التداول أثناء الصوم بين فريقين
20 يوماً في رمضان تعيد جدل فترة تداول الأسهم السعودية للتجاذب من جديد
الرياض: محمد المنيف
20 يوما فقط من أيام شهر رمضان المقبل تسببت بجدل في المجالس السعودية، بعد تحديد هيئة السوق المالية فترة تداول «نهارية» لسوق الأسهم تتوافق مع وجود الموظفين في أعمالهم، حيث اختصرت التعاملات 30 دقيقة لتكون على مدى أربع ساعات تبدأ التعاملات منذ الساعة الحادية عشرة صباحا وحتى الثالثة عصرا. وهذا يتزامن مع الدوام الرمضاني للموظفين الذي يبدأ من الساعة العاشرة صباحا إلى الثالثة عصرا. فبين مؤيد للقرار ومعارض، عادت منتديات الأسهم والمجالس إلى إعادة التاريخ نفسه من جديد حين قررت الهيئة العام الماضي دمج فترتي التداول في فترة واحدة.
إذ يستند معارضو القرار وغالبيتهم من الموظفين إلى أنه سيتم بحكم وجودهم في أعمالهم الحرمان من الاستفادة من السوق الذي استقطب في السنوات الأخيرة 25 في المائة من المواطنين، حيث تشير بعض الإحصاءات إلى أن هناك نحو 4 ملايين محفظة نشطة بينما يبلغ تعداد السعوديين 16 مليون نسمة.
ويشير المعارضون إلى أن الفترة الجديدة ستتعارض مع توقيت العمل لديهم كونهم يجدون في التوقيت الرمضاني السابق في الوقت المسائي فرصة لهم للتداول.
أمام ذلك، أكد خبراء اقتصاديون ومحللون ماليون أن التوقيت الجديد للتداول في رمضان مناسب للسوق، موضحين أن هذه الفترة تساعد المستثمرين على متابعة الأسهم بشكل شبه متفرغ، رابطين ذلك أيضا بدوام البنوك التي تقتصر على فترة واحدة فقط تبدأ من الصباح إلى العصر، حيث يبين الدكتور اسعد جوهر أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز بجدة أن فترة التداول في رمضان تعتبر انسب وقت لتداول الأسهم، مرجعا ذلك لعدم وجود بديل مناسب، مشيرا إلى أن 20 يوما للتداول لن تكون الفصل في قرار تغير الفترة.
وعن المطالبة بايجاد حلول للفترة الصباحية، بين جوهر أن العمل على ايجاد فترة مناسبة يحتاج إلى دراسة كاملة، خاصة أن رمضان المقبل يعتبر اول رمضان يتم فيه تطبيق الفترة الواحدة.
واستبعد أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز أن يكون هناك فقدان لنسبة تداول او توقف سيولة جراء تطبيق الفترة الواحدة، خاصة أن وقت التداول يعتبر هو نفسه في الأيام الحالية مع نقصان نصف ساعة لن يكون لها تأثير كبير. لكن المحلل المالي محمد العمران الذي يدير المركز الخليجي للاستشارات المالية، توقع أن تنخفض السيولة في السوق 10 في المائة وحتى 12 في المائة بداية الشهر.
وأبان أن هيئة سوق المال السعودية انتظرت أولا قرار تحديد ساعات عمل البنوك في شهر رمضان، ومن ثم أصدرت قرار التوقيت الرمضاني الذي يعتمد اعتمادا كليا على عمل البنوك.
وأوضح العمران أن قرار التوقيت الجديد صعب ولا يمكن أن يرضي مختلف شرائح المجتمع كون هذا القرار سبَّب لهم نوعا من الإحباط لدى المواطنين باقتصاره على الفترة النهارية.
من جانبه، استبعد عبد الرحمن العواد محلل اقتصادي أن تتأثر السيولة المتداولة في السوق خلال تداولات شهر رمضان، مشيرا إلى أن حجم التداول في السوق السعودية كبير ولا يتأثر بفقدان عدد من موظفي الحكومة والقطاع الخاص كما ان شركات الوساطة العاملة في السوق السعودي كفيلة لسد عدد المتداولين الذين سيتغيبون في السوق السعودية. ووصف العواد فترة التداول الجديدة في رمضان بـ«الرائعة» كونها ستساعد المحترفين الحقيقيين في سوق الأسهم السعودية لجلب مكاسب متوقعة لهم في هذا الشهر باعتبار ان التوقيت سيساعدهم في تحقيق ذلك. إلى ذلك، أوضح خالد العازمي مستثمر في سوق الأسهم، أن معظم أسواق العالم تتعامل بفترة واحدة، مشيرا إلى أن تداولات رمضان ستسمح للمتعاملين المحليين بالتوجه إلى الأسواق المالية الأخرى، لأن فترات تداولها تتناسب مع الفترة التي حددتها هيئة السوق للتداول. لكن عبد الله آل الشيخ، محلل مالي، يتفق مع الآراء التي تشير إلى أهمية الفترة الواحدة إلا أنه يفضل أن تكون في فترة المساء، مستندا في ذلك لوجود الكثير من المتداولين في أعمالهم أثناء الفترة الصباحية.
وأضاف آل الشيخ أن إشكال توقيت الفترة الصباحية في رمضان سيحد من إنتاجية الموظفين في القطاعين العام والخاص، لافتا إلى أن فترة المساء كانت تحل هذا الإشكال بالنسبة للموظفين بعد الانتهاء من دوامهم.
يذكر أن الأسهم السعودية، التي تعد الأكبر على مستوى المنطقة، بقيمة سوقية تتجاوز 1.3 تريليون ريال (346.6 مليار دولار)، كان يتم تداولها في السابق على مدى أربع ساعات يوميا، مقسمة على فترتين زمنيتين. حيث تبدأ الفترة الصباحية من الساعة العاشرة صباحا وحتى الساعة الـ12 ظهرا، فيما تبدأ الفترة المسائية من الساعة 4:30 عصرا وحتى الساعة 6:30 مساء، في حين كانت فترة التداول الرمضاني ثلاث ساعات على فترتين، تبدأ الأولى من الساعة الـ10:30 صباحا وحتى الـ12 ظهرا، بينما تبدأ الفترة المسائية من الساعة الـ9:30 مساء وحتى الـ11 ليلا.
ومع نهاية العام الماضي، عمدت هيئة سوق المال السعودية إلى دمج فترتي تداول سوق الأسهم في فترة واحدة، مع زيادتها نصف ساعة لتكون أربع ساعات ونصف الساعة يوميا. ففي 26 سبتمبر (أيلول) 2006، بدأ العمل بالتوقيت الجديد بحيث أصبحت فترة التداول تمتد من الساعة 11 صباحا وحتى الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر، لاغية بذلك فترتين للتداول كانت تعمل بهما منذ انطلاق البورصة في الثمانينات. وبررت الهيئة قرارها في حينه، بأنه «نتيجة لما لاحظته هيئة السوق المالية من عدم ملاءمة وجود فترتين للتداول في السوق المالية السعودية وتأثير ذلك على انتظام العمل فيه وعدم اتساقه مع ما هو معمول به في الأسواق العالمية».
وأكدت الهيئة في ذلك الوقت، أن القرار صدر «بعد دراسة مستفيضة لأوقات التداول تضمنت استطلاعا لرغبات المستثمرين»، معتبرة أن الخطوة «استمراراً للخطوات التي تتخذها هيئة السوق المالية لتنظيم السوق وتطويرها.
وتوقع خبراء أن تعالج الخطوة مشكلات رافقت ثورة الأسهم التي عاشتها السعودية خلال السنوات الثلاث الماضية التي تمثلت في انشغال الموظفين والمعلمين والطلاب في التداولات، مما أنذر بانعكاسات اجتماعية واقتصادية حذر منها خبراء المجتمع والاقتصاديون على حد سواء.