الملاحظات
صفحة 13 من 26 الأولىالأولى ... 3111213141523 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 121 إلى 130 من 255

الموضوع: رواية انت لي كامله

  1. #121  
    المشاركات
    3,259
    " حسنا ! "

    بينما تصرخ معدتي : كلا !

    سامر خرج من الماء ، و صار واقفا إلى جوار وليد . و قام ببعض التمارين الخفيفة .

    التفت إلى ناحية البساط الذي نفترشه ، و خطوت متجهة إليه .

    مجموعة من الناس كانوا يلاحقون كرة قدم . فيضربها هذا و يركلها ذاك . يتحركون في طريقي .

    وقفت في منتصف الطريق لا أجرؤ على المضي قدما .

    التفت إلى الوراء فوجدت الاثنان يراقباني .

    و إلى حيث تجلس أمي و أختي . فإذا بهما أيضا تراقباني .

    الآن . تدحرجت الكرة نحوي و اقتربت من قدمي . و أقبل اللاعبون يركضون نحوها .

    وصل إلي أحدهم و قال :

    " معذرة يا آنسة "

    أصبت بالذعر . فجأة .

    خطوة للوراء .

    ثم خطوة أخرى .

    ثم أطلقت ساقي للريح راكضة باضطراب و فزع .

    إلى حيث جرفني التيار .

    نحو وليد !






    رد مع اقتباس  

  2. #122  
    المشاركات
    3,259
    الحلقةالثامنةعشر




    أفقت من غفوتي القصيرة .

    كنت أجلس على أريكة بمحاذاة الشاطئ ، تتدلى قدماي في مياه البحر و تعانقان أمواجه الراقصة .

    الهواء كان منعشا جدا و البحر غاية في الجمال . منظر لم تره عيناي منذ سنين
    إنها المرة الأولى منذ تسع سنين ، التي يبتهج فيها صدري و أنا بين أهلي و أحبابي .

    أصوات مجموعة من الأطفال تغلغلت في أعماق أذني و أيقظتني من راحتي النادرة

    ما إن فتحت عينيّ الناعستين حتى تلقتا منظرا جعلني أقف منتصبا فورا !

    كانت رغد . صغيرتي الحبيبة . خطيبة أخي الوحيد . تجلس على الرمال المبللة تعبث بالماء . إلى جواري تماما !

    نهضت و قد أصابني الروع !

    و سرعان ما هبت هي الأخرى واقفة ، تنظر إلي .

    وجّهتُ سهام بصري إلى البحر . ليبتلع أي شعور يفكر في الاستيقاظ في داخل قلبي . و خطوت مبتعدا عنها

    استوقفتني ، فأخبرتها بأنني ماض للسباحة فقالت بسرعة :

    " انتظر ! سأعود لأمي . "

    لم أعرف ما إذا كانت تقصد مني مرافقتها أو مراقبتها تحديدا ، إلا أنها حين سارت مبتعدة بقينا أنا و سامر ـ و الذي خرج من الماء للتو و وقف إلى يساري لا يفصلني عنه غير شبرين ـ نراقبها و هي تبتعد .

    و حين ظهر فتى في طريقها يريد أخذ كرة القدم التي تدحرجت منه نحوها ، اضطربت صغيرتي . و استدارت نحونا . و أقبلت مسرعة و أمسكت بذراعي اليمنى و اختبأت خلفها !

    أنا طبعا وقفت كالجدار لا أحس بشيء مما حولي و لا أعرف ماذا يحدث و ماذا علي أن أفعل !

    أردت أن أسحب ذراعي لكنها غرست أظافرها بي و آلمتني .

    الفتى ذاك كان يحمل الكرة و ينظر بتعجب نحونا

    و أمي و دانه أيضا تنظران بتعجب

    أما النظرات التي لم أعرف ما طبيعتها هي نظرات أخي سامر .

    " صغيرتي . صغيرتي . لا بأس عليك . اهدئي أرجوك "

    رغد الآن تنظر إلى و قد اغرورقت عيناها بالدموع ، و قالت بانفعال و اضطراب :

    " لماذا لم تأتِ معي ؟ لماذا تركتني وحدي ؟ هل تريد أن يؤذيني أحد بعد ؟ "

    كلمتها هذه جعلت عضلاتي تنقبض جميعها فجأة ، و لا شعوريا مسكت أنا بيديها و شددت عليهما بقوة .

    لحظة جحيم الذكرى . و أعيينا تحدق ببعضها البعض بحدة . من عيني يقدح الشرر الحارق . و من عينها تنسكب الدموع المجروحة . و في بؤبؤيها أرى عرضا للشريط المشؤوم اللعين . و صورة لعمّار يبتسم . و الحزام يتراقص .

    " لكنت ُ قتلته "

    نطقت بهذه الجملة لا إراديا و أنا أحدق بها في نظرات ملؤها الشر . و القهر .

    لقد شعرت بأشياء تتمزق بداخلي . و أشياء تعتصر . و أشياء تتوجع و تصرخ .

    كيف لي أن أتحمل موقفا كهذا

    لو ظل سامر صامتا ، ربما بقيت شهورا واقفا عند نفس النقطة ، إلا أن صوته قطع الحبال المشدودة و أرخى العضلات المنقبضة

    " رغد . "

    أطلقنا نظراتنا المقيدة ببعضها البعض و سمحنا لها بالانتقال إلى عيني سامر .

    لا يخفى عليكم الذهول و الحيرة و الدهشة التي كانت تغلف وجه سامر الواقف ينظر إلينا .

    قال :

    " رغد . عزيزتي . "

    و لم ينطق بعدها بجملة واضحة تفسر التعبيرات الغامضة المرسومة على وجهه الحائر .

    رغد الآن بدأت تمسح دموعها و قد هدأت نوعا ما .

    الآن . تصل أمي و أختي . و تستدير رغد إليهما ، و تنطق بمرارة :

    " قلت لك لا أستطيع . لا أريد المجيء . لا أستطيع . لا تتركوني وحدي "

    و انخرطت في مزيد من البكاء المؤلم

    أمي أحاطتها بذراعيها و أخذت تتمتم بكلمات لم استطع استيعابها من هول ما أنا فيه .

    ثم رأيتهن هن الثلاث ، رغد و أمي و دانة ، يبتعدن عائدات من حيث أتين .

    سامر ظل واقفا لثوان أخرى ، ثم هم باللحاق بهن . و حانت منه التفاتة إلي . فرآني و أنا أنهار على الرمال و أضغط بيدي على معدتي و أتأوه ألما .

    لقد شعرت بأشياء تتمزق و تعصر في أحشائي . و دوار داهمني دون إنذار مسبق . و خور و وهن مفاجئ في بدني . فهويت أرضا .






    رد مع اقتباس  

  3. #123  
    المشاركات
    3,259
    كنت أعرف أن قلبي ينزف من الداخل ، كما تنزف أنسجة جسدي كله من شدة الموقف و قسوته . و شعرت بالدماء تجري بكل الاتجاهات في جسمي . و أحسست بها تصعد من جوفي . و تملأ فمي . ثم تخرج و تنسكب على الرمال ملونة إياها هي و يدي المرتكزة عليها باللون الأحمر .
    الآن . تستطيع عيناي رؤيتها بوضوح . تماما كما ترى النور .

    دماء حقيقية خرجت من جوفي ممزوجة بعصارة معدتي المتلوية ألما .

    " وليد ! "

    رفعت رأسي ، فإذا بي أرى سامر ينظر إلى موضع الدماء بذعر .

    " ما هذا "

    ما هذا ؟ أظن أنها دماء ! و هي المرة الأولى التي تخرج فيها دمائي من جوفي . و أنا أشعر بألم حاد جدا في معدتي .

    ما هذا ؟

    أظن أن هذا عرضٌ لمرض ٍ ما .



    بعد فترة . كنا نجلس قرب موقد الجمر ، نستنشق الأدخنة المتصاعدة من المشويات . و نتلذذ برائحتها الشهية .

    كان والدي يقلب الأسياخ و يهف الجمر . و كلما نضج اللحم في أحد الأسياخ دفعه إلى واحد منا ، فيلتهمه بشهية كبيرة .

    و الآن جاء دوري .

    " تفضل يا وليد "

    كنت أود مشاركتهم هذه الوجبة اللذيذة التي لم أذق لها مثيلا منذ سنين . لكن الآلام الحادة في معدتي حالت دون إقبالي على الطعام .

    " شكرا أبتاه . لا أستطيع التهامها فمعدتي مضطربة جدا "

    قال سامر :

    " لقد تقيأ دما قبل قليل "

    الجميع ينظر إلى الآن بقلق .

    ابتسمت و قلت :

    " ربما أكلت شيئا لم تتقبله ! لا تكترثوا "

    أمي قالت بقلق :

    " بني . عساه خيرا "

    " لا تقلقي أماه . ستهدأ بالصيام لبعض الوقت "


    ثم حاولت تغيير مجرى الحديث .

    أبي مد سيخ اللحم المشوي نحو الشخص التالي قائلا :

    " نصيبك يا رغد "

    رغد كانت تجلس على مؤخرة البساط ، بعيدة عن موقد الجمر الذي نجتمع قربه .

    رغد نهضت ، و أقبلت نحونا و مدت يدها و أخذت السيخ ، ثم همت بالعودة إلى المؤخرة .

    نهضت أنا و قلت :

    " تفضلي هنا . أنا سأتمشى قليلا "

    و ابتعدت كي أدع لها المجال لتجلس مكاني ، قرب الجميع . و تستمتع معهم بوجبة الشواء الشهية .

    ذهبت أولا نحو سيارة أخي ، و استخرجت علبة السجائر التي كنت أضعها في جيب بنطالي الذي استبدلته بملابس السباحة . ثم انطلقت إلى البحر . و جلست على الرمال . أدخن بشرود

    صوت أبي الجهور كان يصلني خافتا ضاحكا . إذن فالجميع يستمتعون بوقتهم . كم أتمنى لو أعود للحياة الدائمة معهم . ليتني أستطيع ذلك .

    ليتني أستطيع رمي الماضي في قلب البحر . و نسيانه .

    بعد قرابة النصف ساعة جاءتني دانة

    ابتسمت عند رؤيتي لها ، فابتسمت هي الأخرى إلا أنها سرعان ما حملقت بي بتعجب .

    " أنت تدخّن "

    مرّغت السيجارة التي كانت في يدي في الرمل المبلل ، إلى جوار أختها السابقة . و ابتسمت ابتسامة واهنة تنم عن الاستسلام و القنوط .

    " عادة سيئة . لا خلاص منها ! "

    دانه جلست إلى جانبي و أخذت تراقب الأمواج المتلاطمة . ثم قالت :

    " لم أكن أعلم بذلك ! لو كان نوّار يدخن لرفضت الارتباط به ! لا أطيق رائحة هذه المحروقة السامة ! "

    قلت ببعض الخجل :

    " معذرة "

    ثم أضافت مداعبة :

    " و على فكرة . فإن جميع الفتيات مثلي أيضا ! و إن استمررتم في التدخين فسوف تسببون أزمة عزّاب و عوانس ! "

    أطلقتُ ضحكة عفوية على تعليقها خرجت من أعماق صدري ممزوجة ببقايا الدخان!

    قلتُ بعد ذلك :

    " إذن . هل استعديتما للزفاف "

    بشيء من الخجل قالت :

    " تقريبا . إنه يريد أن نتزوج بعد عودة والديّ من الحج مباشرة ! أبي يود تأجيل ذلك شهرين أو ثلاثة . أما والدتي فتراه موعدا مناسبا جدا ، و تريد أن يتزوج سامر و رغد معنا دفعة واحدة ! "

    و هذا خبر ليس فقط يحبس الأنفاس في صدري و يعصر معدتي ، بل و يستل روحي من جسدي . و لن أعجب إن رأيتها تنسكب على الرمال أمامي كما انسكبت دمائي قبل قليل !

    في هذه اللحظة أقبل سامر و رغد . لينضموا إلينا

    قال سامر :

    " هل لنا بالانضمام إليكما ؟ تركنا الوالدين يشويان السمك ! "

    قالت دانة ضاحكة :

    " أوه أمي ! من سيلتهم المزيد ؟ أخبرتها ألا تحضر السمك و لكنها مولعة به كثيرا ! "

    و استدارت نحوي :

    " وليد كيف معدتك الآن ؟ ألا تحب أن تتناول بعض السمك المشوي "

    " كلا ، لا طاقة لي بالطعام هذه الليلة "

    و جلس سامر إلى جانبي الآخر ، و رغد إلى جانب دانة .

    قال :

    " فيم كنتما تتحدثان "

    قالت دانة :

    " فيكما أنت و رغد ! كنت أخبر وليد أنكما حتى الآن لم تتخذا قرارا نهائياحاسما بشأن موعد الزفاف ! "

    سامر ابتسم و قال :

    " أنا جاهر و في انتظار أوامر العروس ! "

    العروس هي رغد ! و رغد هي صغيرتي الحبيبة . التي كنت أحلم بالزواج منها ذات يوم . ثم فقدتها للأبد . فهل لكم أن تتخيلوا حالي هذه اللحظة

    قالت دانة :






    رد مع اقتباس  

  4. #124  
    المشاركات
    3,259
    " هيا يا رغد ! قولي نعم و دعينا نحتفل سوية ! "

    ثم غيرت النبرة و قالت مداعبة :

    " و لكن كوني واثقة من أنني سأكون الأجمل بالتأكيد ! "

    أذناي طارتا نحوها ، حتى كادتا تلتصقان بشفتيها أو حتى تخترقان أفكارها لأعلم ما ستقوله قبل أن تقوله . تكلمي رغد

    رغد ظلت صامتة . و أنا أذناي تترقبان بصبر نافذ . هيا يا رغد قولي أي شيء . ارمني بسهام الموت واحدا بعد الآخر .

    اطعنيني بخناجر الغدر و حطمي قفصي الصدري و مزقي الخافق الذي ما فتئ يحبك مذ ضمك إليه طفلة يتيمة وحيدة . توهم أنها خلقت من أجله فجاءت قذائفك تدمر قلعة الوهم التي بنيتها و عشت بداخلها 15 عاما . أو يزيد .

    و أقسم . أقسم أنك لو تزوجت مع شقيقتي في نفس الليلة ، فإني سأتخلى عنها و أخذلها و أدفن نفسي بعمق آلاف الأميال تحت الأرض ، لئلا أحضر أو أشارك أو أبارك ليلة تزفين فيها إلى غيري . مهما كان .

    بعد كل هذه المشاعر التي تصارعت في داخلي في ارتقاب كلمتها التالية . و أذاني تصغيان باهتمام و تركيز شديدين أكاد معهما أسمع دبيب النمل .

    بعد كل هذا . جاءني السهم المباغت التالي :

    " وليد . ما رأيك "

    أنى لي أن أصف ما أود وصفه و أنا بحال كهذه

    تسألينني أنا عن رأيي رأيي في ماذا

    في أن تتزوجي شقيقي اليوم أو غدا أو بعد قرن

    في أن تذبحيني اليوم أو غدا . أو بعد قرن

    أتشهد أيها البحر

    ألا يا ليتك تبتلعني هذه اللحظة . فأمواجك العاتية ستكون أكثر لطفا و رحمة بحال رجل تسأله حبيبة قلبه : ما رأيك بموعد زفافي !

    تحركت يداي إلى علبة السجائر الموضوعة على الأريكة الجالسة خلفي ، و تناولت واحدة و أشعلتها في محاولة مستميتة للفرار من جملة رغد ، التي كنت قبل ثواني أتوق لسماعها و أرسل أذنيّ نحو لسانها لالتقاط الجملة بسرعة فور خروجها .

    بدت اللحظة التالية كالساعة بل كالقرن في طولها

    سحبت نفسا عابقا بالدخان المنبعث من السيجارة المضغوطة بين شفتي .

    و أطلقت زفرة قوية . حسبت معها أن روحي قد انطلقت ، و الدخان قد لوث الكرة الأرضية بكاملها .

    قلت . بعدما عثر لساني على بضع كلمات مرمية على جانبية :

    " الأمر عائد إليكما "

    و وقفت .

    و قلت :

    " معذرة . سأدخن في مكان آخر "

    و انصرفت عنهم .

    سرت ُ مبتعدا ، و وقفت موليا إياهم ظهري . انفث السموم من و إلى صدري و أقاوم آلام قلبي و معدتي . و أحترق .

    بعد فترة ، انتهت رحلتنا و آن أوان العودة إلى البيت .

    لم أكن أريد أن أركب سيارة سامر . فقربه و قربها مني يعني مزيدا من الألم و الاحتراق ، لكنني حين رأيت دانة تركب سيارة والدي ، و رغد تقف عند سيارة سامر . توجهت تلقائيا و جلست على المقعد الأمامي ، لأمنعها من الجلوس عليه !

    مشوار العودة كان طويلا مملا . فقد التزمنا الصمت . و رغد نامت !

    " وصلنا عزيزتي ! "

    قال سامر ذلك و هو يلتفت إلى الوراء ، ليوقظ رغد .

    كنا قد وصلنا قبل الآخرين .

    فتحت أنا الباب و هبطت من السيارة ، و رأيت رغد تستفيق .

    ذهبت إلى مؤخرة السيارة أفرغ حقيبتها من حاجيات الرحلة ، ثم أحملها إلى داخل المنزل .

    و أقبل سامر يساعدني ، و حين وصلت إلى الباب ، جاءت رغد بمفتاح سامر و فتحته لي . و انطلقت مسرعة نحو الباب الداخلي تفتحه على مصراعيه لأدخل بما تحمل يداي ، و أتجه نحو المطبخ .

    وضعت الأشياء في المطبخ و استدرت راغبا في العودة لجلب البقية . رغد واقفة عند باب المطبخ تراقبني .

    حين مررت منها .

    " وليد "






    رد مع اقتباس  

  5. #125  
    المشاركات
    3,259
    " و الآن "

    نقلت بصري من كومة المناديل المبللة في يدي ، إلى عيني أمي و نظراتها المقلقة .

    و الآن

    أعتقد أن أمي كانت تلمح إلى شيء ، لم تجرؤ على التصريح به . و إن قرأت بعض معالمه في عينيها .

    إنها نفس النظرة التي رمقتني بها تلك الليلة ، ليلة رحيل وليد السابق ، قبل أذان الفجر .

    و خفت . من الحقيقة التي لا أريد أن أكتشفها أو يكتشفها أي كان . حقيقة الشعور بالحرارة التي تتأجج داخلي كلما كان وليد على مقربة



    في ذات اليوم ، أصررت على الذهاب إلى بيت خالتي و تناول الغذاء مع عائلتها

    كنت أريد أن أبتعد مسافة تسمح لي بالهدوء ، فنبضاتي لا يمكن أن تهدأ و وليد في مكان قريب .

    هناك فوجئت بأمر آخر !

    خالتي انفردت بي لبعض الوقت في إحدى الغرف و بدون أية مقدمات سألتني :

    " هل صحيح أنك . أنك لا ترغبين في الزواج من ابن عمك سامر "

    دهشت و هالني ما سمعت . قلت بذهول :

    " أنا ؟ من . قال ذلك "

    خالتي كانت تحدثني بجدية و قلق واضحين .

    قالت :

    " لقد سمعَتْك سارة تخبرين نهلة بهذا ذات مرة . و ذكرت الأمر على مسمع مني و من حسام . و من حينها و هو و أنا معه في جنون ! "

    لم أع ِ الأمر بالسرعة المفروضة ، بل بقيت أحملق بدهشة و بلاهة في عيني خالتي . و ربما هي فسرت صمتي موافقة على ما تقول .

    " رغد . أخبريني بكل شيء . فإن لم تكوني ترغبين في الزواج من ذلك المشوه فثقي بأنني لن أسمح لهذا الزواج بأن يتم أبدا "








    فيما بعد ، كنت أجلس مع نهلة في غرفتها دون وجود سارة ـ لوحدنا أخيرا !

    قلت :

    " و تقولين أنها لا تعي شيئا ؟ إنها أخطر مما ظننت ! يا لجرأتها . كيف تخبر خالتي و حسام بأمر كهذا !؟ هل أنا قلت ذلك "

    نهلة تنهدت و قالت :

    " هذا ما ترجمه دماغها الصغير ! لقد قلت أنك لا تريدين الزواج الآن ! أخضعتني أمي لاستجواب مكثف ، و أخي حقق معي مطولا بسبب هذا الأمر ! "

    " يا إلهي ! "

    ابتسمت نهلة ابتسامة سخرية ماكرة ، ثم وقفت فجأة و نفخت صدرها هواء ً ، و رفعت كتفيها عاليا ، و قطبت حاجبيها و عبست بشكل غريب مرعب و قالت بنبرة خشنة ـ تقلد حسام :

    " أمي يجب أن تتأكدي من الأمر لأنني إن اكتشفت أنهم أرغموها على هذا الزواج أو استقلوا كونها يتيمة و صغيرة و ضعيفة ، فأقسم بأنني سأشوه النصف الآخر من وجه ذلك اللئيم الماكر "

    قفزت أنا واقفة بغضب .

    " نهلة ! "

    ألا أنها تابعت تمثيل المشهد :

    " قلت لك يا أمي . تدخلي و امنعي هذا الارتباط منذ البداية . أترين أن فتاة في الرابعة عشر هي مدركة بالقدر الكافي لتحديد مصيرها في أمر كهذا كيف تجرءوا على فعل هذا كيف كيف ويل لذاك المشوه مني "

    " يكفي نهلة . "

    قلت ُ بعصبية ، فعادت نهلة إلى شخصيتها الطبيعية ، و قالت :

    " هذا ما كان يحصل كل يوم ! تعرفين أن حسام يبغض خطيبك من ذلك الحين ! "

    قلت :






    رد مع اقتباس  

  6. #126  
    المشاركات
    3,259
    " لا أقبل أن ينعته أحد بالمشوه . و تشوه وجهه ليس شيئا يستحق أن يعير عليه"

    نهلة جلست على السرير ، و قالت :

    " ليس بسبب التشوه هو ناقم منه ! تعرفين ! إنه بسببك أنت ! لازال مولعا بك ! "

    انزعجت من هذا . فقد كنت أظن أن الأمر قد انتهى . لكن .

    " أرجوك نهلة لنغير الموضوع . لقد أكدتُ لوالدتك أن سارة فهمت خطأ . و إن بدا عليها عدم الاقتناع . لكن لندع الأمر ينتهي الآن . "

    و أتيت و جلست قربها . ثم اضطجعتُ مسترخية على السرير .

    " إذن . ماذا قررت ؟ مع دانة أم بعدها "

    تنهدت بانزعاج من الموضوع برمته . قلت :

    " لم أقرر يا نهلة . لماذا يطاردني الجميع بهذا السؤال "

    نهلة أمسكت بيدي اليمنى و أخذت تحرك خاتم الخطوبة حول إصبعي البنصر و تقول :

    " لأن هذا الخاتم سئم البقاء حول هذا الإصبع ! إنها أربع سنوات يا رغد ! "

    قلت :

    " لكنني لا أزال صغيرة ! ألا ترين ذلك أريد أن أتخرج من الجامعة أولا و أريد أن . تتغير علاقتي بسامر فأنا لا أشعر بشيء مميز تجاهه "

    كنت أنظر إلى السقف ، و لكن رأس ابنة خالتي ظهر أمامي فجأة . و أجبرني على النظر إلى عينيها .

    قالت :

    " تقصدين لا تحبينه . "

    و كان تقريرا إجباريا لا سؤالا .

    التفت يمينا فأمسكت هي بوجهي و أعادته حيث كان و أجبرتني على النظر إلى عينيها الناطقتين بالحق .

    " لا تهربي رغد ! أنت ِ لا تحبينه ! "

    استسلمت . و غضضت بصري . أتحاشى تلك النظرة الثاقبة الفاهمة .

    نهلة هي أكثر شخص يفهمني و أبوح إليه بأسراري و كل ما يختلج مشاعري .

    نهلة مسحت على رأسي بعطف و قالت :

    " رغد . لا تتزوجيه إذا لم تكوني ترغبين في ذلك . إنه كالأخ بالنسبة إليك ! أبقيه أخا فأنت بحاجة إليه كأخ لا كزوج ! "

    " نهلة ! . "

    و ضربت أنفي بإصبعها ضربة خفيفة و هي تقول :

    " أليس كذلك "

    عدت أحدق بها . في حيرة من أمري .

    قلت :

    " من أتزوج إذن "

    هي ابتسمت و قالت بمكر :

    " أخي حسام ! "

    رفعت رأسي و صدمت جبينها بجبيني عمدا ثم جلست و أخذت هي تمثل دور المتألمة !

    " آه . رأسي ! كسر في الجمجمة ! انجدوني ! "

    قلت بنفاذ صبر :

    " قلت لك ِ ! لا تتوبين !"

    قالت و قد بدت عليها الجدية الآن :

    " صدقيني يا رغد . إنه مهووس بك ! "

    قلت :

    " و الآخر كذلك ! لم تظنينه يلح علي بالزواج ؟ إما أن نتزوج أو يفتش عن وظيفة أخرى تبقيه قربي ! "

    قالت ، تنظر إلي بعين شبه مغمضة و حاجبيها مرفوعين أقصاهما :

    " من مثلك ! عاشقان في وقت واحد ! يا للحظ ! كم أنا مسكينة ! "

    " قلت لك لا تتوبين ! أوه نهلة ! لسوف أطلب من خالتي التفتيش عن عريس لك حتى أتخلص منك كما تخلصت من دانة ! "

    ضحكت نهلة و قالت :

    " سأتزوج من شقيق زوجك حتى آتي للعيش معك ! لن تتخلصي مني ! "

    و استمرت في الضحك .

    الجملة أثارتني كثيرا . غضبت و قلت بانفعال لا يتناسب و دعابتها العفوية :

    " قلت لك دعي وليد و شأنه . لا تأتي بذكر هذا ثانية أ فهمت ِ "

    نهلة ابتلعت ضحكتها و نظرت إلي بشيء من التعجب و الحيرة .

    " ما الأمر رغد ! كنت أمزح . لم انفعلت هكذا "

    خجلت من نفسي فأنا لا أعرف لم انفعلت بهذا الشكل بينما هي تمزح ليس إلا .

    بل ، و حتى لو كان كلامها غير مزاح . لم علي الانفعال هكذا

    اعتقد أن وجهي تورد . فنظرات نهلة توحي بأنها تلحظ شيئا غريبا على وجهي .

    التفت نحو اليسار أخفي شيئا مما قد يكون ظاهرا على وجهي دون أن أملك القدرة على مواراته لكن توتري كان أوضح و أفصح من أن يغيب عن ذهن نهلة . التي تعرفني عز المعرفة .

    " رغد . ماذا دهاك "

    " أنا ؟ لا شيء . لا شيء "

    و الآن استدرت كليا ، و أوليتها ظهري . بل و سرت نحو المجلة الموضوعة على المنضدة قرب سرير نهلة . متظاهرة بالبرود .

    قالت تحاصرني :

    " وليد غائب الآن "

    قلت :






    رد مع اقتباس  

  7. #127  
    المشاركات
    3,259
    " لا . عاد إلينا منذ يوم أمس الأول . "

    و أمسكت بالمجلة ، و جلست على السرير ، و أخذت أقلب صفحاتها و ألْهي نفسي بالتفرج على الأزياء و المساحيق و العطور . و حتى الأخبار السياسية و الرياضية . و صور اللاعبين !

    " أوف ! "

    أغلقت المجلة بسرعة ، بعد أن وقعت عيناي على صورة نوّار يبتسم !

    يا إلهي ! كم أنفر من هذا الشخص ! رغم أنه محبوب من قبل الكثيرين و الكثيرات !

    " ماذا دهاك "

    " إنه ذلك المغرور ! من أمنيات حياتي . أن أتصفح مجلة ذات يوم ثم لا أجد صورة له فيها ! يا له من شخص بغيض ! أتساءل ما الذي يجذب هؤلاء البشر إليه دانة المسكينة ! "

    " و لم مسكينة ؟ ألست تقولين أنها تحبه "

    " كثيرا ! إنه سيعود الليلة من رحلته و ستقيم الدنيا و تقعدها من أجله ! لابد أنها الآن تعد أطباق العشاء و الكعك من أجله ! الحمد لله إنني لست معها في المطبخ هذه الساعة ! "

    و ضحكنا بمرح .

    ثم قالت :

    " و خطيبك سيرحل اليوم ؟ "

    " نعم . خلال ساعتين "

    " إذا . ألا يجدر بك أن تكوني معه الآن "

    وقفت . و سرت في الغرفة بضع خطوات حائرة . فقد خرجت من منزلي منذ الصباح ، و هاهي الساعة تتجاوز الثالثة ظهرا . و لابد أن سامر ينتظر عودتي الآن .

    قلت :

    " إنه مع وليد . الكل محتفٍ بعودته و مشغول به ! من سيذكرني هذه اللحظة "

    قالت :

    " هل سيرحل وليد عاجلا ؟ "

    " لا على ما أظن و أتمنى "

    " تتمنين "


    وقعت ُ في شركي ! قلت محاولة التصحيح و التعديل :

    " أقصد نتمنى جميعا . فلا أحد يود رحيله و والداي سيحزنان كثيرا جدا كالمرة السابقة و التي سبقتها إن رحل . أتمنى أن يستقر هنا و يريح الجميع "


    ربما كان الحمرة تعلو وجهي هذه المرة أيضا .

    و الآن . إي شيء أشغل يدي به تغطية على اضطرابي هذا ؟ ألا يوجد في الغرفة مجلة أخرى .

    وقع بصري على مجموعة زجاجات العطر أمام مرآة الغرفة ، فذهبت أليها أشمها واحدة تلو الأخرى .

    أقبلت نهلة و وقفت إلى جانبي .

    قالت :

    " ربما لديه ارتباطات هامة هناك ! عمل . منزل . عائلة . زوجة ! "


    استدرت إليها و قد اكفهر وجهي . و قلت بسرعة :

    " إنه غير متزوج "

    " أحقا "


    كانت نظراتها تشكيكية مخيفة ! قلت :

    " طبعا ! و هل تظنين أنه سيتزوج دون إبلاغنا ! مستحيل ! ما يبقيه هناك هو العمل . ليته يجد فرصة للعمل هنا و يستقر معنا . "


    قالت :

    " لتضمنوا عدم رحيله . زوجوه ! "


    و أضافت و هي تبتسم بمكر :






    رد مع اقتباس  

  8. #128  
    المشاركات
    3,259
    وقفت . و عاودني الشعور بالألم في معدتي فجأة . يكفي أن أسمعها تنطق باسمي حتى تتهيج كل أوجاعي .

    لم أرد ، و لكنني توقفت عن السير منتظرا سماع ما تود قوله .

    " وليد "

    عادت تناديني . تعصرني .

    " نعم "

    قالت :

    " ألم يعد يهمك أمري "

    فوجئت بسؤالها هذا فالفت إليها مندهشا .

    كانت عيناها حمراوين ربما من أثر النوم . و لكن القلق باد عليهما .

    " لم تقولين ذلك !؟ "

    قالت :

    " لم لم تبد ِ رأيك بشأن زواجي "

    تصاعدت الدماء المحترقة إلى شرايين وجهي و ربما إلى حلقي لكنني ابتلعتها عنوة

    قلت :

    " إنه أمر يخصكما وحدكما . و لا شأن لي به "

    رغد هزت رأسها اعتراضا ثم قالت :

    " لكن وليد . أنا . "

    و لم تتم الجملة ، إذ أن أخي سامر أقبل يحمل بعض الأغراض ، فسرت أنا خارجا لجلب المتبقي منها .

    فيما بعد ، و سامر يحمل بطانية و وسادة قاصدا الذهاب للنوم في غرفة الضيوف و تركي أنام في غرفته ، كما أصر . و قبل أن يخرج من الغرفة توقف و قال :

    " وليد . هل لي بسؤال ؟ "

    " تفضل "

    تأملني لحظة ثم قال :

    "وليد . لماذا . قتلت عمّار "






    ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~






    ذهبت مباشرة إلى غرفتي ، قبل أن تحضر أمي و دانه ثم تطلبان مني مساعدتهما في الغسل و التنظيف .

    فأعمال المنزل هي آخر آخر شيء أفكر بالقيام به في هذه الساعة ، و هذه الحال

    يكاد قلبي ينفطر أسى . لحقيقة مرة أتجرعها رغما عني

    وليد لم يعد يهتم لأمري . و لم أعد أعني له ما كنت و أنا طفلة صغيرة .

    ربما ظن الجميع أنني أويت لفراشي و نمت . فعادتي أن أنام مبكرة ، إلا أنني قضيت ساعات طويلة في التفكير و الحزن . و الألم و الدموع أيضا

    لماذا يعاملني وليد بكل هذا الجفاء و يبتعد كلما اقتربت

    و دليل آخر . تكرر صباح اليوم التالي .

    فقد نهضت متأخرة . و وجدت الجميع مجتمعين في غرفة المعيشة يتناقشون حول أمور شتى .

    دخلت الغرفة فتوقف الجميع عن الحديث ، و ألقيت تحية الصباح . ثم خطوت باتجاه أحد المقاعد راغبة في مشاركتهم أحاديثهم .

    و الذي حدث هو أن وليد نهض ، و هم بالمغادرة .

    شعرت ُ بألم حاد في صدري .

    قلت :

    " كلا . ابق حيث أنت . أنا عائدة إلى غرفتي . اعتذر على إزعاجكم "

    و استدرت بسرعة مماثلة للسرعة التي بها انهمرت دموعي .
    و غادرت المكان .


    ذهبت إلى غرفتي و سبحت في بحر دموعي .

    وافتني أمي بعد قليل و رأتني على هذه الحال

    " رغد يا عزيزتي . لا تأخذي الأمر بهذه الحساسية ! إنه لا يقصد شيئا . لكنه الحياء ! "

    انفجرت و تفوهت بجمل لم أفكر فيها إلا بعد خروجها ، من شدة تأثري .

    قلت :

    " إذا كان وجودي في هذا البيت يزعجه فأنا سأرحل إلى بيت خالتي . ليأخذ حريته التامة في التجول حيثما يريد "

    أمي صدمت بما قلت ، و حملقت بي باندهاش .

    " رغد ! كيف تقولين ذلك "

    " إنه يتعمد تجاهلي و تحاشي ّ . كأنني فتاة غريبة و موبوءة . أ لهذا الحد لم يعد يطيقني ؟ ألم أعد أعني له شيئا ألم يكن يعني لي كل شيء في الماضي "

    و سكت ّ ُ ، التقط بعض الأنفاس و أمسح الدموع بكومة من المناديل متكدسة في يدي . كنت أبكي بانفعال .

    والدتي قالت فجأة :






    رد مع اقتباس  

  9. #129  
    المشاركات
    3,259
    " أنتم الثلاثة في ليلة واحدة ! و نتخلص منكم ! "


    رفعتُ إحدى زجاجات العطر أمام وجهها بغتة و تأهبتُ لرش العطرعلى عينيها !


    " أوه لا لا رغد كنت أمزح ! "


    و فرّت و صرت أطاردها حتى جلسنا على السرير نضحك بشدة !


    بعد قليل . قلت :

    " علي العودة للبيت ! سامر ينتظر اتصالي ! "

    و قمت ، متوجهة إلى الهاتف الموضوع على مكتب نهلة .

    و اتصلت بالمنزل . و إذا بالدماء تتصاعد من جديد و بغزارة إلى وجهي . و نهلة تقترب مني و تراقبني .


    " وليد ؟ إنها أنا "

    " ( مرحبا . رغد ) "

    " إمم أود التحدث إلى سامر "

    " ( سامر . أظنه يستحم الآن ! هل تريدين شيئا ؟ ) "

    " أأأ . أريد أن يأتي إلي ّ . هل لا أبلغته بأنني أنتظره ؟ "

    " ( حسنا ) "

    " شكرا "

    " العفو . صغيرتي "



    و أغلقت السماعة بصعوبة . فقد كانت يدي ترتجف !

    و بدأت أتنفس بعمق و أشعر بالحر . و أيضا . أتصبب عرقا !

    نهلة وقفت أمامي مباشرة تشاهد الاضطراب الذي اعتراني فجأة . بحيرة و فضول


    " رغد . "

    " نعم "

    " لماذا تنفعلين كلما جيء بذكر وليد !؟ "

    " أنا من قال ذلك !؟ "


    و مدت نهلة يدها و تحسست جبيني براحتها .

    " إنك تغلين ! وجهك أحمر ناضج و جبينك مبلل بالعرق ! "


    أربكتني كثيرا كلمات نهلة . و حاولت التملص من نظراتها لكنها حاصرتني .

    ابتعدت عنها و ذهبت إلى حيث أضع عباءتي لأرتديها استعدادا للمغادرة !


    " و لكن خطيبك لم يحضر بعد ! "

    " سأستعد . "


    كنت أريد أن أنشغل بشيء بعيدا عن نظرات نهلة التي تخترق أعماقي .

    كنت أضبط حجابي مولية إياها ظهري .

    قالت :

    " خطيبك شاب جيد يستحق فتاة رائعة مثلك ! "

    تابعت ترتيب حجابي دون أن أعير جملتها هذه اهتماما .

    قالت :

    " و أخي شاب جيد و يستحق فتاة رائعة مثلك ! "

    و لم ألتفت إليها ! حتى لا أدع لها مجالا لفتح الموضوع مجددا !

    و تابعت ارتداء عباءتي .

    " و وليد شاب جيد و يستحق فتاة رائعة مثلي ! "


    استدرت فجأة نحو نهلة . باضطراب و توتر و انزعاج جلي شديد ! .

    اصطدمت نظراتنا الحادة العميقة . و بقينا لبضع ثوان نحملق في بعضنا البعض .

    نهلة أوقعت بي .

    إنها خبيثة !

    كنظراتها التي ترشقني بها الآن .

    أتت نحوي . و رفعت يدها و أمسكت بعباءتي و سحبتها .

    " رغد يا ابنة خالتي العزيزة . لن تخرجي من هنا حتى أعرف ما حكايتك مع وليد ! "





    بعد عشر دقائق كنت أجلس في السيارة إلى جانب سامر .

    " هل تحبين أن نتجول قليلا قبل العودة "

    " كما تشاء "

    قضينا قرابة الساعة نجول في شوارع المدينة . و نتبادل الأحاديث .

    سامر . و الذي لم يجد الفرصة السانحة قبل الآن لفتح الموضوع ، سرعان ما تطرق إليه .

    " الوقت يمضي يا رغد . لقد بدأت أضيق ذرعا بالوحدة هناك . لا أريد أن أخسر وظيفة ممتازة كهذه ، لكنني لا أريد أن أبقى بعيدا أطول من ذلك . "






    رد مع اقتباس  

  10. #130  
    المشاركات
    3,259
    تتمه

    حرت و لم أجد تعقيبا ملائما . و ربما صمتي أحبط سامر . ففقد حماسه للمتابعة بعد بضع جمل .

    حينما وصلنا إلى المنزل ، وجدنا والدي ّ و وليد يجلسون في الفناء الخارجي ، حول الطاولة الصغيرة القريبة من الشجرة الطويلة ، بجانب الباب الداخلي .

    كان الجو جميلا . و العصافير تغرد بحماس على أغصان الشجرة . و الدخان يتصاعد من أقداح الشاي الموزعة على الطاولة .

    سامر كان يمسك بيدي ، ثم أطلقها و سار نحوهم بسرعة .

    " شاي أم وليد ! أين نصيبي "

    و انضم إليهم .

    ألقيت نظرة على وليد فرأيته ينظر نحوي و لكن سرعان ما بدد نظراته نحو الفراغ . لم يكن يريد النظر إلي .

    علي أن أنصرف قبل أن ينهض مغادرا ظانا بأنني سأنضم إليهم .

    توجهت نحو الباب و دخلت إلى الداخل .

    كنت بالفعل أتمنى أن أشاركهم ! و لكن لو فعلت . فبالتأكيد سيغادر وليد .

    ما أن دخلت حتى وصلتني رائحة الكعك الشهية ! و سرت إلى المطبخ !


    " دانه ! رائحة كعكتك زكية جدا ! دعيني أتذوقها ! "

    " عدت ِ أخيرا ! لا يا عزيزتي ! هذه لنوّار و نوّار فقط ! "

    " و هل سيأكل الكعكة كاملة ! مسكين ! كيف سيلعب إذا انفجرت معدته ؟ "


    نظرت إلي ّ بانزعاج و صرخت :


    " رغد . انصرفي فورا ! "


    ضحكت و خرجت ، متوجهة إلى غرفتي حيث وضعت حقيبتي و عباءتي ، و وقفت أمام المرآة أتأمل وجهي .

    لم يكن الإفلات من محاصرة نهلة سهلا . أي حكاية لي مع وليد ما أكثر الحكايات !

    أريد أن أنضم إليهم !

    على الأقل . سأراقبهم من النافذة !

    و بسرعة خرجت من غرفتي قاصدة الذهاب إلى النافذة المشرفة على الفناء الأمامي . حيث هم يجلسون .

    من تتوقعون صادفت في طريقي

    نعم وليد !

    دخل للتو . و حينما رآني توقف برهة . ثم سار مغيرا طريقه .

    ربما كان يود القدوم من ناحيتي إلا أنه غير مساره و انعطف ناحية المطبخ .

    أ لهذا الحد لا يريد أن يراني أو حتى يمر من ممر أقف أنا فيه


    " وليد "


    ناديته بألم . إذ أن تصرفه هذا جرحني .


    لم يلتف إلي ، و رد ببرود :


    " نعم ؟ "


    تحشرج صوتي في حنجرتي . و بصعوبة نطقت ، فجاء صوتي خفيفا ضعيفا لم أتوقع أنه سمعه . لكنه سمعه !


    " أريد أن أتحدث إليك "

    " خيرا ؟ "


    كل هذا و هو مدير ظهره إلي . أمر ضايقني كثيرا .






    رد مع اقتباس  

صفحة 13 من 26 الأولىالأولى ... 3111213141523 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. تحميل رواية كنت أحبك حب ماتقراه في أعظم رواية
    بواسطة Bshaer‘am في المنتدى روايات - قصص - حكايات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 26-Aug-2014, 12:29 AM
  2. مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 24-Oct-2013, 11:43 PM
  3. رواية مجزرة الحولة من الطفل المذبوح رقم خمسين رواية 2013
    بواسطة иooḟ Ăł.кααьỉ في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-Dec-2012, 02:08 AM
  4. ديكورات كامله 2013 , ديكورات منزل كامله 2013 , صور ديكورات جميله 2013
    بواسطة ♣ ♣المتفائله♣ ♣ في المنتدى ديكور - فن الديكور المنزلي - اثاث غرف ومطابخ وحدائق
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-Sep-2012, 11:37 PM
  5. رواية قليل من الحب كامله من الروايات الرومنسية txt للجوال
    بواسطة بدويه اصيله في المنتدى روايات - قصص - حكايات
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 09-Oct-2011, 10:39 PM
المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •