ماذا عساي أن أقول . لقد فات الأوان و انتهى كل شيء .
لكن الأمور بدت أكثر وضوحا أمامي .
هممت بالذهاب إلى غرفة سامر التي أستغلها ، من أجل تنفس الصعداء وحيدا .
توقفت قبل مغادرتي لغرفة المعيشة حيث كنا أنا و أمي .
التفت إليها و قلت :
" أ لهذا لم تخبروها بأنني دخلت السجن هل أخبرتموها أنني . لن أعود "
والدتي قالت :
"أخبرناها بأنك قد تعود . و لكن . بعد عشرين عاما . و قد لا تعود . "
كانت أمي تبكي .
بينما قلبي أنا ينزف .
قلت :
" و لكنني عدت . "
والدتي مسحت دموعها وابتسمت ، ثم تلاشت الابتسامة عن وجهها . و نظرت إلي باهتمام و قلق .
قلت :
" و يجب أن أرحل "
و تابعت طريقي إلى غرفة سامر .
فضول لم استطع مقاومته ، و قلق شديد بشأنها دفعني للاقتراب من غرفة رغد المغلقة . و من ثم الطرق الخفيف .
" أنا وليد "
بعد قليل . فتح الباب .
كنت أقف عن بعد . أطلت رغد من الداخل و نظرت إلي
رأيت جفونها الأربعة متورمة و محمرة أثر الدموع
قلت :
" صغيرتي . أنا آسف . "
ما إن قلت ذلك . حتى رفعت رغد يديها و غطت وجهها و أجهشت بكاءا
زلزلني هذا المشهد . كنت أسمع صوت بكائها يذبذب خلايا قلبي قبل طبلتي أذني ّ
قلت بعطف :
" رغد . "
رغد استدارت للخلف و أسرعت نحو سريرها تبكي بألم .
بقيت واقفا عند الباب لا أقوى على شيء . لا على التقدم خطوة ، و لا على الانسحاب .
" رغد يا صغيرتي . "
لم تتحرك رغد بل بقيت مخفية وجهها في وسادتها تبكي بمرارة . و يبكي قلبي معها .
" رغد . أرجوك كفى . "
ثم قلت :
" توقفي أرجوك . لا احتمل رؤية دموعك ! "
و لم تتحرك رغد .
تقدمت خطوة واحدة مترددة نحو الداخل . و نظرت إلى ما حولي بقلق و تردد .
المرآة كانت على يميني ، و حين تقدمت خطوة رأيت صورتي عليها . و حين التفت يسارا . رأيت صورتي أيضا !
فوجئت و تعلقت عيناي عند تلك الصورة !
لقد كانت رسمة لي أنا على لوحة ورقية ، لم تكتمل ألوانها بعد !
نقلت بصري بين رغد الجالسة على السرير تغمر وجهها في الوسادة ، و صورتي على الورقة !
كيف استطاعت رسمي بهذه الدقة !؟ و بمظهري الحالي . فأنفي محفور كما هو الآن !
كيف حصلت على صورة لي لترسمها ، أم أنها رسمتها من خلال المرات القليلة العابرة التي نظرت فيها إلي . !؟
" يشبهني كثيرا ! أنت بارعة ! "
ما إن أنهيت جملتي حتى قفزت رغد بسرعة ، و عمدت إلى اللوحة فغطتها بورقة بيضاء بسرعة و ارتباك !
ثم بعثرت أنظارها في أشياء كثيرة . بعيدا عني . و أخذت تفتح علب الألوان الجديدة التي اشترتها من المكتبة باضطراب .
رجعت للوراء . لم أكن أملك فكرة لما علي فعله الآن ! ماذا علي أن أفعل
أظن . أن علي الخروج حالا
الجملة التي ولدت على لساني هذه اللحظة كانت :
" أحب أن أتفرج على رسوماتك ! "
و لكن أهذا وقته !
رجعت خطوة أخرى للوراء و أضفت :
" لاحقا طبعا . إذا سمحت ِ "
رغد توجهت نحو مكتبتها و أخرجت كراسة رسم كبيرة ، و أقبلت نحوي و مدتها إلي .
في هذه اللحظة التقت نظراتنا
كان بريق الدموع لا يزال يتلألأ في عينيها الحمراوين ، ينذر بشلال جارف .
أخذت الكراسة
و قلت و قلبي يتمزق :