" وقعت ِ أخيرا ! "
صاحت نهلة بصوتها العالي و هي تشير بإصبعها نحوي ، و تضيق الحصار علي !
تلفت من حولي و قلت :
" نهلة أرجوك ! اخفضي صوتك ! لابد أن أمي تسمعه في المطبخ ! "
نهلة أقبلت نحوي و هي لا تزال تمد بسبابتها نحوي حتى تكاد تفقأ عيني !
قالت بحدة و مكر :
" اعترفي يا رغد . لن يجدي الإنكار أو المواراة ! أنت مهووسة بابن عمّك ! "
مددت يدي و أمسكت بعنقها و ضغطت عليه !
" سأخنقك ِ يا نهلة ّ "
نهلة الأخرى طوقت عنقي بيديها و قالت تمثل دور المخنوقة :
" سأنطق بالحق حتى النفَس الأخير . رغد تحب ابن عمّها وليد. دون أن تدرك اللهم إني بلّغت ، اللهم فاشهد ! "
و بالفعل كدتُ أخنق هذه الفتاة !
طرقُ على الباب منع جريمتي من الوقوع !
تركت عنق ابن خالتي و مضيت ُ لفتح الباب . كانت دانه !
" رغد . وليد على الهاتف ! إن كنت ِ ترغبين بإلقاء التحية ! "
حدّقت ُ بها لثوان شبة واعية لما قالت ، ثم انطلقت مسرعة إلى حيث كانت والدتي تمسك بسماعة الهاتف و تتحدث إلى وليد .
عندما رأتني أمي قالت له :
" بني . هذه رغد ترغب في التحدث معك "
و مدت السماعة إلي .
أخذت السماعة و ألصقتها في إذني و فمي ! بقيت صامتة لثانيتين ، ثم قلت :
" وليد "
أستوثق من كونه هو من على الطرف الآخر .
صوت وليد وصلني خافتا مترددا و هو يقول :
" مرحبا . صغيرتي "
بمجرد أن سمعت صوته ، انفجرت !
قلت بصرخة منطلقة مندفعة قوية حادة مجنونة :
" كذّاااااااااااااب "
و أعدت السماعة بسرعة إلى والدتي ، و جريت نحو غرفتي ، و صفعت الباب و أوصدته بانفعال !
نهلة أخذت تنظر إلي بذهول و استغراب .
" رغد ! "
صرخت بانفعال .
" رغد تكره وليد أفهمت ِ تكرهه . تكرهه . تكرهه "
و لم أتمالك منع دموعي من الانسياب بغزارة من محجري .
و مضيت إلى سريري فجلست و سحبت الوسادة ، و غمرت وجهي فيها . حتى كدت اختنق !
بعد قليل ، نهلة ربتت على كتفي و قالت :
" نعم . مفهوم "
أبعدت أنا الوسادة عن وجهي و تنفست الصعداء . و سمحت لنظرات نهلة باختراقي مباشرة . الدموع كانت تجري بانسياب مبللة كل ما تصادفه في طريقها .
" عزيزتي . "
ما أن قالت نهلة ذلك حتى انهرت تماما . و رميت برأسي في حضنها و طوقتها بذراعي باستسلام و أسى . قلت و أنا في غمرة الحزن . في لحظة صدق و اعتراف
" لماذا رحل دون وداعي لماذا كذب علي لماذا كذبوا كلهم علي أخبروني بأنه لن يعود . لكنه عاد . لكنه تركني . لم يعد يهتم بي . لأنني سأتزوج سامر . لكني لا أحب سامر . لا أحبه . "
و أبعدت ُ وجهي عن حضنها و نظرت إليها باستنجاد مرير .
" نهلة . أنا . لا أحب سامر . أنا . لا أريد أن أتزوج منه "
نهلة وضعت يدها بسرعة على فمي لكتم كلماتي ، و تلفتت ، ثم عادت تنظر إلي .
قالت :
" اخفضي صوتك . "
شعرت باليأس و فقدِ الأمل . و طأطأت برأسي أرضا باستسلام لحكم القدر .
كيف لي أن أقول هذا . و لا تفصلني عن موعد الزفاف غير أسابيع
لا يحق لي حتى مجرد التفكير . فقد قضي الأمر . و انتهى كل شيء .
بعدما هدأت من نوبة بكائي . و لزمت و نهلة الصمت لعدة دقائق ، قالت هي :
" رغد . لم يفت الأوان بعد . دعي أمي تتدخل و توقف هذا الزواج في الحال "