تقرير "الاقتصادية" الأسبوعي للاقتصاد العالمي:
المؤشرات تؤكد حتمية تخفيض سعر الفائدة الأمريكية
فهد الشثري - - - 27/08/1428هـ
(تم حذف الإيميل لأن عرضه مخالف لشروط المنتدى)
في الولايات المتحدة الأمريكية أشار آلان جرينسبان رئيس "الاحتياطي الفيدرالي" السابق إلى أن الأزمة الحالية التي تعصف بالأسواق المالية شبيهة بما حدث من أزمات في عامي 1998 و1987، حيث ارتفعت تكلفة الاقتراض حول العالم نتيجة للتدهور في قطاع الإسكان الأمريكي الذي نتج بسبب عجز الكثير من المقترضين عن السداد. وكانت البنوك المركزية في العالم وفي وسيلة لدعم الثقة في قطاع الائتمان العالمي قد قامت بضخ أكثر من 400 مليار دولار أمريكي من أجل تخفيض تكلفة الاقتراض وتسهيل الحصول على التمويلات اللازمة لاستثمارات جديدة. ويشير جرينسبان إلى أن الأزمة الحالية أسوأ بسبب أن الاقتصاد كان في وضع سيئ خصوصاً فيما يتعلق بقطاع الإسكان خلال بداية الأزمة على عكس الأزمات السابقة.
وتمثل الأزمة الحالية ضغوطاً كبيرة لتخفيض أسعار الفائدة على البنوك المركزية الأوروبية و"الاحتياطي الفيدرالي" الأمريكي التي كان محاربة التضخم من خلال الإبقاء على أسعار فائدة مرتفعة هدفها الأساسي. حيث يتوقع أن يقوم "الاحتياطي الفيدرالي" خلال اجتماعه المقبل في الثامن عشر من أيلول (سبتمبر) بالإعلان عن تخفيض في سعر الفائدة، وذلك من أجل تحفيز المستثمرين وإعادة الثقة للأسواق التي بدت وحتى الآن مرتابة من تداعيات الأزمة الحالية، وذلك على الرغم من الدعم القوي من البنوك المركزية.
ومن حيث تداعيات الأزمة على معدلات النمو الاقتصادي فقد أعلن البنك المركزي الأوروبي تخفيض توقعاته بشأن النمو في منطقة اليورو إلى 2.5 في المائة وذلك من معدلها المتوقع السابق البالغ 2.6 في المائة. في حين يرى هينري بولسون وزير الخزانة الأمريكي، أن الاقتصاد الأمريكي سيستثمر بالنمو خلال النصف الثاني من هذا العام، وفي الوقت نفسه يؤيد بولسون رئيس "الاحتياطي الفيدرالي" السابق آلان جرينسبان في رؤيته المتعلقة بأوجه التشابه بين الأزمة الحالية وأزمة 1998 عندما انهار صندوق إدارة الأصول طويلة الأجل Ltcm، مما استغرقت معه عملية إعادة الثقة للسوق وقتاً طويلاً.
وكان أعضاء البنك المركزي الأوروبي Ecb قد أشاروا إلى إمكانية رفع سعر الفائدة الأوروبية عند الحاجة إلى محاربة التضخم، وذلك في رسالة إلى المستثمرين مفادها أن كل شيء ممكن في الوقت القريب. وكان البنك المركزي الأوروبي قد أبقى على سعر الفائدة عند مستوى 4 في المائة وذلك على الرغم من اعتزامه في السابق رفعها، وذلك في مسعى لإتاحة المزيد من السيولة في الأسواق ولتخفيض تكلفة الاقتراض. وتبقى الضغوط التضخمية التي تواجهها منطقة اليورو شبحاً يهدد النمو الاقتصادي الذي حققته خلال السنوات الأخيرة. إضافة إلى ذلك أعلن بنك إنجلترا الإبقاء هو الآخر على سعر الفائدة السابق البالغ 5.75 في المائة في مسعى مماثل لتشجيع دخول المزيد من السيولة إلى أسواق الائتمان.
وكان تماسك سوق العمل الأمريكي هو صمام الأمان الذي أدى بشكل كبير إلى تحييد آثار أزمة الائتمان على معدلات النمو الأمريكية، حيث ضمن هذا التماسك في سوق العمل المحافظة على معدلات استهلاك معقولة، الأمر الذي دعم الناتج المحلي الإجمالي الذي يمثل الاستهلاك ثلثي قيمته. ولكن تقرير التوظف لهذا الشهر جاء بنتائج سلبية حيث خسر الاقتصاد الأمريكي وعلى غير المتوقع عدداً من الوظائف بلغت خلال شهر آب (أغسطس) أربعة آلاف وظيفة في حين بلغ معدل الزيادة المراجعة في عدد الوظائف خلال شهر تموز (يوليو) الماضي 68 ألف وظيفة، بينما بقي معدل البطالة على معدله السابق البالغ 4.6 في المائة. ويشكل هذا الانخفاض جرس الإنذار لبدء تحول آثار الأزمة إلى قطاعات أخرى من الاقتصاد مما يزيد معه خطر الركود الاقتصادي الذي تنبأ به آلان جرينسبان منذ عدة أشهر، وذلك بالنظر إلى ظروف قطاع الإسكان في ذلك الوقت. أشار وزير الخزانة الأمريكي إلى أن هذا الانخفاض هو من الأرقام التي لا نحبذ رؤيتها خصوصاً في هذا الوقت ولكنه مع ذلك أكد على رؤيته المتعلقة باستمرار نمو الاقتصاد الأمريكي خلال النصف الثاني من هذا العام. إلى ذلك أكد رئيس لجنة الخدمات المالية في الكونجرس بارني فرانك أن ذلك يفرض على "الاحتياطي الفيدرالي" تخفيض سعر الفائدة خلال اجتماعه المقبل.
على الجانب الآخر أظهرت بيانات المخزونات السلعية ارتفاع هذه المخزونات بشكل غير متوقع خلال شهر تموز (يوليو) وفي الوقت نفسه انخفضت المبيعات، مما يشير إلى احتمال تراجع الإنتاج الصناعي خلال الأشهر المقبلة. وهذا التراجع إضافة إلى تخفيض عدد الوظائف يثير الكثير من التساؤلات حول ما إذا كان الاقتصاد الأمريكي سينمو خلال الفترة المقبلة كما يؤكد على ذلك هنري بولسون أم لا. فهذه المؤشرات التي تعكس في مضمونها مؤشرات مستقبلية أخرى تدلل على أن هناك اتجاهاً تراجعياً للاقتصاد الأمريكي وبشكل ثابت نحو ركود اقتصادي لا يعلم مداه. لكن تأكيدات بولسون تؤكد الرؤية المتعلقة بحتمية تخفيض أسعار الفائدة خلال اجتماع "الاحتياطي الفيدرالي" القادم التي من الممكن أنه بنى عليها توقعاته بشأن النمو الاقتصادي المستقبلي.
الأسواق المالية
استقبلت الأسواق المالية خبر تقرير التوظف والبطالة بشكل سلبي كما هو متوقع حيث انخفض "داو جونز" بمعدل 1.87 في المائة أو ما يقارب 249.97 نقطة خلال يوم الجمعة فقط بعد أن عوض جزءاً من الخسائر التي مني بها خلال بداية الأسبوع ليقفل على 13,113.38 نقطة. أيضاً مؤشر S&p ومؤشر "ناسداك" انخفضا بشكل مقارب لهذه النسبة بمعدل 1.69 في المائة للأول و1.86 للأخير. أوروبا أيضاً استقبلت الخبر بشكل مشابه للأسواق الأمريكية حيث انخفض مؤشر فوتسي البريطاني بمعدل 1.93 في المائة وبواقع 122 نقطة خلال يوم الجمعة فقط، بينما تجاوز كل من مؤشر كاك الفرنسي وداكس الألماني نسبة الانخفاض تلك حيث بلغت 2.63 في المائة للأول و2.43 في المائة للثاني. وفي اليابان التي عانت أسواقها انخفاضا حادا خلال هذا الأسبوع أدى هذا الأمر إلى تراجع قدره 134 نقطة في مؤشر نيكاي بنسبة 0.83 في المائة.