الملاحظات
صفحة 20 من 26 الأولىالأولى ... 101819202122 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 191 إلى 200 من 255

الموضوع: رواية انت لي كامله

  1. #191  
    المشاركات
    3,259
    أحوال صغيرتي كانت غريبة ، و أصبحت مقلقة آخر الأيام .

    في الواقع هي كانت مستاءة جدا منذ أن قدمت ، إلا أن استياءها ازداد مؤخرا .

    كانت تحبس نفسها في الغرفة ، و لا تشاركنا لا الطعام و لا الكلام .

    قررت أن نخرج معها لتناول العشاء في أحد المطاعم و من ثم التنزه فعلّ ذلك ينعشها . إلا أن دانة أخبرتني بأنها رفضت القدوم معنا و قالت لها
    ( اذهبا و دعوني وحدي )

    في السابق كانت دانة تترجم تصرفات رغد على أنها تدلل ، فهي متدللة جدا . إلا أنها الآن قالت :

    " أنا قلقة يا وليد . هناك شيء تخفيه عنا . لا أعرف ما الذي يحزنها هكذا "

    كنت خلال الفترة الأخيرة أتحاشى اللقاء بها ، فلا قلبي و لا معدتي بقادرين على تحمل المزيد . إلا أنني هذه اللحظة لم أتمالك نفسي و ذهبت مع دانة إلى رغد .

    الأخيرة كانت في غرفتها تبكي بغزارة تفطر قلب الحجر . فكيف بقلبي أنا
    حاولت التحدث معها إلا أنها لم تستجب لي ، و قالت بعصبية :

    " اخرجا و دعاني و شأني "

    بقيت أيام على موعد عودة والدي ّ من رحلة الحج . ربما يعود كل شيء على ما كان بعد عودتهما .

    و لكن إلى ذلك الحين يجب أن أفعل شيئا !

    صبرت ساعة أو ما شابه ، ثم عدت إليها بمفردي . و للأسى وجدتها لا تزال تبكي .

    " رغد . انهضي . دعينا نذهب لأي مكان تحبين ! "

    ما وصلني منها أي جواب .

    كانت تجلس على السرير و تضع الوسادة في حضنها .

    " رغد . ما بك أخبريني "

    " لا شيء "

    " إذن لم تبكين ؟ "

    " لا لسبب "

    " أرجوك . أبلغيني بما يزعجك "

    " قلت لا شيء "

    " ربما أنا "

    حين قلت ذلك نظرت إلي رغد نظرة غريبة مليئة بالمعاني .

    " إن . كنتِ منزعجة بسببي . فأنا آسف . ما هي إلا أيام معدودة و يعود والداي و سامر . "

    عندها أغمضت رغد عينيها و ارتفع صوت بكائها المرير .

    كيف لي أن أحتمل رؤيتها هكذا

    بصعوبة بالغة منعت ُ يدي من التربيت على كتفيها . و لكنني لم أستطع منع نفسي من قول :

    " صغيرتي الغالية كفى أرجوك . لا أحتمل دموعك "

    رغد قالت :

    " أخرج "

    و كررت الكلمة مرتين ، فغادرت الغرفة و أنا في قعر التعاسة و الكآبة .

    عند الفجر كنت في طريقي للخروج من المنزل قاصدا المسجد .

    فيما أنا أمر من غرفة المعيشة سمعت صوتا يصدر من هناك .

    سرت بحذر حتى دخلت الغرفة ، و أذهلتني رؤية رغد تبكي و تنحب هناك

    " رغد ! "

    التفتت إلي رغد بذعر إذ يبدو أنها لم تنتبه لقدومي . ثم نهضت واقفة بارتباك .

    تقدمت منها ، و قلت :

    " بالله عليك أخبريني . ما بك "

    رغد أرادت الخروج لكنني وقفت سادا فتحة الباب مانعا إياها من الخروج

    " أخبريني ما بك أولا "






    رد مع اقتباس  

  2. #192  
    المشاركات
    3,259
    " دعني و شأني "

    " لن أدعك حتى تخبريني "

    " و لم َ تود أن تعرف ماذا يهمك أنت "

    " يهمني كل شيء يتعلق بك . كل شيء "

    " كذّاب "


    انقبضت عضلاتي استياء ً . و استدرت للمغادرة .

    خطوت خطوتين ، و توقعت أن تخرج رغد من بعدي ، إلا أنها لم تخرج .

    عدت إلى الغرفة فرأيتها جاثية على الأرض باستسلام تام للدموع .

    نفس الجلسة التي كانت تجلسها و هي طفلة ، حين يعتصرها الألم .


    دنوت ُ منها حتى صرت ازاءها مباشرة ، و انحنيت و قلت بصوت أجش :

    " أرجوك يا رغد أرجوك توقفي عن هذا و أخبريني بما يزعجك ، و أيا كان . أنا سأزيحه عنك نهائيا "

    رغد رفعت نظرها . كأنها تطلب التأكيد .

    قلت :

    " أي شيء يضايقك و يحزنك لهذا الحد . أبلغيني و أنا أبعده عنك "

    " صحيح "

    " نعم يا رغد ، لا تظني أنني فقط أكذب و أدعي . لا تعرفين كم هي غالية دموعك عندي . "

    " مهما كانت غالية . هناك ما هو أغلى . و هناك ما لا يمكن فعله أبدا"

    " أخبريني أنت فقط ، و سترين "

    رغد هزت رأسها نفيا . و قالت :

    " لا لن تفعل ! لن تستطيع شيئا ! "

    " أخبريني ماذا تريدين "

    " أريد أمي "

    قلت بتعجب :

    " تريدين أمي ! "

    هزت رغد رأسها اعتراضا و قالت في صيحة قاتلة :

    " أريد أمي أنا . لا أمك أنت . أنا أريد أمي . فهي من يستطيع مساعدتي . لو بقيت حية . لا أحد منكم يستطيع . هل يمكنك إحضارها إلي "


    فوجئت بقولها هذا و شعرت بشرايين قلبي تتفجر بعنف .

    أيعقل أنها لا تزل تفكر في أمها ـ التي لم تعرفها يوما ـ حتى الآن

    أتقصّر أمي في شيء للحد الذي يجعل رغد تبحث عن المساعدة من أمها الراحلة منذ 15 عاما

    بعدما انتهت من نوبة بكائها قالت بتحد ٍ :

    " هل تستطيع إحضار أمي إلي "

    وجدت نفسي أقول :

    " اعتبريني أنا أمك . "

    ثم أضفت :

    " ألم أكن كذلك ذات يوم "

    نظرت إلي رغد بيأس .

    قلت :

    " لطالما كنت ِ تعتمدين علي و تثقين بي . "

    و لما لم أجد منها تفاعلا . نهضت و أنا أقول :

    " سأذهب لتأدية الصلاة "






    رد مع اقتباس  

  3. #193  
    المشاركات
    3,259
    عدت ُ من الخارج بعد قليل ، و لم أجدها . ذهبت إلى غرفة سامر و اضطجعت على سريره و أخذتني دوامة الأفكار إلى عالم من المتاهات و الدهاليز .

    تذكرت . يوما كنت فيه في غرفتي بمنزلنا القديم ، و سمعت طرقا خفيفا على الباب . و حين فتحته ، وجدت رغد تبكي بألم . مليئة بالخدوش و الكدمات .

    أعتقد أنني تعلقت بها ابتداء ً من ذلك اليوم . و لا أعلم انتهاء ً بأي يوم

    فجأة . سمعت ُ طرقات خفيفة بالكاد التقطتها أذناي ، ما يدل على تردد اليد الطارقة .

    قمت و فتحت الباب . و وجدت رغد تقف عنده .

    كانت عيناها شديدتي التورم و الاحمرار ، و وجهها شديد الحزن و الكآبة .

    قلت :

    " صغيرتي . "

    ما أن نطقت بذلك حتى قفزت الدموع من عينيها . حاولت ُ تهدئتها . فمسحت ْ الدموع و لملمت ْ شيئا من شتات قوتها و همت بالكلام . لكن التردد كان مسيطرا عليها .

    قلت مشجعا :

    " نعم صغيرتي . قولي ما تودين ؟ "

    ازدردت ريقها و سحبت عدة أنفاس . ثم نظرت إلي نظرة مريرة .

    تراجعت ، و خطت خطوة للوراء لكنني استوقفتها :

    " هيا رغد . أنا أسمعك "

    " لن تستطيع مساعدتي "

    " بلى سأفعل . قولي ماذا يحزنك "

    هنا انفجرت بالبكاء و غطت وجهها بيديها و قالت بصوت متقطع :

    "أنا . أنا . لا أريد أن . أتزوج سامر "




    لقد كان ذلك هو آخر شيء أتوقعه على الإطلاق . الذهول الذي أصابني و هول المفاجأة لم يدعا لي فرصة للتفكير . أو حتى استيعاب الموقف
    إلا أن الألم و المرارة التي رأيتها في عيني رغد وهي تستنجد . و تبحث بيأس عن شخص ينقذها رغم كل اعتبار . و القنوط الذي دفعها للتفكير في أمها المتوفاة منذ إن كانت هي طفلة صغيرة . و شعوري بالمسؤولية عليها . كلها أمور امتزجت مع بعضها البعض و دفعتني في النهاية لقول :

    " اطمئني ، لن يكون لك إلا ما تريدين "




    الآن ، دخلتُ مرحلة جديدة . و بدأت الحلقة الأولى من سلسلة المصاعب التي واجهتها فيما بعد .

    حين سألتها ساعتها :

    " تقصدين . تأجيل الزفاف "

    قالت و هي تنفي :

    " لا أريده . أنا لا أريده "

    و عندما سألتني قبل انصرافها :

    " أحقا ؟ تستطيع فعل شيء لأجلي ؟ "

    أجبتها :

    " أي شيء . مهما كان ثقي بي "




    فأي شيء أغلى و أهم عندي من راحة و سعادة رغد

    في النهار التالي بدت هي أكثر راحة و ابتهاجا ، و خرجت من عزلتها و بدأت تعود للحياة .

    شاركتنا الوجبات و الجلسات ، و النزهات . و بدت لحد ما راضية .

    حتى أن دانة قالت لي تعليقا على تقلب أحوال رغد :

    " أ رأيت ! قلت لك ! سبحان مقلّب الأحوال ! "


    في يوم الأربعاء التالي ، يوم حضور سامر للزيارة ، بدت في غاية التوتر و القلق .

    طلبت منها أن تذهب إلى بيت خالتها ، كما صرفت ُ دانة مع خطيبها بشكل ما ، و بقيت وحدي في البيت أنتظر .

    عندما حضر سامر استقبلته استقبالا طبيعيا ، و حين سأل عن الاثنتين أبلغته عن أمرهما .

    تركت له فرصة ليرتاح من عناء السفر . و بعدها أخبرته بأن هناك ما يجب أن يعرفه .

    التوتر تملكه بطبيعة الحال . أما أنا فتظاهرت بالبرود بينما النيران تأكل أحشائي .

    أخي لم يكن يتحدث عن شيء غير الزواج المرتقب . إنني أدرك كم هو مولع برغد و يحبها بشغف . و أدرك معنى أن يجد المرء نفسه فجأة محروما ممن يحب و يتمنى .
    كيف لي ألا أدرك هذا و أنا صاحب التجربة المرة القاسية . ؟


    لكن . بالنسبة لي أنا . فلا شيء يهم بعد رغد . و كل شيء يهون من أجل رغد .

    و إن كنت ُ ارتكبت ُ جريمة من أجلها . فهل سيصعب علي تحطيم قلب أخي في سبيل راحتها






    رد مع اقتباس  

  4. #194  
    المشاركات
    3,259
    " خيرا يا وليد "

    خير !؟ أتظنه خيرا يا سامر ! سامحني يا أخي فأنا . أنا كنت ُ و لا زلت ُ مجرما .

    قلت بدون مقدمات :

    " إنه بشأن زواجك "

    " ماذا بشأن زواجي "

    نظرت إليه بجدية و قلت بصوت قوي و ثابت :

    " يجب تأجيله "

    نظر إلي ببلاهة و عدم استيعاب :

    " تأجيله "

    " أنا جاد يا سامر . ركّز معي . زواجك سيتأجل إلى أجل غير مسمى "

    " وليد . هل لك أن تتحدّث بوضوح أكثر "

    " بوضوح أكثر يا أخي . العروس لا ترغب في الزواج الآن و إلى أن تحدد هي الوقت الملائم سيتم تأجيل كل شيء "



    كانت هذه الجرعة الأولى التي لم استطع سقيه أكثر منها .

    سامر هاج و ماج و غضب و ثار و تخبط بجمل متعارضة متناقضة . ثم قرر الذهاب لإحضارها من بيت خالتها

    قلت له :

    " ليس الآن . سأحضرها أنا بعد قليل "

    حدثت بيننا مشادة قال فيها سامر :

    " أريد التحدّث معها مباشرة :

    قلت :

    " أنا أتحدّث نيابة عنها "

    قال :

    " بل سأتحدّث إليها هي ، فهي صاحبة الشأن "

    قلت :

    " و أنا المسؤول عنها الآن "

    قال بعصبية :

    " مسؤول عنها في حال غيابي لكنني موجود و أنا زوجها . فلماذا تخبرك أنت و لم تخبرني "






    رد مع اقتباس  

  5. #195  
    المشاركات
    3,259
    قلت :

    " كيف ستخبرك بشيء كهذا !؟ إنها مرعوبة من الفكرة فهي تدرك أن الأوان قد فات للتراجع . و الزفاف بعد أيام . "

    " و ما الذي جعلها تغير رأيها هكذا فجأة إننا كنا معا يوم العيد و لم تأت بذكر شيء عن هذا مطلقا "

    " بل كان الموضوع يشغلها منذ فترة . و أنتم من ضغط عليها . لكن الفتاة بحالة سيئة تزداد يوما بعد يوم بسبب اقتراب الموعد . ألم تلاحظ ذلك

    قال سامر :

    " تبا "

    و سار بانفعال نحو المخل يريد الذهاب لإحضارها .

    " انتظر يا سامر "


    لم يكن يصغي إلي ، و لكنه و بمجرد أن فتح الباب وقف متسمرا في مكانه .

    و ظل ممسكا بالباب المفتوح و ينظر إلى الخارج .

    ثوان ٍ و إذا بي أرى رغد تدخل المنزل ، يتبعها ابن خالتها حسام !

    أول ما نظرت ، نظرت إلي . تود استنباط مكنون ما حصل . ثم نظرت إلى سامر و من التعبيرات الكاسية لوجهه المكفهر أدركت أنني تحدّثت معه .

    حسام كان أول من تحدّث إذ ألقى التحية . فرددناها ، و دعوته للدخول .

    قال :

    " أوصلت ُ ابنة خالتي و أردت ُ أن القي التحية . "

    رحبت به ، و دعوته للدخول إلى غرفة الضيافة ، و حدّثت رغد قائلا :

    " اذهبي إلى غرفتك "


    سامر قال :

    " انتظري رغد "

    فقلت مقاطعا :

    " فيما بعد ، رغد اذهبي إلى غرفتك "

    دخلت مع الضيف إلى غرفة الضيوف .

    قال حسام ، و هو يلحظ شحنات غريبة في الجو :

    " أهناك شيء "

    قلت :

    " كلا ! "

    ثم فتحت موضوعا للحديث .

    بالي كان مشغولا هناك مع رغد . دقائق و استأذنت الضيف و ذهبت أبحث عنها .

    وجدتها و سامر في الردهة ، و هي مطأطئة الرأس و تبكي ، فيما سامر يتحدث بعصبية ، بل بصراخ .

    قلت :

    " كفى سامر ، لنؤجل ذلك قليلا "

    " لا تتدخل أنت ! دعنا نناقش أمرنا وحدنا "

    نظرت إلى رغد فرأيت الاستنجاد و الخوف يملأان عينيها .

    سامر كان منفعلا جدا . قال :

    " و الآن يا رغد أخبريني ما الذي جعلك تغيرين رأيك بعدما رتبنا كل شيء هل أنا أجبرتك على هذا ألم أترك تحديد الموعد لك ألستِ من قرر الزواج مع دانة في النهاية "

    رغد لم تتكلم ، بل انحنت برأسها على ذراعها و استرسلت في البكاء .

    سامر قال :

    " سيتم كل شيء كما خططنا له تماما "

    رفعت رغد رأسها و تنقلت ببصرها بيننا و حاولت النطق :

    " لكن . "


    قاطعها سامر صارخا :

    " كما خططنا يا رغد . فلا مجال للتراجع الآن "

    قلت ُ بعصبية و غضب :

    " سامر كفى . كيف تجرؤ على الصراخ عليها "

    زمجر سامر بغيظ :

    " وليد لو سمحت لا تتدخل أنت "

    قلت :

    " بل سأتدخّل . لا أسمح لأحد بمخاطبة رغد بهذا الشكل "

    قال :

    " و من ينتظر الإذن منك ؟ من تظن نفسك ؟ انسحب رجاء ً "

    لكني بقيت واقفا في مكاني .

    سامر تقدم من رغد و أمسك بذراعها يحثها على السير قاصدا الذهاب إلى غرفتها .

    رغد حاولت التملص ، إلا أن سامر أطبق عليها بقوة قائلا :

    " تعالي إلى الداخل "

    قلت بانفعال :

    " أتركها يا سامر "

    نظر إلي بانزعاج و سار معها خطوتين نحو الغرفة .

    قلت :

    " اتركها يا سامر قبل أن أفقد أعصابي "

    زمجر بصوت عال :

    "قلت ُ انصرف أنت "


    و في هذه اللحظة . فقدت بالفعل السيطرة على أعصابي ، و التي كنت كابحا إياها منذ زمن .

    اندفعت نحو سامر بلا تفكير و أمسكت بذراعه و سحبته بعنف حتى تحررت رغد من قبضة يده ، و قلت :

    " قلت دعها و شأنها أيها الجبان "

    و سددت إلى بطنه لكمة قوية من قبضي جعلته يترنح . و يهوي . و يتلوى .

    انقضضت عليه و هو على الأرض و أمسكت ُ بكتفيه و جعلت أهزهما بعنف و عصبية و أقول :

    " حين تقول أنها لا تريد الزواج الآن فهذا يعني أنها لن تتزوج الآن . أفهمت . "


    نهضت ، و قلت لرغد :

    " اذهبي إلى غرفتك "


    رغد نظرت إلى سامر . فقلت لها :

    " هيا . "






    رد مع اقتباس  

  6. #196  
    المشاركات
    3,259
    في نفس اللحظة ، حضر حسام و الذي على ما يبدو أنه سمع شجارنا فأقبل متعجبا .

    " ماذا يحدث "

    رغد حين رأت حسام أقبلت نحوه و هو تقول :

    " أعدني إلى خالتي . "

    نهض سامر . و نادى :

    " رغد "

    رغد و هي مذعورة و تبكي قالت لحسام :

    " أعدني إلى خالتي . لا أريد العيش هنا "

    سامر الآن يسير نحو رغد ، و حسام ينظر إليها و يسأل :

    " ماذا حدث رغد "

    سامر قال بحدة :

    " الأمر لا يعنيك يا هذا "

    حسام قال بانفعال :

    " إذن فهي حقيقة . أنتم من تجبرونها على هذا الزواج . "

    سامر وقف مصعوقا يحدق برغد . و أنا مصعوق أحدّق بحسام .

    قال حسام موجها الحديث إلى رغد :

    " أليس كذلك "



    رغد قالت بانهيار :

    " دعوني و شأني . دعوني و شأني . "

    و ركضت نحو غرفتها و أغلقت الباب .

    سامر همّ باللحاق بها إلا أنني اعترضته و قلت :

    " دعها وحدها . لا تضطرني لفقد أعصابي من جديد "


    سامر حينها غير اتجاهه و دخل غرفته و صفع الباب بقوة

    بقينا أنا و حسام .

    قال :

    " ماذا حصل "

    لم أجبه . لذا قال :

    " أنا استأذن . "

    و هم بالمغادرة .

    استوقفته و سألته :

    " حسام . لم استنتجت أن هناك من يجبر رغد على الزواج "

    قال :

    " أنا لم أستنتج ، أنا أعرف ذلك "

    دهشت لقوله ، فسألته :

    " و من أخبرك "

    تردد قليلا ، ثم قال :

    " شقيقتي "

    بعدما غادر ، صبرت قليلا ثم ذهبت إلى رغد .

    كانت غارقة في الدموع . قالت :

    " أ رأيت لقد قضي الأمر . لن تستطيع شيئا "

    قلت :

    " لماذا لم تخبريني بذلك قبل الآن "

    رغد نظرت إلي بألم و قالت :

    " ما الفرق النتيجة واحدة . إنه نصيبي "

    قلت بإصرار :

    " لا أحد سيستطيع إرغامك على ما لا تريدين . و أنا على قيد الحياة .
    و بمجرد أن يعود والداي . هذا الزواج سيلغى تماما "






    رد مع اقتباس  

  7. #197  
    المشاركات
    3,259
    الحلقة الثالثة و العشرون



    ********

    ~ لأحطمنك ~





    خرجت لإحضار بعض متطلبات المنزل في صباح اليوم التالي ، و قضاء بعض الحوائج .

    نمت الليلة الماضية على مقعد في الردهة . بعدما أعياني التفكير المتواصل .

    عندما عادت دانة و أرادت الذهاب إلى سامر لتحييه منعتها ، و بنبرة حادة طلبت منها أن تلزم غرفتها حتى الصباح .

    لم أكن أريد لشجار أن ينشب تلك الليلة ، أردت ُ فرصة يتمكن فيها الجميع من ترتيب أفكارهم و استيعاب حقائق الأمور .

    حين عدت ُ إلى المنزل وجدت أختي دانة جالسة في المطبخ في وضع يقلق .

    قلت :

    " خيرا ؟ هل حصل شيء "

    قالت :

    " رغد المجنونة ! قررت تأجيل زفافها ! لا يفصلنا عن ليلة الزفاف غير ليال معدودة "

    صمت ، و لم أعقّب .

    قالت :

    " ألن نفعل شيئا "

    قلت :

    " دعيها هي تفعل ما تريد "

    تعجبت و استاءت في آن واحد ، و قالت :

    " تعني أن الأمر لا يزعجك "

    " ليس للحد الذي تتوقعين . لا أريد أن يضطرها أحد لفعل مالا تريد "

    " لكن الزفاف بعد أيام ! سامر مستاء جدا . إنه مشتعل كالبركان "

    شعرت بالضيق ، قلت :

    " هل تحدّثت ِ معه ؟ "

    " لم أكد ، تحدّثت ُ مع رغد ، ثم جاء و طلب منّي تركهما بمفردهما . "

    انزعجت من الفكرة ، قلت :

    " أين ؟ "

    " في غرفتها "



    تركت الأكياس التي كنت أحملها تنساب من يدي و ذهبت إلى هناك .

    عندما اقتربت من الباب ، سمعت صوت أخي .

    كان يتحدّث بعصبية . أصغيت فإذا بي أسمع رغد تتحدث باكية .

    لم أحتمل ، طرقت الباب و قلت بحدة :

    " سامر "

    ثوان ٍ و إذا بالباب ينفتح و يخرج أخي .

    كان مكفهر الوجه مقطب الحاجبين متورم الأوردة .

    " نعم ؟ "

    نظرت إلى ما ورائه فرأيت رغد ، و وجهها الكئيب المبلل بالدموع .

    قلت :

    " أرغب في التحدث معك "

    " فيما بعد يا وليد "

    ألقيت نظرة أخرى على رغد فطأطأت الأخيرة برأسها بأسى و استسلام . قلت :

    " الآن يا سامر "

    قال بعصبية :

    " ألا ترى أنني مشغول بالنقاش مع خطيبتي ؟ "

    و مجرد نسبها إليه يحرّض شياطين رأسي على الشر و القتال .

    قلت ُ و الدماء تصعد إلى وجهي و النار تشتعل شيئا فشيئا :

    " حسنا ، لكن . بهدوء . لا أريد لأي دمعة أن تراق "






    رد مع اقتباس  

  8. #198  
    المشاركات
    3,259
    و انصرفت .

    بقيت ُ جالسا على مقربة . أضرب أخماسا بأسداس . و أشد قبضتي و أرخيهما بين فينة و أخرى .

    بعد قرابة الساعة ، سمعت ُ الباب يفتح فنهضت مسرعا . رأيت سامر يمشي أمامي فلما رآني قال :


    " سوينا الأمور "

    قلت ُ بذهول و خوف :

    " ماذا تعني ؟ "

    قال :

    " سنتم الزواج كما خططنا له "

    أدق الشعيرات الدموية في وجهي أحسست بها تتفجر فجأة .

    قلت :

    " و رغد "

    قال :

    " أقنعتها "

    قلت :

    " أقنعتها أم أجبرتها "

    قال بعصبية :

    " اذهب و اسألها لتتأكد بنفسك "

    سرت من فوري نحو غرفة رغد . طرقت الباب و قلت :

    " أنا وليد "

    لم أسمع جوابا . قلت :

    " أ أدخل ؟ "

    " نعم "

    سامر كان يقف خلفي .

    فتحت الباب و رأيت رغد تجلس على السرير تخفي نظرها تحت قدميها .

    قلت :

    " صغيرتي "

    ترددت قليلا ثم رفعت رأسها و نظرت إلي . كنت ُ أرى في عينيها نظرات الخوف و الاستسلام . ربما هذا ما جعلها تتردد في النظر نحوي . قلت :

    " هل كل شيء على ما يرام ؟ "

    نظرت نحو سامر ثم نحوي و قالت :

    " نعم "

    لم أرتح للإجابة مطلقا ، قلت :

    " و الزفاف نؤجله أو نقيمه ؟ "

    قالت :

    " نقيمه "

    صمت برهة ثم قلت :

    " أ واثقة من ذلك ؟ أخبريني بما تريدينه أنت ِ لا ما يريده سامر و الجميع "

    رغد نظرت نحو سامر ثم قالت :

    " نعم . واثقة "

    قلت :

    " إذن لماذا أخبرتني بأنك لست ِ مستعدة للزواج الآن لماذا غيرت رأيك بهذه السرعة "

    لم تجب . قلت :

    " هل يجبرك سامر على شيء ؟ "

    سامر قال بعصبية :

    " و لماذا أجبرها ؟ بربّك يا وليد دع الأمور تسير كما هي "

    التفت إليه و قلت :

    " ابتعد أنت ، و دعني أتحدث معها بحرية "

    قال :

    " بل ابتعد أنت ، لاحظ أنك تتحدّث إلى خطيبتي أنا "

    هيجتني الكلمة مرة أخرى و أيقظت من كان نائما من شياطيني . قلت بانفعال :

    " ابتعد يا سامر و لا تدعني أفقد أعصابي من جديد "

    و التفت إلى رغد و قلت :






    رد مع اقتباس  

  9. #199  
    المشاركات
    3,259
    و التفت إلى رغد و قلت :

    " اسمعي يا رغد ، لن يحدث شيء لا تريدينه أنت ِ . إياك و الخوف من شيء . فإن كنت ترغبين في تأجيل الزواج فأخبريني الآن بصراحة . هل تريدين الزواج الآن أم أنك مضطرة إليه "


    رغد طأطأت برأسها من جديد و أخفت وجهها خلف يديها و أجهشت بكاءً .

    ثار جنوني و أنا أراها هكذا . التفت نحو سامر الذي لا يزال يقف خلفي و قلت :

    " لن يقام هذا الزفاف و أنا حي أرزق "

    سامر صاح بعصبية :

    " وليد لا شأن لك بهذا "

    " لن أسمح لأحد بأن يرغم صغيرتي على شيء مطلقا "

    " من قال أننا نرغمها "

    و التفت نحو رغد و قال بعصبية :

    " هل أنا أرغمتك أخبريه "

    رغد وقفت و أولتنا ظهرها و صاحت :

    " دعاني و شأني . سأفعل ما تريدون جميعا . دعوني وحدي "

    قلت :

    " أ رأيت ؟ "

    سامر دخل الغرفة و اتجه نحوها و أمسك بكتفيها و أدارها باتجاهنا و هو يقول :

    " واجهينا يا رغد . قولي له أنك قررت ِ ذلك و لم يجبرك ِ أحد "

    رغد قالت بعصبية :

    " بل أجبرتموني "

    حملقنا كلانا فيها ، و قال سامر :

    " من أجبرك ؟ "

    قالت :

    " كلكم . و إن ليس بشكل مباشر. ليس أمامي إلا الرضوخ لقدري . لما تريدون أنتم جميعا لما تخططون أنتم جميعا كلكم "

    أنا و سامر تبادلنا النظرات الحادة .

    قال :

    " إذن فأنت ِ لا تريدين الزواج الآن "

    قالت بعصبية و هي تصرخ في وجه سامر :

    " لا . لا . لا "

    كان سامر يمسك بكتفيها ، لكن يده تحركت الآن . و فجأة سددت صفعة إلى وجهها . أمام عيني .


    ربما لم يكن في الصفعة من القوة ما يحدث الألم الجسدي بمقدار ما كان فيها من إيلام معنوي . صاحت صغيرتي :

    " آي "

    و وضعت كفها على خدها المتألم .

    أنا أرى صغيرتي مدللتي حبيبتي رغد تتلقى صفعة على وجهها من يد كائن بشري . أي ٍ كان أمام عيني هاتين

    " سامر ! أيها الوغد . كيف تجرؤ "

    و قبل أن أدع له الفرصة حتى ليلتفت إلي قفزت ُ قفزة واحدة باندفاع إليه و انقضضت عليه ، و ووجهت لكمة قوية فتاكة نحو وجهه .

    تلاها سيل متواصل من القذائف التي أشبعت بها جسد أخي من رأسه حتى إخمصي قدميه .

    الرغبات التي كبتها في صدري منذ الطفولة و حتى الآن . و لم أجرؤ على التعبير عنها خرجت كلها من داخلي دفعة واحدة .

    ضربته بوحشية و عنف لم أضرب بهما سواه ، و لم أضرب بهما مثيله منذ سنين

    صرت أرفع فيه و أخفض . و أهز و أرمي . و ألكم و أرفس و ألوي و أثني و أمارس كل أنواع الضرب المبرح التعذيبي الذي تلقيته في السجن على أيدي العساكر . في جسد أخي .

    جن جنوني و لم أتمالك نفسي . لم أملك منعها أو إيقافها . ضربت و ضربت حتى أصاب عضلاتي الإعياء و تصبب العرق من جسدي كله . و نفذ الهواء من غرفة رغد فما عدت بقادر على التنفس .

    و لم يكن أخي يقاوم أو يدافع . بل استسلم لضرباتي لا أدري أمنعه من صدها الذهول أم العجز






    رد مع اقتباس  

  10. #200  
    المشاركات
    3,259


    لم أنته من درس الضرب هذا إلا بعد أن فرغت شحناتي كلها و تطايرت شياطيني من رأسي واحدا بعد الآخر .

    يداي كانتا تطوّقان عنقه بينما كنت أجثو على صدره . أكاد أخنقه .

    لا أعرف ما الذي جعلني أتوقف .

    قلت و أنا أشد الضغط على عنقه تارة و أرخي قبضتي تارة :

    " ألا تعرف ما الذي أفعله بمن يتجرأ على إيذاء صغيرتي . "

    شددت الضغط و سامر ينظر إلي بفزع و خوف .

    قلت :

    " أقتله . "




    و تراءت لي صورة عمّار و هو يبتسم ابتسامته الأخيرة للدنيا . قبل أن أكسر جمجمته بالصخرة .

    حررت عنق أخي من قبضتي فجأة . و نهضت كالمجنون . أتلفت يمينا و يسارا . كأنني أبحث عن عمّار . خيّل إلي أنه معي الآن .

    لكن عيني ّ وقعتا على أربع أعين تنظر إلي بذعر و فزع و ذهول

    اثنتان منها تخصان أختي دانة ، و الأخريان المغمورتان بالدموع هما عينا صغيرتي المذعورة رغد .

    مشيت نحو رغد ، فسارت هي للوراء خوفا . حتى اصطدمت ْ بالجدار .

    و لمّا صرت ُ أمامها مباشرة قلت :

    " زواجك من هذا المخلوق منته تماما ، و إن حاول أي شخص إرغامك على أي شيء ، فويل له مني "






    رد مع اقتباس  

صفحة 20 من 26 الأولىالأولى ... 101819202122 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. تحميل رواية كنت أحبك حب ماتقراه في أعظم رواية
    بواسطة Bshaer‘am في المنتدى روايات - قصص - حكايات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 26-Aug-2014, 12:29 AM
  2. مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 24-Oct-2013, 11:43 PM
  3. رواية مجزرة الحولة من الطفل المذبوح رقم خمسين رواية 2013
    بواسطة иooḟ Ăł.кααьỉ في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-Dec-2012, 02:08 AM
  4. ديكورات كامله 2013 , ديكورات منزل كامله 2013 , صور ديكورات جميله 2013
    بواسطة ♣ ♣المتفائله♣ ♣ في المنتدى ديكور - فن الديكور المنزلي - اثاث غرف ومطابخ وحدائق
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-Sep-2012, 11:37 PM
  5. رواية قليل من الحب كامله من الروايات الرومنسية txt للجوال
    بواسطة بدويه اصيله في المنتدى روايات - قصص - حكايات
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 09-Oct-2011, 10:39 PM
المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •