قال :
" ما أنت فاعل الآن "
ابتسمت ابتسامة سخرية .
" أفتش من جديد "
نعم . عدنا للصفر !
لو أنني أتممت دراستي ، مثلك يا سيف ، لكنت الآن . رجلا محترما مهابا . أتولى إدارة إحدى الشركات كما كنت أحلم منذ الصغر .
و فشلي في تحقيق أي من أحلامي ، هو أمر لا يجب أن تتحمل أنت مسؤولياته ، أو ينالك سوء بسبب علاقتك بي
سيف كان قلق . أردت أن أغير الموضوع ، فقلت :
" اخبرني . ما النبأ الجميل الذي تحمله "
و كان سيف قد أبلغني بأن لديه خبر جميل ، عندما وصل إلى بيتي قبل دقائق !
سيف قال :
" لقد . عزمت على إتمام نصف الدين ! "
فاجأني الخبر ، و أسرني كثيرا ، فأمطرت صديقي بالتهاني القلبية ! إنه أول خبر سعيد أسمعه منذ شهور .
" أخيرا يا رجل ! فليبارك الله لك ! "
" شكرا أيها العزيز . العقبة لك ! متى يحين دورك "
دوري أنا !
إن مثل هذا الموضوع لم يكن ليخطر على بالي !
و هل يفكر في الزواج رجل خرج من السجن قبل شهور ، و بالكاد بدأ يتنفس الهواء . و كان و عاد عاطلا عن العمل ! .
و فوق كل هذا . ذو جرح لم يبرأ بعد .
قلت :
" قد تمضي سنوات و سنوات قبل أن تعبر الفكرة على رأسي مجرد العبور ! "
" لم يا رجل !؟ إننا في السابعة و العشرين ! وقت مناسب جدا ! "
قلت :
" لأجد ما يعيلني أولا ! كيف لي أن أتحمل مسؤولية زوجة و أطفال ! "
قال سيف :
" إنك تحب الأطفال يا وليد ! ألست كذلك ؟ "
" بلى ! . "
" ستكون أبا عطوفا جدا ! "
و ضحكنا !
يمكنني أن أضحك بين حلقات سلسة همومي التي مذ بدأت لم تنته .
قضيت أسابيع أفتش عن عمل . و فشلت
حتى أقاربي الذين لجأت إليهم طالبا الدعم ، خذلوني
لو كان سبب دخولي السجن شيء آخر ، لربما عاملني الناس بطريقة أفضل .
كرهت الدنيا و كرهت نفسي و كرهت كل شيء من حولي .
و بدأت نقودي التي جمعتها خلال الأشهر الماضية تنفذ . و أعود للفقر من جديد .
كنت جالسا في حديقة المنزل الميتة . أدخن السيجارة تلو الأخرى . غارقا في التفكير و الهموم .
كانت الأرض أمامي قاحلة . لا زرع فيها و لا حياة .
تماما مثل حياتي .
تزوج صديقي سيف بعد بضعة أشهر خطوبة . و ينعم الآن بحياة جديدة ، و يتولى مسؤوليات أكبر . و لم يعد متفرغا لي .