|
[frame="7 80"]القدوس
P
شرح أسماء الله الحسنى
القــدوس
جل جلاله وتقدست أسماؤه
المعنى اللغوي:
وله معنيان في اللغة :
الأول: أن "القدوس" فعول من القُدس، وهو الطهارة، والقَدَس بالتحريك القاف والدال، بلغة أهل الحجاز .لأنه يُتقدس منه، أي: يتطهر منه، وجاء في التنزيل : ((وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ))
الثاني: البركة، والأرض المقدسة أي المباركة. ويقويه أن الله تعالى قد بين أن الأرض المقدسة مباركة وذلك في قوله: ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ )).
وروح القدس؛ هو جبريل عليه الصلاة والسلام .ومعناه روح الطهارة أي: خلق من الطهارة.
وقيل معنى روح القدس:
1. خلق من طهارة محصنة ؛فهو ملك نوراني.
2. سمي بذلك،لأنه ينزل من الله بالقدس أي: بما يطهر نفوس عباده من القرآن والحكمة.
ورود الاسم في القرآن:
ورد هذا الاسم في القرآن مرتين
1. في سورة الحشر وهو قوله تعالى:((هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ ))
2. مرة أخرى في مطلع سورة الجمعة وهو قوله تعالى: ((يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ )).
v ما معنى الاسم في حق الله تعالى.
1. قيل القدوس: أي المباركوالبركة الحقيقية؛ لا تُسأل إلا من الله عز وجل، فالله مبارك في أقوله وأعماله وأفعال، ولذلك البركة الطلقة؛ لا تطلب إلا من الله سبحانه وتعالى.
2. وقيل القدوس: هو الطاهر من العيوب؛ المنزه عن الأولاد والأنداد. وهذه الصفة يستحقها بذاته.
3. وقيل القدوس: هو المنزه عن كل وصف يدركه حس، أو يتصوره خيال، أو يسبق إليه وهم، أو يختلج به ضمير، أو يقضي به تفكير.
وقال العلماء: " أو يتصوره خيال: وكل ما ورد في بالك فالله خلاف ذلك".
4. وقال ابن كثير في معنى القدوس: أي المنزه عن النقائص ؛الموصوف بصفات الكمال .وهذا أجمل تعريف لاسم القدوس.
آثر الإيمان بهذا الاسم:
1- تنزيه الله سبحانه وتعالى عن النقائص؛ في صفاته وفي أقواله وفي أفعاله؛ ونهيه وأمره. وأنه موصوف بكل كمال، وصفات الكمال ؛هي ما وصف به نفسه سبحانه في كتابه أو ما وصفه بها رسوله r
وليس معنى التنزيه؛ هو تعطيل صفات الله ونفي معنى أسمائه الحسنى. وإنما هو تنزيهه عن مشابهة الخلق، كما قال تعالى: (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)) .وكل تنزيه ونفي في الكتاب، فإنما هي لثبوت كمال ضده. فمثلا الله نفى عن نفسه الظلم بقوله: ((وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ )). وذلك لثبوت العدل له سبحانه وأما النفي المحض فلا كمال فيه وهو مذموم.
وقال الحليمي:(القدوس) ومعناها؛ الممدوح بالفضائل والمحاسن. والتقديس مضمن في صريح التسبيح، والتسبيح مضمن في صريح التقديس، لأن نفي المذام إثبات للمدائح.
وقد جمع الله تبارك وتعالى بينهما في سورة " الإخلاص" فقال عز وجل: ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ! اللَّهُ الصَّمَدُ ! لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ! وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ )). فهذا تقديس.
وقال: ((لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ )) فهذا تسبيح. والأمران راجعان إلى إفراده وتوحيده ؛ونفي التشريك والتشبيه عنه.
v لماذا عدلت سورة الإخلاص ثلث القرآن؟
لأن القرآن نزل بثلاثة أمور:
1- بأسماء الله وصفاته 2- بالوعد والوعيد. 3- بالأمر والنهي.
وقد جاءت سورة الإخلاص جامعة لأسماء الله وصفاته فعدلت ثلث القرآن.
2- وأيضا من اثر الإيمان بهذا الاسم .أن كما أنه منزه عن النقائص في صفاته وأسمائه
الحسنى، فهو أيضاً منزه عن النقص في أقواله وأفعاله.
فقوله الصدق؛ وخبره الحق. قال تعالى: ((وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً )).
وفعله منزه عن الخطأ والنسيان .قال سبحانه: ((وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)) . وقال تعالى: ((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)) فإذا جاءت الآية فيها "تعالى" فاعلم أن هذه تقديس لله سبحانه وتعالى فأرع لها سمعك . أي تعالى وتقدس وتنزه عن أن يخلق شيئاً عبثاً أو سفهاً.
قال تعالى: ((أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى)).
v ما الرابط؟
قال مادام أن الله قد غير الأحوال إلى أكمل منها. كان نطفة ثم نقله إلى مرحلة أكمل علقة ،ثم جعله إنساناً. لا شك أنه سينقلك من مرحلة الدنيا إلى مرحلة أكمل. ولذلك ربط الله بين تحول أطوار الخلقة بتحول أطوار العيش بين الدنيا والآخرة.
"سدى" أي مهلاً لا يؤمر و لا ينهى.
3- الكون كله معبد .كل من فيه يقدس الله.
وتسبيح الله تبارك وتعالى من أعظم ما يعبد الله به، وهو عبادة أهل السماء من الملائكة قال تعالى: ((وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ )). والكون كله معبد تتجاوب جنباته بالتسبيح لخالقه، فما من في الكون إلا وهو يسبح خالقه .قال تعالى: ((سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )). وقال سبحانه: ((تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً)). ربط اسم الحليم الغفور بالتسبيح فالتسبيح تكسب حلم الله ومغفرته، ومن الذين أخبرنا الله أنهم يسبحونه الطيور قال تعالى: ((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ)). وأعلمنا سبحانه أنه سخر الطير والجبال يسبحن بحمد الله مع نبيه داود: ((وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ)). وقال سبحانه: ((إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ)) . كل الكون متعبد إلى الله ، بالتسبيح الذي نتيجته التقديس ، فالتسبيح متضمن التقديس ، والتقديس متضمن للتسبيح .وهم ينظرون إلى هذا الكون نظر معتبر متفكر. فيبصرون ما فيه من آيات تدل على ربوبيته ووحدانيته ،وتنطلق ألسنتهم بالتسبيح لله الواحد الأحد الفرد الصمد .قال تعالى: ((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ ! الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ))فإذا ما رفعت رأسك للسماء ورأيت الأرض ،تفكر في بداياتها. يوم أن أمرها الله بالإتيان طوعاً أوكرهاً قالتا أتينا طائعين ، تفكر وأنت تعيش بين أرض وسماء ، تفكر يوم القيامة يوم تشقق السموات وتتناثر الكواكب.
وجاء في حديث قال ربيعة بن كعب كنت أخدم رسول الله r نهاراً، فإذا كان الليل أوثبت إلى باب رسول الله r .فبت عند بابه، فلا أزال أسمعه يقول :سبحان الله سبحان الله حتى تغلبه عيناه
قال أهل العلم ويستفاد من الحديث أن العبد إذا أنهى ورده قبل النوم يسن له أن ينتقل إلى التسبيح.
وجاء في حديث شعيب عن رسول الله r قال : "من قال سبحان الله وبحمده حين يصبح وحين يمسي مائة مرة كان كعدل مئة رقبة".
والتسبيح مرتبط بجميع أعمال العبد. فللمجالس كفارة ؛وهي قوله " سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك"
وفي أذكار الصباح والمساء تسبيح . وفي أدبار الصلوات، وفي الحديث " كلمتان خفيتان على اللسان حبيبتان للرحمن ثقيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" وجاء في الحديث عند مسلم " وسبحان الله تملأ مابين السماء والأرض" .بل عند التعجب يسن للمرء أن يسبح؛ أو إذا سمعتي أمراً تعجبين منه يسن التسبيح، لما رأى النبي r الناس يعذبون _ في حديث سمرة بن جندب. قال: سبحان الله ؛ما هذا يا جبريل.
وليلة استيقظ فزعاً .:قال سبحان الله. ماذا أنزل الليلة من الفتن ،وماذا فتح من الخزائن.
وجاء أيضاً في فضل التسبيح والتحميد .أن التسبيح يكون لك ذكر عند الله تعالى. وجاء في الحديث" إن مما تذكرون من إجلال الله التسبيح والتهليل والتحميد" .فإذا قال العبد سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. فإنها تنعطف حول العرش، لها دوي كدوي النحل ،تذكر صاحبها عند الله.
ألا يحب أحدكم أن يكون له من يذكره به عند ربه. وجاء في الحديث " من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة"
ما وصية إبراهيم ليلة الإسراء والمعراج؟
قال عليه الصلاة والسلام "إني لقيت ليلة أسري بي إبراهيم. فقال: بلغ أمتك مني السلام. وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة؛ وأنها قيعان؛ وأن غراسها ؛ سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر".
وجاء في حديث أبي أمامة " من هاله الليل أن يكابده، وبخل بالمال أن ينفقه، وعجز عن العدو أن يقاتله، فليكثر من سبحان الله وبحمده فإنها أحب إلى الله من جبل ذهب ينفق في سبيل الله".
وجاء في مسلم " أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة، قالوا كيف؟ قال يسبح مائة تسبيحة فتلك ألف حسنة".
المحافظة على الذكر الذي ورد فيه لفظ القدوس. كما جاء عن النبي r أنه كان يكثر من ذكر هذا الاسم في ركوعه وسجوده. فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله r كان يقول في ركوعه وسجوده :" سبوح قدوس رب الملائكة والروح".
سبوح : نفي النقائص، قدوس:إثبات المحامد
وجاء أيضا أنه كان إذا أوتر قال" سبحان الملك القدوس ثلاثاً يطيل الأخيرة. قيل (لأنها مدعاة للتأمل)
من تقديس الله إحسان الظن به؛ وعدم إساءة الظن به، فإذا قلت قدوس ،تنزه الله عن أن تظن به ظن السوء.
ما معنى ظن السوء؟
قال أهل العلم: ظن السوء بالله. اعتقاد جانب الشر؛ وترجيحه على جانب الخير. مما يحتمل الأمرين معاً.
أقسام سوء الظن:
1. أولها وأخطرها سوء الظن بالله. وهو أشد حرمة من اليأس والقنوط. لأن سوء الظن يأس ،وزيادة فيها تبخيل الكريم وإساءة الظن به سبحانه.
2. سوء الظن بالناس قال تعالى: ((إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ))
كما ذكر الله في سورة آل عمران قصة غزوة أحد قال تعالى: ((ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ ))
v لماذا أنزل الله النعاس على الصحابة في غزوة أحد؟
1. لأنهم متعبين ومرهقين، و لا يستطيعون النوم. ولذلك أنزل الله النعاس عليهم صدقة منه عليهم.
2. لأن القتل استشرى. فأراد الله أن يطمئنهم عند نومهم .
3. ليروا آية من آيات الله. أنه أنزل النوم عليكم ،ولم يستطع العدو أن ينال منكم. فمن كان نائماً ولم يستطع العدو أن ينال منه لا شك أن الله سينصره.
قال تعالى:" وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ))
v ماهو ظن الجاهلية؟
1. قيل ظنوا بأن الله لن ينصر نبيه r . قال تعالى:"بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبداً"
2. وقيل ظنهم يقولون:" لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا "
فانظر كيف أنزل الله الأمن والنعاس ،على من أحسن الظن به سبحانه. وأنزل الهم على من أساء الظن به .وما صرف همهم من المقدور شيء.
وفي سورة الفتح : انظر كيف يربط الله بين الطمأنينة والأمن والسكينة ،على من أحسن الظن به.
قال تعالى : ((هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً))
السكينة كانت قي قلوب المؤمنين.
ثم قال تعالى : ((فانظر كيف كان وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً))
علامة الإيمان: إحسان الظن .ومن نتائج إحسان الظن ؛نزول السكينة.
ومن علامة النفاق: سوء الظن؛ وهي من علامات المنافقين.
وعلق الله أربعة أمور على من أساء الظن به:
1. عليهم دائرة السوء.
2. الغضب من الله على من أساء الظن به.
3. اللعن من الله لمن أساء الظن به.
4. النار مصير من أساء الظن بالله. د/ نوال العيد[/frame]
جَ ـزاكِ اللهُ خـيرآ أخـتِ فِـى اللهُ
وَ طِـبـتِ وَ طَـآبـت يَـداكِ
وَ لـكِ الأجـرٌ وَ الـثـوابٌ مِـنْ عِـنـدِ اللهُ
دُمـتِ بـخـيـرٌ
وَ الـسَ ـلآمٌ،،
حيااااااااااكي الله سوسو
حيااااااك الله اخوي المبتسم
[frame="1 80"]
P
شرح أسماء الله الحسنى
الوهــــــاب
جل جلاله وتقدست أسماؤه
المعنى اللغوي:
الهبة: تمليك الشيء بلا مثل أي بلا قيمة ولا ثمن.
وهي العطية الخالية من الأعواض والأغراض ، فهي الإعطاء تفضلاً وابتداء من غير استحقاق ولا مكافأة، فإذا كثرت الهبة سُمّي صاحبها وهَّاباً.
وروده في القرآن:
ورد الاسم ثلاث مرات في القرآن العظيم ، قال تعالى في سورة آل عمران: ((رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ)).
ومرتين في سورة"ص" في قوله تعالى : ((أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ )) وفي قوله تعالى : ((قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ)).
معنى الاسم في حق الله :
والله سبحانه وهّاب يهب لعباده واحداً بعد واحد ، ويعطيهم ، ويجود بالعطاء من غير استثابة، ولا يستحق أن يسمى وهّاباً إلا من تصرمت مواهبه في أنواع العطايا، فكثرت نوافله ودامت ، والمخلوقون إنما يملكون أن يهبوا مالاً أو نوالاً في حال دون حال،ولا يملكون أن يهبوا شفاء السقيم ، ولا ولداً لعقيم ، ولا هدى لضال، ولا عافية لذي بلاء، والله سبحانه يملك جميع ذلك ، وسع الخلق جوده ورحمته، فدامت مواهبه، واتصلت مننه وعوائده ،ثم إن البشر إن وهبوا فإنهم إذا غضبوا قطعوا، وقد قال أحد الصالحين لوزير سأله : ماذا يحتاج إليه لقوته كل سنة ليجزيه عليه ، فقال : أنا في جراية من إذا غضب علىّ لم يقطع جرايته عني وأكثر الخلق إنما يهبون من أجل عوض ينالونه ، كأن يهب لأجل أن يُمدح بين الناس أو يهب من أجل الثواب في الآخرة.
وقيل : الوهّاب لمن يشاء من خلقه ، ما يشاء من ملك وسلطان ونبوة.
وهو الذي يجود بالعطاء عن ظهر يد من غير اسثابة أي : من غير طلب للثواب من أحد. الكثير المواهب المصيب بها مواقعها الذي يقسمها على ماتقتضيه حكمته.
قال ابن القيم في "النونية":
وكذلك الوهّــاب من أسمـائه فانظر مَوَاهِبَةُ مَدَى الأزمان
أهلُ السموات العُلى والأرض عن تلك المواهب ليس ينفكان
آثار الإيمان بهذا الاسم:
1- الله هو واهب الحياة من غير أن نطلبها منه .
قال تعالى : ((كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)).
2- الطعام والشراب والتلذذ به .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في تحقيق الشكر:"هو ظهور أثر نعمة الله على لسان عبده، ثناءً واعترافاً، وعلى قلبه ؛شهوداً ومحبة، وعلى جوراحه : انقياد وطاعة و(الشكر )مبني على خمس قواعد : خضوع الشاكر للمشكور، وحبه له ،واعترافه بنعمته،وثناؤه عليه بها ، وأن لا يستعملها فيما يكره.
فهذه الخمس هي أساس الشكر. وبناؤه عليها . فمتى عُدم منها واحدة ؛ اختل من قواعد الشكر قاعدة.
3- الأزواج والذرية.
قال تعالى : ((يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ! أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ )).
فهبته لك الذرية إنما حصل بمحض الفضل والكرم والمنة منه لك تعالى ، وهذه الآية فيها إخبار عن سعة ملكه تعالى ونفوذ تصرفه في الملك ، في الخلق لما يشاء والتدبير لجميع الأُمور.
وقوله : ((وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً))أي لايولد له أصلاً، يقال رجل عقيم ، وامرأة عقيم ، وريح عقيم لا تلقح سحاباً ولا شجراً ويجعل من يشاء عقيماً لحكمته فهو يعلم لو أنه رزقك الولد لأفسدك قال تعالى : ((وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً)).
فظهر بهذه القصة أن الحكيم المحقق هو الذي يبني أمره على الحقائق لا على الظاهر ، فإذا رأيت مايكرهه طبعك وينفر منه عقلك فأعلم أن تحته أسراراً خفية وحكماً بالغة.
وقسم سبحانه حال الزوجين إلى أربعة أقسام اشتمل عليها الوجود لأنه سبحانه إما يفرد العبد بهبة الإناث ، أو بهبة الذكور، أو يجمعهما له ، أو لا يهب شيئاً، وقد جاءت الأقسام في هذه الآية لينتقل منها إلى أعلى منها وهي هبة الذكور فيه ، ثم انتقل إلى أعلى منها ، وهي وهبتهما جميعاً وجاءت كل أقسام العطية بلفظ الهبة ، وافرد معنى الحرمان بالتأخير ،وقال فيه ((يجعل ))فعدل عن لفظ الهبة للتغاير بين المعاني كقوله : (( أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ !أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ! لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ)) فذكر امتداده وإنمائه بلفظ الزرع ومعنى الحرمان بلفظ الجعل . وقد امتّن الله على رسله وأنبيائه بما وهبهم إياه من الذرية الصالحة فمنهم :-
1- خليله إبراهيم u فقد امتنّ عليه بهبته إياه إسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب وجعل في ذريته الكتاب والنبوة قال تعالى: ((وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ))وقال تعالى : ((فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً)).
2- ومن الذين امتنّ عليهم من أنبيائه داود u ، فقد وهب له سليمانu قال تعالى : ((وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ )).
3- ووهب لنبيه زكريا u يحي. قال تعالى : ((وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى)).
4- وابتلى الله أيوب u في جسده ، فذهب ماله ، وفقد ولده ، ثم رفع عنه البلاء، ووهبه مثلي ماأخذ منه من الأهل والولد قال تعالى : ((وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ)).
5- وطلب نبي الله موسى u من ربه عندما أرسله ، أن يرسل معه أخاه هارون ، فاستجاب الله دعاءه ، وامتن عليه بذلك فقال : ((وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً)).
6- وقد شرع الله أن نطلب منه مثل ماطلبه منه أنبياؤه ورسله من الذرية الصالحة، كما قال سبحانه في صفة عباد الرحمن : ((وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)).
وأعظم مواهب الله – سبحانه- لعباده هو ماأعطاهم إياه من النبوة والكتاب والحكمة، والآيات البينات ، فمن ذلك ماأتاه الله آل إبراهيم u : ((فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً)).
وقد شرع الله لعباده أن يطلبوا منه مواهبه ، وأعظم مواهبه الهداية إلى الحق الذي أنزله على عبده ورسوله محمد r ، كما علمنا أن نقول في كل ركعة من ركعات الصلاة ((اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ)).
عن أبي بكر t عن النبي r : " لم تؤتوا بعد كلمة الإخلاص مثل العافية فأسألوا الله العافية " . حديث رقم : 4756 في ضعيف الجامع .
وغير الهداية العامة الهداية الخاصة ، بأن يوفقك الله لهداية خاصة تعصمك من الحرام ، وتجعلك ممن يسارع في الخيرات من {الفرائض والنوافل }.
وتأمل قوله تعالى في سورة النور.قال الله تعالى : ((اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)).
معنى ((نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)): أي جاعل النور في قلوب أهل السموات والأرض ولهذا قال ابن عباس معناه هادي أهل السموات والأرض ، وهو نور حسي ، أما النور المعنوي فهو نور الهداية ، فما اهتدت السموات والأرض إلا بهداية الله لها .
وقوله : ((مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ))نوره أي :نور الذي يقذفه في قلب كل مؤمن.
وقوله ((كَمِشْكَاةٍ))المشكاة هي الكوة غير النافذة ، فهي كوة في الجدار لا منفذ لها،والمشكاة في المؤمن هي الجوف في المؤمن وهو القول الأول .
وقيل المشكاة هي الفتيل في المصباح الذي يشعل فيها النار وهو القول الثاني ،وقال ابن عباس t: المشكاة بلسان الحبشة الكوة.
عن أبو الدرداء t قال ، قال رسول r : "قلوب العباد آنية الله في الأرض فأحبها إلى الله أرقها وألينها ".
وقوله ((فِيهَا مِصْبَاحٌ))وشبه الله قلب المؤمن بالمصباح ، لأن المصباح هداية واضاءة ، وقلب المؤمن مضيء مهتدي.
والمعنى صفة نور الله في وضوحه في قلب العبد المؤمن ، كصفة مشكاة وهي صدر المؤمن فيها مصباح وهو القرآن والإيمان وهو على أعظم مايتصوره البشر من الإضاءة والإنارة، وإنما شبه بالمشكاة وإن كان نور الله أعظم لأن ذلك غاية مايدركه الناس من الأنوار ، وقيل المشكاة العمود الذي يكون المصباح على رأسه ، والأول أصح وأشهر.
وقوله ((الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ)) قيل المصباح وهو الفتيل بناره ، والمعنى أنه في قنديل من زجاج لأن الضوء فيه أزهر، لأنه جسم شفاف .
وشبه الله قلب المؤمن بالزجاجة لأمور:
لنقاءه، فقلب المؤمن نقي، لصفاءه ، فقلب المؤمن سليم ، ولقوته في الحق ، صافي، فالمؤمن أول مايصله الخير يبدأ يظهر على جوارحه .د/نوال العيد[/frame]
[frame="2 80"]الوهاب2
P
تابع شرح أسماء الله الحسنى
الوهــــــاب
جل جلاله وتقدست أسماؤه
قوله ((كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ)) قيل دري لشدة إضائته،وقيل : أي أبيض متلألئ وقيل شبه الزجاجة في إنارتها بكوكب دري وذلك يحتمل معنيين :
1- إما أن يريد أنها تضيء بالمصباح الذي فيها .
2- وإما أن يريد أنها في نفسها شديدة الضوء لصفاتها ورقة جوهرها .
وفي الكواكب أمران :
1- هداية ، قال تعالى : ((وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ))والمؤمن أينما حل نفع وترك أثر صالح.
2- من وظائف النجوم أنها رجوم للشياطين، قال بعض السلف: النجوم رجوم الشياطين في السماء، وقلوب المؤمنين رجوم الشياطين في الأرض.
والمصباح يحتاج إلى مادة إيقاد.
قوله : ((يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ)) قدم البركة على الزيتونة.
v لماذا اختار الله شجرة الزيتونة؟
قيل : لأن الأشجار قد يُنال زيتها ولو لم تعصر ، إلا الزيتون لا يُنال زيته إلا بعد العصر ، وكذلك الإسلام والقرآن لا يُنال بركته إلا بعد تدبره.
قوله : ((لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ))قيل : تلك زيتونة بأرض فلاة إذا أشرقت الشمس أشرقت عليها ، وإذا غربت الشمس غربت عليها فذلك أصفى مايكون من الزيت .
فهي في أرض متوسطة تصيبها الشمس وقت الشروق ووقت الغروب ، وهذا حال المؤمن مع الإسلام والقرآن دائماً متصل بدينه في جميع أحواله قال تعالى : ((قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ))أي ذبحي وذلك لشرف هاتين العبادتين وفضلهما ودلالتهما على محبة الله تعالى وإخلاص الدين له، والتقرب إليه بالقلب واللسان والجوارح وبالذبح الذي هو بذل ماتحبه النفس من المال ، لما هو أحب إليها وهو الله تعالى ، ومن أخلص في صلاته ونسكه ، استلزم ذلك إخلاصه لله في سائر أعماله وأقواله.
قوله ((وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي))أي ماآتيه في حياتي من طاعة، ومماتي لله أي رجوعي إلى جزائه. ومقصود الآية: أنه أخبرهم أن أفعالي وأحوالي لله وحده لا لغيره كما تشركون انتم به.
وقيل:) لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ (
هو أجود لزيتها إذا طلعت الشمس أصابتها من صوب المشرق فإذا أخذت في الغروب أصابتها الشمس، فالشمس تصيبها في الغداة والعشي فتلك لا تعد لا شرقية ولا غربية، وقيل ليست بشرقية يجوزها المشرق و لا غربية يجوزها المغرب دون المشرق ولكنها على رأس جبل أو في صحراء تصيبها الشمس النهار كله.
فالمؤمن كالرجل الحي يمشي بين قبور الأموات.وقوله((يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ)) بغير نار ، وقيل : مبالغة في صفة صفائه وحسنه وجودته ، وقيل : أي هو في الصفاء والإنارة بحيث يكاد يضيء بنفسه من غير مساس نار أصلا. وقيل : يكاد يضيء بنفسه من غير نار لتلألئه وفرط وبيصه.
قوله :)ٌٍ نُّورٌ عَلَى نُورٍ( قيل :نور النار ونور الزيت ,حينما اجتمعا أضاءا، وكذلك نور القرآن ونور الإيمان، وقيل نور الفطرة ونور الهداية للدين، وقيل: نور العلم ونور العمل ، وقيل: اجتماع نور المصباح، وحسن الزجاجة، وطيب الزيت.
فالفطرة السليمة التي لو ترك العبد عليها لوحد الله، على تعاليم الدين الإسلامي وتدبر القرآن، فهي التي تشعل ذلك القلب بالتقوى والإيمان.
وقوله:) فِي بُيُوتٍ (يعني المساجد، وقيل بيوت أهل الإيمان من مساجد أو مساكن، والقول الأول أرجح لأن المؤمن يجدد فيها إيمانه ويعيد النظر في حياته، ويتخذ طريق يختلف عن طرق أهل الضلال والغي.
عن ابن عمرو قال: قال r:" إن الله تعالى خلق خلقه في ظلمه، فألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور يومئذٍ اهتدى ومن أخطأه ضل"
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله r:" القلوب أربعة قلب أجرد فيه مثل السراج يزهر، وقلب أغلف مربوط على غلافه، وقلب منكوس، وقلب مصفح، وأما القلب الأجرد فقلب المؤمن سراجه فيه نوره، وأما القلب الأغلف فقلب الكافر، وأما القلب المنكوس فقلب المنافق عرف ثم أنكر، وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق، ومثل الإيمان كمثل البقلة يمدها الماء الطيب، ومثل النفاق كمثل القرحة يمدها القيح والدم، فأي المادتين غلبت على الأخرى غلبت عليه.
4- شكر نعمة الله علينا:
نعرف نعمة الرب، ونقبلها، ونتحدث بها.
أما معرفتها. فهو إحضارها في الذهن ، ومشاهدتها وتمييزها، فمعرفتها تحصيلها ذهناً كما حصلت خارجاً، إذ كثير من الناس تحسن إليه وهو لا يدري فلا يصح من هذا الشكر.
وقبولها هو تلقيها من المنعم بإظهار الفقر والفاقة إليها.، وان وصولها إليه بغير استحقاق منه ، و لا بذل ثمن، بل يرى نفسه فيها كالطفيلي.
فإن هذا شاهد بقبولها حقيقة.
أما الثناء على المنعم، المتعلق بالنعمة فنوعان: عام، وخاص . فالعام: وصفه بالجود والكرم، والبر والإحسان وسعة العطاء، ونحو ذلك.
والخاص: التحدث بنعمه، والإخبار بوصولها إليه من جهته.
و " الشكر" سبيل رسل الله وأنبيائه - r أجمعين – أخصّ خلقه وأقربهم إليه.
وليس من مقام أرفع من " الشكر" الذي يندرج فيه جميع مقامات الإيمان.
5- من عظم نعم الله على العباد العافية:-
عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: قام رسول r على المنبر فقال: سلوا الله العفو والعافية فإن أحداً لم يعطى بعد اليقين خيراً من العافية" رواه الترمذي والنسائي .
قوله " العفو والعافية" وليس المقصود بالعافية عافية الأبدان فقط، بل عافية الأبدان وعافية الدين من النقص.
وفي رواية"سلوا الله العفو والعافية واليقين في الأولى والآخرة".
وأخرج أحمد والترمذي عن أنس قال جاء رجل إلى رسول الله rفقال: يا رسول الله أي الدعاء أفضل ، قال: تسال ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة فإنك إذا أعطيتهما في الدنيا ثم أعطيتهما في الآخرة فقد أفلحت".
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله r :" من أصبح معافى في بدنه، آمناً في سربه عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها" صحيح ابن حبان.
مواقف الناس مع النعمة:-
عن جابر رضي الله عنه عن النبي r قال:" من أُعطى عطاء فوجد فليجز به، فإن لم يجد، فليثن، فإن من أثنى فقد شكر، ومن كتم فقد كفر، ومن تحلى بما م يعط كان كلابس ثوبي زور".
قال تعالى:) وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوساً # قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً (
إن نوع الإنسان من شأنه أنه إذا فاز بمقصوده ووصل إلى مطلوبة اغتر وصار غافلاً عن عبودية الله تعالى، متمرداً عن طاعة الله كما قال تعالى:) إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى # أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى (
وقال تعالى:) لَا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاء الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ(
قوله (( لَا يَسْأَمُ )) لا يمل و لا يفتر، من طلب السعة في العمر، وأسباب المعيشة.
" فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ" من فضل الله تعالى ورحمته، وهذه صفة الكافر، وقدم اليأس صفة للقلب، وهو أن يقطع رجاءه من الخير.
وقال تعالى :) وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ ( ، يشترك الإنسان وقت النعمة والعافية والفوز بالمقصود ووصل إلى مطلوبه، اغتر وصار غافلاً عن عبودية الله تعالى متمرداً عن طاعة الله كما قال تعالى:) إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى # أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى (
قوله : )وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ (
ولعل هذا شأن بعض غير البعض الذي حكى عنه اليأس والقنوط أو شأن الكل في بعض الأوقات.
وقيل )فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ ( أي كثير وهما في معنى واحد وذلك لأنه إذا أصابته شدة قلق لها، وجزع منها، وأكثر الدعاء عند ذلك، فدعا الله في كشفها ورفعها، عنه في حال اضطجاعه، وقعوده، وقيامه، وفي جميع أحواله فإذا فرج الله شدته وكشف كربته، أعرض وناء بجانبه وذهب كأنه ما كان به من ذلك شيء وذم لله تعالى من هذه صفته وطريقته فقال :) كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ( والناس يشتركون في الإعراض في وقت الرخاء والسعة، وأما في وقت الشدة فينقسمون إلى قسمين: الأول: يؤوس قنوط، والثاني: ذو دعاء عريض.
وهذا حال كثير من الناس في زماننا هذا، فوقت اليسر يكون السهر على المعازف والسفر المحرم، واللبس المخالف، والتبرج ، والحفلات التي لا ترضي الله، وفي وقت الشدة يكون عكس ذلك الرجوع والعودة والإنابة وترك ما يغضب الله، وعند انفراج الشدة يعود كل شيء كما كان.وهذا إخبار عن طبيعة الإنسان من حيث هو،وعدم صبره وجلده لا على الخير، ولا على الشر ، إلا من وفقه الله ونقله من هذه الحال إلى حال الكمال.
وقال تعالى: )وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (
قال تعالى: )وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ (
وجاء في القرآن حال الناس في وقت النعمة والنقمة:
)إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً #إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (
الهلوع فعول من الهلع صيغة مبالغة ، والهلع قال في الكشاف شدة سرعة الجزع عند مس المكروه وسرعة المنع عند مس الخير وقد فسره الله تعالى في قوله: )إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً #إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (
ولفظ الإنسان هنا مفرد ولكن أريد به الجنس أي جنس الإنسان في الجملة بدليل استثناء المصلين بعده في قوله تعالى :) إِلَّا الْمُصَلِّينَ ( ومثله قوله تعالى :) وَالْعَصْرِ # إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ # ( ومفهوم الآيات أن المستثنى منه على خلاف ذلك.
قال r:" عجباً لأمر المؤمن شأنه كله خير إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، ولا يكون ذلك إلا للمؤمن" فمفهوم الحديث أن غير المؤمن بخلاف ذلك.
فالواجب تجاه نعم الله الشكر، فقبل سؤال النعم يسبقه استحضار شكرها فالشكر منة ونعمة من الله للعبد قال تعالى:) وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولواْ أَهَـؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (.
فمنة من الله أن يجعلك تشكر نعمه عليك، والشكر هداية قال تعالى: ) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً(
فالهداية في هذه الآية بمعنى البيان. والسبيل :الطريق السوي وفيه بيان انقسام الإنسان إلى قسمين شاكر معترف بنعمة الله تعالى عليه مقابل لها بالشكر، أو كافر جاحد، كما أن الهداية الحقيقية بخلق التوفيق فضلاً من الله على من شاء من عباده. د/ نوال العيد[/frame]
[frame="3 80"]الفتاح1
P
شرح أسماء الله الحسنى
الفتّاح
جل جلاله وتقدست أسماؤه
المعنى اللغوي:
الفتح نقيض الإغلاق ،والفتح :النصر ، والاستفتاح : طلب النصر ومنه قولة تعالى ((إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ))
والفتح خلاف الإغلاق "الفتح والفتاحة" – بضم التاء وكسرها، الحكم بين قوم يختصمون إليك، ويقال للقاضي: الفتاح، والفاتح: الحاكم لأنه يفتح المستغلق بين الخصمين، ويفصل بينهما.
وروده في القرآن العظيم:
ورد الاسم مفرداً مرة واحده في قوله تعالى:)قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ(.
وورد بصيغة الجمع مرة واحدة أيضاً في قوله تعالى:)رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ(.
معنى الاسم في حق الله تعالى :
1- الفاتح: أي الحاكم بالأحكام الشرعية من خلال ما جاء في القرآن وصحيح السنة، أو الأحكام القدرية من نصر المؤمنين وقهر الكفّار، فالفتاح: الحاكم الذي يقضي بين عباده بالحق والعدل، بأحكامه الشرعية القدرية .
2- ويكون الفاتح أيضاً بمعنى الناصر الذي ينصر أهل الإيمان وينصر المظلوم فهو الناصر بحق، وهذا يعود للأول.
والفاتح:الحاكم لأنه يفتح المستغلق بين الخصمين، ويفصل بينهما، أي الذي يحكم بينهم بأحكامه الشرعية (بما أنزل من القرآن إرساله الرسل) وأحكامه القدرية (فعند تنازع جند الشيطان مع جند الرحمن، ألا يفتح الله لجنده بالنصر والتأييد، ولجند الشيطان بالخذلان والهزيمة؟ أليس هذا فتحاً قدرياً؟
2-الفتّاح:الذي يفتح أبواب الرحمة والرزق لعباده، ويفتح المنغلق عليهم من أُمورهم وأسبابهم، ويفتح قلوبهم وعيون بصائرهم ليبصروا الحق قال تعالى:)مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(. ومن الرحمة التي يفتحها على عباده إدخال الإيمان في القلوب، وهداية من كتب الله له الهداية، وتوفيق من كتب الله له التوفيق إلى ما فيه الصلاح والسداد.
قال قتادة- رحمه الله- : "افتح بيننا وبين قومنا بالحق، اقضِ بيننا وبين قومنا بالحق.
وقال ابن جرير رحمه الله: في تفسير قوله تعالى:)رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ(،أي: احكم بيننا وبينهم بحكمك الحق الذي لا جور فيه ولا حيف ولا ظلم، ولكنه عدلٌ وحق، )أَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ( يعني : خير الحاكمين.
وقال في موضع أخر:)وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ(، القاضي العليم بالقضاء بين خلقه، لأنه لا تخفى عنه خافية ولا يحتاج إلى شهود تُعرّفه المحق من المبطل.
وقال الزجاج : "والله تعالى ذكره فتح بين الحق والباطل فأوضح الحق وبيَّنه وأدحض الباطل وأبطله ، فهو الفتّاح".
وقال الخطابي-رحمه الله-: " الفتّاح": هو الحاكم بين عباده، وقال: وقد يكون " الفتاح" أيضاً الذي يفتح أبواب الرزق والرحمة لعباده، ويفتح المنغلق عليهم من أُمورهم وأسبابهم ويفتح قلوبهم، وعيون بصائرهم ،ليبصروا الحق ، ويكون الفاتح بمعنى الناصر كقوله تعالى: )إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ(".
قال ابن القيم:" الفتح في اللغة : حل ما استغلق من المحسوسات والمعقولات والله سبحانه هو الفتّاح، لذلك يفتح ما تغلّق على العباد من أسبابهم، فيُغني فقيراً، ويفرج عن مكروب، ويسهل مطلباً، وكل ذلك يُسمى فتحاً، لأن الفقير المنغلق عليه باب رزقه، يفتح بالغنى، وكذلك المتحاكمان إلى الحاكم ينغلق عليهما وجه الحاكم فيفتحه الحاكم عليهما.وهذا الاسم يختص بالقضاء بين العباد بالقسط والعدل، وقد حكم الله بين عباده في الدنيا بما أنزل في كتابه، وبيّن في سنة رسول له r، وكل حاكم إمّا أن يحكم بحكم الله تعالى أو بغيره".
آثار الإيمان بهذا الاسم:
لا شك بأن كل إنسان قد انغلق عليه في هذه الحياة باب من الأبواب، فتأمل أخي – وفقك الله – اسم الله الفتّاح:
1- الله سبحانه هو الحاكم بين عباده في الدنيا والآخرة بالقسط والعدل، يفتح بينهم في الدنيا بالحق بما أرسل من الرسل، وأنزل من الكتب.
يقول القرطبي -رحمه الله- في هذا الاسم:" ويتضمن من الصفات كل مالا يتم الحكم إلا به، فيدل صريحاً على إقامة الخلق وحفظهم في الجملة، لئلا يتأصل المقتدرون المستضعفين في الحال".
ويدل على الجزاء العدل على أعمال الجوارح والقلوب في المآل، ويتضمن ذلك أحكاماً وأحوالاً لا تنضبط بالحد. ولا تحصى بالعد، وهذا الاسم يختص بالفصل والقضاء بين العباد بالقسط والعدل، وقد حكم الله بين عباده في الدنيا بما أنزل من كتابه، وبيّن من سنة رسوله، وكل حاكم إما أن يحكم بحكم الله تعالى أو بغيره، فإن حَكَمَ بحكم الله فأجره على الله، والحاكم في الحقيقة هو الله تعالى، وإن حَكَمَ بغير حكم الله فليس بعادل إنما هو ظالم :) وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (.
إذن فمن الواجب علينا عند إيماننا بهذا الاسم وأن الله هو الحاكم بالأمر الشرعي، أنزل إلينا الحكم الذي لا جور فيه ولا حيف ولا ظلم ، أن نسارع بتطبيق هذا الحكم الذي أنزله في القرآن وصحيح السنة، ولعلك تلحظ في القرآن بين كل فينة وأخرى يأتيك التذكير إلى وجوب التحاكم إلى القرآن والسنة فلا حاكم إلا الله، ولا ينبغي لأحد أن يعتقد أن الحكم لغير الله تعالى:)أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ( وقال جل شأنه:)وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ( وقال جلا وعلا:)فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيما (وقال تعالى:)وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ( وقال عز وجل:)وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ( قال تعالى:)وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ `وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ (.
فعجباً لأقوام يُنادَون إلى القرآن والسنة ويعرضون عنها إلى أقوال الخلق والله سبحانه وتعالى يقول: )وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ` أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ(.
آية عظيمة تحل كثيراً من الإشكالات سواء في المجال الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي أو الفكري.
وقوله:)وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ( أعلم أن كل ما خالف الكتاب والسنة ليس علماً إنما هو هوى نفس. ولذلك قال العلماء: من اتبع الهوى فقد افتتن.
قال تعالى :)وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ( قال القتبي: أصل الفتنة الاختبار ثم يستعمل في أشياء تستعمل في التعذيب كقوله:)إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ( وكقوله: )يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ)) وتكون الفتنة الشرك كقوله: )وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ( وتكون الفتنة العبرة لقوله: )فَقَالُواْ عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ( وتكون الفتنة الصد عن سبيل الله كقوله: )وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ(.
قوله: )فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ( وهذا قمة العدل والإحسان منه سبحانه وتعالى، فمع إعراضهم عما أنزل الله إليهم من الكتاب والسنة والتحاكم إلى غيرها فلم تكن عقوبة الله لهم شاملة لجميع ذنوبهم بل قال سبحانه : )بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ(.
قوله : )أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ( ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر، والعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء كما كان عليه أهل الجاهلية. لا حكم العلم واليقين.
وقيل: المراد أن هذا الحكم الذي يبغونه إنما يحكم به حكام بالجاهلية، أي يتولون عن حكمك فيبغون حكم وطلب حكم الجاهلية أقبح وأعجب.
وقوله تعالى: )فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ( يقسم الله هنا تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحدكم حتى يحكم الرسول r في جميع الُأمور فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطناً وظاهراً .{فعند الخلافات الزوجية- ارجع إلى الكتاب والسنة. هناك مشاكل عائلية أو في العمل أو في الحي أو مع الجيران أو ارجع إلى الكتاب والسنة } ثم بعد ذلك الرضى بما قضاه الله ورسوله ولهذا قال تعالى: )ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً(. ومعنى الآية : أي: إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجاً مما حكمت به ، وينقادون له في الظاهر والباطن فيسلمون لذلك تسليماً كلياً من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة كما ورد في الحديث: " والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به" ففي هذا الحديث الحث على طاعة الرسول r والانقياد له. وفي هذا إثبات عصمة الرسل فيما يبلغونه عن الله وفيما يأمرون به وينهون عنه.
والعلم ليس بكثرة القراءة الإطلاع ولكن العلم الخشية ولهذا يقول تعالى:)إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء( فثمرة العلم الخشية وكلما ازداد العلم زادت خشيتك من الله وتعظيمك لقدره والخوف من التفريط في جنبه، وقال تعالى:) وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِين( فهذا حال الظالمين ممن في قلبه مرض وضعف إيمان أو نفاق وريب، عَلم الله أنهم يقولون بألسنتهم ويلتزمون الإيمان بالله والطاعة ثم لا يقومون بما قالوا ويتولى فريق منهم عن الطاعة تولياً عظيماً بدليل قوله تعالى:) وَهُم مُّعْرِضُونَ ( فإن المتولي قد يكون له نية عود ورجوع إلى ما تولى عنه وهذا المتولي معرض لا التفات له و لا نظر لما تولى عنه، وتجد هذه الحالة مطابقة لحال كثير ممن يدعي الإيمان والطاعة لله وهو ضعيف الإيمان و تجده لا يقوم بكثير من العبادات ويقوم بكثير من المعاصي والمخالفات ونحو ذلك ففي وقت الإجازات تجد كثير من الناس قد تغيرت أحواله ما كأن الله ربه، لا في المطعم والمشرب والملبس لا يتحاكم إلى الله والواجب أن تكون الشريعة هي التي ترسم لك مناحي حياتك وتصورك ونظرتك للعالم، وعند انتهاء الإجازة وبداية الامتحانات تنقلب الأحوال فيصبح الناس صوامين قوامين يحافظون على الصلوات في المساجد والأذكار بعد الصلاة وقراءة القرآن قال تعالى :) وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ( وليس ذلك لأجل أنه حكم شرعي وإنما ذلك لأجل موافقة أهوائهم فليسوا ممدوحين في هذه الحال ولو أتوا إليه مذعنين، لأن العبد حقيقة من يتبع الحق فيما يحب ويكره وفيما يسره ويحزنه قال الله في لومهم على الإعراض عن الحكم الشرعي:) أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ( أي علة أخرجت القلب عن صحته وأزالت حاسته فصار بمنزلة المريض الذي يعرض عما ينفعه ويُقبل على ما يضره، فمن أي الناس أنت؟ هل تخاف أن يحيف عليك الله ورسوله؟ جاءت الآيات تحكي حال الناس مع الأحكام الشرعية، وفي هذه الآيات دليل على أن الإيمان ليس هو مجرد القول بل يجب اقترانه بالعمل لأنه شرط كمال تعريف الإيمان عند أهل السنة والجماعة ولهذا نفى الإيمان عن من تولى عن الطاعة، ووجوب الانقياد لحكم الله ورسوله في كل الأحوال وإن لم ينقد دل على مرض قلبه وريب في إيمانه قال تعالى:) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الآية(
فيجب عليك أخي – وفقك الله- أن تفعل أوامر الله وقلبك مطمئن ) وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ( تسليم مطلق لأوامر الله ورسوله، الفعل أُكد بالمصدر المطلق ) تَسْلِيماً ( فما دام أنك تؤمن بأن الله الفتاح، أين أثر الإيمان في التحاكم إلى شرعه.
في [ المأكل والمشرب والملبس وتربية الأولاد ونظرتنا للعالم في مجالسنا و علاقاتنا الإنسانية] يجب أن نترجم الإيمان بأسماء الله إلى واقع تعيشه و نتفيأُ بظلاله.
2- يأتي اسم الله الفتاح لتطمين قلوب عباده المؤمنين بأنه مهما طال ليل الظالم وكثر بغيه وظلمه للعباد، لا بد أن يفتح الله بين عباده المؤمنين وبين عباده الظالمين سيحكم بحكمه الشرعي أو القدري؟ بحكمه القدري [الكوني]، فهو سبحانه من يحكم بين عباده بالحق والعدل وقد توجهت الرسل إلى الله الفتاح سبحانه أن يفتح بينهم وبين أقوامهم المعاندين فيما حصل بينهم من الخصومة والجدال.
قال نوح عليه السلام : )قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ#فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ( فجاء الفتح بمعنى الفصل القدري بين جند الله وجند الشيطان وبين عباد الله المؤمنين و المشركين، فجاء الفتح بمعنى إحقاق الحق وإبطال الباطل ولو طال ليل الظالم وقيل: أي : أحكم بيننا بما يستحقه كل واحد منّا، وأهلك الباغي ونجني ومن معي من المؤمنين من العذاب ومن أذى الكفار.
وقال شعيب عليه الصلاة والسلام:) رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ( أي احكم بيننا وبين قومنا وانصرنا عليهم )وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ(أي خير الحاكمين فإنك العادل الذي لا يجور أبداً، وجاء اسم الفتاح في هذه الآيات ليدلل على أنه سيفتح بين المؤمنين وبين الكافرين، وكانت النتيجة لقوم شعيب قال تعالى:) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ( أخبر تعالى هنا أنهم أخذتهم الرجفة وذلك كما أرجفوا شعيباً وأصحابه وتوعدوهم بالجلاء قال r:" إن الله سبحانه ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ :) وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ # إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ ( فعقوبة الله للظالمين موجعة غليظة ، أعاذنا من عقوبته.
أخرج الترمذي من حديث عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال: لما نزلت هذه الآية :) قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ ( قال رسول الله r: أعوذ بوجهك )أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ( قال: أعوذ بوجهك ) أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ( قال رسول الله r: هذه أهون أو أيسر.
قال زيد بن أسلم لما نزلت ) قُلْ هُوَ الْقَادِرُ( قال رسول الله r :" لا ترجعوا بعدي كُفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف الحديث".
إذن من معاني اسم الله الفتاح والآثار المسلكية أنه سيجعل يوماً لهلاك الظالم الباغي ولنصرة المؤمن، وهذا يدعوا إلى الاطمئنان وهذا قول الأنبياء ) رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ( قال تعالى:) وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ(.
وقد استجاب الله سبحانه لرسله ولدعائهم، ففتح بينهم وبين أقوامهم بالحق، فنجي الرسل وأتباعهم وأهلك المعاندين المعرضين عن الإيمان بآيات الله وهذا من الحكم بينهم في الحياة.
3- وكذا يوم القيامة هو يوم الفتح الحقيقي، فإن الله سبحانه هو الفتّاح الذي يحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون في الدنيا.
قال تعالى:) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ( ففي يوم القيامة يقضي الله سبحانه ويفصل بين العباد، وهو سبحانه لا يحتاج إلى شهود ليفتح بين خلقه، لأنه لا تخفى عليه خافية و ما كان غائباً عما حدث في الدنيا سبحانه. قال تعالى : )فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ( وقد سمى الله يوم القيامة بيوم [الفتح] في قوله تعالى: )قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ( والمراد بالفتح هو " القضاء والفصل" يوم القيامة وسمي فتحاً لأن الله عز وجل يفتح فيه على المؤمنين.
4- إن الله سبحانه متفرد بعلم مفاتح الغيب، وهو الذي يعلمها فعلم الغيب مستغلق إلا على الرب جل و علا فهو يعلمه، ولذا ففي مثل هذه الأوقات وانتشار القنوات الفضائية الفاسدة من قنوات [سحر، وشعوذة، وتنجيم، وأبراج] أين الإيمان باسم الفتاح قال تعالى :) وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ (
قال القرطبي: "مفاتح جمع مَفتح هذه اللغة الفصيحة ويقال مفتاح ، ويجمع مفاتيح، المفتح عبارة عن كل ما يحلّ غلقاً ، محسوساً كان كالقفل على البيت أو معقولاً كالنظر، ثم قال: وهو في استعارة على التوصل إلى الغيوب كما يتوصل في الشاهد بالمفتاح إلى المغيب عن الإنسان".
وهذه الآية تدل على أن الغيب لا يعلمه إلا الله وهو كذلك لأن الخلق لا يعلمون إلا ما علمهم خالقهم جلّ و علا، ولو كان لمخلوق أن يعلم الغيب لكان الرسل هم الأولى في هذا ولكنهم بشر، ولذا يعود علم الغيب لخالقهم و لا يعلمون من الغيب إلا ما أطلعهم الله عليه :) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً #إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ (.
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: من زعم أن رسول الله r يُخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية والله يقول:) قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ(.
و لما رميت عائشة رضي الله عنها بالإفك لم يعلم أهي بريئة أم لا، حتى أخبره الله تعالى بقوله:) أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ (.
وقد ذبح إبراهيم عليه الصلاة والسلام عجلاً للملائكة ولا علم له بأنهم ملائكة حتى اخبروه وقالوا له )إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ ( ولما جاءوا لوطاً لم يعلم أيضاً أنهم ملائكة ولذا ) سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ( ولم يعلم خبرهم حتى قالوا له ) إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ (.د/نوال العيد[/frame]
[frame="4 80"]الفتاح2
P
تابع شرح أسماء الله الحسنى
الفتّاح
جل جلاله وتقدست أسماؤه
وهذا ميزة الإسلام يحفظ عقل الإنسان من الخرافات والخزعبلات، فالمسلم يعرف إذا كان هذا الشيء قد جاء عن طريق الشرع، أو عن طريق الحس، أو أثبته مثل " الأكل لدفع الجوع، الشرب لدفع العطش، وهكذا ."
و قلّ أن يخلو الناس الآن في تعاملهم مع الأبراج من الشرك الأصغر أو الشرك الأكبر.
عن أبي موسى t عن النبي r قال : " لا يدخل الجنة مدمن خمر، ولا مؤمن بسحر ، ولا قاطع رحم" رواه ابن حبان في صحيحه وفي رواية " ومصدق بنجم".
وعن زيد بن خالد الجهني قال:"صلى لنا رسول الله r صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال : هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم ، قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله وبرحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا ، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب".
كثير من الناس يقولون قرأنا ووجدنا حق. وهذا من الفتنة التي أخبر الله عنها في الكتاب والسنة، ألا تقرءون في صفة الدجال أنه يأتي بتغيير حقائق، يأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت
قال تعالى في سورة الروم:) الم `أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ(.
فلو أن الناس قرأوا ولم يجدوا حقاً لم يقرأ أحد، وبهذا يقع التمييز والتمحيص، وهذا هو الاختبار الحقيقي للعباد.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله r يقول:" يقول إن الملائكة تنزل في العنان فتذكر الأمر قُضي في السماء، فتسترق الشياطين السمع فتوحيه إلى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم" رواه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سأل ناس النبي r عن الكهان فقال: ليسوا بشيء فقالوا: يا رسول الله فإنهم يحدثون بالشيء يكون حقاً، فقال النبي r : تلك الكلمة يخطفها الشيطان فيقرقرها في أذن وليه كقرقرة الدجاجة فيخلطون فيها بأكثر من مائة كذبة".
يقول الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- :- " لكن العجب من العبد كيف يتعلق بكلمة واحدة فيها صدق وينسى تسعة وتسعين كذبة" .أ.ھ.
الحالة الرابعة:
من يشاهد قنوات السحر، أو يقرأ الأبراج فضولاً وحب استطلاع دون تصديق، فحكم فعله حرام، بل ومن كبائر الذنوب.
عن بعض أمهات المؤمنين عن النبي r قال: " من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة" صححه الألباني في " صحيح الجامع".
مجرد السؤال يحرق صلاة أربعين ليلة!!!
قوله من " أتى عرافاً":
العّراف في اللغة : كثير المعرفة وقيل أن العرّاف : اسم للكاهن والمنجم والرمّال ونحوهم، ممن يتكلمون في معرفة الأمور بتلك الطرق، فمن تكلم بمعرفة الأمور المغيبة إما الماضية أو المستقبلة بتلك الطرق-طريق التنجيم ، أو طريق الخط في الرمل، أو طريق الطرق على الحصى، أو الخط في الرمل بطريق الطرق، أو ضرب الودع، أو بقراءة الفنجان، أو قراءة الكف، أو بطلب شيء من الملابس ، أو بالسؤال عن اسم الأم أو الأب أو بالخشبة المكتوب عليها أبجد هوز أو بالكرة الكرستالية ونحو ذلك –كل من يخبر عن الأمور المغيبة بشيء يجعله وسيلة لمعرفة الأمور المغيبة يسمى كاهناً ويسمى عرّافاً، لأنه لا يحصل له أمره إلا بنوع من أنواع الكهانة.
وقيل العّراف: هو اسم عام للكاهن والمنجم والرمّال ونحوهم مما يستدل على معرفة الغيب بمقدمات يستعملها، وهذا المعنى أعم، ويدل عليه الاشتقاق، إذ هو مشتق من المعرفة فيشمل كل من تعاطى هذه الأمور وادّعى بها المعرفة.
والكاهن مشرك بالله عز وجل؛ لأنه يستخدم الجن ويتقرب إلى الجن ولا يصل إلى حقيقة السحر وتخدمه الجن كما ينبغي حتى يُهين القرآن، وحتى يكفر بالله ويسبّ الله ونبيه r فإذن السحر شرك بالله سبحانه وتعالى لأنه ادّعاء علم الغيب قال تعالى:)قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ(.
v ما معنى قوله r : "من أتى عرافاً فسأله ، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً".؟
أجاب فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله :
ظاهر الحديث أن مجرد سؤاله يُوجب عدم قبول صلاته أربعين يوماً، ولكنه ليس على إطلاقه، فسؤال العراف ونحوه ينقسم إلى أقسام:
القسم الأول :
أن يسأله سؤالاً مجرداً، فهذا حرام لقوله r:"من أتى عرافاً فسأله ، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً".
فإثبات العقوبة على سؤاله يدل على تحريمه، إذ لا عقوبة إلا على فعل محرم.
القسم الثاني:
أن يسأله فيصدقه، ويعتبر قوله، فهذا كفرٌ لأن تصديقه في علم الغيب تكذيب للقرآن حيث قال الله تعالى:)قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ(.
القسم الثالث:
أن يسأله ليختبره :هل هو صادق أو كاذب لا لأجل أن يأخذ بقوله ، فهذا لا بأس به ولا يدخل في الحديث، وقد سأل النبي r ابن صياد ، فقال :" ماذا خبأت لك؟ قال :الدُّخ، فقال له r: اخسأ، فلن تعدو قدرك "فالنبي r سأله عن شيء أضمره له ؛ لأجل أن يختبره ، فأخبره به.
الثاني علم التسيير:
" يحتاجه الناس لضبط مصالحهم الدينية والدنيوية"، وهذا ينقسم إلى قسمين:-
الأول:
أن يستدل بسيرها على المصالح الدينية؛ فهذا مطلوب، وإذا كان يعين على مصالح دينية واجبة كان تعلمها واجباً، كما لو أراد أن يستدل بالنجوم على جهة القبلة؛ فالنجم الفلاني يكون ثلث الليل قبله، والنجم الفلاني يكون ربع الليل قبله؛ فهذا فيه فائدة عظيمة.
الثاني:
أن يستدل بسيرها على المصالح الدنيوية؛ فهذا لا بأس به، وهو نوعان:
النوع الأول:
أن يستدل بها على الجهات؛ كمعرفة أن القطب يقع شمالاً، والجدي وهو قريب منه يدور حوله شمالاً وهكذا؛ فهذا جائز، قال تعالى:) وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ( وقال تعالى:) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ(.
النوع الثاني:
أن يستدل بها على الفصول، وهو ما يعرف بتعلم منازل القمر؛ فهذا كرهه بعض السلف، وأباحه آخرون.
و الذين كرهوا قالوا: يخشى إذا قيل: طلع النجم الفلاني؛ فهذا وقت الشتاء أو الصيف" أن بعض العامة يعتقد أنه هو الذي يأتي بالبرد أو الحر أو بالرياح.
5- ومن آثار الإيمان الرحمة التي يفتحها الله على عباده وهو أعظم فتح إدخال الإيمان في القلوب، وفتحه على من يشاء من عباده الحكمة والعلم والفقه في الدين، ويكون ذلك بحسب التقوى والإخلاص والصدق قال تعالى: )وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ(.
وقد امتن الله جل وعلا على عباده أن فتح عليهم بالإيمان قال تعالى: )أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(.
v ما معنى )فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ(؟
لأن بعض القلوب قابلة لذكر الله مستبشرة به، وبعضها والعياذ بالله رافضة لذلك.
ولذلك نوح u مع كثرة ما يذكر الله لقومه لا يزيدهم هذا الذكر إلا طغياناً وفرار قال : )قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً` فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَاراً` وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً(.
إذن ذكر الله موجب للانشراح في قلوب بعض العباد، ولكن بعضهم يكون قلبه رافض لهذا الذكر بزيادة.
1- قال الرازي: إن قيل:ذكر الله سبب لحصول النور والهداية وزيادة الإطمئنان كما قال تعالى: )أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ( فكيف جعله في هذه الآية سبب لحصول قسوة القلوب
والجواب: أن نقول أن النفس إذا كانت خبيثة الجوهر كدرة العنصر، بعيدة عن مناسبة الشرع ، شديدة الميل إلى الهوى ، والطبائع البهيمية ،فإن سماعها لذكر الله يزيدها قسوة ونفرة.والفاعل الواحد يختلف أفعاله بحسب اختلاف القوابل، كنور الشمس يُلين الشمع، ويعقد الملح في الماء.
1- القاسية قلوبهم عن ذكر الله ،مهما تأخذ بيده إلى ذكر الله تجده يحيد عنك كحال قوم نوح مع نوح . ولذلك الله أثنى على المؤمنين )وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً(.
وقال:) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً( وقال:) اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الآية(
بيان ما يحصل عند سماعه من التأثر لسامعيه والاقشعرار، يقال: اقشعرّ جلده إذا تقبض وتجمع من الخوف، والمعنى أنها تأخذهم منه قشعريرة.
1/ قال الزجاج:" إذا ذكرت آيات الله اقشعرت جلود الخائفين لله ثم تلين جلودهم وقلوبهم إذا ذكرت آيات الرحمة، وتقشعر إذا ذكرت آيات العذاب فمن رحمة الله أنه يذكر الشيء ثم يذكر ضده".
2/ القرآن لما كان في غاية الجزالة والبلاغة فكانوا إذا رأوا عجزهم عن معارضة اقشعرت الجلود منه، إعظاماً له وتعجباً من حسنه وبلاغته ثم تلين جلودهم وقلوبهم.
قال تعالى:) أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ(
بعد أن حكم الله سبحانه وتعالى عليهم بالضلال المبين في الحياة الدنيا حيث قال في الآية السابقة:) أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(.
أشار إلى حكمهم في الآخرة ((أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ )) ،أخبر أنهم يعذبون في الوجه أشرف أعضاء الإنسان، فلما كانت علامات الاشمئزاز والقسوة تظهر على الوجه الذي لم تنبسط أساريره عند ذكر الله، بل كان مشمئزاً مكفهراً، ناسب تعذيب ذلك الوجه الذي كره ما أَنزل.
ومن الرحمة التي يفتحها الله على عباده الإيمان في القلوب، و الهداية والتوفيق له لما فيه الصلاح والسداد، و تحبيب الله لمن اصطفاه الإيمان والأعمال الصالحة وتزيين ذلك في قلوب عباده قال تعالى:) وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ(.
وإن كنت ممن فتح الله عليه بالإيمان، وطلب العلم ، ولإقبال على الطاعة، استمع وصية ابن القيم لك.
قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-:" فيا من فتح الله أقفال قلبه، وأفاض عليه نوراً من عنده، حل أقفال القلوب الجاهلة بمفاتيح العلوم، وكن فتّاحاً كما فتح الله عليك، ) وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ. ( وإن كنت لم تصل إلى هذا المقام، وفتح عليك من الرزق الظاهر رزق الأبدان، فكن ذا يد سمحة، وقلب فتّاح واسع، واسع أن تكون مفتاح خير مغلاق شر، وفي الحديث قال r:" إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر،ومن الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعله الله مفتاح خير مغلاق شر، وويل لمن جعله الله مفتاح شر مغلاق خير".
وقد مرّ علينا في الحديث الماضي قوله r:" إن لله عند أقوام نعماً أقرها عندهم ما كانوا في حوائج المسلمين مالم يملوهم ، فإذا ملوهم نقلها إلى غيرهم".
عندك علم عندك مال لك جاه والناس يطلبونك لا تتضايق لأنك قدر ما تُعطي الناس قد ما يفتح الله عليك وإذا أمسكت عرضت النعمة التي فتحها الله عليك للزوال.
وفي هذا شيء عظيم يرسم لك منهجية أو علاقتك مع الآخرين كيف تكون إذا كنت ذا نعمة.
6- من أماكن فتح أبواب الرحمة المساجد، ودليل ذلك ما جاء في الحديث أن النبي r:" إذا دخل أحدكم المسجد فليصل على النبي r وليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليقل اللهم باعدني عن الشيطان".
لاحظ أخي – وفقك الله – أن الدخول إلى المسجد رحمة والخروج من المساجد بداية معركة مع الشيطان.
لأن المساجد أماكن الرحمات ووجود الملائكة وقبول الدعوات ووجود الناس الصالحين الذين يستفيد الناس من تأمينهم ودعواتهم.
وإذا خرج فمكان انتشار الشياطين من الجن والإنس فناسب الاستعاذة بالله من الشيطان.
v ما الفرق بين الشرع والقدر؟
الحكم الشرعي ما جاء وارداً في القرآن والسنة وأمرنا أن نعمله.
أما القدري معناه ما يحصل في الكون والعالم, ايقاع العقوبة على المخطىء إثابة الطائع نصر المؤمن وخذلان الكافر .
v ما الفرق بين الاستدراج والرزق الطيب؟
إن الإنسان إذا كان صاحب إيمان وفتح الله عليه أبواب الرزق فهذا دلالة مكافأة, وإذا كان على معصية وفتح الله عليه أبواب الرزق فهذا دلالة استدراج كرزقه سبحانه قارون و فرعون استدراجاً.
قال تعالى :) فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم .( د/ نوال العيد
ومن هذا المنطلق يحسُن التنبيه على أن علم التنجيم ينقسم إلى قسمين:
الأول:علم التأثير.
الثاني:علم التسيير.
فالأول: علم التأثير:
" وهو علم روحانيات النجوم" ويعني ربط الأجرام الفلكية بالحوادث الأرضية وينقسم إلى ثلاثة أقسام:-
الأول:
أن يعتقد أن هذه النجوم مؤثرة فاعلة، بمعنى أنها هي التي تخلق الحوادث والشرور، فهذا شرك أكبر؛ لأن من ادعى أن مع الله خالقاً؛ فهو مشرك شركاً أكبر؛ فهذا جعل المخلوق المسخر خالقاً مُسخراً.
وهذا النوع تمثله طائفة الصابئة، والله تعالى ذم الصابئة وامتدحهم أحياناً، فإذا جاء الذم على طائفة الصابئة يعني بهم عبدة النجوم، فهم الذين يرون أن النجوم فاعلة مؤثرة في نفسها، ولذلك يصورون تماثيل ويسمونها بأسماء النجوم، ويصرفون لها العبادة من دون الله جل وعلا، فهم يعبدون الشمس والقمر وسائر الكواكب ويضيفون السعادة والنحس إليها.
وإذا جاء المدح والثناء للصابئة في القرآن فيُعنى به أهل الإيمان، لأن المشركين كانوا يسمون من ترك دينهم إلى الإيمان صابئ.
الثاني:-
أن يجعلها سبباً يدعي به علم الغيب؛ فيستدل بحركاتها وتنقلاتها وتغيراتها على أنه سيكون كذا وكذا؛ لأن النجم الفلاني صار كذا وكذا، مثال ذلك أن يقول: هذا الإنسان ستكون حياته شقاء؛ لأنه ولد في النجم الفلاني، وهذا حياته ستكون سعيدة؛ لأنه ولد في النجم الفلاني، فهذا اتخذ تعلم قراءة النجوم وسيلة لإدعاء علم الغيب ويندرج تحت هذا العلم كثير من العلوم مثل [علم الأبراج، قراءة الفنجان، ضرب الودع، أو قراءة العين] وهذا العلم من الكهانة، والكهانة مصطلح عام معناه: مدّعي علم الغيب سواء عن طريق النجوم أو قراءة الكف أو الضرب بالودع أو التكهن بالأبراج لمعرفة [ الحظ اليومي- الحظ الشهري- الحظ السنوي] ،ودعوى علم الغيب كفر مخرج عن الملة؛ لأن الله تعالى يقول:) قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ( وهذا من أقوى أنواع الحصر؛ لأنه بالنفي والإثبات.
فمن قرأ هذه الأمور، أو سأل الكهان لمعرفة الغيب، وصدقهم فيما قالوا، فقد أتى أمر كفر؛ لأن النبي قال:" من أتى عرّافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" و حمل الشيخ محمد بن عثيمين والشيخ صالح الفوزان الكفر هنا على الكفر الأكبر، لأن علم الغيب خاصية من خصائص الله، فكيف يعتقد العبد أن لله شريكاً في علم الغيب.
من يسأل المنجمين، ويقرأ الأبراج، لا ليعلم الغيب ولكن لمعرفة مواصفات الشخصية، هل جعل الله النجوم أسباب شرعية لمواصفات الشخصية، يُسأل: هل جعل الله النجوم أسباباً حسية والجواب هو النفي بالتأكيد، و العبد المؤمن عنده قاعدة: كل ما ليس بسبب شرعي ولا حسي من اتخذه فقد أشرك.
فقراءة الأبراج لمعرفة المواصفات الشخصية شرك أصغر.
ومثال ذلك : من يلبس الخاتم أو الأسورة للشفاء ، وهذا لم يثبت لا شرعاً ولا بالطب فقد أشرك.
جاء في حديث ضعفه الألباني عن عمران بن الحصين أن النبي r رأى رجلاً في يده حلقة من صفر فقال: ما هذه الحلقة. قال: هذه من الواهنة، قال: انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً".
وعن عقبة بن عامر t قال: سمعت رسول الله r يقول: من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له ".
أين إيماننا بأنه لا يعلم الغيب إلا الله مع هذه القنوات الهدّامة التي أُولع الناس بها إيلاع شديد، ولا تحسب أخي الفاضل أن قضية السحر والشعوذة وظهورها على القنوات وليدة لحظة هي قضية تراكمية، لما انتشروا وتوسعوا في قنوات الفساد والعُهر والبغي {أفلام هابطة وفيديو كليب فاسد وبرامج مفسدة} جاءت النتيجة سحر وشعوذة، وإن لم يكن لدى المسلمين إصلاح إعلامي يمثل المسلمين بإيمانهم الحق، فلن نقف عند هذا الحد فستكون هناك قنوات تعلم الكفر؛ لأنها قضية تراكمية، وقد سبق أن بيّنا في دروس سابقة العقبات السبع للشيطان عقبة خلف عقبة خلف عقبة:
أولاً: يأتيه بالكفر فإن لم يصل إليه أتاه من طريق
ثانياً: عقبة البدعة فإن لم يصل إليه أتاه من طريق
ثالثاً: عقبة الكبائر فإن لم يصل إليه أتاه من طريق
رابعاً: عقبة الصغائر فإن لم يصل إليه أتاه من طريق
خامساً: عقبة التوسع في المباحات فإن لم يصل إليه أتاه من طريق
سادساً: تقديم المفضول على الفاضل فإن لم يصل إليه أتاه من طريق
سابعاً: تسليط جنوده من الإنس والجن على ذاك العبد المؤمن.[/frame]
[frame="5 80"]البارئ
P
شرح أسماء الله الحسنى
البارئ
جل جلاله وتقدست أسماؤه
المعنى اللغوي:
وله معنيان في اللغة:
1. مأخوذ من برئ إذا تخلص، وبرئ إذا تنزه وتباعد.
2. و يأتي بمعنى الإعذار والإنذار، وإن كان كثير من أهل اللغة يضعفونه، واستدلوا بقول الله تعالى: ((بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ )) قالوا أعذرهم الله وأنذرهم، أو أن الله تعالى أمرهم أن يتنزهوا من الشرك.
ومن الأشياء التي تسمى برى: التراب؛ لأن بعضه منفصل عن بعض، وبريت القلم بغير همز إذا قطعته وأصلحته.
والبرية: الخلق وأصلها بالهمز ،وقد تركت العرب همزها.
وإذا أخذت البرية من البري وهو التراب فأصلها غير الهمز. وقد وردت في القرآن كقوله: ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ))
ورود الاسم في القرآن:
ورد الاسم ثلاث مرات في القرآن، مرة في قوله تعالى: ((هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ))، ومرتين في قوله تعالى: ((فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ)).
معنى الاسم في حق الله تعالى:
الأول: أن ( البارئ ) هو الموجد والمبدع، من برأ الله الخلق إذا خلقهم. وبهذا يكون الاسم مشابهاً ومرادفاً لـ ( الخالق).
الثاني: ( البارئ ) هو الذي فصل بعض الخلق عن بعض، أي: ميز بعضه عن بعض، وأن أصله من البرء الذي هو القطع والفصل.
وهذا يأتي بالمعنى اللغوي: خلص.
الثالث: أن ( البارئ ) يدل على أنه تعالى خلق الإنسان من التراب كما قال: (( مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ )) وأن أصله من البري وهو التراب.
الرابع: وهو ما ذكره الزمخشري فقال: ( البارئ ) هو الذي خلق الخلق بريئاً من التفاوت: ((مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ)) أي: خلقهم خلقاً مستوياً ليس فيه اختلاف ولا تنافر ولا نقص ولا عيب ولا خلل ، أبرياء من ذلك كله.
قال ابن جرير: (البارئ) الذي برأ الخلق فأوجدهم بقدرته.
وقال الزجاج: (البارئ)يقال برأ الله الخلق فهو يبرؤهم برءاً : إذا فطرهم.
والبَرءُ: خلق على صفة ، فكل مبروء مخلوق، وليس كل مخلوق مبروءاً وذلك لأن البرء من تبرئه الشْئ من الشيء من قولهم :برأت من المرض، وبَرِئت من الديّن أبرأ منه، فبعض الخلق إذا فُصل من بعض سمّي فاعله بارئاً.
الفرق بين الخالق والبارئ:
1- أن البارئ مختص فيما فيه روح، والخالق فيما عدا ذلك.
2- قال ابن كثير : الخلق هو التقدير ، والبرء هو الفري وهو التنفيذ وإبراز ماقدره وقرره إلى الوجود، وليس كل من قدر شيئاً ورتبه يقدر على تنفيذه وإيجاده سوى الله عز وجل.
إذن الخلق مرحلة متقدمة على البرء الخلق التقدير ، والبرء إبراز ماقدره وقرره إلى الوجود.
مثال ذلك :
الحمل – امرأة حامل- فإذا خرج الطفل يقال : برءه الله .
إذا لم يخرج ومات يقال :يُقال خلق ولكن لم يبرءه. د/ نوال العيد[/frame]
« يا وهاب | حب راقي جدا جدا جدا » |
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع |