الملاحظات
صفحة 4 من 8 الأولىالأولى ... 23456 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 40 من 74

الموضوع: @ حــــب أخـضــر @ ===> الرواية التي أطربت مسامع القلوب <===

  1. #31  
    المشاركات
    206
    وجدت سوزان نفسها فجأة في وسط قضية ملحة عليها، ومنحت لنفسها الحق ، بل والواجب في مساعدة زميلة راحت تبحث عن طريقة ما تتقرب إليها وتمنحها ثقتها عاندتها في البداية لكنها نجحت في ملاحقتها والتحايل بعض الشيء بقصد مصادفتها وهي منعزلة على الصخرة، أو تتمشى على الشاطئ لم يكن في الأمر صعوبة عندما علمت بخروجها، ثم تبعتها فاجأتها و أقنعتها أن الأمر مجرد صدفة جلست إلى جانبها وراحتا تراقبان البحر كأنه طفل يشاغب وعليهما إسكاته، وبعد حديث قصير عن هذه البقعة اللاسم لها من العالم، وعن الناس القاطنين هنا وعلى الضفة الأخرى انتقلت سوزان وبجدية إلى قلبها النابض بالحيرة والوله والتحدي:

    - لست مرتاحة يا سلاف.

    - أنت ابنة ضابط كبير وغير مرتاحة؟!

    - لم أر والدي منذ سنة.

    - صحيح؟! سألت سلاف باستغراب !

    - نعم.

    - كنت أعتقد لو طلبتِ لبن العصفور لنلته فوراً.

    - ليست العبرة في المكاسب، بل كيف نحققها.

    - بصراحة لا أفهم قصدك.

    - تعتقدين أنني سعيدة؟

    - أراك مرحة باستمرار وتتصرفين كأنك من بنات هوى

    - أنا مرحة لأنني أصنع المرح ، وأصنع طريقة حياتي ولا أترك مشاكل الحياة تسيطر عليَّ ، أعرف جيداً معنى القوة والثبات ودربت نفسي على مبادئ كهذه

    هزّت سلاف رأسها بحيرة فسألتها سوزان :

    - أراك متعبة ؟

    - نعم بل أكثر إنني أتعذب أتعذب كثيرا!

    - أيحق لي السؤال ، لماذا؟

    - نعم يحق لك؟

    - شكراً لن أسألك وأعتبر أنك منحتني ثقتك واسمحي لي بتقديم نفسي وبعدها قرري أن نكون أصدقاء حقيقيين ، أو لا نكون.

    - نحن أصدقاء

    - إذن ، اسمحي لي تقديم نفسي نفسي التي لا يعرف أحد عنها شيئاً قلما أفعل ذلك إلا لصديقاتي القريبات جداً جداً، وأنت -أتمنى أن تكوني واحدة منهن- وأيضاً ندى رغم سطحية علاقتنا عرفت عنك بعض الأشياء كالوضوح والاستقلالية والصراحة ، وهذا ما جعلك قوية وشامخة في نظري

    استثمرت سلاف الصمت الحجري لصالحها وبقيت محايدة رغم هجوم سوزان باتجاه أفكارها وتحليل شخصيتها قالت سوزان مازحة:

    - أول شبه بيننا أن اسمينا يبدأان بحرف السين.

    حافظت سلاف على حيادها قليلاً، ثم سألت:

    - وهل هناك شبه آخر؟

    - بالطبع بالطبع

    - ما هو ؟

    - هذا هو السؤال الذي يلخص ما مضى من حياتي.

    - ما جوابه؟

    - ألديكِ رغبة بالاستماع؟

    - طبعاً

    كان البحر كمختار قرية طيب القلب يرمقهما متمنيا منهما السلام عليه كجد محترم

    تحمست سوزان للحديث ، ودون مقدمات استهلالية ، شرعت في الكلام :

    - بدأت حكايتي وأنا لا أزال صغيرة، كنت في الصف الثالث الإعدادي،عندما كلف والدي، وكعادة الضباط الكبار سائقه الخاص تدريسي بعض المواد كاللغة العربية والاجتماعية كون السائق سنة ثالثة أدب عربي في الجامعة وهو يتمتع بثقافة واسعة ومعلومات غزيرة اهتم بي وبإخوتي الثلاثةأختي تصغرني سنة واحدة، وأخي يكبرني بصفين، وثاني يكبرني سنة فقط أنهيت سنتي الدراسة ونجحت بتفوق وكان والدي راضياً عني وعن الأستاذ واسمه إبراهيم.





    رد مع اقتباس  

  2. #32  
    المشاركات
    206
    علمني وإخوتي السنة التالية، وأطلع أخي الكبير عصام أثناء التدريس والرحلات التي قاما بها في أوقات الراحة على تفاصيل حياته المثيرة وتعاملت معها كشيء يدعو للتسلية حاول إخباري بعض الأشياء عن مواجع أسرته ، استهرت بما قاله ، و لم أهتم لذلك أبداً كفتاة صغيرة لها همومها وأحلامها الخاصة التي تتلخص في الذهاب إلى ملاعب الأطفال والحدائق ومزارع الوالد وتمضية الوقت مع اللهو وشراء الملابس والهدايا ، وما شابه ذلك ردد أخي أمامي حكاية إبراهيم التي تشبه حكاية خيالية، حكاية عن إنسان قديم ، موغل في عالم غريب مجهول من عصر آخر غير عصري تلخصت حكاية الشاب بانطلاقة طموحة شاب شاطر ترك المدرسة ودخل السلك العسكري لمساعدة أسرته المنكوبة، فوالده مشلول وأمه مصابة بفشل كلوي، وهكذا وجد نفسه معيلاً للأسرة كونه أكبر أخوته وهم أربعة ترك ضيعته وجاء حافياً إلى حماه من مسافة خمسة عشر كيلومتراً، قدم طلبا للتطوع في الجيش،التحق بعدها في الكلية الفنية الجوية بحلب هنا تابع دراسته ونجح في الثانوية ، ثم دخل الجامعة، وبعدها مباشرة اختاره والدي ليكون سائقه الخاصبعد اطلاعه على ثقافته وإعجابه بها طلب منه تدريسنا كان يعمل ليل نهار لتأمين حاجات أسرته فجأة اختفى عن الأنظار، طالبنا الوالد به، فقال إنَّه انتقل إلى وحدة عسكرية أخرى، وهكذا طويت صفحة الأستاذ إبراهيم، العسكري المثقف سارت حياتي بشكل طبيعي ونسيت الأستاذ إبراهيم وغيره من المدرسين الذين أحضرهم والدي من وحدته العسكرية لتعليمنا إلى حين دخولي كلية طب الأسنان في جامعة دمشق، عشت طالبة مدللة، لديّ سائق يخدمني ويؤمن طلباتي أحببت اختصاصي وأقمت علاقات مع طالبات مميزات كبنات وزراء وضباط كبار وحتى أساتذة في الكلية تقربوا والتمسوا المساعدة كنقل أخوة لهم من وحدة عسكرية إلى وحدة أخرى وتأمين وظائف وتخليص من العقوبات العسكرية والمدنية لقد تميزت في دراستي وعلاقاتي ، وكنت لا أحس بالأرض التي أمشي عليها وتملكني إحساس بأنني ابنة يحرسني الله ، ويهتم بي القدر، وكل من يحيط بي هم أدنى مني ، وبلغ بي الدلع حدا لايمكن وصفه استمر ذلك حتى الفصل الثاني من السنة الثالثة عندما قرأت إعلاناً في لوحة الإعلانات عند باب الجامعة الرئيسي في نفق الآداب المعروف عند بداية أوتستراد المزة من جهة ساحة الأمويين وجاء في الإعلان دعوة عامة لحضور مناقشة رسالة الدكتوراه لإبراهيم نصار على مدرج كلية الآداب بعنوان" الريف في الرواية العربية " قادني الاسم إلى سائق والدي ، أي ذلك الأستاذ الذي درَّسني يوماً ما والذي يحمل الاسم نفسه، وبدافع الفضول أولا ، ثم بدافع تمضية الوقت ، ومتابعة كيفية الدفاع عن شهادة الدكتوراة ، حضرت دون تخطيط إلى القاعة القريبة من كليتي

    اتخذت مكاناً وسطاً بين الحضور، أطلَّ إبراهيم نصار بشموخه المعهود وناقش الرسالة بامتياز بهتُ وأنا أتابع كل حركة يقوم به ، داهمني شعور غريب ومختلف له طعم طفولتي عندما كان يدرسني ، شعورلم أحس به من قبل ، بصراحة حاولت في البداية التركيز على لباسه ، أتذكر أنه كان عاديا، لكن مع الشرح والتعليق والكلام البلاغي بدأ أسلوبه الرصين يأخذني إليه ، لم تهمني معاني الكلمات بمقدار الموقف نفسه الذي جعلني أرتعد وأتساءل وأنظر إليه نظرات وكأنها لا تخرج مني ، تملكني شعور أنيس ولطيف صفق له الحضور بعد إعلان النتيجة أفقتُ من تأثير الموقف عليّ وكأنني عائدة من رحلة في الماضي الذي استيقظ دفعة واحدة ، وصفقت له بحماس مع المصفقين قدم دفاعه بطريقة تليق بمثله من الأذكياء ، فاجأني بطلته المهيبة ، وكلامه المثير وجدت نفسي أقفز للأسفل، ثم أصافحه وأهنئه، صافحني كبقية المهنئين، انتظرت قليلاً وخاطبته بثقة ووضوح:

    - أتذكرني يا دكتور أنا سوزان سوزان الهاشم، ابنة سيادة اللواء أتذكرني؟!





    رد مع اقتباس  

  3. #33  
    المشاركات
    206
    تغيرت ملامحه على الفور ، رمقني بعين قاسية ، فكر في أمر ما واستدار باتجاه أحد أصدقائه ابتعهد عني خطوة ، تصرف وكأنني غير موجودة ، استهجنت الأمر قليلا ، وعاودت الكلام بعد أن وقفت أمامه وجها لوجه :

    - أنا تلميذتك الفالحة سوزان جئت لأشكرك و

    التفت إليّ بانزعاج وقال:

    - ليتك لم تحضري ليتني لم أرك في مثل هذا الوقت الغالي على قلبي لقد أفسدت فرحتي.

    - لكنني أقدرك أيما تقدير.

    - ليتني ليتني

    سألته بغضب:

    - لماذا لماذا؟

    تحدث إلى آخرين وكأنني غير مجودة ، شعرت أنه جرح كبريائي وشموخي ودلالي ، صدمني بقسوته وأنا غير المعتادة على مثل تلك المواجهة هممت على الفور بالانصراف، فلحق بي وقدَّم لي قطعة حلوى مما أحضر للمناسبة أخذتها، فشكرني وطلب مني الانتظار قليلاً، جلست في المقعد الأمامي وكُلي فضول لمعرفة سبب تصرفه غير اللائق ودّع المهنئين، ثم اقترب مني شكرني ثانية ، وقال:

    - أنا متعب جداً، إذا أحببت، نلتقي غداً أمام بوابة حديقة تشرين في الساعة الخامسة مساءً.

    وافقت ومضيت متعثرة بكلماته، وربما لو لم يعدني لَمُتُّ قهراً

    توقفت سوزان عن الكلام بعد تلكيء مفاجئ غرقت في صمت وفي عينيها نظرة استكشاف ، بينما قدرتها سلاف على أنها مجرد نظرة شاردة لا تخلو من لمسة خجل كان الوقت يذوب في عدوى الموقف المباغت ، والبحر يركن إلى انزواء مفتعل خلف حقيبة اليابسة ، يرطن لهجة غريبة، أسلمت سوزان نفسها لخواطرها ، وابتدرت قائلة :

    - أمر غريب آآآه

    - نعم وماذا بعد ؟ سألت سلاف بتلهف

    أطرقت سوزان وهي تتأمل الأرض تلمست وجهها من رطوبة لاذعة فكررت سلاف السؤال :

    - أراك ساكتة؟

    - عموماً أتدبر ترتيب الكلمات لتكون مناسبة

    - تابعي كيفما شئت

    - أخشى من فرض نفسي عليك

    - على العكس تماماً، فكل كلمة قلتها جعلتني أتأثر ، إي والله كلامك مثل السكر على القلب بصراحة أتمنى أن تنهي ما بدأته بسرعة، فأنا لا أحتمل الانتظار كثيراً أتمنى أن تقولي النهاية الآن أنا بنت ملولة

    - لنترك ما تبقى للغد

    قالتها سوزان بليونة لا تخلو من الفضول

    - قد لا أذهب إلى الكلية إذا بقيتِ معي بل مستعدة للاستماع إليك حتى النهاية هذه الليلة

    تكلمت سوزان حول أمر آخر وملامحها مستطيرة وراء خيوط أخرى لا علاقة لها بالموقف ، صبت العبرات الخادرة في محياها الرطب ، وكأنها تستجمع قوة ضرورية كي تتابععم هدوء غض لثوانٍ، تحول إلى عناد طويل المدى افترش البحر وجهي الفتاتين بسعفه الناعم ، وخلد إليه النوم ، فأخذتا بعضاً من نعومته إلى سريرهما

    التحفت سلاف العالم الخارجي كغطاء دافيء ضاق على جسدها، مرت بجانب همسات المساء الذي قدم لها مدا من حيرة وتوتر غير محتد ، ولم يدعها إلى محفل الأقاويل التي تحتاج إلى تفسيرات عميقة : << بدت لي سوزان أقرب من أي وقت مضى، هي لطيفة المعشر ، لكنها تخفي سرا ، مثلي أو أكثر هي ابنة مدينة كبيرة آهههه يا ربي ، لقد خالفتني أحاسيسي هذه المرة، راح تكون صديقة مميزة >>

    ظل البوح يحوم في فرضيات هلامية وأحيانا غير قابلة للرؤيا، أولاوجود لها خاصة وهي تركز حول تعقيدات المدن الكبيرة ومشاكل البنات فيها وكأنها طفلة حاولت أن تصنع حلما من كرات الكرى البني القريب من عينها وبفعل ممغنط جاذب دخل النوم في جسدها وأحاله إلى دمية تستريح من أيدي النهار الطينية

    في اليوم التالي وبعد الانتهاء من برنامج الدراسة ذهبت ودعَتْ بحماس لافت سوزان إلى شرفة غرفتها بعدما أحضرت الموالح وجهّزت المتة أصبح لدى الصديقة بعد هذه الدعوة رغبة أكبر للكلام، وذاكرة أكثر تدفقا واستجاب، وراحت تعالج حركات غير إرادية من يديها وأجفانها ، انتهت بتركيز إرادي، وبعد أول سحبة متة ، تابعت الكلام من حيث انتهت البارحة :

    - في اليوم التالي التقيته حسب الموعد، تجولنا قليلاً في حديقة تشرين لهفة الأمس جعلتني لا أرى في فسحة الحديقة إلا الأسئلة التي جالت وتجول في خاطري بدأ اللقاء جافاً انتظرت منه أن يسألني عن أهلي، أو عن عصام الذي ربطته به علاقة قوية تهرّب وحدثني عن عذابه حتى نال درجة الدكتوراه، سألني عن دراستي وطموحاتي وأهمية العلم في حياة الشباب أحسست أنه يراوغ كسياسي ليس لديه مقدمات للموضوع ويبحث عن مخرج للجلسة الفاشلة بدت الحديقة لا حديقة وأنا وهو طرفان في غاية التناقض توقفنا عند باحة مسرح الحديقة الصغير تأملنا وبنفس الدرجة من الالتباس المدرج المتواضع قال:

    - ليتنا نقول الحقيقة فلو لم تتراكم الأكاذيب لكنا أفضل حتى المسارح صمتت لأن حناجرها استؤصلت.





    رد مع اقتباس  

  4. #34  
    المشاركات
    206
    تجاهلت ما قاله، وامتعضت من بلاغته ابتعدنا عن المسرح باتجاه مكان بناء معرض الزهور الخالي إلا منا بدت الحديقة أكثر وضوحاً وهنا قلت له:

    - أنا أكره الغموض.

    فأجاب:

    - أيضاً أنا أكرهه.

    - إذن نحن متشابهان؟

    - لا أعرف.

    - أو متنافران؟

    - لا أعرف.

    - ماذا تعرف؟

    صمت قليلاً ، وأجاب بصوت خافت :

    - لو تعلمين مقدار كراهيتي لأسرتك لما قابلتني عفواً كلمة كراهية غير مناسبة ولا أستطيع أن أكره والأصح القول خلافي، أو تناقضي الشديد مع أسرتك

    - للتو عبرت عن مشاعرك تجاه أسرتيإذا علمت السبب، فقد أتقبل لا كراهيتك فحسب، بل أكثر

    - ورب العزة ، لا أستطيع أن ألعن أو أكره، لكن لديَّ قدرة هائلة على الرفض ، وبتعبير أدق " على التكيف مع الفضيلة أو الأفضل " والرفض برأيي هو أقرب إلى توصيف ما أنا عليه. أما السباب، فلا ينفع شيئا

    استوضحت منه مغزى فكرته، وأفهمني بلغة الأدب معنى الاختلاف السلبي ، وبلغة ضيعته معنى أن ينفر إنسان من آخر، وبلغة تجربته معنى العصيان ، أو عزة النفس والكرامة الآدمية المهم إنه ابتعد عن أسرتي وتعلم منها دروساً هامة

    بدا مضطربا ، وأقل حماسة مني في قول ما يريد حمسته ، بعدما استوقفتني فكرة التكيف والابتعاد ، وتعاملت معه كالجاهلة علماً أنني فهمت قصده تماما وقلت له بجدية :

    - أسرتي مقدسة ، وما تقوله عنها هو شتائم غير مبررة و لا أسمح لك بذلك

    أعجبه دفاعي الفطري ، وأكد وجهة نظري ، وقال : " إن أسرتك فعلا أكثر من رائعة "

    صدمتني وجهة نظره ، وشرح لي الفرق بين الحقد والكراهية ، وبين وجهة النظر والفكرة والقانون الثابت سألته عن سبب امتعاضه مني ، وفهمته خطأ ، ودار حوار طويل لاأطراف له ، أغضبني كثيراً انزعجت، حزمت أمري بعصبية واستعددت للمغادرة كدت أفقد صوابي تركني أتصرف كما يحلو لي ابتعدت عنه وبعد خطوات توقفت بعفوية بادر إلى ذهني سؤال:

    " يجب أن أعرف لماذا يكرهنا وإذا لم أعرف فيعني أنني فشلت في مهمتي وستبقى سيرته كابوسا يلاحقنى مدى حياتي"

    بقي جالساً على حافة سور جانبي متظاهرا بعدم الاكتراث بي أثار ذلك حنقي أكثر فعدت وألقيت أمامه خطبة طويلة

    وأهم ما قلته :

    - أحضرتني لإهانة كبرياء أسرتي لتشتم لتقول ربع الحقيقة، ولتتوارى خلف ألفاظ مبهمة أحضرتني إلى مكان جميل لتجعلني في أسوأ حالاتي، ولتهدد ضميري وفرحي وغنجي أنت تلعب كمراهق على فتاة تحسب أنها صغيرة ، بالله عليك قل لي كلمة واحدة مفيدة أم أنك جبان؟ اذهب اذهب واشتم والدي وأخي عصامأرني شجاعتكدافع عن كرامتك وأفكارك بقوة إن كنت على حق أما أن تحضرني هنا كي أنقل رسالتك الانتقامية لهما، فلن أفعل ولن أذكر اسمك أمامهما أبداً لن أكون وسيلتك للانتقام غريب أمرك، فقط بالأمس حصلت على شهادة الدكتوراه، واليوم تعلن مشروع كراهيتك المستقبلي ضدي ، وعصيانك الأخلاقي - كما أسميته متفلسفا- ضد أسرة بريئة طاهرة وعظيمة ، تعيش بأمان وتنفذ شهوة الاعتداء والقرصنة عبر ابنتها أتيت لتنتقم بي عن ماضيك أهذه هي الثقافة والعلم يا حضرة الدكتور ؟

    قلت ذلك بعصبية وتشنج مفرط بل قلت أكثر وكأنه جندي بسيط أمامي ، ثم أسرعت مبتعدة ، عندئذ استوقفني ، وقال:

    - كأن والدك هو الذي يتكلم يا إلهي وريثته ورثت حتى تصرفاته على كل حال، حتى الآن لم تسأليني سؤالا جادا ولماذا حدث لي ما حدث

    أجبته بغضب و نفور:

    - لا أريد معرفة أي شيء ، واحتفظ بغرورك أيها الخريج الجديد لنفسك

    كدت أشتمه وهو ينظر إلي ببرودة ، فقال:

    - لازم تفهمي!

    - لقد فهمت كل شيء فأنت تكره وحاقد، ولاتريد الخير لغيرك، وهذا هو عنوانك العريض المكتوب على جبينك، و لا يهمني ما بين السطور

    ظل هادئاً ، وقال:

    - لا لا ! ليس ذلك كل شيء ومن الأفضل أن تعرفي

    - هيا تكلم بلغ رسالتك الانتقامية

    اقترب مني وهو يتكلم متلعثما :

    - ما تطلبين مني الاعتراف به قد نسيته والآن تدفعينني للكلام كان بودي أن أتذكر عصام وحسب أن أخبرك أمرا يخص عذابي من بعد مغادرتي بيتكم عن نجاحاتي عن حياتي الخاصة وبس ، عن جهد إنسان بنى نفسه بنفسه ، لكن من الأفضل أن أعترف قدامك

    - أعتقد أن لديك رسالة لا مجرد اعتراف





    رد مع اقتباس  

  5. #35  
    المشاركات
    206
    - أصبح لديّ رسالة تخصك أنت حصراً.

    - هيا تكلم خبرني

    - اجلسي أولاً.

    اقتربت منه وجلست مقابله على مقعد خشبي واجه عنفي ببرودة وابتسامة كانت غامضة ، وقال:

    - أنا لا أكره أي إنسان على وجه الأرض ولا أستطيع أن أكره هكذا علمتني فطرتي لأن الكراهية شيء مكتسب في حياة البشر ، أنالا أكره والدك الأب والإنسان ، بل أكره رتبته التي شوهته ، رتبته العسكرية البغيضة، الصفة العسكرية اللعينة

    قاطعته قائلة:

    - رتبته العسكرية هي خبزنا، وهي شرفه

    فأجاب بثقة :

    - أتمنى ذلك أرجوك دعيني أكمل أنا مع بذلته لأداء مهمتها لا إلى استعماره لقد أصبحت البذلة هي شخصيته وليست مجرد ثوب، باسمها يأكل ويشرب ويسرق وجعلته فوق القانون، حولته إلى وحش كاسر.

    تمالكت أعصابي وهو يتكلم بتردد

    كانتا متحمستين إلى حد الإثارة ، وظل الماء في الإبريق على وضعه لا ينقص ولا يتزحزح من مكانه حرارتهما أقحمت الجو المائل إلى البرودة في دفء مكنون منعتها سلاف من التوقف ، فاستمرت :

    - البذلة العسكرية، (البوط) العسكري الرتبة النجوم النياشين الشرائط الحمراء الأوسمة كلها نكلت بي باختصار لقد ضربني والدك برأس بوطه الثقيل المدبب وبكفه الغليظ جرحني عذبني لدرجة لا يحتملها عقل بشري ولا حتى بغل بلدي خدمته أربع سنوات ونصف علمتكم كنت سائقه الخاص وخادمه المطيع قبلت أن أكون عبداً له وماسحاً لأحذيته، لكنه أراد أكثر من ذلك احترمت نفسي ونفذت ما كان يطلبه مني كجندي ، فعاملني كالكلب دخلت المؤسسة العسكرية لأعيش أسرتي لا لأصبح كلباً تعلمت جيداً نظام الجيش: " نفذْ ثم اعترض وعلى المرؤوسين طاعة رؤسائهم التامة دون تردد أو تذمر" فأطعت ونفذت فيما يخص أمراً عسكرياً للدفاع عن الوطن، أو في معركة أو تدريب عسكري، لكن للأسف طلب مني التنفيذ في السرقة، وأمرني أن أكون يده اليمنى في أخذ الرشاوى وتهريب مواد الوحدة العسكرية- أغذية وألبسة و قطع سلاح وبيعها في السوق، كذلك بيع البنزين المسروق في محطات الوقودالخاصة وعندما رفضت ضربني ضرباً مبرحاً وأودعني سجن الوحدة هكذا يرتب أموره يدفع الجنود للسرقة، يورطهم، يأخذ الأموال، ثم يرميهم في السجون، وبعدها يحن عليهم ويطلق سراحهم بشرط سكوتهم ونقلهم إلى وحدات أخرى نسبة الخطورة القتالية فيها عالية

    لا أريد التحدث عن الوطنية أو اللا وطنية، وإنما عن حياتي كفرد وجندي وعلاقتي به أربع سنوات كانت كالجحيم لقد رأيت ما رأيت من مآسي عملت سنة كاملة في مزرعتكم بحمص ونصف سنة في مزرعتكم على طريق درعا، وأعرف أن لديكم خمس شقق فخمة في دمشق وشاليه فاخرة في طرطوس بالقرب من المنطار ، وهذا جزء بسيط من فيض ما سرقه

    سجنني والتقيت بالمعتقلين الشرفاء في السجون، وعلمت كيف عذبهم وقهرهم ودمر أسرهم باسم المال الذي سرقه ولا يزال يسرق لا أريد القيام بعملية حسابية بين راتبه وبين أملاكه كي نجد الفرق الهائل وهو الفرق المسروق من أكباد الناس وأرواحهم

    - إذن والدي حرامي؟

    - نعم والدك حرامي وبصراحة أكبر هو مجرم، والدك سرق أموال الدولة وأموال الناس، لديه مكتب خاص لبيع الإجازات، فثمن إجازة مدتها ثلاثة أيام ألف ليرة، وثمن عدم حضور جندي شهراً كاملاً عشرة آلاف ليرة، ونقل عسكري من مكان إلى مكان خمس وعشرون ألف ليرة أنا شاهد عيان على جرائمه تعاملت معه بإخلاص كسائق خاص ، وعندما اكتشفت حقيقته طلبت نقلي إلى مكان آخر، حتى ولو إلى أسوأ الأماكن صعوبة ضربني بيديه، و بوطه حتى أدماني ولم أفق إلا في المشفى وهذه آثار جروحه لاتزال باقية في صدري ويدي وعنقي، و هذه ندبة كبيرة في جبهتي هو لا يحتمل وجود شرفاء، عمل بقوة لإفساد الجميع، وتلويثهم، وتوريطهم، إنه آفة داء سرطاني في جسد المجتمع

    تكلم ومع كل كلمة نطقها كنت أغور في عتمة الغضب والحزن، في متاهات خيبة ، تصببت عرقا ووجعا ، تمنيت أن أوقفه عن الكلام الذي طاح بي إلى جحيم أسود ، قام بحركة تمثيلة ، وكشف عن ندبة كبيرة في زنده ، فعلاً رأيت ندبات جروح قديمة، وأشار إلى أخرى في جبهته تأوه وندب ، انقسمت إلى شخصين : شخص يتابع ما يقوله بشك وريبة ، وشخص آخر أحضر صورة المتهم إلى المكان وراح يتيقن من حقيقة الأمر تعارك فيّ الشخصان تحت وطأة التعابير الجارحة كخنجر يلج قلبي تراءت لي صور عدة لأبي : الأب الحنون ، الضابط الصارم ، اللص الخفي ولكل واحد من هؤلاء صفاته التي بدأت تتضح مع تصوير الدكتور لها

    دفعني كلامه بفضول شديد إلى متابعته، فسماع كلمات مثل حرامي ومجرم وقاهر الناس آذتني كثيراً في البداية وراح يكررها ويكررها حتى شعرت أنه يتكلم عن شخص آخر غير أبي، وذلك كان التحول الذي بدأ مع كلمات الدكتور ، التحول المستتر في حياتي

    - أي تحول؟ سألت سلاف بإلحاح

    كانت الشرفة مثل رقعة معركة تتساقط عليها الكلمات كجثث تم التمثيل بها جراء هذا الاعتراف القاسي كنست سوزان وجعها براحة كفها مسحت دمعة عن باحة وجنتها المغبرة ، وقبرتها بأصابعها المرتجفة تعمدت التحول إلى حديث آخر كعائدة من وداع جنائزي ، شعرت سلاف بتألمها وأمارات التعب بادية على محياها تخاملت في الإجابة ، فمشى خمولها إلى قلب سلاف الذاهل وانزرع فيه ورعا وخشية وترقب وعلى أثر ذلك طلبت منها تأجل الحديث لليوم التالي





    رد مع اقتباس  

  6. #36  
    المشاركات
    206
    لاحظت ندى فيما بعد ركون سلاف الذي يخفي وراءه بوادر خير ، وحماس متزايد لدى سوزان احترمت ندى موقف الصديقتين وإن كانت قد تحشرت بسلاف قليلاً وأسمعتها أغاني فيروز لاحظت نفورها ، فأسرعت وأطفأت آلة التسجيل ثم تركتها وغادرت اشتعل الوقت كشمعة على وشك الذوبان التام أمام سلاف تطاير الضوء أمامها كشذرات محمومة بدأت تشعر بتقلب مزاجها وبقدرة أكبر على ضبطه أخذتها الأيام التي مضت برفقة سوزان إلى راحة منسوجة من ضمير غائب يعتمل مع أوقاتها التي تسبق خطواتها وتندس في الآتي إليها كحلم يقظة استعد لتعلم دروسا في طرح المفاجآت من مقلتي الرغبة خَلَدَ تحديها تحت وهج الحكاية وراح يستريح من شحوبها في ظل خيام تأملها المحاكة من خيوط مصير نما في تربة من علامات الترقيم ، ومحاولة لترويض موجات ترددها الواقع في أثير من اللوعة

    اقترب منها وهج الحكاية ، وأخذها إليه كفراشة تقترب من روح الورد ، وتخشى على بقع العطر من السقوط ، كي لا تُتهم بتهميشها ، أو تتهم نفسها بفعل مشين لبدت في غرفتها لبعض الوقت ، كانت أقرب إلى لهيب داخلي وهي تتعامل مع صورة سوزان كمخلوقة باعثة على مساءلة الذات لم تكن يقينة بما فيه الكفاية تجاه وحدتها وقدرتها على النظر إلى نفسها كطالبة جاهزة لعبور الفصل الدراسي بنجاح انخلعت أركانها النفسية والمعنوية وأصبح وحيها كالطريد لمجرد هذا التصور أعدت مجموعة من التهم ضد واقعها وقررت محاكمتها انفردت بها سَلْطةُ الوقت كسبحة يجمع حباتها في خيطه كي يبعثرها على حين غفلة

    التقت مع سوزان أكثر من مرة أصبحت أحوج إليها من ذي قبل ، هونت عليها مرور الوقت الثقيل ، تحدثتا قليلا عن الدراسة والقرى ، أغرتها الحكاية ، وتقاسمت معها وليمة لمشاعر مضمرة بخصوصية تجربة مغايرة

    مضى يوم أربعاء آخر بطوله وعرضه لم يكن على بال أحد يوم من أيام التكيّف اللائق بها غمست فيه قلمها وكتبت على الورق جرحا كتبت لهفتها وهي تستمع إلى الأستاذ الذي حجت قامته إلى قلبها ، صلّت عيناها من أجله ، دنت إلى مجاله الحيوي القابض على حيرتها المضرجة بنبضها المشرع للاحتمالات ، لابها جوع هتان فنقلته إلى صفحة في أعماقها تركته يعيد بناء ما يشاء في جوف الروح دون أن تقترب منه شعرت أن جنينا طار من كلماته كنطفة مليئة بإكسير الحياة نطفة بمقدار معسكر من القلق والأماني فجأة انفتحت بوابة في أعماقها بأمر خفي ودخلت إليها ابتسامته نكتة قالها ناصية شعره غمزة محفورة في وجنته اليسرى قامته الممشوقة شعر ساعديه نظرات عينيه إجاصة قلب حبال غيرة ونزعة إلى تذوق زمن أدبر ووجه دنا خالجها أمر خفي يسبق التحضير لفرحة الانتظار كمن تستعد لسلب نفسها آهة وترميها باقتدار ككرة في مرمى تشتهيه انغمست في كلمات الأستاذ كمُرَكبِ السكرِ في نسيج تفاحة طازجة رسمت نفسها تحت الحروف التي نطقها نزل قلبها إلى الطاولة التي يقف بجانبها وضعته بين دفتي كتاب ضغطت عليها ورعدت صرخة في أعماقها المبلل به : " يا ويلتي هيا هيا نخرج قبل أن تطلع روحي وتفضحني قدامه ، أو تثور صرختي ضد تماسكني " سبقها جسدها إلى خارج القاعة، وتركت فيها قلبها ومشاعرها التي ترطبت بعد جفاف ، ودبت فيها الحياة بعد منازعة خرجت من محاضرة كلها عناوين ، عنوان عن المستحيل وآخر عن الممكن، وثالث عن مجلس إفتاء حول المجهول ، ورابع عن الجبل الذي التقى جبل وخامس عن الخوف من إجهاض النطفة التي تسري في رحم الصبا شعرت أنها في مقهى كبير تجلس وحيدة أمام مائدة وضيوف من طراز أرستقراطي الأنثى : كالخجل واحمرار الوجنتين ، وخفقان أوتار المراهقة ، ورهبة اللقاء ، واشتعال الروح ، وشدوة الكلمات ، وتأوه دفين يشتعل بالعبرات

    تجاوزتها حفرة الشكوك ودون أن تعي وضعت قدمها عند حافتها ونظرت إلى أعماق محسوسة لليقين رأت وجها جميلا دون أن تميز ملامحه حملقت أكثر من اللازم في وجه خوفها المقابل لها





    رد مع اقتباس  

  7. #37  
    المشاركات
    206
    جرَّ إليها المساء ذيوله وحمل إليها شنتة غاصة بتفاصيل النهار، بقيت مع وحدتها تقلّب عناصر الوقت المسترخية بين يديها فتح هبة ريح عابرة درفة النافذة ، وسحبتها لتنظر في عمق البعيد ، ومن محاذاة نجمة نزلت أمنية خطفت شبحا محتملا للقلق ، ومع مجيء ندى بدأ كل شيء يترتب وفق مشيئة فتوة السهرة ، قصّت لها ندى حكاية شاب وقع في حب فتاة كان قد هزّ لها االسرير وهي طفلة أفرجت سلاف عن ابتسامة رقيقة وبعد تبادل لأطراف حديث جانبي قامت سلاف وبحركة بهلوانية أخرجت دفترا قديما من بين كتبها فيه خواطر وقصائد كتبها شباب ضيعتها ثم طلبت منها الاستماع إليها، أو إلى كلام - شباب ضيعتها - كما وضحت :

    (واجبي لم ينته

    حائر فماذا أقول لمدَّرسِ الحب؟!

    وأنا أقل قدرأنملة من شطارة تلميذ،

    تفاجأ بأن الموعد القادم من عينيك يناجيه ،

    وأنزرع فيه انتظارا،

    ودعوة للمسرة

    تأخرعنه الوقت ،

    والواجب ظل طي الورق الأبيض

    فلَكِ وحدك أعترف،

    يا منتسبةإلى مكتبة الهيام ،

    يا سطرا في كتاب بين يدي لاأرى فيه سواك ،

    أعترف : كسلي يفور بكِ،

    وأملي عكس المألوف،

    نعم أنا الفتى الضال وراء لهفة،

    قلبي مشيئة الهوى ،

    ولن يكون سوى تلميذاً في مدرسة أنتِ فيها )



    * *

    وبعد همهمة وبلع ريق وتبليل الحلقوم ، لثغت ، ثم تابعت :

    -هذا قول لآخر

    -من دون تعليق ، أرجوك أن تكملي

    ابتسمت سلاف ، وقالت :

    -استوجب الأمر التوضيح

    وبعد أن انفكت ابتسامة تالية من ثغر كلتيهما ، انبرت تقرأ :

    ( أنا من مواليد شهر الزرقة ،

    عمري يسبقني،

    والاحتفال بي مؤجل لحين ولادة خامسة ،

    أنا بريء كأيامي التي لم تخط بعد في حياتكم

    وحق الآتي من الأعياد

    إنني محمية للرحيل ،

    وينحني على كتفي الزمن)

    * *

    أخذت ندى الدفتر قرأت كلاماً بطريقة خطابية لشخص ثالث:

    " حيث المياه تجري

    لا يسمح لي بالوقوف كالأبله

    تنفر عيني من مآقي العبث

    إلى وجدان مفتوح للرؤيا ،

    ويتآلف نسيجي مع أعماقه

    تُنحر المجاهيل عند عتبات الانتظار

    كل شيء يتحرك،

    وتأخذني المقدمات الكسيحة إلى فنجان هوى

    تنهض الطريق ولا أصل

    لأن كل شيء يبقى يتحرك،

    وكل ما يؤذيني ضعيفٌ،

    فإيماني في سلوة الروح

    والروح في براعم الجدل "



    وفي صفحة أخرى قرأت:

    " الصفر ليس هو العدم،

    يتسع لكل الأرقام مثله مثل الورقة البيضاء التي تتسع

    للكلمات

    ومثل السماء الواسعة التي تتسع لملايين النجوم،

    فمن دون فسحة الصفر لا تشع الأرقام"





    رد مع اقتباس  

  8. #38  
    المشاركات
    206
    كان الجو يغور بهما ، وتتشربهما الكلمات كساقية ذابت فيها قطرات ندى ، والغرفة تتمدد باتجاهات عدة نحوأثير للوجد وبعد استرخاء كروي ، تجاوز محيطه إمكانية حسابه ، استطردت ندى قائلة : كلام أهالي ضيعتكم صعب وكذلك حكاياتكم مثيرة لا أزال أذكر حكاية الشيخ التي سردتها لي أمك،عندما تعب وهو عائد من العمل، نام بجانب العين ليستيقظ صباحاً ويجد نفسه في فراشه وقتئذ حلمت بملكة الجن الجميلة التي حملته على شعرها الطويل كبساط ريح إلى منزله حلمت بتلك الحكاية أكثر من مرة

    تكلمت ندى بإسهاب عن قرية ( رعوشها) مثل أيدي تتكاتف لتحرس ( الحواكير) ، وتصطف عند امتدادها أشجار كأنك في جنة توحي بزمن قديم زمن موعود يولد من سهرة ينتظرها الجالسون على المصاطب ويلقون التحية على القادمين بنظراتهم الهادئة والفضولية << إنها ضيعتكم يا سلاف دخلتها فجعلتني أحس كأنني حيوان فقد شراسته وكائن ينحني للفطرة الموجودة حتى في الحجارة المغطاة بطحالب لم تمس منذ قرون قرية كل شيء يجعلك تلاحظينه بقوة كأنه قريب من أقربائك >>

    جعلت سلاف تسير مع هذا الوصف بروحها على درب معبدة بصور وإيحاءات خرافية جعلتها تخلع عن أحشاء حبها لقريتها فروة شيخ عتيقة ، وتطل على نفسها من مرآة هذه الصور، ومن صفحات قرية رأسمالها وجودها الآمن وحسب تراءت لها القرية من وراء نظرها الذي افترش عالما ساحرا يتشكل من قرى متموجة فوق الجبال ومن تحت الكلمات عالما حرا تفجر فيها كإيمان ناسكة التقت شيئا عظيما تتأمل لقاءه

    وضعت ندى القرية أمامها على الطاولة ، تحدثت عن تلك اللحظات الهامة التي أثرت بها << قرية الذي يزورها يكسب عمرا آخر يتضاعف عمره عفوا يعيش دفعة واحدة ألف عام >> ، ظلت موسوقة إلى زغب الذكرى وكأنها مع حلم

    سألت سلاف باستلطاف :

    - لكن مشتى الحلو مثل قريتنا ؟

    - صحيح لكن بلدتنا بدأت تفقد بصرها كما وصفها قديس بسبب التمدن المزيف الذي بدأ يجتاح الجزء السفلي من جسدها، وأهمل الجزء العلوي منه

    رعدت سلاف ضحكة مفاجئة ، وسألت بعفوية :

    - ماذا تقصدين ؟

    - لا يحتاج الأمر إلى ذكاء كبير، أو

    أشارت إلى صدغها بجدية من سبابة مستقيمة كرأس حربة

    دافعت سلاف عن القرى الواقعة على الشريط الساحلي واستطردت : " قرى الجبال أنظف لا تستطيع الخطايا تسلق جبالها العالية كما قال الشيخ "

    تمهلت ندى التعليق تاركة المجال لصديقتها كي تعبر عن رأيها الذي لم تسمعه من قبل بهذا الشأن ، تركت سلاف جسدها ينتصب كخيزران ويمتليء بحيوتها الآنية وضعت يدها على خصرها مقلدة فلاحة سيركبها الفجور ، وأطرت تقول :

    - هل تعلمين أن معمري الضيعة وشبابها يشتغلون على حل لغزين: لغز ولادة الإنسان، ولغز كيف ينبت الزيتون؟

    - وهل وصلوا إلى حل ؟

    - يقول أحد الشيوخ المعمرين ، وهو إنسان ملهم، إن الحياة تتحور وتتحول لا أكثر ولا أقلأما التحويل وهو صناعة بشرية، فكارثة لأنه خرج عن منطق الإبداع، وقوانين الاستنساخ الخلوية تكلمنا عنها منذ ألف عام وزدنا عليها قانون الاستنساخ الروحي، أي الروح لا تموت وتنتقل من جسد إلى جسد وهي تتجزأ في رحلة مستمرة لا تتوقف وتحل في أي كائن حي حتى في الأزهار والأشجار وبهذا المعنى نوحد الحياة يقول أخي ماهر وشلته إن الصوت واحد متوحد ، والنبض واحد، والحركة واحدة لا يوجد سكون أبداً أبدأً قالت جارتنا ، أن الحب لا يحتاج لمن يدافع عنه هو حي ويدافع عن نفسه بجعل الكراهية أقوى بس لا أفهم كل ما يقولونه

    انتفضت ندى ، وسألت على الفور:

    - بجعل الكراهية أقوى ؟!

    - أرجوك ، لا تسأليني كيف هذا ما قالته ولم أفهم قصدها بالضبط

    طلبت منها ندى أن تكمل بعدما لاحظت تحولا في لهجتها ، وروحا تسمو في فضاء الرغبة الراعدة ، وكلاما عن الحب يلتهم شحوبا مزمناً أرجعت ذلك إلى تأثير سوزان عليها واعتقدت أنها تقدم لها أفكارا مؤثرة كعادتها ، واقتربت من إقناعها بوجهة نظرها ورددت في نفسها : << أعرف أن سوزان بطلة ولديها ذكاء خارق وتأثير كبير روحها من معدن ساحر ، لقد بدأت تطوع سلاف >>

    بين شرود ندى ، وإنطلاقة سلاف نحو مكاشفة غير منظورة ، بدأ الحديث يشبُّ، تابعت سلاف :

    - سمعت عمتي تتكلم عن القرية السعيدة والحب والفطرة كانت كلماتها تمر بجانبي كقصاصات ورق توهتها الريح والآن بدأت ألملم تلك الجمل كأنها قيلت أمامي لتحيا أبداً.

    - أتمنى لو أن عمتك هي عمتي ؟

    - يا بنت خذيها أظن أنها عمة لكل فتاة

    - سأذهب إليها هي مثل كنز

    طال بينهما الحديث تناوبت عليهما الأفكار والأسئلة كأنهما في لعبة مسابقات تلفزيونية بقيت ندى على حد شفرة من قلقها بخصوص علاقتها مع رضوان ، وخشيت من طرح أي سؤال أمامها وكانت سلاف تراقب حرج صديقتها بعين تطل من إحساسها الداخلي عليها وتتعامل معها بطفولة





    رد مع اقتباس  

  9. #39  
    المشاركات
    206
    اعتقدت سلاف أن ندى لا تعرف علاقتها التي تحسنت مع سوزان، وقدمت لها عرضا سريعا لفكرة الحب الذي ولد من ماهية أخرى غير قابلة للموت أو التناحر بينما الكراهية قابلة للموت والدفن - حسب تعبير أمها - وأرادت أن تسهب بالشرح حول جدوى الحياة ، وانتقال الروح من جسد إلى آخر، من جسد ميت إلى آخر ميت يحيا بها ، أو من جسد حي إلى آخر على وشك الموت روحيا فيحيا عبر شيفرة الحب

    ارتاحت ندى لهذا الحديث المباشر والحي لأكثر من سبب ووجدت أن صديقتها بدأت تتعافى من الصدمة الأولى للغرام وهمست : " سوزان ابنة حلال ، وستؤثر عليها من خلال تجربتها الطويلة على الأغلب ستقص لها قصتها وبطلات الروايات التي تحب قراءتها ، لديها خبرة ومغامرة تستهوي كل فتاة "

    لم تكن على إطلاع إلى أين وصلت سوزان في سرد حكايتها لسلاف، وكيفية سردها ، أم أنها تسرد حكاية أخرى ، رغم شكوكها البسيطة بذلك ظلت على رهانها بأنها ستحكي قصتها ، اكتفت بشعورها الإيجابي، و بثقتها العمياء بها وبشخصيتها التي تحفظها عن ظهر قلب كما عكس عليها تصرف سلاف راحة بال وبحيرة اطمئنان

    في لحظة من انكبابهما على الدراسة اجتاح عصيان مركب مخيلة سلاف انتفاضة مدبرة ضد هدوئها الذي فرحت به لم يكن المنام الذي رأته في غفوة الظهيرة أي تأثير عليها ، نذرت أن تقرأ كل يوم نصف ساعة زيادة لتتخلص من احتمالاته غير المتوقعة

    تمنت أن تذهب إلى غرفة سوزان وتمسكها من يدها لتتابع مباشرة من حيث توقفت شعرت برغبة جامحة في استكمال قصتها بين هذه المواقف المركبة آثرت ندى الصمت الذي ترجمته بنقل بعض التعابير من دفتر سلاف مثل:

    " أنا بريء كأيامي التي لم تخط بعد في حياتكم."

    و " كل ما يؤذيني ضعيف" و " الحب يريد أن تكون الكراهية أقوى "

    نطت من مكانها وأخذتها مباشرة إلى سوزان التي أعجبت بها، وأعربت لها عن اهتمامها بتصرفات سلاف دون أي سؤال حول علاقتها بها مسلمة حشريتها لجهاز طرد نفسي يهذب الفضولية

    توقفتا طويلا عند فكرة " قوة الكراهية " وقررتا العودة إليها بعد حين





    رد مع اقتباس  

  10. #40  
    المشاركات
    206
    التقت الفتاتان مساءً أمام طبق المتة والرغبة لدى كلتيهما في متابعة ما توقفتا عنده بعد انتظار لم يطل باشرت سوزان الكلام بعد مقدمة قصيرة ، ثم انتقلت لما قاله الدكتور :

    - هل تفهمين قصدي، أنا لا أكره أحداً حتى ذلك الرجل الذي ضربني، ثم أودعني السجن لمدة ستة أشهر بتهمة مخالفة الأوامر العسكرية تصوري وأنا في السجن أعذب يومياً بتهمة مخالفة الأوامر نعم خالفت أوامره بالسرقة وإعداد ملفات سرية ضد الأبرياء ومعاقبتهم والافتراء عليهم نعم رفضت أن أكون يد والدك التي تسرق رفضت أن أكون لصه عرّابه سجنني تقبلت العذاب لنفسي، أما أسرتي المستضعفة، فدخلت في آلام عنيفة لانقطاع أخباري عنها ولتوقف المساعدة المالية اتهمني والدي بالخيانة و وصفني بالولد العاق - كان على حق- ستة أشهر لم تصله مني رسالة أو خبر جنّ جنون أمي وإخوتي، حاولوا الوصول إلي، ففشلوا بعد خروجي من السجن، سجن كل نزلائه أبرياء طلبت تسريحي من الجيش، ففعل والدك تصالحت مع أسرتي وأخبرتهم الحقيقة لكنني لم أستطع أداء واجبي المادي تجاههم كتأمين الدواء والخبز والتعليم لحين إيجاد عمل لي هنا في مؤسسة لبيع الدجاج والبيضأقسمت أن أتابع دراستي وأعيل عائلتي حتى النهاية تلك كانت ردة فعلي على معاناتي، وعلى والدك - سيادة اللواء العظيم وصاحب الحظوة - تابعت تعليمي بحماس ، ودربت نفسي طويلا على نسيان ما فعله بي قطع الرزق عن عائلتي ، وأخرني عن تحقيق مشاريع كنت قد خططت لها ضيّع زهرة شبابي في ردهات الخوف، سرق حماسي للدراسة ، وهكذا ضاعت طاقة كنت أنا ووطني بحاجة لها لا أدعي التفلسف والحنكة والتعالي، لكنني مع أصدقائي العساكر فاجأنا نظام الجيش والذي أفهمنا أنه نظام لعسكرة النفوس والأخلاق ، جعل العسكري يرى العالم من فوهة بندقية ومع أول أيام التحاقنا بالقطعة العسكرية وارتدائنا اللباس العسكري ، تغيرنا وانقلبنا على أنفسنا وتصورنا أن كل مدني هو عدو لنا ويمكننا دوسه بالبوط ، وحدثت مشاكل كثيرة مع الناس العاديين بسبب تلك النفسية المريضة التي لم تزعج والدك يوما ، بل كان يغذيها فينا الأهم في كل هذا أنني نسيت تناسيت المهم أصبح الأمر من الماضي أحلفك بالله أن تضعي نفسك مكاني ولو للحظة وتصوري أن يحرم والدك من العلاج بسبب شخص آخر ماذا سيكون موقفك منه؟

    لقد ماتت أمي بعد ستة أشهر بسبب نقص الدواء ماتت ونسيت أن يكون السبب هو والدك وأمثاله الذين يقتلون الآلاف من أبناء البلد ونصفق لهم وهم يعبرون فوق الجثث بسيارتهم الفارهة ووجوههم المكتنزة بشراهة التعلق بالخمر ، وبطونهم الدهينة لحظتئذٍ سألني عن موقفي ، فامتنعت عن الإجابة

    أصرَّ سائلاً:

    - أرجوك قولي اقبلي ما كان يجب أن أقبله، وارفضي ما كان يجب أن أرفضه كوني صريحة لقد تحملت الجوع والفقر والضرب مقابل ألا أسرق، بينما رفاهيتك والثوب الجميل الذي تلبسينه مسروق من لحمي ودمي والسيارة التي تركبينها هي من حقي أنا هي لي ولأسرتي وأبناء قريتي أعرف أنها لي وساكت مع أنه باستطاعتي فعل شيء ضده ، لكنني تماسكت ، ووجدت طريقا أخرى وها أنا كما ترين الآن عبداً فقيراً بيد أحلامي التي حققت جزءا منها

    أرجوكِ أن تتحملي قسوتي، لكن لابد من الكلام لا لأنني أرغب به، بل لأنك دفعتني إليه

    لقد تحررت من ردة الفعل، ومن الانتقام ، ليس لدي مشكلة مع أحد وإذا أردت، فأتوقف عن الكلام فورا ، وليذهب كل واحد منا في حال سبيله

    رجوته أن يتابع، بينما أقف أمامه كحشرة ضارة، فتابع:

    - كان يطلب مني السير إلى اليمين، فأفعل ثم يقول، ألم أقل لك إلى اليسار يا حمار؟ اعتبرت الشتائم كلاماً مردوداً على صاحبه كان ينقل تموين الوحدة العسكرية إلى أصدقائه، ويبيع بعضها في المطاعم، بينما يتضور جنود الفرقة جوعاً كان يمنع علي النظر للخلف أو لأية جهة عاملني كعبد حقير، بل أسوأ في هذا العصر الذي التغت فيه العبودية، وبصراحة أكبر كان هذا شعور الجميع في الوحدة العسكرية - الشعور بالعبودية تصوري ذات مرة كنا عائدين من حمص، و قبيل النبك أراد أن يبول، فنزل من السيارة وبعد لحظات أُغلق الباب الذي تركه مفتوحاً، وهو عادة يجلس في المقعد الخلفي إلى اليمين كعادة المسؤولين الكبار لذا لا أستطيع رؤيته من خلال المرآة، وعندما سمعت صوت الباب حسبت أنه أخذ مكانه وتابعت باتجاه دمشق لأفاجأ أنني تركته ورائي ، والذي أغلق الباب هو الهواء المهم أنه لحق بي وسجنني أسبوعين وذات مرة سافر إلى الصين في مهمة عسكرية لمدة شهر، وعندما عاد عاقب الرقيب الذي يكتب محاضر جلسات الاجتماعات البعثية، لأنه وضع إلى جانب اسمه : غائب بعذر، وأعاد كتابة المحاضر ليسجله حاضراً، بينما كان خارج البلاد

    كان سيكمل تعداد العيوب الأخرى، أوقفته و أنا أرتجف اعتذرت وطلبت منه اللقاء في اليوم التالي، وفي الموعد نفسه، فوافق بدأت ليلة طويلة وقاسية، ليلة شيطانية ، شعرت أنني مرتكبة ذنوب أبي وفواحشه كلها، وأتحمل أخطاء المظلومين في العالم كافة كوني لم أمتلك الذكاء الكافي و أستشف تصرفات والدي الذي لم أر فيه حتى تلك اللحظة إلا الطهارة كلمة قلق أو إرهاق وحدها لا تكفي لوصف حالتي ولأول مرة رفضت الذهاب للكلية أحسست أنني حرامية محترفة و مكشوفة لدى زملائي، لكن لا يتجرأ أحد على قول مثل هذه الكلمة، أو غيرها من كلمات الاتهام ضدي بدوافع الزمالة، أو التملق لتحقيق مآرب شخصية، أو الخوف من ابنة سيادة اللواء، تمنيت أن يفجر أحدهم غطرستي بكلمة ، أو إشارة عابرة أن يتهمني أي زميل ويعلن أمامي ما يدور في كواليسهم من كلام عني كانوا حذرين وخائفين من ردة فعلي المهم شعرت أنني تعريت أمامهم دفعة واحدة ، وعليَّ مواجهتهم وتحمل نظراتهم الرهيبة في وجهي التي كانوا يرمقونني بها أحيانا، لكنني كنت أعتبرها حسدا وضيق عينهكذا تراءى لي المشهد إلى حين موعدي معه: فتاة متهمة، أسير في الكلية، كأنهم يشتمونني ويبصقون عليَّلا أبكي ولا أحاول الهروب ولا أندم، بل أطلب المزيد من اللعنات لأنني أستحق وأستحق أن أسحق على الأقل لأنني لم أعِ ما هو عليه حالنا،وحال أبي الذي جمع ثروة خرافية من جيوب الناس شعرت أنني أقف على أبواب جهنم ومجرد ( دفشة ) واحدة أسقط في قيعانها





    رد مع اقتباس  

صفحة 4 من 8 الأولىالأولى ... 23456 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. الفتاة التي ماتت عارية أمام الماسنجرالرجاء عدم دخول القلوب الضعيفة
    بواسطة مِـفآهيم آلخجـلْ في المنتدى صور × صور و خلفيات مصوره
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 16-Feb-2009, 11:15 AM
  2. الرواية
    بواسطة لون مجهول في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 22-Aug-2007, 02:47 PM
  3. الغفلة التي تقتل القلوب
    بواسطة هووواوووي في المنتدى رياض المؤمنين
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 09-Apr-2007, 10:52 PM
  4. ][®][^][®][حــــب أبــدويــة ][®][^][®][
    بواسطة الـفـارس الـمـلـثـم في المنتدى محبرة شاعر - شعر - قصائد - POEMS
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 15-Oct-2006, 04:13 AM
  5. حصريا:الرواية الاخيرة التي كتبها صدام حسين
    بواسطة قلم رصاص في المنتدى روايات - قصص - حكايات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-May-2006, 03:40 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

عرض سحابة الكلمة الدلالية

المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •