بوصفه القوة الكبرى في تكوين المجتمع المتقدم
للتعليم دور كبير في التنمية الاقتصادية الشاملة
- - 19/08/1428هـ
من المعروف أن التخطيط العلمي والتخطيط الاقتصادي وجهان لعملة واحدة, تبرز ملامحهما الوثيقة من خلال ما يقدمه الأول من قوى بشرية متعلمة ومن معارف علمية هي ثمرة البحث العلمي الذي يرتبط بالتعليم, ما يغرسه الثاني من مواقف تجاه العمل والتنظيم والمجتمع تحابي جميعها التنمية بشكل أو آخر. أي بعبارة أخرى يعد التعليم أداة فاعلة لضبط الاتجاهات الجارية للتنمية, وتوجيهها للحصول على الأهداف التي تحقق مصالح المجتمع, حيث اتجه كثير من التربويين إلى الربط بين التخطيط التعليمي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتنسيق بينها, وذلك من أجل تنمية مناشط الأفراد والجماعات والاستفادة من الإمكانات المتاحة لأبعد حد ممكن.وكانت هناك نظرة قديمة إلى مشاريع التنمية الاجتماعية على اعتبار أنها مشاريع استهلاكية لا تؤدي إلى عائد أو مردود اقتصادي مُباشر، كما هو الشأن في التعليم ـ سابقاً- إلا أن هذه النظرة تغيرت وأصبح ينظر الآن إلى برامج التنمية والخدمات الاجتماعية على أنها ذات عائد اقتصادي ينتج عن اكتساب المهارات والمعرفة نتيجة للتعليم ما يؤثر في الإنتاج وفي القدرة على العمل ومواصلته، فعلى هذا نستطيع القول إن التنمية الاجتماعية برامج اقتصادية، والاستثمار طويل الأجل له فوائد محققة. لقد ركز الاقتصاديون اهتمامهم منذ أمد بعيد على دور التعليم في التنمية الاقتصادية، وتراوح طرق الاهتمام بين الدفاع العام عن التعليم بوصفه قوة كبرى في تكوين مجتمع يميل إلى التقدم وبين المقاييس الاقتصادية والعائد من التعليم ومعدلاته لها.وإليك عزيزي القارئ هذا التصور, تنوع التخصصات العلمية يعني تنوع الاقتصاد واختلاف درجات التعليم يعني اختلاف مستويات الاقتصاد, والتعلم الحر يعني اقتصادا حرا. تجربه الدول الآسيوية والنمور السبع انطلقت من جانب التعليم والاهتمام به فإليك تجربه اليابان, فاليابان تعمل بشكل مستمر بتطوير مناهجها التعليمية وهو ما جعلها تكون هاجسا وكابوسا موحشا للولايات المتحدة وتأخرها في اللحاق بالتطور الذي تعيشه اليابان, حتى انتبه الأمريكيون إلى أن الخلل في بعض مناهجهم التعليمية أدى إلى التأخر الاقتصادي نسبيا وقاموا بإعداد تقرير بعنوان (أمة في خطر) وعزت سبب ذلك إلى التدهور العلمي النسبي وعدم إجراء الإصلاحات المستمرة عليه.وفي البلاد العربية، كما هو الحال في غيرها من الدول، يوجد اعتقاد سائد وقوي أن التعليم مدخل أساسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبرزت العلاقة بينهما منذ زمن ليس بالقريب، فنجد أن آدم سميث من فلاسفة الاقتصاد في القرن الثامن عشر أكد أهمية التعليم والتدريب في رفع الكفاءة الإنتاجية للعامل، وزيادة مهارات العامل اليدوية، كما أشار إلى أهمية التعليم وتخطيطه في إحداث الاستقرار السياسي والاجتماعي وهو ما يعد شرطاً ضرورياً للتنمية الاقتصادية, ونرى الآن في دولنا العربية توافر العديد من التخصصات الحيوية والمهمة اقتصاديا واجتماعيا وقلت نسب الابتعاث إلى الخارج أسوة بالسابق وتوافرت الوظائف المطلوبة لها والاهتمام بالمواد العلمية والمناهج والتطوير لها بشكل مستمر.
نهاية لا بد من القول إن تخطيط التعليم يعمل على إحداث الاستقرار السياسي والاجتماعي، وتهيئة الظروف المناسبة للتنمية الاقتصادية، إضافة إلى أنه يعطي الأفراد فرصاً متزايدة من التعليم حتى تتكشف مواهبهم وقدراتهم. ومع أننا حالياً لا نعرف إلا القليل عن دور تخطيط التعليم في تطور الاقتصاد الذي لا يزال في مراحله الأولى من التنمية إلا أن هناك بعض الدلائل على أنه من أهم مطالب الوصول إلى اقتصاد متين.