" دعني و شأني "
" لن أدعك حتى تخبريني "
" و لم َ تود أن تعرف ماذا يهمك أنت "
" يهمني كل شيء يتعلق بك . كل شيء "
" كذّاب "
انقبضت عضلاتي استياء ً . و استدرت للمغادرة .
خطوت خطوتين ، و توقعت أن تخرج رغد من بعدي ، إلا أنها لم تخرج .
عدت إلى الغرفة فرأيتها جاثية على الأرض باستسلام تام للدموع .
نفس الجلسة التي كانت تجلسها و هي طفلة ، حين يعتصرها الألم .
دنوت ُ منها حتى صرت ازاءها مباشرة ، و انحنيت و قلت بصوت أجش :
" أرجوك يا رغد أرجوك توقفي عن هذا و أخبريني بما يزعجك ، و أيا كان . أنا سأزيحه عنك نهائيا "
رغد رفعت نظرها . كأنها تطلب التأكيد .
قلت :
" أي شيء يضايقك و يحزنك لهذا الحد . أبلغيني و أنا أبعده عنك "
" صحيح "
" نعم يا رغد ، لا تظني أنني فقط أكذب و أدعي . لا تعرفين كم هي غالية دموعك عندي . "
" مهما كانت غالية . هناك ما هو أغلى . و هناك ما لا يمكن فعله أبدا"
" أخبريني أنت فقط ، و سترين "
رغد هزت رأسها نفيا . و قالت :
" لا لن تفعل ! لن تستطيع شيئا ! "
" أخبريني ماذا تريدين "
" أريد أمي "
قلت بتعجب :
" تريدين أمي ! "
هزت رغد رأسها اعتراضا و قالت في صيحة قاتلة :
" أريد أمي أنا . لا أمك أنت . أنا أريد أمي . فهي من يستطيع مساعدتي . لو بقيت حية . لا أحد منكم يستطيع . هل يمكنك إحضارها إلي "
فوجئت بقولها هذا و شعرت بشرايين قلبي تتفجر بعنف .
أيعقل أنها لا تزل تفكر في أمها ـ التي لم تعرفها يوما ـ حتى الآن
أتقصّر أمي في شيء للحد الذي يجعل رغد تبحث عن المساعدة من أمها الراحلة منذ 15 عاما
بعدما انتهت من نوبة بكائها قالت بتحد ٍ :
" هل تستطيع إحضار أمي إلي "
وجدت نفسي أقول :
" اعتبريني أنا أمك . "
ثم أضفت :
" ألم أكن كذلك ذات يوم "
نظرت إلي رغد بيأس .
قلت :
" لطالما كنت ِ تعتمدين علي و تثقين بي . "
و لما لم أجد منها تفاعلا . نهضت و أنا أقول :
" سأذهب لتأدية الصلاة "