السعودية في دراسة مؤشر ثقة المستهلك
د. جاسم حسين - 19/08/1428هـ
(تم حذف الإيميل لأن عرضه مخالف لشروط المنتدى) om
كشفت دراسة (بيت دوت كوم) ومقرها إمارة دبي عن تباين آراء المستهلكين في السعودية على مؤشر ثقة المستهلك. تعتبر مؤسسة (بيت دوت كوم) إحدى الجهات الرائدة في المنطقة في مجال قياس الرأي. وكانت الشركة قد نفذت دراسة في نيسان (أبريل) من العام الجاري وألحقتها بدراسة أخرى في تموز (يوليو) للوقوف على أوجه التغيير. تكمن أهمية الدراسة في أنها ترصد التحولات والتغييرات في آراء الناس حول مستوياتهم المعيشية إضافة إلى التطورات في المجالات التجارية فضلا عما قد يخفيه المستقبل.
يعكس المؤشر مدى الرفاه الاقتصادي في البلاد حسب وجهة نظر عينة تمثل مختلف طبقات المجتمع. شمل الاستطلاع الأخير آراء 2251 فردا من المواطنين والأجانب من ذوي دخول متفاوتة وخلفيات متباينة. يعتمد المؤشر على بعض المتغيرات الحيوية مثل التضخم, الأجور, عائد الاستثمار في أسواق المال لقياس مدى رضا وتوقعات المستهلكين.
الأوضاع المالية والتجارية
في سؤال حول الوضع المالي للعائلة في تموز (يوليو) مقارنة بالأشهر الثلاثة الماضية, أشار 41 في المائة ممن شملهم الاستطلاع أن أوضاعهم المالية قد تحسنت. بيد أنه أشار 36 في المائة أن أوضاعهم المالية لم تتغير. في المقابل, ذكر 18 في المائة أن ظروفهم المالية باتت أسوأ مقارنة بثلاثة أشهر مضت بينما أبدى الباقي عدم معرفتهم.
وحول الأداء الاقتصادي للمملكة, أشار 41 في المائة من المشاركين أن الأوضاع أفضل, ما يعني عدم حدوث تغيير مادي مقارنة مع نيسان (أبريل) حين أبدى 40 في المائة رضاهم. بالمقابل, كشف 32 في المائة أن الأوضاع الاقتصادية لم تتحسن ما يعني عدم حدوث أي تغيير. أيضا ذكر 16 في المائة بأن الظروف الاقتصادية باتت أسوأ ما يعني المحافظة على النسبة السابقة نفسها. يبقي أن التغير الطفيف حصل في خانة الذين أكدوا عدم معرفتهم بحدوث تغيير.
وبخصوص تغير سلوك المستهلك أو جدوى شراء سلع استهلاكية مثل المعدات والأجهزة في هذه الفترة شدد 27 في المائة من العينة على أن الوقت مناسب لعملية الشراء. في المقابل, أبدى 23 في المائة فقط من المشمولين في الدراسة تأييدهم للشراء في دراسة نيسان (أبريل). ولوحظ أن ربع المستطلعة آراؤهم رأوا أن الوقت سيئ للشراء ما يعني عدم حدوث أي تغيير عن الفترة السابقة.
وفيما يتعلق بالأوضاع التجارية, قيم 57 في المائة من المشاركين أن الوقت جيد للقيام بنشاط تجاري ما يعني تسجيل تحسن طفيف مقارنة مع الأشهر الثلاثة الماضية. وكامتداد لهذا الرأي الإيجابي, أبدى 44 في المائة من العينة بتوافر الكثير من فرص العمل في البلاد مقارنة مع 40 في المائة ممن شملهم الاستطلاع في وقت سابق من العام الجاري.
معضلة الأجور
إضافة إلى ذلك, أشار أكثر من نصف المشاركين إلى أن حجم الراتب لا يتناسب مع الزيادة المطردة للتكاليف المعيشية. باتت ظاهرة التضخم (أي ارتفاع الأسعار وبقائها مرتفعة) حقيقة مرة في جميع دول المنطقة بلا استثناء. ويعد علماء وأساتذة الاقتصاد أن التضخم أكبر عدو في أي اقتصاد ومرد ذلك أن التضخم يضر الجميع، حيث ترتفع الأسعار بالنسبة للفقير والتاجر معا (لا شك يعد الفقير الأكثر ضررا من الناحية النسبية).
لا شك أن ما يهم في نهاية الأمر هو تمتع الموظف بقوة شرائية للمبلغ الذي يحصل عليه. فحدوث زيادة بنسبة 5 في المائة في الراتب ربما لا تعني الكثير في حال ارتفعت الأسعار بالنسبة نفسها أو ربما أكثر.
خفايا المستقبل
من جهة أخرى, ذكر نحو ثلثي المستطلعة آراؤهم أنهم يتوقعون تحسنا في أوضاعهم المالية في غضون سنة زمان. كما توقع 69 في المائة من المبدين آراؤهم عن تحسن الظروف التجارية في المؤسسات التي ينتمون إليها. وتعد هذه الآراء مؤشرا على توقع حدوث تطورات إيجابية في اقتصاد المملكة وذلك على خلفية توقع بقاء أسعار النفط مرتفعة ما يعني توافر السيولة. تلعب مصروفات الحكومة دورا محوريا في اقتصاد المملكة من حيث إقامة المشروعات التنموية. بدورها تأخذ مؤسسات القطاع الخاص من المصروفات الحكومية مؤشرا على تحسن الظروف المالية وبالتالي القيام بالمزيد من الاستثمار.
تحمل الدارسة لأنها تقيس الرفاة الاقتصادي في أكبر اقتصاد في المنطقة. تزيد قيمة الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (أي المعدل لعامل التضخم) للسعودية عن 300 مليار دولار. ما يبعث على الاطمئنان هو التوقع الايجابي للظروف المالية للأفراد فضلا عن الأداء الاقتصادي خلال 12 شهرا المقبلة. في المقابل, هناك خشية من حدوث المزيد من ارتفاع للأسعار الأمر الذي يهدد الرفاهية المعيشية للعاملين. الشيء المؤكد هو أن الحاجة ماسة إلى المزيد من الدراسات العلمية حول الظروف المعيشية للمواطنين والوافدين فضلا عن الأوضاع المالية للمؤسسات التجارية حتى يتسنى الوقوف على مدى نجاح السياسات المتبعة. نعتقد أن دراسة مؤسسة (بيت دوت كوم) تشكل مساهمة في مجال البحث العلمي.