الملاحظات
صفحة 8 من 26 الأولىالأولى ... 67891018 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 71 إلى 80 من 255

الموضوع: رواية انت لي كامله

  1. #71  
    المشاركات
    3,259
    الحلقةالثالثةعشر
    ********









    ذهبنا أنا و دانة لرفع الأطباق عن المائدة
    كان الضيف مع أبي و سامر ، و وليد في غرفة الضيوف ، فيما تعد والدتي الشاي في المطبخ .
    لأن سامر يجلس عادة إلى يسار والدي ، فلا بد أن الضيف قد جلس إلى يمنه ، و لابد أن الكرسي المجاور له كان كرسي وليد .

    " من كان يجلس هنا ؟ "

    سألت ، بشيء من البلاهة المفتعلة ، فأجابتني دانة بسحرية و هي ترفع الأطباق :

    " ما أدراني ؟ أتصدقين . لم أكن معهم !
    أقصد كنت أجلس على الكرسي المقابل لكنني لم أنتبه لمن كان يجلس أمامي ! "

    قلت :

    " و ما دمت قد كنت جالسة معهم ، فلماذا لا أرى أطباقا أمام مقعدك "


    رفعت دانة نظرها عن السكاكين و الملاعق و الأشواك التي كانت تجمعها ، و هتفت بغضب و حدة :

    " رغد ! "

    و هي تحرك يدها مهددة برميي بالسكاكين !

    قلت بسرعة :

    " حسنا حسنا لن أسأل المزيد "

    و صمتنا للحظة

    ثم عدت أقول :

    " الشخص الذي كان يجلس هنا . لم يأكل شيئا ! ربما لم يعجب الضيف طعامنا ! "

    كنت أريد منها فقط أن تقول شيئا يرجح استنتاجي بأن وليد كان هو من يجلس على هذا المقعد .
    جلست على ذلك المقعد ، و أخذت إحدى الفطائر من الطبق الموضوع أمامي و بدأت بقضمها

    التفتت إلى دانة ناظرة باستهجان :

    " ماذا تفعلين !"

    مضغت ما في فمي ببطء شديد ثم ابتلعته ، ثم قلت :

    " أرى ما إذا كانت الفطائر في هذا الطبق غير مستساغة ! لكنها لذيذة ! لم لم تعجبه "

    طبعا كنت أتعمد إثارة غيظها ! فأنا أريدها أن تأمرني بالمغادرة فورا لأنجو من غسل عشرات الأطباق . فقد تعبت !

    دانة كانت على وشك الصراخ بوجهي ، إلا أن والدتنا أقبلت داخلة الغرفة لتساعدنا في رفع الأطباق و تنظيفها ، فأسرعت بالنهوض و عملت بهمة و نشاط خجلا منها !

    بعد أن انتهيت من درس الغسيل هذا ذهبت إلى غرفتي و أنا متعبة و أتذمر
    كنت قلقة بشأن بشرة يدي التي لا تتحمل الصابون و المنظفات
    أخذت أتلمسها و شعرت بجفافها ، فأسرعت إلى المرطبات و المراهم ، و دفنت جلدي تحت طبقة بعد طبقة بعد طبقة منها !

    قلت في نفسي :

    " رباه ! إنني لا أصلح لشيء كهذا ! كيف سأصبح ربة منزل ذات يوم ؟ لا أريد أن أفقد نضارتي ! "

    و تذكرت حينها موضوع زواجنا الذي كدت أنساه !
    لا أعلم ما إذا كان سامر قد تحدث مع والدي بشأن الزواج أم لا . فقد شغلنا جميعا حضور وليد عن التفكير بأي شيء آخر .

    اضطجعت على سريري بعد فترة ، و أنا متوقعة أن أنام بسرعة من شدة الإرهاق . إلا أن أفكارا كثيرة اتخذت من رأسي ملعبا ليلتها و حرمتني من النوم . !

    حتى هذه اللحظة لا زلت أشعر بشيء يحرق داخل عيني .
    إنها نظرة وليد المرعبة الحادة التي أحرقتني .
    تقلبت على سريري كما تُقلّب السمكة أثناء شويها !
    كنت أشعر بالحرارة في جسدي و فراشي .
    فنظرت من حولي أتأكد من عدم انبعاث الدخان !

    لماذا حدّق بي وليد بهذا الشكل






    رد مع اقتباس  

  2. #72  
    المشاركات
    3,259
    تحسست يدي اليمنى باليسرى ، و كأنني لا أزال أشعر بالألم فيها بل و توهمت توهجها و احمرارها . و حرارتها .
    إنه طويل جدا ! لا يزال علي ّ رفع رأسي كثيرا لأبلغ عينيه .
    و رفعت رأسي نحو السقف ، أعتقد أنني رأيت عينيه هناك ! معلقتين فوق رأسي تماما .

    بسرعة سحبت البطانية و غطيت رأسي كاملا . و بقيت هكذا حتى نفذت آخر جزيئات الأوكسجين من تحت البطانية فأزحتها جانبا ، و انتقل الهواء البارد المنعش إلى صدري مختالا ، إلا أن حرارتي أحرقته ، فخرج حارا مخذولا !

    عدت أنظر إلى السقف ، و أتخيل عيني وليد . و أنفه المعقوف !
    و أتخيله يضع نظارة سامر السوداء التي تلازمه كلما خرج من المنزل ، كم ستبدو مناسبة له !

    لا أعرف كم من الوقت مضى و أنا أتفرج على الأفكار السخيفة و هي تلعب بحماس داخل رأسي !
    كنت أريد أن أنام و لكن .
    نظرت إلى ساعة الجدار و رأيت عقربيها الوامضين يشيران إلى الساعة الواحدة ليلا .
    ليس من عادتي أو عادة أفراد عائلتي السهر . لابد أن الجميع يغط الآن في نوم عميق فيما أنا مشغولة بعيني وليد !

    لدى رؤيتي للساعة تذكرت شيئا فجأة ، فجلست بسرعة :

    " الساعة ! "

    و بسرعة خاطفة ، نهضت عن سريري و خرجت من الغرفة و ركضت نحو غرفة الضيوف .

    لقد وجدت الباب مغلقا ، فوقفت حائرة .
    ترى هل يوجد أحد بالداخل
    و خصوصا من النوع الذي تتعلق عيناه في الأسقف

    قربت رأسي و تحديدا أذني من الباب ، قاصدة الإصغاء إلى أي صوت قد يدل على وجود شخص ما ، مع أنني واثقة من أن أذني ليستا خارقتين ما يكفي لسماع صوت تنفس بشر ما يفصلني عنه باب و عدة خطوات !

    لكني على الأقل ، لم أسمع صوت المكيف !

    لمست مقبض الباب الحديدي ، و لأنه لم يكن باردا اعتمدت على هذا كدليل قاطع يثبت أن المكيف غير مشغل ، و بالتالي فإن أحدا ليس بالداخل !

    أعرف !
    أنا أكثر ذكاءا من ذلك ، لكن هذه اللحظة سأعتمد على غبائي !
    فتحت الباب ببطء و حذر . و تأكدت حينها أنه لم يكن هناك أحد.
    أضأت المصباح و توجهت فورا إلى المكان الذي وقعت فيه الساعة بعد ارتطامها بالحائط . خلف المعقد الكبير .

    كانت هناك مسافة لا تتجاوز البوصتين تفصل المقعد الكبير عن الجدار .
    حاولت النظر من خلال هذا المجال الضيق إلا أنني لم أستطع رؤية شيء

    صحيح أن حجمي صغير إلا أن يدي أكبر من أن تنحشر في هذه المساحة الضيقة محاولة استخراج الساعة !

    " تبا ! ماذا أفعل الآن "

    شمّرت عن ذراعي ، و تأهبت . ثم أمسكت بالمقعد الكبير و حاولت تحريكه للأمام محاولة مستميتة
    لكن مفاصلي كادت أن تنخلع دون أن يتزحزح هذا الجبل عن مكانه قدر أنملة !

    " أرجوك أيتها الساعة أخرجي من هناك ! "

    ليتها كانت تسمعني ! لماذا لم يصنع الإنسان ساعة تمشي على أرجل حتى يومنا هذا

    شعرت بإعياء في عضلاتي فارتميت على ذلك المقعد .

    رباه !
    ستضطر غاليتي للمبيت بعيدة عني . مجروحة و حزينة و لا تجد من يواسيها !
    وضعت وسادة المقعد على صدري و أرخيت عضلاتي .
    لم أشعر بنفسي .
    و لا حتى بالحر الذي يكوي داخلي قبل خارجي
    و استسلمت للنوم !






    رد مع اقتباس  

  3. #73  
    المشاركات
    3,259
    ~ ~ ~ ~ ~ ~







    و لا للحظة واحدة بعد النبأ القاتل ، استطعت أن أرتاح .
    متمدد على سريري منذ ساعات . و أفكر في نهايتي البائسة .
    طلع النهار منذ مدة و امتلأت الغرفة ضوءا مزعجا ، أصبحت أكرهه . بل و أكره الشمس التي أجبرت عيني على استقبال النور .

    نهضت عن السرير و أنا أحس بالآلام في جميع مفاصل بدني . و ما أن جلست ، حتى وقعت أنظاري التائهة على أشلاء الصورة المبعثرة فوق أرضية الغرفة

    أتيتها ، و التقطتها قطعة قطعة و كومتها فوق بعضها البعض و ضممتها إلى صدري .

    وضعتها في جيبي ، و هممت برمي أجزاء الورقة الممزقة ، لكنني لم أقو على ذلك .

    كيف لي أن أمحو من الوجود شيئا جاءني منك
    آخر شيء جاءني منك .
    و آخر شيء سأستلمه على الإطلاق .
    كان الصباح الباكر . حملت علبة سجائري و خرجت من الشقة و إلى الشارع ، و أخذت أتمشى .

    لم يكن هناك سوى بعض السيارات تمر بين الفينة و الأخرى ، و بعض عمال النظافة متناثرين في المنطقة بزيهم المزعج اللون .

    لم يكن في المنظر ما يبهج النفس أو يريح الأعصاب .

    بدأت أدخن السيجارة تلو الأخرى ، فهذا هو الشيء الوحيد الذي يشعرني بالراحة المزيفة .

    تفكيري لم يكن صافيا ، إلا أنني عزمت على الرحيل عائدا إلى بيتي .

    بعد قرابة الساعتين ، عدت للشقة فوجدت سيف و قد خرج توه من دورة المياه بعد حمام منعش ، تفوح منه رائحة الصابون .

    ألقى علي تحية الصباح بمجرد أن رآني ، فرددت و أنا أشعر بالخجل من رائحة السجائر المنبعثة مني إزاء رائحة النظافة و الصابون الصادرة منه !

    " هل نمت جديا لا تبدو نشيطا ! "

    قال سيف ذلك ، و هو يدقق النظر في الهالتين السوداوين اللتين تحيطان بعيني الكئيبتين الحمراوين .

    لم يكن علي أن أجيب ، فقد جاءه الجواب بليغا من مظهري .

    قال سيف :

    " أنني أفكر في الطعام ! أ لديكم في البيت ما يؤكل أم أفتش عن مطعم !؟ "

    كان يقول ذلك بمرح و دعابة ، لكني كنت في حالة سيئة للغاية . أسوأ من أن تسمح لي بأي تفكير لائق أو ذوق سليم ، قلت :

    " دعنا ننطلق الآن "

    سيف تسمر في موضعه و حدق بي بدهشة ! لكن إشارات الإصرار الصارخة في عيني طردت من رأسه أي شكوك حول جديتي في الأمر من عدمها .

    " الآن "

    " نعم . لم علينا الانتظار للغد تبدو في قمة النشاط و لا ضير من السفر الآن "

    سيف صمت قليلا ثم قال :

    " عائلتك . أتظن أنهم . "

    رفعت زاوية فمي اليمنى باستهتار و سخرية ثم تنهدت تنهيدة قصيرة و قلت :

    " لم يعد لي مكان بينهم . فكما نسوني طوال السنوات الثمان الماضية ، و عاشوا حياتهم دون تأثر ، عليهم اعتباري قد مت من اليوم فصاعدا .
    بل من البارحة فصاعدا "

    لقد كنت محبطا و لا أرى إلا سوادا في سواد .

    بقيت واقفا عند الباب أنتظر أن يجمع سيف أشياءه و لم أبادر بمساعدته ، سيف لم يحاول مناقشتي في الأمر و إن كنت أرى الاعتراض مختبئا خلف جفونه

    كان الوقت لا يزال باكرا ، ركبنا السيارة و انطلقنا .

    " سأمر لوداعهم "

    نعم وداعهم
    بعد كل الذي تكبلت من أجل العودة إليهم
    بعد كل تلك السعادة التي عشتها يوم الأمس
    بعد كل الحرمان و الضياع .
    أودعهم !
    كيف لي أن أقيم معهم و قد انتهى كل معنى لوجودي

    لم يكن في الشارع غير القليل من السيارات و الناس . و كان المشوار قصيرا
    و حين وصلنا ، ركن سيف السيارة جانبا و نزلنا سوية .

    كان والدتي هي من استقبلنا عند المدخل
    و بمجرد أن دخلت ، أقبلت نحوي تعانقني و ترحب بي بحرارة ، و كأنها لم ترني يوم الأمس .

    قلت :

    " سيف معي . "

    و كان سيف لا يزال واقفا خلف الباب ينتظر الإذن بالدخول

    " دعه يتفضل ، خذه إلى غرفة المعيشة حيث والدك ، فغرفة الضيوف حارة الآن "

    ثم انصرفت نحو المطبخ ، فيما فتحت الباب لسيف :

    " تفضل "

    و ذهبنا إلى غرفة المعيشة حيث كان والدي جالسا يقرأ إحدى الصحف .
    في الماضي ، كنت كثيرا ما أقرأ أخبار الصحف له !

    " صباح الخير يا أبي "

    والدي قام إلينا مرحبا بحرارة هو الآخر . و اتخذ كلاهما مجلسه ، فيما استأذنت أنا و خرجت من الغرفة قاصدا المطبخ ، و تاركا الباب مفتوحا ، تشيعني نظرات سيف من الداخل !

    هناك كانت والدتي واقفة عند الموقد و قد وضعت إبريقا كبيرا مليئا بالماء ليغلي فوق النار .

    ابتسمت لدى رؤيتي و قالت :

    " لم أعلم أنك غادرت البارحة إلا بعد حين . اذهبا أنت و سامر اليوم لشراء طقم غرفة نوم جديد ، سنعد لك غرفة الضيوف لتتخذها غرفة لك "

    طبعا لم أملك من الشجاعة لحظتها ما يكفي لقول ما أخبئه في صدري .
    قلت ـ محاولا تغيير سير الحديث :

    " هل تناولتم فطوركم ؟ "

    " ليس بعد ، فسامر و الفتاتان لا زالوا نياما !"






    رد مع اقتباس  

  4. #74  
    المشاركات
    3,259
    و استطردت :

    " سأعد لكم فطورا شهيا . ، شغّل المكيف في غرفة الضيوف الآن ثم خذ الضيف إليها "

    " حسنا "

    و هممت بالانصراف ، فقالت أمي :

    " قل لي . أي طعام تود تناوله على الفطور يا عزيزي "

    إنني لا أفكر بالطعام و لولا سيف لكنت اختصرت المسافة و ودعتكم و انتهينا .

    قلت بلا مبالاة :

    " أي شيء . "

    ثم خرجت من المطبخ متجها إلى غرفة الضيوف لتشغيل المكيف .

    كان الباب مفتوحا ، دخلت و ذهبت رأسا إلى المكيف فشغّلته و استدرت لأعود خارجا
    فاصطدمت عيناي بشيء جعل قلبي يتدحرج تحت قدمي !

    ربما كان صوت المكيّف هو الذي جعل هذا الكائن الحي يفيق فجأة ، و يفتح عينيه ، و يهب جالسا في فزع !

    أخذت تنظر إلي بتوتر و اضطراب و تتلفت يمنة و يسرة ، بينما أنا متخشب في مكاني . لا أعرف ماذا أفعل !

    ببساطة لا أعرف ماذا أفعل !

    ثم ماذا ؟

    رفعت الوسادة المربعة الشكل التي كانت موضوعة فوق حضنها و غطت بها وجهها و هبّت واقفة مستترة خلف الوسادة ، و ركضت نحو الباب !

    " رغد انتظري ! "

    توقفت ، و هي لا تزال تخبئ رأسها خلف الوسادة و أنا لا أزال واقفا مكاني لا أعرف ما أفعل من المفاجأة !

    ربما أخطأت و شغلت المكيف على وضع التدفئة ! الجو حار . حار . حار !
    و قطرات العرق بدأت تتجمع على جبيني و شعري أيضا . !

    اعتقد أنه موقف لا يترك للمرء فرصة للتفكير ، إلا أنني تذكرت سيف ، و هو يجلس في موقع يسمح له برؤية العابر في الممر . و الباب مفتوح !

    " أأ . صديقي هنا . سأغلق الباب . لحظة . "

    كانت تقف قرب الباب و حين أتممت جملتي تراجعت للوراء حتى التصقت بالجدار فسرت أنا نحو الباب و خرجت و عمدت إلى باب غرفة المعيشة فأغلقته دون أن أرفع بصري نحو سيف الذي و لا شك كان يراني .

    عدت بعدها للفتاة الملتصقة بالحائط و الوسادة . وقلت باضطراب :

    " أنا . آسف . لم أعلم . أقصد لم أنتبه . أأ. "

    و لم أجد كلمة مناسبة !

    مسحت العرق عن وجهي و قلت أخيرا :

    " يمكنك الذهاب "

    و أوليتها ظهري ، و سمعت خطاها تبتعد مسرعة.

    تهالكت على نفس المقعد الكبير الذي كانت رغد نائمة فوقه و شعرت بالحرارة تزداد .

    لقد كان دافئا بل و حارا أيضا !

    ما الذي يدفعك للنوم في هذا المكان و بدون تكييف !؟

    و تتدثرين بالوسادة أيضا !

    يا لك من فتاة !

    لا أعرف كيف تسللت ابتسامة إلى قلبي .

    لا ! ليست ابتسامة بل شيء أكبر من ذلك

    إنها ضحكة !






    رد مع اقتباس  

  5. #75  
    المشاركات
    3,259
    لم يكن ظرفا مناسبا للضحك و حالتي كما تعرفون هي أبعد ما تكون عن السعادة ، لكنه موقف أجبر ضحكتي على الانطلاق .

    لم يطل الأمر . وقفت ، و أخذت أحدق بالمقعد الذي كانت رغد تنام عليه . ثم أتحسسه بيدي .

    عندما كانت رغد صغيرة ، كنت أجعلها تنام فوق سريري و أظل أراقبها بعطف .

    و أداعب شعرها الأملس .

    كانت تحب أن تحتضن شيئا ما عند النوم . كدمية قماشية أو بالونة أو حتى وسادة !

    و كم كانت تبدو بريئة و ملائكية !

    لم يكن لضحكتي تلك أي داع لأن تولد وسط مجتمع الدموع الحزينة ، سرعان ما لقت حتفها بغزو دمعة واحدة تسللت من بين حدقتي قهرا . و حسرة . على ما قد فقدت .





    ~ ~ ~ ~ ~ ~






    لم أدرك أنني نمت حيث كنت ، على ذلك المقعد الكبير الثقيل ، ( الكنبة ) إلا بعد أن استفقت فجأة فرأيت عيني وليد تحدقان بي !

    فزعت ، و نظرت من حولي و اكتشفت أنني كنت هنا !

    كان جسمي حارا و العرق يتصبب منه ، و جلست مذعورة أتلفت باحثة عن شيء أختفي خلفه . و لم أجد غير وسادة المقعد التي كنت ألتحفها
    غطيت بها وجهي و قمت مسرعة أريد الهروب !

    لا أصدق أنني وصلت غرفتي أخيرا بسلام ! يا إلهي ما الذي يحدث معي !؟
    كيف نمت بهذا الشكل و كيف لم يوقظني الحر
    و ما الذي كان يفعله وليد هناك

    كنت لا أزال أحتضن الوسادة و أسند ظهري إلى الباب الموصد ، و ألتقط أنفاسي بقوة !

    كانت غرفتي باردة و لكن ليس هذا هو سبب ارتعاش أطرافي !

    كم أنا محرجة من وليد !
    أمس يراني بقطعة عجين تغطي أنفي و اليوم بهذا الشكل !
    ماذا سيظنني
    كما تقول دانة علي ّ ألا أغادر غرفتي بعد الآن !

    كنت أشعر بعينيه تراقباني ! أحس بهما معي في غرفتي الآن !

    ببلاهة نظرت إلى السقف ، في الموضع الذي توهمت رؤيتهما فيه البارحة و تورد خداي خجلا !

    لماذا أشعر بالحرارة كلما عبر وليد على مخيلتي

    و لماذا تتسارع دقات قلبي بهذا الشكل

    بعد أن تجمعت الأشياء التي تبعثرت من ذاتي أثر الفزع نعمت بحمام منعش و بارد و ارتديت ملابسي و حجابي و ذهبت بحذر إلى المطبخ .

    كانت أمي تنظف السمك عند المغسل ، قلت باستياء :

    " صباح الخير أمي ! لا تقولي أن غذاءنا اليوم هو السمك ! "

    ابتسمت والدتي و قالت :

    " صباح الخير ! إنه السمك ! "

    أطلقت تنهيدة اعتراض ، فأنا لست من عشّاق السمك كما و أنني لا أريد حصة طبخ جديدة هذا اليوم !

    " ألم تنهض دانة بعد "

    سألتني ، قلت :

    " ليس بعد . "

    ثم غيرت نبرة صوتي و قلت :

    " أ لدينا ضيوف اليوم "

    " إنه صديق وليد . سيف . ، لسوف نستضيفه و نكرمه حتى يسافر غدا ، فهو الذي ساعد ابني على . "






    رد مع اقتباس  

  6. #76  
    المشاركات
    3,259
    و توقفت أمي عن الكلام .

    " على ماذا ؟ "

    قالت بشيء من الاضطراب :

    " على . على الحضور إلى هنا . فلم يكن يعرف أين نحن ! "

    أنا تركت رسالة أخبر فيها وليد بأننا رحلنا إلى هذه المدينة ! لا أدري إن كان قد وجدها ! بالطبع لا . كيف كان سيدخل إلى منزل موصد الأبواب !؟

    كم أنا متلهفة لمعرفة تفاصيل غيابه . دراسته . عمله . كل شيء !

    سكبت لي بعض الشاي ، و توجهت نحو الطاولة الصغيرة الموجودة على أحد جوانب المطبخ قاصدة الجلوس و احتسائه على مهل

    فيما أنا في طريقي نحو الطاولة ، و إذا بوليد و سامر مقبلين . يدخلان المطبخ !

    ما أن وقع بصري على وليد حتى اضطربت خطاي و اهتزت يدي ، و اندلق بعض الشاي الحار على أصابعي فانتفضت أصابعي فجأة تاركة قدح الشاي ينزلق من بينها و يهوي . و يرتطم بالأرضية الملساء ساكبا محتواه على قدمي و ما حولها !

    " آي "

    شعرت بلسعة الشاي الحار و ابتعدت للوراء و أنا أهف على يدي لتبريدها .

    سامر أقبل مسرعا يقول :

    " أوه عزيزتي . هل تأذيت ؟ ! "

    قلت :

    " أنا بخير "

    و أنا أتألم .

    سامر أسرع نحو الثلاجة و أخرج قطعة جليد ، و أتى بها إلي ، أمسك بيدي و أخذ يمررها على أصابعي .
    لملامسة الجليد لأصابعي شعرت بالراحة .

    قلت :

    " شكرا "

    و ابتسم سامر برضا .

    تركته مشغولا بتبريد أصابعي و سمحت لأنظاري بالتسلل من فوق كتفه ، إلى ما ورائه .

    كان يقف عند الباب ، سادا بطوله و عرضه معظم الفتحة ، يحدق بنا أنا و سامر بنظرات مخيفة !

    لا أعرف لماذا دائما تشعرني نظراته بالخوف . و الحرارة !

    الجليد أخذ ينصهر بسرعة

    رفعت أنظاري عنه و بعثرتها على أشياء أخرى ، أقل إشعاعا و حرارة . كالثلاجة كإبريق الشاي ، أو حتى . لهيب نار الموقد !

    لكني كنت أشعر بها تحرقني عن بعد !

    أ أنتم واثقون من أنكم لا تشمون شيئا



    وليد الآن تحرك ، متقدما للداخل . و مبتعدا عنا ، و متوجها نحو أمي .

    قال :

    " ماذا تصنعين أماه ؟ "

    " سأحضر لكم السمك المشوي هذا اليوم . ألم يكن صديقك يحبه في الماضي حسب ما أذكر "

    سكت وليد برهة ثم قال :

    " لا داعي . يا أمي "






    رد مع اقتباس  

  7. #77  
    المشاركات
    3,259
    و سكت برهة أخرى ثم واصل :

    " سوف يسافر سيف الآن . "

    جميعنا ، أنا و سامر و أمي ، نظرنا إلى وليد باهتمام .

    قالت أمي :

    " يسافر ؟ ألم تقل أنه سيبقى حتى الغد ؟ "

    " بلى . لكن خطته تغيرت و سيخرج . فورا "

    قال ( فورا ) هذه بحدة و هو ينظر باتجاهنا أنا و سامر

    أمي قالت :

    " اقنعه يا وليد بالبقاء حتى وقت الغذاء على الأقل . اقنعه بني ! "

    وليد كان لا يزال ينظر باتجاهنا ، و رأيت يده تنقبض بشدة و وجهه يتوهج احمرارا و على جبينه العريض تتلألأ قطيرات العرق .

    لم يكن الجو حارا و لكن .

    هذا الرجل . ناري . ملتهب . حار . يقدح شررا !

    نظر إلى أمي نطرة مطولة ثم قال :

    " أنا . ذاهب معه "

    سامر ، ترك قطعة الجليد فوق أصابعي و استدار بكامل جسده نحو وليد ، كما فعلت أمي .

    قال سامر :

    " عفوا ماذا "

    وليد لم ينظر إلى سامر بل ظل يراقب تعابير وجه أمي ، المندهشة الواجمة ، و قال :

    " نعم أمي . سأسافر معه . حالا "



    ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~




    لم تجد ِ الدموع و النداءات و التوسلات التي أطلقها أفراد عائلتي في صرف نظري عن السفر .

    بل إنني و في هذه اللحظة بالذات ، أريد أن أختفي ليس فقط من البيت ، بل من الدنيا بأسرها
    لقد كانت حالة أمي سيئة جدا . و لكن صورة الخائنين و أيديهما المتلامسة . و قطعة الجليد المنزلقة بدلال بين أصابعهما أعمت عيني عن رؤية أي شيء آخر .

    و أقيم مهرجان مناحة كبير ساعة وداعي .

    كان يجب أن أذهب ، و لم يكن لدي أية نوايا بالعودة . فقد انتهى كل شيء .

    تحججت بكل شيء .

    أوراقي . شهادتي . أشيائي . و كل ما خطر لي على بال ، من أجل إقناعهم بتسليمي مفاتيح المنزل .

    سيف ينتظرني في السيارة ، و هم متشبثون بي يعيقون خروجي ، محيطون بي من الجهات الأربع . أمي و أبي ، و أختي و آخي الخائن .

    أما الخائنة رغد . فكانت تراقب عن بعد . إذ أنني لم أعد شيئا يجوز لها الاقتراب منه .

    للحظة اختفت رغد ، و صارت عيناي تدوران و تجولان فيما حولي .

    أين أنت .

    أين ذهبت

    أعليها أن تحرمني حتى من آخر لحظة لي معها

    آخر لحظة

    كنت ممسكا بالباب في وضع الخروج . أردت أن أسير خطوة نحو الخارج إلا أن قبضة موجعة في صدري منعتني من الخروج قبل أن . أراها للمرة الأخيرة .
    فقط . للمرة الأخيرة .

    " أين رغد "

    قلت ذلك ، و عدت نحو الداخل أفتش عنها

    وجدتها في غرفة الضيوف و كانت للعجب . تحاول تحريك المقعد الكبير عن مكانه !

    " رغد . ! "

    التفتت إلي ، فرأيت الدموع تغرق عينيها فيما هي تحاول جاهدة زحزحة المقعد

    دموع رغد تقطع شرايين قلبي .

    أشعر بالدماء تغرق صدري و رئتي . و تسد مجرى هوائي

    إنني أختنق يا رغد !

    ليتك تحسين بذلك .






    رد مع اقتباس  

  8. #78  
    المشاركات
    3,259
    " ماذا تفعلين ألن . تودعيني "

    هزّت رأسها نفيا و اعتراضا .

    تقدمت نحوها ، و أمسكت بالمقعد و حركته عن موضعه نحو الأمام بالشكل الذي أرادت ، فأسرعت هي إلى خلفه ، و انحنت على الأرض و التقطت شيئا ما ، لم يكن غير ساعتي القديمة .

    رغد أقبلت نحوي تمد يدها إلي بالساعة و تقول :

    " لقد تركت الجميع يسخر مني . و أنا محتفظة بها و أرتديها في انتظار عودتك كما وعدت ! لكنك كذبت علي . و لم تعد ! "

    و رمت بالساعة نحوي فأصابت أنفي .

    انحنيت و رفعت الساعة عن الأرض . و بقينا نحدق ببعضنا لبرهة ، ثم قلت :

    " لم تعودي بحاجة للاحتفاظ بها . فصاحب الساعة . لم يعد موجودا "

    و أوليتها ظهري ، و انصرفت نحو باب المدخل .

    لم أعط بصري الفرصة لإلقاء أي نظرة على أي منهم . لم ألتفت للوراء . و كنت اسمع نداءاتهم دون أن أستجيب لها .

    تريدون عودتي
    أعيدوا رغد إلي أولا !
    أم تظنون أنني سأحتمل العيش بينكم ، و هي . خطيبة لأخي
    دون رغد . فإن وليد لم يعد له وجود على وجه الأرض .
    ألا تدركون ذلك
    ألا تدركون ما فعلتم بي
    قتلتموني .
    شر قتلة .


    " وليـــــــــــــــــــــد "


    كان هذا صوت رغد . يخترق أذني . و رأسي . و قلبي . و كل خلية . و كل ذرة من جسدي .


    لم أستطع أن أقاوم . التفت نحو الوراء و لم أر شيئا . غير طفلة صغيرة . ضئيلة الحجم . دائرية الوجه . واسعة العينين . خفيفة الشعر . يتدلى شعرها القصير الأملس على جانبيها بعفوية . ترفع ذراعيها نحوي بدلال و تقول :

    " وليـــــــــــــــد . احملني ! "

    " رغد . تعالي ! "

    رأيت شبحها يقبل نحوي . راكضا . ضاحكا . حاملا في يده اليمنى دفتر تلوين . و في الأخرى صندوق الأماني . و يمد ذراعيه إلي .
    فأطير به إلى الهواء .
    إلى الفضاء .
    إلى السماء .
    إلى حيث ترتفع أرواح الموتى .
    و تصعد دعوات المعذبين .

    يا رب .
    أتوسل إليك .
    أرجوك .
    خذني إليك .






    رد مع اقتباس  

  9. #79  
    المشاركات
    3,259
    الحلقةالرابعةعشر
    ********

    طريق العودة لم يكن بأقل مشقة من طريق الذهاب .
    ألا أنني بسبب التعب و الإجهاد النفسي نمت معظم ساعات النهار الأول .

    حطام الأشياء التي أراها من حولي لا يختلف عن حطام قلبي . إلا أن الجماد لا ينزف دما

    التلاوة المنبعثة من مذياع السيارة بصوت قارئ رخيم عذب هي الشيء الوحيد الذي خفف على قلبي آلام التمزق و التقطع و الاحتراق .

    توالت الساعات ، و كنت أتابع باهتمام مزيف كل ما أسمعه من المذياع هروبا من التفكير في الطريق الذي ولى . و الطريق القادم .

    في الماضي . و المستقبل .

    بلغنا مدينتنا قبيل غروب الشمس الثالثة التي أنارت دربنا .

    " خذني إلى بيتي "

    قلت ذلك و نحن أمام مفترق طرق ، يؤدي أحدهم إلى بيتي و آخر إلى بيت سيف

    " الآن ؟ دعنا ننزل بيتنا و نرتاح من عناء المشوار الطويل . "

    " أرجوك يا سيف . إلى بيتي . "

    لم أكن هذه المرة أشعر بأي شوق أو حماس لدخول المنزل المهجور

    و سيف هم ّ بالحضور معي أل أنني قلت :

    " لابد أن والديك في انتظارك الآن . سأشكرك كما ينبغي لاحقا ، بلغهما تحياتي "

    كان سيف قلقا بشأني و لكنني صرفته ، و دخلت المنزل المظلم وحيدا .

    رفعت يدي لإنارة المصباح ، بل المصابيح واحدا تلو الآخر فاكتشفت أن الكهرباء مقطوعة .

    و على الضوء الباقي من آخر خيوط الشمس ، سرت في منزلي الكئيب الساكن و صعدت إلى الطابق العلوي .

    ذهبت رأسا إلى غرفة نومي . أخرجت المفاتيح ، ثم فتحت الباب ببطء .

    و خطوت خطوة إلى الداخل .

    سرعان ما عادت بي السنين إلى الوراء .

    حين كنت فتى مراهقا في بداية التاسعة عشر من العمر . أجلس على هذا الكرسي أذاكر بشغف .
    يا إلهي !
    لا تزال كتبي التي تركتها على المكتب في مكانها !
    مفتوحة كما تركتها قبل ثمان سنين !

    جلت ببصري في الغرفة . و فوجئت برؤية الأشياء كما هي .

    تقدمت خطوة بعد خطوة .

    السرير . نفس البطانية و الأغطية التي كانت عليه قبل رحيل .

    اقتربت من المكتب . إنه كتاب الرياضيات الذي كنت أقرأه آخر ليلة قبل الرحيل ، استعدادا لامتحان الغد !

    و قلم الرصاص لا يزال موضوعا على الصفحة المفتوحة .

    و بقية الكتب مبعثرة على الطاولة تماما كما تركتها منذ ذلك الزمن .

    مددت يدي فلمست الغبار الذي يغطي الكتاب ، و كل شيء .

    فتحت الأدراج لألقي نظرة . لا شيء تغير ! لا يبدو أن أحدا قد وطأ أرض هذه الغرفة مذ هجرتها

    استدرت نحو سريري . لطالما احتضنني هذا السرير و امتص تعبي و أرقي . ألا زال يصلح للنوم ؟ أ أستطيع رمي أثقال صدري و جسدي عليه

    كان أيضا غارقا في الغبار . و مع ذلك رميت بجسدي المهموم عليه و سمحت لسحابة الغبار أن تحلق . و تنتشر . و تهاجم أنفي و تخنقني أيضا .

    داهمتني نوبة من العطاس إثر استنشاقي لغبار الزمن ، فنهضت و تلفت من حولي بحثا عن علبة المناديل
    لابد أنها ستكون مدفونة تحت طبقات من الغبار هي الأخرى .

    لكن أنظاري التصقت فجأة بشيء يقف على أحد أرفف مكتبتي القديمة .

    شيء أسطواني الشكل ، مغطى بطوابع و ملصقات صغيرة طفولية .

    و من بين تلك الملصقات ، يظهر جزء من كلمة مكتوبة عليه : ( أمـاني )

    سرت ببطء شديد ، بوصة بوصة ، نحو هذا الصندوق الصغير .






    رد مع اقتباس  

  10. #80  
    المشاركات
    3,259
    أكان حلما أم حقيقة

    لقد رأيته أمامي مباشرة ، و لمسته بيدي . و رججته ، و سمعت صوت قصاصات الورق تتضارب داخله !

    صندوق أماني رغد . لا يزال حيا

    أمسكت بالصندوق الأسطواني ، و قربته من عيني ، ثم من صدري ، و أرخيت جفني ، و سحبت نفسا عميقا مليئا بالغبار .

    رأيت الصغيرة مقبلة نحوي بانفعال و فرح ، حاملة كتابها بيدها :

    " وليد اصنع صندوق أماني لي "

    و رأيتها تساعدني في صناعته .

    ثم تغطيه بالملصقات الصغيرة .

    ثم تجلس هناك على سريري ، قرب المنضدة ، و تكتب أمنيتها الأولى .

    (( عندما أكبر سوف أتزوج ))

    عند هذا الحد . ارتفع جفناي فجأة ، و انقبضت يدي بقوة . ضاغطة على الصندوق بلا رحمة حتى خنقت أنفاسه .

    تدحرجت عبرة كبيرة حارقة من مقلتي اليمنى ، فاليسرى ، تبعها سيل عارم من الدموع الكئيبة التائهة ، تغسل ما علق بوجهي و أنفي من الغبار العتيق .

    شقت نظرتي طريقا سالكا بين الدموع ، مسافرة نحو صندوق الأماني المخنوق . محرضة يدي ّ على التعاون للفتك به . و تمزيقه كما تمزقت كل آمالي و أحلامي . و صورة رغد و رسالتها . و قلبي و روحي .

    لكنني توقفت في منتصف الطريق .

    لم أعد أرغب في رؤية ما بداخله .

    فأنا أعرف كل شيء .

    ( أريد أن أصبح رجل أعمال ضخم ! )

    ( أريد أن تصبح ابنة عمي رغد زوجة لي )

    ( يا رب اشف سامر و أعده كما كان )

    ( عندما أكبر سوف أتزوج )

    سامر قطعا .

    كم كنتُ غبيا !

    ضغطت على الصندوق بقوة أكبر فأكبر . و لو كان شيئا مصنوعا من الحديد لتحطم في قبضتي .

    " أيتها الخائنة . رغد "

    رميت الصندوق بعنف بعيدا عني . إلى أبعد زاوية في الغرفة ، ثم خرجت هاربا من الذكرى الموجعة

    أول شيء التقيت به في طريقي كان غرفة رغد !

    فهي الأقرب إلي .

    وقفت عند الغرفة لدقائق . و يدي تفتش عن المفتاح بتردد .

    رفعت يدي . و طرقت الباب طرقا خفيفا

    ثم مددتها نحو المقبض و أمسكت به و بقيت في هذا الوضع لزمن طويل .

    سأفتح الباب ببطء و حذر و هدوء . قد تكون صغيرتي نائمة بسلام . لا أريد إزعاجها

    أريد فقط أن ألقي نظرة عليها كما أفعل كل ليلة . لا أحب إلى قلبي من رؤيتها نائمة بهدوء كالملاك و ملامسة شعرها الناعم بخفة .

    نظرة أخيرة . واحدة فقط . أريد أن ألقيها على طفلتي .

    رغد . لقد اشتقت إليك كثير! . منذ أن رأيتك و أنت نائمة . هنا قبل ثمان سنين ، و جفناك متورمان أثر البكاء الشديد الذي بكيته ذلك اليوم المشؤوم .

    أتذكرين كيف لعبنا يومها

    أتذكرين البطاطا التي أطعمتك إياها .

    ما كان يدريني أننا لن نلتقي بعد تلك اللحظة .

    و أنها كانت المرة الأخيرة التي أتسلل فيها إلى غرفتك ، و ألقي عليك نظرة ، و أداعب خصلات شعرك ، و أقبل جبينك .

    ارتجفت رجلاي و كذا يداي و جسمي كله ، و فقدت أي قدرة على تحريك أي عضلة في جسدي ، حتى جفوني

    لم أجسر على فتح الباب .

    عدت أطرقه و أنادي .

    " رغد . صغيرتي . افتحي ! أنا وليد . "

    لكنها لم تفتح

    و أخذت أطرق بقوة أكبر .

    " افتحي يا رغد . لقد عدت إليك "






    رد مع اقتباس  

صفحة 8 من 26 الأولىالأولى ... 67891018 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. تحميل رواية كنت أحبك حب ماتقراه في أعظم رواية
    بواسطة Bshaer‘am في المنتدى روايات - قصص - حكايات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 26-Aug-2014, 12:29 AM
  2. مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 24-Oct-2013, 11:43 PM
  3. رواية مجزرة الحولة من الطفل المذبوح رقم خمسين رواية 2013
    بواسطة иooḟ Ăł.кααьỉ في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-Dec-2012, 02:08 AM
  4. ديكورات كامله 2013 , ديكورات منزل كامله 2013 , صور ديكورات جميله 2013
    بواسطة ♣ ♣المتفائله♣ ♣ في المنتدى ديكور - فن الديكور المنزلي - اثاث غرف ومطابخ وحدائق
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-Sep-2012, 11:37 PM
  5. رواية قليل من الحب كامله من الروايات الرومنسية txt للجوال
    بواسطة بدويه اصيله في المنتدى روايات - قصص - حكايات
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 09-Oct-2011, 10:39 PM
المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •