيانا ينزل ولو كان كثيراً و لا يكون فيه نبات؛ فلا يكون غيثاً، ولا تحيا به الأرض، ولهذا ثبت في (صحيح مسلم) : "ليست السنة ألا تمطروا، إنما السنة أن تمطروا و لا تُنبت الأرض شيئاً).
والسنة: القحط والجدب.
الثالث: علم ما في الأرحام
لقوله تعالى:( وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ) ومتعلق العلم عام، بكل شيء، فلا يعلم ما في الأرحام إلا من خلقها عز وجل.
v فإن قيل: إنهم صاروا يعلمون الذكر من الأنثى في الرحم؛ فهل هذا صحيح؟
قال الشيخ محمد بن عثيمين-رحمه الله-: ( إن هذا الأمر وقع، ولا يمكن إنكاره، لكنهم لا يعلمون ذلك إلا بعد تكوين الجنين و ظهور ذكورته أو أنوثته، وللجنين أحوال أُخرى لا يعلمونها، فلا يعلمون متى ينزل، و لا يعلمون إذا نزل إلى متى يبقى حياً، و لا يعلمون شقياً أو سعيداً، و لا يعلمون هل يكون غنياً أو فقيراً إلى غير ذلك من أحواله المجهولة) أ.ھ
الرابع: علم ما في الغد
وهو ما بعد يومك؛ لقوله:( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً ) وهذا مفتاح الكسب في المستقبل، وإذا كان الإنسان لا يعلم ما يكسب لنفسه؛ فعدم علمه بما يكسبه غيره أولى.
الخامس: علم مكان موته.
لقوله:( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) لا يدري أحد هل يموت في أرضه أو في أرض أخرى.؟
لا يدري هل يموت في بر أو في بحر أو في جو ولا يدري بأي ساعة يموت.
فهذه الخمسة هي مفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا الله ، وسميت مفاتح الغيب ؛ لأن علم مافي الأرحام مفتاح الحياة الدنيا ، ( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً ) مفتاح العمل للمستقبل ، ( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) مفتاح لحياة الآخرة ؛ لأن الإنسان إذا مات دخل عالم الآخرة.
2- الكتابة:
في حديث الإسراء الطويل يقول المصطفى r : " ثم عُرج بي حتى ظهرت بمستوى أسمع فيه صريف الأقلام ".
فأول ما خلق الله القلم ، قال له : اكتب ، قال : ما أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ".
قال تعالى :(( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ))
(( أَلَمْ تَعْلَمْ)) : أيها المخاطب.
((أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ))وهذا عام ؛ علم لما فيهما من أعيان وأوصاف وأعمال وأحوال .
((إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ)) وهو اللوح المحفوظ ، وهو المحفوظ من التغيير ، فالله عز وجل لا يغير فيه شيئاً أبداً ، لأنه كتبه عن علم منه ؛ وإنما يحصل التغيير في الكتب التي بأيدي الملائكة، وقيل : وصف بأنه محفوظ من أيدي الخلق فلا يمكن أن يلحق أحد به شيئاً ، أو يغير فيه شيئاً أبداً .
((إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)) أي : الكتابة على الله أمر يسير.
وأخرج مسلم عن عبدالله بن عمرو t قال : قال رسول الله r : " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة . وكان عرشه على الماء ".
4- المشيئة :
فمشيئة الله نافذة سواء مما يتعلق بفعله سبحانه أو يتعلق بأفعال العباد وقدرته شاملة ، وهو الإيمان بأن ماشاء الله كان ، ومالم يشأ لم يكن ، وأنه مافي السموات ومافي الأرض من حركة و لاسكون إلا بمشيئة الله ، قال تعالى : ((وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً)).
o أما كون مشيئة الله شاملة لأفعاله ؛ فالأمر فيها ظاهر .
o وأما كونها شاملة لأفعال المخلوقين ؛ فلأن الخلق كلهم ملك لله تعالى ، ولا يكون في ملكه إلا ماشاء .
والدليل على هذا :-
قوله تعالى : ((فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ))
وقوله سبحانه : ((وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ )).
فهذه الآيات تدل على أن أفعال العباد متعلقة بمشيئة الله ، وتابعة لها .
5- الخلق:-
قال تعالى : ((اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)).
وقال تعالى : ((أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ!أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ)).
فلا يمكن أن يوجد شيء في السماء والأرض إلا الله خالقه وحده.
ولقد تحدى الله العابدين للأصنام تحدياً أمرنا أن نستمع له فقال سبحانه : ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ)).
ومعلوم أن الذين يدعون من دون الله في القمة عندهم ؛ لأنهم اتخذوهم أرباباً ، فإذا عجز هؤلاء القمة عن أن يخلقوا ذباباً ، وهو أخس الأشياء وأهونها ؛ فمافوقه من باب أولى ، بل قال سبحانه : ((وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ)) فيعجزون حتى عن مدافعة الذباب وأخذ حقهم منه .
وإذا كانت عاجزة عن الدفع عن نفسها ، واستنقاذ حقها ؛ فهي عن الدفع عن غيرها واستنفاذ حقه أعجز.
والمهم أن الله عز وجل خالق كل شيء ، وأن لا خالق إلا الله ؛ فيجب الإيمان بعموم خلق الله عز وجل ، وأنه خالق كل شيء ، حتى أعمال العباد ؛ لقوله تعالى : ((اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)).وعمل الإنسان من الشيء ، وقال تعالى : ((وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً)) والآيات في هذا كثيرة.
وفيه آية خاصة في الموضوع ، وهو خلق أفعال العباد:
فقال إبراهيم لقومه : ((وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)).
فـ{ما} مصدرية ، وتقدير الكلام : خلقكم وعملكم ، وهذا نص في أن عمل الإنسان مخلوق،
مراتب الكتابة أربعة أنواع :-
1-التقدير الأزلي : وهو أن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير الخلق، ووصف بأنه محفوظ ؛ لأنه محفوظ من أيدي الخلق ؛ فلا يمكن أن يلحق أحد به شيئاًً،أو يغير به شيئاً. ثانياً: محفوظ من التغيير ؛ فالله عز وجل لا يغيير فيه شيئاً لأنه كتبه بعلمه، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله : (إن المكتوب في اللوح المحفوظ لا يتغير أبداً) وإنما يحصل التغيير في الكتب التي بأيدي الملائكة.
2- الكتابة العمرية : التي تكون للجنين في بطن أمه عن عبدالله بن مسعود t قال :حدثنا رسول الله rوهو الصادق المصدوق: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون في ذلك علقه مثل ذلك ، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل الله الملك فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلمات: بِكتب رزقه، وأجله، وعمله ، وشقي أو سعيد، فوالذي لا إله غيره، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى مايكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار ، فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى مايكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة ، فيدخلها).
3- التقدير السنوي ( الحولي): الذي يكون في ليلة القدر؛ففي ليلة القدر يكتب فيها ما يكون في تلك السنة قال تعالى : ((فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ!أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ)).
4- التقدير اليومي: قال تعالى : ((كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ))أي : كل يوم هو يجيب داعياً ويكشف كرباً، ويجيب مضطراً، ويغفر ذنباً، ويربي صغيراً، ويفك أسيراً، وهو منتهى حاجات الصالحين ، ومنتهى شكواهم ، عن أبي الدرداء t عن النبي r قال " قال الله عز وجل ((كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ)) قال : " من شأنه أن يغفر ذنباً ، ويفرج كرباً ، ويرفع قوماً ويضع آخرين ".د/نوال العيد[/frame]
[frame="4 80"]المصور2
P
تابع شرح أسماء الله الحسنى
المصـوّر
جل جلاله وتقدست أسماؤه
v هل يحصل في هذه التقادير الأربعة تغيير أم لا
التقديران اللذان يحصل بها التغيير هو التقدير السنوي ، والتقدير اليومي.
مثال ذلك :
مكتوب في التقدير السنوي ؛ أن أحد أبناءك سيصاب في حادث ويموت ، فتقوم في الليل وتدعوا الله أن يحفظ ابنك من كل سوء، فتصعد دعوتك إلى السماء وتتصارع مع القضاء ، وأيهما سبق وقع وأكثر مايسبق الدعاء ، يأمر الله سبحانه الملائكة أن تكتب في صحفها أن يعود إليها ولدها سالماً، وفي اللوح المحفوظ مكتوب أن ابنها يعود إليها سالماً وذلك قول الله تعالى في كتابه العزيز : ((يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)) قال r " أبخل الناس من بخل بالسلام وأعجز الناس من عجز عن الدعاء".وأخرج الترميذي وحسن الألباني من حديث سلمان مرفوعاً" لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر".
وأما قول " اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه ". لا يصح
وقد ظل في القضاء والقدر طائفتان:-
الأولى : الجبرية
الثانية:القدرية وهم الذين ينفون القدر ، يقولون بأن الله لم يقدر لنا أن نعصي،ولم يخلق لنا معصيته ويقولون إن الله لا يعلم أفعال العبد إلا بعد وجودها ، وأنها لم تكتب، ويقولون: إن الأمر أنف؛ أي : مستأنف ، لكن متأخر وهم أقروا بالعلم والكتابة وأنكروا المشيئة والخلق ، وهذا بالنسبة لأفعال المخلوقين.
v كيف نرد على القدرية مقولتهم ؟
أن الله أضاف في القرآن العمل للإنسان فقال : ((وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ)). وقال : ((الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ)). وقال تعالى : ((كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)) ومع ذلك ذكر الله أنه أراده قال تعالى : ((فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء))قال كل من ظل ظل بإرادة الله له.
والذي قاد القدرية لهذا الضلال عدم تفريقهم بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية فالإرادة الكونية بمعنى المشيئة، ومثالها قول نوح عليه السلام لقومه: ((وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ))
والإرادة الشرعية بمعنى المحبة، ومثالها قوله تعالى: ((وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ))
وتختلف الإرادتان في موجبهما ومتعلقهما:-
o ففي المتعلق: الإدارة الكونية تتعلق فيما وقع، سواء أحبه أم كرهه، والإرادة الشرعية تتعلق فيما أحبه، سواء وقع أم لم يقع.
o وفي موجبهما: الإرادة الكونية يتعين فيها وقوع المراد، والإرادة الشرعية لا يتعين فيها وقوع المراد.
v هل يُنسب الشر لله؟
قال مؤمنوا الجن :(( وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً)) نسبوا الشر إلى من لم يسم فاعله, أما الرشد والخير فنسبوه إلى الله تعالى الخير قضاه الله في القضاء وفي المقضي, أما الشر فهو في المقضي لا في القضاء, ففعل الله خير محض لا يلحقه شر البتة .
خلق إبليس شر في المقضي الذي هو إبليس نفسه, لكنه في القضاء خير ؛لأن الله عندما خلق إبليس تمايز الناس إلى كافر ومؤمن وطائع وعاصي لله ، فيكون بذلك تمايز بين معسكر الخير ومعسكر الشر.
كفر ابن النبي نوح عليه الصلاة السلام فهو شر بالنسبة للمقضي الذي هو ابن نوح عليه السلام وخير في القضاء ليكون عزاء لكل مؤمن أنك قد تكون صالح وفي بيتك ولد فاسق، فإذا لم يستطع النبي هداية ابنه فأنت من باب أولى فتطمئن بقضاء الله وقدره.
3- من فوائد دراسة اسم الله المصوّر:
تحريم التصوير, لأن المصور ذهب يخلق كخلق الله ليكون مضاهياً لله في صنعه, سواء كانت هذه المضاهاة جسمية أو وصفية, فالجسمية أن يصنع صورة بجسمها, والوصفية أن يصنع صورة ملونة, لأن التلوين والتخطيط باليد وصف للخلق, وإن كان الإنسان ما خلق الورقة ولا صنعها لكن وضع فيها هذا التلوين الذي يكون وصفاً لخلق الله عز وجل .
والتصوير له أحوال:-
الحالة الأولى: أن يصور الإنسان مالا روح فيه سواء كان بظل أو بغير ظل فهذا جائز مثل (السماء, والجبال، والأودية, والبحار, والأنهار .).
الحالة الثانية: تصوير ما فيه روح وهذا لا يجوز البتة لا تصويره ولا اقتنائه ولا تعليقه وجاء في هذا النوع أحاديث كثيرة منها :-
· عن عائشة رضي الله عنها؛ أن رسول الله r قال:( أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله ).
قوله "أشد" كلمة أشد اسم تفضيل بمعنى أعظم وأقوى.
قوله "الناس" للعموم. والمراد الذين يعذبون.
وقوله "عذابً" تمييز مبين للمراد بالأشد.
والعذاب يطلق على العقاب ويطلق على ما يؤلم ويؤذي وإن لم يكن عقاباً, ومعنى "يضاهئون" أي: يشابهون .
"بخلق الله " أي: بمخلوقات الله سبحانه وتعالى, والذين يضاهئون بخلق الله هم المصورون فهم يضاهئون بخلق الله سواء كانت هذه المضاهاة جسمية أو وصفية, فالجسمية يصنع صورة بجسمها, والوصفية أن يصنع صورة ملونة.
· وعن عبد الله بن عمر أن رسول الله r قال:( إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم :أحيوا ما خلقتم).
· وعن ابن عباس رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله r يقول:( كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم ) .
· وله مرفوع (من صور صورة في الدنيا؛ كلف أن ينفخ فيها الروح, وليس بنافخ).
قوله "كل مصور في النار". "كل" من أعظم ألفاظ العموم فيشمل من صور الإنسان أو الحيوان أو الأشجار أو البحار, لكن قوله يجعل له بكل صورة نفسا يدل على أن المراد صورة ذوات النفوس, أي: ما فيه روح.
وقوله "كل مصور في النار" أي: كائن في النار.
قوله "كلف" أي: ألزم, والمكلف له هو الله عز وجل.
قوله "وليس بنافخ" أي: كلف بأمر لا يتمكن منه زيادة في تعذيبه, وعذب بهذا العذاب ليذوق جزاء ما عمل, وبهذا تزداد حسرته وألمه وأسفه، حيث أنه عذب بما كان في الدنيا يراه راحة له, أما باكتساب, أو إرضاء صاحب, أو إبداع صنعة.
· قال النووي : قال العلماء تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم وهو من الكبائر ؛لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد وسواءٌ صنعهُ لما يمتهن أم لغيره ،فصنعه حرام بكل الحال وسواء كان في ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها ،فإما تصوير ما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام .
· وبوّ البخاري في صحيحه ( باب: ما وطئ من التصاوير) قال الحافظ : أي هل يرخص فيه أو لا؟
وأخرج من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قدِم رسول الله r من سفر ، وقد استترت بقرام لي على سهوة لي فيها تماثيل ، فلما رآه رسول الله r هتكه، وقال : أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضهون بخلق الله قالت : فجعلناه وسادة أو وسادتين.
ومعنى ( القرام) : هو ستر فيه رقم ونقش، والسهوة : صفة من جانب البيت .
وجاء في بعض الروايات " علقته على بابها " . وقد جاء عند مسلم فيه " الخيل ذوات الأجنحة "
قال الحافظ : واستدل بهذا الحديث على جواز اتخاذ الصور إذا كانت لا ظل لها وهي مع ذلك مما يوطأ ويداس أو يمتهن بالاستعمال كالمخاد والوسائد . قال النووي : وهو جمهور العلماء من الصحابة والتابعيين وغيرهم ،أما عن كان معلقاً على حائط أو ملبوساً أو عمامة أو نحو ذلك مما لايعد ممتهن فهو حرام وصحح ابن العربي أن الصورة التي لا ظل لها إذا بقيت على هيئتها حرام كانت مما يمتهن أم لا، وإن قُطع رأسها أو فُرقت هيئتها جاز وهذا المذهب منقول على الزهري عن الزهري وقواه النووي ويشهد له حديث
عائشة رضي الله عنها: أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير, فقام النبي r بالباب فلم يدخل فقلت: أتوب إلى الله مما أذنبت, قال ((ما هذه النمرقة ؟)) قلت : لتجلس عليها توسدها قال : إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم ،وإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه الصور)).وأخرجه البخاري في باب {من كره القعود على الصور}.
قال الحافظ : وظاهر حديثي عائشة رضي الله عنها هذا والذي قبله التعارض؛ لأن الذي قبله يدل على أنه rاستعمل الستر الذي فيه الصورة بعد أن قُطع وعُملت منه الوسادة والأخر على أنه لم يستعمله أصلاً. ونجمع بينهما بأنها لما قطعت الستر وقع القطع في وسط الصورة مثلاً فخرجت عن هيأتها فلهذا صار يرتفق عليها r ( خلاف الثاني).
وقد صحح الألباني في الصحيحة (1921) " الصورة الرأس فإذا قطع الرأس فلا صورة " أثر موقوف له مايشهده من الحديث المرفوع.
قال الألباني: وهذا في المجسم وأما في الصورة المطبوعة على الورق أو المطرزة على القماش فلا يكفي رسم خط على العنق ليظهر كأنه مقطوع عن الجسد ، بل لابد من الإطاحة برأس ، وبذلك تتغير معالم الصورة وتصيرُ كما قال r كهيئة الشجرة .
· وعن سالم عن أبيه: وعد جبريل النبي r فَرّاثَ (أي : أبطأ) عليه, حتى اشتد على النبي r فلقيه، فشكا إليه ما وجد, فقال له: إنّا لا ندخل بيتاً فيه صورة ولا كلب.
· عن عون بن أبي جحيفة, عن أبيه أنه اشترى غلاماً حجّاماً, فقال: إن النبي r نهى عن ثمن الدم, وثمن الكلب, وكسب البغي, ولعن آكل الربا وموكله, والواشمة والمستوشمة والمصوّر).
إذن فعقوبة المصوّر كما جاءت في الأحاديث مايلي:-
1- أنه أشد الناس عذاباً أو من أشدهم عذاباً.
2- أن الله يجعل له في كل صورة نفساً يعذب بها في النار جهنم.
3- أنه يكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ.
4- أنه في النار.
5- أنه ملعون كما جاء في حديث أبي جحيفة.
فإن قيل أن هناك خالق غير الله ، فقد قال تعالى : ((فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)). بل جاء في الحديث قوله r " فإن المصورين يعذبون ؛ يقال لهم : أحيوا ماخلقتم )).
فهناك خالق، لكن الله أحسن الخالقين ؛ فالجواب عن هذا القول :
أن الخلق الذي ننسبه إلى الله عز وجل هو الإيجاد وتبديل الأعيان من عين لأخرى؛ فلا أحد يوجد إلا الله عز وجل ، ولا أحد يبدل عيناً إلى عين ، إلا الله عز وجل ، وما قيل : إنه خلق ؛ بالنسبة للمخلوق ؛ فهو عبارة عن تحويل شيء من صفة إلى صفة ؛ فالخشبة مثلاً بدلاً من أن كانت في الشجرة ، تحول بالنجارة إلى باب ؛ فتحويلها إلى باب يسمى خلقاً ، لكنه ليس الخلق الذي يختص به الخالق ، وهو الإيجاد من العدم ، أو تبديل العين من عين إلى أخرى .
v سئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين –رحمه الله – عن اقتناء الصور وهل هو
جائز ؟
فأجاب فضيلته: إن اقتناء الصور على أقسام :-
القسم الأول: أن يقتنيها لتعظيم المصور, لكونه ذا سلطان أو جاه أو علم أو عبادة أو أُبوة أو نحو ذلك, فهذا حرام لاشك فيه, ولا تدخل الملائكة بيتاًُ فيه هذه الصورة.
القسم الثاني: اقتناء الصور للتمتع بالنظر إليها أو التلذذ بها, فهذا حرام أيضاً، لما فيه من الفتنة المؤدية إلى سفاسف الأخلاق.
القسم الثالث: أن يقتنيها للذكر حناناً أو تلطفاً, كالذين يصورون الصغار لتذكرهم حال كبرهم, فهذا أيضاً حرام للحوق الوعيد به في قوله r:"إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة".
القسم الرابع: أن يقتني الصور لا لرغبة فيها إطلاقاً, ولكنها تأتي تبعا لغيرها, كالتي تكون في المجلات والصحف ولا يقصدها المقتني, وإنما يقصد ما في المجلات والصحف من الأخبار والبحوث العلمية ونحو ذلك, فالظاهر أن هذا لا بأس به, لأن الصور فيه غير مقصودة, لكن إن أمكن طمسها بلا حرج ولا مشقة, فهو أولى.
القسم الخامس :أن يقتني الصور على وجه تكون فيه مهانة ملقاة في الزبل.
أو مفترشة، أو موطوءة, فهذا لا بأس به عند جمهور العلماء.
v وهل يلحق بذلك لباس ما فيه صورة لأن في ذلك امتهاناً للصورة ولا سيما إن كانت الملابس داخلية ؟
أجاب فضيلته: نقول لا يلحق بذلك, بل لباس ما فيه الصور محرم على الصغار والكبار ولا يلحق بالمفروش ونحوه، لظهور الفرق بينها, وقد صرح الفقهاء رحمهم الله بتحريم لباس ما فيه صورة, سواء كان قميصا أو سراويل أو غيرها .
القسم السادس: أن يلجأ إلى اقتنائها إلجاء, كالصور التي تكون في بطاقة إثبات الشخصية والشهادات والدراهم فلا إثم فيه لعدم إمكان التحرز منه, وقد قال الله تعالى :(( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)).
v كما سئل الشيخ محمد بن عثيمن رحمه الله عن التصوير الفوتوغرافي ؟
فأجاب فضيلته: أن تلتقط الصور التقاطاً بأشعة معينة بدون أي تعديل أو تحسين من الملتقط, فهذا حل لا خلاف بين العلماء المعاصرين: فالقول الأول: أنه تصوير وإذا كان كذلك, فان حركة هذا الفاعل للآلة يعد تصويراً،
إذ لولا تحريكه إياها ما انطبعت هذه الصورة على هذه الصورة على هذه الورقة, ونحن متفقون على أن هذه صورة, فحركته تعتبر تصويراً فيكون داخلاً في العموم.
القول الثاني:- أنها ليست بتصوير, لأن التصوير فعل المصور , وهذا الرجل ما صورها في الحقيقة وإنما التقطها بالآلة، ويوضح ذلك لو أدخلت كتاباً في آلة التصوير, ثم خرج من هذا الآلة ,فإن رسم الحروف من الكاتب الأول لا من المحرك بدليل أنه قد يشغلها شخص أمي لا يعرف الكتابة إطلاقا أو أعمى في ظلمة، وهذا القول أقرب، لأن المصور بهذه الطريقة لا يعتبر مبدعاً و لا مخططاً، ولكن يبقى النظر: هل يحل هذا الفعل أولا؟ والجواب: إذا كان لغرض محرم صار محرماً, وإذا كان لغرض مباح صار مباحاً، لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
v ما سئل فضيلته رحمه الله هناك أنواع كثيرة من العرائس منها ماهو مصنوع من القطن ، وهو عبارة عن كيس مفصل برأس ويدين ورجلين، ومنها ما يشبه الإنسان تماماً ومنها مايتكلم أو يبكي أو يمشي فما حكم صنع أو شراء مثل هذه الأنواع للبنات الصغار للتعليم والتسلية؟
فأجاب فضيلته قائلاً: أما الذي لا يوجد فيه تخطيط كامل وإنما يوجد فيه شيء من الأعضاء والرأس ولكن لم تتبين فيه الخلقة فهذا لا شك في جوازه، وأنه من جنس البنات اللاتي كانت عائشة رضي الله عنها تلعب بهن.
وأما إذا كان كامل الخلقة وكأنما تشاهد إنسان ولا سيما إن كان له حركة أ, صوت فإن في نفسي من جواز هذه شيئاً، لأنه يضاهي خلق الله تماماً، والظاهر أن اللعب التي كانت عائشة تلعب بهن ليست على هذا الوصف فاجتنابها أولى ، ولكن لا أقطع بالتحريم نظراً لأن الصغار يرخص لهم مالا يرخص للكبار في مثل هذه الأمور ، فإن الصغير مجبول على اللعب والتسلي، وليس مكلف بشيء من العبادات حتى تقول إن وقته يضيع عليه لهواً وعبثا، وإذا أراد الإنسان الاحتياط في مثل هذا فليقلع الرأس أو يُحميه على النار حتى يلين ثم يضغطها حتى تزول معالم الوجه . د/ نوال العيد [/frame]
[frame="1 80"]المهيمن1
P
شرح أسماء الله الحسنى
المهيمن
جل جلاله وتقدست أسماؤه
المعنى اللغوي:
1- أصل اسم الله المهيمن المُؤأمن، وهذا هو التصريف الثالث لها .
2- أما التصريف الأول فهو الأمين ، ومعلوم أن الأمين من الأمانة، التي هي ضد الخيانة ، التي يطمئن صاحبها، ويُنفى عنه الخوف، ويُؤمن غيره.
3- وقيل المهيمن مؤيمن، والهاء بدلاً من الهمزة، لأنها جرت عادة العرب في لغتهم ،أن يقبلوا الهمزة إذا عقبت الهمزة هاء، مثال ذلك هرقت الماء وأرقت الماء. وكما قالوا إياك وهياك وهكذا
ولذلك أصلها : مأأمن ثم انتقلت مؤيمن ثم انتقلت إلى مهيمن .
إذن الهيمنة في اللغة بمعنى أأمنه.
وقيل : إن " المهيمن" الرقيب الحافظ.
فإذا قرأت في التعريف اللغوي أن المهيمن،" الرقيب الحافظ" .فهو ليس في أصل إطلاق اللغة له ، وإنما هو بالمعاني المصطلحية له. أما الإطلاق اللغوي لاسم المهيمن، مأخوذ من الأمين ، والأمانة ضد الخيانة ، ومن كان أميناً لا يكون خائفاً.
ورود الاسم في القران:
1- ورد الاسم مرة واحدة في قولة تعالى : ((الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ))
2- ذكر معناه في قوله تعالى : ((وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ )).
معنى الاسم في حق الله تعالى :
مداره على ثلاث معاني:
1- الرقيب 2- الشهيد. 3 - الحفيظ.
v ما معنى الرقيب الشهيد الحفيظ؟
وأحسن من فسر اسم الله عز وجل " المهيمن " الغزالي، وفيه يقول :"معناه في حق الله عز وجل .أنه القائم على خلقه بأعمالهم وأرزاقهم وآجالهم . وإنما قيامه عليهم ،باطلاعه واستيلائه وحفظه . وكل مشرف على كنه الأمر مسئول عليه ، حافظ له ، فهو مهيمن عليه .والإشراف يرجع إلى العلم ، والاستيلاء إلى كمال القدرة، والحفظ إلى الفعل .فالجامع بين هذه المعاني اسمه " المهيمن " . ولن يجتمع ذلك على الإطلاق والكمال إلا لله عز وجل .
وقال مجاهد وقتادة وغيرهم : " المهيمن الشهيد ، وأصل الهيمنة ،الحفظ والارتقاب".
وقال ابن كثير: قال ابن عباس وغير واحد. أي الشاهد على خلقه بأعمالهم . بمعنى هو رقيب عليهم . كقوله : ((وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )).وقوله : ((ثُمَّ اللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ)).
وقال الحليمي: المهيمن معناه ،لا ينقص للمطيعين يوم الحساب ،من طاعاتهم شيئاً فلا يثيبهم عليه ، لأن الثواب لا يعجزه ، ولا هو مستكره عليه فيحتاج إلى كتمان بعض الأعمال أو جحدها. وليس ببخيل ،فيحمله استكثار الثواب إذا كثرت الأعمال على كتمان بعضها. ولا يلحقه نقص بما يثيب فيحبس بعضه، لأنه ليس منتفعا بملكه، حتى إذا نفع غيره به زال انتفاعه بنفسه.
وقال الغزالي : اسم لمن كان موصوفاً بمجموع صفات ثلاث:-
أولاً: العلم بأحوال الشيء.
الثاني: القدرة التامة على تحصيل ذلك الشيء.
الثالث: المواظبة على تحصيل تلك المصالح.
فالجامع لهذه الصفات اسم الله المهيمن .وأنى أن تجتمع على الكمال إلا لله تعالى.
وقال الشيخ السعدي – رحمه الله -: "الشهيد المهيمن المحيط : أي : المطّلع على جميع الأشياء . الذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن ، والخفيات والجليات، والماضيات والمستقبلات ، وسمع جميع الأصوات ،خفّيها والجليات،وأبصر جميع الموجودات دقيقها وجليلها، وصغيرها وكبيرها ، وأحاط علمه وقدرته وسلطانه وأوليته وآخريته ، وظاهريته وباطنيته بجميع الموجودات ، فلا يحجبه عن خلقه ظاهر عن باطن ، ولا كبير عن صغير ، ولا قريب عن بعيد ، ولا يخفى على علمه شيء، ولا يشذ عن ملكه وسلطانه شيء، ولا ينفلت عن قدرته وعزته شيء، ولا يتعاصى عليه شيء ، ولا يتعاظمه شيء".
وجميع أعمال العباد قد أحصاها، وقد علم مقدارها ومقدار جزائها في الخير والشر،وسيجازيهم بماتقتضيه حكمته وحمده وعدله ورحمته.والملوك والجبابرة وإن عظمت سطوتهم ، وعظم ملكهم، واشتد جبروتهم ، وتفاقم طغيانهم ، فإنّ الله لهم بالمرصاد . قد أحاط بأحوالهم ، وأحصى وراقب كل حركاتهم وسكناتهم ، ونواصيهم بيده ، وليس لهم خروج عن تصرفه وإرادته ومشيئته.
أين المفرُ والإله ُ الطالب والمجرمُ المغلوبً ليس الغالبُ
فهذه الأسماء الثلاثة ، ترجع إلى سعة علمه، وإحاطته بكل شيء، وإلى عظمة ملكه وسلطانه، وإلى شهادته لعباده وعلى عباده بأعمالهم ، وإلى الجزاء وانفراد الرب بتصريف العباد. وإجرائهم على أحكام القدر . وأحكام الشرع ، وأحكام الجزاء . والله أعلم.
آثار الإيمان بهذا الاسم :
1- إن الله سبحانه ،هو الشاهد على خلقه بما يصدر منهم من قول أو فعل ، فلا يغيب عنه من أفعالهم شيء ، وله الكمال في هذا ،فلا يضل ولا ينسى ولا يغفل ،قال الله تعالى : ((وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ )).وإذا علمنا هذا عن الله سبحانه وتعالى ، فلا بد أن تولد هذه المعرفة مراقبة الله في الظاهر والباطن.
والعلماء مُجْمِعون على أن مراقبة الله تعالى في الخواطر، سبب لحفظها في حركات الظواهر. فمن راقب الله في سره ، حفظ الله حركاته في سره وعلانيته.
فلا بد قبل إصلاح الظواهر إصلاح القلوب . قال الله تعالى : ((يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ !إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ))
وقال r "إن في ابن آدم مضغة ،إذا صلُحت صلح سائر جسده، وإذا فسدت فسد سائر جسده ، ألا وهي القلب".
يقول ابن القيم:-
"قلوب العباد قلبان:-
1- قلب عرش للرحمن 2- وقلب عرش للشيطان"
قلب ممتلئ بحب الله والإقبال عليه ،والإنطراح بين يديه.وقلب متكبر عن أمر الله ، ناكصٌ على عقيبه.
من شؤم الذنوب والمعاصي وآثارها:-
مادمنا نؤمن بأن الله هو المهيمن ،وأن الرزق بيده ، فلنحذر أن نعصيه .فإن أعظم الرزق الطاعة ، ومن حُرم الطاعة حُرم الخير كله، فالمعصية تقود إلى نتائج خطيرة منها:
1- حرمان العلم ، قال تعالى : ((وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ)).فمن لم يتق الله لا يعلمه الله.
جلس الشافعي بين يدي الإمام مالك وقرأ عليه، فأعجبه قراءته فقال الإمام مالك : إني أرى الله ألقى في قلبك نوراً ،فلا تطفئه بالمعصية.
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعـلم بأن العـلم نور ونور الله لا يـؤتاه عاصي
وكثير من الناس تجدهم أهل طاعة ،وفجأة انسحبوا بذنوبهم ، وإلا فإن الإنسان إذا أقبل على الله ، أقبل الله عليه.
2- حرمان الرزق، فما دمنا نؤمن بأن الله هو المهيمن ، العالم بجميع أحوالنا ، الشهيد على كل أفعالنا ،المطّلع علينا ، وأن الرزق بيده،فلنحذر أن نعصيه،فإن أعظم الرزق الطاعة ، ومن حرم الطاعة حرم الخير كله ، وإن أعظم الحرمان حرمان لذة العبادة، فأعظم مصيبة يُصاب بها العبد ، هي مصيبة الأديان.
عن أبي بكر t قال : قال رسول الله r : "سلوا الله العفو والعافية، فإن أحداً لم يعط بعد اليقين خيراً من العافية".
وفي الحديث ،وإن كان في سنده ضعف. عن ثوبان t قال: قال رسول الله r : "إ ن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه،ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر". ضعفه الألباني في ضعيف الجامع.
3- وحشة يجدها العاصي بينه وبين الله ،لا توازنها لذة أصلاَ . ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها . قال تعالى : ((وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ )).
فتجد أثقل الأوقات عند العاصي ، وقت الصلاة . وأثقل الأيام أيام قضاء الصيام . وأثقل وقت عليه ، وقت سماع الذكر.لأن المعاصي اجتمعت على قلبه حتى قيدته.
4- وحشة تحصل بينه وبين الناس ، لاسيما أهل الخير منهم،لا يطمئن لهم ، لكنه لأهل الشر والفساد يأنس، والله سبحانه وتعالى حذر من مجالسة أهل الفساد . قال تعالى : ((وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )).
وقال جل وعلا: ((وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً )).
قال تعالى : ((فَلاَ تَقْعُدُواْ )) ولم يقل (( لا تفعلوا )) فبمجرد القعود يجعلك معهم.
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية : أي إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم ، ورضيتم بالجلوس معهم ، في المكان الذي يُكفر فيه بآيات الله ، ويُستهزأ ويُنتقص بها، وأقررتموهم على ذلك .فقد شاركتموهم في الذي هم فيه . فلهذا قال الله تعالى : ((إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ ))في المأثم
عن عمر t مرفوعاً قال : ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر )).
5- المعصية تُضْعف إرادة الخير . فليست المعصية آخر الخُطوات، بل هي أُولى الخطوات. فإذا تأملت قصة يوسف u ،لمّا قرر أخوته أن يلقوه في غيابة الجبّ. أتى إليهم الشيطان ، مزيناً لهم الفعل ، وقال لهم : ((وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ )). قال ستكونون أصلح الناس. فكانت تلك المعصية من بعدها سلسلة معاصي متوالية، وقع فيها أخوة يوسف u . قال الله عنهم : ((وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ)).كذبوا . وأيضاً: ((قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ)).
وهذا أنا وأنت. فإن تمكن الشيطان منك من باب . فإنه سيوردك إلى أبواب أُخرى، ولذلك قال الله تعالى : ((وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ )). ولم يقل (( ولا تتبعوا الشيطان )). أي : ولا تتبع الشيطان في خطوة . فإن ذلك سيجرك إلى خطوات أشدﱡ خطراً.
6- إلف المعصية ، حتى ينسلخ من القلب استقباحها ،فتصير له عادة .فيجاهر بها . عن أبي هريرةt عن النبي r قال : "كل أمتي معافى ألا المجاهرين ، وإن من الجهار ، أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله تعالى ، فيقول عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه".
انتبه ولا ترث مواريث الأُمم العلو في الأرض . فالفساد ميراث عن قوم فرعون ، والتكبر ميراث قوم هود.
7- هوان العاصي على ربه ، قال الحسن t " هانوا عليه فعصوه ، ولو عزّوا عليه لعصمهم". قال الله تعالى : ((نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ )). أي : من رحمته ومن توفيقه لطاعته .ومن الأخذ بأيديهم إلى طريق الجنة. قال تعالى : ((نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ )).أي: للاستعداد ليوم القيامة.
8- المعصية تورث الذل، لأن العزّ كل العزّ في طاعة الله . قال الله تعالى : ((مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً )). فمن طلب العزة بالمعصية أذله الله ، وكان من دعاء السلف : " اللهم أعزني بطاعتك ، ولا تذلني بمعصيتك ".
قال ابن المبارك :-
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب وخيرٌ لنفسك من عصيانها
9- الطبع على القلوب، وفي الحديث: " لا يزال العبد العاصي يعصي الله حتى يطبع الله على قلبه، فلا يعرف معروفاً، و لا ينكر منكراً، إلا ما أُشرب هواه".
قال تعالى: ((كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ )).
وعن حذيفة عن الرسول r قال :" تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير، عوداً عوداً. فأي قلب أشربها، نكتت فيه نكتة سوداء، و أي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى يصير القلب أبيض مثل الصفاء، لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مربداً كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً إلا ما أُشرب من هواه".
والمعصية تُدخل تحت معصية الله، قال تعالى: ((فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ! أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)).
أي: الإفساد في الأرض بالمعصية.ولذا كثير من الأحاديث جاءت بلعن العاصين.
عن علي -رضي الله عنه- عن النبي r قال :"لعن الله من لعن والديه، ولعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من آوى محدثاً، ولعن الله من غير منار الأرض".
عن أبي الدرداء – رضي الله عنه- عن النبي r قال :" إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض، فتغلق أبوابها دونها ثم تأخذ يميناً وشمالاً فإذا لم تجد مساغاً رجعت إلى الذي لُعن، فإن كان لذلك أهلاً و إلا رجعت إلى قائلها".
و عن ابن عمر أن النبي r قال:" لعن الله الواصلة ، والمستوصلة، والواشمة، والمستوشمة".
وعن عون بن أبي جحيفة عن أبيه – رضي الله عنه - قال: لعن رسول الله r الواشمة والمستوشمة، وآكل الربا وموكله، ونهى عن ثمن الكلب، وكسب البغي، ولعن المصورين". د/نوال العيد[/frame]
[frame="2 80"]المهيمن2
P
تابع شرح أسماء الله الحسنى
المهيمن
جل جلاله وتقدست أسماؤه
10-حرمان دعوة الملائكة. تكفّ الملائكة عن الدعاء للعاصي ،حتى يترك معصيته. قال تعالى: ((الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ !رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ!وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ))
يخبر الله تعالى عن الملائكة المقربين –حملة العرش وهم أقرب الملائكة لله- ومن حوله بأنهم (( يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ))، أي: يقرنون بين التسبيح الدال على نفي النقائص، والتحميد المقتضي لإثبات صفات المدح، وأنهم ((وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا )) أي: من أهل الأرض ممن آمن بالغيب، فقيض الله سبحانه ملائكته المقربين أن يدعوا للمؤمنين بظهر الغيب، ودعاء الملائكة مجاب، ولما كان هذا من سجايا الملائكة، كانوا يؤمّنون على دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب كما ثبت في سنن أبي داود عن أبي الدرداء- رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله r يقول:" إذ دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة آمين و لك بالمثل". وقولهم ((رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً )) أي: رحمتك تسع ذنوبهم وخطاياهم، وعلمك محيط بجميع أعمالهم وأقوالهم وحركاتهم وسكناتهم. ((فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ )).أي: فاصفح عن المسيئين إذا تابوا وأنابوا وأقلعوا ،عما كانوا فيه واتبعوا ما أمرتهم به، من فعل الخيرات وترك المنكرات. ((وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ )).أي: وزحزحهم عن عذاب النار وهو العذاب الموجع الأليم.(( رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ)) أي: اجمع بينهم وبينهم لتقرّ بذلك أعينهم بالاجتماع .
كما قال تعالى: ((وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ)) أي: ساوينا بين الكل في المنزلة ، لتقر أعينهم، وما نقصنا العالي حتى يساوي الداني، بل رفعنا ناقص العمل، فساوينا بكثير العمل تفضلاً منا ومنه، وقال مطرف بن عبدالله بن الشخير: انصح عباد الله للمؤمنين الملائكة، ثم تلا هذه الآية: ((رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ)). وأغش عباد الله للمؤمنين الشياطين.
((وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ )).أي: فعلها أو وبالها ممن وقعت منه. ((وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ )). أي: يوم القيامة . ((فَقَدْ رَحِمْتَهُ)) أي: لطفت به ونجيته من العقوبة، وتكفّ الملائكة عن الدعاء للعاصي.
11- تطفئ في القلب تعظيم الرب ، وتُنسي العبد ربه .قال تعالى: ((وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)). وعظ الله المؤمنين بألا يتركوا أمره ونهيه، كاليهود ويوحدوه في السر والعلانية و لا يكونوا في المعصية كالمنافقين، فقال: ((وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ )) يعني تركوا أمر الله تعالى.(( فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ)). يعني خذلهم الله تعالى، حتى تركوا حظ أنفسهم أن يقدموا خيرا لها. ((أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) يعني العاصين.
ويقال: ((وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ)). أي : تركوا ذكر الله وما أمرهم به.
(( فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ)). يعني فترك ذكرهم بالرحمة والتوفيق .
وقيل : ((وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ)). يعني تركوا عهد الله ونبذوا كتابه وراء ظهورهم (( فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ)). يعني أنساهم حالهم حتى لم يعملوا لأنفسهم ولم يقدموا لها خيراً. ((أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) يعني الناقضين للعهد، وهذا من تلاعب الشيطان.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله r:" الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر".
12- المعصية سجن الشيطان.إذن أول أثر من آثار اسم الله المهيمن المطلع على أعمالنا وأرزاقنا وجب علينا بأن نصلح القلوب قبل الظواهر، ونطيعه ولا نعصيه.
عن الأعمش يقول الله عز وجل:" أنا عند ظن عبدي بي، و أنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرّب إليّ شبراً تقربت منه ذراعاً، وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة". وقوله تعالى:" من تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً" أي: بالمغفرة والرحمة.
وقال بعض أهل العلم: هذا الحديث إنما معناه يقول إذا تقرب إلي العبد بطاعتي و ما أمرت، أُسرع إليه بمغفرتي ورحمتي.
2- من الآثار المسلكية ،بما أنك تؤمن بأن الله هو القادر على كتابة الآجال، وتقسيم الأرزاق، وأن مصلحتك تابعة لعلمه. فلو أتت خلاف ما تحب، أين إيمانك بالمهيمن فهيمنته تابعة لرحمته.قال تعالى: ((وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)).
واعلم أن الخير في قضاؤه، والمصلحة فيما كتبه لك، وليطمئن قلبك إلى ما كتبه الله لك،
v ما سبب نزول آية التيمم؟
عن عائشة رضي الله عنها قالت:" خرجنا مع رسول الله r في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء أو ذات جيش، انقطع عقد لي ، فأقام رسول الله r على التماسه، و أقام الناس معه وليسوا على ماء ، وليس معهم ماء، فأتى الناس أبا بكر رضي الله عنه فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة أقامت برسول الله r وبالناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فجاء أبو بكر ورسول الله r واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبست رسول الله r والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء، قالت عائشة: فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعن بيده في خاصرتي، فما منعني من التحرك إلا مكان رسول الله rعلى فخذي، فنام رسول الله r حتى أصبح على غير ماء، فأنزل الله عز وجل آية التيمم، فقال أُسيد بن حضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته.
في هذه القصة التربية على الأمانة والحرص على ردها، فالعقد كان لأٌُختها أسماء فحبس الرسول r الجيش حتى وجدته.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أسلمت امرأة سوداء لبعض العرب، وكان لها حفش في المسجد، فكانت تأتينا فتتحدث عندنا، فإذا فرغت من حديثها قالت:
ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا ألا إنه من بلدة الكفر أنجاني
فلما أكثرت قالت لها عائشة وما يوم الوشاح، قالت: خرجت جويرية لبعض أهلي، وعليها وشاح من آدم، فسقط منها، فانحطت عليه الحديا وهي تحسبه لحماً ، فأخذته فاتهموني به، فعذبوني حتى بلغ من أمري أنهم طلبوا في قبلي، فبينا هم حولي و أنا في كربي، إذ أقبلت الحديا حتى وازت برؤوسنا ثم ألقته، فأخذوه، فقلت لهم هذا الذي اتهمتموني به و أنا منه بريئة، وهو ذا هو، قالت: فجاءت إلى رسول الله r فأسلمت. قالت عائشة: فكان لها خباء في المسجد أو حفش. أخرجه البخارى من طريق أبي أسامة عن هشام عن أبيه عنها به.
وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله r كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً ثم قال:" سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون" اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى و من العمل ما ترضى، اللهم هوّن علينا سفرنا هذا، واطو عنّا بعده، أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل والمال والولد"
صحبك في سفرك وخلفك في مالك وأهلك وولدك.
وتأمل قول موسى للرب جل وعلا: ((قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى
!قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى )) مهيمين
إخوان يوسف عندما أجمعوا أمرهم أن يجعلوه في غيابة الجب من الذي جعله سيدا عليهم، المهيمن سبحانه ولذلك قال الله في سورة يوسف: ((وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ )) أي : فعّال لما يشاء، لا يمتنع منه شيء، ولا يغالبه عليه غيره من مخلوقاته.
قوله((وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ )).أي لا يعلمون حكمته في خلقه، وتلطفه، وفعله لما يريد، وأنه لا يستطيع أحد أن يخرج من قضاؤه وقدره.
وقول الله تعالى للنار والتي أُلقي فيها إبراهيم عليه الصلاة والسلام ((قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ )). قيل: إن إبراهيم حين أُلقي في النار ،لم تكن في الأرض دابة إلا تطفئ عنه النار.
فمن الذي أمرهم
إنه المهيمن سبحانه وتعالى .
أم موسى حينما ألقت رضيعها امتثالاً لأمر الله" فإذا خفت عليه فألقيه في اليم" من الذي جعله يعيش في بيت فرعون ثم يكون لهم عدواً وحزناً إنه المهيمن سبحانه وتعالى الذي لا يستطيع أحد أن يخرج عن قضائه.
قال تعالى: ((وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ )).في هذه الآية أمران ونهيان وبشارتان. أما الأمران: أن أرضعيه، فألقيه.
النهيان: لا تخافي ، ولا تحزني.
البشارتان:إنا رادوه إليك، وجاعلوه من المرسلين.
قال تعالى: ((وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ! فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ)).
من الذي أنجاه من بطن الحوت ،ومن ظلمة البحر، ومن الغم ؟
إنه المهيمن
وفي غزوة الأحزاب، لما ضرب الكفار على المسلمين ذلك الحصار العسكري في قوله تعالى: ((إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ! هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً )). فانظر شدة هذا الحصار العسكري ،وقوة أثره في المسلمين ،مع أن جميع أهل الأرض في ذلك الوقت مقاطعوهم سياسةً واقتصاداً.فإذا عرفت ذلك فاعلم أن الله مهيمن مستولٍ عليهم ولن يضروك إلا بما كتب الله لك، فالإيمان الكامل، والتسليم العظيم لله جل وعلا، ثقةً به وتوكلاً عليه .هو سبب حل هذه المشكلة.
3- ومن الآثار المسلكية لاسم الرب المهيمن، الإيمان بأن كتاب الله مهيمناً بنص القرآن. قال تعالى: ((وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ))
ومعنى قوله ((وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ))أي:
1. مهيمناً أي أميناً على الكتب قبله، وإنما كان القرآن مهيمناً لأنه الكتاب الذي لا يصير منسوخاً البتة، ولا يتطرق إليه التبديل والتحريف قال تعالى: ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)).
2. مهيمناً عليه، بأنه مشهود عليه من عند الله بأنه يصونه عن التحريف والتبديل.
3. الحرص على الابتعاد عن الذنوب والمعاصي، سواءً ذنوب القلوب أو ذنوب الجوارح.
4. الثقة بالرب جل وعلا، وتفويض الأمر إليه، وعدم الخوف من الخلق.
5. عدم القلق والطمأنينة، لأن الإنسان يؤمن بأن كامل القدرة والاستيلاء والعالم هو الله، فكل ما زاد علمك بالله ستزداد سكينتك، ويقينك ، وطمأنينتك، وهذا أمران مطردان زيادة العلم تورث السكينة والطمأنينة واليقين. د/ نوال العيد[/frame]
[frame="5 80"]المؤمن
P
شرح أسماء الله الحسنى
المؤمن
جل جلاله وتقدست أسماؤه
المعنى اللغوي:
وله معنيان في اللغة.
الأول : التصديق .
وأصل الإيمان التصديق. قال الله U:((وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا )). أي وما أنت بمصدق لنا .
الثاني: الأمان الذي هو ضد الخوف، قال تعالى : ((وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ )).
ولا يخرج اشتقاق الأمن والأمان منهما ، ولاشك أن الصدق يقود إلى الطمأنينة، وعدم الصدق يقود إلى الخوف والاضطراب ولذا جاء في الحديث " إن الصدق طمأنينة والكذب ريبة". أي إنسان صادق تجده مطمئن؛ والكاذب تجده قلقاً مرتاباً خائفاً ، فالأول نتيجة الثاني.
ففي اللغة المعاني مرتبطة بعضها ببعض ، فتكون أسباباً ونتائج .
فاسم الله السلام في معناه اللغوي البراءة ثم صارت النتيجة العافية، واسم الله المؤمن هو الأمن من التصديق ونتيجة الصدق الأمان الذي ضده الخوف.
ورد هذا الاسم في القرآن:
ورد في آية واحدة وهي قوله تعالى : (( السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ )).
v ما معنى الاسم في حق الله؟
المؤمن مأخوذ من الأمان الذي هو ضد الخوف ، والأمن والخوف متضادان، والإنسان في أصل خلقته وفطرته ضعيف، يحتاج إلى غيره ليجلب له الأمن والرزق منذ صغره ، وأثناء ما يكبر في رزقه وأثناء ما يكبر لأولاده، دائماًُ يعيش في خوف وقلق، فيأتي اسم الله المؤمن الذي يؤمن عباده . فيؤمن لهم أرزاقهم؛ فلا يخافون .ويؤمن لهم مستقبلهم فلا يقلقون، ويؤمن عند قبض الأرواح ، وفي البرزخ. فهو واهب الأمن لعباده في الدنيا بشتى أنواعه، من جلب نِعم ؛ ودفع نقم، وفي الموقف العظيم ، تدل أن المؤمن مأخوذ من الأمان الذي هو ضد الخوف. وجاء في سورة الشعراء، دلالة أن واهب الأمن هو الله رب العالمين المؤمن.
قال إبراهيم u مخاطباً لقومه : ((الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ )) أي آمنه بالهداية ((وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ )) .آمنه بالرزق .((وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ )). آمنه بالصحة.(وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ! وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ).
هذا هو الله رب العالمين المؤمن، واهب الأمن لعباده ، فهو خالق الإنسان وهو المهيمن على كل شيء ، ونواصي العباد بيده.
v ماهو اشر المواقف التي يحتاج لها العبد إلى الأمن ؟
هو موقف يوم البعث والنشور " يوم القيامة " . قال الله تعالى : ((يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ )).
يوم القيامة عظيم ولا يموت الإنسان مهما أصابه .(( وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ )). في ذاك اليوم الذي يحشر فيه الإنس والجان والحيوانات والحشرات ، وأُناس يعذبون ، ويُجاء بجهنم ، فيطير قلب العبد من هول الموقف في الحناجر من شدة خوفه وهلعه ، يقول الله تعالى : ((وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ )) أي ساكتين لا يتكلمون ، ولطول ذاك الموقف ؛يظن الناس أنهم لم يلبثوا في الدنيا إلا ساعة من نهار. ((وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ )). ولذلك قال تعالى عن اليوم الآخر ((وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )) وفي ذاك الموقف يُرى الناس وجوههم معبسة قال تعالى : ((إنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً)).
عبوساً : أي وجوه العباد عابسة.
وقمطريراً: جاء فيها معنيان :
1- معناه تعبس الوجه 2- قيل شديد طويل الشدة
قال الله تعالى : ((يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ! وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ !وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ! لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ )). ذاك اليوم هو يوم جزّ المظالم وتصفية الحسابات.
v لماذا قدم الله الأخ على الأم والأب على الزوجة وقدم الزوجة على الأبناء؟
لأن ذلك اليوم هو يوم تصفية الحسابات ، ولاشك أن الإنسان لأخيه أكثر من ظلمه لأمه وأبيه.وظلمه لأمه وأبيه أكثر من ظلمه لصاحبته وبنيه. ولذلك رتب الله اقتصاص القصاص.
قال الله تعالى : ((وَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً )). يؤمن الله عباده المؤمنين الصالحين في هذا الموقف العظيم ، ويُعطي المؤمنون من الأمن بمقدار إيمانهم وتوحيدهم ، فيعطيهم النضرة في الوجوه والسرور في القلب ، لأنهم خافوه في الدنيا فأمنهم يوم القيامة .
ومن الذين يُأمنون في الموقف:
1- عن أبي اليسر قال سمعت النبي r يقول : " من انظر معسراً أو وضع عنه ؛أظله الله في ظله".
فانظار المعسر من أسباب عفو الرب يوم القيامة ." أو وضع عنه " أي عفا عنه وسامحه بما عنده من مال ، والنتيجة الأمان في يوم القيامة .
2- عن ابن عمرو عن النبي r قال : "إن المقسطين عند الله يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين ، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا".
3- وعن أبي هريرة t عن النبي r قال : " المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء".
يغبطهم النبيون والشهداء بشرط أن يكونوا ممن تحابوا في الله.
4- يحاط بالعبد في ذلك الموقف؛ فتأتيه بشارة رسول الله r قال :"من نفّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ".
التنفيس أمره واسع ومنه:
1- إنسان في أزمة مادية. 2- زيارة مريض. 3- إنسـان مبـتلى.
4- تصبير مصاب.هم والملائكة 5- إصلاح ذات البين.
تخيل – وفقك الله –وأنت في الموقف والذنوب تحيط بك تأتيك تنفيسك لكرب المؤمنين ليفرج عنك كربك.
5- وعن جابر بن عبد الله -t- قال " من نصر أخاه المسلم بالغيب نصره الله في الدنيا والآخرة".
فمن أسباب الأمن يوم القيامة ذبك عن عرض أخيك في غيبته بما تعلم فيه من الخير.
6- وأهل الوضوء المحافظين عليه. هم من أهل الأمان. يأتون وعليهم سيما الغرة والتحجيل ، بياض في الوجوه وفي القوائم. يعرفهم بها أهل الموقف.
7- ومن تأمين الله المؤمنين؛ عند قيام الناس لرب العالمين. في ذلك الموقف العظيم الذي يجعل الولدان شيباً .في ذلك العذاب الشديد يقول الله تعالى عن عباده الصالحين ((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ )).
وتنْزل الملائكة يكون :
1- وقت الاحتضار . 2- في الموقف .
3- تدخل عليهم في الجنة من كل باب.
فهم والملائكة أولياء في كل مراحل حياتهم .
ويقول تعالى أيضاً مخبراً عن حال أولئك الصالحين : ((لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)).
فعند إيمانك باسم الله المؤمن يتراءى أمام ناظريك ذلك اليوم العظيم والملائكة تتلقاه لتطمينة : ((هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)). لأنهم في الدنيا كانوا يقولون : ((إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً)). فالإيمان باسم الله المؤمن ؛يثمر في قلبك استشعار تأمين الله لك في الحياة الدنيا، وإنزاله السكينة لك وتطمينك ، ويثبتك ويثمر تأمين الله لك وقت الاحتضار ،ويثمر أمان الله لك عند الموقف ، وسيثمر لك استشعار مايعطيه الله لك من الأمن الذي لا ينفذ ولا يبيد.
قال الله تعالى : ((الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ )). وقال جل وعلا: ((مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ )). وقال تعالى : ((أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ )).
فبقدر تحقيق العبد واستشعاره لاسم الله المؤمن يحصل له الأمن يوم القيامة.
المعنى الثاني: المصدق
وتصديق الله على وجوه:
الأول: أنه يصدق نفسه بتوحيده وصفاته،كما قال عز وجل : ((شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )).
فقد شهد سبحانه لنفسه بالوحدانية؛ وهذه أعظم الشهادة : ((قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ ))
الثاني: تصديق الله رسوله وأنبياءه بالمعجزات والآيات التي يظهرها على أيديهم، فالقرآن تصديق من الله لرسوله محمد r .وأنه حق وأنه حِفظه : ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )).
والثعبان، واليد البيضاء تصديق من الله لنبيه موسى u .
ألم يصدق يوسف u لما خاف وخشاه ؟! عندما أغلقت امرأة العزيز الأبواب ، في قوله سبحانه (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ ).يدل على المحافظة ، وكانت في كامل زينتها (وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ) فقال : ((قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)) ولقد صدقه الله ،((قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ))فقد صدق يوسف ببراءته .
لماذا كان الشاهد من أهلها ؟
ليقيم الحجة والبرهان عليها ، وكان طفلا صغيرا في المهد.
معنى ( الهم ). الهم في هذه الآية ؛لا يُقصد به الفاحشة ،حاشاه وهو نبي.فقيل فيه:
1- أنه الخاطر القلبي وهو دون العزم والميل إليه .
مثال ذلك:
الصائم إذا رأى طعاما أو شراباً واشتهاه ولم يأكله ؛بل تركه لله. هل يؤاخذه الله على هذا الهم ؟
لا يؤاخذه ؛ بل ثياب عليه ، لأنه تركه لله .
2- أنه لم يقع؛ لأن تركيب الآية يدل على عدم وقوعه وإلى هذا حال الشنقيطي. فقال في قوله تعالى: (( َلقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ)).
أن لولا حرف امتناع لوجود. قال لما رأى برهان الله لم يهم بالمرأة، وقدم حرف الشرط عليه .
ويقولون الهم في الآية منفي لوجود حرف الشرط (لولا) ، (البرهان) العلم والحكمة.
وأخبر سبحانه وتعالى بأنه سيُري الكفار علامات وحدانيته ودلائل إلهيته قال تعالى: ((سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )).
ولقد أرى الله الكفار الملائكة في معركة أحد.
أيضاً من معاني " المؤمن" المصدق: الله يسأل المؤمنين يوم القيامة ويصدقهم بإيمانهم ويكذب المجرمين والكفرة، ويشهد عليهم أعضائهم.
ألا يسأل الله المؤمنين في الجنة "ألم ترضوا، فيقولون: ومالنا لا نرضى ياربنا ألم تثقل موازيننا وتبيض وجوهنا وتدخلنا الجنة". وإذا دخلوا قالوا:" الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ منها حيث نشاء" وتجيبهم الملائكة"فنعم أجر العاملين".
إذن معنى المؤمن : المصدق.
وفي تصديق الله ثلاثة أمور:
1. أنه صدق نفسه سبحانه وتعالى.
2. صدّق رسله وأنبياؤه وأولياؤه.
3. أنه يسأل عباده المؤمنين ويصدقهم بإيمانهم ويسأل الكفار ويكذبهم فيشهد عليهم أعضائهم وأنه يصدق وعده في الآخرة.
يقول الشيخ السعدي رحمه الله في " المؤمن":
الرب أثنى على نفسه بصفات الكمال والجمال، الذي أرسل رسله، وأنزل كتبه بالبراهين، وصدق رسله بكل آية وبرهان ليدلل على صدقهم وصحة ما جاءوا به.
أثر الإيمان باسم الله " المؤمن":
1. صدّق أنبياؤه بالآيات الباهرة.
2. يصدّق عباده ما وعدهم به، من النصر والتمكين في الأرض والثواب في الآخرة، قال تعالى:" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )).
فأهم شيء عند المؤمن: الدين " وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ "
وقال تعالى:" وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ "
وقال:" هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ "
وقال:" َلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً "
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله r : بشّر هذه الأمة ؛بالتيسير والسناء ؛والرفعة بالدين؛ والتمكين في البلاد والنصر. فمن عمل فهمّ بعمل الآخرة للدنيا فليس له في الآخرة من نصيب.
الأمن: يكون بالإيمان ويحصل بالإيمان وعمل الصالحات . ولذلك عند اهتزاز أمن الدول، لا بد أول قضية تفعلها .تركز على تعميق الإيمان وعمل الصالحات. تذهب جميع الأحزان من الأرض، والتصديق بما وعد الله به عباده المؤمنين، فالإيمان واقع نعيشه وليس كلاماً يردد، فالإيمان (تصديق القلب وقول اللسان وعمل الجوارح" فكلما حرص المؤمنين على تحقيق الإيمان ؛ سيرى الثمرات.
فما دام الله قد سمّاك باسم له " المؤمن" فصدقه فإنه سيصدقك سبحانه ، " أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ".
ومعنى " المؤمن": الذي يُصدق ربه؛ ويأتي بالإيمان كما أراده الله.
وكلما ازداد إيمانك. ازداد علمك لأن الله أخبر بقوله:" فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ".
وكلما ازداد إيمانك : ازداد عملك قال تعالى:" فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ " والله يربط دائما بين الإيمان وعمل الصالحات.
الهداية والبشارة للمؤمنين المصدقين المتبعين قال تعالى :" قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ "
ولاية الله للمؤمنين .وأعظم فضل أن يكون الله لك ولياً. قال تعالى:" اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ "
يخرجهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم.
فالقوة المعنوية والنصرة الحسية لا تكون إلا للمؤمنين، قال تعالى: " وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ".
قال تعالى:" وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ".
3- محبة الخلق لك قال تعالى:" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً ".
محبة يطرحها الله في قلوب الخلق لك لا تزول. وأمنّك الله بأن جعل قلوب العباد تحبك بمحبة الله.3- الأمن النفسي يزداد بازدياد الأمن قال تعالى:" الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ".
4- النجاة من عذاب الدنيا و الآخرة للمؤمنين. لما صدّقوا الله في الدنيا؛ صدقهم الله وعده في الدنيا والآخرة قال تعالى:" وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ "، " وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ".
يونس عليه الصلاة والسلام:" فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ! فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ"
لماذا قال الله من الغم ولم يقل من بطن الحوت؟
نجاه الله من أثر دخوله في بطن الحوت، نجاة من المصيبة وأثر المصيبة ونتائجها.
قال تعالى:" وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ "
قدم صدق: قيل يثبتهم الله على طاعة في الدنيا ويدخلون الجنة في الآخرة.
فيأمن عذابه من لا يستحقه، ويهب الأمن لعباده المؤمنين يوم القيامة قال تعالى:" الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ".
أخرج أبو نعيم بإسناد حسن من حديث شداد بن أوس قال الله عز وجل:"و عزتي و جلالي لا أجمع لعبد أمنين، ولاخوفين إن هو أمنني في الدنيا أخفته يوم أجمع عبادي، وإن هو خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع عبادي"
قال شيخ الإسلام:( الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله).
فالمؤمن هو الذي يأمن المؤمنون شره وغوائله، فلا يعين على خصومة ولا باطل .وفي حديث أخرجه أبو داود من حديث ابن عمر مرفوعاً:" من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فهو مضاد لله في أمره، ومن خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال"
وفي الحديث الصحيح:" من أعان على خصومة بغير حق كان في سخط الله حتى ينزع" وفي حديث:" لا يدخل الجنة نمام" فأمّن الناس من لسانك فلا تنم.
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال : من قال في مؤمن ما ليس فيه. أسكنه الله ردغة الخبال.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: خمس ليس لهن كفارة: الشرك بالله ، وقتل النفس بغير حق، وبهت المؤمن، والفرار من الزحف، ويمين صابرة يقتطع بها مالاً بغير حق.
عن أسماء بنت يزيد قالت مرفوعاً: من ذب عن عرض أخيه بالغيبة .كان حقاً على الله أن يعتقه من النار. د/ نوال العيد[/frame]
« يا وهاب | حب راقي جدا جدا جدا » |
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع |