نظرت إليه و أنا أكاد أقفز فرحا و قلت :
" إنها رغد العزيزة تخبرني بأنهم في المدينة الصناعية ! هل رأيت شيئا كهذا "
و أخذت أحضن الورقة و الصور بجنون !
سيف قال :
" عقلية . فذة . أظن ذلك ! ! "
و ضحكنا من جديد .
و بعد يومين ، حين رتب سيف أموره للسفر ، انطلقنا أنا و هو بالسيارة ميممين وجهينا شطر المدينة الصناعية .
لقد تكبلنا مشاقا لا حصر لها أثناء الطريق ، إذ أن الشوارع كانت مدمرة و اضطررنا لسلك طرق ملتوية و مطولة جدا .
كما و أننا واجهنا عقبات مع الشرطة المحليين
إنني لمجرد رؤية شرطي ، ارتعش و أصاب بالذعر . حتى و إن كان مجرد شرطي مرور .
لن أطيل في وصف الرحلة ، لم يكن ذلك مهما . فرأسي و قلبي و كلي . مشغول بأهلي و أهلي فقط .
و أولهم . مدللتي الصغيرة الحبيبة .
رغد .
رغد .
أنا قادم إليك أخيرا .
قادم أخيرا .
وصلنا للمدينة الصناعية مساء اليوم التالث ، و قد نال منا التعب ما نال
لذا فإن سيف أراد استئجار شقة نقضي فيها ليلتنا لنبدأ البحث في اليوم التالي .
" ماذا ؟ لا أرجوك ! لا أستطيع الانتظار لحظة بعد ! "
تنهد سيف و قال :
" يا عزيزي دعنا نبات الليلة و غدا نذهب إلى بلدية المدينة و نسألهم عن أهلك ! أين تريدنا أن نبحث الآن نطرق أبواب المنازل واحدا بعد الآخر "
" أجل ! أنا مستعد لفعل ذلك ! "
ابتسم سيف ، ثم ربت على كتفي و قال :
" صبرت كثيرا ! اصبر ليلة أخرى بعد ! "
لم تمر علي ساعات أبطأ من هذه من قبل .
لم أنم حتى لحظة واحدة و أصابني الإعياء الشديد و الصداع
و في اليوم التالي ، وقفنا عند إحدى محطات الوقود ، و ذهب سيف لشراء بعض الطعام و هممت باللحاق به ، لكنني شعرت بالتعب الشديد .
عندما عاد سيف ، التفت نحوي مقدما بعض الطعام إلي :
" تفضل حصتك ! "
هززت رأسيا ممتنعا ، فأنا لا أشعر بأي رغبة في الطعام فيما أنا قد أكون على بعد قاب قوسين أو أدنى من أهلي .
أسندت رأسي إلى المعقد و رفعت يدي إلى جبيني و ضغطت على رأسي محاولا طرد الصداع منه .
" أ أنت بخير "
سألني سيف ، فأجبت :
" صداع شديد "
" خذ تناول بعض الطعام و إلا فإنك ستنهار ! "
و هززت رأسي مجددا .
ثم التفت إليه و قلت :
" هل لي ببعض المال "
أخرج سيف محفظته من جيبه و دفعها إلي . فأخذتها ، و فتحت الباب قاصدا النزول و الذهاب إلى البقالة المجاورة .
ما كدت أقف على قدمي حتى انتابني دوار شديد فانهرت على المقعد .
" وليد ! "
تركت رجلي متدليتين خارج السيارة و أنا عاجز عن رفعهما
سيف أسرع فعدّل من وضعي و سأل بقلق :
" أ أنت بخير "
" دوار . "
أسرع سيف فقرب عبوة عصير من شفتي و قال :
" اشرب قليلا "
رشفت رشفتين أو ثلاث ، و اكتفيت . سيف كان قلقا و ظل يلح علي بتناول بعض الطعام ألا أنني لم أكن أشعر بأدنى رغبة حتى في شم رائحته .
بعد قليل ، زال الدوار جزئيا و فتحت عيني ، و مددت بالمحفظة إلى سيف و قلت :
" هل لي بعلبة سجائر ؟ "
.تتمة.