و الثاني حار !
هو يجلس على المقعد يقلّب صفحات إحدى الصحف ، لكني متأكدة من أن عينيه تخترقان الأوراق !
تناولت ثلاثة كؤوس و ملأت اثنين منها بالعصير البارد الذي أعددته قبل ساعة و وضعتهما في صينية .
ثم قلت :
" أترغب ببعض العصير "
قال دون أن يرفع عينيه عن الصحيفة :
" نعم ، شكرا "
سكبتُ العصير في الكأس الثالث و حملته إليه .
وضعته قربه على المنضدة ، و سرعان ما أمسك به و دلق نصف محتواه في جوفه دفعة واحدة !
كان باردا جدا ، و يكاد يتجمد !
كيف استطاع شربه بهذا الشكل !
كل هذا و عيناه محدقتين في الصحيفة !
حملت ُ الصينية و سرت نحو الباب .
" رغد "
نطق باسمي بغتة كدت معها أترنح و أسقط الصينية من يدي بما حوت !
التفت إليه فرأيته ينظر إلي .
قلت :
" نعم "
فجاء صوتي أشبه بصوت تلميذة نسيت حل الواجب و تقف بذعر أمام معلمتها !
قال :
" هل أجلب لكما طعاما للعشاء من أحد المطاعم "
قلت بسرعة :
" ماذا لا ! "
قال :
" و لكن هل ستتركين ضيفتك دون عشاء ؟ "
" لا تهتم ، إنها نهلة لا غير ! . "
" و لكن . حسنا . كما تشائين "
و عاد يطالع الصحيفة.
هممت أنا بالإنصراف ، ثم توقفت ُ و قلت :
" لا تخرج وليد "
فرأيت عينيه تنظران إلي من فوق الصحيفة . بحدّه !
أسرعت ُ خطاي نحو غرفتي حيث نهلة ، دفعت إليها بالصينية فأمسكت بها و أنا تهالكت على السرير !
" حمدا لله على السلامة ! "
ضحكت من تعليق نهلة رغم أنني لا أجد الوقت مناسبا للضحك !
قلت :
" مرعب يا نهلة ! اليوم يبدو مخيفا جدا ! كالفهد الأسود ! "
" صحيح دعيني أرى ! "
" أوه نهلة ! توقفي عن ذلك ! "
ضحكت نهلة و وضعت الصينية على المنضدة و أحضرت لي العصير و هي تقول :
" خذي اشربي ، فأنت ِ تبدين كاللبؤة الحمراء ! "
أخذت منها الكأس و رشفت رشفة صغيرة .
" بارد جدا ! "
قالت نهلة :