الملاحظات
صفحة 12 من 26 الأولىالأولى ... 2101112131422 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 111 إلى 120 من 255

الموضوع: رواية انت لي كامله

  1. #111  
    المشاركات
    3,259
    " الخاتم "

    " بل خطيبي يا نبيهة ! "

    حدقت بها قليلا ثم قلت :

    " بغيض و مغرور . "

    ثم أشحت برأسي عنها .

    و إن كان بغيضا في عيني ، فهو في عينيها شيء رائع . و مميز !

    لم تكترث دانة لقولي ، و أخذت تنقل الخاتم من إصبع لإصبع بسرور و دلال !

    " دانه . "

    " نعم ؟ "

    كنت أريد أن أسألها . و شعرت بالخجل . و لزمت الصمت !

    دانة نظرت إلي باستغراب :

    " نعم رغد ماذا أردت القول "

    ترددت قليلا ثم قلت بحياء و بصوت منخفض و نبرة متوترة :

    " هل . تحبين نوّار ؟ "

    دهشت دانة من سؤالي ، لذا حملقت بي وهلة ، ثم قالت :

    " ما هذا السؤال !؟ "

    ندمت لأنني طرحته ! إنه موضوع حساس لم أجرؤ من قبل على التحدث فيه مع أي كان .
    و لما لحظت دانة تراجعي الخجل ، قالت :

    " نعم أحبه ! إنه شريك حياتي . ! نصفي الآخر ! "

    صمت قليلا ثم سألت :

    " إذن . كيف تشعرين حين يكون معك "

    أنا بنفسي لاحظت ذلك . رغم المساحيق التي تغطي وجهها إلا أن اللون الأحمر المتوهج طلى وجهها و هي تجيب على سؤالي :

    " أشعر . . بالحرارة ! "

    و أشارت إلى قلبها بيديها كلتيهما .

    الحرارة . في صدري و جسمي كله ، هي شعور لم أحس به في حياتي . إلا عندما اقتربت من شخص واحد فقط .
    هو وليد . !





    ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~




    " وليد ! هل فقدت صوابك !!

    قال سيف و هو فاغر فاه لأقصى حد من هول المفاجأة .
    لقد أخبرته بخبر فعلتي الجنونية الأخيرة .

    " نعم يا سيف ! استقلت و انتهى الأمر "

    أخذ يهز رأسه و يضرب يدا بالأخرى من الغيظ و الأسف .

    " أرجوك يا سيف . قضي الأمر . لم أكن لأستطيع الاستمرار و الجميع ينظر إلي و يعاملني بهذا الشكل . يحتقرونني و يتحاشون الاقتراب مني و كأنني وباء خطير "

    " و ما لك و لهم ؟ وليد ! لم يكن الحصول على هذه الوظيفة بالأمر السهل . لقد تسرعت "

    استدرت بغضب ، و قلا بانفعال :

    " فليذهبوا بوظيفتهم للجحيم "

    أعرف أن العثور على عمل هو من أكثر الأمور صعوبة في الوقت الحالي ، لكنني ضقت ذرعا بالهمزات و اللمزات التي يرمي بها الآخرون علي بقسوة ، لكوني قاتل و خريج سجون .

    كما و أنني سمعت بعضهم يذكر صديقي سيف بالسوء بسبب علاقته الوطيدة معي .
    بقائي في العمل بشركته صار يهدد سمعته هو . و أنا لم أكن لأرضى عليه بأي أذية .
    أليس هو الباقي لي من الدنيا

    تلا هذا صمت مغدق .
    سيف استاء كثيرا جدا من إقدامي على هذه الخطوة التي وصفها بالتهور . ألا أنني كنت أراها حلا لابد منه






    رد مع اقتباس  

  2. #112  
    المشاركات
    3,259
    قال :

    " ما أنت فاعل الآن "

    ابتسمت ابتسامة سخرية .

    " أفتش من جديد "

    نعم . عدنا للصفر !

    لو أنني أتممت دراستي ، مثلك يا سيف ، لكنت الآن . رجلا محترما مهابا . أتولى إدارة إحدى الشركات كما كنت أحلم منذ الصغر .

    و فشلي في تحقيق أي من أحلامي ، هو أمر لا يجب أن تتحمل أنت مسؤولياته ، أو ينالك سوء بسبب علاقتك بي

    سيف كان قلق . أردت أن أغير الموضوع ، فقلت :

    " اخبرني . ما النبأ الجميل الذي تحمله "

    و كان سيف قد أبلغني بأن لديه خبر جميل ، عندما وصل إلى بيتي قبل دقائق !

    سيف قال :

    " لقد . عزمت على إتمام نصف الدين ! "

    فاجأني الخبر ، و أسرني كثيرا ، فأمطرت صديقي بالتهاني القلبية ! إنه أول خبر سعيد أسمعه منذ شهور .

    " أخيرا يا رجل ! فليبارك الله لك ! "

    " شكرا أيها العزيز . العقبة لك ! متى يحين دورك "

    دوري أنا !
    إن مثل هذا الموضوع لم يكن ليخطر على بالي !
    و هل يفكر في الزواج رجل خرج من السجن قبل شهور ، و بالكاد بدأ يتنفس الهواء . و كان و عاد عاطلا عن العمل ! .
    و فوق كل هذا . ذو جرح لم يبرأ بعد .

    قلت :

    " قد تمضي سنوات و سنوات قبل أن تعبر الفكرة على رأسي مجرد العبور ! "

    " لم يا رجل !؟ إننا في السابعة و العشرين ! وقت مناسب جدا ! "

    قلت :

    " لأجد ما يعيلني أولا ! كيف لي أن أتحمل مسؤولية زوجة و أطفال ! "

    قال سيف :

    " إنك تحب الأطفال يا وليد ! ألست كذلك ؟ "

    " بلى ! . "

    " ستكون أبا عطوفا جدا ! "

    و ضحكنا !

    يمكنني أن أضحك بين حلقات سلسة همومي التي مذ بدأت لم تنته .


    قضيت أسابيع أفتش عن عمل . و فشلت
    حتى أقاربي الذين لجأت إليهم طالبا الدعم ، خذلوني
    لو كان سبب دخولي السجن شيء آخر ، لربما عاملني الناس بطريقة أفضل .
    كرهت الدنيا و كرهت نفسي و كرهت كل شيء من حولي .
    و بدأت نقودي التي جمعتها خلال الأشهر الماضية تنفذ . و أعود للفقر من جديد .
    كنت جالسا في حديقة المنزل الميتة . أدخن السيجارة تلو الأخرى . غارقا في التفكير و الهموم .

    كانت الأرض أمامي قاحلة . لا زرع فيها و لا حياة .
    تماما مثل حياتي .

    تزوج صديقي سيف بعد بضعة أشهر خطوبة . و ينعم الآن بحياة جديدة ، و يتولى مسؤوليات أكبر . و لم يعد متفرغا لي .






    رد مع اقتباس  

  3. #113  
    المشاركات
    3,259
    حصلت على عمل بسيط جدا في أحد المحلات التجارية . إلا أنني لم استمر فيه بسبب المشاكل التي واجهتني ، لكوني موصوم بالإجرام و القتل .

    أصبحت بإحباط شديد . و أنا افقد القليل الذي كنت قد حصلت عليه . و ضاقت بي الدنيا . كما و داهمني الإعياء و المرض . فقررت الهروب من مدينتي إلى مكان ألقى فيه شيء من الاحترام و المودة
    بعيدا عن السمعة المجروحة . إلى حيث يوجد من يحبني و يرغب بوجودي و يتقبلني على ما أنا عليه من عيوب و وصم عار .
    إلى أهلي


    كانت شهور عشرة قد انقضت منذ رحلت عنهم .
    كلما اتصلوا بي أو اتصلت بهم ، أخبرتهم بأنني في أحسن حال ، بينما أنا في أسوئه

    انفث الدخان السام من صدري . و أفكر . أ أعود إليهم أم لمن ألجأ
    أتخيل نفسي بينهم من جديد . فتظهر صورة رغد لتحتل منطقة الخيال من رأسي . فأبعدها و أبعد الفكرة .

    " لا . لن أعود "

    و أرمي بالسيجارة على الأرض ، و أدوسها بحذائي فتندفن تحت الرمال . إلى جانب شقيقاتها . في قبور متجاورة و مزدحمة .

    لماذا لا أموت أنا مثلها

    إلى متى أستمر في تدخين هذه الأشياء القذرة

    ألا يكفي السجن أن لوث سمعتي و ضيع مستقبلي ؟

    أ أترك دروسه و مخلفاته تلوث صدري و تفسد صحتي

    أتذكر قول نديم لي . لا تدع السجن يفسدك يا وليد .

    هل أنا شخص فاسد الآن

    نديم .

    ليتك معي الآن . .





    فجأة . تذكرت شيئا غاب عن مذكرتي تماما !

    يوم وفاته ، نديم أوصاني بشيء .

    طلب مني أن أزور عائلته و أطمئن عليهم !

    وقفت منفعلا . يا للأيام ! لم يخطر هذا الأمر ببالي من ذي قبل .

    و كيف له أن يجد فرصة للظهور فيما يحتل تفكيري أمور أخرى .


    ربما وفاء ً لذكرى صديق عزيز لطالما كان يدعمني في أسوأ أيام حياتي .

    أو ربما كان فراغا طويلا لم أجد معه ما أفعله

    أو حتى هروبا من هذه المدينة و سمعتي المنحطة فيها

    أيا كان الدافع ، فقد قررت يومها زيارة عائلة نديم !


    نديم أخبرني بأنه يملك مزرعة في المدينة الشمالية ، و هذه المدينة بعيدة عن مدينتي و هي أقرب إلى المدينة الصناعية حيث يعيش أهلي .


    جمعت كل ما أحتاجه و ما قد أحتاجه ، و عزمت الرحيل .


    الهدف لم يكن زيارة عائلة نديم تنفيذا لوصيته التي ماتت يوم وفاته ، بقدر ما كان الفرار من الفشل الذريع الذي أعيشه في هذه المدينة

    الآن أدرك لم قرر والدي الرحيل ، و لم لا يفكر في العودة
    لا بد أنه تعرض لمثل ما تعرضت له . بسبب جريمتي النكراء .

    ذهبت لزيارة سيف في مسكنه الجديد ، و أبلغته أنني راحل .
    كان وداعنا مؤلما إلا أنه قال :

    " في أي وقت . و كل وقت . تشعر بأي حاجة لأي شيء ، تذكر أنني موجود "

    و دفع إلي مبلغا من المال قبلته على شرط أن أرده له في أقرب فرصة . و لا أعلم كم تبلغ المسافة بيني و بين هذه الفرصة !

    أقفلت أبواب المنزل الكئيب . و تركت الذكريات القديمة سجينة . تغط في سبات أبدي .
    بما فيها صندوق الأماني المخنوق ، و الملقى بلا اهتمام عند إحدى زوايا الغرفة
    إن كتب لي أن أعود يوما . فسأفكر في فتحه !

    انطلقت مستعينا بالله و متوكلا عليه . متجها إلى المدينة الشمالية . لم أكن قد زرتها في حياتي من قبل ، إلا أنني أعرف أن الطريق إلى المدينة الصناعية يؤدي إليها ، و أنها لا تبعد عن الأخيرة إلا قليلا

    وصلت إلى المدينة الصناعية . و شوقي سحبني نحو بيت عائلتي سحبا .
    كيف لي أن أعبر من هنا . ثم لا أمر لألقي و لو نظرة عابرة على أهلي

    كان الوقت عصرا . أوقفت سيارتي إلى جانب سيارة أبي ، و السيارة الأخرى التي تبدو جديدة و آخر طراز !






    رد مع اقتباس  

  4. #114  
    المشاركات
    3,259
    مؤخرا صار سامر يأتي إلينا مرة واحدة في الشهر . أصبح يعمل عملا مضاعفا و قلت حتى اتصالاته !

    و حين جاء البارحة ، طلبت منه أن يصطحبني إلى الشاطئ هذا اليوم !

    طبعا سامر فرح كثيرا بهذا الطلب . و أنا كنت أريد أن أرفه عن نفسي و أقلد دانة !
    إنها دائما تشعرني بأنني لا أصلح امرأة !
    الجميع من حولي يعاملونني على أنني لا أزال طفلة !
    إنني الآن في الثامنة عشر من العمر . و أحس بأنني خلال الأشهر الماضية كبرت كثيرا !

    لقد بدأت استخدم المساحيق بكثرة مثلها ، و أشتري الكثير من الحلي و الملابس. بالرغم من أنني لا أجهز للزفاف مثلها !

    فكرة الزواج الآن لم أقتنع بها . و لسوف أنتظر حتى أنهي دراستي و أكتسب صفات المرأة التي تعرف كيف تحب و تدلل شريك حياتها !

    أليس هذا هو المطلوب

    " هيا رغد ! الوقت يمضي ! "

    سامر يناديني ، و هو يقف خلف الباب ، ينتظر خروجي .
    أجبت و أنا ارتدي شرابي ثم حذائي الجديد ذا الكعب العالي ، على عجل :

    " قادمة . لحظة "

    و في ثوان كنت أفتح الباب .
    حين صرت أمامه راح يحدق بي باستغراب ، ثم قاد بصره إلى حذائي !

    " رغد ! لقد طلت بسرعة ! لم تكوني هكذا البارحة ! "

    ابتسمت و قلت و أنا أظهر حذائي الطويل من خلف عباءتي :

    " إنها الموضة ! "

    سامر ضحك و قال :

    " و لكن يا عزيزتي هل ستسيرين بحذاء هكذا على الشاطئ "

    " لا يهم ! أنا أريد أن أظهر أطول قليلا حتى لا يظنني الناس طفلة ! "

    " كما تشائين ! هيا بنا "

    و خرجنا ، و مررنا بالمطبخ حيث وضعت سلة صغيرة تحتوي بعض الحاجيات فحملها سامر و هممنا بالانصراف

    و إذا بدانة تقول :

    " هل آتي معكما "

    أنا و سامر تبادلنا النظرات .

    طماعة ! ألا يكفيها أنها تخرج مع خطيبها كل يوم فيما أنا جالسة وحيدة في المنزل

    قلت :

    " لا ! إنها رحلة خاصة ! "

    سامر ابتسم بخجل ، و دانه نظرت إلي من طرف عينها مع ابتسامة خبيثة أعرفها جيدا . و أعرف ما تعنيه منها !

    تجاهلتها و سرت مبتعدة .

    " انتبهي لئلا تنزلقي زرافتي ! "

    و أخذت ْ تضحك !

    قلت بحنق :

    " ليس من شأنك "

    و خرجت مسرعة
    دانه تتعمد التعليق على أي شيء يخصني . و دائما تعليقها عنه يوحي بعدم رضاها أو سخريتها منه !

    إلا أنها تشعر بالغيرة من طولي الذي يسمح لي بارتداء أحذية كهذه ، و هي محرومة منها !

    خرجنا على الفناء الخارجي و سامر يبتسم بسرور !

    حتى و إن كانت نظارته السوداء الكبيرة تخفي عينيه . كنت أعرف أنه يحدق بي !

    اعتقد أنه سعيد جدا . السعادة المميزة . التي لم أذق لها أنا طعما حتى الآن .

    فيما نحن نقترب من الباب ، قرع الجرس !

    تقدم سامر و فتحه .

    و توقفت الكرة الأرضية عن الدوران !

    اعتقد أن شهابا قد ارتطم بها . هنا خلف هذا الباب !

    شعور مفاجئ . و اصطدام مجلجل . و حرارة محرقة شاوية . و حمم . و ضباب . و اختناق . و ارتجاف . و عرق . و ذهول . كلها مجتمعه انبثقت فجأة من عند الباب و اجتاحتني .

    هل أصدق عيني ! ؟

    هل يقف أمامي المارد الناري الضخم المرعب . متمثلا في صورة . وليد

    هتف سامر بذهول و بهجة عارمة :

    " أخي وليد !! "

    و تعانقا عناقا طويلا .

    يا لها من مفاجأة مذهلة !

    اعتقد أنه كان علي الأخذ بنصيحة سامر و تغيير حذائي . إنني أوشك على الانزلاق ! لماذا فقدت توازني بهذا الشكل

    بعد لقائهما الحميم . استدارا نحوي .

    حينما وقت عيناه على عيني ، طردهما بسرعة و غض بصره . و قال بهدوء لا يتناسب و الحمم و البركاين و الانفجار و النيران الذي تولدت لحظه ظهوره من فتحة الباب :

    " كيف حالك صغيرتي ؟ "

    لقد حاولت أن أحرك لساني لقول أي شيء . لكن بعد احتراقها ، فإن كلماتي قد تبخرت و صعدت للسماء !

    طأطأت رأسي للأرض خجلا . حين عبرت ذكرى لقائنا الأخير سريعة أمام عيني ! .

    الرجلان يقتربان .

    رفعت رأسي فإذا بعينيه تطيران من عيني إلى الشجرة المزروعة قرب الباب الداخلي .

    سمعته يقول :

    " ألا يبدو أنها كبرت !؟ "

    التفت إلى الشجرة . صحيح . لقد كبرت خلال الشهور الطويلة التي غاب فيها وليد عنا !

    لكني سمعت سامر يضحك و يقول :






    رد مع اقتباس  

  5. #115  
    المشاركات
    3,259
    " إنه الكعب ! "

    أدركت أنه كان يقصدني أنا ! كم أنا غبية !

    قال وليد :

    " أ كنتما . خارجين "

    قال سامر :

    " أوه نعم . لكن يمكننا تأجيل ذلك لما بعد . تعال للداخل ستطير أمي فرحا ! "

    قال وليد :

    " أرجوكما امضيا إلى حيث كنتما ذاهبين ! إنني سأبقى في ضيافتكم فترة من الزمن ! "

    مدهش !

    عظيم !

    ممتاز !

    و أقبلا نحو الباب الداخلي ، و دخلنا نحن الثلاثة .

    كانت مفاجأة مذهلة أحدثت في بيتنا بهجة لا توصف .

    عشر شهور مضت . و هو بعيد . لا يتصل إلا قليلا . و حين يتصل يتحدث مع الجميع سواي . و إن تحدث معي صدفة ، ختم جمله المعدودة بسرعة .

    لكنه الآن موجود هنا !

    أنا فرحة جدا !

    علمنا في وقت لاحق أنه مر منا قبل ذهابه إلى المدينة الشمالية لأمر خاص .

    " كم ستظل هناك "

    سألته أمي ، فأجاب :

    " لا أعرف بالضبط ، ربما لبعض الوقت . سأفتش عن عمل هناك فقد أجد فرصة أفضل ! "

    دانة قالت :

    " و ماذا عن عملك في المدينة "

    وليد اضطربت تعبيرات وجهه ، و قال :

    " تركته "

    ثم غير الموضوع لناحية أخرى .

    فجأة سألني :

    " كيف هي الكلية "

    أنا تلفت من حولي بادئ الأمر . كأنني أود التأكد من أن وليد يتحدث إلي أنا !

    بالطبع أنا !

    لا يوجد من يدرس بالكلية غيري الآن !

    قلت بصوت خفيف خجل :

    " الحمد لله . تسير الأمور على ما يرام "

    قال سامر :

    " أنها مجتهدة و نشيطة ! و مغرمة بالفن أكثر من أي شيء آخر ! حتى مني ! "

    الجميع أخذوا يضحكون .

    سواي أنا و وليد .

    أنا لم تعجبني هذه الجملة . أما وليد . فلا أعرف لم اكفهر وجهه هكذا .

    قالت دانة :

    " إذن فقد أفسدت رحلتك الخاصة أيتها الببغاء الصغيرة ! "

    و استمرت في الضحك .

    أنا استأت أكثر .

    وليد سأل دانة :

    " أية رحلة ؟ "

    أجابت :

    " كانا يودان الذهاب للشاطئ ! سامر لا يأتي غير مرة في الشهر و خطيبته متلهفة لقضاء وقت ممتع و متميز معه ! إنها تغار مني ! "

    و رفعت رأسها بتباهي .

    ربما كانت تقصد مداعبتي ، لكنني حملتها محمل الجد . و وقفت فجأة ، و استأذنت للانصراف .

    ذهبت إلى غرفتي مستاءة . و غاضبة .





    ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~






    رد مع اقتباس  

  6. #116  
    المشاركات
    3,259
    قلت :

    " يبدو أنها تضايقت . "

    فجميعنا لاحظ ذلك . أما زالت دانه على ما كانت عليه منذ الطفولة

    نظرت إلى شقيقتي باستياء . و كذلك كان سامر ينظر إليها .

    قالت :

    " كنت أداعبها فقط ! "

    سامر قال :

    " لكنها انزعجت منك ! سأذهب إليها "

    و غادر من فوره .

    أنا طبعا لم أملك من الأمر من شيء .

    قلت لدانة :

    " أحقا كانا يودان الذهاب للشاطئ ؟ أنا آسف أن حضرت و أفسدت مشروع نزهتهما ! "

    " لا تكترث وليد ! فهي فكرت في الذهاب فقط لأنني أوحيت لها بأن تذهب ! إنها لا تحب الخروج من المنزل خصوصا للأماكن العامة "

    التزمت الصمت و لم أعلق على جملتها الأخيرة .

    قالت :

    " ما رأيكم أن نذهب جميعا غدا لنزهة عند الشاطئ ! كم سيكون ذلك رائعا ! "

    نزهة عند الشاطئ ؟ يبدو حلما ! إنني لم أقم بكهذا نزهة منذ سنين !

    و يبدو أن الفكرة قد راقت للجميع .

    سألت :

    " و ماذا عن نوّار "

    قالت :

    " في البلدة المجاورة ! إنها مباريات حاسمة ! ألا تتابع الأخبار "

    في الواقع ، أخبار كرة القدم ليست من أولويات اهتماماتي !

    تحدثنا عن أمور عدة . و شعرت براحة كبيرة . هنا حيث أحظى باهتمام أناس يحبونني و يعزونني .

    أنا أرغب في العيش مع أهلي فقد سئمت الوحدة . ألا يكفي أنني حرمت منهم كل هذه السنين

    خرجت من كنفهم و أنا فتى مراهق . مليء بالحماس و الحيوية و مقبل على الحياة . طموح و ماض في طريق تحقيق أحلامه .

    و عدت إليهم . و أنا رجل كئيب محبط مثقل بالهموم . فاقد الاهتمام بأي شيء . صقلني الزمن و شكلتني الأقدار .

    لكنهم لا زالوا يحترمونني .

    بعد مدة ، عاد سامر لينضم إلينا . لم تكن رغد معه

    كنت أريد أن أسأله عنها ، و لم أجرؤ !

    إنها لم تعد طفلتي . لم يعد لي الحق في الإهتمام بها .

    " إذن فتلك السيارة الرائعة في الخارج هي لك يا سامر ! "

    سألته ، فأجاب :

    " نعم ! اشتريتها مؤخرا . ما رأيك بها "

    " مظهرها رائع ! "

    " و مزاياها كذلك ! كلفتني الكثير ! "


    مقارنة بسيارتي القديمة فإن أي شيء في سيارة سامر سيبدو مدهشا !
    إذن . فأحوال أخي المادية جيدة .
    كم أبدو شيئا صغيرا أمامه . كم خذلت والدي ّ الذين كانا في الماضي . يعظمان من شأني و يتوقعان لي مستقبلا مشرفا .

    شعور جديد تولد هذا اليوم ، يزيدني رغبة فوق رغبة في الرحيل العاجل .

    ففي الوقت الذي يتمتع فيه سامر بعمل جيد و دخل وفير و مستقبل مضمون . افتقر أنا لكل شيء .

    حتى رغد .

    أصبحت له .






    رد مع اقتباس  

  7. #117  
    المشاركات
    3,259
    تتمه

    ألم شديد شعرت به في معدتي هذه اللحظة ، كان يتكرر علي في الآونة الأخيرة و لكنني لم أزر أي طبيب .

    استمر معي الألم فترة طويلة و لم أشعر معه بأي رغبة لتناول الطعام المعد على مائدة العشاء .

    لذا ، ذهبت إلى غرفة شقيقي ناشدا الراحة و الاسترخاء

    في صباح اليوم التالي أردت الذهاب إلى المطبخ حيث يجلس الجميع .

    قبل دخولي تنحنحت و أصدرت أصواتا من حنجرتي حتى أثير انتباههم لوصولي ، اقصد انتباه رغد لوصولي .

    " تفضل بني "

    قالت أمي . فدخلت و أنا حذر في نظراتي . لم أكن أريد أن أراها . لكنني رأيتها !

    " صباح الخير جميعا "

    ردوا تحية الصباح و طلبوا مني الجلوس إلى مائدة المطبخ الصغيرة التي يجتمعون حولها

    " تعال وليد ! إننا نخطط لرحلة اليوم ! هل تحتمل الرحلة أم أنك لا تزال متعبا "

    التفت إلى دانة التي طرحت السؤال ، و لم يكن بإمكاني منع عيني من رؤية رغد التي تجلس إلى جوارها

    " أحقا قررتم ذلك ؟ سيكون ذلك رائعا ! "

    أمي قالت و هي تشير إلى المعقد الشاغر :

    " تعال عزيزي . أعددت ُ فطورا مميزا من أجلك ! "

    نظرت باتجاههم ، لقد كانوا جميعا ينظرون إلي ، بلا استثناء .

    قلت :

    " سـ . أذهب إلى غرفة المعيشة "

    و انسحبت من المطبخ .

    وافتني أمي بعد قليل إلى غرفة المعيشة تحمل أطباق الفطور .

    " شكرا . "

    ابتسمت أمي ، و بدأت أنا في تناول وجبتي بهدوء ، بينما هي تراقبني !

    " أمي . أهناك شيء "

    سألتها بحرج ، قالت بابتسامة :

    " لا عزيزي . فقط أروي ناظري برؤيتك . "

    شعرت بالطعام يقف في بلعومي .

    برؤية من تودين يا والدتي الارتواء

    برؤية الخذلان و الفشل الحطام و البقايا

    برؤية رجل موصوم بالجريمة

    كم خذلتك ! كم كنت فخورة بي في السابق ! إنني الآن شيء يثير النفور و الازدراء في أعين الجميع .

    " الحمد لله "

    حمدت ربي ، و وضعت الملعقة على الطبق .

    " لم توقفت ! ألم يعجبك "

    " بلى أماه . لكني اكتفيت "

    " عزيزي سأخرج إن أزعجك وجودي . أرجوك أتم وجبتك "

    " لا يا أمي ، لقد اكتفيت و الحمد لله "






    رد مع اقتباس  

  8. #118  
    المشاركات
    3,259
    أمي بعد ذلك ، عادت بالأطباق إلى المطبخ ، ثم أقبل الجميع إلى غرفة المعيشة و حاصروني بنظراتهم . و أسئلتهم حول أموري .

    أنا كنت اكتفي بإجابات مختصرة . فلا شيء فيما لدي يستحق الذكر و الاهتمام .

    و كالبقية كانت رغد تتابعني بعينيها و أذنيها ، في صمت .

    " ما رأيك بتجربة سيارتي يا وليد ! لنقم بجولة قصيرة ! "

    بدت فكرة ممتازة و منقذة ، فوافقت فورا و نهضت مع سامر ، و خرجنا .





    ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~





    " هل غضبت مني أمس حقا ! أنا آسفة يا رغد ! كنت أمازحك ! "


    نظرت إلى السقف و قلت :

    " حسنا ، انتهى الأمر الآن "

    ثم إليها و قلت :

    " و لكن لا تنعتيني بالببغاء ثانية . خصوصا أمام وليد "

    قالت دانة باستغراب :

    " وليد "

    فاضطربت .

    قالت :

    " تعنين سامر !؟ "

    قلت :

    " وليد أو سامر أوأي كان . أمام أي كان ! "

    و أشحت بوجهي بعيدا عنها

    فعادت تبرد أظافرها بالمبرد و تغني !

    كنا نجلس في المطبخ ، و للمطبخ نافذة مطلة على ساحة خارجية خلفية تنتهي بالمرآب
    مرآب منزلنا مفتوح من ثلاث جهات ، و يسد جهته الخارجية بوابة كهربائية .

    أقبلت أمي تحمل سلة الملابس المغسولة و دفعت بها إلي :

    " رغد . انشريها على الحبال "

    أوه . يا لعمل المنزل الذي لا ينتهي !

    أردت أن أعترض و أوكل المهمة إلى دانة ، التي تجلس أمامي تبرد أظافرها بنعومة !

    " انشريها أنت يا دانة ! "

    هزت رأسها اعتراضا ، فهممت أن أتذمر !

    لكني لمحت من خلال النافذة بوابة المرآب تنفتح ، و أدركت أنهما قد عادا !
    و بسرعة ابتلعت جملة التذمر قبل أن أتفوه بها و قل متظاهرة بالاستسلام :

    " حسنا . لن أؤذي أظافرك ! سأنشرها أنا ! "

    و حملت السلة ، و خرجت للفناء الخلفي .

    وليد ركن السيارة في المرآب ثم خرج منها هو و سامر .

    و هاهما الآن يقبلان باتجاهي .

    سامر نزع نظارته السوداء .

    و سارا متوازيين جنبا إلى جنب يسبقهما ظلاهما . و يدوسان عليهما .

    وليد . بطوله و عرضه و بنية جسده الضخم . و الذي اكتسب عدة أرطال مذ لقائي الأخير به قبل شهور . زادت وجهه امتلاء و جسده عظمة . و كتفيه ارتفاعا . و صار يشغل حيزا محترما من هذا الكون و يفرض وجوده فيه !
    يخطو خطا أكاد أسمع صوت الأرض تتألم منها !

    سامر . بجسمه النحيل . و قوامه الهزيل. و وجهه الطويل . المشوه .
    و خطاه الهادئة البسيطة . و أنظاره الخجلة التي غالبا ما تكون مدفونة تحت الأرض .

    شيء ما أحدث في نفسي توترا و انزعاجا .

    إنهما مختلفان .

    لماذا تنجرف أنظاري لا إراديا نحو وليد

    لماذا يشدني التيار إليه هو

    حين صارا أمامي مباشرة ، توقف سامر و قال :

    " أ أساعدك "

    بينما تابع وليد طريقه مرورا بي . ثم ابتعد دون أن ينظر إلي .

    لكني كنت أراقبه .

    توقف برهة و استدار مادا يده نحو سامر قائلا :

    " المفتاح "

    مفتاح السيارة كان يسبح في كفه كسمكة في البحر !

    تناول سامر المفتاح منه ، ثم أخذ يساعدني في نشر الملابس على الحبال . في الحقيقة قام هو بالعمل . فأنا كنت شاردة و سارحة أفكر .

    هل هذا هو شريك حياتي حقا

    لماذا علي أنا أن أتزوج رجلا مشوها

    لقد شغلت الفكرة رأسي حتى ما عدت بقادرة على التركيز في شيء آخر .






    رد مع اقتباس  

  9. #119  
    المشاركات
    3,259
    هل حقا سأتزوج سامر
    كم كانا مختلفين . و يهما يسيران جنبا إلى جنب .

    في وقت الغذاء ، لم أساهم في إعداد المائدة و وافيت البقية متأخرة بضع دقائق .
    أتدرون ماذا حدث عندما دخلت غرفة المائدة و جلست على مقعدي المعهود

    قام وليد . و غادر الغرفة !

    تلوت معدتي ألما حين رأيته يذهب . إنه لا يريد أن يجلس معي حول مائدة واحدة!

    الجميع تبادلوا النظرات و حملقوا بي .

    أمي تبعته ، ثم عادت بعد أقل من دقيقة و قالت :

    " رغد . خذي أطباقك إلى المطبخ "

    صدمت و اهتز وجداني . و شعرت بالإهانة . و بأنني أصبحت شيئا
    لا يرغب وليد في وجوده . شيئا يزعجه . و يتحاشى اللقاء به .

    نعم فأنا ابنة عمه التي كبرت و أصبحت . شيئا محظورا

    رفعت أطباقي و ذهبت إلى المطبخ و انخرطت في بكاء مرير .

    بعد قليل أتتني دانة تحمل أطباقها هي الأخرى :

    " رغد ! و لم هذه الدموع أيتها الحمقاء ! "

    لم أعرها أذنا صاغية ، فقالت :

    " إنه يشعر بالحرج و الخجل ! تعرفين كيف هو الأمر ! هذا من حسن الأدب ! "

    قلت :

    " لكنني كنت معكم العام الماضي "

    قالت :

    " ربما لم يكن قد اعتاد فكرة أنك . كبرت ! "

    ليتني لم أكبر !

    تركت أطباقي غير ملموسة و خرجت من المطبخ متوجهة إلى غرفتي ،
    و دانة تشيعني بنظراتها .

    في الغرفة . تأملت صورة وليد التي رسمتها قبل شهور . و انحدرت دموعي .

    أخذت أتخيله . و هو واقف إلى جوار سامر . يفوقه في كل شيء يعجبني .

    ثم .
    ثم .
    أتزوج سامر ! !


    لماذا أقارن بينهما هكذا


    وفي العصر ، أتتني دانة

    " الم تستعدي بعد ؟ سننطلق الآن ! "

    " إلى أين "

    " أوه رغد هل نسيت ! إلى الشاطئ كما اتفقنا ! "


    بالفعل كنت قد نسيت الفكرة . و بالرغم من أنني كنت مسرورة جدا بها مسبقا ألا أنها الآن . لا تعجبني !


    " لا أريد الذهاب "


    حملقت دانة بي و قالت :

    " عفوا ! ألم تكوني أنت المشجعة الأولى ! هل ستبقين في البيت وحدك "


    قلت :

    " هل سيذهب الجميع "

    " بالطبع ! إنهم في انتظارنا فهيا أسرعي ! "


    و ذهبت إلى غرفتها تستبدل ملابسها .

    أن أبقى وحدي في البيت هي فكرة غير واردة . لم يكن أمامي إلا الذهاب معهم .


    توزعنا على سيارتي أبي و سامر .

    جلس وليد على المقعد المجاور لسامر ، و أنا خلفه ، و دانه إلى جانبي ، و تركنا والدي ّ معا في السيارة الأخرى .

    وليد و سامر كانا يتبادلان الأحاديث المختلفة تشاركهما دانة ، أما أنا فبقيت صامتة . أراقب و استمع . و أشعر بالألم .

    لم تفتني أي كلمة تفوه بها وليد . او أي ضحكة أطلقها

    كنت أضغي إليه باهتمام بالغ ! حتى كدت أحفظ و أردد ما يقول !

    عندما وصلنا ، فرشنا بساطا كبيرا و وضعنا أشياءنا و جلسنا عليه ، إلا أن وليد ظل واقفا . ثم ابتعد . و سار نحو البحر .

    إنه لا يرد الجلوس حيث أجلس .

    لماذا يا وليد



    هل تعرفون كم دقيقة في الساعة

    ستون طبعا !

    و هل تعرفون كم مرة في الساعة فكرت به ؟

    ستون أيضا !

    و هل تعرفون كم ساعة بقينا هناك

    ست ساعات !

    هل أحصيتم كم وليد جال برأسي خلال الرحلة






    رد مع اقتباس  

  10. #120  
    المشاركات
    3,259
    الثلاثة ، أبي و وليد و سامر ذهبوا للسباحة ، أمي تصف قطع اللحم في الأسياخ و دانة تساعدها .

    و أنا ، معدتي تئن !

    " رغد ! لم لا تبتلعين أي شيء ريثما يجهز العشاء لم تضرم النار بعد و سنستغرق وقتا طويلا ! "

    نظرت إلى دانة و قلت :

    " لم لا تسرعان ؟ "

    " لا يزال الوقت مبكرا ! أنت من فوّت وجبة الغداء ! "


    لقد كنت جائعة بالفعل ! و فتشت في السلات فلم أجد شيئا يستحق التهامه حتى يجهز طعام العشاء المشوي !

    نظرت من حولي فرأيت مقصفا صغيرا على مقربة منا .

    " أريد الذهاب إلى هناك ! "

    قالت دانة :

    " اذهبي ! "

    قلت :

    " تعالا معي ! "

    ابتسمت دانة ابتسامتها الساخرة التي تعرفون و قالت :

    " نعامتي الصغيرة . تخشى من الظلام .
    و ترجف خوفا . من فئران نيام ! "


    و هو مطلع أغنية للأطفال !

    غضبت منها فاسترسلت في الضحك .

    تجاهلتها و خاطبت والدتي :

    " تعالي معي . "

    أمي مدت يديها الملطختين بعصارة اللحم ، تريني إياهما و قالت :

    " فيما بعد رغد "

    نظرت نحو الشاطئ فوجدت وليد يجلس على أحد المقاعد . و والدي و سامر لا يزالان يسبحان .

    التفت إلى دانة و قلت :

    " دعينا نقترب من الشاطئ . أريد أن أبلل قدمي ! "

    دانة قالت :

    " أنا لا أريد ! اذهبي أنت ِ "

    " لا أريد الذهاب وحدي "

    و عادت تغني :

    " نعامتي الصغيرة . تخشى من الظلام !! "

    أصبحت لا تطاق . !

    و أمي منهمكة في إعداد أسياخ اللحم .

    " اذهبي رغد . إنهم هناك ! اذهبي عزيزتي . "

    قالت أمي مشجعة إياي .

    لم يكن هناك الكثيرون على مقربة منا . و لكنني ترددت كثيرا .


    في النهاية أقنعت نفسي بأنهم قريبون من الساحل ، كما و إن وليد يجلس هناك . و لا داعي لأي خوف .

    سرت نحوه و أنا أحس بنظرات أمي تتبعني . فهي تريد لي التخلص من خوفي المبالغ به . من أماكن لا تستوجب أي خوف أو حذر .

    كانت أمواج البحر تتلاطم بحرية . و نسمات الهواء باردة منعشة تغزو صدري الضائق منذ ساعات . فتفتح شعبه و توسعه .

    اقتربت من وليد . و لم يشعر بي

    تجاوزته نحو الماء . فلم أحس بحركة منه التفت فرأيته مغمض العينين ، و ربما نائم !

    سمحت للماء البارد بتبليل قدمي . و شعرت بانتعاش !

    لوّح سامر لي . فشعرت بأمان أكثر و تجرأت على خطو خطوتين يمينا و يسارا . إلا أنني لم ابتعد أكثر من ذلك . لم أخرج عن الحيز الذي يحيط بوليد و يشعرني بالطمأنينة .

    و الآن تجرأت على خطوة أكبر . و جلست على الرمال المبللة و مددت يدي لألامس الأمواج .

    كان شعورا رائعا !

    أقبل مجموعة من الأطفال بألعابهم و أطواق نجاتهم ، و بدؤوا يلعبون بمرح . كنت أراقبهم بسرور !

    ليتني أعود صغيرة لألهو معهم !

    التفت للوراء . إلى وليد . استعيد ذكريات ظلت عالقة في ذاكرتي .

    كان وليد يلاعبني كثيرا حينما كنت صغيرة ! و في المرات التي نقوم فيها برحلة إلى الشاطئ . كان يبقى حارسا لي و لدانة !

    عدت بنظري للأطفال . أتحسر !

    يبدو أن أصواتهم قد أيقظت وليد من النوم . سمعت صوته يتنحنح ثم يتحرك ، استدرت للخلف فوجدته يقف و ينظر إلى ما حوله .

    وليد تحرك مقتربا من البحر . فنهضت بسرعة و قلت :

    " إلى أين تذهب "

    وليد توقف ، ثم . قال :

    " لأسبح . "

    قلت :

    " انتظر . سأعود لأمي . "

    في نفس اللحظة أقبل سامر يخرج من الماء نحو اليابسة .

    " وليد . تعال يا رجل ! يكفيك نوما ! "

    قال سامر ، فرد وليد :

    " أنا قادم . لكن ألا يجب أن نشعل الجمر الآن "

    " لا يزال الوقت مبكرا ! "

    و التفت سامر إلي و قال :

    " رغد أخبري أمي بأننا سنقضي ساعات أكثر في السباحة ! "

    قلت :






    رد مع اقتباس  

صفحة 12 من 26 الأولىالأولى ... 2101112131422 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. تحميل رواية كنت أحبك حب ماتقراه في أعظم رواية
    بواسطة Bshaer‘am في المنتدى روايات - قصص - حكايات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 26-Aug-2014, 12:29 AM
  2. مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 24-Oct-2013, 11:43 PM
  3. رواية مجزرة الحولة من الطفل المذبوح رقم خمسين رواية 2013
    بواسطة иooḟ Ăł.кααьỉ في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-Dec-2012, 02:08 AM
  4. ديكورات كامله 2013 , ديكورات منزل كامله 2013 , صور ديكورات جميله 2013
    بواسطة ♣ ♣المتفائله♣ ♣ في المنتدى ديكور - فن الديكور المنزلي - اثاث غرف ومطابخ وحدائق
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-Sep-2012, 11:37 PM
  5. رواية قليل من الحب كامله من الروايات الرومنسية txt للجوال
    بواسطة بدويه اصيله في المنتدى روايات - قصص - حكايات
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 09-Oct-2011, 10:39 PM
المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •