" إنه موضوع زواج دانه ! لن أخبرك بالتفاصيل و إلا وبختني ! يجب أن تحضر قبل مساء الأربعاء المقبل "
كان أمرا فاجأني ، و هو أكبر من أن أناقشه مع رغد و رغد بالذات على الهاتف في مثل هذا الوقت . و المكان .
لذا اختصرت المكالمة بنية الاتصال نهار اليوم التالي لمعرفة التفاصيل .
" حسنا ، سأتصل غدا . إلى اللقاء "
" وليد . "
حينما سمعت اسمي على لسانها ارتجف فكي أكثر مما كان عند رؤية سيارة الشرطة
خرجت الكلمة التالية مبعثرة الحروف .
" نـ . ـعم . صـ . ـغيـ . ـرتي "
" عد بسرعة ! "
و التي عادت بسرعة هي ذكريات الماضي .
و الذي طردها بسرعة هو أنا
لم أكن أريد لشيء قد مات أن يعود للحياة .
قلت :
" سأرى ، وداعا "
و بسرعة أيضا أغلقت السماعة .
كم شعرت بقربها . و بعدها .
حينما عدت إلى المنزل ، وقفت مطولا أمام غرفة رغد أحدق ببابها . حتى هذه اللحظة لم أجرؤ على فتحها هي بالذات من بين جميع غرف المنزل الموحش .
دخلت إلى غرفتي الغارقة في الظلام ، و تمددت على سريري بهدوء .
( عد بسرعة . عد بسرعة . عد بسرعة . )
ظلت تدور برأسي حتى حفرت فيه خندقا عميقا !
سمعت طرقا على الباب . طرقا خفيفا . جلست بسرعة و ركزت نظري ناحية الباب . كان الظلام شديدا .
شيئا فشيئا بدأ الباب ينفتح . و تتسلل خيوط الضوء للداخل
و عند الفتحة المتزايدة الحجم ، ظهرت رغد !
رغد وقفت تنظر إلي و وجهها عابس . و الدموع منحدرة على خديها الناعمين .
هتفت .
" رغد ! "
بدأت تسير نحوي بخطى صغيرة حزينة . مددت ذراعي و ناديتها :
" رغد تعالي . "
لكنها توقفت . و قالت :
" وليد . عد بسرعة "
ثم استدارت عائدة من حيث أتت
جن جنوني و أنا أراها تغادر
قفزت عن سريري و ركضت باتجاهها و أنا أهتف :
" رغد انتظري .
رغد لقد عدت .
رغد لا تذهبي "
لكنني عندما وصلت إلى الباب كانت قد اختفت .
أسرعت إلى غرفتها أطرق بابها بعنف .
كدت أكسره ، أو أكسر عظامي . لكنه ظل موصدا .
كما هي أبواب الدنيا كلها أمام وجهي .
أفقت من النوم مذعورا ، فوجدت الغرفة تسبح في الظلام و الباب مغلق .
لم يكن غير كابوس من الكوابيس التي تطاردني منذ سنين .
و رغم أنها تعذبني ، إلا أنها تمنحني الفرصة لرؤية صغيرتي التي حرمت منها منذ سنين . و لم يعد لها وجدود .
في اليوم التالي ، اتصلت بوالدي و عرفت منه تفاصيل الموضوع . و لكم أن تتصوروا اللهفة التي كان هو و أمي و دانة أيضا . يخاطبوني بها
أختي الصغيرة . التي كبرت بعيدا عن أنظاري و رعايتي و اهتمامي ، أصبحت عروسا
" وليد يجب أن تحضر و تجلب لي هدية أيضا ! "
و الآن . و بعد مرور شهر واحد من هروبي منهم ، و عزلتي في المنزل، صار علي أن أعود إليهم من جديد . أجر أذيال الخيبة و الفشل .
في المساء ، ذهبت لسيف و أخبرته بما جد من أمري ، و أخبرني بأنه استطاع تدبير وظيفة لي في الشركة التي يعمل فيها و يملك جزءا منها
و بدأ أول أبواب الدنيا ينفتح أمامي أخيرا .
" يجب أن تعود بأسرع ما يمكن لتباشر العمل "