هبوطات أسفلتية
عبد الله العلمي - 01/08/1428هـ
(تم حذف الإيميل لأن عرضه مخالف لشروط المنتدى)
تعرضت طبقة من الأسفلت على طريق الملك فهد فوق نفق ابن خلدون للهبوط وتسببت في تعرجات في الطريق. عفواً نسيت أن أقول إن الطريق هو من أحدث الطرق في المنطقة ولم يمض على إنشائه سوى ثلاثة أشهر. الهبوط لم يتسبب فقط في إحداث تشوهات في الطريق، بل تشوهات في مصداقية مقاولات المشاريع لأمانة المنطقة الشرقية. بالمناسبة لقد تم إغلاق هذا النفق اليتيم أكثر من مرة بغرض "إصلاحات" طرأت عليه منذ ولادته المتعسرة.
يحق لي أن أتساءل كمواطن عن هذه الإخفاقات في مشاريع الطرق والبنية التحتية. إذا كانت هناك جهات مختصة معنية بكشف الحقائق فنريدها أن تحاسب المقصرين بغض النظر عن خلفياتهم الشخصية أو المعنوية. يحق لي كمواطن أن أتساءل عن أسباب تنفيذ مشاريع رديئة تمس حاجتي وحاجة الملايين غيري في حياتنا اليومية. يحق لي كمواطن أن أطالب بتطبيق قوانين مكافحة الفسادين الإداري والمالي. لا تهمني كثيراً عدد اللجان التي ستُشَكَل للتحقيق إذا لم تكن تلك اللجان محايدة.
يحق لي كمواطن أن أستفسر عن تكرار حدوث هذه الإشكاليات المزعجة لحياتي اليومية وخاصة أنها لم تقتصر على مشروع معين أو منطقة معينة. لقد أصبح موضوع الهبوطات الأسفلتية في شوارعنا وفي طريقة تعاملنا مع هذه الحوادث سائدا في عدة مشاريع, خاصة الطرق والأنفاق. يحق لي كمواطن أن أسأل عن كيفية ترسية مشاريع البنية التحتية, خاصة تلك المتعلقة بحياة المواطن اليومية. هل البلديات – وهي المعنية بتنفيذ الشوارع والطرق – هي المسؤولة أم أنها كالعادة ستلقي باللوم على المقاولين لأنهم "لا يهتمون بالمقاييس والمواصفات"؟
هل تتم ترسية هذه المشاريع ضمن مواصفات ومقاييس عالمية معلنة؟ هل تخضع هذه المشاريع للرقابة من الجهات المعنية؟ ألا يُفْتَرَض أن تكون لمشاريع التنمية أعمار زمنية بعيدة المدى ودرجة عالية من المقاومة لتتحمل الظروف الطبيعية الصعبة، أم أن علينا إقفال كل نفق يبنى خلال أسابيع من إنشائه بسبب "أعطال وصيانة فنية"؟ يبدو لي أن المشكلة هي في سوء التنفيذ كما هي في هيكلة الشوارع. عفواً نسيت أن أرفع اللوم عن الشركات المنفذة للطرق والمسؤولة عن "الخلطة" وكذلك عن المهندس الذي وقَعَ على تسلم الطريق من المقاول.
يحق لي كمواطن أن أسأل عن مصداقية فتح ظروف المناقصات والقبول بأقل الأسعار من دون الاهتمام بالمعايير والجودة. بعض طرقنا وشوارعنا تتحول إلى حفر متعددة الأحجام وانحناءات مجهولة التضاريس خلال أشهر من إنشائها. يقول أحد المسؤولين – بحكمة متناهية – إن سبب تدني مستوى تنفيذ المشاريع يعود إلى تدني إمكانات الشركات وتباطئها في العمل. إذا لم تكن هذه إهانة لذكاء المواطن فماذا تكون؟ إذا لم يكن هذا إهداراً للمال العام فما هو إذاً؟ إذا لم يكن هذا ضياعا لأوقات المواطنين بالزحمة والتحويلات فماذا نسميه؟
يحق لي كمواطن أن أسأل مهندس البلدية - الذي من المفترض أنه يراقب التنفيذ – عن أسباب رداءة عمليات سفلتة الشوارع، وعن عدم علاج التلفيات المسببة لتجمع المياه حول الأرصفة، وسوء حالة الطرق عند التقاطعات المرورية، أم أن مسؤولية المهندس لا تتعدى الاحتفاظ بخرائط مصقولة الورق. لسبب ما الأسفلت في ديرتنا لا يبقى إلا أعواماً قليلة (وفي بعض الأحيان أشهراً) ثم يتحول إلى طبقة مهترئة متآكلة مليئة بالحفر والبحص والأخاديد الجيولوجية.
الموضوع يا سادة ليس له علاقة من قريب أو بعيد بهبوط الأسفلت.الموضوع هو هبوط حسنا بالمواطنة وعدم إحساسنا بالمسؤولية.