من المسؤول عن تفاقم الأسعار ؟
د. عبد الوهاب بن سعيد القحطاني
شهد سوق السلع الاستهلاكية في المملكة ارتفاعاً كبيراً في أسعار الكثير من المواد الغذائية الأساسية وغير الأساسية التي تمس حياة المستهلكين بالرغم من كون السوق السعودية مفتوحة للمنافسة منذ وقت طويل، خاصة بعد انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية منذ 11 ديسمبر 2005. ولقد تحدث وزير التجارة والصناعة عن مزايا الانضمام، حيث أكد في أكثر من مناسبة على تحسن جودة المنتجات وانخفاض أسعارها نتيجة تزايد المنافسة العالمية في السوق السعودية، لكن ما تشهده السوق السعودية من زيادة كبيرة ملموسة في أسعار المواد الغذائية مثل الأرز تشير إلى الدور المفقود لحماية المستهلك في وزارة التجارة والصناعة التي يبدو أنها لم تدرك هذا الدور لحماية المستهلك من الجشع في الأسعار والجودة المتردية للكثير من المواد الغذائية الضارة والخطيرة على صحة وسلامة الإنسان. وتشهد السوق السعودية تحديات كبيرة فيما يتعلق بصلاحية المنتجات الغذائية، حيث وافقت وزارة التجارة والصناعة على السماح للمنتجات الغذائية التي تقل صلاحيتها عن المدة المنصوص عليها قبل انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية. إن مثل هذا التنازل في مدة صلاحية المواد الغذائية سيدفع بعض محلات الجملة والتجزئة التي لا تراعي الأخلاقيات التسويقية إلى تجاوزات تهدد صحة وسلامة المستهلكين مثل تغيير ملصقات المحتويات وتاريخ الإنتاج وتاريخ الصلاحية لبيعها حتى لا تتكبد خسائر جراء مدة الصلاحية القصيرة. من هذا المنطلق تزداد الحاجة للزيارات الميدانية التفتيشية لمفتشي حماية المستهلك في وزارة التجارة والصناعة لحماية المستهلكين من الغش في الجودة ومدة الصلاحية والمحتويات التي تهدد صحتهم. إن غياب حماية المستهلك والجهات القانونية التي يلجأ لها المستهلك سيزيد من نسبة المخاطر الصحية وتفاقم أسعار السلع والخدمات لتصبح هماً وعبئاَ كبيراً على المواطنين والمقيمين الذين لم يطرأ على رواتبهم ودخولهم تغيير يواجه الزيادة الفلكية في أسعار المواد الغذائية الأساسية منذ الزيادة الحكومية في رواتب موظفي الدولة بنسبة 15 في المائة، لكن بعض السلع والمواد الغذائية زادت أسعارها بنسبة فاقت ثلاثة أضعاف هذه الزيادة المتواضعة والتي لا تعكس حقيقة التضخم الكبير في أسعار الكثير من المواد الغذائية الأساسية.
المسئول المباشر عن حماية المستهلك من جشع الأسعار وخطر المواد الغذائية الاستهلاكية هو بلا شك وزارة التجارة والصناعة التي يبدو أنها تلقي اللوم على المواطنين عندما طلبت منهم البحث عن بديل للأرز مثلاً، وذلك لمواجهة أسعاره المرتفعة. يعني هذا أنه كلما تفاقمت أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية يجب على المستهلك البحث عن بديل سيصبح في ما بعد غالياً ليبحث عن بديل آخر.
الحقيقة أنه عندما تضعف وزارة التجارة والصناعة أمام تحديات الأسعار فإنها بحاجة لقيادة أكثر فاعلية لتحقيق استتباب الأسعار التي تمس حياة الفقير قبل الغني، خاصة عندما تكون نسبة البطالة عالية. كانت حماية المستهلك في المملكة أكثر نشاطاً وفاعلية قبل حوالي العشر سنوات في ظل ظروف أقل تعقيداً من الظروف الراهنة التي تتطلب المزيد من التفتيش والمتابعة لرصد شتى المخلفات التي تضر بالاقتصاد والمستهلك. وقد جرت العادة في الدول المهتمة بالمستهلك معاقبة الإدارة والأشخاص المهملين لواجباتهم الوظيفية إلى درجة المحاكمة والاستقالة، لكننا نشعر أن المستهلك منسي ولا يشكل أهمية لحماية المستهلك في وزارة التجارة والصناعة التي أخفقت في الكثير من الأمور وعلى رأسها حماية المستهلك والتجارة المتوازنة بعد الانضمام لمنظمة التجارة العالمية بعد مرور حوالي العامين من حصول المملكة على عضويتها.
وزارة التجارة والصناعة بعيدة عن معاناة المواطنين والمقيمين من وطأة الأسعار لأنها لم تتغير بتغير الظروف في السوق المحلية والعالمية. وقد يعود هذا التقصير الواضح للرؤية القاصرة فيما يخص حماية الاقتصاد والمستهلك من لهب الأسعار وخطورة السلع والمواد الغذائية على صحة وسلامة المستهلكين.
وزارة التجارة والصناعة مسئولة عن اتخاذ الضوابط الاحترازية التي تحمي صحة وسلامة المستهلك من المواد الغذائية والسلع التي تشكل خطراً على صحته وسلامته، فهي مسئولة عن الاجهزة الكهربائية ولعب الاطفال التي لا تتمتع بأدنى معايير السلامة. والكثير منها لا تباع في بلد إنتاجها لأنها مخالفة لمعايير السلامة والصحة، فكيف نقبلها تهدد أمننا الاقتصادي وصحة وسلامة المستهلكين في بلادنا !؟
(تم حذف الإيميل لأن عرضه مخالف لشروط المنتدى)