الهاتف المحمول الخاص بعمار، و الرقم الأخير الذي تم طلبه ، و الأخير الذي تم استقباله فيه ، و توقيت الاتصال ، و توقيت حدوث الوفاة ، و العراك الذي حصل مؤخرا بيني و بينه و تدخلت فيه الشرطة ، و عدم حضوري للامتحان ، كلها أمور قد قادت الشرطة إلي ّ بحيث لم يكن اعترافي ليزيدهم يقينا بأنني الفاعل .
بقي . شيء حيّرهم . تركته ساكنا في قلب الرمال .
حزام رغد
ما سر وجوده هناك .
أنكرت أي صلة لرغد بالموضوع بتاتا ، و لدى استجوابها أخبرتهم أنها لا تعرف شيئا ، حسب اتفاقنا
سيف أيضا تم التحقيق معه ، و أكد للشرطة أنه حين اتصل بي كنت على مقربة من المبنى حيث قاعة الامتحان
و ظل السؤال الحائر :
لماذا عدت أدراجي ؟
ما الذي دفعني للذهاب إلى شارع المطار ، و الشجار مع عمّار ، و من ثم قتله
لماذا قتلت عمّار
ما الذي أخفيه عن الجميع
والد صديقي سيف كان محاميا تولى الدفاع عني في القضية ، باعتبار أنني قتلته دون قصد . و أثناء شجار . و بدافع كبير أصر على كتمانه .
و سأظل أكتمه في صدري ما حييت . فإن هم حكموا بإعدامي . أخبرت أمي قبل تنفيذ الحكم .
و إن عشت ، سأقتل السر في صدري إلى أن أعود . من أجل صغيرتي .
تعقدت الأمور و تشابكت . و ظلّ الغامض غامضا و المجهول مجهولا ،
و حكم علي ّ بالسجن لأمد بعيد .
" أمي . أرجوك . لا تخبري رغد بأنني ذهبت للسجن . اخبريها بأنني سافرت لأدرس . و سأعود حالما أنتهي . و قولي لها أن تنتظرني "
" أبي . أرجوك . لا تقسو على رغد أبدا . اعتنوا بها جيدا جميعكم .
فأنا لن أكون موجودا لأفعل ذلك "
كان ذلك في لقائي الأخير بوالدي ّ ، قبل أن يتم ترحيلي إلى سجن العاصمة حيث سأقضي سنوات شبابي و زهرة عمري فيه . بدلا من الدراسة في الجامعة . و أعود إن قدرت لي العودة خريج سجون بدلا من خريج جامعات . و بمستقبل أسود منته ، بدلا من بداية حياة جديدة و أمل .
هكذا ، انتهت بي الأحلام الجميلة .
هكذا ، أبعدت عن رغد . محبوبتي الصغيرة ، و لم يبق لي منها إلا صورتين كنت قد وضعتهما في محفظتي قبل أيام .
و ذكريات لا تنسى أحملها في دماغي و أحلم بها كل ليلة .
و صورتها الأخيرة مطبوعة في مخيلتي و هي تقول :
" لا لا ترحل وليد . أرجوك . لا تتركني "